عرض مشاركة واحدة
قديم 18-09-18, 09:09 PM   #6836

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

حي الشيخ



يسير حذيفة من درب ضيق قذر الى درب اضيق واشد قذارة .. يمر بالناس يبحث عن وجه يرتاح اليه ليستدرجه بالكلام ويعرف المعلومات التي يحتاج لمعرفتها ..

مر وقت ليس بالقليل قبل أن يجذب نظره اخيرا رجل ستيني ابيض الشعر.. يقف على ناصية الدرب الضيق يبيع بعض الاغراض البيتية الرخيصة المستعملة .. عينه اليسرى مصابة ومشوهة وفاقدة البصر بشكل اكيد.. ملابسه مهترئة ذابلة وكأن مرت عليها خطوب السنين لكنها نظيفة ومعتنى بإعادة رتقها واصلاح خياطتها لتذكرك انها كانت زاهية يوماً تحمل بريق الاحترام والوقار...

لم يكن امام حذيفة مزيدا من الوقت ..

عليه ان يعرف ما حصل هنا قبل ان يقابل تحسين ويتحمل مسؤوليته هو وزوجته...

اقترب حذيفة من ذاك العجوز الذي كان ينشُّ الذباب عن وجهه وهو يستغفر الله مكلما نفسه " استغفر الله العظيم .. الا تكفينا رائحة النفايات التي سممت اجواء الحي بأكمله وسممت ابداننا لنتحمل الذباب والحشرات والفئران ايضا .. حسبنا الله ونعم الوكيل.."

ألقى حذيفة السلام فتنبه له الرجل ليرد السلام متبسما ومستبشرا خيرا بزبون ..

لم يخذله حذيفة فأخذ يقلب بحاجياته والتقط بعض القطع واختار منها قطعتين ثم اخذ يفاصل بالثمن ليدفعه للعجوز ..

وبينما يخرج المال من جيبه سأل حذيفة بنبرة طبيعية " سمعت ان لديكم فتوة في الحي .. هل هذا صحيح ؟ اظن اسمه تحسين .. هل صحيح يأخذ منك المال لقاء الحماية ؟ "

نظر اليه العجوز للحظات .. نظرات جوفاء تحمل معانٍ مختلطة من الاستسلام والعجز والغضب ... ثم قال اخيرا " انت اول غريب عن الحي يسأل عن تحسين منذ اختفائه العجيب قبيل شهر .. "

ثم يطلق نفساً قصيرا ساخرا وهو يضيف

" لن استغرب ان اخذت لفة في الحي وسألتهم نفس السؤال ستجد كلام الاساطير يحكى عنه ! ستجد من يمجّده ويترحّم على ايامه .. ومن يصفه بالشجاعة والقوة والبطولة وانه كان يدافع عنهم بحمية !.. وستجد ايضا من يبرر عنفه وشراسته لاجل المصلحة العامة .. وقليل من ستجده مثلي .. يصفه كما حقيقته المجردة .. مجرد رجل مجرم أرهب الناس وأكل مالهم ظلما ودون وجه حق .. اعتدى وآذى وسفك الدماء واشاع الفحش والفساد والعنف .."

يبدي حذيفة بعض الحيرة وهو يسلم المال للعجوز وينظر اليه بنظرة تقييم جديد.. وكأن العجوز ادرك ما يدور بخلد حذيفة فيتبسم بسمة شقاء ويقول " انت تستغرب كلاما كهذا يصدر من عجوز مثلي .. رجل بائس في حي مدقع بالفقر منسي مهمش سكانه من الجهلاء المسحوقين روحا وفكرا.. لكني رجل متعلم .. الحياة لعبت لعبتها معي لانتهي بالعيش في هذا الحي الخرب منذ اربع سنوات.. واشهد حال الناس الغريب فيه.. وصدقني تحسين اكثر ما شهدته غرابة هنا على الاطلاق .. "

يرفع العجوز اصبعه لعينه المصابة قائلا

" هل تعلم من اصاب عيني هكذا ؟"

فيرد حذيفة مخمناً " تحسين ؟"

فيهز العجوز رأسه نفياً وهو يقول " لا .. ليس تحسين .. بل فتى مراهق وجد في عنف وجبروت تحسين مثلا يحتذى به .. فاصبح يرهب الاطفال الصغار ويأخذ منهم المال وعندما حاولت التدخل ونصحه شق عيني بسكين صغير يحمله معه على الدوام .."

يعقد حذيفة حاجبيه وهو يسأل بخشونة

" هلا اخبرتني ماذا حصل لتحسين بالضبط؟ اقصد .. كيف اختفى من شهر ؟ "

فيرد العجوز ببعض الحيرة الساخرة " لا اتوقع ان احدا يعرف الحقيقة ويرد عليك .. كل ما نعرفه في حي الشيخ ان تحسين اختفى مع زوجته حسناء في اولى ليالي شهر رمضان ولم يجدوا الا اثار دماء في بيتهما.. زوجته المسكينة التي تزوجها منذ اشهر غصبا وكرهاً .. كلنا عرفنا انه زواج غصب وكلنا سمعنا صوت صراخها ليلة زواجهما .. وكلنا صمتنا ! الا لعنة الله على الجبن والخوف الذي يذل الرجال .."

كان عقل حذيفة يعمل سريعا ليجمع الامور مع بعض بينما يواصل الرجل فضفضته قائلا

" بعضهم يقول هو قتلها في احدى نوبات جنونه ثم أخذ جثتها وهرب بها .. وبعضهم يقول هي من قتلته بسكين المطبخ ونفدت بجلدها منه والبعض الاخر يقول قتلوه جماعة علوان وقطعوا جثته تقطيعا انتقاميا ليرموها في النهر بعد ان قتلوا صاحبه وذراعه الايمن فالح ... لكن جثة تحسين لم تظهر ابدا .. ولا جثة زوجته .. اما جثة فالح فوجدوها مرمية في زريبة نفايات فدفنوه فيها.. والحق يقال هو افضل مكان ينتمي اليه ذاك الضبع القذر.."

قال العجوز جملته الاخيرة بكره وقرف شديد.. بينما يسأل حذيفة " لكن ألم تأتي الشرطة ؟ ألم تحقق ؟"

يضحك العجوز بصوت متحشرج ثم يقول لحذيفة " اضحكتني يا رجل .. اي شرطة .. نحن في حي الشيخ .. "

ثم يسرح العجوز ليثرثر بالقول " بعد اختفاء تحسين بات كاسطورة ! اسطورة يتمناها الآن سكان حي الشيخ كي تعود بعد ان كانوا يتمنون موته !! تخيل ؟! الكل كان يدعوا عليه بالموت في سرهم لكن الآن ... الآن لا ينقص الا ان يجعلونه وليا من اولياء الله الصالحين ويبنون له صرحا عظيما يزورونه فيه .. فحسبنا الله ونعم الوكيل في الجهل وفي ذاكرة البشر التي تنسى التاريخ من أوله.. تاريخا انجب حاضرا اسوأ ..! "

بدهشة يتساءل حذيفة " لكن لماذا ؟ لماذا نسوا كل ما فعله معهم ؟!"

فيرد العجوز بمزيد من القهر " لان باختفاء تحسين انفتحت ابواب جحيم مختلف .. ذهب ظالم جبار فأخذ مكانه حفنة ظلمة تأكل بعضها بعضا كوحوش البرية وكل يريد نهش الفقراء لنفسه فقط ..."

يتنهد وهو يضيف بمزيد من القهر

" لهذا نسي سكان حي الشيخ كل شيء فعله تحسين .. نسوا انه بجبروته العنيف حولهم لخانعين خائفين يرتجفون منه اذا سار في دربهم صدفة.. كيف اجبرهم ان يتبعوا قانونه الظالم ويتركوا قانون الله في خلقه .. وبعد كل هذا تجدهم بعد غيابه يدافعون عنه ويقولون كانت له هيبته فمنحنا هيبتنا ولم يكن احد ليتجرأ علينا من الفتوات والرعاع الاخرين ! اي زمن أغبر هذا الذي نعيشه ام انها ببساطة طبيعة الانسان منذ الازل .. ؟! يمجد الجبّارين والطغاة الظالمين وينسى جبروت الخالق وغضبه الحارق اذا تفشى الظلم على أرضه فانه يقلب عاليها سافلها فيمحو الظالم ومعه من ارتضوا ظلمه ! "

ثم يرفع العجوز رأسه للسماء ويدعو بحرقة قلب " اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا منهم سالمين .."

تركه حذيفة وهو عابس ...

يمضي في سبيله مغادرا حي الشيخ بطغاتهم الجدد وصوت العجوز ما زال يصله وهو يكرر نفس الدعاء ..

لم يكن هذا العجوز يعلم ان طاغيهم القديم تحسين قد كسر الله جبروته بالفعل..







محل الصائغ الكبير



يلمح رضا اثناء مروره تلك الزبونة التي تبتسم لعقيل بإغواء مبطن وتحاول مشاغلته وهو يرد على طلباتها ليريها هذا الخاتم او تلك الاسورة ..

يشير برأسه لاحد عماله المخضرمين ان يأخذ مكان ابن اخيه ثم ينادي رضا بصوته الرجولي الهادئ " عقيل .. تعال بني احتاجك في مكتبي .. ودع رفعت يلبي طلبات الزبونة.."

بدا عقيل وكأنه يتنفس الصعداء لتخلصه من تلك المرأة ..

بينما المرأة مطّت شفتيها بغير رضا وهي تناظر انسحاب عقيل بضيق ..

لحق عقيل بعمه الى غرفته الخاصة كمكتب وبينما رضا يلتف حول مكتبه ليجلس على كرسيه قال للشاب المراهق

" تلك الزبونة تحضر لثالث مرة الى المحل خلال اسبوع واحد اليس كذلك ؟"

يرد عقيل ببعض الدهشة " اجل عماه .. لكن كيف عرفت ؟"

يرد رضا متبسما وهو يستقر على كرسيا

" اي زبونة تكثر من الحضور بهذه الطريقة ولا تشتري اي حاجة فمؤكد غايتها ليست الشراء .."

يرتبك عقيل قليلا ويتورد بعض الشيء في خجل امام عمه الاكبر ليضيف رضا بترقق لا يخلو من الحزم " حاجتها اما سرقة المصوغات وانت تعرضها عليها او .. سرقتك انت شخصيا يا فتى .. فما رأيك ؟"

احمر عقيل بشدة والتمع في عينيه الانفعال والحرج ثم اخذ يدافع عنه نفسه بالقول

" انا لم اشجعها اقسم بالله عماه .. كنت احاول جهدي ان أكون مؤدبا معها واتحاشى الاحتكاك بها .. لكنها تترك الجميع في المحل وتصر ان تتعامل معي "

يحتوي رضا هذا الانفعال ليراضيه بالقول

" لن تكون تربية بيت الصائغ اذا شجعت امرأة من عينتها على التمادي معك .. انا انبهك فقط بنيّ كي تأخذ حذرك .."

يهز عقيل رأسه ثم يحنيه قليلا متململا في وقفته امام عمه يشعر بالضيق من هذا الموقف.. يعترف لنفسه فقط انه للحظة عابرة اعجبته مشاغلة المرأة له رغم عدم اعجابه بها شخصيا ..

شعر بالسخف من غروره الذكوري التافه..

وكأن رضا يستمع اليه فيخفف عنه بالقول

" النساء يصبحن ماكرات احيانا ويعرفن كيف يرضين غرور اي رجل.. "

يرفع عقيل وجهه لعمه بينما يضيف رضا

" زبائننا هنا معظمهم مع النساء من مختلف الاعمار والاشكال .. وبضاعتنا غالية وتزغلل العيون وتثير المطامع .. لكن بالتدريب تعرف كيف تصون نفسك .. كيف تغض بصرك عن نظرة الحرام التي تفتح ابواب الشيطان.. "

يهز عقيل رأسه باستيعاب عندما قطع صوت خلوتهما " السلام عليكم .."

جاء صوت رعد من عند الباب فيلتفت اليه عقيل ويرد السلام مع عمه ثم يشير رضا لعقيل كي يعود لعمله..

بخروج عقيل يقترب رعد ليصافح رضا الذي وقف لاجله كي يسلم عليه .. ثم دعاه رضا للجلوس ..

دقائق شعرها رعد عصيبة للغاية بينما رضا يستأذن ليرد على مكالمة هاتفية ..

كان ينظر لرضا ويشعر بهيبته المؤثرة تمسه وتشعره حتى بالذنب دون سبب واضح .. لكنه عزم الامر ولن يتراجع .. ليلة الامس كانت واحدة من الليالي الطويلة والشاقة للغاية .. ليلة لم ينم فيها الا قليلا .. واول ما فعله في الصباح ان ذهب للجامعة تدفعه غيرة مجنونة لا يفكر في مدى أبعادها بل يتركها تتسع داخله وتقوده الى هناك كي ينهي موضوع الدكتور سامان بنفسه ..وقد حقق بغيته ..

لم يكن يعلم ان مشاعره المستنفرة المحتدمة هذه تشتعل في نظراته الشاردة .. نظرات التقطها رضا وهو ينهي المكالمة ..

قال رضا اخيرا ليلفت انتباه رعد الشارد " اذن انت تريد رقية زوجة لك .."

التفت رعد برأسه لينظر الى رضا ولم يتردد لحظة وهو يؤكد " نعم .. "

عندها اعتدل رضا في جلسته ليقول بهدوء

" بما اننا ثبتنا موقفك اذن نتكلم بشكل مفصل .. اريد ان اعرف عنك كل شيء .."

جف ريق رعد فجأة ! ولولا انه صائم لطلب شرب دلو ماء ... ليضيف رضا بما خفف عنه قليلا " مؤكد لا اطلب معرفة امورا خاصة وشخصية لا تهمنا في شيء .. لكن .. انت تعرف ما اعنيه .. يجب ان نعرف انت من اي بيت وما هي ظروفك العائلية والمعاشية .."

استعاد رعد هدوءه وبدا العزم على وجهه فيقول " اسمي الكامل رعد عبد الناصر العبيدي .. والدي توفي باكرا بسبب مرض السكري .. كنت في السادسة عشرة .. ثم لحقت به امي بعد.. عام واحد.. بسكتة قلبية مفاجئة.."

يتمتم رضا بالترحم لوالديه بينما يطرق رعد وذاك الوجع القديم يبزغ في قلبه وملامح وجه امه الساكنة سكون الموت !

ولما تذكر المزيد تشبث بذاك العزم حتى يرتبط برقية .. أضاف وهو يتنحنح كي يجلي حنجرته " لي اخ يكبرني بست سنوات .. عصام .. كان متزوجا عندما توفي ابي .. ثم هاجر بعد وفاة امي .. هو مستقر مع عائلته في استراليا والعلاقات بيننا فاترة للغاية .."

يساله رضا بتلطف " وماذا عن اقاربك ؟ اعمامك واخوالك ... هل لك احد هنا في العاصمة او في محافظة اخرى ؟ "

يرد رعد وهو يهز رأسه نفياً " ليس لي الا عم واحد .. هو الاخ الاكبر لوالدي .. ولا اعرف احدا اخر من اقاربي .. خاصة بعد سفري لكندا وغيابي لعشر سنوات .."

فيسأل رضا بصبر " اسم عمك عبد السلام اليس كذلك ؟ اليس هو من سكنت معه بعد وفاة والديك ؟ اذكر عبد الرحمن ذكر هذا مرة امامي .."

بضع حبات عرق تجمعت فوق جبين رعد..

يتذكر اياما غابرة من مراهقته البعيدة الحاضرة دوماً في وجدانه ..

قال اخيرا ليرد على رضا بصعوبة " نعم .. اسمه عبد السلام .. له مصانع مناديل ورقية مشهورة .. و.. عشت معه عامين بعد وفاة .. امي ورحيل اخي .. ثم ... تزوج من .. فتاة .. ورحلت انا مهاجرا في يوم .. زواجه .."

لم يكن عصيا على رضا ليفهم ان علاقته بعمه سيئة للغاية .. ثم تلك الاشارة المتلكئة ان عمه تزوج بـ(فتاة) ليست مبشرة خاصة وان سفر رعد كانت في نفس اليوم..

فضل رضا الابتعاد عن هذه الخصوصيات وعدم احراج رعد اكثر لينقل الحوار الى جهة اخرى هي المهمة من وجهة نظره

" ما فهمته منك انت ورقية البارحة وايضا من تلميحات سابقة لعبد الرحمن ان علاقتك بعمك غير جيدة .. لا اريد التدخل ولا حشر نفسي لا سمح الله .. لكن على الاقل اعطني سببا واحداً لهذه القطيعة .."

رغم ان رعد حضر نفسه تماما لهذا السؤال الا انه لم يتصور صعوبة الرد عليه في الواقع ..

تحامل على نفسه وعلى تلك المعركة الدائر رحاها في اعماقه ليرد على سؤال رضا بشرح مفصل

" وا... والدي كان شريكا لعمي في المعمل .. لكنه شريك دون اوراق رسمية .. ثم بعد هجرة اخي.. انا ايضا .. هاجرت.. واعترف انه كان يرسل الي المال .. لكن كله من الارباح.. لم يرسل لي نصيبي في حق ابي بالمعمل .. وفي السنوات الاخيرة بات ما يرسله لا شيء .. ثم عندما عدت .. لم ارتح لبقائي في بيته و.. حصلت .. بعض المشاكل .. ثم غادرت كما تعلم وسكنت عندكم.. وعندما توعك عمي ذهبت اليه في المستشفى .. كنت حقا اريد الاطمئنان عليه .. لكنه غضب مني فجأة وقال اني اريد ان اخذ المال منه .. او اريد ان ارثه .. ثم طردني وطلب ان لا اريه وجهي مرة اخرى.."

لا يصدق رعد انه قال كل ما قاله ..

لا يصدق انه فعلها حقا ليعطي هذه التفاصيل دون ان يأتي على ذكر غيداء ..

ورغم الحقيقة المنقوصة شعر بالارتياح ..

لا يعلم كيف شعر بكل هذا الارتياح وهو ينظر لملامح وجه رضا الصائغ المستمعة ..

لقد كان يستمع اليه بمنتهى الاهتمام .. وشعر رعد بارتياح مضاعف لانه لم يكذب فيما قاله لهذا الرجل المميز سخي الروح كريم النفس والاصل..

ربما اخفى عنه سر بلائه وابتلائه .. لكنه لم يكذب عليه في حرف واحد حول عمه...

شعر فجأة بالاسترخاء والثقة .. بل والعزيمة لاقناع رضا بزواجه من رقية ..

قال رعد بهذا الشعور الايجابي الثائر في روحه

" انا جمعت بعض المال من غربتي في كندا .. مجرد مبلغ بسيط .. واعمل طبعا مع رباب في دار الازياء كما تعرف .. كما احمل الجنسية الكندية بالطبع .. استطيع العودة الى كندا واخذ رقية معي ان لم تتيسر الامور هنا.."

يبتلع ريقه وهو يرى شبح ابتسامة لرضا ليضيف " لكني اريد البقاء هنا .. ابحث عن سكن منذ فترة لاستقر فيه .. وسيكون مؤكد لي ولرقية عندما نتزوج .."

يطرق رضا بنظراته وهو يقول " هذا التفاصيل سنتناقش بها لاحقا .. عندما نتكلم مع صاحبة الشأن .. ووالدة صاحبة الشأن .."

عندها قال رعد بنوع من التلهف " هل يجب أن اكلم الخالة ابتهال اليوم ؟ اقصد ماذا يفترض أن افعل كخطوة تالية ؟ انا لست جيدا بهذه الامور .. وظروفي مختلفة .."

يتبسم رضا وهو يرفع عينيه لرعد قائلا

" خالتك ابتهال مع حبيبة .. وستظل معها ليومين تراعيها مع المولود الجديد .. وانا من سيكلمها في الوقت المناسب .... ربما غدا او بعد غد .. ويفعل الله خيراً.."

تتقبض يد رعد فيخفيها بعيدا عن انظار رضا ويسأل بتوتر " لكن .. هل انت موافق ؟ اقصد.. اريد أن اعرف رأيك انت .."

للحظات طوال حدق فيه رضا صامتا .. ربما يستطيع ان يتغاضى عن شكليات الخطبة المتعارف عليها .. كيوم الشربت او حضور عائلته وبعض اقاربه.. يمكنه تقدير ظروف رعد الخاصة .. ويتقبله كانسان عرفوه خلال الشهرين الماضيين وكسب محبتهم وثقتهم ..

لكن فراسته تخبره ان رعد يخفي امرا .. ربما امر يخصه وحده .. لا يعلم بالضبط ...

قال رضا اخيرا " انا لا مانع عندي يا رعد .. لقد عرفناك واحببناك ويكفي انك كنت خير صاحب لعبد الرحمن في غربته.. وانا اثق بحكم اخي الاصغر وهو يثق بك في المقابل .. لكن ... الشأن لصاحبته وامها.."

شع وجه رعد راحة .. راحة خالصة رقراقة ..

احساس غير مألوف.. جديد.. منعش ..

احساس انه بات يرى انعكاس صورته في عينيه ...!

استرخت قبضته وقلبه أخذ يقرع كالطبول..

انه مقدم على الزواج حقاً .. لقد فعلها وخطا هذه الخطوة ..

تجيش المشاعر وقلبه يرعد رعدا في صدره..








يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس