عرض مشاركة واحدة
قديم 18-04-19, 02:53 AM   #6

شيري سماحة

? العضوٌ??? » 444044
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » شيري سماحة is on a distinguished road
افتراضي

الحلقة الخامسة

وعي شاكر لشروده ولتقاسيم وجهه المجعدة المتألمة ، فتنحنح تحشرجاً بلطف لينتبه له ذلك العجوز من ذاكرته المميتة بقسوتها القاتلة لروحه هاتفاً بقوة تعاهدها في حلال الله دائمًا :
- قولي يا شاكر لو بكده هخالف شرع ربنا قولي وأن أستعوض ربنا فيه للابد وخلاص ..
رددا شاكر سريعاً بنبرة رحيمه :
- يا حاج علي هو الحمد لله مكتوب في التوكيل أنه مسلم يبقا كده مخلفناش الشرع الا في الجواز الإجباري ، وده ممكن يبقا حلال في أي لحظه يعلن هو أو هي رغبتهم في بعض بالموافقة !!
ثم قطع حديثه ليسترسله بنبره مترددة بارتباك :
- بس أنا عامل علي أنه كبر واتربي مع أم يهودية وأكيد أثرت فيه .. غير المعلومات الأخيرة اللي جت لنا عن شربهُ للخمرة والستات إللي بتساوي عدد شعر راسنا كلنا ..

تنهد علي بقوة متغاضيا عن ضميره المؤنب بقسوة لفعله ليردد بنبرة خافته :
- أمال أنا حمدت ربنا ليه لما جه علي بالي الموضوع ده في حضور" هنا " من بنات عاصم من غير جواز .. لأني عارف أنها قدها وقدود ولأنها صبوره حليمه بتعرف تستغل قوتها في الوقت المناسب ومش أي قوة دي قوة الأيمان والاستعانة بلي خلقني وخلقك وخلق الكون كله ..

أطلق تنهيدة أخري مسترسلا حديثهُ بإصرار :
- يبقا علي خيرة الله هنكتب العقد دلوقتي وتبدأ بكرة أن شاء الله في توثيق الإجراءات في الشهر الxxxxي قبل ما ينتهي التوكيل ..

تنحنح شاكر مردداً بحرج بالغ :
- احم .. معلش يا حاج أنا قبل ما أكون محاميك فأنا أخوك وصديقك وفي سؤال عاوز أستفسر عنه منك .. هو ليه منكتبش جوازهم شرعي علي يد مأذون ؟!

غصه في قلبه الموجوع أوقفت كل عضو من أعضاء جسدهُ لثواني حين ضغط شاكر بقسوة متوحشة علي الجرح العميق في فؤاد قلبه الموجة لتلك الفتاة دون أن يعلم .. لتخرج منه الكلمات ببطيء مميت فاقد للحيوية مع ميلاد الدموع في مقلتيه ، والذي تماسك منذ بداية الحوار بقوة مزيفة حتي لا يظهرها في فعل يفضح حنينه وما سيفعله من جرم في حقها :
- أن كنت قاسي يا شاكر لدرجة أني هحطها في الموقف ده فبلاش أجرحها وأقتلها في نفس الوقت .. بلاش أول مأذون يدخل لها يبقي في جوازه مش بمشورتها وممكن بل وأكيد كمان تكون محكوم عليها بالفشل .. !!

لتنهمر تلك الدمعة العالقة في عينيه الذابلة أخيراً علي وجهه ليتبعها أخري وأخري مرددا بأنهيار :
- أنا مرضاش ليها الموضوع ده من الأول يا شاكر ، وعمري ما كنت هرضي ليها ده طول ما أنا عايش ، بس مالقتش حيله تانيه أرجع ليهم أبن عمهم عشان يكون حامي الولايه من بعد الله أولاً ومن بعد موتي ويقف ضد أي حد يفكر يأذيهم أو ينبش في لحمهم وانا ميت بمجرد كلمه أو نظرة ..

أسرع شاكر يمحي دمعته التي تسرب علي تلك الكلمات التي خرجت من صديقه ليرددا سريعا بنبرة مرحه :
- يبقا علي خيرة الله نكتب دلوقتي العقد وبعد بكرة نتمم علي الإجراءات عشان بكرة الجمعة ، والف مبروك مقدما يا حاج لبنتا هنا إللي نسيت شكلها من وهي طفله بتلعب علي رجلي...

نجح بالفعل لينهي حالة انهياره وها قد ابتسما ابتسامه باهته علي جانب ثغره مرددا من بين تقاسيم وجهه الباكيه بفخر :
- بتقولي يا جدوا أنا كبرت وبقيت في ثانوية عامة ومفروض محدش يلمحني إلا بالنقاب غيرك أنت وبس يا جميل يا طعم ..

حينها انقلبت الابتسامة الميته لضحكه حيه امتدت لقلبه لتسعده قليلاً علي كلماتها كما حال لقاء صاحبتها ليهتف شاردًا بسعادة :
- تصدق بتقولي يا جميل يا طعم في عمري ده ! ..

تنهد بعمق مردداً بهيام شارد :
- البنت دي الجنة إللي بتحليلي دنيتي !

----------------x

دلف لصرحاً عظيم من أكبر الشركات الالكترونية في الأراضي الامريكية .. بخطوات ثابته وبعينين خضراء تحدق أمامها بقوة وغموض تسترعي أنتباه من يراها ، وبهيئة رجل أعمال شامخ الرأس شديد البنية بطولها المميز .. محط أعجاب من هم في عمره من الرجال بل والأكبر منه عمرا ، بسب دهاء عقله الفذ في مجال دراسته في هندسة الإلكترونيات بعد أن سحب أغلب بساط التخصص في الحياة الاقتصادية من قبضة يداهم في محيطه ..

أسرع كلاً من رجال الحراسة من خلفه بفتح أمامه باب المبني الرئيسي لهذا الصرح .. ليقف كل من حوله علي قدم وساق باحترام يليق بمكانته التي تربك أعتي مؤسسات البلاد لمجرد ذكر أسمه الذي بناهُ في سنوات ليست بكثيرة ، فهو بذكائه الفريد قد قيد أكبر رجال الأعمال في مجال عمله وبعض رموز الدولة تحت يده عن طريق اختراق حسابتهم الخاص لينكشف أمامه في ذهول تام أسرارهم التي تشيب الرأس في مرحلتها الشبابية !!

أستقبلهُ طاقم السكرتارية يرأسه مديرة مكتبه " سولا " بعويناتها الطبية وبملامحها الجدية .. بجانبها مساعده الأيمن الأمريكي الأصل بملامحه الشقراء " جاك " مبتسماً ليبادله تلك الابتسامة بفتور لتسرع أحدي النساء من ذلك الطاقم بجلب حقيبة عملهُ من أحدي رجال الأمن ليستدير مغادراً ..بينما تابعا هما السير ليملي عليه مارك ردود الشركات الأخرى وأهم المقترحات ليتبعه مديرة مكتبه بطرح مواعيد اليوم وأهم المقابلات في وسط أنصاته الجيد وهزات طفيفة من رأسه كل حين !

دلفا في وسط استرسالهم لما بدأ ليجلس بأريحية علي مقعده المريح المتحرك في الجهتين بدوران طفيف شارداً بنظرات مخيفه في تلك اللافتة التي تعلو سطح مكتبه القيم والفاخر لجروب شركاته الإلكترونية بكلمتها الإنجليزية البارزة بماء الذهب " علي البنا " !!
نظرات في باطنها القهر والألم لعدم اظهار بها أسم جلال والده في منتصفها ولكن سينتظر بفارغ صبره ذلك اليوم الذي سيعلنها للمجتمع الأمريكي كافه بأنه أبن ذلك الرجل الذي يحمل له في ذاكرته الطفولية ما يسعده وما يؤلمه أيضًا ليجعله ينهض من كوابيسه ليلاً فزعاً مرتجفاً منهمر عرق جبينه بغزاره !


- هتقولهم أمتي يا حاج ؟!

هتف بها شاكر وهو يجمع بعض الأوراق بترتيب بعد أن أنهي ما قدما لشأنه ليأتيه الصمت فرفع عينيه من علي تلك الأوراق متطلعاً له ليشاهد جمود ملامح وجهه مثل حال جسده فعلي ما يبدوا أن ذلك العجوز نسي تلك النقطة الأساسية بل الالعن كيف سيخبر ذلك الغامض بكلماته القليلة عن ذلك ..
أنتخفض بعينيه عن وجهه متيقناً بأن ذلك العجوز سيخوض حرب شرسة قد ينتج عنها اعصار مدمر قد يطيح ببعضهما !!!


بعد يومان من ذلك اللقاء المفجع لمن سيتلقاه أذا فاح مكنونه بسمهُ القاتل .. بعد أن قرر الجد التكتم جيداً حتي يقبض علي شيء مادي بين يداه قبل التفوه بفتيل الاشتعال لحرب مؤكدة !

وها قد تحقق مبتغاه أخيراً حين أتي له شاكر بتلك الأوراق موثقة في دفاتر البلاد لتعلنهم أمام مؤسساتها بزوج وزوجة...

أستجمع أنفاسه في شهيق مطول ليضبط اضطرابه الداخلي ليطلق له العنان في زفيراً قوي حين أتي له صوت رنين الخط بعد انتظار دام لثواني .. لتنفتح المكالمة بصوته الخافت بلكنه رسمية بلغته الإنجليزية السادية وبل تكاد تكون الوحيدة :
- أحم .. مرحباً جدي !

أغمض الجد عيناه بتلذذ فتلك الكلمة التي سمعها بعد عناء دام لسنوات تشعره بنشوة الحنين لرؤياه ليزداد أقناعه أكثر وأكثر بذلك المخطط الذي دبره .. لتخرج منه الكلمات باشتياق ظاهري بها :
- مرحباً بني أشتاق أليك .. كيف حالك ؟!

ليأتيه صوته هادئًا مقتضبا :
- بخير !

فتح عيناه منتبهاً من اشتياقه علي ابتسامه ساخرة أعتلت زاوية فمه ، فعلي ما يبدوا أن ذلك الحفيد لا يشعر به ولا بذلك الاشتياق بتلك الكلمة المقتضبة !
فنظف حنجرته مردداً بيأس :
- ألم تشتاق لي كما أشتاق أليك بني وترغب في رؤيتي كما أرغب برؤيتك !

- جدي !


- حسنا علي لا تغضب .. أعلم أننا تحدثنا كثيراً في ذلك الامر وكان ينتهي بفوزك وفشلي .. ولكن رغبت أن أعلم أن كنت تراجعت عن قرارك قبل أن أخبرك بشيء

هتف ببرود نسبي :
- وما هو ذلك الشيء ؟!

صمت لبرهه زمنية قصيرة يعيد ضبط ذاته لكي يقوي علي اخراج ما يريد في ظل صمت " علي " ليحفزه علي الادلاء بما يعتلي مخيلته ليأتيه صوت الجد مرتبكاً بكلمات مختصرة :
- علي لقد زوجتك ابنه عمك عاصم !

ما زال علي حاله صامتاً حتي ترددت الكلمات ثانياً في أذنه مرة أخري ثم الثالثة ليهتف ساخراً :
- لا أرغب في المزاح الأن جدي فلدي بعض الأعمال المهم...

بتر جملته علي جملة جده المقتضبة " بلي ليس مزاح "

ضما حاجبيه مندهشا ليعبث وجه بتهجم مردداً بخفوت مخيف :
- كيف ؟!

- بذلك التوكيل !


حينها تذكره جيدًا لينقلب صوته الخافت لصوت زئير الأسد الذي يوحي بشرا قادم من خلاله .. فعلي ما يبدوا أن ذلك العجوز قد جن بسنوات عمرهُ الكثيرة .. نعم جن وسيرغمه علي الجنون مثله ليتفوه بعلامات الجنون المماثلة في فيضان متتالي علي مسامعه :
- أذاً أنت لم ترغب في رؤيتي كما كنت تصدع رأسي بها في كل حديث بيننا .. بل جعلت صبري ينفذ من تكرار كلماتك الكريهة حتي أخرج ذلك التوكيل لك .. ويأتي لتنفذ خططك اللعينة !!
نهض من علي مقعد مكتبه في عنف يسترسل حديثه بتهجم واضح :
- ولكن تلك المرأة معها حق فقط حينا أخبرتني بأن المسلمين ارهاب لا يحق لهم العيش في تلك الحياة بتفكيرهم وبغباء عقولهم وراجعيتهم البغيضة تلك ..
سحب أنفاسه في أنتصابه قويه واضعاً راحة يداه داخل سرواله مستكملا بنبرة لئيمة باردة :
- ولكن أيها العجوز أنت لم تعلم بأي جحيم وضعت نفسك بخطوتك تلك ! .. التوكيل سيلغي في تلك اللحظة ولا أعترف بذلك الارتباط بتاتاً بل وصلتي بك أيضًا ستنقطع ، وأرني كيف ستخرج تلك الفتاة من تلك الورطة التي وضعتها أنت بها فقط ، وليس أنا كما أعلم عن دينكم ..ولم يعد بيننا حديثًا بعد الآن !!

أقُفل الخط في وجهه الجد الشاحب الصامت المنذهل مما سمعه .. شحب حتي أبيض تماماً هارباً بدمائه مع أنفاسه الثابتة لتدل علي خطورة مؤكده تحوم حول بنيانه المتيبس .. ليس هذا ما كان يتوقعه .. بل لم يخطر علي ذهنه حين أتي هذا الجنون علي مخيلته أن يحدث ربع ذاك .. كان يتوقعه نعم أن يثور .. ويثور ولكن سيهدأ ويستسلم في الأخير .. ناسياً ذلك العقل الذي ترعرع في أحضان أرض أجنبية ، وتحت جناح أم يهودية ليكون مزيج قوي عنيف خالي من العاطفة في المشاعر بل قد يقطع صلة رحمه أن أمكن وقد لا يعترف به من الاساس !!!

------
-


شيري سماحة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس