عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-18, 05:42 PM   #20

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي


أجواء القرية الساحرة من جديد...
موعد عودتها الأسبوعي من العاصمة التي تقضي بها أغلب أيامها لكنها تعود هنا لتقضي عطلة الأسبوع مع جدتها ...
"الحاجة ثَمَر" التي عاشت عمرها متكيفة مع مهنتها التي يراها البعض مهيبة ذات رهبة ...
"مغسلة أموات"!
أجل ...مهنة غريبة تؤديها تطوعاً بعد مصابها في ابنتها لكن كما يبدو أنها كانت طريقتها لتهوين الأمر على نفسها ...
كلما تذكرنا الموت هانت في عيننا نوائب الحياة !

تبتسم بترقب ممتزج بالسخرية وهي تتوقع المحادثة التي ستسمعها عندما تضع قدميها على أول الطريق ...

_بنت أشواق أهه رجعت من مصر؟!
_البيضا واللا السودا؟!
_السودا!
_سودا سودا بس دمها زي العسل...ربنا يكرمهم وما يجعلش حظهم زي أمهم!

المحادثة التي تسمعها كل مرة تقريباً بنفس المنوال للمرأتين الجالستين على سلم بيتيهما على الطريق تتابعان الرائح والغادي ...
يظنانها لا تسمع !!
أو ربما تعلمان ولا تكترثان!!
من هي كي يعيرها أحدهم انتباهاً؟!!
هي دوماً طرف المعادلة الذي يساوي الصفر!!

ولدتها أمها مع شقيقتها كتوأم غير متماثل لتنال شقيقتها النصيب الأعظم في كل شيئ بينما لا يتعدى نصيبها هي القشور!
الجمال ...التعليم...الذكاء...العمل...ا لحب ...
كل هذا تحصده شقيقتها باقتدار يليق بها بينما لا يليق بها هي إلا الفشل !

صوت نهيق حمار قريب يقطع أفكارها فتلتفت هناك نحو رجل طيب منحها ابتسامة ودعاء فابتسمت بدورها وهي تشعر برائحة القرية تعاود منحها الأمان رغم كل شيئ...
هنا الناس الطيبون الذين قد تحمل كلماتهم بعض الجفاف لكن قلوبهم بفطرتها تميل للحب ...
تعثرت في قالب طوب على الطريق فأطلقت سبة قصيرة ليتبادر لسمعها صياح الأطفال الضاحكين حولها:

_هاقول لأمك يا سامي إنك بتكعبل الناس في الطريق ...هتعلقك!

قالتها ل"الشيطان الصغير" الذي تعلم أن هذه واحدة من هواياته المؤذية ...
ليتراقص الصغير بجسده يميناً ويساراً في حركة لامبالية جعلتها تضحك رغماً عنها مدركة أنها لن تنفذ تهديدها ككل مرة ...

استمرت في طريقها عبر شوارع القرية الضيقة حتى وصلت أخيراً لبيت جدتها لتهتف بمرحها المعهود :
_أنا جيت يا حاجة "ثمر"..."أوبرا" وصلت!

كانت تطلق على نفسها هذا الاسم منذ رأت جدتها هذه المذيعة الشهيرة على شاشة التلفاز لتقول لها بعدم تصديق:
_شبهك قوي الست دي...شفتي يا بت...البخت مش بالجمال.

جدتها العفوية لم تكن تجد غضاضة في تذكيرها كل مناسبة أنها ليست في جمال شقيقتها ...
ربما لأن المرأة العجوز -بعد مصابها في ابنتها الفاتنة- أدركت أن جمال المرأة قد يكون وبالاً عليها ...

لكن -لجين- لم تكن تعلن ضيقها من هذه التعليقات ...
على الأقل هي تنجح في مداراة هذا الضيق بمزاحها الساخر وضحكتها التي لا تكاد تغادر شفتيها ...
هي تعودت تقبل خسائر الحياة منذ تعلمت أنها ليست عادلة !

_حمدالله ع السلامة ...خسيتي كده ليه يا بت...أكيد ما بتاكليش!
هتفت بها الحاجة ثمر وهي تتفحصها ببصرها لتقترب منها فتعانقها بحنان دافق قبل أن تقرص وجنتها بقولها التي تميزه لكنتها الريفية:
_عاملالك طاجن معمر ودكر بط يستاهلوا بقك ...خشي غيري هدومك وتعالي .
ابتسمت لجين وهي تقبل يد جدتها لتداعبها بقولها:
_الشوية اللي أخسهم باجي هنا أعوضهم...افضلي كده زغطيني يا حاجة ثمر لحد ما أربرب وأبقى شبه دكر البط الغلبان اللي دبحتيه .
ضحكت ثمر عبر أسنانها التي فقدت بعضها مع السن لتقول ملوحة بكفيها:
_ياختي كلي...هي الست تبقى ست إلا لما تربرب كده وتسمن وتملا عين العدو.

ضحكت لجين بانطلاق لترد مستسلمة:
_طول الأسبوع بحاول أنسى كلامك ده بس آجي هنا والروايح تشعشع...تسلم إيدك يا حاجة.
ابتسمت المرأة وهي تدعو لها بحرارة لتبتعد عندما سمعت صوت الآذان مع قولها:
_هاصلي العصر على ما تغيري هدومك .

تنهدت لجين بشرود وهي تراقب ابتعادها قبل أن تتلفت حولها بحذر وهي تقترب من السلم الداخلي للبيت والذي يقود لغرفة صغيرة جداً يستخدمونها في التخزين ...
هبطته بخطوات متمهلة كي لا تسمعها المرأة ولم تكد تصل لبغيتها في ذاك الإناء الفخاري المدفون هناك في مكان لا يعرفه سواها حتى انحنت على ركبتيها لتزيح قطعة القماش القديمة عن فوهته ...
ألقت نظرة سريعة تطمئن على كنزها الصغير قبل أن تفتح حقيبتها بسرعة لتضع "حصيلة" هذا الأسبوع ...
خاتم -ماسي- التمع فصه في الضوء لتلتمع معه عيناها قبل أن تقبله قبلة تقدير وتضعه مع بقية كنزها هناك ...
أناملها تعمل بسرعة لتعيد إغلاق الإناء الفخاري وإخفائه كما كان ...
قبل أن تتنهد بارتياح وهي تستقيم واقفة لتغادر المكان بخفة صاعدة نحو غرفتها ...
لكنها ما كادت تفعل حتى سمعت طرق الباب بتلك الطريقة التي لا تميز سوى شخص واحد...
لهذا ابتسمت وهي تهرول نحو الباب لتفتحه هاتفة بعاطفة لم تستطع إخفاءها:
_ياقوت! حمدالله ع السلامة .
=======

وقفت أمام مرآتها تتأمل شكلها بعينين فقدتا بريقهما المعهود...
زين يلح في لقائها منذ وصل إلى هنا وهي تؤخر هذة اللقاء كل مرة بعلة مختلفة ...
لكن إلى متى الهروب؟!
فلتقابله ولترَ ماذا يريد !

كانت تمسك بيمينها ثوباً رمادياً يضيق عند الصدر ويتسع كثيراً بعده بذاك الطراز الذي يميز الثياب التي ترتديها النساء في فترة الحمل ...
بينما حملت يسارها ثوباً أكثر أناقة من ال"دانتيل" بلون "المسطردة" المميز لموضة هذا العام وقد جعله تصميمه المميز بقَصة في منتصف الخصر يخفي بطنها الذي كان قد بدأ بروزه...
رفعت كليهما أمام عينيها بتردد لا تدري أيهما ترتدي...
أنوثتها -المهدورة المطالبة بالقصاص- تميل للثاني ...
لكن "أمومتها" التي طالما اشتاقت الإحساس بها تتشبث بالأول !

ورغماً عنها ارتسمت على شفتيها ابتسامة واهنة وهي تتذكر فرحتها عندما علمت بهذا الحمل ...
عندما ظنت أنها بلغت عنان السماء بحلم ليس كمثله حلم...
بحب ليس كمثله حب ...
قبل أن تسقط من عليائها ليدق عنقها بكل قسوة!!

_ما تخافش...مش هاكرهك...بالعكس...هاحبك الحب اللي ما قدرش هو يحبهولك...أو يحبهولي...هاحبك أد ما حبيته...وأد ما كرهته!

همست بها بألم تحدث صغيرها عبر المرآة قبل أن تتأوه بخفوت لتلقي الثوبين أرضاً بينما تتهاوى جالسة على الفراش...
ملامحها تحكي ألف حكاية للوجع...للخيبة...للخذلان...
كيف تصف شعورها عندما سمعت صوت يامن في تلك المكالمة أخيراً بعد فرقة هذه الأشهر...
كيف تصف زئير كبريائها ... صهيل غيظها...زمجرة رغبتها في الانتقام...
ووسط كل هذا عويل قلب بائس تعلم الكره بعد طول حب...
تدركون معنى أن يتعلم القلب الكره بعد طول حب؟!
أن تكفر النبضات بسيدها ومرشدها وهاديها؟!
أن يعاند الدم مساره في الأوردة حتى ولو فيها الهلاك؟!
أن تنكتم الأنفاس طوعاً حتى تختنق الروح قبل الجسد؟!
حب؟!
ألا لعنة الله على هكذا حب !!

طرقات رفيقة على باب غرفتها تحيل ملامحها من النقيض للنقيض...
الحدة المكسورة تعاود رسم قناعها لتستقبل أباها بقولها المتحفز:
_قبل ما تسأل ...أنا خارجة أقابل زين...مش عايزة نصايح لأني مش هاسمع غير كلام نفسي وبس.

تنهد الرجل بحرارة وعيناه تميزان في مشهد الثوبين المرميين على الأرض صراعها الذي تخفيه عنه ...
ربما كانت تصرفاتها هذه لتثير غضبه في أي موقف آخر لكن الآن هو لا يشعر معها سوى بالذنب...والقلق!
ابنته التي طالما كانت شمساً يفتخر بها اليوم صارت كرة من نار تحرق كل من يقترب منها وتحترق هي قبله...
لهذا تمسك بحكمته وهو يجلس جوارها على طرف الفراش قائلاً برفق:
_ماشي...بس انتِ عارفة معنى إنك توافقي تقابليه دلوقت إيه؟! عندك استعداد في المرحلة دي تدي أي وعود؟!
لكنها لم تبدُ حتى وكأنها تفكر أو فكرت في شيء بل تجمدت ملامحها مع قولها :
_هاسمع منه الأول ...زين عاقل ودماغه موزون ...أكيد مش هييجي لحد هنا إلا لو محدد موقفه كويس.
_وموقفك انتِ؟!
غمغم بها بضيق لم يملك كظمه وهو يشير لبطنها مردفاً:
_انتِ مش بتختاري مصيرك لوحدك...فيه روح تانية دلوقت متعلقة فيكِ...اعقلي كل خطوة بتمشيها.
ضحكتها الساخرة قاطعت عبارته وهي تقف مكانها بنظرات ذات مغزى ليزفر هو قائلاً بانفعال:
_عارف انتِ عايزة تقولي إيه ...عشان اللي في دماغك بالضبط مش عايزك تكرري غلطتي...انتِ بالذات مش هتستحملي تعيشي بذنب طفل تايه بين أمه وأبوه.

هنا تحولت سخرية ابتسامتها لبعض الحسرة لتشرد ببصرها قائلة:
_أبوه مش هايبقى أصلاً عايزه...هيفضل طول الوقت شاكك هو ابنه واللا لأ...عارف ده معناه إيه؟!
_مش يمكن لو سمع منك أنت الحقيقة يصدقك .
قالها برجاء خفي لتجيبه بنفس النبرة الشاردة:
_يااااااه...ياما زمان سمع مني...ياما قال إنه بيصدقني وإني عنده غير كل الناس ...لكن وقت الجد اكتشفت إن اللعبة خسرانة.
التمع إشفاق غامر في عينيه...هذا الذي استفز كبرياءها لتعاود "حدتها المكسورة" تناول الدفة بقولها :
_أنا اتأخرت على زين ...من فضلك سيبني أغير هدومي .

هز رأسه بيأس من مجادلتها ليقوم فيغادر الغرفة إلى صالة منزله الواسعة حيث استقبلته زوجته بقولها المستنكر:
_أنا مش عارفة إنت إزاي متهاون معاها كده...لو حد شافها مع زين ده هتأكد على نفسها الفضيحة...احنا ما صدقنا الموضوع اتلم شوية بعد ما رامي اعتذر وقال الفيديو متفبرك.
فصمت قليلاً دون رد لتردف بنبرة إكثر ليناً :
_يمكن ماليش حق أتدخل لأنها مش بنتي...بس كفاية تكون بنتك انت وأخت عابد عشان أخاف على مصلحتها زيه بالضبط...
رفع إليها عينين ممتنتين ثم أحاط كتفيها بذراعه ليجلس جوارها على الأريكة قائلاً :
_أنا فاهم ياسمين كويس...ظروف تربيتها خلت عندها هوس بالكمال...استحالة تعترف لنفسها إنها ضعيفة أو محتاجة حد...زي ما هو مستحيل تتقبل فكرة إنها تغلط...حشرت نفسها في قالب الست المثالية ...عشان كده اللي حصل عمل لها عدم اتزان...ياسمين مش عايشة مجرد صدمة عاطفية عشان جوزها سابها...ياسمين دلوقت بتدافع عن إنجاز سنين عملته لوحدها ...إنجاز مش هتسمح لحد يشكك فيه...إنجاز اسمه "ياسمين ذو الفقار" نفسها.
رمقته بنظرة مستفسرة ليتنهد مردفاً:
_والدتها الله يرحمها علمتها تحول كل نقط ضعفها لقوة...عاشت طول عمرها تخبي ضعفها جواها وتترجم حزنها وألمها لنجاح...حتى لما اتجوزت رامي وطلع حيوان قعدت فترة تحاول معاه رافضة مبدأ الفشل...وبعد طلاقهم فتحت المطعم وأصرت تنجح في حياتها العملية...كل ده جميل قوي من بره...لكن الحقيقة إنها ما عالجتش نفسها من جوه...عشان كده طبيعي دلوقت تنفجر...تثور...تتمرد ...تتصرف عكس طبيعتها القديمة ...ودوري دلوقت أبقى جنبها بس من غير ضغط ...عشان وقت اللزوم أقدر أحميها من نفسها.
همهمت بتفهم لتربت على كفه ثم سألته بفضول:
_انت عايزها ترجع ليامن ده ؟!
_أنا عايزها ترجع لنفسها الأول .
قالها حازماً قبل أن يفسر باستطراده :
_أنا كنت رافض الجوازة دي من الأول ...لكن هي أصرت...ومع الوقت ابتديت أحس بتأثير يامن عليها...ياسمين حرفياً زي ما تكون اتفتحّت معاه...ضحكتها...كلامها...هزار� �ا...نجاحها...كل ده كان له شكل تاني بعدما اتجوزته...وبصراحة أنا عاذره في موقفه بعد اللي شافه...أي راجل مكانه مش هيعديها خصوصاً إنها رفضت تدافع عن نفسها.
_شكلي هابتدي أغير رأيي...فعلا ساعات الحب لوحده ما بيبقاش كفاية...ياسمين حبته وهو خذلها...إنما زين ده شكله شاريها قوي ...جاب لها حقها من رامي...وواجه يامن بالحقيقة...ده حتى جه وراها لحد هنا...ممكن فعلاً يكون علاجها الحقيقي .
قالتها زوجته بحماس ليزفر بحنق قائلاً:
_أنا لو شفت زين ده قدامي هاضربه...انت ناسية إن هو السبب أصلاً في مصيپتها دي؟!
_غلطة وشكله ندم عليها وبيحاول يصلحها ...مادام پنتك عنيدة زي ما بتقول خللينا ندي زين ده فرصة...
قالتها ببعض الحيرة لتردف بقلق حقيقي:
_عابد راجع من السفر بكرة...وخايفة من أول مقابلة بينهم...انت عارف أفكاره الجديدة.
فتأوه وجدي بقوة ليقول حانقاً:
_أهه عابد ده يستاهل القلق أكتر منها...ربنا يستر.
=======







التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 20-12-18 الساعة 04:38 PM
الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس