عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-18, 10:59 PM   #10146

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

الفصل السابع والعشرون


عندما غادر ريان المكتبة .... استغل إدارة هبة ظهرها له كي يتمكن من النظر إليها .. وإعداد نفسه للقاء الذي كان يخشاه لما يزيد عن عام ..
أن يراها للمرة الأولى منذ عرف الحقيقة ... منذ عرف بأنها كانت تعرف ولأشهر هوية قاتل إيهاب .. بأنها أخفت عنه حقيقة كامل .. بل وكانت تنوي الاستجابة لابتزازه والزواج منه حماية له هو .. رياه .. كان صعبا للغاية ..
كانت تبدو أكثر نحولا ... أكثر تعبا .. إلا أنها كانت هبة ...
ذكريات كثيرة تدفقت عبر عقله ... المرة الأولى التي التقاها فيها بينما كان ما يزال مراهقا صغيرا ليدرك معنى أن يشعر بالأمان ... المرة الأولى التي اعتبرته قد نضج بما يكفي كي تحجب عنه شعرها .. وإحساسه بخيبة الأمل آنذاك إنما بالفخر لمعرفته بأنها تراه كرجل ناضج .. المرة الأولى التي أدرك فيها حبه لها والذي لم تتمكن السبع سنوات التي فصلت بين عمريهما من كبحه ..
الكثير من المرات الأولى في حياته كانت متعلقة في هبة ... مرات كانت بعضها سعيدة .. وبعضها كان ... مؤلما للغاية ..
لأشهر كان يرفض اتصالاتها .... لأشهر كان يتظاهر بأن الذكرى لا تقتله .. لأشهر كان يدعي بأن خيانتها لم تحطم جزءا منه لم يترمم أبدا ..
لأشهر كان يخشى لحظة أن يراها مجددا ... فيطير كل تماسكه مع الهواء .. فيعجز عن منع نفسه من الانجراف وراء حاجته القديمة من جديد ..
عندما أحست بوجوده ... التفتت .. تضربه بعينيها الحزينتين .. تثيران داخله مختلف المشاعر .. غضب .. حزن .. ألم .. خسارة .. وجد نفسه يتذكر إيهاب ... يتذكر طفولة حلوة ومرة .. يتذكر موته الذي كان هو سببا غير مباشر به .. إلا أن الشيء الوحيد الذي لم يجده ضمن ذلك المزيج المتناقض من العواطف الجارفة ... كان الندم ..
الإدراك كان مريحا وحزينا في الآن ذاته .. أن يدرك بأن ما كان يخافه لأشهر ... كان غير موجودا على الإطلاق ... أن يدرك بأن جزءا مهما من ماضيه قد ذهب وانقضى دون رجعة ..
قالت بصوت خافت :- كيف حالك يا ريان ؟؟
كان قادرا على رؤية عينيها وهما تتحركان فوقه بلهفة .. وكأنها تحاول أن تؤكد لنفسها بأنه بخير .. بأن أحدا لم يؤذه أكثر مما فعلت هي.. منع نفسه بصعوبة من أن يذكرها مجددا كما فعل عندما افترقا آخر مرة ... بأنه لم يعد طفلا في حاجة إلى حمايتها .. وقال بهدوء :- بخير ... كيف حالك يا هبة .. وكيف حال إيهاب الصغير ؟؟
:- بخير ... نحن الاثنان بخير .. أنت ... أنت لم ترد على اتصالاتي أبدا .. وأنا كنت دائما قلقة عليك ..
:- ما من مبرر لقلقك يا هبة ... أنا أكثر من قادر على العناية بنفسي .. كما أن عائلتي حولي ... ولن تتركني أبدا أعرض نفسي للخطر
كما فعلت أنت .. شحب وجهها وارتد إلى الوراء وكأنا قد فهمت رسالته المبطنة ... لقد كانت هي السبب غير المباشر لوقوعه في قبضة كامل الذي كاد يقتله بالفعل لولا تدخل وردة .. لو أنها تحدثت عن الأمر .. لو أنها أعلنت عن هويته منذ عرفت بأنه من قتل إيهاب .. لما اضطرت وردة للمرور بكل ما تعاني منه الآن ..
تمتمت :- حسنا ... هذا جيد ... لقد أردت فقط أن أراك وأتحدث إليك .. لقد سمعت عما حدث للقمان .. الخبر يملأ الصحف منذ أيام ..
:- الصحف لم تسمع بالخبر حتى تمكنوا من إنقاذه .. كان علينا إخفاء الأمر حرصا على سلامته .. إلا أنه بخير ..
هزت رأسها وهي تحاول كبح ارتعاشة شفتيها ... ثم تمتمت وهي تتجاوزه بنظرها نحو المكتبة قائلة :- هي فتاة لطيفة ..
ألقى نظرة من وراء كتفه نحو المكتبة .. وتذكر وجه جنى المغط بالنمش .. شاحبا عندما وجه نحوها كلماته الأخيرة .. وتنهد قائلا :- هي كذلك .... أحيانا ..
أطلقت هبة ضحكة متقطعة وهي تقول :- أظنها ستكون تحديا جيد لك ... أن تعمل بجهد لأجل السيطرة على فتاة مثلها ... هي ... هي جميلة .. أنتما متلائمان تماما ..
كان يستطيع أن يعترض ... أن يخبرها بأن جنى كانت تختلق كل ما قالته لها .. بأن علاقتهما ماتزال غير واضحة المعالم ...أن جنى لا تختلف عنها أبدا في كونها كاذبة .. إلا أنه لم يستطع ...
فجنى ..... لم تكذب عليه هو قط ..
عندما لم يمنحها الإجابة التي تريد ... عاد الحزن يغمرها .. أشاحت بوجهها قائلة بعيدا عن نظراته الثاقبة :- لقد جئت كي أراك ... كي أطمئن عليك .. كي أتأكد بأنك بخير ...
كي أودعك ..... لم تنطق بها ... إلا أنه كان قادرا على سماعها وكأنها قد قالتها بالفعل ... تابعت بخفوت :- لقد تقدم إلى رجل جيد ... هو قريب بعيد لي .. مطلق ولديه طفلان ... نحن متفاهمان ... وإيهاب يحبه .. وينسجم مع طفليه ... أردتك أن تعرف ... بأنني .... بأنني قد مضيت قدما ...
أنني أحاول على الأقل ... وأنني أريدك أنت أيضا ... أتمنى ... أن تتمكن بدورك .. من المضي قدما ..
اغرورقت عيناها بالدموع ... جاهدت كي تمنعها من أن تسيل أمام نظراته وقالت :- علي أن أذهب الآن ... لقد تركت إيهاب في ضيافة جارتي ... ولا أستطيع التأخر أكثر .. ريان ..
رفع عينيه لتلتقيا بعينيها ... فقالت بصوت أجش :- أرجوك .... كن سعيدا ...
ثم وبدون كلمة .... سارت مبتعدة فوق الرصيف تاركة إياه وحده ... لدقائق ظل واقفا مكانه .. يحدق بإثرها ... يتذكر ذاك الجزء من حياته الذي انتهى وإلى الأبد .. همس بصوت لم يسمعه سوى أذنيه :- رحمك الله يا إيهاب ..
استدار عائدة إلى المكتبة ... يفتح الباب شارد الذهن ... يحاول أن يحلل مشاعره .. قبل أن يدرك بأن المكتبة كانت أكثر هدوءً مما ينبغي ..
جنى ....
مجفلا ... وهو يلاحظ خلو المكان ... تساءل إن كانت قد غادرت خلال تحدثه إلى هبة دون أن يراها .. أتراها غاضبة من توبيخه القاسي .. أم تراها مجروحة .. أتراها تعود مجددا ؟؟
اجتاحه فجأة إحساس عارم بالضيق وكأن شيئا يطبق على صدره وهو يفكر بأنها قد لا تعود ... بأنه عندما أفرغ توتره لرؤية هبة فيها ... بأنه عندما فقد عقله وهو يسمعها تكذب .. قد خسرها إلى الأبد .. قبل حتى أن يعرف معنى وجودها في حياته ..
تعثر فجأة وهو يسير نحو مكتبه الصغير ... أخفض رأسه ليرى مجفلا الحقيبة البيضاء الكبيرة المرمية جانبا .. لقد كانت حقيبة جنى .. بعد نظرة أخرى .. لاحظ شالها الصوفي والمشغول يدويا مرميا على ظهر الكرسي .. نظر حوله مضطربا وهو يهتف :- جنى ... هل أنت هنا ؟؟؟
لن تذهب بدون أشيائها ... إلا إن كانت أكثر غضبا من أن تنتظر .. أكثر ألما من أن تفكر بأخذ حاجياتها قبل أن ترحل :- جنى ...
ما من مكان تختبئ فيه ضمن المساحة الصغيرة والمحدودة للمكتبة .. باستثناء غرفة التخزين الصغيرة ذات الباب بالمقبض المكسور .. تلقائيا تحرك نحو الباب يفتحه ... مدركا سخافة اختبائها هنا .. إلا أن عجزه عن فنحه وشيء ثقيل يقف في طريقه جعل قلبه يخفق بقوة وهو يهتف :- جنى ... أهذه أنت ؟
تمكن بطريقة ما من دفع الباب والعبر منه ... ليسقط قلبه بين قدميه وهو يجد الجسد الساكن فوق الأرض .. رباه .. جثى إلى جانبها .. وجهها الشاحب تماما كالأموات يصفعه .. رفع رأسها بيده .. وربت على وجنتها بيده الأخرى وهو يهتف بلوعة :- جنى ... جنى .. هل أنت بخير ؟؟ رباه .. أجيبيني ..
عندما تحرك جفناها في علامة على استعادتها وعيها . أخذ نفسا عميقا وهو يشكر الله وثقل عظيم يسقط من فوق كتفيه .. فتحت عينيها مرة واحدة على اتساعهما وهي تشهق بعنف .. جسدها ينتفض بين يديه ويداها تتخبطان في الهواء وكأنهما تحاولان الإمساك بشيء :- جنى ... ما الأمر ؟؟ أخبريني ما الذي حدث ؟؟
عادت تشهق من جديد ... دموعها تتدفق من عينيها بغزارة ... أدرك وهو يلاحظ نظراتها الشاخصة بأنها لم تستعد تركيزها بعد .. فقال وهو يحملها :- تعالي ... لأخرجك من هنا ..
لم يستطع ريان وصف مشاعره وهو يضمها بين ذراعيه مستغلا تشوشها وعجزها عن الاعتراض .. كيف مسته هشاشتها وحاجتها إليه .. وضعها فوق مقعده ... يمسك بها جيدا ريثما تستعيد توازنها :- جنى .. انظري إلي ... كيف تشعرين الآن ؟؟؟
ما يزال وجهها شاحبا ... ما تزال أنفاسها عنيفة وكأنها لا تستطيع الحصول على ما يكفي من الأكسجين .. عيناها واسعتان وهما تحدقان فيه بشيء من ..... أهو خوف ... أهو ألم ..
:- هل تستطيعين إخباري بما حدث ؟؟
شهيق ... زفير ... شهيق .. زفير .. وكأن كل نفس كانت تستنشقه محض عذاب ... عيناها تحيدان عنه .. ألم ... وحدة .. لم يكن قادرا على رؤية المزيد .. قال بصوت أجش :- سأغيب للحظات فقط أحضر لك خلالها كوبا من الماء ... هل أنت قادرة على الاهتمام بنفسك حتى أعود ؟؟
أغمضت عينيها ... هزت رأسها .. فتركها مترددا .. متأكدا من ثبات جلستها ... ثم غاب مجددا في الحجرة الجانبية متجها نحو الثلاجة الصغيرة .. يداه ترتجفان وهو يخرج زجاجة ماء وكوبا ورقيا من الخزانة .. عندما عاد .. وقف وسط المكتبة الصغيرة مشوش الذهن وهو يحدق في المقعد الجلدي الخالي .. ليدرك وهو يلاحظ اختفاء حقيبتها هذه المرة ... بأنها قد رحلت ..





يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس