عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-18, 12:09 AM   #1109

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

في تلك الليلة ، دخل عصام أخيرا إلى غرفته بعد ساعات قضاها يقطع الشوارع بلا هدف ، يتجاهل مكالماتها الواحدة بعد الأخرى .
جلس على سريره واضعا وجهه بين كفيه ، يخرج من شفتيه أنفاسا عميقة ملتهبة يحاول أن يخفف من براكين الغضب التي يشعر بها تتفجر بداخله .
غضب أعمى ، أسود منذ رأى ذلك ال... و هو يكاد .. على مرأى من الكل .
أغمض عينيه و هو يتذكر ثورته المجنونة على زميليه الذين كبلا حركته و منعاه من اللحاق به و من الأفضل أنهما فعلا ذلك لأنه كان سيَقتُل أو يُقتَل في تلك اللحظة .
قبض أصابعه و أرخاهما عدة مرات و هو يتذكر كيف اقتربت منه هي بقلق بعد أن غادر الآخرون ، كيف حاولت أن تضع يدها على كتفه ليبتعد عنها بعنف و هو يأمرها بحدة :
- غادري الآن شاهيندا .
- عصام أنا ...
- غادري ، أضاف و دمه يفور داخل عروقه .
- فقط اسمعني ..

و حينها تركها ليغادر هو دون أن يلتفت حتى و هو يستمع إلى نداءَاتها المستمرة له .
رفع رأسه أخيرا ينظر أمامه بخواء و للمرة الثانية يجد نفسه يكرر نفس الجملة :
- لا أريد أن أظلمها يا رب و لكني لا أريد أن أظلم نفسي كذلك .

لا يستطيع أن ينسى منظرها بين أحضان الآخر و لا يستطيع أن يتجاهل ما أحدثه رؤيتها بذلك الشكل في داخله .
كور قبضته بقسوة بينما نار تتقد بداخله و هو يتذكر الطريقة الحميمية التي تصرف بها ذلك السافل معها .
لماذا لم تقاوميني يا شاهيندا ؟ لماذا ؟
فقط لو قاومتني ، لو أعطيتني دليلا واحدا لعدم تصديق ذلك الكلب .
لا ينكر أنها لم تسع أبدا لتقبيله لكن المشكلة عندما حدث الأمر أنها لم تمانع و فيما بعد كانت هي التي تطلب ، هي التي ترغب .
أغمض عينيه و هو يتذكر استسلامها بين أحضانه مرارا و تكرارا ، كيف يستطيع أن يقنع عقله و قلبه بأنها لم تكن بهذا الشكل مع خطيبها السابق أو حتى الآخَريْن .
زفر بعنف و هو يقف فجأة و يشعر أن المكان ضيق عليه جدا أو ربما هو صدره هو الذي ضاق بكل هذا الشك .
تحرك باتجاه الباب ليخرج إلى الشارع من جديد ، توقف في لا مكان و هو يتذكر زميلهم الأربعيني الذي يرفض تماما الزواج ، يقول لهم دائما أنه رغم توبته إلا أن العمر الذي أمضاه يتمرغ بين أحضان البنات ملأه بشك قريب من اليقين أنه لم تعد هناك بنات يصلحن للزواج .
طبعا هو شخصيا لم يكن يتجاوب معه عندما يخوض هذا الحديث ، ليس بسبب أخواته البنات التي يعرفهن كظاهر يده لكن لأنه يكره منطق التعميم و لأنه كان يعتقد أنه وحده الإنسان الوسخ هو من يرى الوساخة في كل مكان حوله .
لماذا يا شاهيندا ؟ لماذا لم تقاوميني ؟ كرر ثانية بينما أنامله تخط بسرعة رسالة قصيرة لها .
.
..

في الغد جلسا متقابلين كما فعلا عشرات المرات من قبل .
هالاتهما السوداء دليل على نوعية الليلة التي قضاها كل منهما .
- شاهيندا ، تكلم أخيرا و هو يتجنب النظر داخل عينيها ، أنا ..
أنا آسف .
- آسف لماذا عصام ؟ تساءلت بتوتر ، لأنك تجاهلتني تماما البارحة .

أغمض عينيه طويلا ثم قال ببطء :
- أنا سأظلمك معي لو استمررت معك يا شاهيندا .
- تظلمني لو ... ، توقفت بذهول و هي تحاول عبثا مقابلة نظراته الهاربة .
عصام ، ما الذي يحصل ؟
ما الذي يحصل ؟ كررت بصوت حاد .
- بصراحة شاهيندا الموقف الذي حصل البارحة جعلني أعيد الكثير من حساباتي .
- أي موقف ؟
- تعرفين جيدا عما أتكلم ، قال و هو يرفع عينه أخيرا ليواجه نظراتها .
- و مع ذلك أريد أن أسمعه منك أنت .
- على العموم أنا لست في وضع يسمح لي بأن أحكم عليك ، هذا ليس من حقي ، لكني لا أستطيع الاستمرار معك .
- عصام لا تثر جنوني ، هتفت بغضب و هي تدق بقبضتها على الطاولة ، تكلم معي كلاما مفهوما .
- شاهيندا ، تمتم بصوت خفيض و هو يهز رأسه ، عندما رأيتك البارحة بين ذارعي ذلك ال.. ، توقف يهدئ أنفاسه الثائرة ثم قال بخواء ، ببساطة لا أستطيع .
- لا تستطيع ماذا ؟ قالت و عيناها تتسعان .
- حياتكم مختلفة جدا عنا ، هناك أشياء أنتم ترونها عادية جدا بينما نحن ..، آسف شاهيندا .
- يعني أنت رأيت ذلك السافل يتحرش بي فتتهمني أنا بالانحراف !!؟
- لم يبد عليه أنه يتحرش بك شاهيندا ، قال بجفاء و هو يشيح بوجهه ، ثم إنه كان خطيبك .
- و ؟
- و أنا لا أستطيع ، لا أقدر ، توقف طويلا أمام نظراتها الغير مصدقة ثم قال يحسم الموضوع ، لا أستطيع الارتباط بامرأة كانت لها تجارب سابقة مع غيري .
- كانت فترة خطوبة بريئة ، تمتمت و هي لا تزال تحت صدمة كلماته .
- خطوبتنا أنا و أنت لم تكن بريئة .


تجمدت نظراتها المصدومة المركزة على ملامحه المرهقة المتوترة ، صمتت طويلا طويلا قبل أن تقول بصوت مهتز :
- أنا لا أفهم لماذا خطبتني و انت تظن اني سلمت نفسي لنصف رجال الكوكب .

خفض رأسه فواصلت بمرارة :
- أخبرني عصام هل تلومني لأني ضعفت أمامك ؟
- ألومك لأنك كما ضعفت أمامي يا شاهيندا أكيد ضعفت أمام غيري ، هل تستطيعين أن تنكري ؟
- و هل سيفيد إنكاري ؟ أنت حكمت و قررت و انتهى الأمر .

تجنب النظر داخل عينيها و هو يقول بهدوء :
- تأخر الوقت ، تعالي لأعيدك إلى منزلك .

سارت خلفه تنظر إلى ظهره و هو يبتعد آخذا معه آخر آمالها . ركبت السيارة بجواره و هي تشعر بنفسها مزعزعة الكيان كليا ، تأملت تعابير وجهه القاتمة مطولا ثم قالت بصوت خافت :
- و هكذا يبدأ كل شيء و ينتهي حين تقرر حضرتك ذلك .
- أنا آسف
- ألا تلاحظ أنك تكررها كثيرا ، و على العموم أنا لا أريد أسفك ، تستطيع أن تحفظ به في نفس المكان الذي تضع فيه ازدواجيتك .
- إذن الآن أصبحت منافقا في عينيك ، قال بحدة دون أن يلتفت إليها .

قاد بصمت لما تبقى من المسافة حتى وصلا أمام بيتها .
لدقائق ظل صامتا و هو يقبض بشدة على المقود ثم قال و هو مازال ينظر إلى الأمام :
- انفصالنا لن يعني نهاية العالم .
- تجعلني أشعر بأن الموضوع في منتهى البساطة .
- صدقيني ليس هناك أية بساطة في الموضوع لكن كلما أطلنا النقاش يصبح الأمر أصعب علي و عليك .
- لم يكن الأمر صعبا عليك عندما قبلتني .
- شاهيندا من فضلك ، قال و هو يغمض عينيه بألم .
- من فضلي ماذا ؟ صاحت و هي تضرب كتفه بقبضتها ، من فضلي أن أسكت و لا أذكرك بأن الخطأ في مجمله خطؤك .
أنا لم أرد أصلا أن أجلس معك داخل غرفة مكتبك المنحوسة و لم أسع إلى الاختلاء بك ، أنت من أصررت ، و أرجوك لا تقلي أنك لم تكن تعرف ما الذي سيحصل ، رجل و امرأة لوحدهما في غرفة مغلقة ، ماذا كنت تتوقع ؟
ثم أنت الذي بدأت و أنا قاومتك ، هل تنكر ؟ أضافت بصوت مرتجف .
- كنت تستطيعين المقاومة أكثر لكن استسلامك كان سريعا يا شاهيندا و سهلا ، أسهل من اللازم ، تمتم بمرارة .
- طبعا ماذا كنت تتوقع من فتاة سهلة مثلي ، فتاة تعودت أن تعطي كل من يطلب ؟ قالت بمرارة أشد .
- أنا لم أقل هذا .
- ليست كل الكلمات بحاجة إلى أن تقال يا عصام ، افتح لي الباب لأنزل .

وضعت وجهها بين كفيها و أجهشت بالبكاء ، تنهد عصام بعمق و لعدة مرات ظل يفتح فمه و يغلقه قبل أن يقول أخيرا :
- شاهيندا ، من فضلك يكفي .
- كلا لن أصمت ، أنت مخطئ أكثر مني لذلك لا تحاول أن تخرس ضميرك على حسابي .
انظر إلي حين أكلمك ، صاحت و هي تدير وجهه نحوها قبل أن تستمر بهيجان :
أنت تعرف ظروفي جيدا ، تعرف أن لا أحد يسأل علي في البيت
شادي أصلا ضائع و لا يهتم سوى بنفسه ، أبي يتعافى من جلطته و أمي تحاول أن تسيطر على ما تبقى من حياتنا .
و أنت خطيبي ، أنت زوج المستقبل ، أنت من يجدر به أن يحميني ، أن يحافظ علي ، المفروض أني أمانة في رقبتك و الرجولة هي أن تتحمل عواقب خطئك لا أن تهرب من مسؤليتك .
- أستطيع جيدا يا شاهيندا أن أتحمل أخطائي ، صاح في وجهها هو الآخر ، لكني لست مستعدا لأن أتحمل أخطاء غيري .
- لم يكن هناك غيرك يا عصام ، لم تعجز عن تصديقي ؟
- آسف ، آسف لكني لا أستطيع أن أصدق أن هناك رجل يتصرف مع امرأة بتلك الطريقة أمام كل الخلق دون أن تكون هي من جراته على نفسها .

خرجت من سيارته بعنف و هي غير واعية بطرف تنورتها الذي التصق بكعبها العالي ، سارت خطوتين لتتعثر بعد قليل و تقع على طولها .
دون وعي خرج مسرعا تحمله لهفته عليها ليركع بجانبها ، يمسك بذراعيها يرفعها ليتفحصها بقلق ، دموعها ، ألمها حفرا عميقا داخل قلبه .
- شاهيندا ،
- ماذا تريد مني يا معقد ، يا متخلف ، ابتعد عني ، اتركني أنا لم أعد أريدك لأنك لست رجلا ، هل تسمعني
لست رجلا ، لست رجلا ، لست رجلا ، أخذت تكرر بجنون و هي تضرب على صدره بكلتا قبضتيها بعنف .

لم تنتبه أنها تقف وحيدة تضرب الهواء إلا حين سمعت صوت محرك سيارته يزأر بعنف و هو ينطلق مغادرا .
إلى الأبد .
كلا لا يمكن ، لا يمكن ، رددت بضعف ، لا يمكن أن يتركني هو أيضا ، لا يمكن ، يا رب ، لا يمكن .

…………………….
تمّ



التعديل الأخير تم بواسطة نغم ; 01-12-18 الساعة 12:28 AM
نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس