عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-19, 09:31 PM   #1787

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي


بعد أسبوعين ، كانت غرفة الجلوس في شقة الحاج مصطفى تكاد تمتلئ عن آخرها .
جلس صاحب البيت على مقعد منفرد بينما توسط شادي ابن خالته و زوج خالته بعد أن رفض والده الحضور متعللا بحالته الصحية .
افتتح الدكتور ممدوح بالكلمات المعتادة الموجودة في كتالوج كبار العائلة قبل أن يترك المجال لشادي الذي ألقى نظرة خاطفة أخرى نحو فرح الجالسة في الناحية المقابلة من الغرفة على طرف الأريكة بجانب شقيقتها ليلى و والدتها .
- إذن يا حاج كما اتفقت مع حضرتك من قبل ، نقرأ الفاتحة الآن و عقد القران و الزواج بعد شهر إن شاء الله و ...
- بعد سنة ، قاطعه صوت فرح التي حافظت على إطراقها الخجل .

ضيق شادي عينيه باستغراب قبل أن يواصل كأنه لم يسمعها :
- عقد القران و الزواج بعد شهر و بالنسبة لأية مصاريف قد تحتاجها فرح فأنا ...

توقف عن الكلام بصدمة بينما عيناه غير المصدقتان تتابعانها و هي تقوم من مكانها و تبدأ بالاتجاه نحو الباب .
لثوان ساد صمت اختلط فيه الاستغراب بالذهول بالاستنكار قبل أن يقوم شادي من مكانه و يقول بهدوء :
- شهران .

توقفت عن السير لتلتفت إليه ببطء و تقول بنفس هدوءه :
- عشرة أشهر .
- أربعة ، قالها و قد تسرب شيء من التسلية إلى صوته و نظراته نحوها .
- ثمانية .
- ستة أشهر ، قال يحسم نقاشهما الناشز الغريب و يعود إلى الجلوس .

عادت هي الأخرى للجلوس مطرقة رأسها كما كانت بينما وجنتاها تصطبغان بحمرة شبه قانية تحت تأثير نظرات الجميع التي تواترت على صفحة وجهها .
تنفست بعمق و هي تحاول الحفاظ على جمود ملامحها و تكتم ابتسامتها التي تجاهد لتشق شفتيها و تحتل وجهها .
ابن الذوات المدلل الذي لم يقض عمره في المفاصلة مثلها يعتقد أنه هو من حسم الموضوع ، لا يعرف المسكين أن " السعر " محدد في ذهنها قبل أن يبدأ هو الكلام أصلا .
رفعت عينها بعد قليل لتقابل عيني أمه و تقرأ نظراتها إليها و الاستهجان الذي يفيض منها .
" أعصابك يا حاجة " ، تمتمت في سرها ، " هل تعتقدين مثلا أنك تكرمت علي بعريس " لقطة " ؟ ابنك يا مدام رجل مريض بذكورته و لكن من حسن حظ السافل أني أحبه ، و أنت عليك أن تشكريني لأني سأقضي جزءًا لا بأس به من عمري و أنا أصلح ما أفسدته أنت و الأيام . "
- الفاتحة إذن ، انطلق صوت الدكتور ممدوح الرخيم يقطع السبيل أمام أفكارها و يبدد غيوم التوتر التي تكاثفت داخل الغرفة .
- هل تحفظها أم أقولها بدلا عنك ؟ رفع شادي عينيه ليقابل التعالي البارد في عيني ماهر ، تنهد في سره ، رفع كفيه أمام وجهه و أجابه و هو يعود للنظر أمامه :
- قل بصوت عال و أنا سأقول وراءك .
- تستهزئ بهذه الأمور ؟
- أستغفر الله العظيم ، تمتم و هو يتنهد بصوت عال هذه المرة ، لا أقصد طبعا لكنك مستفز ، لعلمك أنا أصلي في الوقت الحاضر .
- كم ركعة في الأسبوع ؟

.
..


بعد قليل كان كوب مشروب شادي ينتظر وحيدا على الطاولة التي توسطت الرجال بينما غادره صاحبه ليقف وحيدا في شرفة غرفة الجلوس و هو يراقب الدخان المنبعث من بين شفتيه بشرود .
سمع صوت خطوات وراءه فالتفت بجسده نصف التفاتة ليخفض سيجارته فورا و هو يصطدم بالزرقة الهادئة داخل عيني ماهر .
- أشكرك ، تمتم و هو يلقي السيجارة و يدوسها بقدمه .
- لم تسألني لماذا غيرت رأيي في آخر لحظة ، قال ماهر بهدوء و هو يتقدم ليقف بجانبه .
- فرح أخبرتني أنها أقنعت ليلى و ليلى ...
- لا فرح و لا ليلى و لا أي امرأة في العالم كانت لتقدر على تغيير رأيي في الموضوع ، قاطعه بحسم ، البنت متمسكة بك جدا ، فهمت ذلك من ليلى و لكني أؤكد لك أن ذلك لم يكن ليؤثر بي .

ثبت نظراته عليه متسائلا في حيرة .
- منذ ثلاثة أيام حلمت بوحيد ، قالها لتتجهم ملامح شادي فورا و يكتئب قلبه للذكرى .
حين استيقظت تذكرت آخر ما قاله لي قبل أن يغادر من عندي يومها و يموت في ذلك الحادث .
أريد كلمة مع شادي ، هذا ما أخبرني به .
و كان شيئا مهما ، مهما جدا و خاصا على ما يبدو لأنه
لم يلمح لي حتى عن الموضوع .

فتحت الذكرى أبوابها على مصراعيها ليسود صمت طويل مثقل بالشجن ، بالحزن على أوقات أبدا لن تعود .
- طبعا أنت لن تعرف أبدا ما هو الموضوع الذي كان وحيد يريد التكلم فيه معك ، واصل ببطء و هو يضع يده على كتفه ، لن تعرف في هذه الحياة و لكن لديك فرصة لتعرف في الحياة الباقية يا شادي .
عندما حلمت بوحيد و تذكرت آخر كلماته شعرت كأنه يوصيني بك .
لذلك تدخلت لمصلحتك ضد قناعاتي .
استمر يا شادي في طريقك و لاتعد أبدا حيث كنت ، لأنك حينها لن تخسرني أنا فقط لكنك لن تعرف أبدا ما الذي كان وحيد يريد قوله لك .
.
..



- ستة أشهر يا فرح ؟ بدأ يقول ما إن رضوا عنه أخيرا و سمحوا له بانفراد جزئي بها .
ستة أشهر يا ظالمة ؟
- ستة أشهر شادي ، ستة أشهر تثبت فيها لنفسك قبل أن تثبت لي أنك تستطيع أن تبدأ من جديد .

تصلب فكه الأسفل و هو يراقب إطراقها المستمر ، يشعر بشك كبير يزرع بذوره داخل صدره .
- لماذا وافقت على الارتباط بي اصلا يا فرح ؟
فرح ! نهرها بصوت أعلى عندما أصرت على صمتها .
- أنت تعرف لماذا شادي .
- قوليها مرة أخرى لأطمئن .
- لأني أ أ ..

صمتت ثانية و هي تطرق أكثر حتى أشفق على رقبتها .
- إذن لماذا القسوة ؟ لماذا تختارين البعد عني في حين أسعى أنا للقرب منك ؟ إلى هذه الدرجة أنت يائسة من قدرتي على التغير ؟
- بالعكس أنا أؤمن بك شادي ، أؤمن بقدرتك على التغير
و سأكون دائما موجودة من أجلك .

ارتجفت شفتاها بوضوح أمام نظراته المتفحصة قبل أن تواصل بنفس الثبات :
- تصرفي أنت تراه قسوة و أنا أراه حزما و الحزم جزء من التربية .
- تربية ؟!!

ملتزمة بنفس الهيأة و الوضعية واصلت كأن كلماته لم تصل إليها :
- طوال حياتي الكل يربيني ، الآن من حقي أن أربي أحدا و أنا سأربيك يا شادي .
- تربينني !! علا بها صوته باستنكار يخالطه الكثير من التسلية .
- لدي خطط كبيرة جدا من أجلك .

فاجأته كلماتها الأخيرة و كرد فعل غير واع أعاد رأسه إلى الخلف بضحكة عالية تجاوزت مساحة الغرفة و تسللت من الباب لتصل إلى سمع أختها منى التي أطلت عليهما للحظة بملامح فضولية قبل أن تعود للاختفاء بعد أن قاست بعينيها المسافة بينهما .
- هل كلامي سخيف إلى هذه الدرجة ؟ تساءلت بعبوس .
- كلا روحي ، كلا طبعا ، لكن تلك الكلمة بالذات كنت دائما أستعملها حين ... ، توقف قليلا لتضيع ابتسامته أمام حيرة نظراتها ، حين ، تعرفين ماذا أقصد .
- و طبعا كانت لديك خطط كبيرة من أجلي أنا أيضا .
- روحي لا داعي ...
- انظر بنفسك إلى الفرق بين خططي و خططك ، قالت ببؤس قبل أن تشهق بنوبة بكاء مفاجئة لها قبله هو .
- حياتي ، تمتم بصوت خفيض أجش و هو يراقب ارتجاف كتفيها ، قلبه يهدر داخل صدره و هو عاجز عن ضمها إليه .
روحي ، أنا آسف ، أرجوك توقفي عن البكاء ، روحي من فضلك ...
- توقف شادي ، قاطعته بين شهقاتها الخافتة ، توقف .
اسمي فرح ، لا تنادني بتلك الأسماء التي استهلكتها مع الأخريات ، مفهوم ؟ شادي ، أنا ..
- حياتي ..
- اششش ، قاطعته ثانية و هي تضع سبابتها أمام شفتيها ، قاعدة تربية رقم واحد : لا تقاطعني أبدا عندما أتكلم و قاعدة تربية رقم اثنان : عندما أقرر شيئا لا تناقشني فيه ، مفهوم ؟
- مفهوم حياتي ، تمتم بمزيج من الصدمة و التسلية .
- حياتي ، مرة أخرى ! نطقتها بنفاذ صبر و عقدة خفيفة تتشكل بين حاجبيها العنيدين جعلته يتمنى أن يهرب بها حالا و فورا إلى حيث ينسيان كل شيء عن التربية و قواعدها .

.
..


بعد أيام كانت على الطرف الآخر من المكالمة كعادتها معه منذ قام بخطبتها . ابتسم بحنان و هو يستمع لصوتها الدافئ يغزو عمق قلبه .
- حين تحس بالفراغ ، بالخواء ، لا تلجأ لامرأة رخيصة كل ما تريده منك هو جسدك و جيبك ، الجأ لي أنا حبيبي .
- و أنت فرح ما الذي تريدينه مني ؟
- أنا أريد عقلك لنفكر به معا ، أريد قلبك لأحرسه بحبي و أريد اسمك لأحمله و أحافظ عليه .
- و جسدي المسكين ؟
- شادي !!

بأذنه المرهفة سمع و ابتسامته تكبر على وجهه ضحكتها الخافتة التي تجاهد لابتلاعها قبل أن يواصل الإصغاء لها :
- شيء آخر يا شادي .
- خيرا حبيبتي .
- أريدك أن تكف عن التدخين ، أنا لا أطيق رائحته .
- طبعا يا روحي ، أكف عن التدخين و أتحجب و أجلس في البيت أنتظر ابن الحلال
- شادي !!
- حياتي اتفقنا أنك ستربينني لا أن تستبدليني بشخص آخر .
................


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس