عرض مشاركة واحدة
قديم 16-10-18, 09:16 PM   #7525

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

فجر اليوم التالي .. الجمعة ...



بيت سعدون القاضي .. غرفة رعد



يغط في نوم عميق لذيذ بل حتى كان يبتسم وهو يحلم انه مع رقية يركضان كطفلين ويتضاحكان خاليا البال كمراهقين ويقبلان بعض احيانا قبلات حارة خاطفة متعطشة ثم يعاودا الركض ويداهما في احتضان دافئ دائم...

رنين مزعج جعل خطوط احلامه تتبعثر حتى تلاشت الصور ليستيقظ مرغماً وهو يشتم بالانجليزية ...

زفر بقوة والرنين المزعج المتواصل لم يتوقف.. يمسح وجهه بكفيه قبل ان يميل بجذعه جانبا ليلتقط هاتفه فيتفاجأ برؤية رقم غريب.. لم يفكر الا انه اتصال خاطئ ففتح الخط وهو يقول بنعاس وبعض النزق

" من معي ؟!

جاءه صوتها كغمائم سود تغزو احلامه

" هل انت نائم ؟"

ينقبض قلبه بشدة وهو ينطق اسمها كأنه يتأكد انه لا يحلم " غيداء ؟!"

فترد بهمس مثير " نعم .. هي انا .. وهذا رقمي الذي لم تسجله ابدا ..."

يسحق اسنانه ويرد بنبرة نفور وقسوة تفور بها جوانجه في ثورة عارمة طال كبتها

" لا تتصلي مرة اخرى .. هل تفهمين .. لو اتصلت الف مرة من الف رقم فلن يتغير شيء .. انت تضيعين وقتك ووقتي .. "

لكنها ترد بنبرة جعلت جلده يقشعر " انا ضيعت الكثير .. لكني لن اضيع القادم اعدك .."

كان يقاوم .. يقاوم بشراسة احاسيس كثيرة داخله .. احاسيس كانت متشابكة بقوة مع بعض فلم يكن يميزها .. الان يشعر ان هذه الاحساسي تتفكك .. الان بدأ يميز ما يحصل او .. ما كان يحصل معه لاكثر من عشر سنوات ...

يشعر بالقوة .. بالوضوح .. فيخرج اسمها من بين شفتيه " غيداء .."

ترد بهمس متلاعب " نعم .."

فيهمس بخشونة وكره يطفو على سطح تلك المشاعر " go to hell(اذهبي للجحيم) "

لكن غيداء لم تجعله يفرح كثيرا بمشاعره الايجابية الوليدة لتصدمها بقسوة ضارية

" عبد السلام .. مات ..."

شعر وكأنه زجاج تهشم بقبضة !

صدمة شلته بينما يأتيه سؤال غيداء بعيدا .. بعيدا " رعد .. هل تسمعني ؟"

يتمتم كأنه اصيب بمس جنون " ماذا.. قلت ؟"

ترد بصفاقة " قلت ان عبد السلام مات البارحة .. تستطيع حضور عزائه اليوم ... لو.. احببت .. لقد عدنا من دفنه للتو .. وميض لم يرد اخبارك لكني ... "

اغلق الخط قبل ان يسمع تتمة كلامها وانساب الهاتف من يده الى حجره وعيناه جامدتان ككل جسده ...

لحظات بعدها ثم ... تقلص جسده منتفضا ..

غمر وجهه بين كفيه بعنف وجسده يختض بانفعال مخيف لتحرق عينيه دفقاً من دموع ساخنة هطلت دون شعوره ...







عصراً .. عزاء النساء ..

بيت عبد السلام العبيدي





وجوه باردة غريبة تجلس في عزاء رجل (غريب) ! الميت لم يكن الا رجل عاش اخر سنوات عمره معتزلا الحياة مع الناس تقريبا حتى غدا غريبا عنهم وغريبين عنه ...

النسوة المعزيات مجاملة او رياء كن ينظرن الى الارملة السمراء الشابة المتفجرة انوثة .. انوثة مزعجة ! وكأنها فائض شيطاني منفر...

صوت خافت لتسجيل القران الكريم بصوت قارئ يبكي القلوب التي تستمع فقط في خشوع وتدبر .. وكم هي قليلة تلك القلوب في مجلس عزاء مختصر بارد كهذا ...

تجلس رقية ساقا فوق ساق برداء الحداد الاسود في ثبات وسيطرة وتجاهل ساخر لتلك الارملة الغيداء التي تنظر اليها مباشرة في حقد مريض..

عينا رقية تشعان ثقة و.. استفزازا حتى وهي لا تمنحها نظرة اهتمام خاطفة ...

تتبسم رقية ابتسامة صغيرة جدا تكاد تكون خفية وهي تفكر ان غيداء بثوب الحداد تبدو كعنكبوته سوداء حقاً ...

وتجلس جوار رقية كلا من اسيا وامها والخالة سعاد التي اصرت على الحضور بنفسها ...

ورغم ثبات رقية هذا وبرودها الذي يجعل غيداء تغلي بشكل واضح الا انها .. قلقة ..

قلقة على رعد من جهة .. وقلقة منه من جهة اخرى .. تحتاج ان تكلمه بصراحة اكبر حول ما كان بينه وبين غيداء ...

صوت رعد اجفلها قليلا وكأنه قفز من افكارها متجسدا امامه .." السلام عليكم .. "

نظرت اليه لكنه لا ينظر اليها .. بل يطرق برأسه للارض .. ملابسه بسيطة قد لا تليق بعزاء .. لكن الاسى كان ينضح منه بشكل واضح .. الاسى والفقد و... التوتر ..

عينا رقية تلقائيا انتقلتا الى غيداء فتراها كيف تفترسان رعد بنظراتها دون رادع او خجل او حتى اعتبار للعزاء والمعزين !

تطبق رقية اسنانها وتلتزم السيطرة على اعصابها ظاهريا بينما هي تود سحب غيداء من شعرها وبطحها ارضا وتذيقها طعم كعب حذائها العالي ...

تقدم اسيا التعازي لرعد بتعاطف تام بينما تقف ابتهال لتقترب منه وتحتضنه تهمس له بالمواساة وهو يبدو بقمة التأثر ..

تفلته ابتهال بينما تتحامل الحاجة سعاد على عصاها لتقف هي الاخرى بثوب الحداد والوشاح الاسود الذي غطى رأسها لكنه لم يكن بالسمك الكافي ليخفي احمرار شعرها...

تمد كفها لتربت على صدر الشاب وتقول له بلهفة قلب احبه بمحبة من الله وحده " يا ولدي البقاء لله .. "

يمسك رعد بكفها ويلثم ظاهره باحترام وتعلق شديد " انا ممتن لحضورك .."

كانت غيداء تراقب هذا المشهد وهي تتميز غيظاً وتصدم دهشة كيف تعامله تلك المرأة العجوز ... ترد عليه سعاد بنفس النبرة

" كيف لا احضر بني .. انت كمنزلة عبد الرحمن عندي ومحبتك بقلبي كبيرة .."

هذه المرة يميل ليلثم جبينها وهو يقول بصوت أجش " سلمت لي .. وانا اشعرك امي يشهد الله على هذا .."

تنظر الحاجة سعاد لوجهه فيعلمها قلبها انه يعاني فتسأله بمزيد من اللهفة الامومية العفوية التي تغدقها عليه

" هل انت بخير يا عيون امك ؟"

يبتلع ريقه وللحظة عيناه تخطفان ناحية رقية فتمده بنظرة حلوة دون ان تقول كلمة بل اكتفت فقط بالوقوف شامخة بصلابة جعلته هو أصلب فيرد " سأكون .. بخير .."

ثم اضاف وهو يتطلع للنسوة " الحاج رضا اعطاني سيارة عبد الرحمن لاعيدكم للبيت بنفسي .."

تقول الخالة ابتهال باعتذار " حبيبة لم تستطع الحضور .. اعذرها ولدي ... هي ما زالت نفساء وترضع صغيرها .. وشذرة فليبارك بها رب العالمين تساعدها وتعتني بسكينة ايضا.."

يتمتم رعد بتفهم " لا تعتذري خالتي ... انا اتفهم هذا .. "

كانت غيداء مذهولة وهي ترى كل اؤلئك النسوة حوله في ألفة .. تشعر بالغضب .. الغضب الشديد .. وكأنهن جميعا تراصصن كحواجز بينها وبينه .. وليست خطيبته الحمقاء فقط .. متى عرفهن ليحظى بكل هذا الدعم منهن ؟!

بدأت تشعر بالقلق .. لكن تباً .. هي تأثيرها عليه اقوى منهن جميعا ...

دون شعورها وقبل ان يقدم النسوة لها واجب العزاء وقفت على قدميها لتقترب بخطوات تغلي بعواطف رهيبة وتقول بنبرة قوية ملحة

" رعد .. احتاجك الليلة ان تبقى معي.. غرفتك موجودة لتبيت فيها .. ثم اننا نحتاج لنتكلم ببعض الامور .. العالقة .. كما اني اخاف البقاء وحدي في هذا البيت .."

يتصلب جسد رعد وتتقبض يداه الى جانبي جسده وهو يسدل اجفانه وكأنه يحجب نيرانه حتى تهدأ قليلا ..

تفغر الحاجة سعاد فمها في اعوجاج فيه نفور وهي تحني رأسها قليلا للامام وتناظر غيداء من تحت حاجبيها المعقودين بنظرة حملت خليطا من معاني الاستهجان والاستخفاف لترد عليها وهي تتشبث بذراع رعد " اين يبقى معك يا شابة .. شارب اخيك ما شاء الله بِسُمك بعير هو اولى ان يبقى معك ويؤنس وحدتك .. "

عينا غيداء تناظران المرأة العجوز بنزق وغضب ضمني ثم تحولهما لرقية التي تقترب من رعد لتلامس قبضته المتشنجة فتنبهر غيداء وهي ترى سرعة ارتخائه رافعاً نظراته نحوها .. نحو تلك القصيرة الكريهة ...

ينبض قلب غيداء كهدير قطار مجنون والغل والكره يجعلانه تتهور اكثر فلا تراعي النسوة في العزاء اللواتي يراقبن بنظرات فضولية وبعضها مستهجنة مرتابة في امرها ..

قالت غيداء وانفاسها تتصاعد في جموح التشبث الذي تشعره " لكن الامر مستعجل .. على الاقل اريده ان يبقى .. لاخر الليل .."

تبدو اسيا مرتبكة مشوشة لا تستوعب ما تستشعره بينما امها ابتهال أشد ارتباكا وقلقاً فقط رقية تصمت في برود وكفها في كف رعد والحاجة سعاد صامدة مستهجنة ساخرة وهي ترد عليها " وانا من يعيدني للبيت ؟! اذهب زحفاً ؟!"

وقبل ان ترد غيداء بشيء تلتفت الحاجة سعاد لتسند نفسها على رعد وهي تبالغ باظهار التعب وتقول " هيا بني .. تعبت واريد العودة معك..السكر ارتفع عندي بلا شك .."

ثم تلتفت لابتهال مضيفة بكلمات ذات مقصد ونية " هيا يا ابتهال .. انت ايضا تعبتِ وزوج ابنتك مرهق يا لهف قلبي عليه .. دعي رقية تخفف عنه الليلة .. لا تتركوه بمفرده.."

بهدوء تام وايماءة خفيفة للجميع يحيي رعد النسوة المعزيات ثم يمضي وهو يسند الحاجة سعاد من جهة ويمسك بكف خطيبته من الجهة الاخرى ...لكن سعاد تواصل سهام كلماتها لتصل مسامع غيداء قبل ان تغادر البيت " يؤنس وحدتها .. هئ ! من يعيش اكثر يرى العجائب اكثر .. لعام كامل لم تر الشمس طرف ثوبي بعد وفاة زوجي الحاج عقيل .. رحمك الله يا حاج ورحم كل الاموات .."

تزمجر غيداء بغضب جنوني ثم تخطو بانفعال مبتعدة ناحية الدرج لتترك النسوة في العزاء بمفردهن بينما الخادمة ترفع سماعة الهاتف وتتصل ...!







طوال طريق العودة بالسيارة لم تكف الحاجة سعاد عن اطلاق التعليقات اللاذعة والمستهجنة " ما هذه المرأة يا رعد ؟! من اين وجدها عمك ليتزوجها ؟! انها بلا حياء وليس في قلبها ذرة حزن عليه .. استغفر الله العظيم .. اسكت يا لساني .."

وتستمر في اطلاق تعليقات مماثلة لتنهيها بنفس الجملة ( اسكت يا لساني)..لا يرد رعد بشيء فقط عيناه تلتقيان في المرآة الامامية بعيني رقية التي تجلس خلفه..





وبعد وصولهم للحي وادخال السيارة في مرآب بيت الصائغ سلم رعد المفتاح لاسيا كي توصله الى رضا ثم تفرق الجمع كل لبيته ..

عند بوابة بيت العطار يطلب رعد من حماته قائلا برجاء حار " خالتي .. هل استطيع البقاء برفقة رقية قليلا .. "

تهز ابتهال رأسها بترحيب وهي تقول " مؤكد بني .. كنت سأطلب منك بنفسي ان تمضي بعض الوقت معنا .. سأعد العشاء ..."

دخلت ابتهال وفي اثرها رقية ورعد لكن رعد امسك برقية وهو يهمس لها

" سنجلس في الحديقة .. اشعر بالاختناق .."

انتظرت ان تغيب امها قبل ان تمد يدها لتلامس وجهه وهي تسأله بنبرة مؤازرة ضمنية

" ستخبرني سبب كل الهموم التي تحملها .."

ملامح وجهه تبدو منحوتة من الصخر ... داخله يغلي في تخبط عنيف منذ الفجر ..

كان كبركان .. بركان رهيب يحتاج ان ينفجر ... همس بنبرة هامسة خشنة

" ان لم اخبرك.. سأموت الليلة في فراشي .."

تمرغ قلبها بالألم .. تمزع تمزعاً .. واقسمت من جديد في سرها انها ستحميه بروحها ..

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحاول التماسك عاطفيا .. هو يحتاجها قوية .. والقادم مع تلك الحقيرة يحتاج منها قوة ومواجهة ..

تجره من يده وتخلع حذائيها بشقاوة لتسير حافية فوق الحشيش الاخضر ثم تقول له

" أخبرني .. انا سأسمعك حتى الصباح .."


يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس