عرض مشاركة واحدة
قديم 20-11-18, 09:19 PM   #8174

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

الحي الصناعي.. قرابة الغروب


مستنداً بذراعه على عكازه وخطوته تتلكأ بين اقدام وتراجع فلا يتقدم ولا يتراجع ! بل يكاد يثبت في نفس البقعة وعيناه معلقتان على لوحة خشبية قديمة معلقة فوق بوابة محل مظلم مظلل الشبابيك مكتوب عليها (بيع الخمور).. قبضته مغلقة وفي جوفها تستكين بضعة اوراق نقدية تنتظر من صاحبها ان يفرج عنها للغرض الذي يحدده...
يجف ريقه تعطشا لمذاق الخمر وعرقه يتصبب منه بعد طول يوم مجهد في الحدادة يستنزفه خاصة وهو يدعي طوال الوقت انه لا يتعب .. لكنه كان يتعب ..
يتعب وجسده يئن يبغي الراحة فيكز اسنانه - سراً- واحيانا يصرخ ويتشاجر مع من معه ليغطي على احساسه هذا..
منذ متى لم يعمل بجد هكذا ؟! هل تراخى جسده رغم قوته البدنية الهائلة ؟
انفتح باب الخمّارة فتعطرت انفاسه برائحة الخمر ليتراخى جفناه ويتشنج جسده في حاجة ملحة كي يتذوقها من جديد..
تنعصر قبضته حول النقود وتتحرك قدماه في استسلام خبيث يطاوع حاجاته ..
( الله اكبر ... الله اكبر ........)
صوت الاذان الذي ارتفع جعله يفتح عينيه وصورة حسناء وهي تتوضأ تتجسد وكأنها امامه..
يكاد يتخيلها وكأنه معها في سكنهما الضيق .. تشمّر على ساعديها وهي تزيح كميّ جلبابها فيظهر بياض بشرتها ثم تبلل الساعدين حتى المرفقين تحت صنبور الماء المفتوح .. بياضها ضياء .. ليس بياض بشرة فحسب .. انه بياض فطرتها التي تنير ظلمة اي مكان حتى ظلمة خمّارة قذرة كهذه ..
يهمس اسمها في وجد وتعلق كأنه يتعلق بحبل موصول لباب نجاة " حُسنااااا.."
ثم يتخيلها بعباءة جديدة لامعة السواد تستر حُسنها ...
تتراجع قدماه للخلف ويشدد بقبضته على النقود في حرص هذه المرة .. يعود ادراجه ويغير طريقه يودع رائحة الخمر التي يشتهيها.. هذا المال لعباءة حُسنا الحلال..
***
خلال ثلث ساعة كان يدخل البيت في اشد حالات الاجهاد والحرمان .. يكاد غضبه ينفجر من حرمان نفسه من كل ملذات اعتادها ويرغبها ..يغلق الباب بعنف وحالما يستدير يراها جواره تبتسم له كأنها البدر اكتمل قبل أوانه وشع الليلة في سمائه ..
" حمدا لله على سلامتك .. تأخرت وقلقت عليك .. " ثم تجمد وهي تميل لكتفه تلثمه وتهمس له بطيبة تفتت صخور الشياطين
" دعوت لك مع اذان المغرب ..."
لا يعلم ما جرى له .. هل هذه دموع تتجمع في عينيه ؟! يشيح بوجهه في حدة وهو يمد لها يده بما تحصله اليوم من المال قائلا بصوت متحشرج خشن " خذي .. هذا رزقنا اليوم .. احفظي جزء منه للـ..ـعباءة .."
تعاود فعلها معه وهي تميل وتلثم كتفه بفمها ثم تهمس له بما فتت روحه هذه المرة " ادام الله رزقك يا تحسين .. وادامك لي سنداً وعزوة.."
وقعت عكازه ارضا وذراعاه يتشبثان بجسدها ببعض الخشونة ثم يخفف عندما يتناهى اليه صوت تأوه متألم منها تحاول كتمانه ..
يرتعش وهو يحاول ضم جسدها بحذر دون ان يؤذيها ولكنه لم يستطع التخلي عن خشونة الفاظه وهو يقول " كيف اعاشرك يا امرأة دون أن اؤذيك ؟! "
ثم يخبئ وجهه فيها وذراعاه لا تطاوعان رغبته الترقق معها فيعتصرها بنفس الخشونة ثم يتوسلها بهمس وهو ينهار مُتيماً " علميني كيف بالله عليك .. اشتقت اليك حُسناا.. انا اعشق التراب العالق بطارف عباءتك .."
كانت المرة الاولى التي لا تنفرها رائحته ..
رغم رائحة العرق وملابسه المتسخة وكفاه المسودتان من الحدادة وعناقه الخشن المؤذي الا انها لم تنفر .. لقد كانت سعيدة انها لم تشم فيه رائحة خمر بل تشم رائحة عمل وسعي لرزقه وقوت يومه ...
تأثرت لانه لم ينس العباءة وانه احضر المال وهو يذكرها بحصة (العباءة) فيه ..
ذراعاها بتعثر تحاوطانه وتضمانها اليها على استحياء .. يرتعش جسده الصلب وهو يهمس اسمها بتوله " حُسناا .. حسنااااااا..."
تحاول الابتعاد وهي تقول له " اذهب واستحم اولا.. احضرت لك قالب صابون الغار المحلي الاخضر .. رائحته حلوة كأنها مسك .."
يفلتها وصدره يعلو ويهبط وهو يناظرها كأنه على وشك الانفجار فيسألها بخشونة
" وبعد الحمام يا حُسنا ؟"
فتطرق بعينيها الارض وهي ترد " سنتعشى .."
يهدر بعنف " لا اريد العشاء .. لا اريد.."
تتلاعب بيديها باحدى ضفيرتيها فيجن جنونه وهو يراها كصبية عشقها في دروب حي الشيخ .. واوشك ان يفقد السيطرة عندما همست له في خفر " ان كنت لا تريد العشاء .. فسأكون... بانتظارك .. بعد الحمام .."
صدره ينتفض في صعود ونزول يكاد يمزق قميصه المهترئ وهو يتقدم منها خطوة عرجاء وهو يتكئ بعجز على الحائط ..
تتراجع هي الاخرى ودون ان تنظر اليه تحثه
" اذهب وخذ حمامك تحسين ... لا تتأخر.."
توقفت خطواته وهو يحدق فيها مسحورا باصابعها البيضاء وهي تتلاعب بالضفيرة .. بضع شقوق رقيقة رمادية كدّرت صفو ذاك البياض الحلو في اطراف اصابعها ..انها شقوق الشقاء والكد والعمل ..
ارخى نظراته عنها وتحرك بخطواته المتكئة تلك في اتجاه اخر .. عقله فقط يحثه ان ينفذ ما طلبت ...
وسط الحمام الصغير يجلس على مقعد خشبي صغير ذو قوائم قصيرة .. احضرته اليه حسناء من عربة بائع الاغراض المستعملة ..
دون ان يطلب فكرت هي ان هذا المقعد سيعينه وهو يأخذ حمامه دون ان يقع ارضا ..
أخذ يغرف من الماء في الحوض ويصب فوق رأسه ثم يدلك جسده بصابون الغار ذو الرائحة المسكية فيدعك ويدعك وكأنه يغتسل من ادران العمر بأكمله ... ينظر الى ساقه المقطوع فترتعش يده للحظة لكنه يواصل تنظيف نفسه ..
يشعر انه يسير في طريق عجيب بخطوات كانت بطيئة للغاية لكنه ما زال يسير .. وكل يوم يترك القيادة لحسناء كي تأخذه في ذاك الطريق اكثر .. وكلما طاوعها متذمراً ناقماً كلما صبرت عليه ثم تجازيه بما لا يتوقعه منها..
تُرى .. هل هي صادقة بما وعدته بمداراة وهي تتلاعب بضفيرتها ؟!
لم يعد يحتمل فينهي حمامه اخيرا ويجفف جسده وهو يرتجف في ثورة أمل ...
وجد جلبابه معلقا بمسمار في باب الحمام فارتداه وفتح الباب وغادره وشعره ما زال يقطر ماء .. كان يلهث وهو يبحث عنها في ذاك السكن الضيق فيذهب للمطبخ فلا يجدها فيناديها " حُسنااا .. حسناااا .."
ترد عليه من الغرفة " انا هنا..."
تتسارع انفاسه وتجري خطواته بين ساق واحدة وكف مستند على الجدران يعين تلك الساق كي يصل مبتغاه اللاهث اليه ...
وجدها تجلس على السرير بنفس الجلباب والضفيرتان ملقاتان على كتفيها ..
وجهها متورد وشفتاها باسمتان وتلك الدقات الزرقاء الثلاث على حنكها تزيد ابتسامتها فتنة ..
لم تقف اليه لتعينه على المسير كعادتها بل اكتفت بالقول الرقيق النبرات الحلو المعاني الواضح الدعوة " هلا فككت لي ضفائري .."
لا يعلم كيف تحرك بساق واحدة دون ان يتكئ بكفه على شيء ! لقد تحرك مباشرة نحوها وهو لا يعرف الى اين يخطو ...
جلس جوارها وهو يرتعش ..
اصابعه تمتد لضفيرتها الاولى بينما تغمض حسناء عينيها هامسة برجاء " فكها على مهل.. افتح لفات الخصل الثلاث بحذر لانها تتشابك احياناً وتعلق الشعرات ببعض فتؤذيني .."
يهز رأسه وهو يرد بهمس " حاضر .. حاضر .."
كان يختض حرفياً واصابعه تفك بمعاناة ضفيرتها الاولى .. تأوهت اربع او خمس مرات من وجع تسبب لها فيه دون قصد لكنها لم تشتكي بكلمة ...
انتهى من الضفيرة الاولى ليلحقها بالثانية وقد شعر انه صار (خبيراً) فلم يؤذها الا مرة واحدة ...
اخذ يفرد شعرها الطويل المتموج من اثر الضفائر وهو مبهور ومشاعره متشابكة مع بعض في تأثر جنوني يصرخ اشتياقاً..
كان يلهث وهو ينظر بتساؤل الى جانب وجهها المستكين في استرخاء ... لكنها كانت تغمض عينيها فيسألها بصوت مبحوح محتار
" ماذا .. ماذا افعل .. الآن ؟"
تفتح عينيها وتستدير اليه هامسة بنظرات خجلة بعض الشيء " هل تراني .. جميلة؟"
يهدر بخشونة وكفاه تحاوطان وجهها
" لم يخلق ربي بجمالك .. فلا قبلك ولا بعدك يا حُسنااا .."
ترتج روحه وتكاد عيناه تخرجان من محجريهما وهو يراها تحرك فمها جانبا لتلثم باطن كفه وتهمس " اذن رفقاً بجمال خلقه ربي لك .. ترقق يا تحسين .. ها ؟ المسني كيفما تشاء انا حلالك .. لكن ترقق وراعني بالله عليك .. "
كانت ما تزال تلثم كفيه لا تبالي بخشونتهما بل وكأنها تتكلم مع قبلاتها تلك " احب خشونة راحتيّ كفيك هذه الايام .. ابي كان يقول .. الرجال الحقيقيون هم من تشعر في كفوفهم خشونة العمل .."
كان ينتفض من كل لمسة وقبلة وكلمة منها ... لتحثه اكثر " لكن تذكر ان تترقق معي بعض الشيء .. لا تتعجل ولا تؤذني.."
يميل بارتباك ليطبع بحذر قبلة على خدها ويسألها مرتعشاً " هكذا .. ؟"
تضحك بخفوت ولا ترد فيحتار ويعاود طبع قبلات حذرة على خديها ثم عنقها ووشم حنكها فينتشي ويجن جنون رغباته لكنه يقاوم ويعاود التساؤل بمزيد من الارتباك
" هكذا ؟!"
ما زالت تبتسم وهي تسبل اهدابها ولا ترد فيتمادى في قبلاته حتى يصل فمها ولا يزال التساؤل عالقا بفمه " هكذا ... حُسنااا ؟"
يميل بها فوق السرير ورغباته تضيع وسط احساس لم يصل كنهه يوماً .. احساس لا يعرفه وهو يطير به عاليا ... عالياً جدا..
شعر انه مجرد شاب .. شاب مكتمل الجسد.. لا ينقصه ساق ولا .. قلب ..!
اجل.. انسان له قلب وروح .. خالي البال رائق الحال .. عاشق حتى نخاع النخاع .. وبين يديه معشوقته .. حلمه وقد باتت حلاله ... الليلة فقط باتت حلاله ..
دللته كأنه اوسم الرجال وذوبت روحه وسقته من ينبوع حُسنها وطيّبت ثغره بطيب ثغرها حتى سالت دموعه مدرارا وهي تمنحه نفسها راضية وصوت تأوهاته يضج بين الجدران وكأنه سجين العمر أُطلق سراحه ليقضي معها باقي العمر .. كأنه يحطم قضباناً غلاظاً قاسية جعلته يعيش لاعوام طويلة خلفها كأدنى من ان يكون انساناً..

يتبع...




التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 08-03-19 الساعة 07:56 PM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس