عرض مشاركة واحدة
قديم 28-08-18, 11:01 PM   #254

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

أطفأت هاتفها تماما و قضت دقائق طويلة في بكاء مرير ثم فتحته مرة أخرى لتخرج تعاستها على شكل كلمات كتبتها في منشور جديد :
" يولد الناس ليعذبوا بعضهم البعض ثم يموتون . "

لم تمض سوى دقائق حتى تلقت المكالمة التي كانت تتوقعها و تنتظرها : مهى .
- حبيبتي ، سمعت صوتها يبدو القلق فيه بوضوح ، ما بك ، ما الذي أوصلك إلى هذه الحالة ؟
هل تريدين أن أحضر إليك و تأتي معي إلى بيتنا ؟
- شكرا ماهي ، جاهدت لتقول بصوت خافت ، ربما قريبا لكن ليس الآن ، الآن أحتاج إلى البقاء مع نفسي قليلا .
- أخبريني على الأقل ما الذي حصل ، أنا أعتقد أني أعرف السبب لكني موجودة دائما من أجلك يا حبيبتي لو احتجت إلى قليل من الفضفضة .

تعرفين السبب ؟ فكرت في حزن ، ما الذي قد تعرفينه ؟ إن كنت أنا نفسي لا أعرف .
أغمضت عينيها باستسلام و هي تستمع إلى كلمات ابنة خالتها المشجعة ، تعرف جيدا صدق مشاعرها تجاهها لكنها اليوم بالذات تشعر حقا بأن هناك فراغ عميق بداخلها لا تستطيع مهى و لا غيرها ملأه .
تنهدت بارتياح عندما انتهت المكالمة و توجهت لإسدال الستائر تهيء الجو لنومة قد تطول و قد تقصر .
لم تكد تغفو قليلا حتى أتتها مكالمة ثانية لم تكن تنتظرها أو تتوقعها .
- أهلا شادي ، قالت بصوت خامل .

سمعته يتنهد بعمق :
- ما الذي فعله أبي هذه المرة يا شاهيندا ؟
- بابا ؟؟ تساءلت بحيرة ، لا أدري ، لا أتابع نشاطاته حاليا .
- إذا لم يكن هو السبب وراء دموعك هذه المرة فمن السبب .
صمتت قليلا و هي تنتحب ثانية بهدوء ثم قالت ما إن تمالكت نفسها :
- أتعلم يا شادي ؟ في هذه النقطة لديك كل الحق ، بابا هو حقا السبب وراء جميع دموعي حتى و إن لم يكن ذلك بطريقة مباشرة .

سمعته يتنهد مرة أخرى قبل أن يقول بلطف :
- هوني عليك يا شاهيندا .
- أوكي شادي .
- أتمنى حقا لو أستطيع مساعدتك لكني لا أعرف كيف .

كانت التنهيدة من نصيبها هذه المرة و هي تقول برقة :
- لا بأس شادو ، لا تشغل نفسك بأمري .
يكفيك دوللي ، أضافت و هي تفتعل ضحكة صغيرة .
- هل أستطيع أن أطمئن عليك أم آتي لآخذك تغيرين الجو خارجا ؟
- اطمإن شادي ، سأكون بخير إن شاء الله .
تصبح على خير .
- و أنت أيضا .

هذه المرة ما إن أنهت المكالمة حتى أغمضت عينيها و نامت بعمق إلى أن أيقظتها تلك المكالمة التي كانت تنتظرها لكنها لم تتوقعها .
منه هو ، عصام .
- أنا أمام منزلك ، انزلي لو تستطيعين .

هكذا بكل بساطة يطلب منها أن تنزل لمقابلته و للغرابة نفذت طلبه ببساطة أكبر .

تساءلت بينما قدماها تلتهمان درجات السلم التهاما كيف تعجزعن كرهه مع أنه آذاها كما لم تستطع كره أبيها من قبل ، يبدو أنها تعودت أن تحب من يؤذيها .
تحب ؟!
من أين أتت هذه الكلمة ؟
نفضت أفكارها بسرعة و هي تقف لثواني أمام الباب المغلق تبعد خصلاتها عن وجهها و عنقها ، تنفست بعمق ثم فتحت الباب لتخرج له .
بغت عصام و هو يراها تخرج له بمنامتها و التي لم تكن سوى فستان قطني بنفسجي اللون يصل إلى غاية ركبتيها و على صدره كتابة بأحرف عملاقة .
احتار أين ينظر ، لا ينكر أن ثوبها فضفاض نوعا ما لكنه رغم ذلك جعله يشعر بنوع من الحميمية خاصة مع منظر قدميها في خفهما الذهبي الرقيق .
تنهد و هو يلعن اندفاعه الذي جعله يأتي إليها في مثل هذه الساعة ثم ثبت نظراته أخيرا على عينيها الدامعتين .
- أعترف بأني بالغت اليوم ، قال بعد لحظات من الصمت المتبادل .

أشاح بوجهه قليلا ثم عاد يثبت نظراته عليها :
- أنا لم أقصد ما قلته لك .
أريدك أن تعرفي أيضا أني لم أكن أنظر إلى أحد معين ، كل ما في الأمر أنهم كانوا يعرضون على شاشة المقهى مباراة معادة لم أشاهدها من قبل و ..

صمت فجأة و هو يشاهدها تسدل جفنيها بينما دموعها تنهمر تباعا . تنفس بصوت مسموع ، دموع ؟ هذا ما كان ينقصه .
- هل ستكونين بخير ، سألها بهدوء .

مستمرة بإسدال جفنيها ، أومأت له إيجابا .
- تصبحين على خير إذن .

أومأت له مرة أخرى على سبيل التحية ثم دخلت و هي تلتفت إلى الخلف أكثر من مرة .
ظلت مستندة على الباب بعدما أغلقته بمدة حتى سمعت صوت انطلاق سيارته .

……………….

مازال يذكر بدقة آخر لقاء له بها ،
يذكر كيف أنهى التدريبات المسائية و وجد نفسه يتجه رغما عنه و عن صوت عقله إلى حيها .
و يذكر طبعا كل تلك الدموع .
ما الذي يحصل معه الآن ؟
المفروض أن يشعر بالراحة ، بالاكتفاء لماذا إذن كل هذا التململ في روحه و قلبه ، لماذا هذا الاختناق ، لماذا لا يكاد يطيق كلام أي أحد له ؟
لماذا بعد أسبوع من لقاءهما مازال يشعر بنفس الاهتزاز الذي صنعته رؤيته لدموعها و لانكسارها .
نعم انكسارها ، لقد فعلها و نجح في أن يكسرها و يكسر شوكتها و هذا بالضبط ما كان يتمناه ، ربما ليس تماما و لكنه تمنى تلك اللحظة التي تقع فيها من برجها العاجي و توقع أن يستمتع بدوي سقوطها .
زفر بعنف : إذن لماذا لا يستمتع ؟ لماذا
و كيف لا يستمتع و هي شاهيندا نفس المرأة التي كادت تخرب سعادة أخته لولا لطف الله ؟
كيف لا يستمتع و هي نفس المخلوقة الباردة القاسية التي رأى نظراتها نحوه أكثر من مرة من قبل تشعره كأنه صرصار لا يستحق سوى أن يسحق تحت قدميها ؟
كيف لا يستمتع و هي نفس المخلوقة الفارغة المغرورة التي تظن أن الكون سخر لإسعادها و إرضاءها و أن الآخرين دورهم أن يسعوا إلى تحقيق ذلك أو التنحي بسلام و دون ضوضاء .
لماذا يشعر بتلك القبضة تشد على قلبه و ضميره ، لماذا يشعر بالعذاب ؟
ربما لأنه هو من أمضى عمره يمسح الدموع عن خدود النساء و قلوبهن يضيق بأن يكون لأول مرة في حياته السبب في دموع امرأة .
و لكنها ليست أي امرأة ،هي طالما أبكت غيرها و من أبكى مرات يستحق أن يبكي مرة على الأقل.
- كابتن عصام ، ماذا نفعل الآن ؟
توجه إلى رفاقه الصغار بابتسامة تعودتها شفتاه حتى و هو في أتعس حالاته و لكن جبينه لم يطاوعه و احتفظ بالعقدة العابسة بين حاجبيه .

..........................
تم


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس