مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب | الفصل السادس والعشرون
مال الى الأمام وراح يتفحص عينيها الواسعتين , ونحولها الذي غاص نصفه في الفراء القاتم اللامع , وقال:
" أنك فعلا صغيرة في بعض الأمور , ومع ذلك يمكنني أن أدرك لماذا كان كورتيز غاضبا عندما تحدثت اليه , ماذا فعلت له , هل صفعته؟".
إبتسمت بعصبية وقالت:
" كلا , قفزت من سيارته وركضت مبتعدة عنه".
" وهل طاردك؟".
" نعم , الى أن وصلت الى الرصيف , وكان هناك بعض الناس , ولهذا كنت في أمان".
" من أهتماماته غير المرغوبة؟".
وجذبت بأصابعها بطانية الفراء وقالت:
" نعم , بعض الرجال يظن أن وجوده على أنفراد مع فتاة يعطيه الحق في معاملتها كعاشق".
" نحن على أنفراد يا أيفين , ألا تخافين من غريزتي".
" أنت وصي علي".
" ألا أجعلك تريدين الفرار مني؟".
نظرت اليه , وضاعت الكلمات منها , وفي لحظة مذهلة بدا لها كأنما وجدت نفسها على أنفراد مع دون جوان الجسور الذي كان يهوى الخيول السريعة , والذي كان يستخرج الفضة من مناجمها في البراري , ويحب صحبة الفاتنات , وكانت بسبب صغر سنها غير واثقة من دون جوان مثلما هي غير واثقة من أي رجل آخر.
أطمأنت نفسيا عندما وجدته يركّز أهتمامه على موضع القفاز في السيارة , ورأته يخرج من هذا القسم بطارية يد , وأضاءها ثم قال:
" أقترح أن نترك السيارة ونبحث عن مبيت في أحد الأكواخ القريبة من هذا الطريق , تدثّري جيدا بهذا الفراء".
خرجا من السيارة الى الطريق الذي يلفه الضباب وحملقت أيفين حولها بعصبية , كانت الأصوات كلها خرساء , والأشجار كالأشباح , وقالت:
" أليس من الأفضل أن نبقى في السيارة يا سيدي؟".
أجاب بحزم:
" كلا , قد يصيبك البرد , كما أن ساقي تؤلمني , تعالي , كوني قريبة مني وأعدك بأننا بعد قليل سنجلس بقرب نار مشتعلة ونشرب قهوة ساخنة".
كان شعاع بطارية اليد يشق الضباب , وبعد فترة وجدا أنهما فوق طريق جانبي عليه آثار أقدام لا بد أن تفضي الى مساكن من نوع ما , وعملت أيفين بنصيحة الوصي عليها فظلت الى قربه وكان يعرج أكثر من المعتاد , أنها الرطوبة تسري في عظام ساقه - وأرادت أن تضع أصابعها في الجزء المعقووف بذراعه- كما فعلت راكيل بصورة حميمة – وتمنحه بعض الراحة.
وقف بغتة وقال : " آه ! ". وولى قلق أيفين عندما رأت شعاع البطارية يشير الى بياض جدار وأطار نافذة ثم الى باب خشبي عليه حلقة حديدية تستعمل مطرقة للباب.
وأضاء بالبطارية وجه أيفين وقال:
" حسنا يا غريتل , لقد عثرنا على كوخ في الغابة , هل تظنين أن هانزل سيتجرأ ويطرق الباب ( غريتل وهانزل من الشخصيات المعروفة في قصص الأطفال )".
ضحكت أيفين ضحكة خافتة , أذ أعجبتها دعابة دون جوان التي تختبىء في صدره كعرق من الذهب , وقالت:
" قدما غريتل باردتان".
" لاحظت أنك تعرجين يا صغيرتي".
" لقد فقدت كعب الحذاء الأيمن".
ولما وصلا الى باب الكوخ , رفع الحلقة الحديدية وطرق الباب مرة ومرتين وثلاثا , وأنتظر ! ثم سمعا النافذة العليا تفتح وترامي اليهما صوت عجوز تسأل :
" من بالباب؟".
" سيدتي , نسألك المأوى هذه الليلة , سيارتنا تحطمت وقد أصحنا معزولين في الضباب".
" آسفة يا سيدي , ليس عندي غرفة ....".
" سأدفع لك مبلغا حسنا يا سيدتي".
ساد السكون بعدما ترددت العجوز وأغلقت النافذة .
تحدث دون جوان بالأنكليزية الى أيفين :
" القرويون يشعرون بالعصبية في ليلة كهذه , أن العجوز ستفتح لنا أذا أجزلت لها العطاء".
أقترحت أيفين :
" أخبرها من تكون ".
وأجابها بأبتسامة في صوته :
" أفضّل أن نبقى غرباء بالنسبة اليها".
وبينما كانت أيفين تستوعب ملاحظته , سمعت أنفتاح أقفال الباب من الداخل , وأنفتح الباب ببطء وظهرت أمرأة مغطاة بشال وفي يدها مصباح يعلو دخانه , رفعت مصباحها كي تتأمل الواقفين ببابها , وحملقت جيدا في وجه دون جوان الممدود القامة والمهاب برغم شعره المشعث , ونظرت بأهتمام الى رفيقته الصغيرة المتدثرة بالفراء , ويبدو أنها لم تتعرف عل المركيز لأنها قالت رافضة :
" لا أعرف أذا كان علي أن أفتح بابي للغرباء , كيف لي أن أعرف أنكما من الشرفاء؟".
أخرج دون جوان محفظة نقوده من جيبه وأخرج منها عدة أوراق وقال :
" تفضّلي يا سيدتي , أعتقد أن هذه تشتري لنا سقفا من أجل ليلة واحدة ؟ هيا , فالسيدة الصغيرة ترتعش من البرد".
دسّت العجوز المال في صدرها وفتحت الباب فتحة تكفي لدخولهما الى الممر الضيق , وأغلقت الباب بأحكام , وقادتهما الى المطبخ حيث توجد نار قليلة مشتعلة , تلقي بظلال حمراء على الجدران الكلسية الدهان. *************** |