عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-18, 10:40 PM   #294

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

الفصل التاسع


"قد فشلتُ دائمًا في كوني مُكملًا لأحدهم، كنتُ فردًا ناقصًا مليئًا بالثقوب، فردًا لا يجيد شيئًا سوى الحب من مسافاتٍ بعيدة"

" نعم ماريا... هل أدخل أم غيرتِ رأيك... بشأني..."

هل يعقل..!!...إنها ترى ماريا أمامها بشحمها ولحمها.... تقف أمامها تريد الدخول فهل هذا حقيقي أم من وحي خيالها...

" ما بك..هل أعود من حيث كنت... "

تصاعدت اللهفة بداخلها وحركت رأسها بطريقة انفعالية وهي تفتح الباب على وسعه وتهتف :
" لا طبعًا.. تفضلي.. "

دخلت ماريا بهدوء شديد وبخطوات حذرة لأن المكان جديد عليها وقادتها أفنان لغرفة الجلوس... جلست على الأريكة الناعمة بينما ظلت أفنان واقفة أمامها وقالت بتوتر :
" هل أصنع لكِ القهوة..."

أسبلت رمشيها وردت بهمس :
" لا... اجلسي أفنان..."

ابتلعت ريقها بصعوبة وجلست أمامها تتنفس باضطراب... خائفة مما قد تسمعه... خائفة جدًا... وبنفس الوقت تتوق له.. ربما سيريحها.. وربما ستنتهي من هذه القصة الشائكة التي سيطرت على ايام حياتها وكبلتها بقيود من نار...
رفعت ماريا رأسها وقالت ببسمة خفيفة :
" كيف حالك..."

بادلتها البسمة وردت بتروي :
" الحمد لله... وأنتِ.."

" بخير..."

خيم الصمت المتوتر على الأجواء... فشعرت أنها وحدها المتوترة... فماريا ملامحها مغلقة وتبدو متماسكة للغاية..... فغرت شفتيها وقالت أول شيء خطر على بالها :
" لقد توظفت بإحدى الشركات منذ فترة..."

لم تتغير تعابير ماريا وكأنها لم تسمعها إلا أنها تابعت بثرثرة غريبة :
" الوظيفة جيدة جدًا.. وأنا سعيدة بها.. ومرتاحة.... وخصوصًا بأنها ضمن اختصاصي... وهذا شي.. لـ..."

" لماذا عدتِ.."

تبعثرت الكلمات من على شفتيها وقالت برغبة لتأكيد ما سمعت :
" ماذا..."

أعادت ماريا كلماتها بثقة ووضوح أكبر وهي تحدق ناحيتها بإصرار :
" لماذا عدتِ إلى هنا... لماذا قررتِ الرجوع بعد عشر سنوات... "
تلكأت الحروف على شفتيها.. وفجأة وجدت السبب الذي ستقوله.. فارغ وباهت ولا قيمة له... لقد كررت ماريا عليها هذا السؤال من قبل وأجابتها... لكن لا تعرف لمَ لا تستطيع الرد بنفس الإجابة اليوم....

لما رأت ماريا منها التردد رفعت حاجبها وقالت بنبرة عتب رقيقة :
" أم علي أن أغير السؤال.. وأقول... لماذا هربتِ من عشر سنوات...."

ثم أبدت لمحة ساخرة كمن يتذكر وأردفت :
" آه... لا تقولي لي بأنك السبب أو ما شابه.... أنا وأنتِ نعرف تمامًا أن ما حدث قضاء وقدر.. ولا يد لأحدٍ به...."

أشاحت بوجهها وشيئًا ما بداخلها يرفض ما تقوله... شيئًا ما يستمر بجلدها بالذنب...ليجعلها غير متسامحة مع نفسها... تمتمت :
" يبدو أنك لا تذكرين شيئًا.... إنها أنا من تسلقت حائط السطح... وأنا من دعتك إليه... "

قالت ماريا بنبرة عصبية.. فقد أثار عناد أفنان ومنطقها الأعوج حفيظتها:
" هل أنتِ مدركة لما تقولينه.... هل أنتِ بكامل عقلك.... كيف ستكونين السبب.. كيف....أخبريني ... هل تفهمين... "

تصاعد تنفسها المتسارع لكنها اطبقت شفتيها وشدت قبضتيها بتشنج ولم ترد.. ماذا ترد.... لتعود كلمات قاسية تجلدها أكثر وأكثر
أنتِ السبب.... أنتِ السبب

حررت إحدى كفيها وضغطت على رأسها علها توقف تردد هذه الكلمات... كلمات كانت كافية بعذابها سنين طويلة....

" أفنان..."

صرخت فجأة بانفعال وهي تقف :
" لكنها أخبرتني بأني السبب... وبأن كل الأمر يقع على عاتقي أنا...أنا وحدي... وحدي..."

تجمدت ماريا وهمست من بين شفتين شاحبتين... تتمنى فقط.. تتمنى أن تكون المرأة التي ببالها ليس لها علاقة أبدًا :
" من هي..."

لتصرخ أفنان هذه المرة فاقدة الأحساس بما حولها :
" خالتي... والدتك... عندما دخلتِ المستشفى وعندما سألتني عن سبب وجودنا على السطح... صرخت بي.. وأخبرتني بأنني المذنبة الوحيدة.... هل فهمتِ.. لذا لا تخبرينني عكس ذلك..."

انحنى كتفها بأسى... كالعادة والدتها... والدتها السبب... السبب بكل شيء... تدمير حياتها.. تهجير طفلة لغير بلدها...هي السبب.....
مسحت وجهها وهي تضغط على أعصابها كيلا تنفجر ثم وقفت واقتربت من أفنان هامسة :
" عندما استيقظت بالمستشفى كان أول اسم نطقته هو اسمك... خيل لي وقتها بأنكِ سقطتِ معي... تخيلي.... ناديتك كثيرًا لكنهم قالوا لي بأنكِ ذهبتِ... سافرتِ مع والديك بعيدًا...... لم أكن بحاجة لا لأمي ولا لأحد قدرك... لكنني لم أجدك أفنان.... انتظرتك طويلًا ولم تعودي..... "

همست أفنان ببهوت :
" ماريا... "

مدت ماريا ذراعها وامسكت بذراع أفنان تستند عليه ثم قالت :
" كان يجب عليك الوقوف بجانبي... عدم تركي... عدم الاستماع لأي أحد مهما كان.... "

رمشت ونزلت دموعها التي كانت تقف على الحافة... وببساطة رغبت بأن تضمها.. وبأن تعتذر لها... تعتذر طويلًا لأنها لم تكن نعم الصديقة... وتخلت عنها بأول محنة.... عادت لتنادي اسمها بتوسل :
" ماريا... "

ابتسمت لها ماريا باهتزاز بينما عينيها تلمعان كزجاج ندي وقالت بصوت مبحوح :
" أتيت اليوم لرغبتي بأن يكون كل شيء واضحًا أمامي... لقد مللت من الصمت والغموض وبت أشعر به يخنقني..... لكن.. لكن اكتشفت الآن بأنني فقط بحاجة للوقت.... فقط وقت استطيع به تقبل ما حولي بنظرة جديدة... وتقبل عودتك...."

شاحبة رأتها تبتعد عنها وترفع كفها تمسح به خدها بكف مرتعش ثم تتحرك جانبًا قائلة :
" سأذهب الآن... إلى اللقاء.... "
واقفة بمكانها راقبتها بعينين غير مستوعبتين تخرج من الباب وينغلق خلفها تلقائيًا... فبقيت هي وحدها تحدق بالجدران والأثاث بنظرة لا شعورية.....

تحركت بخطوات آلية ودخلت غرفتها لتقف أمام المرآة وتحدق بوجهها... وبدلاً من أن تراه مسودًا من الذنب كما كانت تراه دائمًا..... كان ذابلًا باكيًا.. وفجأة ومن دون مقدمات اجهشت بالبكاء العنيف.. بكاء أخرجت فيه كل ما استطاعت من آلام وأوجاع... تلفظها خارجًا..حتى ترتاح ولو قليلًا...
وبعد قليل كان رأسها يرتفع... وشهقاتها تخف حتى توقفت تمامًا... وعينيها يلتمع بهما التصميم...

......................................

" توقف هنا.... "

فور أن شعرت بتوقف السيارة نزلت منها بعجلة وتحركت حتى وقفت على الرصيف وأعطت ظهرها للسيارة والسائق....
أخذت نفس عميق ثم اتبعته بنفس آخر مستنشقة الهواء بنهم.... ودموعها تتطاير وتجف مع تيار الهواء القوي.... ورغم ذلك كانت ابتسامتها تتسع... وتتسع أكثر... وقلبها يصبح أخف.... أخف بكثير...
ولأول مرة تهمس لنفسها بإيجابية :
" ماريا... احسنتِ..."

*********************
كانت ضمن عائلتها.... محاطة بعمها وزوجته... وسناء تجلس بجانبها وتناغشها بمرح.... أما معاوية فهو يقف على بعد عدة خطوات لكنه يبتسم لها ابتسامة واسعة..... وعينيه ترسلان لها كل معاني الحب.....
ابتسمت سعيدة ثم التفت جانبًا على صدى صوت ينادي باسمها :
" شمس حبيبتي...."

اشتعلت عينيها شوقًا ووقفت تنادي بلهفة :
" أمي... أين أنتِ.."

عاد ذلك الصوت الذي يتدفق رقة وحنان يقول :
" أنا هنا صغيرتي.. تعالي شمس..."

اقتربت من مصدر الصوت لتبصر جسدين واقفين أمام باب الغرفة لكن لسبب ما وجههما مشوش ولم تستطع تبين ملامحه.. عبست وقالت بقلق :
" أمي... أبي..."

انطلق صوت رجولي يقول بعطف :
" صغيرتي... اشتقنا إليكِ"

هتفت باكية وهي تقترب منهما ترغب بالارتماء باحضانهما
" وأنا أيضًا اشتقت لكما... جدًا.. جدًا..."

شعرت بذراعين يضمان كتفيها ومعاوية يقول بلطف :
" حبيبتي إلى أين أنتِ ذاهبة... هل ستتركيني... "

نظرت عاجزة له ثم لوالديها ثم عادت لتنظر له بضعف فضمها لصدره وتسللت رائحته الجميلة إلى أنفها فأشعرتها بالاطمئنان.....
وفجأة الرائحة الجميلة تحولت إلى رائحة منفرة كريهة.... وشعرت بالمكان يتغير حولها... وهواء ساخن حريقي يحيطها..... وقبل أن تصرخ.... فتحت عينيها...

فتحتها على وجه مشوه قريب منها جدًا لدرجة أن أنفاسه المحملة برائحة بشعة تصفع وجهها... فزعت وابتعدت للخلف تنظر حولها.... أين معاوية.... أين والديها..... أين الجميع.....
استدركت كل شيء مرة واحدة... فهي الان ليست بحضن عائلتها وحنانهما.... إنها حبيسة شخص مخيف يحدق بها بنظرات مرعبة....
سمعته يقول بتعثر :
" شمس... شمس... هل استيقظتِ.."

نهضت تبتعد عنه لآخر الغرفة.. فهو يبدو بحالة غير طبيعية... لتجده ينهض بأثرها مترنحًا وهو يقول بعدم تركيز :
" إلى أين ستذهبين.... لن أجعلك تذهبي... يحب أن تكوني معي..."

اقترب منها فتحركت بذعر عن مرمى خطواتها ثم اتجهت للباب تحاول فتحه فوجدته بإحكام.....
" سأ.. سأتكلم معك... فقط... لماذا ستهربين..."

هتفت بجنون والذعر يتلبسها من رأسها لأخمص قدميها :
" لا أريد الكلام معك... لا أريد.... اذهب واتركني "

تصاعد صراخها وهي تحس به يمسك بها ورغم ترنحه وعدم اتزانه كان يتفوق عليها قوة وحجمًا.... وقعت على الأرض وعاركت بقدميها ويديها حتى تبعده عنها لكنه لم يتحرك قيد نملة....
بل كان يتشبث بقدميها ويحاول سحبها إليه..... حفرت أصابعها بالأرض بقوة حتى تكسرت بعض أظافرها وهي تصرخ... وتصرخ دون وعي....
ما هذا الجحيم التي وقعت به..... وكأنها ببئر عميق مليء بالماء القذر وكلما حاولت الصعود لتخرج... وكلما حاولت الصراخ عل أحد ينجدها... لا فائدة....

سمعت تآوه خشن يصدر منه إثر اصطدام قدمها بأنفه بعنف ثم ارتخت يديه عنها.... فالتفت إليه لتجده مرتمي على الأرض دون حركة....
تحركت بسرعة واقتربت منه بحذر تفتش عن مفتاح الباب لتجده بجيب بنطاله.... سحبته ببطء شديد ثم ادخلته بالباب بحركات مضطربة وهي تسمح عينيها من الدموع كل حين حتى ترى جيدًا......

إلا أن يديها تراخت عن الباب وجسدها انسحب بعيدًا.... وآخر صرخة لها اختفت وتلاشت.. كذرات الهواء....

يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس