عرض مشاركة واحدة
قديم 30-11-18, 08:43 PM   #434

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي


بعد النقاش الحاد الذي خاضاه أمس... وبعد أن امتنع عن الاتصال بها بنفس الليلة على غير عادته.... تقابلا في اليوم التالي... وكأنه شيئًا لم يحصل... أو بالأحرى وكأنهما أخذا هدنة يلتقطان بها أنفاسهما قبل أن يعودا لصراعهما الصامت من جهة... والثائر من جهة أخرى...
لم يسمح لها بالاعتراض فور أن عرض عليها الزيارة لمنزله قائلًا بهدوء ونظراته العميقة تختبرها :
" يجب أن تزوري بيتك المستقبلي... أليس كذلك.."

اومأت بنفس صمتها وتركته يقودها للسيارة حيث يستقر فراس بها.... جلست في المقعد الأمامي وأجلسته على حجرها هامسة :
" كيف حالك صغيري..."

استقر وليد بجانبها وراقبها ببسمة ضعيفة كيف تحني رأسها وتقبل فراس بلطف وكأنها تخشى عليه.... لا يعلم كيف تحرك شعوره نحوها بقوة.... ورغب بشدة أن يضمها... أن يقبلها... أن يخبرها بأنها بدأت تحتل قلبه... بدأت تدخل لروحه دون إنذار... وكم يخيفه هذا....يخيفه بشدة!
رآها ترفع رأسها وتقول يتساءل :
" هل تنتظر شيئًا..."

ضحك بارتباك وشغل السيارة لينطلقوا.... غمرته بعض السعادة وهو يسمع مناوشاتهما وضحكاتهما الحلوة.... شعر بأن الحياة تدب فيه بشقاوة.... شعر بروحه تتجدد...

عندما وصلوا ترجل فراس راكضًا بمرح للداخل... أما هو فأمسك بيدها وقال بابتسامة صغيرة :
" هيا بنا... "

عندما دخلت وقفت بالصالة وسألته :
" هل الصالة كبيرة.."

قال برقة :
" متوسطة الحجم..."

عرفها على الغرف واحدة تلو الأخرى... وشرح لها باستفاضة غير شاعرًا بنفسه... لكنه يعترف بأنه أحب هذا... أحب هذه الطريقة البسيطة التي تواصلا بها.... دون شجار أو تراشق بالكلمات..
قادها إلى الشرفة وقال ببشاشة :
" أحب الجلوس هنا جدًا..."

أسندت ذراعيها على السور وردت مؤكدة :
" نعم... الهواء من هنا منعش..."

تطلع بها وابتسامته تخفت قليلًا ثم اقترب ببطء وأخذ يحدق بظهرها بتردد قبل أن يتشجع ويحيطها من الخلف بذراعيه المرتجفتين.. شعر بها تتشنج قليلًا ثم تسترخي بعدها مسندة جسدها على صدره وعيناها شاردتان...
تسللت رائحتها الجميلة إلى أنفه... رائحة نقية.. صافية.. لم يشتمها من قبل ...
" أعجبني المنزل..."

همس مازحًا بين طيات حجابها :
" الحمد لله إذًا..."

بعد صمت قصير سألت بشكل باغته :
" كم كان عمر فراس عندما توفيت والدته..."

شعرت بتقلص أصابعه المحيطة بخصرها لكنها انتظرت جوابه... حتى لو لم يجب... بعد وهلة قال بصوت مكتوم :
" شهر..."

سمعها تطلق شهقة خفيفة لتعود السؤال بلوعة :
" لماذا.. توفيت زوجتك... ماذا كان مرضها..."

أجاب بجمود :
" موت مفاجئ... دون سبب... أنتهى أجلها فقط"

التفت له تقابله وجهًا لوجه فشدد من ذراعيه حولها.. لا يريد أن يفلتها الآن... ليس الآن... بينما همست هي يتعاطف :
" أستطيع إدراك كم كان هذا مؤلمًا.. وكم لا يزال مؤلمًا.. "

رافضًا أن يظهر بموقف الضعف أمامها قال :
" ألمني وقتها صحيح... لكن الآن عندما أتذكر الأمر لا أشعر بالألم ذاته... بل كأنه ندبة لا أكثر.... رحمها الله"

ظلت على نفس ملامحها المترققة ... بحاجبيها المعقودتين بحنان أذهله... وبشفتيها المرسومتين بشكل بسمة خفيفة.... ملامح لأول مرة يراها عليها.. وكأنها نسيت نفورها ورفضها له.... وكأنه تنظر لروحه فقط دون أي عوامل خارجية......وكم يسره هذا... وبنفس الوقت يغضبه.... يكره أن يكون ضعيفًا أمام أحد.... طوال حياته أخفى هذا الضعف جيدًا حتى لا يظهر لأحد.... فكيف بنظرة منها يشعر بأنه عارٍ! ... روحه عارية... ومخاوفه عارية.... وندبات ضعفه عارية...

رفع كفه المرتعشة ومررها على تقاسيم وجهها... أصابعه تتحسس نعومته... ومشاعره تنتفض بداخله..... وصلت أصابعه لعينيها فأغمضهما بخفة... ولم يتمالك نفسه من السؤال :
" هل كان حادثًا..؟"

تنفسها تسارع ولامس صدره ورقبته قبل أن تجيب بشرود :
" نعم... كان حادثًا..."
ثم فتحت عينيها وأطلت منهما نظرتها القوية وهي تردف :
" أنا لم أُولد كفيفة..."

مجرد تخيله للفكرة يجعله يشعر بانقباض غير طبيعي بصدره... مجرد تخيله بأنها عانت... تجعله يشعر بالألم...
لكن مع هذا... قال والحروف تتلكأ على شفتيه :
" هل يمكنني معرفة... ماذا حصل"

بقيت صامتة وكأنها تسأل نفسها إن كان من الممكن إخباره... بينما التمعت عينيها بما يشبه الدموع... لتقول بعدها يصوت شديد الخفوت :
" وقعت.... وقعت من سطح المنزل"

فغر شفتيه بصدمة... وكل عصب بجسده اشتد...بينما قلبه سارع لينتفض مجاريًا لتلك الصدمة الموجعة... ثم قال بتقطع :
" كـ...كيف... كيف حصل ذلك.."

أسبلت رموشها تحجب شعورها عنه وقالت :
" هل تريد التفاصيل..."

رفع ذقنها نحوه بحركة حادة وهمس وأنفاسه تلهث :
" كيف أخبريني... كيف صعدتِ هناك وسقطتِ... أنا لا أفهم"

أطبقت شفتيها وبدت فاقدة الرغبة باستكمال هذا الحديث... لكن هيهات أن يتركها الآن... لن يجعلها تقصيه عن معرفة هذا الحدث من حياتها أيضًا لذا نادها بإصرار :
" ماريا!"

لتسارع بالقول الحاد المندفع... المبيح بكل شيء مرة واحدة :
" كانت ليلة عيد ميلادي... وابنة خالتي أحبت أن تفاجئني.. فحضرت لي حفلة صغيرة لنا وحدنا بعيدًا عن ضجيج الاحتفال الكبير الذي صنعته أمي.... وكانت هذه الحفلة على السطح.... وشاءت أن نرى وقتها من السطح إحدى اللصوص يخرج من منزلنا.... كنا طفلتين.. لم نكن بالقدر الواعي الذي يجعلنا لا نتهور.... كنا طفلتين فقط "

توقفت عن الحديث وهي تنهت... وبعينيه رأى دمعة تشق طريقها كأخدود على وجنتها قبل أن تمسحها بكفها بعنف....
أمامها صامت.. وبداخله صاخب.... مصدوم.... ومتوجع عليها جدًا... جدًا.... :
" وماذا حصل لابنة خالتك... "

هنا وكأنه أعطاها صعقة الوعي... فجسدها اهتز بخفة... ورفعت يديها تخفي تحتهما وجهها ثم استدارت عنه لكنه أمسك بذراعها وجرها كله لصدره... يضمها هناك طويلًا.. ويربت على ظهرها ورأسها.... ونشيجها المنخفض يصل لاذنه... لكنه يتجاهله.... فليدعها تبكي... إنها بحاجة لتبكي...

أستند على الحائط خلفه وهو يشدد على جسدها هامسًا بنفس جملتها السابقة :
" أستطيع إدراك كم كان هذا مؤلمًا.. وكم لا يزال مؤلمًا"

لتصطدم كلماتها النافية الكاذبة بصدره :
" إنه كندبة.. فقط"

ابتسامة شاحبة زارت شفتيه وهو يقول مؤكدًا :
" ندبة فقط..."

هنا على صدره.. نست بأنها تقف تحت بساط يمكن أن يـُسحب من تحت قدميها بأي وقت... نست بأنها مع رجل هي مخدوعة به...
هنا على صدره أخرجت ولو جزء من البكاء المخنوق بداخلها.... وأباحت بجزء مما كان يقيد روحها...
هنا على صدره شعرت بالسلام... ولو مؤقتًا...

يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس