عرض مشاركة واحدة
قديم 19-05-19, 02:31 AM   #2

غزيّل.

? العضوٌ??? » 445704
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » غزيّل. is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الأول

★في مدينة جدة، في أحد المنازل للطبقة الجيدة المائلة للعادية:

"هيا يا ماما، أنا بطلع دحين.
مع السلامة."
كان هذا آخر ما سمعته والدتها قبل أن تغلق الباب.

"الله يهديكِ بس يا عِلتي، تحسب أبوها الوليد بن طلال على غفلة."
قالت الوالدة نعمية -امرأة في مقتبل الخمسينات- لها شعرٌ أسود تسللت في مُقدمته خصلًا بيضاء.

في المقابل كانت ابنتها تحت أشعة الشمس تنتظر سيارة أجرة -أوبر-

"أوف، ايش هذا الحر؟
بخمج والله، حسبي الله عليك بس."
تتأفف بينما تحمل في يدها ملف وعلى كتفها حقيبتها الشخصية.

انتظرت عدة دقائق حتى وصلت السيارة آخيرًا.

★في جدة، في مقهى آمارو:

"لالا، جد أبدعتوا.
لحد دحين هذا أفخم فرع أشوفه."
قال بإنذهال وهو يسير يتفحص المكان بنظره.

"ايه، هذي المرة كان باشراف ولدي الصغير، عاد تدري قلت لازم أدخله في تجارة العائلة وكذا."
رد عليه بابتسامة مكلفة مسايرةً له.

"خير اللي تسويه له يا عبدالله، مهما كان ذولا عيالك ولازم ترشدهم وتخليهم يبدأوا يعتمدوا على نفسهم."
بعدها وضع يده على كتف صديقه عبدالله.

-

"اليوم بيجون المتقدمين على الشغل وكذا فنبغاك تسوي معاهم المقابلات زي ما تدري طلعتلنا شغلة في الرياض."
أبلغهُ وهو يرتدي ساعته البراقة.

لَم يعترض وأستجاب له بينما عينيه لا تغيب عن هاتفه:
"خير إن شاءالله."

"سمعت انت أنا ايش قلت أصلًا؟"
سأله مستنكرًا لإجابته.

"ايه سمعت."
أجابه بذات النبرة ولم يُغير من وضعيته أبدًا.

"دامك بتجلس على هالحال ولا وحدة بتطالع بوجهك يالنفسية."
صرحَ عن رأيه وهو مشمئز من تصرفات أخيه الباردة لينصرف حينها من المكتب.

"مزاجي تروق لي أكثر."
رد مجددًا ينظر بِطرف عين لظل أخيه التابع له.

سحب الملفات التي على المنضدة وأعلاها ورقة المؤهلات.

-

في غرفة مملؤوة بعدد لا بأس به من الشابات والشبان ينتظرون دورهم للمقابلة.

"أفا يا دا العلم!
وشولهه أشوفكم كلكم هاجدين؟فين النشاط والحيوية؟
والله باين عليكم حتجيبوا العيد."
كسرت حاجز الصمت بينهم وهي تنظر اليهم متعجبة ثم أردفت بعد أن قهقهت بعنجهية:
"وأحسن جيبوا العيد، ما نبغا المكان يصير زحمة من أول يوم بعدين نروح ننكتم!"

"يالحبيبة، حرم صاحب المقهى ولا شنو؟"
قال أحد الجالسون ليضحك الجميع ليس لأن نكتته مضحكة بل رغبةً في إغاضتها.

"ايش دخلك انت؟ وبعدين ايوا يا حبيبي زوجي.
انت م تستحي على وجهك تزوّجني؟ م عندك أخوات؟ أصلًا ما أحسدهن يا كاره نساء العالم.
وبعدين الشرهة عليا أنا اللي أحاول ألطف الجو بس أنتو وجيه فقر.
مالت عليكم."
ثرثرت عليه وجعلت من نكتته الخايسة محاضرة عن النسوية.

"المدير وصل، بنبدأ ننادي بالأسماء عشان تدخلوا."
قال أحد الرجال العاملين.

فزادت هي كلام من عندها بعد أن جلست على مقعدها:
"يا ليت ما تتأخروا، كلها كلمة ورد غطاها.
مقدمين على وظيفة اللي يسوي القهوة يعني مانكم على وجه وظيفة عند ناسا."

دخل الشاب الذي نادوا اسمه، ولكن لم تمر دقيقة حتى خرج مِن غرفة المقابلة.

"هاه؟ ليش طلعت؟"
سألتها بعد أن أمالت رأسها تنظر إليه.

"عمري يخالف المؤهلات."
أجابها الشاب وهو لا يزال مصدوم.

"وكم عمرك إن شاءالله؟"
عاودت تسأله مجددًا لكنه غادر والعبرة خانقته.

لم تهتم ورجعت تنقر على هاتفها وعدد الناس الموجودين يستمر بالنقصان، وفي تلك الأثناء أخذت قيلولتها كعادتها.

"ريم الفلاني، ريم الفلاني."
نادوا على اسمها وقد شعرت بالثقل وأنها ليست في وضع يسمح لها بالمقابلة لكنها تمالكت نفسها حتى وصلت لغرفة المقابلة ورمت بجسدها على الكرسي أمام كرسي فارغ.

ظنت أن صاحب المقابلة سيتأخر لذا عادت وأغمضت عينيها حتى تستجمع قواها وما أوشكت على أن تفتحها مجددًا حتى تسلل إلى مسامعها صوتٌ هادئ:
"لو سمحتِ، ممكن تعطيني الملف؟"

قدمت ريم له الملف بكل رفق لتتلفظ:
"اتفضل."

عجزت ريم عن فهم هذه السكينة التي حلت عليها ولا كأنها للتو كانت تتشاجر مع الناس في الخارج.

أقفلَ ملفها لِيحول نظره على عيونها مباشرةً ويقولها دون أية تمهيد:
"مرفوضة."

أقفلَ ملفها لِيحول نظره على عيونها مباشرةً ويقولها دون أية تمهيد:
"مرفوضة."

"أوه! ليش؟ يعني ممكن أعرف السبب لو تكرمت."
حاولت ريم أن تبقى معه رسمية حتى لا تتعسر الأمور بينهما.

"تخلّي بشرط العمر ببساطة."
أجابها لتتوسع عينيها من الصدمة وتسأله ببعضٍ من الغباء:
"هاه؟"

"الله يسلمك المطلوب شخص فوق عمر الثمنية عشر سنة بينما انتِ ما عديتيها حتى."

"ليه أنا كم عمري؟"
سألت بغباء مجددًا.

"الظاهر من الصدمة عقلك أتوقف، المهم ايه لساعك طفلة."
بينما هو كان يقول لها ظنًا أنه سوف يستفزها وسوف تخجل على نفسها ولكن بدلًا من ذلك سحبت القلم من يده وأخذت تحسب عمرها.

"شوف الشهر الجاي بكبر الله يحفظني."
أخبرته ريم وهي تمد إليه الملف.

"ايه؟"
صد الملف بيده لتدفعه ريم أكثر:
"جبلي هدية."
ثم ضحكت بغنج ضحكة تفتن غيره لكن لم تأسر قلبه هو للأسف وتقول:
"لا أمزح، بس قصدي أنو ما رح يفرق شهر.
يعني حبقى نفس ما أنا، لن أتغير أبدًا.
صدقني."

"وش يدريك بالظروف اللي ممكن تتغير في هالشهر؟"
عارضها وهو يرفع حاجبه الأيمن.

"أنا ظروفي من سنين ما أتغيرت."
قالت ريم بِصوتها الرزين وقد تركت قناع الطفلة المدللة التي تحصل على كل ما تريده.
نهضت من مكانها وأرجعت نظرها إليه لتخبره بجدية:
"على كلٍ شكرًا على وقتك."

بعدها رحلته تاركةً إياه في حيرة من أمره.
ما هذا التغير الذي دهاها فجأة؟ في دقيقة فقط أصبحت غير تمامًا.

"وانت اللي تحسب نفسك المزاجي بس يا فيصل."
كان يتمتم مع نفسه ليأمر بعدها الموظف بأن يؤجل باقي الأسماء لغذًا.
حالما أوشكَ على المغادرة لفت انتباهه ملف ريم الذي نسيتهُ بالصدفة.
حدقَ فيصل به لعدة ثواني ليفكر (لا والله! ضميري ما بيرتاح عشان كذا باخذه معي لين يحلها الحلال وأرده لها.)

--

أخذت ريم خطواتها السريعة إلى غرفتها لتقفل الباب.
لطالما كانت العلاقات بين ريم ووالديها متوترة لكن والدها الأكثر.

"يأخي دحين أنا ايش أعمل؟ حرفيًا مو في راسي شيء.
يعني شغلة القهوة هي الوحيدة اللي كانت تناسبني أنا الورعة اللي دوبي متخرجة من الثانوي."

تجردت ريم من عبائتها لترمي نفسها على سريرها لتغوص في أحلامها الوردية.

آنذاك في غرفةٍ أخرى بعيدة جدًا عنها، يمارس هو هوايته المفضل بل ما يضعه في أولياته وهي الكتابة.
كانت الكتابة المخرج الوحيد لفيصل من عالمه.

كلًا منهما لم يفكر ببعضهما البعض في تلكَ الليلة فمشاعر الحب بذورها غُرست في التربة حتى الآن.

--

في اليوم التالي:

تحتسي ريم جرعةً من كوبها، ويدها الأخرى مشغولة بالكتابة.

ريم:
[قلتلك ي ليال، اللي م يستحي جرح مشاعري.
يعني كلو شهر! يحسسني أنو حيموت لو وافق.]قرأ.

ليال:
[هذا رجال مو گدها، يرادلچ تهفيه راچدي مرة الجاية.]قرأ.

ريم:
[مدري عاد، هو نوعًا ما يبدو رجل كويس.
يعني هو في الآخير سوا اللي عليه.]قرأ.

ليال:
[انتِ صاحية؟]قرأ.

ريم:
[بس م أتولد اللي يرفضني.
قهقهقهقهقهقهققهقهقهققهققه قهقهقهقه.]قرأ.

ليال:
[كفو والله يا بنت الذيب.]قرأ.

وظلت ريم تتحدث مع ليال وتخططان وتغتابان.

ليال، صديقة ريم من الانترنت.
الوحيدة التي تثق ريم بها بالمختصر صندوق أسرارها.

--

"على فين يا بنت؟"
استفسرت منها منذهلة من ارتدائها لعبائتها والآن توشك على ارتداء حذائها.

"والله عندي أشغال."
أجابت ريم ببساطة لتنتقل للف حجابها.

"أبوكِ لو يشوفك بس على دا الحال حينجلط."
ردت عليها بعتاب وكأنها تمنعها.

صوّبت عينها تجاه أمها، أصدرت تنهيدة تحسرها لتقطب حاجبيها بغضب:
"والله يا حبيبتي هو يسافر ويفل أمها واحنا نجلس هنا مقبورين.
وبعدين على أساس أنا دحين بروح أتسكع؟ بروح أشوف شغلي الجديد."

"خلاص سوي اللي تسويه.
ايش دخلني فيكِ وفي أبوكِ، أنا نصحتك وبس بما أني أمك."
ألقت كلماتها بسأم؛ فقد تعبت من تصرفات ابنتها الطائشة والعنيدة لتتركها تكمل عملها.

فرحت ريم على ردة فعل أمها؛ فالآن يمكنها تنفيذ خطتها بكل نجاح.



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 19-05-19 الساعة 10:06 AM
غزيّل. غير متواجد حالياً