عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-19, 01:34 AM   #794

فاطمة عبد الوهاب

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة عبد الوهاب

? العضوٌ??? » 387737
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,138
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » فاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond reputeفاطمة عبد الوهاب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث والعشرون

شحب وجه كاظم بشدة كبيرة وهو ينظر للمكان الذي ترك فيه حواء ولا أثر لها سوى بقايا دم... توقفت انفاسه برهة وهو يلتقط اثار اقدام داست على الدم فتتبعها بحدقتيه... لتنتهي عند الباب وقطرات الدم فوقه... اتسعت عيناه وهو يحلل ما حدث...
فالصورة تشير إلى ان الدم يقطر من الأعلى... الآثار اذن كانت محمولة، لو كانت هي من تحركت لما سقطت القطرات على الاثار، لكانت سبقت الاثر وبما انها مصابة ستكون الاثار مجرورة جرا وليس بهذا الانتظام...
فأخذ يركض باندفاع يصرخ
"أ يعقل انه معه لم يكن لحاله؟
لا يمكن أن تكون خطفت! لا يمكن!... اللهي عفوك
عفوك يا رب!"
وانتصف الطريق متوقفا ينظر حيث اختفت الاثار لاهثا بشدة.
استدار حول نفسه وهو ينظر للأرض الشاسعة من حوله يغطيها الرمال وتعلوها بيوت مهدمة هنا وهناك.
تهاوت قدماه اسفله ليسقط على الارض من هول الكارثة
فصرخ صرخة أرعبت الوحوش وتناثرت دموع عينيه.
"ماذا جنيت يا كاظم؟... ماذا ارتكبت من فعل شنيع؟...
ضيعت الفتاة! اهلكتها!"
صدح رنين هاتفه فرفعه بيد مرتجفة وانقطع الرنين فجأة، هم بإرجاعه دون النظر لهوية المتصل فأضاء من جديد وارتفع رنينه فاذا المتصل كميل... بكى وهو يتجاهل الاتصال ثم
نهض بوهن واضعا يده على خاصرته بينما يهمس بوجوم.
"بماذا اخبرك يا كميل؟ بماذا؟
ضيعت حواء وقد أكون السبب في موتها وضيعت اختك ايضا... أجزم بأنها لن تخرج من هذه الحادثة سالمة...
لقد دمرت نفسك يا كاظم! لو هلكت في وادي لكان اهون مما انت فيه".
مشى متعثرا نحو السيارة وفكره مغيبا عند زينب يفكر بردة فعلها، لطالما كانت نقية هل ستتحمل فعلته؟... وقف يفتح الباب بينما يلقي بنظره نحو رباب الجالسة في المقعد الامامي، ضامة قدميها إلى صدرها، ترتعش كالمحتضر. انتبهت إليه فانتفضت بعنف تشد من ذراعيها حول نفسها لا يساعدها في ثبات نفسها، فصرخت بعويل بعد لحظة من ادراكها.
"اين حواء!!!، كاظم... حواء اين هي؟!"
انتفض هو الاخر وكاد ان ينهار... لم يستطع الاجابة ولم ينبس بحرف حتى انفاسه كتمها.
اغمض عينيه يتجرع مرارته وفتح ذراعيه لها فارتمت في حضنه تتعلق برقبته كالغريق.
بكت وهي تتمتم باسم حواء حتى فتتت قلبه، فأجلسها وهو يهون عليها ما نزل بهم من كربة... شد عزمه وتمالك نفسه وقاد إلى الطريق العام، ارتجل من السيارة واتصل بالشرطة يبلغهم عن قاسم.
كان في نفسه ان يقود إليهم دون انتظارهم لكنه خاف نقاط التفيش... الأمان من مصائب اكبر هو في الانتظار...
رنين هاتفه المستمر جعل انظار رباب تتعلق به ولا تحيد عنه فصعد إلى مكانه وجلس خلف المقود.... وضع رأسه عليه وهو يكلم رباب.
"كوني هادئة سنسلم قاسم للشرطة ونبلغ عن حواء وبعدها نذهب للمستشفى..."
لم يأتيه ردها فرمى بطرفه نحوها فراها تزم شفتيها وقد اسود ووجها بزرقة انقطاع الهواء وما زالت تحتضن نفسها مرتعشة .. وهو يرمقها بلا حول منه ولا قوة لا يعلم كيف يساعدها.
بعد مدة من الزمن لا تتجاوز النصف ساعة مرت عليهما كأنها ما لا نهاية .... حضرت الشرطة... واخذوا قاسم ودونوا اقاويل كاظم بخداع الشباب والبنات بإعطائهم المخدرات، غير الاحتيال على الفتيات ايضا ومن ضمنهن اخته وهذا هاتفها فيه تسجيل لمكالمة قاسم يهددها به وهذه الشكولاتة واخرجها من درج السيارة وفعل كل ذلك على عجل.
وطلبوه وحددوا موعد يأتي به للقسم واخبرهم عن اختطاف حواء لذا سيحققون مع قاسم ويعرفون مكانها ان كان له يد في ذلك.
وما كانوا ليتركوه لولا تسلميه كل وثائقه ونظرهم في مصاب رباب.
انطلق إلى المستشفى بسرعة وهو يصرخ برباب التي تكاد تضيع هي الاخرى من يديه.
"تنفسي جيدا... خذي شهيقا!"
.....................
فزعت ابتهال وجفل آدم ملتفتين إلى وراءهما مرعوبين على صوت تصفيق....
اتسعتا عينا ابتهال لرؤية كرم يتقدم بخطوات ثابتة وهو يصفق وعلى وجهه ابتسامة صفراء.
توقف قبالتها لتتراجع للخلف فقدم قدمه وراح يخطو من جديد حتى تعثرت بقدميها وسقطت على الارض فصرخت لضرب ذراعها بحافة الكرسي... أما آدم تسمر مكانه يتصبب عرقا فالتفت إليه كرم لينفجر بوجهه ضاحكا بقوة جعلتهما يترعدان... واصل ضحكه بينما يضع يده على وجهه يمسح عليه فتوقف على اجهاش ابتهال بالبكاء لينزل يده وهو يهز رأسه بحركات متتالية..
تجاهلها مخاطبا آدم بقوة يكللها الشموخ
"اذن انا لم أمسك بزوجتي مع رجل بل انا من دخلت على زوجين!!
هل افهم اني خدعت واحتال علي؟..."
هم آدم بالهجوم عليه
فصرخ كرم
"ان كنتما توثران سلامتكما فردا علي والا مصيركما السجن لاحتيالكما علي... استطيع قتلكما لو شئت!"
فصرخ به آدم
"انت لست في العراق لست في بلدك يا همجي!"
فعاجله كرم بقبضته وكسرت اسنانه يسقطه ارضا وجلس فوق صدره ثم تجاهل الرد عليه رادفا
"او تظنا انه لن يقف معي القانون وتلك الجموع الغفيرة التي شهدت على عقد عقراني الباطل يا سيدة ابتهال فالويل لكما...
غطت ابتهال وجها بذراعيها تحاول اخفاء نفسها...
اتيت لمنزل من ظننتها زوجتي لأتفاجأ بها مع زوجها اذن اين محلي من الاعراب؟"
ولَكَمَ آدم في الاثناء بغضب ثم راح يلكمه مرات عديدة بدون رحمة وابتهال تولول
فصرخ
"اخرسي يا فاجرة وتكلمي ما هو هدفكم ولما كنتم تخططون؟"
صاحت ابتهال بتلعثم وهي تتخبط بالأرض
"انه ليس كما..."
قاطعها كرم صارخا بعنف يكاد يمزق أوداجه
"لا شأن لي بحياتكم اخبريني ما هدفكم فحسب؟"
قبض على رقبة آدم يخنقه ويضربه بالأرض بينما يهتف
"تمثلون علي انت وابوك ولم تكتفيا لتستعيرا ممثلا اخر...
من التي كانت تمثل الوداعة والصلاح؟ لا ولديك الجرأة والخبث... بأن تمثلي لشهر كامل تبكين ومنهارة لأن لدي زوجة!... وبدأت تلعبين على نقاط تكسبينها لصالحك ضدي!
وبكل عجرفة تقولين لي ان كنت شاركت قلبك مع غيري فلا ارضى بأن تشارك جسدك!!...
من الذي قال لا اطالب بإن تعطيني قلبكَ أنا سأكسبه؟...
من الذي كان يمثل دور الانسان الذي وجد الطريق بعد طول تيه؟
وانا بكل غباء مني صدقتك وأردت ان انفصل عن روحي جزاء لك عن تضحياتك وتغيرك من أجلي!... ظننتك امرأة مناسبة لي بكل شيء ولا رجل في حياتها سواي! ...
لاكتشف انها ادعت ايمان الملائكة بينما هي شيطان رجيم.!!!"
اخذ نفسا يهدئ به النار التي تجيش في صدره ثم صرخ بحدة أفزعتها.
"تكلمي والا لن تريا غير الموت؟"
"ابي قال بأن جدك حرمه من حقه بالشراكة وفوق ذلك تسبب بموت امي..."
استدار بوجهه نحوها قائلا باستهزاء مستنكر
"ماذا تقولين؟
المستشفى××× التي تدعون انها ملككم انها ملك ابي!
اخرسي يا كاذبة! جدي لم يسرق شيء ولم يسلب حق احد بل انتم السارقون!
لولا ان أسهم المستشفى باسم زوجتي لما نجوت من خداعكم!
كيف يجرؤ والدكِ على ارسال أوراق موقعة باسمي لمحاميي يطلب منه القيام بباقي الاجراءات؟
كيف!.... لم تكتفوا بحشري في الزاوية امام الناس واحراجي لتطعنوني من خلف ظهري وتسرقوني
بأي حق!!!
لقد اتضح انه حتى ولو جزء من المستشفى لا حق لكم فيه لقد اشتراها جدي منكم... سنوات وأنتم تخدعونني بذلك...
بصق على الأرض مضيقا عينيه باحتقار.
أبشرك... والدكِ في السجن هذه اللحظة...
اوه ولن انسى ان ازجكما انتما ايضا، فالشرطة في طريقها اليكما ... تعفني في السجن يا سيدة ابتهال...."
واستدار خارجا...
فنهضت ابتهال خلفه واقفة على قدمين واهنتين... خطت خلفه مادة يدها نحوه تناديه من بين دموعها...
"كرم اسمعني!"
توقف مستديرا نحوها
قائلا بصوت ابرد من الصقيع
"لا يهمني سماعك ولا ارغب بمعرفة اي شيء ولا ادنى سبب فلتحترقي بنار جهنم!"
صرخت
"كرم!"
فصرخ هو الاخر بصوت اعلى
"لو كنت زوجتي لقتلتك ودفنتك في مكانك لو كنت امرأتي لكان لي تصرف اخر معك.
لكنك لست سوى فاجرة سارقة!!"
ثم ألقى بصره نحو ادم
"لا اعلم اي الرجال يكون زوجك عديم الشرف والنخوة!... و التعس ابوك...
قطع كلامه يجز على اسنانه.
لا يهمني لأي سبب فعلتم ذلك حتى ولو كان فيه نجاة ارواح... لن اغفر لكم!"
ركل آدم ركلة اخيرة وتركه ينزف وجهه دما
وخرج مسرعا قبل ان يفقد حكمته ويقتلهما بالفعل.
عصفت به افكاره متذكرا كيف اتصل بالشرطة بعد ان قرأ رسالة محسن ورأى المستندات والاوراق التي بقت مخفية في الادراج تثبت ان لا حق للبيب بشيء.
لقد لعب لبيب لعبته بإحكام لسنين ولم يعرف انه مخدوع هذا جزآءه لعدم اطلاع محاميه على الامر...طالبا منهم التحقيق معه بعد ان سلم لها ما يملك من ادلة وبعدها ركض جريا إليها يظنها في غفلة عن فعلة والدها مقررا الوقوف بجانبها ليكتشف اخر شيء كسر ظهره.
ركب سيارته لتتراءى حواء امامه مبتسمة هامسة بصوت رقيق.
"كرم هل انت بخير؟"
اوقف السيارة جانب الطريق بقوة
واخذ يخبط على المقود صارخا بحرقة
"ماذا تريدين مني يا حواء؟ ماذا تريدين؟
لقد تعبت لست بخير لا لست بخير!... اي قلب تظنين اني املكه؟ ماذا تريدين مني؟
لم اعد اتحمل، تعالي واقتلعي قلبي ارجوك وأريحييني!!
اي نوع من البشر انا؟... قلبه متعلق بفتاة عاقة لأهلها... تزوجت مرتين... ومن من؟ من اكثر شخص عزيز على قلبي... وبعدها يتضح انها... ليست بريئة... عذبته وسرقته وتسببت في الاخير بموته.. لتأتي في الاخير ترفض حبي لها بعد أن قايضتني بالزواج منها مقابل ما هو حق لنا وسرقته! ... لما دون بنات حواء اقع في غرامها هي؟.. قلبي لا يصدقني ولا يقبل طاعتي بعد رفضها له!!...
هربت منها لأعالج روحي واتزوج فتاة تحبني وتناسبني... تكون امرأتي لا لأحد من قبلي...
لما؟ .... لما علي ان ابتلى بالخيانة؟ لما علي ان اشعر بنحري ينحر مرات عديدة؟... انا لا اهتم بأمر ابتهال لكنها جيشت علي آلامي... اعادت علي نيران حواء... اي اختبار هذا يا رب؟"
تجمد لحظات ينظر في الفراغ امامه... عصته دمعة انحدرت من سفح مقلتيه احرقت روحه قبل خده... فهمس لنفسه بصوت متقطع.
"ماذا فعلت لتحترق روحي هكذا؟!
عد لها يا كرم وأكمل احتراقك هناك فلتحترق ببطء او بسرعة... فلتحترق كلا او جزءا لا يهم...
اصدر حريقك دخان او لا لا يهم!
زاد احتراقك بأنفاسها او خمد لا يهم!
شعرت بك ام لم تشعر لا يهم!
ينثر رمادك ام لا ينثر لا يهم!
عد لها وادخلها وسط نيرانك... داخل روحك احتضنها واحترق معها!!..."
.........................
"ايمان اين الدكتورة رملة استدعيها حالا!!"
يصرخ كاظم بسكرتيرة رملة بارتباك وعجلة
"دكتور كاظم يبدو انك نسيت ان الدكتورة مناوبتها الليلة...."
ردت ايمان ببعض التماسك الذي تدعيه مقابل جنون كاظم
"عفوك يا رب! اتصلي بها يا امرأة... لا دعكِ انت!
انا سأتصل بها...حضري غرفة بسرعة حالا!..."
صاح بها
فركضت تصرخ بهلع.
"حالا، حالا!!"
وضع رباب على السرير واودع الباقي للمسعفين
وخرج يتصل برملة.
لم يتمالك نفسه فخرج صوته متحشرجا غريبا على أذنيه وهو يهتف .
"عمة رملة اكراما لعزيزك تعالي بسرعة دون سؤال حالا تعالي للمستشفى... الحقيني سأفقد نفسي."
لم تستطع رملة الرد من صدمتها وخرجت مسرعة متجاهلة كميل الذي جاءها مسرعا.
هرولت لسيارتها وانطلقت وقلبها ينذرها بسوء لا بل بأسوأ من السوء.
ركنت السيارة وترجلت مهرولة فاصطدمت بكاظم الجالس على الكرسي شابكا اصابعه العشرة فوق رأسه.
صاحت به
"كاظم بني ما بك؟"
رفع رأسه صوبها
يرد بينما يسمح لبعض دمعاته بالنزول
"ادخلي إلى رباب بسرعة!"
رمت عليه حقيبة يدها وجرت إلى المكان الذي اشار إليه كاظم بيديه
رأت الممرضات يحُمن حول رباب فسحبت واحدة من ذراعها تسألها
فردت الممرضة بعملية
"اوه، حضرة الدكتورة
كنا في انتظارك
الفتاة مصابة بانهيار اثر صدمة لم تهدأ الا بعد ان حقنها بمهدأ فقد ظلت تردد اسم حواء باستمرار وهستيريا.
والان نغير لها ثيابها فهي متسخة بالعرق والبول لا نعرف يبدو انها تأذت جدا حتى تصل لهذه الدرجة من التبول اللاإرادي..."
فقدت رملة توازنها وكادت تسقط على الأرض، اسندتها الممرضة حتى اوصلتها إلى الكرسي قدماها تحولتا إلى هلام وروحها اخذت تتلوى داخل جسدها بألم.
اشارت بيدها نحو الممرضة وهي تأخذ شهيقا ان انتظري
فبقت الممرضة واقفة تنتظر رملة لتسيطر على انفاسها وهرعت اخرى تحضر لها ماءا وسكر لتوازن ضغطها
فقالت رملة بعد مدة .
"هي الان تحت تأثير المخدر! وماذا بعد؟؟ حالتها مستقرة او لا؟"
اجابت الممرضة بعملية...
"هذا شيء نعلمه بعد ان تفيق وعلى الاغلب لا لسوء حالتها بالبداية..."
شربت الماء ثم نهضت بتثاقل سارت خارجة إلى كاظم
فنهض قافزا من مكانه ما ان راها
فتكلمت قبل سؤاله
"لم افعل شيء انها الان تحت تأثير المخدر
ثم رفعت نظرها تنظر إلى عينين كاظم مسترسلة
أخبرني كاظم ؟
ما الذي حصل لرباب؟ ولما تهذي باسم حواء؟ ماذا يجري؟"
أشاح كاظم بوجهه ملتزما الصمت
فصرخت رملة بنفاد صبر
"كاظم ما بها رباب؟ ما الذي حصل لها!"
فصاح كاظم بحزن يختبئ بداخله غضب عميق من نفسه
"ارحميني عمتي الآن... سأخبرك فيما بعد!
فقط ارحميني الآن... عالجي رباب وانظري لحالتها وماذا يتطلب من علاج والباقي فيما بعد..."
اغمضت رملة عيناها بألم هامسة
"فقط للآن...
حسنا اذهب إلى البيت واسترح... سأتصل بك ان حدث شيء... ايضا كن طبيعيا ولا تخبر امك بشيء او ابوك..."
رد كاظم ببعض التكدر
"شكرا... سأفعل"
واستدار مبتعدا ببطء
فهتفت رملة خلفه
"اوه، صحيح عزيزي... هلا جعلت حواء تراسلني فأنا لم اراها اليوم لأطمئن عليها؟"
اهتزت حدقتا كاظم بعنف وشحب وجهه اومأ لها وخرج هاربا من مواجهتها.
.................
في الجناح المستشفى الخاص
جلس محسن على كرسي يتكئ على ذراعه يعاين حواء الممددة على السرير باستسلام تام، كيس محلول يتصل بذراعها الايمن وكيس دم بذراعها الاخرى... شحوب وجهها أغم صدره و سرح متذكرا رؤية رباب تركض مذعورة خارجة من المكان وبعدها تبعها كاظم وبقيت حواء لا يعرف لما أصرت قدماه على التحرك وتفقدها واذا به يجن لرؤيتها في تلك الحالة، فاسرع بحملها دون تفكير لقد اتفق معها سالفا ان تغادر معه ليأخذها لكن يبدو لا هي ولا هو او احد اخر كان يتصور ان تخرج شبه جثة لينطلق بها للمستشفى...
اشاح بوجهه عنها إلى قطرات الدم التي تتزود بها من الكيس وراح يسترجع ذكرياته التي ادت به إلى هنا.....
لم يظن ابدا بأن قدومه من اجل اخبار كرم ستؤدي إلى التكلم مع حواء وطلب غفرانها عما ارتكب...
دخلت حواء داخل غرفة الضيوف بخطوات تكاد تكون مسموعة، فرفع محسن رأسه صوبها ما ان شعر بها ووقف باسما ببسمة انارت تجاعيد وجهه ينظر نحوها، نحو الفتاة التي راها قبل سنة وبعضة أشهر من الآن والفتاة التي جاءته تستنجد به لتنقذ عائلة صديقه من غدر يحوم حولها والفتاة التي أصبحت زوجة لمرتين امامه والآن تبدو امامه ظلا لفتاةٍ راها قبلا لا تشبها بشيء، جسد دون روح وظل دون جسد.... فتحدث وهو يزدر ريقه لا يعرف لِم ارتبك امامها واخذ يتلعثم بكلماته..
"السلام عليكم...
كيف حالك سيدة حواء؟"
غصت حواء وارتعش كفها فقضمت على شفتيها توقف اهتزازها حتى ادمتها
ارتبك محسن اكثر فقال ببعض الضيق يداري به حزنه
"ما بكِ سيدتي؟"
فهزت برأسها ثم اشارت لحنجرتها
لم يفهم فأخرجت دفترها الصغير وكتبت عليه
"وعليكم السلام...
كما ترى يا استاذ الشكر لله... اعذرني قد ابدو اني قللت الأدب معك لكني مصابة بوعكة مرضية وفقدت صوتي... شكرا لقدومك
هل يمكن ان تتكلم معي كتابةً ؟ ان لم يسبب لك ازعاج؟ لأني اريد التحدث معك بأمر خاص..."
اتسعت عينا محسن وبلع ريقه بينما يفتح ربطة عنقه متمالكا نفسه ...يرد بمودة شابها توتر ملحوظ .
"الشكر لكِ سيدتي"
اومأت له حواء
فاستطرد بعملية تخللها الاهتمام
"ماذا تريدين مني قبل ان اتكلم؟"
كتبت حواء بأصابع مرتعشة
"اريد كتابة وصيتي أ يسمح لي بما انني فرد من هذه العائلة؟"
شحب وجه محسن وهو يومئ بإيجاب يقول:..
"لكن ابعد الله الشر عنك يا ابنتي.."
"الموت ليس شرا يا استاذ وليس كأني سأموت الآن او غدا ان كتبت وصيتي فقط افعل ما اريده منك واحتفظ بها حتى توصلها للشخص المطلوب فيما بعد..."
ردت عليه مبتسمة بقهر فواصلت تكتب
"كل ما كتبه محمد باسمي انقله لزوجي كرم"
تكلم محسن يقاطعها بعملية دون وعي
"لا يمكن نقلها فالدكتور كرم مازال موقفا عمل تغيير وضعك القانوني من ارملة إلى زوجته يعني لا توجد لديك اوراق رسمية... انت زوجته شرعا لكن لم يوثق بعد في المحكمة وهذا يعني قانونيا لازلت أرملة."
انتبه محسن على اختلاجها فندب سوء حظه.
ابتسمت حواء بشحوب مسيطرة على كل ذرة من قوة تملكها
"اذن ما زالت الأوراق تنتظر توقيع كرم؟
هل يوجد حل اخر نفعله... فأنا لا اريد بقاءها عندي اكثر؟..."
رد محسن بتعجب وهو المتوقع لردة فعل عنيفة او قوية تجاها ما سمعت، أراد السؤال فاثر ذلك مكملا..
"نستطيع أن نبقى ننتظر توقيعه لا يهم... واذا كنت مصرة سنرجعها دون توقيعه الذي سيؤجل فيما بعد كالكتابة في وصيتك انها هدية.
و لديك حق شرعي بالنسبة لأرث السيد محمد"
كتبت حواء مجيبة...
"اما هذا انا اتنازل عنه ايضا لكرم اخاف حتى أن لا يحق لي التبرع به!"
قاطعها "لكن لديك..."
فكتبت "حتى لو كان حقا لا اريده... ومهري ايضا من كليهما اتنازل عنه لكرم...
يبقى الشقة التي××× سأتنازل عنها ايضا لكن سأسكن فيها مؤقتا..."
تغيرت ألوان محسن لما يسمع،
فاراد تغيير الموضوع قائلا:
"سيبدأ الدكتور كرم بعمل الإجراءات لما لا تنتظريه؟"
فكتبت حواء بملامح قاسية
"انا اوقف تلك الاجراءات، لن اسمح بتحريكها سأبقى أرملة قانونيا لو سمحت.
هذا ما عندي قل الآن ما جئت لأجله."
انتفض محسن وقال مبتئسا.
"جئت اطلب الغفران منك... انا كنت اعلم ان السيد محمد اجبرك وأتهمك بالسرقة زورا... وأعلم ان محمد كان مدمنا ورغم ذلك لم اقل شيء وجعلني اتهمك زورا امام كرم بانك السبب.... بأنك من تسببتِ بإدمانه واكتشفنا ذلك من خلال مراقبتك بوضع كوكايين في عصيره....
لق...لقد هدد بتدمير بناتي...!!"
تمايلت حواء لفقدان توازنها من هول الفجيعة
فطأطأ محسن رأسه هامسا
"انا اسف مستعدا لفعل أي شيء تطلبينه مني وحتى الاعتراف لكرم بكل شيء!!"
لقد انتهى كل شيء منها واستنزفت روحها اخر قطرة لديها وشبعت من الألم بحيث لا مجال لشعور اخر... فقدت قلبها فالباقي امامه لا شيء يذكر... لم يعد لديها شيء تخسره او تخاف خسرانه ولم يعد هناك شخص تعيش لأجله...
فخطت اخر كلماتها تقدمها لمحسن
"اذا كنت تريد غفراني وتجاوزٌ عن حقي الذي في رقبتك... انا اسفة لأنني سأجعل مسامحتي مشروطة!
لكن ساعدني بالخروج من هنا دون معرفة احد منهم ودون سبيل لهم إلي."
فرغ محسن فاه مذهولا
فاسترسلت غير عائبة بذهوله
"يعني اريد هويتي وجواز سفري واوراقي وامام القانون انا لست زوجة كرم صحيح!
واخر شيء
اريد بيع منزل عائلتي وارضهم خلال مدة قصيرة لا اعرف جد لي مشتريا واخفي كل الاثار عن وجودي...
ثم نهضت دون اعطاء مجال لمحسن وهو يقرأ اخر كلماتها...
هذا مقابل حقي وإلا سآخذه أمام الله...!!"
ارتعد محسن لكلماتها وراح يهز رأسه بقبول....
أخرجه من افكاره صوت الممرضة تعالج حواء وتتفقد نقاطها الحيوية، لا يعلم متى دخلت ومنذ متى وهو شارد، ما يغضبه ما يجري مع مؤكله والاستفسار الذي لم يجب عليه بعد... فسمعها تكلم الطبيب بأن المريضة افاقت
نهض وهو يقول "لا اعلم لما ورطت نفسي؟ اعتراضي ليس خوفا بل لا يجوز ذلك! وانا اكتفيت من المعاصي!"
وصل عندها والممرضة تساعدها على الاتكاء وتضع خلفها وسادة.
فرفعت حواء رأسها نحوه تنظر إليه بعيون خاوية بخلفية زجاجية تخفي خلفها روح خالية... اشاح محسن نظره عنها يجيب الممرضة التي تسأله عن حالتها
فأجاب بأجوبة اختلقها ثم انتهى ملتفت إلى حواء التي رفعوا عنها كيس الدم وانتبه انها تطلب شيء تكتب عليه فأخرجه من جيب سترته مسلمّه لها وهو يسألها
"ماذا جرى؟"
كتبت...
"اريد الخروج... شكرا لك على كل شيء... انتهى عملك
وهل قمت بما طلبته منك؟"
تسمر محسن برهة فأومأ بإيجاب
فاستطردت
"هلا أطلب منك طلبا اخيرا!؟"
عاد يومئ لها...
فكتبت...
"اريد كوافيرة تحضرها إلى هنا"
فاستقام قائلا بإشفاق...
"حاضر، ساعة فحسب... سار ثم توقف سائلا
كيف سنتواصل؟"
ردت...
"بريدك عندي سأرسل لك رسالة عما قريب...
اين ستذهبين؟"
اردف بقلق
"قالت: ارجوك لا تسأل ولا شأن لك... لا تضايقني!"
اومأ لها بوجوم ثم خرج.
.......................
في المنزل
خرج كميل راكضا على صوت سيارة كاظم
وقلبه ينتفض بعنف صم اذانه لشدته
استقبل كاظم بصياحه القلق..
"لما تأخرتم؟"
فنظر خلفه لم يجد احد
فصرخ "اين الفتاتين؟"
إنهار كاظم واقعا على ركبتيه
ثم صرخ فخرج صوته مبحوح
"رباب في المستشفى وحواء... حواء اختطفت يا كميل اختطفت!!
لم استطع فعل شيء بلّغت الشرطة ولم اخبر رملة بذلك... كميل انا اتعذب لا اعرف كيف اخبر العائلة"
اصفر كميل وراح يتصبب عرقا فانحنى بظهره يضع كفيه على كتفي كاظم
فنطق كميل بأنفاس متقطعة غير مصدقا
"ماذا تقول يا رجل؟"
فصرخ كاظم قهرا
"كما سمعت اختطفت حواء!
ورباب في المستشفى!"
فانتفضا كليهما على صوت صياح
التفتا وراءهما ليجدا أمهما ليلى
التي جرت نحوهما لتمسك بذراعي كاظم تهزه
"ما الذي سمعته يا ولد؟
اختطفت كنتي وابنتي في المستشفى؟"
ابعد كاظم وجهه
فاستعبرت مولولة وركضت لصالح تلطم على رأسها
وكميل بجانبه يردد "كيف،
كيف حصل ذلك؟"
بعد ان هدأت الاصوات يستمعون لكاظم يقص عليهم ما جرى وان رملة الآن بجانب رباب لم يخبرها بشيء حتى تبقى متماسكة
ولا مفر من اخبارها.
تقدم صالح بكرسيه صوب كاظم ثم رفع يده عاليا يضربه بعصاه... مدميا جبهته، لم يعترض كاظم ولم يتأوه حتى وصوت صالح يجلجل الارجاء.
"تخبرني انك اردت القبض على رجل خدع زوجة اخيك واختك ولم تخبرنا... استطعت تسليمه للشرطة لكنه نجح باختطاف حواء ودمر اختك...
كيف تخرج بالفتاة دون علمي؟... بل كيف تتصرف دون اخباري؟... أ ليس انت الذي قضى اشهر يتبجح بانها امانة اخيك ولم تسمح لها بأن تخطو عتبة الباب؟... ماذا حصل حتى فرطت بها؟ وماذا يريدون تلك الجماعة منا لا اعلم منك او منها شيء!!"
كاد ينهار صالح من فرط انفعاله ولا يبدد الصمت سوى صراخه وصوت انفاسه
لم يتدخل كميل وآثر الصمت، كاد ينسى رسالتها وجن جنونه فلم يفتح فمه بكلمة عن رسالة حواء... لا يعرف! لقد اختلط عليه الامر أ من تدبيرها ام لا؟... هل هربت او اختطفت؟... هل وقعت في مشكلة؟... لما فعلت ذلك؟... ان تكلم سيتهمونها!
وكاظم لم ينبس ولم يعترض او يدافع عن نفسه فما يقوله والده صحيح.
قطع توترهم نهوض كميل منسحبا لغرفته بصمت.
....................
كتبت حواء العنوان لسائق الاجرة فقبل بتوصيلها، ركبت ومحسن واقف يودعها.
لقد أمضت يوم واحد فقط في المستشفى واصرت على الخروج، الضربة لم تسبب ضررا وخرجت سالمة منها... لكن روحها قطعا لن تخرج سالمة هي الاخرى...
استدار محسن مبتعدا كما اختفت حواء مع السيارة...
طوال الطريق تسترجع احداث ما جرى كما فهمت من محسن.
ان كاظم قيد الرجل وهو استغل غيابه ودخل للمكان وخرج يحملها... كما استنتجت ان كاظم امسك بقاسم واكيد انه الآن في السجن.
تنهدت هامسة...
"يا رب أحقا انتهى امره ولن يعود لأذيتي واذية أحبتي؟... هل تخلصت منه؟"
استندت بجبتها على مقدمة المقعد ومضت مدة يبدو انها غفت فيها واستيقظت على صوت السائق يخبرها..
"هل هذا هو المكان المطلوب؟"
ترجلت من السيارة تحمل أكياسها التي حملها محسن لها وقد اعطته اجرته مقدما التي دفعها ايضا ونزلت امام الشقة... خطت صوبها ساخرة من نفسها من كان يظن انها ستعود إليها؟... لقد ادت ما عليها تجاه كرم والعائلة....
جثت على ركبتها واضعة الاكياس على الارض... تخرج المفتاح من حفرة حفرتها بجانب شجيرة صغيرة قرب الباب، فتحته ثم دلفت بهدوء وقمعت خوف روحها فلم يعد هناك شيء تخافه...
مشت نحو الحمام وهي تضع الاكياس على الطاولة بينما تخلع ثيابها المتسخة من الشعر والدم لم تجد ما تلبس غيرها، التي خرجت بها بعد ان منعت محسن من جلب اخرى نظيفة، اخبرته انها لديها ولا تحتاج شيء لكن لا مانع لديها من شراء الطعام فهي تحتاجه لأيام طويلة وقد لا تخرج....
اكملت سيرها راجية تحمل الماء البارد ان لم يتوفر الحار على ما تتوقع وشعرها يتراقص اسفل ذقنها مع خطواتها... دخلت تحت الماء شاكرة الله انه فصل الصيف يكفي ذلك فالماء حار اكثر من كونه دافئا وراحت تنظف نفسها وتغسل شعرها.
لم تتمالك عبراتها فانهمرت مع انهمار الماء وهي تتذكر كيف جز شعرها بين يديه بطريقة قاسية وهمجية بكت شعرها بكت، كشف سترها وتدنيس بدنها، بكت خوفها وافتقادها للأمان، بكت اخيرا قص شعرها تحت يد الكوافيرة من اجل اصلاحه ليصل لهذا الطول أسفل اذنيها واعلى من ذقنها.
بقت تفرك بدنها بقوة وهي تقرأ آيات من القرآن وتستغفر الله في سرها.. ثم اغتسلت غسلة بنية التوبة وخرجت اخيرا...
مشت والماء يقطر منها وفتحت خزانة الملابس التي ملأها التراب واخرجت فوطة تلف بها جسدها فهي ما زالت تتذكر كل ركن فيها وكل مكان وكل حاجة
لبست اسدال فوق الفوطة واتجهت للقبلة تصلي صلاة التوبة وغفران الذنوب بروح رغم عذابها تطهرت، انتهت ركعتيها وجلست ترفع يديها تهمس في قلبها مما تحفظه من ادعية تؤنس وحشتها وتقوي روحها.
(اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين، و يا من لا يجاوزه رجاء الراجين، و يا من لا يضيع عنده اجر المحسنين، و يا من هو منتهى خوف العابدين، و يا من غاية خشية المتقين، هذا مقام من تداولته ايدي الذنوب، وقادته ازمة الخطايا، واستحوذ عليه الشيطان، فقصر عما امرت به تفريطا، وتعاطى ما نهيت عنه تغريرا، كالجاهل بقدرتك عليه، او كالمنكر فضل احسانك إليه، حتى اذا انفتح له بصر الهدى، وتقشعت عنه سحائب العمى، أحصى ما ظلم به نفسه، وفكر فيما خالف به ربه، فرأى كبير عصيانه كبيرا، وجليل مخالفته جليلا، فأقبل نحوك مؤملا لك مستحيا منك، ووجه رغبه إليك ثقة بك)
فسجدت بدموع خشوعها تشكر الله هامسة له
(اللهم اني افتتح الثناء بحمدك و أنت مسدد للصواب بمنك وأيقنت انك ارحم الراحمين في موضع العفو والرحمة واشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة واعظم المتجبرين في موضع الكبرياء والعظمة..... اللهم اذنت لي في دعائك ومسألتك فأسمع يا سميع مدحتي وأجب يا رحيم دعوتي وأقل يا غفور عثرتي، فكم يا اللهي من كربة قد فرجتها وهموم قد كشفتها وعثرة قد اقلتها ورحمة قد نشرتها وحلقة بلاء قد فككتها....)
انهت مناجاتها غافية على موضع سجودها
.........................
دخل كميل وليلى للجناح الذي فيه رباب مهرولين على صوت صراخ رملة، تحجرا مكانهما لرؤيتها تخدش خدها وتضرب وجهها وهي تنحب بالبكاء... فركضت زينب لوالدتها متجاوزتهما... فك جمودهما صراخ رباب

"اريد حواء... أعيدوا حواء!...
انا اسفة انا لم افعل شيء هو من ضربها واجبرني على رؤية ما فعل بها لقد جز شعرها وصفعها صفعات متتالية قال لي ان بقيت هادئة لن افعل لك شيء... لقد أنقذها كاظم في اللحظة الاخيرة... انا اسفة عمة رملة لا تبكي انا خائفة... حواء بخير"
فأخذت تهذي وتضحك من بين دموعها بينما تبلل نفسها.... وتبكي.
فخرجت رملة تركض تاركة خلفها ليلى التي انهارت بقرب ابنتها مصدومة، وهجمت على كاظم المستند بظهره إلى الجدار تخدشه وهي تصرخ .
"فقط ليقع اخوك بين يدي حتى اقطعه.
اخذ الله عمرك يا كاظم انت واخوك كرم... لما فعلتما بالفتاتين... لماذا تهورت يا كاظم؟ لما لا تستخدم عقلك؟ لما ايمانك لم ينتصر؟
هل ارتحت الآن؟!
رباب اصيبت بجرح نفسي عميق وسيء
خذ جزاك فالله لم يدع حق الفتاة يذهب هدرا لقد تلقيته بأختك و أخوك ذلك المتحجر ليشبع غروره وليرقص طربا ولينزل عليه غضب الله... اللعنة عليكما... ماذا فعلت لكما الفتاة انها مظلومة!... مظلومة ويتيمة يا بشر!! دمعة قهر منها تهز عرش الله فيحل عليكم غضبه... انا سأخرج من هنا أبحث عنها ولن اعود للمنزل ما حييت من دونها...."
أمساكها كاظم من كتيفها يسيطر عليها ويمنع ذلك فبكى رغم عنه وهي تتخبط بين يديه مغمغما...
"انا اسف لذلك لم أشأ اخبارك!"
................

مضى يومان منذ رحيل حواء والحزن والغم يخيم على أهل البيت، رباب لم تخرج من المستشفى بعد، ليلى منهارة على ابنتها غير واعية، رملة دخلت في حالة من الجمود والغضب، اما صالح قاطع كاظم ورباب عن الكلام وكميل يبحث عن حواء... قبل يوم اتصلت به خولة واليوم اتصل عمها همام وايوب يريد مهاتفتها ولا يعرف ماذا يفعل وبماذا يخبرهم ويجيبهم؟... وفي الاخير زارهم محسن بعد ان اتصل به يطلب منه هوية حواء ليقدمها للشرطة...
جاءت هدى تدعوه على الطعام فقطعت عليه دوامته.
نهض على مضض ممتنعا عن الطعام مثل الاغلبية...
بينما يجلس على الاريكة معرضا عن المائدة دخل كرم عليهم...
قفز كميل من مكانه مذهولا مرتعبا
وسقط الصحن من يد زينب التي كانت تنقله للمائدة فاصدر دوي جذب انتباه الجميع ملتفتين إلى مصدر الصوت لتتعلق عيونهم الجاحظة بكرم.
كسر حاجز ارتباكهم وذهولهم ارتفاع صوت هدى بالبكاء لرؤية كرم والقى صالح الجريدة من يده متقدما صوب ولده
فتكلم كرم اخيرا يضحك من ارتباكه لما لاحظه من الجو المشحون وتصرفاتهم الغريبة، مخفيا تعبه وحزنه اللذان لم يخمدا لحد الآن.
"ماذا بكم؟ هل هكذا تستقبلوني؟
السلام عليكم، لقد رجعت للمنزل يا أهل البيت"
فرد صالح بلهفة..
"وعليكم السلام اهلا بعودتك ولدي.."
خطى كرم للداخل مبتسما لتحدجه رملة بعينها وعبرت من جانبه قائلة بغضب لم تدخر جهدا لتخفيه...
"انا ذاهبة للمستشفى ولن اعود الليلة...."
صدم كرم من تصرفها فتجاهل ذلك مردفا
"ماذا هناك عمة رملة؟ اين ترحيبك ؟ أ لم تشتاقي لحبيبك؟"
اكملت سيرها صارخة بغضب..
"اغرب عن وجهي وعد من حيث اتيت...
لا لم اشتق إليك.."
اختل توازن كرم فتمايل مكانه ودفعته رملة من كتفه تفسح لها المجال للعبور ليسقط على الارض... بقي كرم على الارض مدهوشا والجميع ملتزمون الصمت
فتحركت زينب جارية وراء والدتها هاتفة..
"امي انتظري لا تخرجي!"
لم يشعر كرم الا والدته تتعلق برقبته تبكي وتحتضنه بينما تهمس بحزن واشتياق ..
"لا اصدق عيني... كرم عزيزي متى عدت يا حبيب قلب والدتك؟؟"
وتقدم كميل صوبه مادا إليه يده بعد خروج زينب خلف رملة
قائلا ..
"الحمد لله على سلامتك اخي
انهض!"
فنهض كرم وهو يمسك بكف والدته
متسائلا
"ما بكم؟ هل حصل شيء ما؟ ما بها رملة؟!"
نزلت ليلى رأسها واشاح صالح وجهه وهدى على بكائها والتزم كميل الصمت..
ليدخل في الاثناء كاظم يقول بتعب وارهاق بينما يخلع حذائه غير منتبها..
"لم تحصل الشرطة على اي خبر عن حواء...
غير أن قاسم سجن على ذمة التحقيق الجاري ...."
وقال جملته الاخيرة بخفوت وهو ينظر إلى وجه كرم الذي التفت نحوه والتقت عيناهما معا...

............................................



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 05-07-19 الساعة 05:29 AM
فاطمة عبد الوهاب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس