عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-18, 04:23 AM   #803

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل العشرون





وقفت فرح أمام النافذة متوسطة الحجم تتأمل المشهد الذي تطل عليه غرفتها : عمارات و عمارات و المزيد من العمارات .
أسدلت الستائر بضيق ، ضبطت طرف السماعات الناعم ليستقر أكثر داخل تجويف أذنها ثم جلست على حافة السرير و هي تستمر بهز رأسها بشرود بينما تواصل الاستماع إلى صوته الهادئ .
- مازلت على الخط ؟
- نعم ، أجابت بخفوت .
- ظننت المكالمة انقطعت لأنك لم تنطقي بأي حرف منذ عشر دقائق .
- كنت أستمع إليك أسامة ، عندما أستمع لا أقاطع .
- أعرف ، أعرف ، قال و صوته يحمل فجأة دفئا ملحوظا ، و هذا من أكثر الأشياء التي أثارت اهتمامي بك كونك تستمعين بهدوء .
و أنا أحب كثيرا المرأة التي تنصت و أحب أكثر التي تصغي و تنفذ .

صمت قليلا ثم أضاف :
- ما رأيك في ما قلته إلى حد الآن ؟
- كلام معقول ، ردت بهدوء .
- يعني موافقة عليه ؟
- أحتاج أن أفكر أولا أسامة .
- فليكن

تنحنح قليلا ثم سمعته يقول بشيء من التردد :
- لدي ملاحظة صغيرة إضافية لكنها جوهرية في علاقتنا .
- تفضل .
- لِبسُك يا فرح .

تحفزت فورا في جلستها و هي تسأله ببرود تسلل إلى صوتها :
- ما به لبسي ؟
- ليس مناسبا جدا ، قال بثبات .
- من أية ناحية مثلا ؟
أنا أرتدي دائما أشياء لا تجسمني و قمصاني دائما طويلة تصل إلى حد الركبة تقريبا .
- و هذا جزء من المشكلة ، القميص المفروض أنه يغطي الركبة أيضا .

" إذن كل المشكلة في الركبة " ، فكرت بامتعاض ، يا لهذه الركب التي ظهرت فجأة بعد أن لم تكن في الحسبان .
هزت رأسها بملل ثم قالت بهدوء :
- كانت لتكون مشكلة لو أن بناطيلي ضيقة و لكن كل بناطيلي واسعة و لا تجسم شكل رجلي .
- أختي أيضا نفس الموضوع و مع ذلك قمصانها تصل إلى منتصف ساقها .
- كلٌّ و ذوقه أسامة ، يعني هناك مثلا رجال يفضلون البناطيل التي لا تصل إلى الكعب لأنها في تصورهم أقرب إلى تعاليم السُّنَّة بينما هناك آخرون ملتزمون دينيا أكثر منهم و يرتدون البناطيل التي تصنع في بلاد غير المسلمين .
أنا أرى أن مسألة اللبس هي مسألة شخصية مادام الإنسان متقيدا بحدود دينه .
- إذن أنت لا تنوين تغيير النمط الذي اعتدت عليه .
- لن أعدك بشيء يا أسامة لكني سأفكر في الموضوع .
- تفكرين ، ردد ببرود .

فضلت أن تصمت فيم تستمع إلى صوت أنفاسه المتوترة قبل أن يقطع الصمت و يلقي إليها بتحية بدت لها جافة أجابتها هي بأخرى مقتضبة ثم أقفلت المكالمة ، نزعت السماعات و ألقتها بملل على السرير .
هل هذا هو الزواج ؟
كل هذه النقاشات العقيمة في معظم الأحيان و كل ذلك التحكم حتى في تفاصيل حياتها الصغيرة .
أين الرومانسية ؟ أين الشغف ؟ أين الدافع الذي يجعلها تقدم على هذه الخطوة التي تخاف منها و تغادر حضن أسرتها الدافئ إلى حضن شخص غريب .
نظرت إلى ركبتيها قليلا ثم قامت تتجه إلى النافذة مرة أخرى و هي تهز رأسها بحيرة .
هل هي التي من يجب عليها أن تتغير أو تمثل أنها تغيرت لكي تتأقلم مع أسامة ؟
تغيير لو حصل فسيكون عميقا لأن أسامة بعيد جدا عنها بطبعه الصعب ، بهالة الحكمة التي يحيط نفسه بها ، بقوانينه التي لا تنتهي في كل ما يَخُصُّ حياتهما المستقبلية معا .
و أكثر ما يستفزها فيه هو أنه يشعرها منذ الآن بأنه يمن عليها بأبسط حقوقها .
سأسمح لك بالعمل .
سأسمح لك بزيارة عائلتك .
سأسمح لك بالخروج مع صديقاتك .
يقولها بطريقة تجعلها تشعر كأنها ستخطو داخل سجنه بإرادتها الحرة .
زفرت و أفكارها تخونها كالعادة و تتحول رغما عنها إلى الآخر ،
شادي .
هو أيضا بالطريقة التي تربى بها ، بالظروف التي نشأ فيها ، بعيد عنها .
لا تستطيع إلا احتقاره عندما تتذكر شكل زوجته شبه العارية في صورهما معا التي يستطيع أي كان أن يشاهدها ، هل يعتبر نفسه رجلا حقا ؟ ألا يغار عليها ؟
تنهدت بعمق و هي تعترف لنفسها أنه للأسف رغم عيوبه يظل في طبعه أقرب إليها من أسامة بكثير .
لديه ذلك الغموض الساحر و تلك البساطة في التعاطي معها ،
كلما كان النقاش بينهما يصل إلى طريق مسدود و تتوتر الأجواء كان يبتسم بهدوء و يغير الموضوع مفضلا ترك الأمور عالقة على الاستمرار في نقاش عقيم لمجرد إثبات وجهة نظره .
و هذه القوة الحقيقية لدى أي رجل أليس كذلك ؟ تساءلت بحيرة .
قو ة الرجل في صبره و مرونته .
لذلك كان أسلوب شادي في معظم الأوقات ينجح معها .
هي تحتد و تتعصب لوجهة نظرها بشيء من العنف أحيانا لكنها ما إن تعود لتختلي بنفسها حتى تتذكر أسلوبه الهادئ و منطقه القوي فتعود لتقتنع رغم رفضها الأولي .
لماذا ؟ لأنه مهتم بها هي ، لأنه استطاع أن يفهمها ، تمكن من الوصول إليها ، لأنه رغم شخصيته القوية لم يسع أبدا إلى وضعها في " حجمها الطبيعي " كما يحاول أن يفعل أسامة معها الآن .
ابتسمت بشرود و هي تكاد تجزم أن شادي بأسلوبه كان ليقنعها أن ترتدي قميصا يصل إلى كعبها و ليس فقط إلى منتصف ساقها .
ألا يوجد رجل وسط بين شادي و أسامة ؟ تساءلت و هي تفتح الباب هربا من جو غرفتها الذي أصبح فجأة خانقا .

……………………………….


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس