عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-19, 04:11 AM   #298

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,972
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

وقفت جيهان على طرف الشارع ترفع يدها في إشارة تجاهلها معظم سائقي سيارات التاكسي كالعادة.
كادت تيأس و تتوجه إلى محطة الحافلات حين ابتسم لها حظها العابس أخيرا و رأت أحدهم و هو يتكرم عليها و يوقف سيارته قريبا منها .
جلست على المقعد الخلفي ، أعطته العنوان ثم أخفت عينيها بهالاتهما السوداء ، بنظراتهما الأكثر سوادا وراء نظاراتها الشمسية و أسندت خدها على كف يدها في إذن واضح لأفكارها التائهة الحزينة لتحط الرحال عندها .
لم ترى نفسها يوما من أولئك الطامعين بما لدى الآخرين ، لطالما كانت في حالها ، تشغل نفسها بنفسها.
لكن الإنسان يعيش مع الآخرين ، يحيا وسطهم و يتواجدون حوله لذلك أحيانا رغما عنه يجد نفسه يقارن ، يجد نفسه يستقل ما لديه مقابل ما يحظى به غيره و هو لا يتميز عنه بشيء .
ماذا أرادت هي من الزواج ؟
أرادته أن يكون واحة لكنه كان سرابا .
أرادت لبعض السعادة أن ترفرف بأجنحتها على قلب أغلقته طويلا حتى أجدب .
أرادت و أرادت و في النهاية ماذا أخذت ؟
تنهدت بعمق و هي تتذكر ذلك اليوم حين أتتها أمه فجأة دون معاد مسبق .
كان ذلك بعد إجهاضها الأول بأسبوعين حين جاءتها تطرق عليها الباب بقوة كعادتها معها دائما و تسلمها ابنة ابنها الأكبر لأن حضرتها ستذهب إلى السوق .
لم تستطع هي وقتها أن تخرس أكثر .
أمها و ما أدراك ما أمها، بمقامها عندها لم تفعل هذا معها فبأي صفة تعطي الأخرى لنفسها الحق في التعاطي معها بتلك الطريقة .
كرهتها جدا في تلك اللحظة خاصة عندما قالت جوابا على تذمرها بأنها مشغولة : " المرأة التي ليس وراءها أطفال لا يوجد ما يشغلها "
و هو ؟
ماذا كان رد فعله عندما صارحته و لأول مرة كيف اجترأت أمه عليها و كيف أخطأت في حقها ؟
ماذا قال أو فعل بعد عدة مرات فضلت فيها أن تصمت و تبتلع آلامها حتى شعرت بها أشواكا تنغرس في قلبها ؟
لم يفعل شيئا .
كل ما قاله هو أن أمه فعلت ما فعلت لكونها تعتبرها واحدة من بناتها لذلك جاء تصرفها عفويا .
عفويا ، ما ألطفها من كلمة لا تليق أبدا بالشر الذي شعرت به منها .
كانت تريد أن تحبها لكنها لم تترك لها أية فرصة و حتى هو تعترف لنفسها الآن أن شعورها نحوه في كثير من اللحظات كان وليدا لكراهيتها المكبوتة في قلبها لأمه .
و خاصة في تلك الليلة .
- مدام ، الأجرة من فضلك .

صحت من أفكارها التعيسة على واقع أكثر تعاسة لتمد يدها بجمود تنقد السائق أجره و تخرج بتردد ، حيرة و كثير من الاضطراب للقائها الأخير مع الطبيبة .
.
..

قبل نصف ساعة ،
جلس أحمد القرفصاء، بعض حبات عرق تتبلور على جبينه و هو يضيق عينيه ، فكه متصلب بينما يداه تضبطان وضع الإطار الإحتياطي بدل ذلك الذي انفجر جراء الضغط و الحرارة و السرعة الزائدة عن الحد .
- شكرا لك أحمد و اعذرني أخي على تعبك، ربت خالد على بطنه و أضاف ، هذه رغم حبي لها إلا أنها تعيقني في هكذا حالات و لا أستطيع الانحناء .
- العفو ، قالها أحمد و ابتسامة فورية تبسط ملامحه ، جميلك سابق يا…

بتر بقية عبارته و هو يرى الآخر يرفع يده بتحية مترددة و نظرة ارتباك تلوح داخل عينيه .
قطب أحمد جبينه قليلا في تساؤل ثم التفت ببطء ليرى جيهان و هي تستدير لتكمل طريقها و تختفي عن عينيه الملاحقتين لها و تختفي معها ملامحها الأكثر من مألوفة له و لقلبه و ابتسامتها الخفيفة الموجهة لغيره .
غيره الذي رفع صوته يسأله في نفس اللحظة :
- هذه هي ابنة الأستاذ عدلي أليس كذلك ؟ من كانت زوجتك ؟

أومأ أحمد برأسه دون كلام و هو ينهض ببطء.
بنفس الصمت، قبل سيجارة ناولها له خالد و استنشق عدة أنفاس متسارعة ، متتالية يحاول عبثا أن يطرد ما فعلته رؤيته غير المتوقعة لها بكيانه .
لأول مرة منذ الطلاق تختار أن تمر في شارعهم لكي تصل إلى الطريق الرئيسي .
لم يفهم دافعها كما لم يفهم السبب وراء اختيارها للطقم الذي تضعه ، نفس الطقم الذي كان قد اشتراه لها بمناسبة حملها الثاني .
لم يفهم و لم يفهم لكن استوعب و بعمق أن قلبه أوجعه و هو يرى انحناءًا في كتفيها لم يره أبدا من قبل .
- هل أنت بخير ؟ سأل خالد بقلق .
- مجرد صداع ، غمغم أحمد و هو يعود للتحدث عن السيارة محاولة لتشتيت انتباهه و انتباه الآخر .

لكن نظرة الأسف داخل مقلتيه لم تغب عن خالد الذي أصبح خبيرا في فك شفرات الأعين .

……………………



نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس