عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-19, 12:58 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الجزء السادس
الوقت ليلة الجمعة، وفانيسا مستلقية في فراشها تستمع الى الزيزان و حفيف سعف النخيل، وبين وقت و آخر زعيق طائر ليلي آت من بعيد.
كأنها في أورداز...أصوات الليل ذاتها، أورداز! كم كانت سعيدة هناك وحرة، تنهدت فانيسا للفكرة وأخذت تتململ في فراشها محاولة اصطياد النوم الذي كان يجافيها هذه الأيام، مسدت مخدتها وحاولت التركيز على دقات الساعة، لكن حلاوة النوم و سلامة بقيا يتهربان منها.
اللعنة! قامت من فراشها بهدوء و لفت عباءتها حول كتفيها ، العباءة التي اشترتها مع بقية الثياب منذ بضعة ايام.
كان باب الشرفة مفتوحاً، خرجت منه فانيسا و أخذت تحدق بالنجوم، ثم حولت نظرها الى البحر وكان سطحه يعج بحبات اللؤلؤ، انطلقت صرخة طاؤؤس كأنها الشؤم فضاعفت احزان منتصف الليل التي كانت تضطرم في داخلها.
أخذ الحزن يسري من قلبها الى جسمها كله وهي تنظر باتجاه اورداز، لماذا تنظر في ذلك الاتجاه؟ عما تبحث؟ عن العم الطيب الذي ضاع منها الى الابد...أم عن الوعد الهارب كشعاع شمس، والذي كان يملأ النزهات، ولعبة كرة المضرب، ورحلات الصيد، والمناقشات التي كانت تتمتع بها بصحبة جاك كونروي المرح؟ أين يكون جاك الآن؟ لا ليس في الفندق في تشيلي حيث كانت تعبث برسائلها، لابد انه في احد الأدغال الخضراء بحثاً عن الماس و الزمرد.
طافت ابتسامة على شفتيها مالبثت ان اختفت اذ تحولت افكارها ورغماً عنها الى الرجل الذي احضرها الى لويندا.
منذ تلك اللحظة في مطعم السكاي لايت و فانيسا مضطربة، كم تكره هذا الشعور...كأن روح التحدي عندها قد سحقت من قبل رجل استعمل جاذبيته و سلطته بطريقة جعلتها تخضع رغم ارادتها.
السلطة الأكبر لمن له سلطة على نفسه، هذه الكلمات التي ترددها فانيسا لنفسها كم هي صحيحة، وشدت قبضتها على قبضان الشرفة، قضبان حديدية تسجتها في قلعة من صنعها هي! لتكن عادلة فالدون عرض عليها دفع تكاليف سفرها الى انكلترا.
لكن ماذا فعلت هي؟ اشتاقت فيها كل مشاعر الكبرياء الانكليزية و أصرت ان تعمل لتكسب بنفسها أجرة الطريق وما يكفيها لدراسة السكرتاريا، انها هي التي اعطته السلطة عليها كمستخدم، وهي تعي ذلك كله الآن.
*****************************
وبالمقابل ماذا؟ تعلقها بباربرا يزداد يوماً بعد آخر و ينقص من استقلاليتها؟ ألا تعرف مقدار تعلقها بهذه المناخات الاستوائية؟ الا تعرف انها ان حرمت منها فسيموت أو على الأقل يذبل كل شيء حيوي في داخلها؟ جاءت الى هذه البلاد منذ اربع سنوات وضربت جذورها في اعماق تربتها، كيف تقتلعها الآن؟ كيف تترك الشمس و البحر وكل نجوم السماء في الليل؟ وكيف تترك رتابة أصوات الزيز في الليالي الدافئة، تلك الأصوات التي اختلطت بدقات قلبها...
دقات قلبها كم هي سريعة، تصعد الى حنجرتها كعصفور حبيس يبحث عن مخرج، في الحديقة تحت شرفتها التقطت عيناها لمعة ضوء تتحرك، قد تكون براعة مضيئة، لكن لا ليست براعة انها ضوء سيكار.
رجل مديد القامة كان يقف هناك محاطاً بظلال منتصف الليل، وحيداً يدخن سيكاراً وسط ايحاءات القرون الوسطى التي ينشرها البناء القديم.
كان الدون رفاييل الذي تذكر فانيسا كيف لمعت عيناه وهو يخبرها عن سلفه الذي ابتاع لنفسه عروساً انكيزية بذهب منهوب.
هل حقاً حدث ذلك؟ هل حقاً أحيت تلك الانكليزية رجلاً كذلك الدون؟ وهل كان ممكناً ان قلبه الشرس كان يحمل في طياته مشاعر رقيقة أغدق بها على تلك الفتاة التي اختطفتها القراصنة من دفء بيتها لتباع في المزاد؟ قصة بربرية حقاً، ومناسبة لذوق الرجل الذي أخبرها اياها.
فجأة وفي تلك اللحظة تراجعت فانيسا الى الخلف ، بعيداً عن حافة الشرفة حيث سقط كوب منسي على الطاولة محدثاً بسقوطه ضجة قوية.
كانت متأكدة ان الصوت وصل الى اسماع الدون و أحست بالغيط من نفسها، انه يعلم الآن انها كانت تقف على الشرفة تشاركه التمتع بجمال الليل.
وقفت لحظة جامدة في مكانها، ثم استدارت مسرعة ودخلت غرفة نومها، عندما كانت آمنة في سريرها أحست بالرعشة تسري في جسمها وفي عنقها كأنها اصابع رقيقة، ورأت وجهاً ينحني فوق وجهها...الحب جميل وقاسٍ...عميق كالبحر، جاءها صوته.
اخيراً استسلمت للنوم وعندما استفاقت كان يخالجها شعور بأنها رأت احلاماً غريبة، كلما حاولت تذكرها هربت منها في ضوء النهار المتسلل من باب الشرفة، الى جانبها كانت صينية عليها ابريق شاي وابريق حليب من الفضة الخالصة.
سكبت فانيسا لنفسها كوباً من الشاي أخذت ترشفه بكسل ناعس وهي تحدق في صورة وجهها المعكسة في المرآة المقابلة لسريرها، شعرها النحاسي اللون يتموج بجاذبية، يرسم اطاراً مضيئاً لعينين خضراوين مازال النعاس يداعبهما، أشرطة ثوب نومها كانت تنزلق فوق ذراعيها تاركة كتفها تتحدى أشعة شمس الصباح وهي تسترخي فوق مخدة زهرية اللون على سرير ملوكي.
تذكرت قمر الليل قصة الأميرة وحبة الحمص و ابتسمت لنفسها وهي تتناول قطعة من البسكويت من صحن على شكل ورقة، ما أطيب البسكويت المصنوع من جوز الهند الطيب، المغطى بالكريما اللذيذة، كل صباح يحضر لها نوع مختلف من البسكويت مع الشاي، لكن بسكويت جوز الهند يقدم صباح يوم السبت دائماً.
*****************************
لحظة أطلت فانيسا من الباب الجميل المصنوع من خشب الأرز و المنحوتة فوق سطحه زهور القرنفل الجميلة، كانت دهشتها كبيرة لرؤية الدون جالساً الى طاولة الأفطار، لم تكن هذه عادته.
كان يخرج باكراً الى اعماله الكثيرة وقبل أن تنزل فانيسا و بابرا لتناول الفطور، ربما شعر بالكسل هذا اليوم، أنه أول الاسبوع.
كان مستغرقاً في قراءة الجريدة الصباحية عندما أحس بقدومها، رفع بصره اليها مبتسماً، كم كان جذاباً بقميصه ذي الأكمام القصيرة و فتحة الصدر التى تظهر لون جلده الداكن، لم تقدر فانيسا ان تسيطر على خفقان قلبها المتسارع.
عند اقترابها أسرع الدون الى القيام و الترحيب بها محدقاً في ثوبها البسيط بلون ورق الشجر الأخضر، وبالعقد المصنوع من الأصداف الذي كان يزين عنقها الجميل، سألها ان كانت نامت جيداً الليلة الماضية و أجابته بحركة من رأسها، تبعتها رجفة عندما لمست ذراعه السمراء ذراعها بحركة غير مقصودة.
كان يمد يده ليقبض على عنكبوت سقط من أغصان الشجرة التي كانا يقفان تحتها.
عاد الدون الى مكانه ضاحكاً بشقاوة ثم قال:
- يظهر انها اصبحت عادة، انقاذي لك من الأحداث السوداء.
أجابته فانيسا بابتسامة وهي تتناول فوطة و تضعها على حضنها استعداداً لتناول الفطور، كانت تتمنى ان لا تتأخر باربرا في الوصول، تناول الفطور مع الدون وحدهما لن يكون سهلاً عليها في حالتها الراهنة.
- تعودت على العناكب في اورداز، لا أحبها بالطبع، لكنها لا تجعلتي أصرخ في طلب النجدة من أقرب رجل في المكان!
- طبعاً، طبعاً، فأنت الفتاة الانكليزية التي تأبى حماية الرجل! هيا ياعزيزتي، أتريدين القهوة كالعادة أو كما أرجو، ترغبين في كوب من الشوكولا على الطريقة الاسبانية؟
كانت ترغب في فنجان قهوة لكن نظرته المركزة على وجهها جعلتها تغير رأيها، وقبل أن تقول أي شيء سمعته يقول:
- هيا، قوليها، قولي انك لا تستغين أي شيء اسباني خصوصاً انا الذي تتجسد فيه كل الشرور وكل القسوة!
تطلعت في عينيه الداكيتين الساخرتين وشعرت بأنه يرى أعمق اعماقها، يرى خوفها منه ويرى النفور الذي تشعر به تجاهه.
وبسبب كثرة كلام باربرا استطاع ايضاً ان يرى انها ليست دائماً الانكليزية المتحفظة الباردة، عرف انها استمتعت بعناق الشاب كوتروي و أطلت من هناك على أرض الحب الموعودة.
- سأشرب الشكولا الساخنة ياسيدي.
وأخذت تراقبه وهويسكب الشراب الساخن من ابريق من الفضة، كم هو غريب هذا الرجل! ترى هل استطاع أحد معرفة حقيقته، امه الجميلة مثلاً والتي تعيش في عزلة بعيداً عن الدنيا و صخبها...أو ربما جدته الدونا مانويلا؟ هل تراه يظهر جانباً مختلفاً من طبعه الصعب للذين يحبهم؟ ...خصوصاً لوسيا مونتيز؟
- أترغبين في بعض السمك أو ربما البيض؟
اختارت البيض المقلي فقد كانت رائحته شهية و منظره يسيل اللعاب..مقلي مع الفطر اللذيذ و شرائح البندورة الطازجة.
سكب لها ثم وضع القليل في صحنه ومد يده لتناول الملح، كانت فانيسا تمد يدها لأخذ الملح في نفس الوقت مما قلب المملحة و تناثرت ذرات الملح على غطاء الطاولة.
***********************
- ياإلهي!
تمتم الدون الذي رأى فيما حدث فالاً سيئاً، وعلى طريقة الاسبان تخذ قبضة من الملح ورش منها كتفه ثلاث مرات ثم قال:
- كم منا تسبب فيما حدث؟ أنت أم أنا؟
التقت عيناها بعينيه وعرفت عندئذ سمع الكوب يقع و ينكسر على شرفتها الليلة الماضية، مد الدون يده الى صحن المعكرونة وعيناه مركزتان على وجه فانيسا ثم قال:
- هل أشعرك بالحرج؟ غريب ذلك فنحن نعرف بعضنا منذ مدة طويلة.
- كنت صديق عمي ياسيدي، ثم انك كنت تنظر دائماً الي كفتاة طائشة، انا لست كذلك ويزعجني ان يرى فيّ الآخرون عكس حقيقتي.
- معك حق دون شك، ربما اخطأنا الحكم على بعضنا مماسبب هذا التوتر بيننا.
- صحيح، وأشعر انك تنتظر مني ان احس و أتصرف كفتاة اسبانية و يزعجك كثيراً اخفاقي فى ذلك.
- تماماً كما قال السيد ألسنغ..أنت فتاة انكليزية وغير معتادة ان يتحكم الغير في حياتك،أليس كذلك؟ هيا، قولي ياآنستي، هل حقاً أجعل من باربرا سجينة بالرغم من ولعها بوصف نفسها حبيسة القلعة؟ هل أكون ذلك التنين الذي تتصورون؟ كوني صريحة عزيزتي.
ولمعت عيناه بابتسامة ماكرة.
- حسناً، انك تبالغ في اضفاء الأهمية على فكرة خروجي مع غاري ألسنغ..اؤكد ياسيد اني لن أهرب مع هذا الرجل رغم جاذبيته الطاغية.
- اذن تعتبرينه جذاباً، الا يبدأ الحب بالنظر؟
ضحكت فانيسا متعجبة:
- الحب! أوتظن ياسيدي أني جاهزة لأقع في حب أول شخص يغازلني على هذه الجزيرة؟ ياإلهي هل تفكر اني صغيرة الى هذا الحد؟
- على الأقل عاطفياً لم تنضجي بعد.
وشغل نفسه باختيار بعض حبات العنب من صحن مليء بالفاكهة الشهية، حركاته كانت كسولة بتعمد ذكرها بأمير اسطوري قيل انه اختطف عروساً وحملها الى مملكته البعيد!.
زجرت فانيسا فهذه ليست المرة الأولى التي تذهب فيها بعيداً بتصوارتها عن طريقة هذا الرجل في الحب.قمر الليل.
- كيف وجدت البيض المقلي؟ لذيذ؟
أجابته باسمة وهي تتناول بعض الفاكهة:
- لذيذ جداً وخفيف.
- خفيف لأنه مقلي بزيت الزيتون، نحن الاسبان نستعمله دائماً في طعامنا، وهناك الكثير من الأمثال الشعبية التي تدور حول صفات وفوائد زيت الزيتون، ونذهب بعيداً في ذلك الى درجة تشبيه الزوجة المثالية بنعومة و سلاسة هذا الزيت.
ضحكت فانيسا من كل قلبها، بالطبع لابد للزوجة الاسبانية ان تكون بسلاسة الزيت لتستطيع العيش مع الرجل الاسباني ذي الطبع الناري و العواطف الجياشة، خاصة وقد لاحظت فانيسا ان الرجل الاسباني يفوق امرأة بلده وسامة، فتكون المرأة بهذا معرضة لكل مشاعر الغيرة وعواصفها، فإن لم تكن بسلاسة الزيت يصبح جو البيت مشحوناً طوال الوقت.
************************
لاحظ الدون انغماس فانيسا بأفكارها فابتسم قائلاً:
- في عينيك كلام ياآنسة كارول، ماالذي يشغل رأسك؟
اتحسين بالعطف نحو المرأة الاسبانية؟ قلت لك قبل الان ان المرأة الاسبانية معززة مكرمة من قبل زوجها الى درجة لا تحلم بها نساء وطنك، الرجل الاسباني في أعماقه رجل بدائي يعتبر زوجته ملكاً له، أتفهمين؟...وهي تعرف ذلك وتعرف انه يعود اليها مهما حاد عن الطريق، والرجال ليسوا ملائكة و النساء الحقيقيات لا يردنهم كذلك، بالطبع لا انتظر من الانكليزي ذي الطبيعة الباردة المتحفظة ان يفهم ذلك أو أن يوافق عليه، لكن تأكدي ياآنسة ان النار المأججة التي تسكن قلب العاشق المحب اللاتيني كفيلة بمحو كل المشاكل التي تخلقها العلاقات الزوجية.
كانت عينا فانيسا مسمرتين على وجه الدون الأسمر بارتباك أحست بيديها ترنجفان، كيف تهرب من هذا الحديث الحميمي؟ أين باربرا، هل مازالت نائمة؟ ماذا سيقول أو سيفكر الدون ان هي اختلقت عذراً لمغادرة المكان ؟ سيعرف انها تهرب منه، حاولت السيطرة على انفعالاتها ثم قالت:
- كنت اظن الحب اللاتيني حباً رومانسياً لكن يظهر من كلامك انه حب بدون أجنجة.
- على العكس ياعزيزتي، قد تكون لغة الحب الاسباني أجمل اللغات و أكثرها اثارة،أظنك تلمحين فقط الى اننا لا نتهرب من الخوض في الجانب الواقعي للحب، فللحب جماله الغريب... ماذا؟ هل أحرجك كلامي؟
اندفع الدم حاراً الى وجنتي فانيسا، لماذا يكلمها بهذه الطريقة؟ لا لم يجرحها كلامه، ليست هي المرة الأولى التي تستمع بها الى مثل هذا الحديث...لكن صوته ..صوت هذا الرجل الدافئ وهو يتحدث عن مسرات الحب الموعودة...هو الذي جعل جسمها يرتجف.
بذلت فانيسا جهداً كبيراً لتجيب الدون على سؤاله بلهجة طبيعية:
- لا ياسيدي، لم يحرجني كلامك،انما اظن اني انكليزية لدرجة يصعب معها الاعتراف بأن الحب عاطفة حسية اكثر منها روحية.
وبابتسامة بطئية تحمل صبر رجل ناضج تجاه اضطراب شابة قال الدون:
- الأمر لا يتعدى كونه كيمياء بدائية، فالجسم بوعيه الرغبة أسرع من العقل في قبول ماهو حتمي، هذا هو السبب وراء كل الأخطاء التي يرتكبها الشبان، ومن أجل تفادي هذه الأخطاء تراعي التقاليد في بلادنا فتساعد الفتاة في اختيار شريك عمرها، الرغبة قد تعمي الفتاة وتجعلها تستسلم لعناق الرجل الأول الذي يكشف لها أسرار الحب و أسرار نعومة جلدها وانحناءاته، تلك هي قوة المرأة، واكتشافها لسلطانها ، هذا السلطان الذي يركع أمامه أقوى رجل، يجعلها تميل في البداية الى الصنف الضعيف من الرجال وكأنها يتفتحها لا تستطيع التمييز بين غريزة الأمومة وبين العشق... بين كونها أماً أو حبيبة، هل كلامي واضح ياآنسة؟
اكثر وضوحاً من ضوء الشمس! هذا ماقالته فانيسا لنفسها وهي ترتجف في مقعدها كورقة شجر، كانت الشمس تنعكس على شعرها الجميل كاللهب مظهرة جمال عنقها الأبيض، ولم يعد باستطاعتها
تمالك نفسها فاندفعت قائلة:
***************************
-هل محاضرتك موجهة الي ياسيدي؟ أتكون تحذيراً لي كي أترك غريزة الأمومة تتفجر اذا أخذني غاري ألسنغ بين ذراعيه؟ هل أبدو بمظهر المحروم من الحب المتعطش لأول قطرة؟ لم أكن أظن ذلك!
- الكثيرون متعطشون للحب، لكن معظم النساء يخلطن ما وهبهن الله من الحكمة ببعض الطيش الذي يسمونه تحرراً، وأنت يا آنسة وفي هذا الظرف بالذات حيث يغمرك شعور بالوحدة و الخوف قد تندفعين باتجاه هذا الشاب ظناً منك انك وجدت الحب.
- أنت تنسى أني أحب جاك كونروي ياسيدي، اما اخبرك عمي اني كنت اكتب لجاك باستمرار وأراه كلمت زار اورداز؟ انت بفسك رأيت ذلك ألا تذكر؟
تراكضت الكلمات من فم فانيسا دون ارادة منها أو تفكير تكلم اليها الدون طويلاً، وببرودة قاسية لا تحلو من بعض الاحتقار أجابها:
- رأيت فتاة صغيرة مع صبي فاشل ضعيف، لكن ان كنت تظنين ذلك حباً فليكن..قد يحميك ذلك من التهور مع غاري ألسنغ هذا.
طار صواب فانيسا وانتفضت واقفة بغضب لا يثيره فيها غير هذا الرجل:
-كيف تجرؤ؟ لا تتصور ايها السيد انه لمجرد كونك زعيم لويندا تستطيع ان تتكلم وان تتصرف كما يحلو لك، يالك من مغرور متعجرف شاء سوء حظي أن ألتقي به. الثقافية
كان الدون قد انتصب واقفاً هو الآخر و بخطوات واسعة أضحى بجانبها ممسكاً ذراعيها المكشوفتين بكل مافي يديه من قوة، كانت عيناه تلمعان بغضب شديد كغضب عاصفة سوداء.
- وأنت ياآنسة فانيسا كارول، الفتاة التي لا تستطيع ضبط اعصابها والتي شاء سوء طالعي ان التقي بها، من الأفضل لك السيطرة على هذه الانفعالات الملتهبة، فهي لا تناسبك و تفضح قلة نضجك.
كانت اصابعه الآن تشد على كتفيها بقوة مؤلمة، ازدادت ضربات قلبها ونفر الدم من وجهها.
- يؤسفني ان لا استطيع ارضاء غرورك و غريزة التفوق التي تسيطر عليك، ويؤسفني اني لا استطيع ان اركع امام رجولتك الطاغية وقصرك و ثروتك، انا لا املك ان اكون الآنسة التي تخضع و اعرف تماماً ان لا املك اياً من الصفات التي تعجبك ولا يهمني ذلك في شيء.
- الجملة الأخيرة تصدر عن عدم نضج وعناد وتعني عادة العكس تماماً، اتريدين أن أقول اني معجب بشعرك و عينيك.. وبنعومة جلدك؟ هل أزعجك انني لم أتمش معك في ضوء القمر و أعانقك؟
قال هذا وهو يسرح عينيه على عنقها العاجي، كانت فانيسا تحدق به غير مصدقة تلك الصورة، هذا الرجل يعانقها؟ رفاييل دوميريك يعانقها! همس صوت ساخر في داخلها، يكفي ليجعل أية امرأة تعيسة مع أي رجل يأتي بعده!
- هيا آنسة كارول! عهدي بك ألا تقدمي شيئاً تقولينه في الدفاع عن استقلالية تفكيرك، لم تنظرين اليّ هكذا؟ وكأن العناق أمر لا أعرفه و لا استمتع به، أتظنني من صخر؟ لا املك اشواقاً كغيري من الرجال؟
كانت يداه الدافئتان قد خففتا قليلاً من الضغط على ذراعيها، وكان وجهه قريباً من وجهها، لكن ماجعل قلبها يغوص في داخلها هو رجفة شفتيه التي قالت لها الكثير عن الرجل و أكثر مما كانت كلماته تقول.
************************
في تلك اللحظة أحست فانيسا ان قناع الرجل المتسلط، الرجل السيد قد بدأ يسقط ويظهر خلفه الرجل العاطفي الذي تمتع يوماً بعناق امرأة في ضوء القمر هامساً في اذنيها كلمات الحب الناعمة...
وأحست فانيسا بأن عينيها قد شدتا الى عينيه وتعلقتا بهما.
- لا.. لا اطنك من حجر، لقد أنقذت حياتي في أورداز، وهذا مالا يفعله رجل بلا أحاسيس، وأيضاً ليس سراً انك والـ...
سكتت فانيسا والتقطت أنفاسها، يجب أن لا تتدخل في أمور الدون الشخصية.
- كنت تقولين...أكملي.
حاول الدون تشجيعها على الكلام و بسمة خبيثة تلمع في عينيه.
- كنت تريدين أن تقولي انني مقدم على الزواج؟
أومأت فانيسا برأسها بالايجاب.
- وكيف ترين الأمر ، رومانسياً؟
وبنعومة لا تصدق لمس شعرها كما فعل على القارب في ذلك اليوم، ورد خصلة كانت تغطي عينها وقال:
- على الرغم من كل الكلام الفارغ عن حبك للشاب كونروي فالحب الحقيقي يجب أن يحمل سحراً اكبر وجمالاً اكثر لفتاة مثلك.
- لفتاة مثلي ، لكن ليس لرجل مثلك.
خرجت الكلمات من فمها دون ارادة منها، تلك اللمسة الرقيقة جعلت الرعشة تسري في عظامها، جعلها تحس بمرارة تخالطها حلاوة، تماماً كما شعرت يوم لمسها للمرة الأولى بعد ان انقذها من اروداز.
- الحب الحقيقي الذي نتحدث عنه ياسيدي يتعارض مع ايمانك بالزواج المرتب و المدروس.
- مااؤمن به ياآنسة وماقد أفعله أمران تتحكم بهما الصدفة، تماماً كالحشرة التي لابد لها من الدوران حول اللهب، قد تحترق وقد تنجو، تنظرين الي ولا ترين سوى سيد القلعة وسيد الجزيرة وما انا سوى رجل كباقي الرجال ، وكباقي الرجال لا مهرب لي من الاقتراب من نيران الحب، ان احرقني شعرت بالوجع كأي رجل آخر.
- لا أظنك ستحترق.
قالتها فانيسا وهي تتذكر نظرات الوله و الاعجاب تملأ عيني السيدة لوسيا مونتيز، هذه المرأة الأنيقة أرملة وكما قالت باربرا لفانيسا، ليس الدون بالرجل الذي يختار عن وعي زوجة كانت لغيره ذات يوم، لكن الحب لم يكن يوماً يحترم تقاليد و معتقدات الناس، الحب يغزو ولا يطلب أذناً بالدخول، يغزو اكثر القلاع منعة ويصدر أوامره التي لا يستطيع أحد تجاوزها.
كانت اعصاب فانيسا تضج برغبة التحرر من أصابع الدون الحديدية التي مازالت تضغط على ذراعيها وكأن الدون أحس برغبتها الصامتة فأرخى اصابعه عن جسمها الندي وبدأ يطوي جريدته الصباحية ثم قرع الجرس كي يأتي الخادم ويأخذ ما تبقى من طعام الفطور.
- تأخرت باربرا عن موعد الفطور.
قالت فانيسا لتكسر الصمت الذي خيم بينهما وكأن الطيور على أغصانها صمتت أيضاً، رفعت فانيسا نظرها الى اعلى، تغير لون السماء الى رمادي المعتم وقد تمطر.
**************************
- آه، نسيت أن أخبرك ان باربرا كانت متوعكة بعض الشيء ليلة امس، ربما كان السبب شيئاً أكلته، اهتمت بها كونسيبسيون طوال الليل وهي الآن نائمة، هذه الطفلة تبالغ في كل شيء وترهق نفسها ، لا داع للقلق ياآنسة كارول، ستكون باربرا على احسن ما يرام بعد بضع ساعات من النوم.
اظهرت فانيسا أسفها للخبر وتذكرت انها لاحظت تغير وجه باربرا الليلة الماضية، لكنها في حينها ظنت الأمر عائد للعب الورق مع راي الفاداس الذي حاول استفزازها في حضور الدون.
- آنسة كارول...
أعادها صوت الدون من أفكارها.
- نعم سيدي.
- لست بأعمى كما تعرفين.
- لا أفهم قصدك.
- يظهر ان حمى الحب تضرب الجزيرة هذه الأيام، وباربرا تتصور انها وجدت فارس احلامها في قريبي راي، أليس كذلك ؟.
اندفع اللون الى وجنتي فانيسا..انه يعرف اذن؟
- كنت اظنها تعرفت على شاب من الجزيرة ووقعت في هواه، لكن حرصك ان تكوني بصحبتها أثناء وجود راي دفع بي الى الشك في أمرهما.
- لا أعرف ما سأقول ياسيدي، فقط استطيع ان اؤكد لك الأمر في غاية البراءة.
- لن يغير هذا في الأمر شيئاً، سأقوم بترتيب عودته الى اسبانيا ، لا تخبري باربرا بذلك.
هزت فاننيسا رأسها بالموافقة ثم سارا باتجاه الداخل، عندما وصلا وضع الدون يده على كتف فانيسا وقال:
- باربرا الآن نائمة وأنت حرة، مارأيك لو قضيت ساعة في زيارة جدتي؟ ستسر بك كثيراً، طالما عاتبتني وقال انه لم تتح لها الفرصة للتعرف اليك اكثر.
كانت فانيسا تشعر بالرهبة في حضور الدونا مانويلا جدة الدون الذي قال لها مبتسماً ابتسامته الجذابة:
- لا تخشي شيئاً فمظهر جدتي الخارجي قد يوحي بالتكبر لكنك ستكتشفين فيها الأنسانة التي كغيرها من النساء تسر بجلسة ثرثرة، اخبريها عن الثياب الجديدة التي ابتعتها.
عند ذكر الدون للثياب الجديدة تذكرت فانيسا بانزعاج ثوب السهرة الأخضر الذي وجدته في خزانة ثيابها بأمر مباشر من هذا الرجل، لم تحاول اخفاء تعبير الانزعاج الذي ارتسم على وجهها ، ولاحظته عينا الدون المنتبهتان دائماً، ولم تشعر الا و أصابع الدون الدافئة تمسك معصمها وصوته العميق يقول:
- ألا يمكنني فعل شيء يرضيك؟ وهل تريدينني أن اصدق انك تفضلين ارتداء الثياب التي لا تناسبك بدل ثوب كهذا الذي ترتدينه الآن؟ الأخضر الفاتح لون جذاب و يناسب لونك ولون شعرك ، ام هل ترى لون شعرك الناري هو المسؤول عن مزاجك الحاد؟ واطلق ضحكة عالية و عميقة.
هذا الرجل، هذا الرجل يسلب كل سلاح عندما يريد، وعندما التقت عينا فانيسا بعينيه الضاحكتين لم تتمالك نفسها عن الابتسام.
- أمي كانت ايرلندية ياسيدي، ربما أخذت الشعر الأحمر و المزاج الحاد عنها.
*******************
- ونبرة صوتك ايضاً ربما؟ امك توفيت وأنت مازلت في المدرسة كما فهمت؟
اومأت فانيسا برأسها والألم في عينيها.
- كان والدي في طريقهما الى حفلة عيد الميلاد في المدرسة التي كنت اعيش فيها، انزلقت بهما السيارة فوق الثلج الذي كان يغطي الطرقات وقتها عندما كانا يحاولان عبور احد الجسور وقتل كلاهما في لحظة.
- ياصغيرتي المسكينة، لابد ان الحادث كان صدمة أليمة.
ومرت سحابة عطف لطيفة في عيني الدون الذي أكمل قائلاً:
- ومنذ موت عمك، وكأن الصدمة الثانية، وجدت حاجزاً يحول بينك وبين الحب من جديد..طبعاً لا أقصد بكلامي الشاب كوتروي، دعيني الآن اوصلك الى الجناح الذي تعيش فيه جدتي.
في طريقهما الى هناك كانت فانيسا تفكر باصرار الرجل الاسباني على التحدث عن الحب، هل تراه يعتقد ان المرأة خلقت فقط من اجل الحب... من اجل ان تشعر به وان تعطيه؟ ان تكرس كل حياتها وكل وجودها وطاقتها له ؟ كانت تود لو تناقشه في الموضوع لكن نظرة سريعة الى وجهه جعلتها تمتنع عن ذلك، كان الدون قد ذهب بعيداً في احدى تلك اللحظات الصامتة التي ينزل فيها الى أعماق نفسه و يغلق الباب على حوله..
صعدا السلم العريض جنباً الى جنب يلفهما صمت مطبق، وكالعادة ذهبت فانيسا بعيداً بتصوراتها، هذا الدرج الفخك بحافيته المرصعتين وخشبه الجميل، كم يصلح لأن تنزل عليه امرأة ذات جمال اخاذ مرتدية ثوباً من الحرير اللامع تحمل بيدها مروحة أنيقة تحركها بكل أنوثة ودلع، وتضع في شعرها مشطاً اسبانياً مرصعاً بالجواهر.
جناح الدونا مانويلا يقع في الطابق الأول وهذه هي المرة الأولى التي تدخل بها فانيسا جناح السيدة العجوز هذا، بحركة رشيقة فتح الدون رفاييل باباً على مصراعيه ودخلا..
شهقت فانيسا للمنظر الرائع الذي وقعت عليه عيناها.. حدقة زهور وفي وسطها بركة صغيرة مليئة بالأسماك تتجدد مياها من نافورة جميلة على شكل صبي يركب سمكة دولفين.
اقتربت فانيسا لتمتع نفسها بمنظر الأسماك الصغيرة اللطيفة، وظهرت امرأة ترتدي ثوباً اسود.
المرأة هي لويزا وصيفة السيدة العجوز و مرافقتها جاءت تدعو الزائرة الى الدخول حيث تنتظرها الجدة، ازداد اضطراب فانيسا لكل هذه الترتيبات الرسمية و تسارعت ضربات قلبها وهي تدخل الصالة الكبيرة، كل مافي هذه الصالة كان ينطق بالاسبانية، الديكور و الأثاث و الصور الكبيرة المعلقة على الجدران الخشبية و التي تمثل تسلسل رجال و نساء عائلة الدوميريك لا جيال خلت.
تطلعت فانيسا ملياً الى تلك الملامح الارستقراطية التي تنم عن الطبع الاسباني بكل مافيه من اعتداد وحدة.
أجالت بصرها في انحاء الغرفة الكبيرة، الشمعدانات المنحوتة باليد، الطاولات المرصعة، المساند الياقوتية اللون، كل مافي المكان يذكر بالعهود القديمة و تضفي عليه رائحة البخور و المحترق نكهة ساحرة و غريبة.
أحست فانيسا بكل هذا وكأنه مقدمة معبرة قبل الوصول الى السيدة الصغيرة الحجم التي كانت تجلس بكل راحة و كبرياء في مقعد وثير، مادة قدميها النحيلتين بكل اناقة على مقعد صغير امامها.
**********************
جلد وجهها بلون العاج يغطي عظامها الصغيرة، عيناها سوداوان كالليل تحدقان في فانيسا بلا تردد، شعرها بلون الفظة يغطيه منديل من الدانتيل النتط، من اذنيها يتدلى قرطان من العاج، وعلى اصابعها تلمع خواتم الماس و العقيق.
حيا الدون جدته طابعاً على اصابعها النحيلة قبلة دافئة، ردن الدونا التحية بأن رفعت اصابعها المثقلة بالخواتم وربتت على خده الداكن بكل حنو ومحبة.
نظرة واحدة باتجاه الاثنين كانت تكفي لتجعل فانيسا تفهم انه بالنسبة الى هذه المرأة العجوز، الشمس لا تشرق إلا في وجود حفيدها، تعرف فانيسا ان من التقاليد الأصلية عند الاسبان اليهم يتعلق بالشرف كما يتعلق بالمحبة.
طوال الوقت لم ترفع الدونا مانويلا نظرها الفاحص عن فانيسا، والآن وجهت اليها تحية الصباح باللغة الاسبانية وطلبت منها ان تجلس قبالتها، وعند ملاحظتها اضطراب فانيسا ابتسمت للدون ببعض الخبث ثم قالت:
- ماذا يارفاييل، أتظنني أخيف الآنسة الانكليزية؟
ثم وجهت كلامها الى فانيسا :
- هل أخيفك ياعزيزتي؟ ضعف نظري هو المسؤول عن تحديقي بك بهذه الطريقة الوقحة، كم أنت جميلة يا آنسة، اليس الأمر كذلك يارفاييل؟
ازداد اضطراب فانيسا واندفع اللون حاراً الى وجهها بينما نظر الدون باتجاهها بكل تعمد و بطء ثم قال:
- نعم ياجدتي، الانكليزيات عادة جميلات، ألم يكن الأمر يشغل بالك عندما ذهبت الى انكلترا، الا تذكرين كيف حذرتني و طلبت مني ألا انسي ان ولائي يبقى دائماً لا سبانيا في كل الأمور؟
- اذكر ذلك جيداً يا رفاييل، لكنك الآن اكثر نضجاً ، كنت مخطئة ما يقلقني الآن هو انك اصبحت في الخامسة و الثلاثين من عمرك ولم تجعل مني جدة كبرى لأولادك.
ضحك الدون بمرح وقال:
- أنت ككل النساء ياجدتي تريدين ان تجري الأمور على هواك.
- ليس الأمر كذلك، مايشغل بالي اني لن اتمكن من ملاعبة طفلك وانا على حافة قبري.
معها حق! قالت فانيسا لنفسها مرتاحة لأن الحديث انعطف عنها الى مجال آخر، لكن الأمر مضحك فهي لا تستطيع ان تتخيل لوسيا، السيدة الأنيقة تؤرجح طفلاً على ركبتيها.
قالت الدونا باصرار:
- انت تفكر بالأمر رفاييل؟
- بالطبع ياجدتي الملحاحة، اعدك اني لن اترك اسم الدوميريك يختفي من الوجود لكن لا تنسي ايتها العزيزة اني قد اصبح اباً لعشر بنات وقد لا ارزق بصبي.
وانفجر ضاحكاً بشقاوة.
رفعت الجدة اصابعها النحيلة الى صدرها بحركة عصبية وقالت:
- انت صعب مزعج ، وفر على جدتك العجوز مثل هذا الهم، لا...سترزق صبياً قوياً جميلاً ، كل رجال الدوميريك كان لهم هذا ، لكن أسرع ياحبيبي.
***********************
هز الدون رأسه بحب وحنان وقال لجدته:
- تتكلمين وكأنك ذاهبة عن قريب، لازال امامك متسع من الوقت ياجدتي العزيزة لحياة طويلة وتري ازعاج أطفالي، لا تخشي شيئاً، والآن علي ان اذهب ، اعمالي تنتظرني.
- غداً عندما تكون لك زوجة لن تركض وراء اعمالك كل هذا الركض، قالوا لي انك تقضي ساعات الراحة تعمل بمكتبك، لن يحدث هذا في المستقبل، ستقضي تلك الساعات في السرير الزوجي الدافئ.
- يالك من عجوز شيطانة! لا تقومي باطلاع الآنسة كارول على افكارك هذه، لديها الكثير منها على كل حال ولا حاجة بها الى المزيد.
- هيا اذهب ايها الشقي وان احببت ان اخبر الآنسة كارول أي شيء عن غرور الرجل وعن كيفية تدجينه،سأفعل.
- خسارتي كبيرة اذ لن أبقى وأستمع الى احاديثك الشيقة يا جدتي، وأنت ياآنسة كارول ستعرفين اسراراً رهيبة منها، ففي ايامها كانت الجدة كما يقولون رائعة الجمال يحوم أفضل الرجال حولها كالفراشات حول النار.
وغمز لفانيسا بعينيه باسماً ثم استدار وخرج من الصالة.
- سنتناول بعض الشاي الآن ياآنسة كارول.
قالت الدونا مانويلا هذا ثم تناولت جرساً صغيراً قرعته منادية لويزا التي جاءت مسرعة وتلقت أوامر السيدة باحضار الشاي والكعك، في انتظار ذلك اخذت الدونا تطرح على فانيسا اسئلة تتعلق بانكلترا وبرقة فائقة قادت الحديث الى عم فانيسا ومزرعته قائلة:
- لا يجب أن تدفن الأشياء المحزنة في أعماق انفسنا، الحياة مليئة بباقات الفرح و أكداس الحزن ، الحزن و الفرح ياعزيزتي كلاهما الحياة وكلاهما يغني النفس أو يجب أن يغنيها، وأنت عشت سنوات جميلة مع عمك الطيب كما علمت، صحيح؟
- نعم، كانت سنوات طيبة.
وأحست فانيسا بحرارة الذكريات وحلاوتها، كل هذا أصبح الآن من الماضي.
- كان رفاييل يحدثني كثيراً عن طيبته..آه هاهو الشاي، أنا مدمنة على شرب الشاي لكن عندما يكون رفاييل هنا من اجل لعبة شطرنج يفضل القهوة عليه.
ابتسمت فانيسا للعجوز ولا حظت طاولة صغيرة عليها حجارة شطرنج مصنوعة من العاج بدقة و مهارة ومن طريقة صف القطع عرفت فانيسا ان اللعبة لم تنته.
لاحظت الدونا اتجاه نظر فانيسا وقالت:
- كم اتعجب من الصبر الذي يظهره رفاييل في اللعب معي، فهو كما تعلمين رجل مليء بالحيوية و النشاط، احياناً يقوم بتحريك حجر بطريقة متسرعة، وأحياناً اخرى يأخذ وقته و يحشر جدته المسكينة في زواية... هذا تعبير تستعمله باربرا، هذه الطفلة ، هل تسبب لك المشاكل؟
- ابداً يادونا مانويلا، أنا احبها كثيراً.
تناولت فانيسا فنجان الشاي من يد الدونا شاكرة ، وفضلت ان تضع في قطعة من الليمون الحامض عوضاً عن الحليب، أرضى ذلك الدونا مانويلا التي ابتسمت لفانيسا التقت عينا المرأة العجوز بعيني الفتاة الشابة و تبادلتا ابتسامة دافئة تشير الى رغبة مشتركة في الصداقة و التفاهم.
- كان علينا أن نلتقي للثرثرة قبل الآن، امرأتان، ابريق من الشاي ورجل تحكي عنه، انها احدى باقات الفرح التي حدثتك عنها قبل قليل، أتوفقين؟
- بالطبع ياسيدتي.
ورشفت فانيسا بعض الشاي اللذيذ، رجل تحكي عنه! من غيره؟ الرجل الرشيق الداكن اللون الذي ترك الغرفة منذ عشر دقائق!
**********************


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس