عرض مشاركة واحدة
قديم 06-09-18, 09:40 PM   #188

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل الخامس

" يا ترى كيف هي الحياة بدون ذنب.. يثقل كاهلي"


" نعم.. أنا غسان.. هل تذكرينني شمس.."

غسان!.. لمَ تشعر بأن هذا الاسم قد مر عليها ذات يوم... لكن لا تذكر أبدًا... حاولت عصر ذاكرتها علها تتذكر وربما تخرج من هنا بتذكرها...ولكن لا فائدة ..
رفعت نظرها له ولم تستطيع إخفاء رعبها من منظره.. وتمتمت بشحوب :
" لا أذكرك.. لا أعرف من أنت.."

شيئًا ما تغير بوجهه.. لمحة حزن ربما ظهرت واختفت بسرعة الضوء ثم أصدر تأتأة ساخرة وقال :
" لا مشكلة.. فأنتِ هنا حتى تذكرينني...يا شمس الحلوة.."

تسارعت أنفاسها رعبًا وتجمدت في مكانها بينما هو تحرك للداخل ووقف أمام النافذة المغلقة معطيًا إياها ظهره ومردفًا ببساطة :
" هل أعجبتك الغرفة.. لقد جهزتها لكِ لكن لن تبقِ بها إلا لوقت مؤقت...أما النافذة سأفتحها لكن... "

كانت أثناء ثرثرته الغريبة مركزة ببصرها ناحية باب الغرفة المفتوح قليًلا... وقفت ببطء ودون صوت وتقدمت منه بحذر وهي تنظر لظهر الرجل لتتأكد من أنه لا يراها وفور أن وصلت للباب فتحته وبأقصى سرعة وركضت خارجة بلا هدى... وكل همها أن تبحث عن باب البيت...
سمعت خطواته خلفها لكنها لم تلتفت بل نظرت حولها ببعض التوتر... البيت كان كبيرًا وبطابقين لذا وبدون تفكير أسرعت تصعد الدرج المؤدي للطابق الثاني ودخلت أول غرفة قابلتها لتقفل الباب خلفها بالمفتاح...

التقطت أنفاسها ونظرت للغرفة والتي اكتشفت بأنها حمام صغير... لتنتفض فور سماعها طرقات خفيفة على الباب وصوته يأتيها رائقًا :
" افتحي الباب.. فلن تستطيعي الخروج من هنا أبدًا"


شعرت بأنها تختنق.. إنها لم تستوعب وضعها تمامًا بعد ولا تدري من هذا الرجل وماذا يريد منها... وكيف أتت إلى هنا......
كل ما تشعر به هو هذا الرعب الذي يكاد يشل حركتها بالكامل...
لمحت شباك صغير فجرت وصعدت فوق حوض الاستحمام حتى تصل إليه لتفتحه فورًا لكنه كاد محاط بحاجز حديدي عدا أنه صغير جدًا وربما رأسها لا يخرج منه.. ومع هذا نظرت منه محاولة أن تستشف أين هي... فلم ترى إلا مساحة واسعة خالية وكأنها بمكان معزول...
شعرت بالغثيان من شدة الخوف والطرقات على الباب ازدادت قوة وأصبحت ضربات عنيفة بينما يهتف هو من خلفها :
" افتحي يا فتاة ولا تغضبيني...."

نزلت من مكانها ووقفت أمام الباب تنظر له بتشويش ثم شعرت بفوران حارق بمعدتها لتميل وتستفرغ كل ما بها بطريقة عنيفة متزامنة مع كسره الباب ودخوله العاصف...
تراجعت إلى الخلف برعب لتتعثر وتقع على الأرض وهي تهتف بنحيب :
" لا تقترب مني.. ابتعد... ابتعد.. "

كانت ما زالت تزحف إلى الخلف وما زال هو يتقدم ببطء... لتعود لتصرخ هذه المرة :
" ابتعد عني... ابتعد... أمي... معاوية... معاوية"

فور أن سمع استنجادها توقفت خطواته وتصلب وجهه المشوه حتى بدا وكأنه صـُنع من حجر أما هي استمرت بالنشيج وجهها يشحب أكثر... ربما هذا الرجل يريد أذيتها... ربما يريد قتلها... رباه
عاد فوران معدتها لكن هذه المرة لم يكن بها شيء لستفرغه فهي لم تأكل شيئًا يذكر بالصباح...
حركت يدها المرتجفة تتلمس حجابها ثم قبضت على ملابسها بقوة وهي تهمس بصوت شديد الارتجاف :
" انا لا أعرفك...يبدو بأنك أخطأت بالشخص... أرجوو.. أرجوك أعدني لعائلتي.. أرجوو.."
صرخ كالمجنون :
" أخرسي... أخرسي..."

أمسكها من ذراعها بقوة حتى وقفت على قدميها صارخة... باكية... مشتتة... ولا تدري ما يجري حولها.... وجرها إلى الغرفة بعنف حتى رماها بها على الأرض صارخًا بنفس صوته المرعب :
" سأقتلك إن حاولتِ التحرك حتى... أفهمتِ... "

وأغلق الباب خلفه بأحكام لتضم ركبتيها لصدرها وهي تهمس ببكاء :
"معاوية.. أين أنت... هل تبحث عني الآن.. معاوية.. تعال أرجوك"

******************
" معاوية هل ستبقى بدون طعام.. لا يصح ذلك.. "

استدار لأخته بنظرات باهتة مجهدة من قلة النوم... وكيف سينام وشمسه اختفت وهو للآن لم يجدها... لقد ظن بالبداية بأنها ربما تاهت.. أو ربما أحبت أن تسير لوحدها رغم استحالة هذا الاحتمال... وربما وربما وربما.... لكنها لم تظهر إلى الآن والشرطة ما زالت تبحث عنها...
تمتم ماسحًا وجهه :
" ليس لدي شهية للأكل.."

نهض مستعدًا للخروج مرة أخرى بجولة بحث غير يائسة إلا أنها أوقفته قائلة بقلق :
" أخي.. نحن في المساء... أرح جسدك قليلًا حتى لا ينهار..."
هتف بصوت مبحوح فاقدًا أعصابه :
" وشمس.. هل علي أن أرتاح وهي ليست موجودة... وشمس يا سناء..."

أشفقت عليه... إنها لأول مرة تراه بهذه الحالة المنهارة...
محتارة هي ولا تعرف كيف تتصرف.. من جهة قلقها الشديد على شمس... ومن جهة كيفية تعاملها مع معاوية المفجوع باختفاء خطيبته..
حقًا.. لا تدري

اقتربت منه وضمته برفق تخفف عنه وقالت بهدوء :
" أعرف... والله أعرف... لكن إن لم ترتح ستنهار قوتك أخي... فقط بضع ساعات حسنًا.."
رن هاتفه فابتعد عنها ليخرجه من جيبه.. وهنا شحب وجهه فور رؤيته اسم والده يتوسط الشاشة...
نظرت سناء فور أن لاحظت تغير تعابير وجه شقيقها لتهتف :
" اعطني لأكلمه... أنت ستشعره بأن هناك شيءٍ حصل.. "

أبعد الهاتف عن متناول يدها وقال بصوت متصلب :
" لماذا... هل هناك شيء لم يحصل... سأكلمه أنا..."

فتح الهاتف ورفعه لإذنه ليأتيه صوت والده البشوش :
" مساء الخير بني... كيف حالكم... اشتقنا لكم حقًا.."

همس وهو يقبض على جانب فخذه بتوتر :
" أهلًا أبي.. "

" كيف حال شمس.. اعطني إياها لأكلمه.."

ماذا يقول له... هل يقول بأنه أضاعها... بأنه لم يحافظ على أمانة والده بما يكفي... ما هذا يا الله... أهو ابتلاء...
أخرج أنفاسه المتقطعة وقال بحروف بالكاد خرجت من شفتيه :
" أبي...شمس... شمس اختفت.."

هتف والده بعدم استيعاب :
" كيف.. يعني.. ماذا تقول "

ضرب على جبينه بقبضته ضربات متتالية.. غاضبة.. يائسة.. مكررًا :
" اختفت فجأة... لا أعلم كيف.. ولا أعلم أين هي الآن.."

ساد صمت ثقيل بينهما... لا أحد يتكلم.. وكأنهما بحاجة للاستيعاب أكثر... وتقبل الأمر أكثر..

تمتم والده بنبرة مختنقة بالخوف :
" هل أبلغت الشرطة.."

رد وهو يرمي جسده المترنح على الأريكة :
"أجل.."
" غدًا سنكون بالعاصمة.. "

ثم أقفل الخط....تاركًا إياه متحطمًا من شعور العجز... والقهر...

" أخي.."

أحاط رأسه بكفيه يضعط عليه بقوة عله يتخلص من الألم القاتل ثم همس :
" دعيني وشأني.."

تمدد على الأريكة بطريقة عشوائية وأغمض عينيه لغاية النوم... إلا أنها لم تتحقق قط...

**********************

متلهفة.. وسعيدة .. كانت تنتظر استقبال والديها لمكالمة الفيديو حتى تراهما... لقد اشتاقت لهما جدًا.. وكانت بحاجتهما جدًا...
ما حصل أمس جعلها تتخبط بين شعورها بالرغبة بالاستقالة وترك العمل... وبين شعور آخر يخبرها أن هذا لن يكون إلا ضعف آخر يـُسجل في سلسلة مواقفها الضعيفة... وهي لا تريد ذلك.. غير أنها ملزمة بعقد عمل...
فبالنهاية ماذا... قررت أن تستمر وأن تثبت لنفسها بأنها قوية...وإن كانت كسبت العمل ب" الواسطة" فستجتهد لتثبت له أنها ليست محتاجة له ولا لمكانته...

" أفنان حبيبتي.."

انتفضت بسماع صوت والدها ينطلق من شاشة الحاسوب المحمول فغمرتها السعادة لرؤياه هو ووالدتها وهتفت بعينين تغشاهما الدموع :
" أمي.. أبي... اشتقت لكما جدًا..."

قالت والدتها بشوق :
" ونحن أكثر أفنان...متى ستعودين"

هزت رأسها إلى الجانبين بعدم معرفة وقالت بيأس :
" لا أعرف.. لا أعرف"

هنا والدها تقدم من الشاشة قليلًا وقال بتركيز :
" كيف لا تعرفين... هل قابلتِ ماريا.."

هزت رأسها بلا دون رد بملامح بائسة لتقول والدتها بإدراك :
" هل هي علياء... "

نظرت لوجه والدها الصامت بتفكير ثم نظرت لأمها ولم نجد إلا أن تخبرهم باستسلام :
" ذهبت للبيت.. لكن خالتي رفضت مقابلتي... وطردتني.."

شهقت والدتها وهتفت بحمية على ابنتها :
" طردتك!!.. ماذا تنتظرين... عودي إلينا واقفلي على هذا الموضوع كما أقفلتِ عليه لمدة عشر سنوات"

هنا رأيت والدها يقول بحدة لوالدتها لكنها فهمت إنه لا يوجه الكلام إلا لها :
" لا.. يجب أن تكون قوية... هي من قررت وهي من ستتحمل تبعات قرارها وألا تفر بأول عائق.. "

وجدت نفسها تبتسم بتأمل... لا يدرك والدها أن بمجرد قوله لتلك الكلمات قد شحنها بمزيد من الأمل والقوة... لطالما كان هكذا وبتصرف معها بالعقل عكس والدتها التي تأخذها عاطفتها الأمومية في أغلب الأوقات..

" أفنان... قابليها غدًا.. "

تراجعت للخلف ببعض الخوف ثم رددت بتلعثم مندهشة:
" غدًا... كيف.."

قال والدها بإصرار :
" أجل.. غدًا.. ويجب أن يكون خارج الفيلا.. ولوحدكما..."

لم تلحق أن تستفسر منه أكثر ألا وهو يودعها غالقًا الخط... وكأنه يترك لها التصرف لوحدها..
أطبقت الحاسوب على مهل ثم أطرقت تفكر لتنهض خارجة من الغرفة..
في صالة البيت كان زوجة عمها ترتب طاولة العشاء لتقترب منها قائلة بتساؤل :
" أين عمي.. "

أشارت المرأة على باب جانبي وردت ببسمة طفيفة :
" بمكتبه... أخرجيه من انشغاله الشديد وتعالا لتأكلا..."

طرقت الباب بأدب ثم دخلت مبتسمة وقالت بخجل :
" عمي.. هل أنت مشغول..."

مد ذراعه وقال بعطف :
" أدخلي أفنان حبيبتي.."

جلست على الكرسي وصمتت لبرهة.. وهو دعاها براحتها دون ضغط
ابنة أخيه مثقلة بالذنب.. وهو إن ساعدها لن يفلح ما لم تكن هي مستعدة
رفعت رأسها له وقالت بتردد :
" عمي.. هل يمكنك أن تعرف أين تعمل ماريا... بالتأكيد هي لن تبقى بالبيت دون عمل أنا أعرفها... هل من الممكن أنها تعمل مع خالتي بالشركة"

نظر لها بتدقيق ثم فتح درج المكتب الداخلي وأخرج منه رقة بيضاء صغيرة ومدها إليها قائلًا برزانة :
" إنها لا تعمل.. لكنها كل يوم ثلاثاء تذهب إلى مركز رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة... اذهبي لها غدًا أفنان... اذهبي ولا تضيعي الفرصة.. "

أخذت منه الورقة وحدقت باسم المركز بعينين مشوشتين...
لا تعرف لمَ لم تتوقع كذلك.. لكنها لم تستغربه...
ماريا.. كيف تعيشين حياتك بالضبط؟!..

نظرت لعمها وشكرته بعينيها.. قبل أن تنهض قائلة بنبرة حاولت اسباغها بالمرح :
" هيا عمي... الطعام ينتظرنا.. لنأكل.. "

.........................

دخلت في الصباح إلى المركز بنبضات قلب متسارعة... كان صغيرًا وبسيطًا وأصوات الأطفال تنطلق منه... أخذت نفس عدة مرات لتهدأ نفسها وتسترخي.. ثم استدارت للمرأة التي قالت بلطف :
" مرحبا... هل أساعدك آنستي.. "

هزت رأسها ثم قالت بتوتر :
" اه.. نعم... هل تعرفين ماريا... إنها زائرة دائمة لهذا المركز"

عقدت المرأة حاجبيها وشملتها بنظرة متفحصة من رأسها لأخمص قدميها ثم قالت بتوجس :
" نعم أعرفها... لكن من أنتِ.."

ردت باقتضاب :
" ابنة خالتها.. "
ظلت المرأة على نفس نظراتها وبدت للحظة متشككة بصحة كلامها فأضافت أفنان بهدوء :
" أين يمكنني رؤيتها... أم أنها غادرت.."

ابتلعت ريقها بهلع... أيمكن أنها غادرت أو لم تأتي من الأصل... ذلك سيحبطها للغاية...

" بإمكانك اتباعي..."

جاءت جملة المرأة مكسرة اعتقادها الخاطئ فابتسمت بتشنج ولحقتها حتى دخلتا غرفة واسعة بها عدد من الأطفال الصغار....
وقع نظرها على فتاة محجبة بحجاب ازرق داكن وملابس بيضاء اللون...
كانت تجلس على إحدى المقاعد وتبتسم للأطفال باندماج...
كانت بوجه ميزته فورًا رغم النضوج الذي أُسبغ عليه... وجه لم تنساه مطلقًا بل ظل يطاردها طوال السنوات العشرة بإلحاح مستميت...
وجه ابنة خالتها... ماريا

ترنحت قليلًا وهمست بتعثر وهي متسمرة بنظرها عليها :
" ما.. ماريا.."

نقلت المرأة نظراتها بين الفتاتين بعدم فهم ثم قالت :
" ها هي الآنسة ماريا... أ أخبرها بأنكِ تريدينها.. أم.."

قالت وهي تتقدم من ماريا ببطء :
" لا... بإمكانك الذهاب..."

وقفت أمامها تحدق بها بألم... ما حاولت أن تكذب حصوله كان قد حصل وماريا كفيفة... قبل أن تسافر.. خالتها أخبرتها ذلك بكل غضب...
أخبرتها أن ماريا أصبحت كفيفة بسببها... لكنها حاولت أن تنفي ذلك
رفعت ماريا رأسها وقالت ببشاشة :
" سكينة.. هل جلبتِ الشال من السيـ.. ارة"

قطعت آخر كلماتها فور إدراكها أن من يقف أمامها ليس بسكينة.. فهي لم تشم رائحتها المعتادة..
تمتمت بشك :
" من..."

لتسمع شهقة خافتة وصوت مألوف يقول بارتجاف :
" أنا أفنان..."

عقدت حاجبيها ورددت بعدم إدراك :
" أفنان.. من.. "

لتتوسع عينيها بصدمة بالغة ويشحب وجهها وهي تجد نفسها وجهًا لوجه مع شخص طال انتظارها له دون فائدة.. حتى يئست بالنهاية..
وقفت على قدميها مقابل أفنان...
وخيل للاثنتين أن الزمان والمكان تغيرا...
في فيلا عائلة ماريا... السابعة مساءًا
ليلة عيد ميلاد ماريا الخامس عشرة...

...........................

" عيد ميلاد سعيد... عيد ميلاد سعيد...عيد ميلاد سعيد ماريا..."

تقدمت علياء من ابنتها وانحنت قليًلا لتصل إلى رأسها مقبلة اياه برقة قائلة :
" عيد ميلاد سعيد ماريا.."

ثم مدتها بمغلف صغير ملفوف بأناقة وأكملت بابتسامتها الدبلوماسية :
" هذهِ من أجلك.."

تقبلت منها الهدية وهي ترد لها ابتسامة متصنعة وقالت بهدوء :
" شكرًا أمي.."

عدلت علياء من جسدها ثم قالت للنساء المدعوات للحفل بنبرتها العملية :
" تفضلوا واجلسوا... ستبدأ الخادمات بتقديم الحلوى..."

قلبت ماريا الهدية بين يديها ببعض المبالاة ولم ترد على أي من الفتيات اللواتي يمدنها بهداياهن بل نظرت لما حولها تبحث عن شخص معين وفور أن رأته قالت باعتذار :
" سأذهب قليلًا.."
اقتربت من أفنان المنزوية بنهاية الغرفة ووقفت أمامها قائلة باستغراب :
" أفنان.. لمَ تقفين هنا.."

كانت ملامح أفنان متشنجة وهي ترد بحرج :
" كنت انتظرك فقط.. عيد ميلاد سعيد.."

عبست ماريا وتنهدت بهم قائلة بخفوت :
" تعلمين بأنني لا أحب أعياد الميلاد... "

امسكتها أفنان من ذراعها قائلة بمرح :
" خالتي ما زالت تراكِ فتاة صغيرة.. أعذريها "

هنا ماريا نظرت لها إحدى نظراتها القوية ونفت قائلة بنضج :
" لا ليس كذلك.. بل هي لا تستطيع إلغاء إحدى فقراتها السنوية... هذا سيقلل من مقامها... "

اختفت ابتسامة أفنان وصمتت مدركة أن ما تقوله صحيح... وأنها لا تستطيع الضحك على ماريا بكلماتها...
للأسف خالتها تفعل أعياد الميلاد كل سنة لأبنائها ولا أحد منهم يفرح به... لأنه لا يكون من قلبها أكثر من أنه مجرد استعراض وإثبات المكانة..
حقًا لا تعرف كيف تفكر خالتها...

عادت لتبتسم وجرت ماريا ورائها هاتفة :
" أحضرت لكِ مفاجأة..."

بخفة تسحبتا من الحفل دون أن تراهما علياء واسرعت أفنان لجهتها المحددة لنقول ماريا بدهشة من خلفها :
" هل سنصعد للسطح..."

ردت أفنان بحماس شديد :
" أجل... المهم ألا ترانا الخادمات.."

تسللتا بحذر حتى صعدا لسطح الفيلا وهناك تفاجأت ماريا بوجود كعك عيد الميلاد يتوسط طاولة صغيرة وكرسيين وبعض البالونات منتشرة هنا وهناك... التفتت لأفنان وقالت بتأثر :
" متى أحضرتِ كل هذا... "

هزت أفنان كتفيها بلا معنى لتتقدم منها ماريا وتعانقها قائلة بامتنان :
" شكرًا... شكرًا جدًا.."

ابتعدتا عن بعضهما واقتربت أفنان من السور لتنظر من خلاله لتأتي ماريا وتستقر بجانبها قائلة بضحكة خفيفة :
" انظري للحارسين... ما الذي يفعلانه بالضبط.. "
رفعت أفنان جسدها بتهور حتى تنظر جيدًا حانقة على قصر قامتها وضحكت هي الأخرى بخفوت قائلة :
" هل يتشاجران..."

قطبت حاجبيها عندما لمحت خيال شخص يمر من الجهة الأخرى لتهمس :
" من هذا الشخص.."

نظرت ماريا لحيث تنظر هي وقالت بعدم اهتمام :
" أي شخص.. "

وقفت على قدميها وهرولت جانبًا إلى السور الآخر قرأته أعلى بقليل.. تذمرت بحنق وخطفت إحدى الكراسي وتضعه عند السور وتصعد فوقه...
غير مستوعبة لشيء فعلت ماريا المثل وصعدت بجانبها وقالت بتساؤل نزق :
" ما الذي يحدث أفنان.. أخبريني.."

" لقد رأيت خيال لشخص يسير إلى هذه الجهة.. أنا متأكدة.."

قالت هذه الجملة ومن رأته ظهر أمامها.. إذ تمثل برجل نحيف بعض الشيء نط من السور برشاقة ثم ابتعد بسيارة كانت تنتظره على بعد أمتار
فغرتا شفتيهما بصدمة بالغة وقالتا بنفس الوقت :
" لص.. "

كانتا على ارتفاع عالي إذ أن نصف جسدهما أصبح أعلى من السور نفسه... وهنا أفنان لم تشعر بنفسها وهي تميل للأمام إلا عندما امسكتها ماريا بقوة هاتفة:
" انتبهي.."
بنفس اللحظة انكسر إحدى أرجل الكرسي البلاستيكي الذي تقف عليه ماريا فاضطربت بوقفتها وحاولت التمسك بأي شيء... إلا أنه قد فات الأوان...

صرخة أفنان شقت عنان السماء... وهي ترى بأم عينها جسد ماريا.. ملقى على الأرض تحتها... دون أي حراك

إنتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس