عرض مشاركة واحدة
قديم 22-12-18, 11:41 AM   #1354

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل السادس و العشرون



عقدت قرانها !!
انهار جالسا على أقرب مقعد إليه واضعا وجهه داخل كفيه و هو بالكاد يشعر بما حوله .
لم يرفع رأسه سوى حين شعر بيدي والدته على كتفه .
قابلت نظراته الزائغة بنظرات قلقة خاصة و هي ترى ذلك اللون القاتم الذي لون أعلى وجنتيه .
- اذكر الله بني .
- لا إله إلا الله يا أمي ، تمتم و هو يعود لإغماض عينه عنها و عن كل الدنيا .
- لا يوجد نصيب بينكما بني ، سمعها تقول بأسف ليغرق قلبه داخل يأسه أكثر .
الآن عليك أن ..
- يكفي أرجوك أمي ، همس مطأطأ الرأس ، اتركيني مع نفسي لبعض الوقت .
- كما تشاء حبيبي و على العموم أختك ليلى في طريقها إلينا و ستشرح لك أكثر .

أومأ برأسه في صمت و هو يراقبها تقوم من جانبه و تبتعد .
أخته تشرح له ؟
تشرح له ماذا ؟
هل ستشرح له كيف يتقبّل أنها لم تعد في حياته .
كيف يقتنع أن قلبها سينبض بحب رجل سواه .
صور كثيرة مختلفة لها طفت على سطح ذاكرته بينما خافقه يضج بقوة داخل صدره مطالبا بها ، بعودتها إليه .
كما هي و بكل ما فيها .
بضحكتها ،
بدمعتها
بغضبها ،
برضاها
بحاجتها إليه
و حاجته هو لحاجتها إليه .
طفلة قلبه ، هكذا كانت .
و الآن ستصير امرأة غيره .
ستصبح حصرية بكل ما عشقه فيها لآخر سواه .
زوجها .
كم تؤلم نفس الكلمة التي حلم بها مرارا من قبل .
تجرحه جدا الآن ، تدمره و قد أصبحت تصف رجل حياتها الجديد .
كم كان غبيا لأنه خلط الأمور ببعضها و لم يزنها بميزان عقله قبل قلبه .
كم كان غبيا لأنه تركها تضيع من بين يديه .
مع أنه كان يعرف ، طوال الوقت كان يعرف أنها مختلفة .
قلبه رآها كما هي .
و على ضوء خبرته في البنات حتى عقله اقتنع بأنها ليست كما كان يظنها .
أعاد رأسه إلى الخلف يتنهد بحسرة و هو يتذكر تلك اللحظة التي انطلق بعدها كل شيء .
تلك الرحلة على متن الحافلة عندما جلست بجانبه ، كيف انكمشت باضطراب واضح عندما اقترب بجسده منها .
يذكر مشاعره الغريبة و هو يبتعد عنها حينها حائرا في فهمها .
و كيف ازدادت حيرته حين صحى من غفوته القصيرة ليجد رأسها مستندا على كتفه ، ملامح وجهها ترسم أمام عينيه صورة راحة و سلام ،
يذكر ذلك الدفء الحارق الذي شعر به لحظتها ، دفء كتمه في الثانية التالية صوت نفوره منها .
حينها كان غاضبا منها و بشدة و لم يرد أن يشفع لها أي شيء لديه .
و لكنه الآن يفهم أنها في أعماقها عرفت قبل أن يعرف هو أنها تحتاجه .
أنها تريد أن تكون معه .
أنها تبحث فيه عن مرسى لحيرة قلبها و شتات نفسها .
تلك الحيرة التي رآها وقتها داخل عينيها عندما استيقظت فجأة على صوت النفير العالي الذي أطلقه السائق الغاضب ،
يذكر كيف نظرت إليه بارتباك و عدم فهم للحظة ثم عادت للابتعاد و هي تسند رأسها على أعلى كرسيها بعيدا عنه في وضعية غير مريحة لها .
تنهد مرة أخرى و هو يعود ليزرع وجهه بين كفيه بندم .
و الآن ماذا فعل هو ؟
عاد لينسحب من جانبها
و تركها بلا كتف تسند عليه رأسها .

.
..
...

بعد نصف ساعة كانت السيدة جميلة تتجه إلى الباب تفتحه ، تستقبل ابنتها بضمة و قبلتين متبادلتين كالعادة قبل أن تأخذ منها طفلها الأكبر .
- بسم الله ، ما شاء الله ، بدأت تقول بحنان ، حبيبي أدعو الله أن تصبح مثل أبيك في كل شيء .
إياك أن تأخذ شيئا من قلة عقل أمك التي كانت ستحرمها كل هذه النعمة التي تعيش فيها الآن .

هزت ليلى رأسها بيأس قبل أن تقول و هي تبحث بعينيها :
- أين عصام يا ماما ؟
- في الحمام ، أنفه ينزف .
- لماذا ؟ غمغمت بقلق .
- منذ أن أخبرته عن عقد قران البنت وهو ليس على ما يرام .

عضت ليلى على شفتيها ، زفرت باضطراب و اتجهت بسرعة إلى حيث أخيها .
- ألم تنسي شيئا وراءك ؟ أوقفها صوت أمها العالي .
- خذيهما لفرح يا ماما ، قالت و هي تدخل الحمام لتجده فارغا .

قصدت غرفته و بعد طرقتين خفيفتين دخلت لتجده مستلقيا على سريره واضعا ذراعه على عينيه .
- عصام ، تمتمت بارتباك .
- من فضلك ليلى اتركيني لوحدي ، أجابها بصوت مرهق .
- اسمعني أولا .
- آسف ليلى ، لا رغبة لي بسماع أحد في هذه اللحظة .
- حتى لو قلت لك أنه لا يوجد عقد قران .

رفع ذراعه لينظر إلى ملامحها المتوترة مضيقا عينيه بعدم فهم .
- بصراحة كذبت ، أوضحت باستسلام .
- كذبت ؟

اعتدل جالسا دفعة واحدة و هو مستمر بالتحديق فيها دون تعبير .
- كذبت ؟ كرر ثانية و هو يقوم ليتجه إليها و يقف مواجها لها .
احمدي الله يا ليلى أنك أكبر مني .
قسما لو كانت تلك السنة التي بيننا معكوسة كنت ستمضين أسبوعا و آثار أصابعي مرسومة على خدك .

دون وعي رفعت ليلى يدها أمام نظراته القاتمة تمررها على خدها بارتياح .
صفعتان سابقتان على خدها من أبيها ثم زوجها بسبب الكذب و لم تتب ، ربما حان الوقت.
الحمد لله ، هذه المرة فارق السن شفع لها و لكن ليس كل مرة تسلم الجرة .
- كذبت من أجل صالحك ، نطقت أخيرا تدافع عن نفسها .
- صالحي ؟!!
- نعم صالحك ، لما أنت بالكاد تمسك نفسك عنها لماذا المكابرة ؟
- ما دخلك أنت ؟ صاح بقسوة في وجهها ينتقم لكيانه الذي زعزعته بكذبتها .
- دخلي أني بصراحة لا يرضيني أن تحتكر أنت و هي كل الغباء الذي في الدنيا لوحدكما .
اتركا لنا شيئا على الأقل .

قلبها بنظره قليلا قبل أن يعطيها ظهره و هو يبرطم :
- دمك ثقيل كدم زوجك .
- ماهر دمه ثقيل ؟
بالعكس ماهر دمه عسل ، ماهر …
- فهمنا ، قاطعها رافعا يده بجفاء ، ما الذي تريدينه مني الآن ، اخرجي من فضلك لأني ما زلت أريد البقاء لوحدي .
و لن أنساها لك يا ليلى ، أضاف و هو يعود للاستلقاء ، صدقيني ، لن أنساها .
.
..


بعد دقائق كان يجلس قريبا منها على الأريكة في غرفة الضيوف ، يلاعب كامي الصغيرة المسترخية فوق حجره بينما يستمع إليها :
- منذ ثلاثة أيام جاءت شاهيندا لتزورني .
- امم ، تمتم و هو مستمر بمداعبة خدي الطفلة .
- ماما ثريا أخبرتني أنها طلبت منها أن تفتح صفحة جديدة معي .
- لا تقولي أنها اعتذرت منك .
- كلا ليس بالضبط ، لن تكون شاهيندا إذا اعتذرت بصريح العبارة .
سألتني طبعا عن الأطفال ثم تكلمنا في عدة مواضيع ثم أعطتني مبلغا لا بأس به ، مبلغا كبيرا لأكون صادقة من أجل جمعية كاميليا .
- إذن اعتبري أنها اعتذرت منك ، غمغم بحنان ، هذه هي طريقتها في الاعتذار التي لم تتعلم غيرها .
- أعرف و سامحتها .
في الواقع أظن أني سامحتها منذ رأيت بعيني كم أحبتك .

ساد صمت هادئ قطعته و هي تضع يدها بلطف على كتفه ، نظرت داخل عينيه و قالت :
- عصام لم أتصور يوما أني قد أقول هذه الكلمات عنها يوما ما لكنك أثبت أنك رجل المستحيلات .
أخي لا تظلمها ، أعطها و أعط نفسك فرصة أخرى .
إذن ؟ أضافت بتردد إزاء استمرار صمته .

تنهد حائرا و هو يواصل ملاعبة شعر الطفلة بشرود .
هل هذه كانت خطوتها نحوه التي تنتظر بالمقابل خطوة منه باتجاهها ،
لا يستطيع التأكد سوى حين يقابلها .
و هذا ما سيفعله لكن عليه الاتصال برقم من سيساعده لأنه واثق أنها لن ترد عليه كما لم ترد عليه في كل المرات الماضية .


………………….


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس