عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-18, 10:58 PM   #11119

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

قال لقمان :- هل أنت متأكد من العنوان ؟؟
قال ثروت بهدوء :- لقد احتاج الأمر للكثير من الجهد و الوقت كي أصل إليه .. كان علي الاتصال ببعض معارفك كي أتمكن من الوصول إلى معلومات كهذه .. خاصة وقد مر على قضيتها ما يزيد عن عقدين ... عائلتها انتقلت من مقر إقامتها القديم عدة مرات .. والدها مات منذ سنوات قليلة ... شقيقها مسافر .. وشقيقتها تعيش مع عائلتها على بعد شارعين ... في حين تقيم والدتها هنا وحدها ..
أومأ لقمان برأسه .. فقال ثروت بقلق وهو يلاحظ شحوب وجه لقمان :- ربما لم يكن من الحكمة أن تغادر المنزل .. أنت لم تتعافى بعد .. كما أن زوجتك ستضع اللوم علي فور اكتشافها خروجك قبل استيقاظها ..
ابتسم لقمان بمزيج من التسلية والحنين وهو يتذكر نزعات بحر الحمائية التي كانت تظهرها اتجاهه بكثافة منذ نجاته من الاختطاف .. وقال :- لا تقلق ... إن كان هناك من سيعاني من بطش بحر .. فلن يكون أنت ..
كاد ثروت يضحك ... الراحة تغمره وهو يلاحظ التأثير الجذري لوجود بحر على حياة لقمان .. ربما في الأسابيع الأولى التي سبقت نجاته ... بدا وكأنه يغرق أكثر وأكثر في ظلمة ماضيه التي أرغمه اختطافه على أن يعود ليخوض فيه من جديد .. إلا أنه ومنذ أيام .. بدأ يستعيد نفسه القديمة ...
لا .... لم تكن نفسه القديمة ... لقمان المبتسم الآن أمامه وهو يفكر بغضب زوجته ... هو لقمان جديد لم يسبق لثروت أن عرفه من قبل ..
فتح السائق الباب للقمان فور وصول السيارة إلى المكان المنشود ... ترجل برفقة ثروت وهو يرفع رأسه نحو المبنى المتهالك ... تبادل نظرة سريعة مع ثروت قبل أن يتجها إلى المدخل المتواضع ..
في الطابق الثالث .. وبعد طرق ثروت للباب عدة مرات .. فتحته امرأة عجوز وهي تغطي رأسها بوشاح أبيض ... تنقل بصرها بحيرة وقلق .. وشيء من الخوف بين الرجلين الضخمين .. قالت بوجل :- من أنتما ؟ وماذا تريدان ؟؟
قال لقمان بهدوء :- أهذا منزل عائلة السيدة فاطمة خليل ؟؟
وجه المرأة فقد ألوانه ... ثروت كان قادرا على رؤية الماضي الأليم فوق صفحة وجهها المليئة بالتجاعيد .. على رؤية الألم الذي تصاحب مع زواج ابنتها من رجل اتضح أنه رجل عصابات .. الحياة الصعبة التي راقبتها تعيشها دون أن تتمكن من فعل أي شيء .. ثم اختفائها في ظروف غامضة دون أن يتمكن أحد من العثور على دليل واحد يدين زوجها ..
قد يتابع الناس حيواتهم مع مرور الوقت وكأن شيئا لم يحدث .. إلا أن قلب الأم لن يتمكن أبدا من أن ينسى ..
عندما طلب لقمان من ثروت أن يبحث عن عنوانها شعر ثروت بالحيرة والدهشة .. هو نفسه كان قد نسي تقريبا تلك المرأة التي كان يذكر وجودها بشكل مبهم في ماضيه .. لقد كان أصغر عمرا من أن يضع لها وجها .. إلا أنه كان يذكر الطريقة التي كانت دائما تواسي فيها حياة ... كيف كانت تضمد جراحهم .. وتوفر لهم الأطعمة من وراء سجانيهم .. يذكر أنها اختفت مرة واحدة .. إلا أنه عرف لاحقا أنها قد ماتت مقتولة دفاعا عنهم .. وأن لقمان .. كان قد شهد مقتلها ..
ما الذي ذكر لقمان بها ؟؟ ودفعه فجأة للبحث عن آثارها ... هو لا يعرف ... إنما هو يقدر بأن ما مر به لقمان خلال الأيام التي قضاها مخطوفا قد يثير فيه ذكريات ظن بأنه قد نسيها .. وقد يفتح أبوابا كانت مواربة .. ليجد الحاجة بعدها لأن يغلقها تماما .. وثروت لا يمانع القيام بأي شيء يريده لقمان .. مقابل أن يشفى ..
هتفت المرأة العجوز بصوت مشبع بالقهر :- لقد ماتت ... فاطمة ماتت منذ سنوات طويلة .. ما الذي تريدونه منها بعد .. دعوها ترقد بسلام ..
قال لقمان بهدوء :- نحن لا نريد شيئا .. نريد أن نتحدث إليك فقط .. نحن كنا نعرفها .. السيدة فاطمة .. كانت صديقة لنا قبل أن تموت ..
اكتسى وجه لقمان بالظلمة وهو يقول :- أنا كنت آخر شخص رآها قبل أن تموت ...
اتسعت عينا المرأة وهي تنظر إليه ... تقدر عمره بسرعة .. وتدرك شاحبة بأنه لا يمكن له أن يكون قد تجاوز سن المراهقة عندما حدث هذا ...
لانت ملامحها ... وتلاشت دفاعيتها وهي تفسح لهم الطريق قائلة :- تفضلوا بالدخول ..
في الغرفة الصغيرة المتواضعة الأثاث ... قدمت المرأة الشاي لهما .. ثم جلست أمامهما وهي تقول بهدوء وسكينة .. وكأنها بعد كل هذه السنوات قد وصلت إلى نوع من السلام مع حقيقة موت ابنتها :- لم يعثر أحدهم على جثتها قط ... اختفت مرة واحدة دون أن تترك أثرا .. زوجها أعلن بأنها تركت البيت ذات يوم دون أن تعود .. إلا أننا جميعا كنا نعرف بأنه كان المسؤول عن موتها رغم افتقارنا للأدلة ...
تنهدت قائلة :- هي لم ترغب حقا بالزواج منه .... عندما تقدم لها ... قدم ما يكفي من الإغراءات كي تتغاضى عن قلقها من الغموض الذي أحاط بشخصه .. وتقبل به .. لقد كان مستعدا للإنفاق على تعليم ابني الذي كان في الجامعة آنذاك ... وعلاج زوجي المريض .. فاطمة كانت دائما شخصا يفضل الآخرين على نفسه ..
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تنظر إلى كل من لقمان وثروت ... الذين حكيا لها فور دخولهما شيئا بسيطا بعيدا قدر الإمكان عن بشاعة الواقع مما حدث ... عن عمل زوج ابنتها الي لم يعرف أحدهم عنه شيئا ... عن استغلاله للأطفال ... ودفاعها عنهم .. وفي النهاية .. موتها لأجلهم ..
قالت بحزن :- بعد أكثر من عشرين عاما ... أن أعرف يقينا أنها ميتة بعد كل هذا الوقت من التفكير .. بمكانها .. بأمانها .. إن كانت سعيدة أو تعسة ... وأن أعرف بأنها قد ماتت ميتة تبعث الفخر في نفسي .. ماتت دفاعا عن مبادئها ورفضها للخطأ .. يبث السكينة في نفسي ... شكرا لكما .. لحضوركما إلى هنا .. ولتكبدكما عناء إخباري رغم معرفتي صعوبة الأمر عليكما ...
تناولت صورة مؤطرة صغيرة من فوق المنضدة المجاورة لها ... تأملتها طويلا .. تفيض من عينيها الدامعتين نظرات تشبعت بالحب والحزن والخسارة ..
مدت يدها بالصورة نحو لقمان ... الذي تناولها منها .. وظل لدقيقة كاملة ينظر إليها ... على صفحة وجهه الأسمر الوسيم ... ترتسم تعابير غريبة .. قبل أن يقول بصوت أجش :- رحمها الله ...
أعاد الصورة مكانها فوق المنضدة .. ألقى ثروت نظرة فضول نحو الصورة ... يبحث في تفاصيلها عن ذكريات ما عادت واضحة في أعماق عقله ... ليجمد مكانه تماما وهو يميز الوجه الأسمر للفتاة العادية الجمال التي كانت تحدق به من خلال الصورة ... الملامح الحزينة ... الضحكة التي تنم عن إرادة لا يستهان بها رغم كل شيء .. القامة النحيلة ... تلك التي يذكرها جيدا مغطاة بالزي الرسمي المخصص للممرضات العاملات في المستشفى حيث ترقد جمان في غيبوبتها ..
أجفل كل من لقمان والسيدة العجوز عندما هب من مقعده ينتشل الصورة من مكانها ... عيناه واسعتان وهما تحدقان بها ... لقمان قال بتوتر :- ثروت ... ما الأمر ؟؟؟
قال ثروت بصوت مكتوم :- أعتذر عن تساؤلي ... إنما ... لديك ابنة أخرى غير فاطمة ... صحيح ؟؟؟
:- آه ... زينب هي الأخت الكبرى لفاطمة ... لا تزورني في الفترة الأخيرة لانشغالها بالتحضيرات لزفاف ابنها .. هل أنت بخير يا ولدي ؟؟
بوجه شاحب .. ويد مرتجفة .. وضع ثروت الصورة مكانها ... ينظر إلى لقمان بتشوش ذهن .. باضطراب و ... و خوف ..
لقمان التقط كل هذه المشاعر مرة واحدة ... واستوعبها تماما ليقف ويقول بهدوء :- أعتذر عن أخذنا الكثير من وقتك ... شكرا لاستقبالك لنا ..
لم تر المرأة .. في حين لاحظ ثروت .. الظرف الممتلئ الذي تركه لقمان فوق المنضدة .. إلى جوار الصورة وهو يغادر مكانه ... ثم يغادر الشقة المتواضعة برفقة ثروت ..
داخل السيارة ... ساد الصمت بينهما لدقائق .. قبل أن يقول لقمان بهدوء :- ما الذي حدث هناك يا ثروت ؟؟
قال ثروت بصوت مكتوم رادا على سؤال لقمان بسؤال آخر :- ما الذي ذكرك بها الآن يا لقمان ؟؟؟ ما الذي دفعك للبحث عنها بعد كل هذه السنوات ؟؟
لم ينظر إليه لقمان ... بل قال بهدوء :- لنقل أن ما مررت به ... جعلني أتذكرها فجأة .. وذكراها هذه .. كانت الشيء الذي أبقى على تعقلي خلال تلك الأيام ..
صمت ثروت للحظة ... ثم قال بصوت خافت :- لقمان ... هل .. هل تؤمن بالأشباح ؟؟
التفت نحوه لقمان مجفلا ... يحدق بوجه ثروت الشاحب .. قبل أن ينتفض شيء داخل صدره وهو يقول بصوت أجش :- أظنني لم أكن الوحيد الذي يدين لها في النهاية ...
لم يقل ثروت شيئا ... كما لم يقل لقمان المزيد .. بينما السيارة تتحرك فيهما بعيدا عن آثار المرأة التي وعدتهما يوما بأن تحميهما ... ففعلت ... إنما بعد أكثر من عشرين سنة من وفاتها ..





يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس