عرض مشاركة واحدة
قديم 19-01-19, 12:19 AM   #1864

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الخاتمة





بعد ساعات فقط كانت تجلس معه تتلقى المباركات من شقيقاتها و هي أكثر ذهولا و أشد صدمة .
عاجزة تماما عن الاستيعاب كيف ببضع توقيعات على بضعة أوراق أصبحت أخيرا ملكه .
تبعثرت أفكارها الحائرة على واقع حياتها الجديدة وهي تشاهد من استطاع الحضور من أفراد أسرتها ينصرفون واحدا بعد الآخر و وقع خطواتهم يفهمها بشكل لا يقبل الشك أن مقاليد أمرها أصبحت أخيرا بيديها كما لا طالما تمنت .
الطفلة الخائفة بداخلها كانت تصرخ أن لا تتركوني ، هل هذا كل ما يتطلبه الأمر لتسلموني لرجل غريب : أن أخط بيدي بعض خربشات تحت كلمات لم أفهم معظمها .
بين الصوت الطفولي الخائف و لهفة الأنثى العاشقة بداخلها تمزقت مشاعرها للحظات قبل أن يحسم الأمر مع آخر المنصرفين و غلق الباب وراءه ليجذبها شادي إليه بعنف و اجتياح .
و سقطت جميع الحواجز و أغمضت عينا الضمير الذي اختار التغافل قليلا عن عناق العيون و الشفاه الآن و قد زين الحلال علاقتهما .
- أخيرا حياتي ، أخيرا صرت لي .

تنهد بارتياح و هو يسترخي في جلسته يضمها أكثر بين ذراعيه . رضا عميق يُفعِم كيانه ، يجعله يفرد صدره بفخر غريب لم يشعر به أبدا من قبل .
تأمل ارتجاف ملامحها ، ارتباك نظراتها أمام نظراته الولهة و أحس فجأة أن هذا هو بالضبط ما كان طوال الوقت يبحث عنه .
هذا الضعف ، هذا الحياء ، هذا الخفر .
ليس ذلك الإغراء ، ذلك الإغواء و ذلك الدلال الجريء .
داعب وجنتها بأطراف أصابعه يمتع قلبه أكثر بخجلها منه و يشعر بمزيد من بالتفوق .
التفوق هو ما يجعل الرجل رجلا .
و معها لا يشعر فقط برجولته بل يشعر بأنه الملك ، الآمر الناهي كما اشتهى دائما أن يكون .
تنهد مرة أخرى بارتياح و هو يعيدها إلى صدره ، يسند وجنتها إلى قلبه و يتمتم مغمض العينين ، مبتسم الشفتين :
- طفت الكثير من بقاع هذا العالم حبيبتي و فعلت أغلب ما يمكن أن يفعل و أبدا لم أشعر بأني غير راغب في الرحيل كما أشعر معك الآن و قبل أن تسألي ، كلا لم أقلها من قبل لغيرك .

ضمها ثانية و شفتاه ترسمان طريقهما إلى خدها يدفئ برودة أيامه الماضية بحرارة دمائها التي تلتهب تحت بشرتها .
- كيف شادي ؟ غادر سؤالها شفتيها ما إن حررهما من قيده .
- كيف ماذا يا روحي ؟
- ما الذي قلته لبابا و جعلته يوافق على عقد قرانك علي بهذه السرعة و دون حتى أن يأخذ رأيي ؟
- قلت له الكلام الذي يفهمه أي رجل حياتي .
- شادي ! همست تحذره و تمنعه من نطق الكلمات التي قرأتها داخل عينيه لكنه قالها على أية حال :
- قلت له اسمعني يا حاج ، أنت رجل مثلي و أكيد تعرف ظروفي و ابنتك مدللة لا تعرف أين مصلحتها و أنا بصراحة تعبت .
- كلا ، لم تقل هذا الكلام أمام بابا شادي !! همست بصعوبة و هي تنزل بكفيها على خديها .
- اسأليه إن شئت .
- لماذا شادي ، لماذا تفعل هذا بي ؟ تمتمت بألم و هي تكاد تختنق بأنفاسها .
- أفعل بك ماذا يا بنت الناس ؟ لا الحرام أعجبك و لا الحلال يرضيك ، بأية طريقة تريدين مني أن أصل إليك ؟
- لا أصدق أنك فعلت هذا بي أنا ؟ أغمضت عينيها و هي تواصل بتعاسة وصلة الرثاء لذاتها ، شوهت صورتي أمام بابا .
- شوهت صورتك كيف يا ماما ؟ لماذا ما الذي كان يعتقده الحاج ؟ أني مثلا سأعتبرك أختي بعد الزواج ؟ أكيد يعرف تماما ما الذي سيحصل .
- كلا ، كلا ، كلا .
بابا بريء ، لا يفكر أبدا في تلك الأمور .
- بريء تهمته ثمانية أبناء ، أتساءل ما الذي كان سيفعله لو لم يكن بريئا .

في لحظة قفزت من مكانها ، كل شبر فيها يرتجف بغضب ناطق .
- شادي من فضلك ، إياك ثم إياك أن تتكلم عن بابا بهذه الطريقة .

تجهمت ملامحه بينما تستمر هي في وقوفها و كلماتها في التدفق بحرارة :
- التكلم بعدم تقدير و اعتبار لمكانة الناس المحترمة في قلوب و عيون أبنائهم عيب و أنا لا أرضى العيب في حق بابا .
- اجلسي فرح ، تمتم بجفاء .

جلست و هي تحرص أن تبتعد بعقلها الغاضب و ذاتها الرافضة عنه و عن ملمسه .
دون أن ينظر نحوها مال هو إلى الأمام و مد يده ليتناول كوب مشروبه و يبدأ بارتشافه ببطء غافلا أو متغافلا عن نظراتها الجانبية المضطربة إليه .
وضع كوبه بهدوء ثم تمتم بصوت خفيض و هو مستمر بالنظر قبالته :
- أنا آسف ، لم أقصد .

استدار ليقابل بعينيه جفنيها المسدلين في قبول صامت لاعتذاره بينما استمر بصوت أكثر خفوتا :
- هل ستعلمين ابني أنا أن يحترمني كما تحترمين أباك ؟

في لحظة عادت للاقتراب منه لتضع يدها فوق يده و تهمس بينما تشبك أصابعها بأصابعه :
- أكيد حبيبي ، ماذا كنت تتصور ؟
سيحترمك و يقدرك و يقدس التراب الذي سارت عليه قدماك و سيراك دائما كبيرا في عينيه ، كبيرا في قلبه كما أراك أنا يا شادي .
و أنت كل ما عليك فعله هو أن تحافظ على مكانتك بداخلي حبيبي .

ربت على شعرها بلطف بينما عواطفه تغادر شفتيه همسا :
- أتعرفين بماذا أشعر حبيبتي ؟ أشعر بأني سأولد من جديد على يديك .
و تعرفين ما الذي يحتاجه أي مولود جديد : الكثير الكثير من الحب .
هيا حياتي ، أخبري شادي أنك تحبينه .
- أحبك شادي ، همستها له بضعفها اللذيذ .
- شادي لم يكتف ، المسكين أخذ على قفاه من أجلك ، أخبري شادي أنك تعشقينه .
- أعشقك شادي .

كان سيطالبها مرة أخرى أن تترجم له لغة عشقها بطريقة أكثر تعبيرا عندما قطعت عليه طرقتان حازمتان على الباب نواياه لتدخل أختها منى قبل أن تتاح لها الفرصة لرفع رأسها عن كتفه .
بفكر مرتبك ، راقبت شقيقتها تتجمد لبضع ثوان في مكانها قبل أن تستدير بصمت و تغادر .
وقفت هي بسرعة و بدأت بالتوجه نحو باب الغرفة حين أوقفها صوته المتراخي النبرات :
- إلى أين حياتي ؟
- فقط سأرى ما الذي تريده أختي منى ، بدأت تتكلم بتردد أمام تعبير الجدية الذي لم تره من قبل داخل عينيه .
- تعالي يا روحي .

بطبيعتها التي تعودت على الطاعة دون نقاش ، عادت فورا لتجلس على الطرف الآخر من الأريكة و هي تشعر بشيء أقرب ما يكون إلى الغدر .
شعور تأكد و ازداد عمقا و هي تسمعه يضيف دون أن يتخلى عن استرخائه :
- حياتي ، عندما يكون شادي موجودا افهمي أنه لا أمر يسبق أمره عليك : لا أختك و لا أخوك و لا أمك و لا حتى أبوك . شادي و فقط شادي ، مفهوم ؟
أصبحت على ذمتي يا روحي ، استوعبي ذلك و بأسرع ما يمكن .

" حتى أنت يا شادي ؟ " لامته في سرها بالصيغة الأشهر في التاريخ بينما تطرق برأسها أكثر ، تنعي أحلاما كبيرة بالحرية سلبها من بين يديها بكلماته الأخيرة و التصميم في نظراته .
" و وقعت يا فرح فيما كنت تهربين منه ، تباكت بداخلها قليلا قبل أن تعود لتقنع نفسها ، لكن أن يتحكم فيك فرد أفضل من تتحكم فيك قبيلة ، أليس كذلك ؟ "
- اقتربي يا روحي ، نظرت إلى ابتسامته الواسعة بشك .
لا تخافي ، لن أقبلك مرة أخرى .

بنفس الشك بدأت في الاقتراب ببطء ليجذبها إلى حضنه ما إن وصلت إليه ، يثبت لها بعمق كم هو كاذب .
- قاعدة تربية رقم ألف ، قال ضاحكا أمام الصدمة في عينيها ، لا تصدقي شادي أبدا عندما يخبرك بأنه لن يلمسك .

مد يده إلى جيب سترته الموضوعة بجانبه و هو يقول بكرم رجل مغرم :
- انظري ماذا أحضرت لك يا روحي .
- شادي سبق و أحضرت الكثير ، همست بلهفة ، لم يكن عليك ....

توقفت عن الكلام و عيناها تلتصقان بالعلبة الصغيرة الفخمة ، تكاد تخطفها من بين يديه .
- بالنسبة لموعد الزفاف حياتي ، تمتم بينما دقات قلبها تتناغم مع لمساته لبشرتها و هو يقفل السوار الذهبي المطعم ببعض حبات الألماس الرقيقة حول معصمها ، أنا اتفقت مع الحاج على أن يكون بعد شهر و لكن ...

توقف ليثبت عينيه على عينيها الحائرتين :
- و لكني حياتي لن أجبرك ، من حقك الإصرار على قضاء بقية المدة كما وعدتك ... بالمقابل يجب علي تحذيرك بأني طوال الأشهر المتبقية سأكون ضيفا ثقيلا جدا عليكم و من المستحسن أن تغيروا اسم هذه الغرفة لتصبح غرفة الأحضان .

...........................


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس