عرض مشاركة واحدة
قديم 28-07-09, 10:26 PM   #6

na3no3a
 
الصورة الرمزية na3no3a

? العضوٌ??? » 89513
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » na3no3a is on a distinguished road
B11 1ـ في شباك المال

رأت الفم الحازم يلتوي قليلا، وكأنه كان يستمتع بنكتة قالها. لكن صوته بدا هادئا وهو يتابع:" إذا كنت تنوين أن تستغلي مؤهلاتك الممتازة في العمل فلماذا تزوجت فور تخرجك من الجامعة، ولماذا سارعت إلى إنجاب طفل بعد أشهر؟ هذا لا يبدو مفهوما، يا سيدة ألن"
يا للوقاحة! فكرت في نكتة ساخرة تجيبه بها، ثم تتجاهل سؤاله الذي اعتبرته تطفلا، ولهذا كان صوتها باردا وهي تجيب:" سواء أكان ذلك مفهوما أم لا، فهذا ما حدث، يا سيد كين، وهو شأني وحدي"
شعرت بالغثيان.. لا بأس، فقد واجهته بجواب جيد ومناسب، وهي لم تعد تريد وظيفته على أي حال!
توقعت جوابا جارحا.. شيئا يلسعها ويعيدها إلى مكانها، ولكنه استقام في جلسته وعاد يختم الأوراق وهو يقول بصوت عملي:" هل تعرفت إلى زوجك في الجامعة؟"
ـ نعم
كان جوابا مختصرا للغية، لكنه لم يرفع بصره.
ـ وأرى أنك أصبحت أرملة بعد أقل من ثلاث سنوات. لا بد أن ذلك كان صعبا عليك.
لم يكن لديها ما تقوله، فبقيت صامتة، لكنه لم يتوقع تعليقا، كما يبدو، لأنه تابع على الفور:" هذا يعني أن ابنتك كانت في الثانية من عمرها عندما أصبحتما أسرة دون رجل؟"
ـ نعم
ـ هذا صعب
لأول مرة كان صوته العميق الأبح أثر واضح من لحرارة فأثار ذلك أعصابها إنما لم تدر لماذا، وانتبهت فجأة لى عرض كتفيه وعضلاته البادية.
اضطربت أفكارها، وما لبث لوكاس كين أن رفع رأسه، وضاقت عيناه إزاء وجهها المضطرب وسألها بهدوء:" هل يزعجك أن نتحدث عن ذلك"
أومأت كيم.. فهذا آمن الخيارين إذ شعرت بالسرور لسوء فهمه سبب اضطرابها.
ـ أظنك تتفهمين اضطراري إلى السؤال عما إذا كان لديك ترتيب خاص لابنتك فيما لو اضطرك عملك للغياب عن بيتك عدة أيام؟ ظروف كهذه هي عادية في هذا المكتب.
ـ نعم لدي ذلك
وبدا شعور بالولاء في عينيها البنيتين الواسعتين أمام التفهم البادي في عينيه اللتين كانتا تتأملانها بدقة رغم عدم انتباهها لذلك. وقالت بسرعة:" بقيت ميلودي عامين كاملين في حضانة للأطفال قبل أن تبدأ بالذهاب إلى المدرسة في أيلول، وقد أحبتها كثيرا. والمدرسة تقدم ناديا للأطفال بعد انتهاء الدراسة اليومية فيبقى مفتوحا حتى الخامسة والنصف وذلك لمساعدة الأبوين العاملين. ولكن إذا لم أكن موجودة لأستلمها، فهناك صديقة طيبة تسكن قريبا مني ولا تعمل، فإذا اضطررت إلى رحلة عمل، فسيسر ماغي أن تأخذها عندها مهما طال غيابي.
ـ يا لها من صديقة حسنة!
كانت جملة هادئة لا تعبير فيها ولكن كيم شعرت بأنها تتضمن نقدا بلهجة ناعمة. ضاقت عيناها ونظرت بعنف إلى الوجه الرجولي الخشن أمامها، ثم قالت: " نعم، إنها كذلك، وأنا محظوظة جدا بصديقة مثل ماغي"
ـ أليس لديك أقارب يعيشون قربك؟
ـ لا. كان زوجي وحيدا لوالديه وهما الآن في الستينات من العمر. أبوه مريض الصحة لهذا نادرا ما يغادران اسكتلندا، حيث يعيشان.
ـ وأسرتك؟
لم تعرف ما شأن هذا بوظيفتها
ـ ليس لدي أقرباء
ـ لا أحد أبدا؟
بدا عليه عدم التصديق نوعا ما. ففكرت في أنها لا تلومه.
ـ تيتمت وأنا صغيرة، فعشت فترة مع عمة عجوز ما لبثت أن ماتت وتركت ميراثها لأفراد أسرتها فوضعوني في ملجأ للأيتام.
برقت عيناه الفضيتان لحظة، بينما تابعت تقول:" المفروض أن يكون لدي أقرباء في مكان ما، لكن لا رغبة عندي في اقتفاء أثر أي منهم. لقد كونت حيتي الخاصة بالشكل الذي أحب"
عاد يتكئ إلى الخلف وعيناه لا تبارحان وجهها:" فهمت"
ولكن ما الذي فهمه بالضبط، فهذا ما لم تكن واثقة منه.
ـ بعد موت زوجك، اشتغلت في شركة كيرتس وبراكلي، صح؟ ثم أفلست الشركة منذ أربعة أسابيع
كان قد عاد يقرأ أوراق الطلب، فشعرت براحة للخلاص من نظراته الشبيهة بأشعة الليزر فقالت:" وهذا ما دفعني إلى تقديم طلبي هذا عند رؤيتي الإعلان"
ـ السيد كيرتس، كما يبدو، يهتم بك كثيرا لأن شهادته فيك رائعة.
وهي تستحقها فلطالما عملت ساعات إضافية، وما أكثر ما استدعوها في العطلة الأسبوعية إلى المكتب. لم يكن بوب كيرتس يشعر بأي وخز ضمير وهو يستغلها إلى أقصى حد لكن الراتب كان جيدا والشركة قريبة جدا من حضانة ميلودي.
كان بوب كيرتس رقيقا لطيفا معها، ولم تجد في إدارة مكتبه الصغير أي إجهاد. وعندما أدركت أن لوكاس كين ينتظر جوابها، قالت:" كانت شركة عائلية لطيفة"
فجاءها الرد الجاف بينما اشتبكت عينا النسر في عينيها:" كين الكتريكال ليست شركة عائلية لطيفة. أتظنين نفسك قادرة على الانتقال من مرحلة إلى أخرى؟"
ما قاله لم يكن مزعجا بل طريقة التلفظ به، ما لمس فيها وترا حساسا، فأجابت بسرعة وإيجاز:" لم أكن لأضيع وقتك أو وقتي سدى في تقديم الطلب لأجل هذا العمل لو لم أكن قادرة عليه"
رأت حاجبيه الأسودين ينعقدان وفمه يتوتر. لكن جين اختارت تلك اللحظة بالذات لتدق الباب ثم تدخل بصينية القهوة فشعرت كيم بسرور لم تشعر بمثله في حياتها قط. كانت تعلم أنها متوهجة الوجه، وأن لهجتها ليست أبدا لهجة تستعملها موظفة نحو رئيسها العتيد، لكن لوكاس كين، السبب.. فهي لم تقابل قط مثل هذا الرجل الشامخ المتغطرس غير المبالي.
ـ هل لديك سيارة، سيدة ألن؟
ـ ماذا؟
كانت قد عادت لتجلس على الكرسي بعد أن تناولت فنجان قهوتها من جين ورفعته إلى شفتيها عندما فاجأها هذا السؤال فأجابت من دون وعي:" سيارة؟"
كانت لهجتها تنبئ عن صبر مبالغ فيه، والواقع أنها أخذت نفسا عميقا وأرغمت نفسها على عدم الرد بحدة. وبدلا من ذلك قالت بهدوء وبرودة:" لا، ليس لدي سيارة"، سيد كين"
ـ لكنني أراك اجتزت امتحانا بالقيادة. هل أنت سائقة موثوق بها؟
كانت عيناه الآن أشبه بنقطتين ضيقتين من الضوء الفضي:" ربما علي أن أسأل إذا كنت سائقة كفؤة؟"
ـ أنا كفؤة وموثوق بها معا. أدخلتني ماغي في بوصلة تأمينها، ولهذا يمكنني استعمال سيارتها متى شئت
ـ آه، ماغي ذات العون الدائم
لم تعجبها لهجته على الإطلاق، وفتحت فمها لتجيبه، ولكنه قال: " إذا قُدمت إليك هذه الوظيفة وقبلتها فستوضع سيارة تحت تصرفك. لا أحب أن تنتظر سكرتيرتي الباصات فتصل متأخرة"
حدقت فيه وهي لا تعرف ما عليها أن تقول. وفكرت بتعاسة أيقول لها هذا لكي تتعرف إلى ما ستخسره عندما يرفضها؟
ـ وسيكون لك بدل ملابس
تابع كلامه برقة وقد تأمل ملابسها لحظة وهذا ما ذكرها بأن طقمها ليس بجودة طقم جين. وتابع:" لدينا هنا في انكلترا مناسبات تحتاجين فيها إلى ارتداء ملابس سهرة، ولكن أثناء الرحلات إلى الخارج يجب أن يكون لديك مجموعة بديعة من الملابس"
إذا كانت وجنتاها قد احمرتا من قبل، فهي تعلم الآن أن وجهها كله أصبح كالشمندر. واعترفت بأنه نبهها إلى وضعها بلباقة كافية، لكن شراء الملابس هو آخر ما تفكر فيه منذ موت غراهام، والواقع أنها لا تتذكر أنها اشترت شيئا جديدا منذ ذلك الحين، والسبب بكل بساطة هو عدم قدرتها على دفع ثمنها...
ـ نعم، فهمت.


na3no3a غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس