عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-18, 10:45 PM   #547

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

بعد يومين من خروجه من المصحة ، يومان قضاهما في ترتيب أمور حياته و عمله مواكبة لظروفه الصحية الجديدة ، فقد عصام قدرته على مزيد من الصبر و وجد نفسه يتصل بها يطلب مقابلتها .
لأنه يرغب و بشدة أن يكتشف ما الذي يريده منها بالضبط خاصة بعد أن أنهى ما بينه و بين ياسمين إلى الأبد .
في الساعة الخامسة من نفس اليوم ، أسند ظهره إلى الخلف و هو يراها تدخل من باب مقهاهما المفضل ، ابتسامة صغيرة تلاعبت على شفتيه و هو يلاحظ تجنبها مقابلة عينيه .
جلست بارتباك واضح زاد من تسليته و حيرته في أمرها .
حيته و سألت عن حاله باهتمام ثم مدت يدها إليه بكيس ورقي .
- كتب مرة أخرى ؟ تساءل و هو يخرجهم و يقلبهم بين يديه .
- مجرد روايات كنت أنوي أن أحضرها لك مع تلك المجلات لكني نسيتها .
- شكرا تمتم ببطء بينما يداه تعيدان الكتب إلى مكانها داخل الكيس .
تفضلي هذا لا أحتاجه ، أعرف بأني لن أقرأه ، أضاف و هو يناولها أضخم كتاب بين المجموعة .
- البؤساء ، تمتمت بخفوت ، هل سبق و قرأته ؟

أشار برأسه نافيا فأضافت باستغراب :
- و لا تريد قراءته ؟ رغم شهرته الواسعة
- لا رغبة لي البتة ، رد بعدم اهتمام .
- هل أستطيع أن أعرف لماذا ؟

شرب ما تبقى من قهوته دفعة واحدة ثم أجاب بهدوء :
- كوني إنسان يأتي من أحد الأوطان التي تصدر البؤساء إلى العالم لا أرغب في القراءة عن بؤساء دولة أخرى .

راقبها ترف برموشها عدة مرات كأنها تحاول أن تفهم فأضاف بتهكم خفيف :
- و لكنك طبعا غير قادرة على فهم هذه الأشياء كونك تعيشين في العالم الموازي لنا .
- لحظة من فضلك ، هل تقصد أني لا أفهم أو لا أشعر ، لأن هناك فرق بين الاثنين كما تعلم .
- هل تشعرين بمعاناة الآخرين ؟ سألها و هو يحك ذقنه ببطء .
- بالطبع أشعر لماذا تظن العكس ؟
- لأنه ببساطة لا يبدو عليك ذلك .
- و ما الذي يجب علي فعله كي أثبت أني لست مجردة من الإحساس : أمزق ملابسي مثلا و أدهن وجهي بالفحم ثم أقف لأتسول في الشارع ؟
- كلا طبعا ، ليس إلى هذه الدرجة

صمت قليلا متأملا جلستها المتحفزة ثم أضاف بتمهل :
- أخبريني بصدق ألا تشعرين بشيء من تأنيب الضمير عندما ترين من يعيشون أسفل السلم في حين أنك تحلقين فوق الجميع ؟
- هل أنا السبب في ما آلت إليه حال البلد ؟ سألت و هي تربع يديها على الطاولة ، هل لو بعت جميع ممتلكاتي و بعت نفسي معهم سأستطيع حل ربع المشاكل التي تعصف بالمجتمع الآن ؟
- كلا طبعا .
- إذن كلا طبعا لا أشعر بتأنيب الضمير على أخطاء ارتكبها غيري .
و رغم ذلك أنا أحاول أن أكون فردا فاعلا ، أحاول بقدر ما أستطيع أن أساعد على تحسين الوضع .
- تقصدين طبعا جمعيات و تبرعات و هذه الأشياء التي تفعلونها ، علق بتهكم واضح .
- نعم هذه الأشياء التي نفعلها .
ما رأيك في الآن ؟ أضافت بتحد ، هل سأنال شهادتي في حسن السير و السلوك ؟
- يبدو أني توغلت في منطقة محظورة ، قال مبتسما و هو غير قادر على منع نفسه من الاستمتاع بشكلها الغاضب .
- كلا ، عادي ، واصلت و هي تلوي شفتيها ، أنا أعرف كيف تفكرون بنا .
لكن بصراحة أنت بالذات فاجأتني ، لديك رؤية اشتراكية قديمة جدا بل متوغلة في القدم .
- هكذا نحن الطبقة البروليتارية .
- و هكذا نحن الطبقة الأرستقراطية .
- نعم هكذا أنتم ، قال بلهجة توضح تماما ما يعنيه .

هل ستكون له الكلمة الأخيرة ، فكرت شاهيندا و هي تراقبه يشير إلى النادل ، كلا طبعا .
- بصراحة عصام أنت قديم جدا ، قالت أخيرا .
- قديم ؟ كلمة غريبة كونها تأتي من فتاة تقرأ " البؤساء " في هذا العصر .
- لست قديمة ، أنا كلاسيكية .
- و أنا لست قديما ، أنا أصيل يا كلاسيكية .

صمتت مرغمة إثر اقتراب النادل ، انتظرته بعدم صبر بينما يضع فنجان القهوة و كوب العصير ثم قالت بنزق :
- هل سنظل هكذا نتناقر كالديوك ؟

رفع عصام حاجبه الأيسر و هو يلتفت حوله متسائلا :
- ديوك ؟ أين الديوك ؟
فرد صدره و و أضاف بثقة :
- لا أرى سوى ديك واحد في الموضوع .

راقب نظرة الصدمة في عينيها قبل أن تخفضهما و تلجأ إلى الصمت ، تنحنح بحرج ثم قال ببطء :
- أنا آسف ، أحيانا أنسى نفسي ، أشار بيده مضيفا ، ترسّبات الحياة الجامعية و فترة الشباب الجامحة كما تعرفين .

ابتسم تلقائيا لابتسامتها الصغيرة و صمت يتأملها تاركا إياها تغوص في كوب عصيرها .
في الساعة التالية نسي الوقت تماما و هو يستمع إليها تحدثه عن طفولتها ، اهتماماتها و أسبابها لدراسة الأدب الفرنسي ، تحدثا قليلا عن الثورة الفرنسية قبل أن تسأله أخيرا بنبرة فيها استجداء :
- ألا تحب الأدب الفرنسي و لو قليلا ؟
- لا أفضله .
- لماذا ؟
- لأنهم متحذلقون ، حالمون جدا و بصراحة كتاباتهم لا تستحق أن تكون عالمية .
- ماذا تفضل أن تقرأ إذن ؟
- الروسي لأنه أعمق و أشمل ، قال باختصار .

صمتت و خيبة أمل واضحة على وجهها فأضاف مبتسما من شكلها :
- فليكن ، لديهم رواية واحدة و وحيدة أعترف بها .

رفعت عينيها إليه باهتمام فأضاف و ابتسامته تتسع :
- الكونت دي مونت كريستو لأنها حسب رأيي المتواضع تُعتَبر الأب الروحي لجميع روايات الانتقام .
- و أنت تحب الانتقام ؟

ضيق عينيه يتأملها ثم أجاب بصوت خفيض :
- أنا أعشقه .

إزاء نظرة الصدمة التي لاحت في عينيها مجددا عاد ليقول بهدوء :
- أنا آسف ، أخبرتك .
- فهمت : ترسّبات الحياة الجامعية .
خفضت نظرها قليلا ثم رفعت كفها أمام فمها تحاول أن تكتم ضحكة خفيفة أفلتت منها . هزت رأسها ثم رفعت عينيها إليه و هي تقول :
- بصراحة فاجأتني اليوم .
- صدقيني لم تري شيئا بعد ، أكد لها بصوت هادئ
.
..
...


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس