عرض مشاركة واحدة
قديم 13-09-18, 09:15 PM   #212

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل السادس


" يُمكن للروح الحزينة أن تقضي عليك أسرع مما تفعل الجراثيم."

في محل قهوة صغير... قريب من مركز الأطفال... كانتا تجلسان على إحدى الطاولات... شاردتان.. مرتبكتان.. وكل واحدة منهما تفكر بما ستقوله للأخرى...
عشر سنوات... كانت مدة كافية ليصبح القريب بعيد وغريب ببعده عن الآخر..
بعدم وجوده بالوقت الذي كان يحتاجه الطرف الآخر...
وهي لم تكن استثناءً... أفنان هربت منها دون أن تدرك السبب..
أيام وشهور وسنين مرت عليها وهي تختلق هذا السبب.. وتجعله أقل إيذاء لنفسها..
لكن ماذا حدث... يئست من الانتظار واختلاق الأسباب..
واعتبرت أن اختفاء أفنان واحد من محطات الخذلان التي مرت ولا زالت تمر بها...
ومن دون أن تحسب أو تشعر.. عادت أفنان... مباغتة إياها

وضعت فنجان القهوة على الطاولة بهدوء متحكمة بتعابير وجهها.. لئلا تظهر ضعفًا أو اشتياق لفتاة كانت أكثر من مجرد ابنة خالتها.. ثم قالت بشبح ابتسامة :
" لقد مر وقت طويل..."

بدورها أفنان كانت تعيش شعور مضاعف من الارتباك والتوتر.. تتأمل ماريا ببعض الاندهاش وعدم التصديق... كيف أن حدقتيّ عينيها تائهة بالفراغ دون أن يظهر هذا التوهان على وجهها.. وكيف أنها تتلمس فنجان القهوة بتمرس دون أن تكون مثيرة للانتباه.. كانت مذهلة... متماسكة... وتشع منها القوة... عكسها هي..
ضمت شفتيها ببعض العصبية وخرج ردها بهمسة مبحوحة :
" نعم.. وقت طويل... ماريا أنا....افتقدتك جدًا.."

لم يظهر أي تأثر على وجه ماريا بل قالت ببرود :
" لماذا عدتِ.."

تفاجأت بدخولها في صلب الموضوع مباشرة لتهز رأسها وتقول بذنب :
" لأعتذر.. لم أستطع تكملة حياتي دون أن أعتذر لكِ.. أنا السبب"

ارتفع حاجبين ماريا ارتفاعة طفيفة وقال بتساؤل مستنكر :
" أنتِ السبب!!... بماذا يا ترى"

ارتجفت شفتيها وشعرت بأنها مقبلة على سماع شيء سيؤلمها.. ورغم ذلك ردت بضعف :
" أنا السبب.. بما حدث لكِ.."

" كالعادة.. تعشقين ارتداء ثوب الضحية.. "

رفعت عينيها لها بصدمة لتكمل ماريا بقسوة غريبة عنها وتعابير وجهها تتصلب أكثر.. لا تعلم لمَ شعرت بأنها وفي هذه اللحظة تشبه خالتها علياء :

" تعودين.. وبعد كل هذه السنوات لتعتذري عن أنك السبب... هذا أسخف شيء قد سمعته بحياتي .."

همست بصدمة خائفة :
" ماريا.."

هتفت ماريا بغضب وهي تخبط الطاولة بكفها حتى لفتت بعض الأنظار إليها :
" لا دعيني أكمل... تقولين بأنك السبب.. كيف أخبريني... هل دفعتني من السطح مثلًا.. أم استدرجتني حتى أقع لوحدي دون شبهات..... أم انتِ من جلب اللص لمنزلنا واتفقتِ معه ليحصل كل ذلك... أخبريني ما الذي فعلته وكنتِ السبب بكوني عمياء....أم أنني أصابني الخرف وأصبحت أتخيل عكس ما حدث.. أخبريني "

ما قالته ماريا كان كثير... كثير عليها لتستوعبه وتنكره... أصابها بعض الهلع وتشوشت الأمور بعقلها...
رمشت وماريا تتابع كلامها بسخرية :
" آه صحيح... أنا لم أخبرك بما حصل للص الذي رأيناه.... لقد اكتشفنا بأنه سارق استغل انشغالنا بالحفل وتسلل للبيت وسرق ما استطاع سرقته من فيلا عائلة ثرية... تخيلي.. هه...إنه في السجن الآن "

همست وهي تمسح دمعتها اليتيمة عن خدها ::
" أعرف.."

تألمت جدًا لمنظر ماريا... كانت تبدو وكأنها تتوجع... لم تراها بهذه الحالة من قبل.. دائمًا كانت متماسكة حتى في ألمها...
همست بكلمة لم تدري أنها كانت الوقود لإشعال النار :
" أنا آسفة... "

كل ما فعلته ماريا كان بأن مدت ذراعها وأطارت بفنجان القهوة جانبًا حتى وقع على الأرض متكسرًا ثم قالت بنبرة مكتومة :
" تبًا... ألن تتوقفوا عن قول تلك الكلمة اللعينة.."

جاء إحدى عاملي المقهى مسرعًا بينما وقفت ماريا وقالت بكبرياء قبل أن تغادر :
" عودي من حيث كنتِ.."

غير مبالية بتذمر العامل والناس الذين ينظرون لها.. وجدت نفسها تهرول خلفها بلهفة... لن تسمح بأن يضيع هذا اللقاء دون أن تخرج منه ببعض الاطمئنان... وبأن تغادر ماريا هكذا كما غادرت هي... ربما لن تراها مرة أخرى...

أمسكت بذراعها قبل أن تدخل السيارة وهتفت برجاء :
" ماريا لا تكوني هكذا... أرجوكِ.."

التفتت لها ماريا بمقلتين دامعتين وهمست بنبرة غامضة :
" بل أنا من يرجوكِ... ألا تكونِ هكذا...لقد توقعت شيئًا آخر...كنت غبية وتجرأت أن أتوقع شيئُا أريده.. لكن كالعادة..."

ابتلعت غصتها وأكملت وهي تسحب ذراعها وتدخل السيارة :
" أنا اكتفيت اليوم وأريد الذهاب للمنزل.."

أنزلت ذراعيها جانبًا بتخاذل وهي تعبس بألم لتلمح نظرات المرأة التي كانت ترافق ماريا في المركز... كانت تنظر لها بتفكير قبل أن تركب هي الأخرى السيارة وتبتعد بهما مخلفين إياها خلفها...
هذه المرة لم يأتيها شعور الفشل المخزي والذي لطالما راودها...
هذه المرة كلمات ماريا كانت تدير أفكارها لاتجاه آخر.... اتجاه مختلف تمامًا...
ولم تفكر به قط...

...........................

" لا تخبري أمي بأنني قابلتها سكينة... إياك.."

كلماتها لم تكن أمر بقدر ما كانت طلب محفوف بالرجاء... مما جعل سكينة تتوصل إلى كون ماريا لا تريد لأفنان الابتعاد بعد الغياب الطويل..
هي لا تدري ماذا حصل بينهما في المقهى....
عندما عادت من السيارة لداخل المركز ورأت ماريا تقف مع أفنان... لم تعلم من هي بالبداية... ولكن النظرة المرسومة في عينيّ ماريا كانت خير مخبر..
ردت من دون نقاش :
" حسنًا.. لن أخبرها.."

حدقت بماريا بتدقيق.. لتجدها قد تنفست الصعداء واتكأت برأسها على إطار النافذة... شاردة... وعكس توقعها لم تبقى صامتة بل قالت ما صدمها :
" أمي تعرف بأن أفنان هنا صحيح؟؟.."

حاولت أن تسيطر على دهشتها... ماريا تتوقع ما يحصل دون أن تكلف نفسها العناء بالسؤال أو ربما هي مكشوفة لا أكثر...
" آه.. نعم.. أقصد..."

قاطعتها برفق :
" دعينا نتفق على عدم أخبارها بما حصل اليوم فقط... موضوع أفنان يخصني أنا ولا رغبة لي بأن تتدخل كعادتها.."

اومأت وهي تناظرها بتوجس... تشعر أن المشاكل قادمة لا محالة

عندما وصلتا البيت... تقابلا وبالصدفة مع شقيقتها مايا وزوجها اللذان كانا أيضًا بطريقهما للداخل...
صدفة ستكون كاذبة إن قالت سعيدة... فهي لا تملك لا المزاج ولا الطاقة للمجاراة ورسم البسمة الهادئة على شفتيها...

نزلت وهي تتذمر بداخلها بينما يأتيها صوت مصعب يقول بفرح :
" ماريا.. كيف حالك"

قالت بإيجاز دون أن توقف خطواتها المتجهة للبيت :
" بخير.. لندخل..."

باستنجاد رفعت مايا وجهها لمصعب وقالت بتوتر :
" .أرأيت...هي لم تسامحني للآن "

ابتسم ابتسامة متكلفة وقال بحنو زائف :
" لا تقلقي... ماريا طيبة...ليس من طبعها الحقد... ألستِ شقيقتها وتعرفين ذلك.."

وأكمل بداخله بهمس مشحون بالعواطف.... أم أنا من أعرفها أكثر منكِ... أكثر منكم جميعًا

" هيا لندخل مصعب... والدتي تنتظرنا..."

ضم كفها الذي وضعته بيده... وسار معها للداخل... إلى ماريا

******************
يقف الآن هو وشقيقته سناء عند باب الفندق ينتظرا وصول والديهما بشعورين مختلفين...
هي بشوق لأن تتقاسم هذا الخوف الذي تشعر به مع أحد
وهو... برعب لأنه الآن مضطر لمواجهة والده الذي أراد أن يتهرب منها.. يكفيه ما يشعر به... يكفيه حقًا...

توقفت سيارة أجرة أمامهما فاسرعا إليها فور أن لمحا والديهما... وتوجه معاوية ليأخذ الحقائب من الصندوق متباطئًا...
وضع الحقائب على الأرض ورفع رأسه ليجد والده ينظر له بنظرة ثاقبة غامضة... لم يدرك فحواها أبدًا...
شعر بأنه يريد أن يبكي... لولا رجولته التي تمنعه كان قد بكى وناح مخبرًا الجميع بأنه فقد شمس... خطيبته وحبيبته

" كيف حالك بني.."

اقترب من أمه الملتاعة واحتضنها برفق مجيبًا عن سؤالها :
" الحمد لله على سلامتكما... أنا بخير.."

توقف أمام والده الذي ظل يراقبه بصمت... ولم يجد ما يقوله سوا أن يخبره بنظرات عينيه بأنه ليس بخير... ليس بخير أبدًا...

وكأن الأب فهم الشكوى الخفية... مد ذراعيه وضمه بحنو هامسًا بنبرة حازمة :
" لا تقلق معاوية....سنجدها بني...كن واثقًا بالله... سنجدها "

هتف بنبرة متشنجة حائرة :
" آه أبي... لا أعلم ما الذي حصل... لقد اختفت فجأة والشرطة لم تجدها لحد هذه اللحظة... أنا السبب... لقد انشغلت عنها... انغمست بالعمل ونسيتها..."

أبعده الأب عن حضنه وامسك كتفيه قائلًا بقوة :
" لا.. أنت لست السبب.. وكما قلت لك... سنجدها بإذن الله فتمالك نفسك بني.... دعنا نصعد للغرفة مبدئيًا... "


بعدها بساعة تقريبًا... كانوا الأفراد الخمسة يجلسون مقابل بعضهما البعض... ورياح الحيرة والخوف تحوم حولهما...

والديه رفضا أن يستريحا ويأجلان الكلام لغدًا... وهو كان شاكرًا لذلك... فكيف تغمض له عين وهو لا يدري أين شمس الآن وماذا تفعل... هل أصابها مكروه أم لا... هل تبكي أم لا... هل تستنجد به.... أم لا!

مسح على جبينه وتناول حبة مسكن آلام الرأس من سناء ليضعها بفمه فتقف بنصف حلقه رافضة النزول... انكمشت ملامحه من طعمها المر فأخذ بيده كأس الماء من على الطاولة وارتشفه كاملًا...

تكلم والده بثبات اشعره بالغبطة :
" أخبرني بني أولًا... ماذا حصل لأمور العمل... وهل أتممت الشحنة مع الزبون..."

الشحنة!! لقد نسي هذه المشكلة في خضم ما حصل...
عبس بتركيز وقال متنهدًا... فلم يعد يهمه :
" الزبون تراجع بآخر لحظة واختفى.."

ردد والده خلفه بتفكير :
" اختفى!!..."

ثم تابع وهو ينظر لعيني ولده المهموم :
" متى اختفى... "

" بعد وصولنا للعاصمة بيومين...حاولت الوصول له لكن لم أستطع وانشغلت بعدها بما حصل"

قال الوالد بتريث :
" بعدها اختفت شمس... أشعر يا ولدي بأن هنالك صلة بين الأمرين"

بهتت الوجوه من حوله وانطلقت التساؤلات القلقة من سناء والأم... بينما وحده معاوية من كان صامتًا... شاحبًا كما لم يره من قبل...
ولا يجرأ على السؤال...

يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس