عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-18, 10:52 PM   #548

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

في الأيام التالية اعترف لنفسه أنها فاجأته كما فاجأها .
فاجأته و هو يكتشف من خلال حواراتهما كم تشبهه في عدة نواحي شخصيته ، في العناد ، في عدم الاستسلام و خاصة خاصة في القسوة على النفس .
شيء واحد ،
شيء واحد كان مازال يقف حاجزا بينه و بين فهمه لها
شيء يحرق صدره كلما تذكره .
لذلك بعد عشرة لقاءَات متتالية حين ركبت السيارة بجانبه ليوصلها صمت طويلا دون أن ينطلق .
نظرت إليه باستفهام فقال و هو يعود للنظر أمامه :
-أنا آسف .
-على ماذا ، سألت و قلبها يكاد يقع بين يديها .
-على إيذائي لمعصمك في تلك المرة .

سمعها تتنهد بارتياح قبل أن تقول و الدهشة تصبغ صوتها :
- لكنك تأسفت من قبل ، ثم الموضوع انتهى تماما بالنسبة لي .
- هذه المرة أقولها بصدق
ثم أنا آسف أكثر لأني فكرت فيك بطريقة غير لائقة حينها .

التفت ينظر داخل عمق عينيها و هو يضيف :
- ظننت أنك تكلمين صديقة عشيقك و لكني الآن بعد أن عرفتك تأكدت أني مخطئ .

عاد الصمت ليسود من جديد قبل أن يقطعه يسألها بكلمات متمهلة :
- من كنت تكلمين حينها يا شاهيندا ؟

صمت أطول و أكثر توترا أحاطهما قبل أن تقول بصوت أقرب إلى الهمس :
- كنت أكلم عشيقة بابا .
- هل تريدين التكلم معي عن الموضوع ، سألها بلطف و هو يراها تشيح بوجهها و تلتفت لتنظر من خلال النافذة .
- كلا ، لا أريد أن أتحدث عن بابا أو عن أي شيء يتعلق به .
- و مع ذلك أشعر بأنك لا تكرهين أباك .

نظرت إليه نظرة متجمدة ثم لمعت عيناها ، أغمضتهما و بدأت تقول بينما دموعها تنزل على خديها :
- معك حق أنا لا أكرهه ، على العكس تماما ، أنا أعشق أبي ، كنت أتمنى لو أستطيع كرهه ، كان الأمر سيكون أسهل علي كثيرا و لكني لم أستطع أبدا ، حاولت و لم أقدر ، وضعت يدها على صدرها و واصلت تهمس بصوت مختنق ،
لم أقدر ، قلبي لم يطاوعني مع أني لم أستطع أبدا استيعاب كيف لبابا أن يحبني كل ذلك الحب و في ذات الوقت يؤذيني كل ذلك الأذى
غاب صوتها و هي تشرق بدموعها و حارت نظرات عصام بينما يراقبها تنحني و تستند على ذراعها فوق لوحة القيادة تكمل بكاءها في استسلام .
لم تكن تبكي ، كانت تنوح ، تخفت شهقاتها قليلا كأنها تأخذ هدنة قبل أن تعود أقوى وأعمق .
و المشكلة أنها عاجز تماما على فعل أي شيء من أي نوع ، لا يستطيع أن يقول كلمة حانية ، لا يقدر طبعا أن يربت على ظهرها بحنان مع أنه أكثر من مرة وجد يده ترتفع في الفراغ الفاصل بينهما قبل أن يضبط نفسه في اللحظة الأخيرة و يقبض كفه بقوة و يعيدها بجانبه.
التفت إليها و رأسها ما يزال مستندا على ذراعها و قد عادت تتكلم بسرعة كأنها تريد أن تفرغ كل ما في قلبها .
- تمنيت أن أكرهه ، تمنيت أن أستطيع و لكنه لم يعطني فرصة كي لا أحبه ، لم يعطني أية فرصة ، كنت ابنته المدللة ، حبيبة بابا كما يقول ، كان حنونا جدا ، يلبي لي كل طلباتي و رغم ذلك كان أكثر من آذاني ،
بعيني رأيت أمي تبكي خياناته المتكررة ، بعيني رأيت كرامتها تهان أمام كل من هب و دب بسبب عجزه عن التحكم في شهواته .
أحيانا لا أنكر كنت أكرهه كلا ليس كرها بل كنت أحتقره ، أحتقره جدا و أنا أرى نظراته الجانبية كلما مرت امرأة جميلة أو شبه عارية في مجال بصره ، أحتقره عندما أرى تلك النظرات داخل عينيه ، تلك النظرات القذرة ،
كنت أشعر بأني أنا نفسي قذرة لأني أفهم معنى تلك النظرات ، ربما لذلك أصبحت قليلة حياء
نعم أنا قليلة حياء ، أعترف ، أي حياء يريدون مني أن أتعلمه و أنا منذ صغري أرى تلك النظرات في عيني أبي و تعلمت أن أفهم معناها ، أي حياء
كنت دائما ممزقة بين حبي له و حبي لأمي ، لم أستطع أن أكون كباقي الأبناء لم أستطع أن أحبهما كلاهما ، لم أستطع أن أحب أحدهما إلا و أنا أكره الثاني إلا و أنا أحتقر الثاني
إما أن يكون أبي الملام و إما أن تكون أمي الملامة لأنها لم تستطع ملء عينه
الاختيار الثاني كان مستحيلا لذلك فضلت أن أكره أبي ، لكني عجزت ، لم أستطع و بما أنه كان علي أن أكره أحدهم اخترت أن أكره نفسي
هذا الاختيار الأسهل و الأفضل : أن أكره نفسي ، أكره مشاعري ، أكره وجودي ، أكره ذاتي .
لذلك انهرت عندما واجهتني بحقيقتي ، عندما قلت لي أني لا أملأ العين ،
أنا أعرف هذا في قرارة نفسي ، أنا فعلا لا أملأ العين و لا أملأ القلب و لا أملأ العقل ، كيف أملأ أي شيء و أنا فارغة من الداخل
- شاهيندا ، أنا آسف ، أنا ...
رفعت وجهها تقاطعه بحدة :
- لا تأسف علي ، لا أحتاج شفقتك أو شفقة أي أحد آخر ، مفهوم ، شبعت من مشاعر الشفقة ، من نظرات الشفقة ، شبعت و قرفت
أنت قلت لي حقيقتي التي أعرفها في وجهي و أنا لا أحقد عليك ، صدقني لا أحقد عليك بالمرة
أنا أعرف أني لا أملأ العين و لن أفعل يوما ، لطالما عرفت و لكني كنت محتاجة أن أسمعها من شخص حيادي.
- شاهيندا أنا أوضحت لك من قبل أني لم أقصد ، أنت تملئين عين أي أحد
- كلا لا أفعل ، صرخت في وجهه بحدة و دموعها تنفجر مرة أخرى من عينيها الملتهبتين ، أنا لا أملأ العين ، ستقول لي أنت جميلة ، إلى الجحيم بجمالي هذا ، أمي كانت جميلة ، آلاف النساء كن جميلات و تمت خيانتهن ، ثم جمالي سيفقد نكهته مع الأيام ، سينهزم في حضرة أول امرأة أجمل مني ، أصغر مني أو تفوقني أنوثة و لا يحتاج الأمر إلى ذلك صدقني ، أنت لم تر بعض عشيقات أبي .
- إذن ابحثي عمن يقدرك لشخصك يا شاهيندا
- أنا لن أبحث بعد الآن ، قالت و صوتها يعود لهمسه السابق ، تعبت من البحث و تعبت من الانتظار
أنا موجودة لمن يريد حقا أن يجدني
و حتى لو وجدني فهل سيقدر على جبر كسوري
هل سيعيد إلى روحي براءتها التي ضاعت منها
هل سيعيد لقلبي ثقته في الدنيا و الناس

راقبها دون كلام تهمس آخر كلماتها في خفوت قبل أن تصمت لتكمل آخر شهقاتها .
شاهيندا ، ناداها أخيرا .
و عندما لم تجبه عرف من انتظام أنفاسها أنها نامت .
شاهيندا ، ناداها ثانية بصوت أعلى عندما وصل بسيارته أمام بيتها .
رفعت وجهها ببطء ، تلفتت حولها تستوعب واقعها ثم فتحت الباب ، انحنت تأخذ حقيبتها و همست له قبل أن تسير مبتعدة :
- آسفة على انهياري ، شكرا على إيصالك لي

…….............


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس