عرض مشاركة واحدة
قديم 24-10-18, 07:39 PM   #662

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل السابع عشر ( الجزء الثاني )




في صباح الغد ، جلست شاهيندا بتوتر تنظر إلى أمها ترتشف كوب لبنها الدافئ ببطء قبل أن تضعه أخيرا على الطاولة أمامها برفق .
- ماما ؟ بادرتها بسرعة قبل أن تمتد يدها ترن الجرس للخادمة .
- خيرا ؟
- هل فكرت في الموضوع الذي أخبرتك به البارحة ؟
- لا يحتاج إلى تفكير ، قالت أمها و هي تبدأ بتقشير تفاحتها الخضراء ، لست موافقة طبعا .
- و السبب يا ماما ؟
- السبب باختصار هو أنه ليس لك و أنت لست له .
- و من الذي قرر هذا ؟
- الدنيا ، الظروف ، نظرة الناس ، أجابت السيدة شمس بجفاء .
هو من بيئة مختلفة جدا عن بيئتنا ، المفاهيم مختلفة ، الرؤية مختلفة .
ما نراه نحن عاديا هم يستهجنونه و العكس صحيح .
لو فكرت بعقلك فسترين أن كل شيء يبعدك عنه و لا أفهم أصلا كيف أقنعت نفسك أن تربطي مستقبلك به ؟
- لأني أحبه مثلا و لا أستطيع العيش من دونه .
- كلام فارغ ، علقت أمها بحدة ، لا يوجد أحد لا يمكن الاستغناء عنه .
شاهي أنت أكثر اتزانا من أن تفكري بعواطفك .
و هو نفس الموضوع .
لو كان حقا كما وصفته لي لكان عرف أنه مهما كانت قوة حبه لك سيظل عاجزا أن يعيشك في المستوى الذي تعودت عليه و لا حتى ما يقاربه .
حبيبتي المفروض أن كليكما يعلم أنك تستحقين أفضل منه بكثير ، أنتما فقط تكابران .

صمتت تراقب ملامح شاهيندا المتوترة ثم خفضت عينيها تتشاغل بتقطيع التفاحة ، قسمتها نصفين و مدت يدها تعرض أحدهما على شاهيندا التي رفضته بهزة خفيفة من رأسها .
مطت السيدة شمس شفتيها ثم بدأت في تناول النصف الخاص بها ببطء .
بعد صمت قصير أضافت تقول بصوت اختفت منه حدته السابقة :
- حبيبتي أنا أخشى أن تكوني تبحثين فقط عن الاختلاف .
ليس كونك تعرضت لثلاث خطوبات فاشلة فهذا يعني أن ، أن ....
- أن المحيط الذي نعيش فيه مليء بنفس الأصناف القذرة ؟ أكملت شاهيندا عنها ببرود .
- الأصناف القذرة ، كررت أمها الكلمة بحدة ، موجودة في كل وسط و ما أدراك أن أخ تلك المرأة ليس منهم ؟
- عصام مختلف يا ماما .
- مختلف ! ردت أمها باستخفاف .
- نعم مختلف ، أنا راقبته جيدا ، لم أره مرة ينظر إلى رخيصات النادي رغم أن الكثيرات منهن حاولن معه .
أنا نفسي يا ماما لم يكن ينظر إلي لذلك من فضلك لا تحكمي عليه ، هو أشرف من جميع معارفنا .
- أنا لا أحكم عليه شاهي و لا يهمني في شيء و بالنسبة لكونه مختلفا فالكثيرون من معارفنا مختلفون ، المهم أن تعرفي أنت كيف تختارين .
- أنت الأدرى طبعا يا ماما ، علقت شاهيندا و هي تشيح بوجهها .

ساد صمت مكهرب قطعته السيدة شمس و هي تضرب بكلتا يديها بعنف على الطاولة الخشبية المستطيلة التي تتوسطهما .
- لم تكفي يوما عن لومي يا شاهيندا ، انفجرت بصوت أقرب إلى الصراخ ، في قرارة نفسك لم تستطيعي أبدا أن تسامحيني على الاختيارات التي قمت بها .
لم تكفي عن توجيه كلماتك التي تقطر سما كلما خالفت رأيك في موضوع ما .
- ماما أنا آسفة ، أنا فقط أردت أن أقول ...

لكن السيدة شمس واصلت بهيجان :
- دائما تستغلين أي نقاش بيننا لتشعريني بأني أخطأت ، بأن قراري بأن أستمر مع أبيك هو مصيبة حياتك .
طوال الوقت بداخلك تلومينني ، بمناسبة أو بغير مناسبة .
أنت لا تعرفين أسبابي .
- ماما تكلمنا في الموضوع مئة مرة و هذا ليس وقته ، نحن نتكلم عني أنا الآن .
- سنتكلم فيه هذه المرة أيضا يا شاهيندا ، قالت بصوت يرتجف غضبا ، و ستكون فرصة لأن أخبرك بشيء لم تعرفيه من قبل .

مدت يدها المرتجفة لتقبض بأصابعها الطويلة على كوب الماء الموضوع أماها و تبدأ في تجرعه بتوتر ، سرحت صوتها قليلا ثم قالت بخواء :
- أول مرة اكتشفت فيه أن أباك يخونني كانت عندما كنت حاملا بشادي .
و ما الاختيارات التي كانت أمامي وقتها ؟
كيف كانت أي امرأة في موضعي لتتصرف ؟
كنت ضعيفة ، خائفة و أحمل مسؤليتي و مسؤولية الطفل الذي بداخلي .
هل أحرمه من أبيه قبل أن يولد أم أتحمل و أحاول تغييره .
- و لكنه لم يتغير يا ماما ، قاطعتها شاهيندا بنفاذ صبر .
- في ذلك الوقت لم أكن أعلم ثم كل هذا لا يمنع أني حاولت .
- تظل النتيجة واحدة .
- النتيجة كان من الممكن أن تكون أسوأ .
كان من الممكن لو رفضت التحمل و طلبت الطلاق أن نعيش مشتتين .
أبوك كان أكيد سيتزوج بأخرى و يكون عائلة جديدة و أبناء آخرين يرونه كل يوم بينما أنت و أخوك ترونه مرة كل أسبوع .
هل كنت لتتحملي تلك الحياة ؟
- لا أدري يا ماما ، لم أعش تلك الظروف لأحكم .
- صدقيني كان ليكون واقعا أتعس .
- لا أدري يا ماما ، ربما كان ليكون أفضل ، قالت بمرارة ،
ربما حين يعجز شخص ما عن التغير من أجلنا من الأفضل أن نطلقه و نتركه يحاول بعيدا عنا .
- و نتخلى عنه يا شاهي ؟
لا أستطيع أن أفهم كيف تفكرين لكني لم أستطع التخلي عن زوجي و أب أولادي .
- هو تخلى يا ماما .
- كلا هو ظل معنا ، كان يستطيع أن …
- أن ماذا ؟ قاطعتها بمرارة أكبر ، يطلب الطلاق ؟ لماذا ؟
لديه أسرة ، واجهة أمام الناس و في نفس الوقت لديه نساؤه ، ما الذي سيفعله له الطلاق ؟
- شاهيندا ..
- ماما أنت لم تستطيعي أن تتخلي عنه لأنك تحبينه .
حبك له جعلك ضعيفة .
- أنت لم تعيشي حياتي يا ابنتي لذلك لا تحكمي علي .
- و لا أريد أن أعيشها يا ماما .
نعم يا ماما أنا لا أريد أن أعيش حياتك ، أضافت بهدوء و هي تمد يديها لتحيط بين كفيها أصابع أمها .
و لكن ليس لأني ألومك .
أنا لست أنت و لم أتعرض لنفس ظروفك و ربما كنت حقا لأتخذ نفس القرارات لو وجدت نفسي في ذات الوضع .
لذلك لا أريد أن أضع نفسي في ذات الظروف .

خفضت عينيها تشرد بأفكارها قليلا قبل أن ترفعهما و تعود تقول بصوت خافت :
- أنت تريدين مني أن أبتعد عن عصام رغم أني أحبه في حين أن السبب الوحيد الذي لم تستطيعي من أجله الابتعاد عن أبي كان لأنك تحبينه .
مع أنك هنت عليه يا ماما و هنا جميعا عليه و لكن قلبك حبسك داخل هذه الحياة .
و تريدين مني أنا الآن أن أفكر بعقلي و أتجاهل قلبي و أكسره بيدي و أدع الرجل الوحيد الذي أحببته يرحل من حياتي و يقضي عمره بين أحضان امرأة غيري بينما هذا بالضبط ما لم تستطيعي فعله مع بابا .
رضيت بهذه العيشة المؤلمة لكي لا تخسريه تماما من حياتك ، فضلت أن تملكه عدة نساء على أن تأخذه منك امرأة أخرى .
- فعلت هذا و تحملت من أجلكم شاهيندا ، قاطعتها أمها بصوت مختنق بالدموع .
- كلا ماما ، كوني صريحة مع نفسك ، فعلته لأنك لا تطيقين غيابه عن حياتك بكل عيوبه .
و أنا ذات الشيء ، واصلت و هي تتنهد ، أنا لا أطيق غياب عصام عن حياتي بكل عيوبه رغم أني لا أسميها عيوبا .
أنا أحبه يا ماما ، همستها و هي تغمض عينيها .
لم أقابل أبدا من هو مثله و لم يصل أي إنسان إلى أعماقي مثلما فعل هو .
معه أشعر بأني تجردت من كل ما كان يكبلني و يمنعني أن أرى الدنيا على حقيقتها .
أنا أرى فيه أبعد ما تستطيعون رؤيته لأني أنظر إليه بقلبي يا ماما .
لم أعد أرى الرصيد و المرتب و المكان و الزمان .
أرى فيه رجلا أستطيع أن أثق به ، أرى فيه قلبا لم يكرم الله رجالا كثيرا بمثله ، أرى فيه دفء روحه الذي أذاب برودة روحي .
و سأكون غبية يا ماما ، أضافت و دموعها تنساب ببطء ، سأكون غبية للغاية إذا فكرت بالبحث عنه في شخص آخر .
- و ما المطلوب مني أنا الآن ؟ سألت أمها أخيرا و هي تنظر إليها كأنها تراها للمرة الأولى .
- أن توافقي عليه من قلبك يا ماما و أن ترحبي به في حياتنا لأنه سيكون جزءًا منها .


………………………..


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس