عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-18, 11:40 PM   #310

ساره 1993

? العضوٌ??? » 428579
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 14
?  نُقآطِيْ » ساره 1993 is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني عشر



بعد أيام ، داخل غرفة مكتبه ، استدار عصام قليلا في كرسيه الدوار و هو يسمع إشعارا برسالة جديدة استقبلها هاتفه .
باستغراب خفيف قرأ الكلمات المختصرة التي أرسلها إليه زميله المدرب ، يطلب منه مقابلته في النادي بشكل استثنائي بعد انتهاء دوامه مع أنهما سيتقابلان بطبعهما يوم الجمعة ، أي بعد يوم واحد .
أجل تساؤلاته حتى يقابله وجها لوجه بينما كتب له بسرعة مؤكدا على الموعد الذي اقترحه الآخر عليه .
بعد ساعات دخل الكافتيريا و هو يبحث عنه بعينه ، رآه يجلس في طاولة منزوية في ركن المكان ، شاردا بعمق بينما يده تحرك الملعقة بآلية .
ربت على كتفه بلطف ما إن وصل إليه ، التفت إليه الآخر بابتسامة صغيرة سرعان ما اختفت و هو يشير إلى الكرسي بجانبه .
جلس عصام و هو يمد رجليه أمامه بكسل و قال و هو يمرر كفه على ذقنه :
- كيف حالك يا كمال ؟
- الحمد لله ... على كل حال .

رفع عصام حاجبيه قليلا بتساؤل ، تنهد زميله بعمق ثم قال بشرود :
- الموضوع يتعلق بأشرف
- ما الذي فعله الزفت هذه المرة و جعلك في هذه الحالة ؟
هل تأخر كالعادة و تركك تتحمل مسؤولية فريقه أيضا .
- كلا ، كلا ، هذه أمور اعتدناها منه
الموضوع مختلف ، لا يتعلق بالعمل أو بالكرة
موضوع خاص لكنه يؤرقني .
في الواقع البارحة لم أستطع النوم و فكرت كثيرا لكني لم أتوصل إلى حل لوحدي .
و آسف حقا لإزعاجك يا عصام لكني لم شخصا أنسب منك لأخذ رأيه .
- لا عليك يا كمال ، أنا في الخدمة دائما من أجلك .

نظر له الآخر نظرة شاكرة ثم رفع يده إلى النادل ليحضر لهما فنجاني قهوة ، دفع فنجان قهوته الباردة بعيدا ثم بدأ يتكلم بينما أصابعه العريضة تنقر على سطح الطاولة :
- منذ يومين ذهبت إلى مستودع المعدات الرياضية لأحضر بعض الكرات الجديدة من أجل التدريب ، فتحت النافذة لأطرد رائحة الهواء الراكد و حينها رأيت أشرف و كان ..كان...
- يتعاطى شيئا ما ؟ سأل عصام بقلق حين رأى علامات الهم ترسم آثارها على جبين زميله .
- فليتعاطى السم الهاري ، هل كنت تظن أني سأهتم ؟
كلا الموضوع أصعب و أتعس .

أغمض عينيه قليلا و تقطيبه يزداد عمقا ثم فتحهما ليقول بصوت جاف :
- رأيته في وضع مُخِل مع فتاة .

زفر عصام و هو يهز رأسه بيأس ثم قال بهدوء :
- كمال أنت تعرف أشرف و تعرف فتيات هذه الأيام ، ليس بيدك أو بيدي شيء لنفعله .
- أعرف يا عصام ، أعرف أنها أيام ملعونة التي نعيش فيها الآن .
لكن الموضوع مختلف .

توقف عند اقتراب النادل و استمر صمته حتى وضع هذا الأخير الطبق المحمل بطلبهما أمامهما و انصرف .
- المشكلة هي أن البنت قاصر يا عصام ، في الرابعة عشر من عمرها .
و الحيوان كان يتصرف معها كأنها ... أستغفر الله العظيم .

صمتا يرتشفان القهوة بصمت يتخلله أسف ، يتخلله يأس و الكثير الكثير من الغضب .
- أنا لا أنكر أنها لا تبدو إطلاقا في الرابعة عشر ، واصل صدقه بتجهم ، كل شيء فيها مستفز ، تصرفاتها ، مشيتها ، دائرة أصدقائها ، نظراتها …. أستغفر الله العظيم .
و أما شكلها فحدث و لا حرج !
شعرها مقصوص بتلك الطريقة البشعة التي بدأت بالانتشار ، قصير جدا على الجانبين و تحتفظ بغرة طويلة و الأبشع هو أن لديها وشم على ذراعها و آخر في أعلى كتفها .

أغمض عينيه مرة أخرى ثم استطرد بأسى :
- ولكن رغم ذلك ما زلت أتذكرها كطفلة عندما كانت في السادسة بغمازتيها الصغيرتين و أسنانها الأمامية الناقصة
- أنت تعرفها !!؟
- ليس بشكل شخصي ، كلا ، شرح و هو يتنهد بعمق .
و لكني أذكرها جيدا ، كنت حينها في بداياتي هنا و كنت كثيرا ما أراها .
كانت بريئة جدا ، ذلك النوع من البنات الصغيرات ، ناعمة رقيقة ، نشيطة ، دائمة الابتسام و الآن .. الآن…
ملعون أبو الدنيا يا عصام .
سرى ارتجاف واضح في صوته و هو يكمل قائلا :
- البنت بالنسبة لي ما زالت طفلة و أنا لدي بنت في السادسة الآن و أخشى إن ظللت سلبيا أن أحاسب على سكوتي في ابنتي .
- و ماذا فكرت أن تفعل يا كمال ؟ سأله عصام بهدوء و هو يخرج أخيرا من صمته .
- بصراحة فكرت أن أكلم والدها ..
- و لكن ؟
- المشكلة أن أبوها لديه نفوذ كبير هنا في النادي و خارجه أيضا و لو عرف بشأن علاقتهما سيقضي تماما على مستقبل أشرف و البنت في جميع الحالات ما لن تفعله مع أشرف ستفعله مع غيره .
- ماذا عن أمها ؟
- أمها ؟! أمها مراهقة أكثر منها

غمرهما الصمت ثانية لدقائق قبل أن يقطعه عصام :
- أتعرف ما مشكلتك يا كمال ؟
مشكلتك أنك تنظر إلى الموضوع من الزاوية الخطأ
نحن للأسف لن نقدر أن نفعل شيئا للبنت ، أهلها تخلوا عن دورهم في تربيتها و نحن لا صفة لنا كي نتدخل .

توقف قليلا ليصيغ كلماته ثم واصل :
- هناك نقطة مهمة جدا في الموضوع يبدو لي أنك نسيتها : البنت مهما كانت مستفزة و مهما كان جسدها و سلوكها أكبر من عمرها فذلك لا يعني أنها أصبحت راشدة ، دماغها مازال دماغ مراهقة و نفسيتها مازالت نفسية مراهقة .
بالمقابل ذلك الحمار هو رجل ناضج في الثامنة و العشرين من عمره لذلك بالنسبة لي هو يعتبر المسؤول الأول و الأخير عما يحصل بينهما .
على العموم يا كمال اترك الموضوع لي و لا تقلق ، أنا سأتصرف معه ، صفعتان محكمتان على قفاه و ستضبطانه و تعدلان له مزاجه .
- و البنت ؟ تساءل كمال بحيرة .
- البنت إن استطعتَ حاول أن تجعل زوجتك ، أختك أو حتى الحاجّة والدتك تتقرب منها و تحتويها .
مشكلة البنات اليوم الدلال الزائد من جهة و غياب الحنان من حياتهن من جهة أخرى .
- و الفراغ ، قالها زميله متنهدا .
- اسمعني كمال ، كل الناس في وقت ما من حياتها يكون لديها فراغ .
و حينها يظهر دور أصل الإنسان و تربيته في كيفية ملء هذا الفراغ .
- لديك حق ، اللهم استر علينا يا رب .


ساره 1993 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس