عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-19, 01:36 AM   #335

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,972
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل السابع



كان صغيرا بلا خبرة
و لا دين
عندما حطت قدماه لأول مرة على أرض تلك المدينة ذات الحضارة التي سطرتها مجلدات و مجلدات ،
تلك العاصمة ذات البريق الذي أعمى عينيه و نفسه عن كل ما عاشه قبل أن يراها : روما .
عقد عمل لمدة سنة اقتنصه من أجله ابن عمه القاطن هناك كان جوازه للمرور إلى الضفة الأخرى من المتوسط ،
إلى حياة أخرى لم يتصور و يتخيل وجودها حقا خارج جهاز التلفزيون ،
الشوارع النظيفة اللامعة ، الوجوه البيضاء الناصعة ،
كل شيء جديد ، مبهر كأنه خرج لتوه من غلافه البلاستيكي .
كان صغيرا أهوجا طائشا و محروما و عقله لم يقدر على الاستيعاب .
كل تلك النعمة أمام ناظريه ، كل ذلك الهيلمان كيف كان ليقدر ؟
ثم جرى المال في يده و ركضت معه جميلات روما إلى أحضانه فاستقبلهن داخل ذراعيه السمراوين العضليتين بتعطش قلب ذاق الجفاف طويلا .
و من باولا إلى مانويلا إلى برناديتا تاهت شهواته و ثارت رغباته و لم يستطع أن يشبع .
و كيف يشبع من جمال يقدم له شهيا لذيذا بلا ثمن .
توغل في تلك الحياة ، عشقها و أدمنها و فجأة ذهبت السكرة و طرقت ذهنه الغائب الفكرة ليعي أن ما يفصله عن العودة لجحيم حياته الماضية هو شهر واحد .
حينها فقط استطاعت تلك ال " آلبرتا " لفت انتباهه .
كان قد عرفها منذ مدة عن طريق صديق يقوم بلعنه إلى هذه اللحظة.
قال له لو لديك أي مشكلة من أي نوع فعليك بآلبرتا ، فتاة تعمل بإحدى المصالح الحكومية و خدومة جدا خاصة مع المهاجرين .
حينها احتاجها و لا يستطيع أن ينكر قضت له حاجته و استخرجت له عقد عمل جديد من تحت الأرض و في سعيها و غدوها و رواحها معه من جهة إلى أخرى أصبحت لا يعرف كيف جزءًا من أيامه ، ألفها نوعا ما و بقلبه
العربي الأصيل وجد نفسه ممتنا جدا لمساعدتها له ، لوقوفها معه ضد قوانين بلدها .
و بدعوة منه إلى الغذاء تحولت بفعل فرحته الوليدة إلى دعوات عشاء ثم لقاءَات لم يفهم حتى اللحظة كيف أصبحت حميمية مع امرأة ذات وجه لم يكن أبدا لينظر إليه مرتين .
- و وجدت نفسي أتعود على وجودها في حياتي ، قال بهدوء للرجلين الأصغر سنا المصغيين إليه بانتباه صادق.
ما الذي أوصلني إلى قبولها كما هي ؟ عدة أشياء في الواقع .
ربما هو الدمار الذي تركته ورائي ، ربما وحدتي و غربتي ، ربما خوفي من خسارة كل شيء .
و هي عرفت كيف تقنعني بأن أربط مصيري المجهول بمصيرها ، كانت تريد زوجا تعرف في قرارة نفسها أنها لن تجده أبدا بإمكانياتها المتواضعة في أحد أبناء وطنها و كنت أريد أمانا دائما و إقامة هناك غير مرتبطة بشروط .
بدا كل شيء جاهزا من أجل تلك الصفقة الظالمة التي سأبيع فيها شبابي و عمري لامرأة تكبرني بخمس سنوات مقابل استقراري هناك .
كنت على وشك الموافقة حين ظهرت آنجيلا .
- شابة جميلة طبعا عشقها قلبك ؟ تساءل يوسف بينما عقله يحاول أن يصور له تلك الآنجيلا .

ضحك خالد ضحكة مبحوحة جافة حكى بها ما كانت لتعجز عنه عشرات الكلمات .
- آنجيلا كانت ابنتها من علاقة سابقة لها .
- لماذا تزوجتها إذن ؟ جاء دور أحمد ليتساءل مضيقا عينيه بعدم فهم .
- لأنها كانت حينها قد حملت مني .
- آي ، هتف يوسف و ملامحه تتقلص برفض كبير ، أتصور أنها كانت صدمة شديدة لك .
- طبعا .
- لكن يا خالد يا أخي ، واصل يوسف بشيء من العتاب ، ألم تقدر على الحرص قليلا ؟

تنهد خالد من عمق روحه الخاوية ثم تمتم دون مواجهة نظرات الآخرين :
- مشكلتي أني كنت ساذجا ، وثقت بها و بكلامها و بأنها لا تريد أطفالا حتى تتأكد من علاقتنا و صدقت كل الهراء الذي قالته و فعلته .
و بصراحة حتى بعد علمي بحملها لم أكن أنوي الزواج منها ، أضاف و زفرة حارة تفر منه محملة بقهر لم يخفت مع السنوات .
و لكنها مرة أخرى عرفت كيف تضحك علي و على عقلي الساذج و كذبت علي و هي تخبرني بأنها حامل بطفلة .
- و ما الفرق ؟ رفع يوسف حاجبيه محتارا .
- كل الفرق طبعا ، تدخل أحمد ناظرا إلى خالد بتفهم ليواصل الأخير بعد ابتسامة خفيفة :
- الفرق يا أخي أن ضميري لم يكن ليسمح لي بأن أستأمن امرأة مثلها على تربية ابنتي أنا .
- لكنه كان ابنا ، علق يوسف ، لماذا لم تهرب بجلدك ؟

بالفعل ، فكر خالد و هو يرجع برأسه يغمض عينيه اتقاءًا لاتهام و شفقة لا يستطيع تحمل أيا منهما .
كان ابنا ذكرا و لكن ألم يكن ابنه ؟ ألم يكن من صلبه ؟ ألم يكن قطعة منه ؟
هل كان المطلوب منه أن يرمي لحمه و دمه ؟ أن يفضل راحة باله و يترك صاحب الأصابع الصغيرة و الصوت الباكي الضعيف وحيدا بلا أب ، بلا قدوة .
- لم أقدر على الابتعاد عنه ، واصل بخفوت دون أن يرفع جفونه ، قررت أن أتحمل من أجله و تحملت و صبرت .
و كان الأمر يستحق ، كلما سمعت ضحكته ترن بين جدران قلبي كنت أعرف أني على حق في صبري .
كان ابني و عمري الذي ضاع مني ، كان أنضف شيء في حياتي .
صحيح أنه جاء نتيجة فعل حرام لكني نذرت أمام الله أني بزواجي منها أجعله حلالا .
- إذن كيف انتهى زوجكما بعد كل هذا الصبر منك عليها ؟
لا تقل أنك أحببت أخرى .
- أحببت أخرى ؟ فتح عينيه يكرر عبارة أحمد باستنكار مر .
بعد سنوات من عيشي معها صدقني عندما أقول لك أن هذا القلب خرب .
بعد خمس سنوات من الزواج كنت سأطلقها ، وصلت معها لآخر قدرتي على الاحتمال .

صمت طويلا ينسج من الذكرى خيوطا يغزل بها ما تبقى من حكايته .
- ثم كان ذلك الحادث .


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس