عرض مشاركة واحدة
قديم 11-09-18, 09:06 PM   #6552

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

بيت العطار




بدت الخالة ابتهال مرهقة وقد زادت عليها الآم المفاصل بينما تحمل قدح شراب الاعشاب بلونه الاصفر المخضر تريد ان تصعد به الدرجات لكن تسبقها شذرة الخطوات وهي تأخذ القدح منها وتقول " دعيني اخذه اليها بنفسي خالتي .."

بدت الخالة مترددة بينما تبتسم لها شذرة قائلة بمحبة " انها بخير لا تقلقي .. سأعتني بها .. اعدك ..."

تنظر اليها ابتهال بحبور وتتعلق عيناها بابتسامة شذرة تحديدا فتقول

" شكرا حبيبتي .. ابتسامتك اليوم حلوة للغاية .. جعل الله ايامك كلها فرح .."

تتورد شذرة وتهرب من عيني الخالة ابتهال التي اضافت " طمئنيني عنها اذا نامت .. انا ساذهب لاصلي واقرأ القران..."

تهز شذرة رأسها وهي ترد " نعم خالتي .. تقبل الله منك .."

تحمل شذرة القدح الساخن وترتقي درجات السلم وهي تشعر وكأنها تطير ...

اليوم لن تنساه ابدا طوال حياتها .. مهما سيحصل لها في المستقبل لن تنسى صوت خليل عبر الهاتف وهو يطلبها بهذا الالحاح الرجولي..

الآن عرفت فقط جواب كل الاسئلة ..

كل الاحلام .. كل ضيق صدر شعرت به وهي تقبل بخطبة مصعب ...

الآن علمت لماذا لا تنسى عينيه ولا جملة عابرة من فمه .. الآن علمت انها كانت حتى تغار من فتاة مجهولة ظنته متعلق بها ..

كل الطرق التي نسلكها في الحياة اشبه بصعود درجات سلم ! كهذا السلم بالضبط .. قد نظنها طرقا ملتوية او مستقيمة .. وربما معبدة او غير معبدة .. لكنها في الواقع هي مجرد درجة في سلم حياتنا .. يجب ان نخطوها بثقة وعزم حتى نرتقيها للدرجة التالية دون ان نتعثر ونقع متقهقرين للخلف ...

ينبض قلبها وتخجل ان تعترف انها تشتاق أن .. تراه .. وجها لوجه ... ثم يقتلها الخجل اكثر وتتراجع لا تريد ان تراه لانها لا تعرف ما يجب ان تفعله او تقوله ...

والاعجب من كل هذا انها لم تعد تفكر ماذا سيحصل بعد او كيف سيحصل او حتى متى موعد (الاوان).. كل ما تفكر به ان ما حصل اليوم يلغي اهمية ما قبله وما بعده .. هكذا ببساطة .. دون تعقيد ودون تفحيص وتمحيص..

وصلت لاخر السلم فتسير في الممر حتى غرفة رقية فتأخذ نفسا عميقا قبل ان تطلقه بهدوء وهي تستعيد واجهة طبيعية تتخفى بها عن عيني رقية الثاقبتي النظرة ..

طرقت الباب بضع طرقات قبل ان تفتحه وتدخل متسائلة بنبرة دافئة

" كيف تشعرين الآن يا رقية .."

لم ترد عليها رقية وهي مستلقية على سريرها بوضع جانبي توليها ظهرها ومتكورة بجسدها بعض الشيء وكأنها تحتضن معدتها ..

شعرت شذرة ببعض القلق وهي تقترب من السرير لتجلس على حافته جوارها بينما تلامس ذراعها قائلة " اشربي هذا .. سيريحك.. الخالة ابتهال صنعته لاجلك .."

همست رقية بصوت مبحوح " لا اريد ... لم أعد احتمل شربه أكثر ..."

عندها وضعت شذرة القدح جانبا ثم قالت لرقية بطيب خاطر ونبرة اهتمام حقيقي

" دعيني اقرأ عليك دعاء كانت تقرؤه لي امي كلما اوجعتني بطني .. كنت ارتاح على الفور واستكين تحت لمسات يدها .."

دون ان ترد رقية بكلمة استدارت لتنقلب بجسدها على الجانب الاخر تفتح عينيها الذابلتين وتحدق في شذرة قائلة بشقاوة

" دعينا نجرب طريقتك ..."

للحظات ظلت شذرة تنظر في وجه رقية ولا تفهمها حقاً .. او ربما لا تفهم طريقتها لكن مؤكد تفهم ان رقية ليست على طبيعتها .. وجهها شاحب بشكل يحزن القلب دون تفسير.. رعشة واضحة في صوتها الساخر فترققه بشكل يثير الشجن ..تعترف انها بارعة في الاخفاء لكن لكل انسان طاقة تنضب ..

حتى رقية العطار طاقتها تنضب ...

نحت شذرة جانبا كل افكارها لتركز في الدعاء وهي تلامس بطن رقية .. شعرتها في البداية متشنجة للغاية على عكس ما يظهره وجهها لكن شيئا فشيئا تراخت ...

ومع تراخيها شردت شذرة من جديد واحساس الفرح الغامر يعاودها .. قلبها يخفق بقوة وتكاد تشعر بالوهج يشع من خديها ...

" اتمنى فقط ان اعرف سر هذه الابتسامة الهائمة اليوم.."

اخرجها صوت رقية الساخر من حالتها تلك لتنظر اليها ببعض الارتباك وهي تتورد ..

تضحك رقية وان كانت ضحكتها عجيبة لا تصل القلب بينما تنغاظ شذرة وهي تسحب يدها وتقول لها بتلميح واضح " لماذا لا تنشغلين بسر تعب معدتك ؟! "

لا تبالي رقية بذاك التلميح بينما تحرك كفها لتضعه بين خدها والوسادة ثم تقول لها بنفس تلك الابتسامة العجيبة " تضربين تحت الحزام يا ابنة العم ..."

ثم تواصل مشاكسة شذرة بالقول " اممممم .. هل تكلم اخيرا ؟"

هذه المرة احمرت شذرة وارتبكت للغاية وهي تتساءل " تكلم ؟! من تقصدين تكلم ؟! "

تحرك رقية حاجبيها صعودا ونزولا وابتسامتها المشاكسة تتسع بينما ترد عليها بالقول " الهائم العاشق صاحب العيون الواسعة الفتاكة النظرات .. من يجعل عينيك تلمعان بهذا اللون الفاتن يا ابنة المحظوظة .."

هتفت شذرة بحنق شديد وهي تقف على قدميها بخجل " رقية ! "

تتنهد رقية وهي ترفع نظراتها لشذرة قائلة بحسرة وشيء اخر لم تفهمه شذرة تماما

" لماذا عيناي لا تتحولان الى هذه الزرقة البنفسجية مثلك ؟! ربما علي الانتظار حتى يقع قلبي... في الهوى .."

احراج شذرة يتفاقم وهي تهتف برقية تريد ايقافها " رقية كفى .."

لكن رقية لا تتوقف بل تواصل مشاكستها وكأنها طاقة تريد تفريغها فيها " اراهن انه لا ينام الليل ويعد النجوم ويسمع اغاني كاظم الساهر او ربما يفضل... ام كلثوم.. "

لم تعرف شذرة بم ترد ولا تريد الانسحاب وكأنها تسمح لرقية بأن تنتصر عليها ..

كانت تشعر وكأنهما مجرد فتاتين صغيرتين تشاكس احداهما الاخرى ..

ورغم هذا لم تتنازل شذرة لتريح رقية وتمنحها نصراً طفوليا كهذا ..

تضيف رقية المزيد قائلة " هل اتصل عبر الهاتف ام أتاك الى دار الازياء ؟ اظنه اتصل فمثله يراعي كثيرا الاصول ولن يتجرأ على كسرها خاصة مع واحدة من بنات العطار .."

سيطرت شذرة على كل انفعالها لتبتسم باغاظة في وجه رقية الشاحب وترد عليها

" انا لا اعرف عمن تتكلمين .."

ترققت نظرات رقية على نحو غير مسبوق لتقول بحشرجة " محاولة انكار تستحق الاعجاب والثناء .."

ثم تمد يدها الاخرى لتمسك بيد شذرة قائلة " عودي واجلسي واقرئي الدعاء من جديد.. كنت بدأت اشعر بالراحة للتو .."

ببساطة طاوعتها شذرة لتعاود الجلوس وتميل لرقية قائلة بنبرة عكست قلقها

" لقد اتيتك من الاساس لاني قلقة عليك .."

تبتلع رقية ريقها وهي تهمس بخفوت

" انا بخير.. معدتي ستتحسن .."

تهز شذرة رأسها لتصارحها بالقول " لا اتكلم عن معدتك .. هل تظنينني لا اشعر انك تعانين من امر ما ؟! الخالة ابتهال حائرة في امرك .. والحمد لله لم ترك بأي حال عدتِ قرابة وقت الافطار ..."

تكابر رقية رغم تأثرها الشديد فتقول بابتسامة فخورة " لا تقلقي .. رقية العطار مصنوعة من الفولاذ .. انا سوبر ويمن .."

تتنهد شذرة وهي تهمس وكأنها تكلم نفسها بصوت مسموع " لا فائدة منك ..."

فترد رقية ضاحكة وقلبها يشع بالألم

" لا .. لا فائدة .. الجميع غسل يديه مني..."

اخذت شذرة تنظر اليها في حيرة بينما تضيف رقية بنبرة ساخرة ممازحة وهي تغمض عينيها " سأتعطف عليك وأتفضل واسمح لك بالبقاء معي .. لكن لا تطمعي بكرمي الحاتمي كثيرا .. "

تمتمت شذرة في هدوء " حاضر ...وساقرأ عليك الدعاء من جديد حتى تنامي.."

لم ترد رقية هذه المرة وبينما تسمع همسات صوت شذرة وهي تردد الدعاء كان داخلها يموج في الوجع ...

ترتعش كطفلة صغيرة وتلك الصور البشعة القاتمة المرعبة تعاود القفز في مخيلتها ..

حتى اللحظة لا تعرف اي قوة امتلكتها لتدافع عن رعد بتلك الطريقة ..

ثم اطلق قلبها صرخة وجع جديد وارتعشت اكثر وهي تتذكر كلماته الاخيرة لها ..

لقد عادت للبيت وهي تشعر انها تريد الصراخ والبكاء لكن لم تستسلم لتلك النزوة !

لقد ظلت طوال الوقت تستعيد المشاهد .. تستعيد الاحداث والحوارات .. بكل بشاعتها..

كانت تواجه وترفض الانهيار .. تحلل بينما معدتها تتلوى في وجع يضاهي وجع القلب.. وعقلها منهك من التفكير ...

اغمضت جفنيها بقوة وجسدها ينكمش وهي تتذكر تلك اللحظة الرهيبة التي تشممها فيها رعد وهو في حالته المخيفة تلك ..

حارث فعل معها ما هو اشد واوقع وقد حاول خنقها وازهاق روحها لكنها لم تخف منه كما خافت من رعد اليوم ..

تألمت ... تألمت كثيرا حين ذكر في تلميح مباشر بيتها الخشبي وقلوبها السرية ..

شعرت انه يخون سرها الذي شاركها به ..

خنقتها الغصة لكنها صمدت .. ليس مهما ما قاله ذاك الغبي وهو يحاول اخافتها.. المهم انها ستتجاوز ما حصل وستنقذه رغماً عن ارادته

شيئا فشيئا تراخت .. لتغفو على صوت شذرة ..






يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس