عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-18, 08:58 PM   #6549

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

هذا الفصل ذكرت فيه اسماء مناطق محددة من بغداد .. هو شي خاص يمكن بس اهل بغداد يفهمومه ويفهموا اهميته ... هذا الفصل اهداء للاعظمية والكاظمية وجسر يصل بينهما فوق نهر دجلة الي يشطر العاصمة نصفين .. واحشني النهر وواحشني اهل بغداد ...(وسلامي وان شاء الله يوصل سلامي واسامي ما اريد اذكر اسامي .... اغنية للقيصر💓)









الفصل الثالث والعشرون

وقت الافطار ..أطراف العاصمة الغربية ..

بيت طيني من اربعة جدران أقرب الى كوخ

علا صراخ خشن حتى طارت الطيور من اعشاشها وسط ذاك السكون المحيط بهما وقت الغروب ... يعاود تحسين الصراخ في وجه حسناء وهو يمسكها من شعرها بعنف يكاد يترنح في وقفته مستندا على السرير وهو يتمايل على .. ساق واحدة !

" اخبريني يا امرأة .. من اين لك المال لتشتري هذا الاكل .. اخبريني .. "

يشير بيده الاخرى ناحية الطعام الذي افترشته حسناء على الارض ولاول مرة منذ اشهر يراها تعد دجاجة مشوية ... بل منذ زواجه القسري منها ...

اخذت حسناء تتلوى وجسدها الذي بات شديد الهزال ينتفض في وجع وانهاك بينما تتوسله

" توقف تحسين... انت تؤلمني .. بالله عليك لم يعد جسدي يحتمل الصمود أكثر ..."

لكن تحسين بوجهه الكالح يبدو كالمجنون وهو يشد شعرها أكثر ... الغيرة والشك و.. الخوف من فقدها ... كلها تنهش فيه كنهش الذئاب في فريسة سهلة فيقرب شفتيه الجافتين الشاحبتين من خدها هادرا بمزيد من ذاك الجنون الذي تلبسه

" هل تقابلين احدهم من وراء ظهري ؟ هل ستستغلين عاهتي لتهربي وتتركيني ؟"

كان يضرب بيده الان على ساقه بحرقة قلب بينما تتمالك حسناء نفسها لتتبع اسلوبها الجديد معه وهي تهدئه فتحاوط جذعه الصلب وهي تنظر الى عينيه بضعف قائلة

" ألن تكف عن قول هذا الكلام ...هل يجب أن اذكرك بكل ما مررنا به الشهر الماضي؟"

تنظر اليه في تماسك تنتظر ان يهدأ وهي تلامس ظهره وتواصل ما تفعله وهي تدعو الله ان يمدها بمزيد من القوة قبل ان تخر واقعة على الارض من شدة اليأس ...

ما زال الشك والغيرة اللتان تقتلانه تشعان من عينيه بينما تصابر وتتجلد وهي تذكره برفق وحذر حتى لا تثير جنونه من جديد

" لكنت فعلتها منذ البداية .. منذ ان اغمي عليك في سيارة الاجرة ونحن نهرب من حي الشيخ .. او عندما وصلنا لذاك الطبيب الذي عالجك بشكل سيء في مكانه القذر الذي يسميه مستوصفا طبياً كذبا وبهتانا .. هل تذكر كيف كنت معك لايام حتى التهبت ساقك ثم بترها ذاك الحقير ليهرب بعد يومين تاركا ايانا نعاني بمفردنا وقد اخذ كل مالك ... هل تذكر كل هذا ؟"

يتوتر كل جسده ويتصلب في غضب رهيب موجه لذاك الطبيب الذي تسبب بفقده لساقه..

بينما تواصل حسناء تذكيره بما فعلته لاجله حتى يطمئن " لكنتُ تركتك وانت بين الحياة والموت بدلا من أن اطببك بمفردي وادعو الله ان ينجيك والحرارة تشتعل بجسدك .. تهذي وبالكاد تشعر بمن حولك.."

ينظر اليها الآن ويتذكر وجهها الباكي قربه.. لم يكن يعلم هل تبكيه ام تبكي حظها الاسود الذي اوقعها فيه .. لكنه ما زال يعشقها حد الموت ولا يملك الا ان يعشقها بهذه الطريقة اليائسة ..

حتى وهو عاجز هكذا لا يستطيع الا ان يتشبث بجلبابها الفقير المهترئ .. يتشبث بكل قوته خشية ان تفلت منه يوماً ولا يراها..

لم يعد هناك الا حسناء .. وسيقتل نفسه ان تركته .. لن يحتمل ابدا ان تتركه ..حتى انه لم يحاول ابدا ان يقربها كرجل.. خاف ان تنفر منه بشكل لا تحتمله فتفر هاربة..

وعاهته بفقد ساقه جعلته اكثر خوفا وارتعابا.. لكنه يعافر ليخفي هذا الضعف الذي يدب في روحه ويحاول ان يبدو اكثر قسوة وصرامة بينما في الواقع هو يبدو بوضوح انه أكثر خوفا ويأسا فيقول وهو يخفف من شد شعرها

" العمل في المزارع الصغيرة حولنا لا يجلب كل هذا المال... لقد غبت طيلة اليوم وعدت منهكة ومحملة .. اين كنت .. لا تكذبي علي .."

اجلسته على السرير وجلست جواره وقواها لم تعد تحتمل لا حمله ولا حمل نفسها لتقول بقوى خائرة " لن اكذب ولم اكن اريد ان اكذب .. اردت فقط بعض الوقت حتى اخبرك ..."

تنهدت وهي تمسح قطرات عرق عن جبينها ثم قالت مصارحة اياه بما ارادت ان تخفيه لبعض الوقت " لقد ذهبت لابيع القرطين .. لاني صدقتك يوماً عندما قلت لي انهما حلال .. ذهبت الى سوق الذهب .. قضيت اغلب الطريق الى هناك مشياً على القدمين حتى تشقق نعليّ .. هل علمت الآن لماذا تأخرت طيلة اليوم "

عاوده الغضب وهو يهتف بها صارخاً " هل تستغفلينني يا امرأة ؟! القرطان ما زالا في اذنيك .."

امسك بأحد القرطين في اذنها اليسرى بخشونة اوجعتها وبينما تبعد اصابعه ردت عليه " هذا لان صاحب محل الصياغة شك بي اني سرقتهما واتصل بما صاغهما ليحضر .. هل ارتحت الآن ؟ دع اذني بالله عليك ..."

تجمد تحسين وتراخت اصابعه طواعيا عن اذنها بينما يتمتم " اتصل بمن صاغهما ؟! "

ردت وهي تتساءل بحيرة وعفوية " اجل ... لماذا لم تخبرني ان القرطين هدية من سيدي ابا جعفر ..؟! "

عاودته تلك الغيرة الرهيبة وهو يتذكر رضا الصائغ بهيبته وتلك الرجولة التي تشع منه ليصرخ فيها وهو يمسك كتفيها ويهزهما

" لا تقولي سيدي ! "

حاولت ان توقفه بينما يواصل صراخه الغيور

" هل هو من اعطاك هذا المال ؟! اجيبي .. اجيبي .."

تتمايل كمن سيغمى عليه .. الجوع متمكن منها فلم تضع في جوفها الا شربة ماء وبضع تمرات بعد صيام يوم كامل..

تقاوم الاغماء وهي ترد عليه " نعم هو .. ويريد ان يساعدنا .. وسيحضر غدا صباحا الى هنا .."

عندها توقف تحسين عما يفعله بها وعقله يعمل باتجاه اخر ليتساءل بغضب مختلف "اعطيته العنوان هنا ؟! هل جننت ؟! كيف تفعلين هذا ؟"

ردت عليه بقهر وقد فاض بها " وماذا كنت تريد مني ان افعل ؟ انا لم اخبرك اني منذ يومين لا اعمل .. ولا اي مزرعة رضيت بي .. كنا نتضور جوعا انا وانت وانت بحالتك هذه.. كان يجب ان اتصرف .. وشاء المولى ان التقي هذا الرجل الطيب من جديد لينجدنا مما نحن فيه... الا تفهم .. المال الحلال دائما يُنجد .. وهذان القرطان كانا حبلين للنجاة.. "

لم يكن يستوعب فكرها البسيط عن الحلال والحرام .. كل ما كان يفكر فيه عم اخبرته حسناء لرضا الصائغ فيتمتم بوجل

" رباااه .. هل اخبرته بما حصل في تلك الليلة في حي الشيخ؟! ردي علي.."

تطمئنه بالقول وقد ادركت مخاوفه

" اخبرته فقط انك اصبت في ساقك في عراك مع رجال فتوة اخر .. وانك .. فقدتها لسوء المعالجة.."

لكن تحسين لم يكن واثقا بعد فيطلب تأكيدا بالقول " صارحيني حسناء .. لا تخفي عني .. هل اخبرته اني قتلت فالح ؟! انطقي ؟"

تهز رأسها نافية بعنف " لا ..لا .. لم اذكر فالح على الاطلاق ... قلت له كان عراكاً عنيفا وفررنا هاربين ... "

زفر ببعض الارتياح وهو يقول يوصيها من جديد " لا تنسي ابدا يا حسناء .. نحن لا نعرف شيئا عن ذاك العفن .. لا نعرف ما اصابه .. التزمي هذا القصة وصدقيها .. "

اتسعت عيناها وهي تتذكر ما حصل حقاً.. اختفت الدماء من وجهها تماما لتقول بصوت مختنق " ولماذا تخاف ان اخبره ..؟ ولماذا تقول امامي انك قتلته ؟! انت بريء من دمه .. انه انا من قتلت فالح .. انا من ازهقت روحه .. انا من غرزت السكين في بطنه ..."

تهب لتقف على قدميها وتشعر وكأن النيران تلسعها بينما تهتف وهي تشد بشعرها

" انا من قتله .. انا .. انا من لا تنام الليل احلم بوجهه مضرجا بالدماء .. "

تدور في الغرفة هكذا حتى انهارت الى الارض وتحسين ينهار لانهيارها ذاك .. يتحرك من السرير ليوقع نفسه أرضا ثم يزحف نحوها حتى يصل اليها فيلف ذراعيه حول جسدها هامسا اسمها " حُسناااا ..."

كانت المرة الاولى التي تنهار هكذا امامه وهي تعيد ذكر ما حصل .. لم يعاودا الكلام بالموضوع منذ تلك الليلة وانشغلا بالهرب والاختباء بعد ان استجمع بعض قواه ليغادرا مكان الطبيب الموبوء ...هربا بسيارة حمل للخضار نقلتهما الى المناطق الغربية النائية وساعدهما احد الفلاحين ليسكنا هذا الكوخ المهجور ...

كان ما يزال يتعافى من بتر ساقه ولم يستطع ان يعمل اي شيء لكسب الرزق .. ولم يكن هناك ما يفعله وهو بساق واحدة !

تختض حسناء بالبكاء فيضمها لصدره وهي تشكو وتبكي " انا خائفة تحسين .. خائفة ان لا يغفر لي الله ويدخلني جهنم .."

ابعدها عنه قليلا ليمسكها من الجانبين وهو يواجهها بالقول الذي خرج من قلبه دون ان يفكر فيه

" لا تقولي هذا .. لا تقولي هذا .. مثلك لا يعرف النار .. انت امرأة حرة شريفة صانت عرضها وانقذت حياة زوجها .. ألم تفعلي ؟ الست زوجك وكان ذاك الحقير سيقتلني ؟"

كان يقولها بحرقة ويريد ان يسمع كلمة واحدة منها تؤكده ...

تمسح دموعها عن خديها وهي تقول بصدق

" نعم .. نعم .. اقسم بالله كنت .. ادافع عن نفسي .. وادافع عنك ..."

ثم عادت لتنهار وهي تجهش بالبكاء

" اغفر لي يا رب .. اغفر لي يا رب ..."

تبكي بحرقة ليشدها بعنف لصدره يتوسلها بالقول " حسنااا ...حسنااا ... لا تتركيني .. لا تتركيني .."

لكنها تواصل البكاء والاستغفار حتى اظلمت الدنيا في عينيها وسقط رأسها على صدره ..

يجن جنونه لاجلها ويزحف بجسده وهو جالس على الارض ويجرها معه وهو يصرخ في هلع

" حسناء .. افيقي حسناء .. افيقي .."

يصل فرشة الطعام التي لم يأكلا منها حتى اللحظة فيمد ذراعها ويأخذ دلو الماء ويبدأ برش بعضه على وجهها وهو يدعو من قلبه

" يا رب .. ساعدها يا رب .. يا رب .."

اخذت تستجيب وهي ترمش بعينيها بينما يهتز جسد تحسين انفعالا ولا يصدق احساسه وهي تفتح عينيها اخيرا له وتهمس انها عطشانة ..

يرتجف بعنف وهو يساعدها لتشرب ثم بصمت أخذ يطعمها بعضا من لحم الدجاج في فمها حتى استعادت بعض القوة ...

ابتعدت عن حضنه لتعتدل في جلستها وهي تخبره بصوت خافت متعب انها اصبحت افضل..

وخلال الدقائق اللاحقة التزما الصمت التام وهما يأكلان بنهم !

جوعه كان وكأنه جوع سنين طويلة حتى ارتوى جسده كله وشعر برضا الشبع ...

لا يذكر متى اخر مرة شعر بهذا الشعور ..

وكأنه لم يشبع يوماً في حياته ..

ينظر الى حسناء ولا يعرف ما الذي ينتظرهما بعد ... كل ما يعرفه ان مصيرهما واحد..

ولن يدع اي انسان مهما كان ان يفرق هذا المصير...


يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس