عرض مشاركة واحدة
قديم 17-08-19, 01:54 AM   #2

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,926
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 - الجد والحفيدة



مشت المضيفة الجميلة في ممشى الطائرة ثم وقفت عند مقعد أحد ركاب الدرجة الأولى وخاطبته مبتسمة :
" ستصل الطائرة خلال ربع ساعة يا سيد كايل".
كان الرجل مستغرقا في دراسة كومة أوراق موضوعة أمامه , ألا أنه رفع رأسه حالما سمع صوتها:
" ماذا؟ آه , نعم , ربع ساعة , شكرا".
وأومأ برأسه ثم عاد الى أوراقه , فغادرت المضيفة الى مكانها عند مؤخرة الطائرة.
نظرت الى زميلتها المضيفة وقالت بأسف:
" بصراحة , لم تخب آمالي بهذا الشكل من قبل".
أبتسمت الفتاة الأخرى متسائلة:
" لماذا؟".
" حسنا , لوجود جارود كايل كمسافر معنا بالطبع , وتوقعت , لسمعته المشهورة , أن يلاحظ وجودي على الأقل".
وضحكت الفتاة الأخرى:
" هل هو جذاب؟".
" أنه مقبول الشكل , بل أعتقد أنه غير جذاب أطلاقا , وجهه قاس وأنا متأكدة بأن أنفه مكسور , أنه ضخم , نحيف , وله شعر فضي غريب اللون".
" يا له من مسكين!".
قالت الفتاة الأخرى مصغية بأستمتاع:
" أنك بلا شك , تحاولين تسفيه الفكرة الشائعة عنه , أي واحد هو؟".
" سأريك أياه , حين يغادرون الطائرة".
ثم عادت لأتمام واجباتها.
ودهش جارود كايل , عند نزوله من الطائرة , لملاحظته أن المضيفتان تحدقان فيه بدقة , فبادلهما النظرات وتساءل:
" هل هناك شيء خطأ ؟ هل شخرت في نومي أم ماذا؟".
أبتسمت الفتاتان بحرج وقالت أحداهما:
" أرجو أن تكون قد تمتعت برحلتك يا سيد كايل".
أومأ برأسه تحية لهما ثم سار بأتجاه أبنية المطار , وأذ أختفى عن ناظريهما خاطبت الفتاة الثانية الأولى قائلة:
" هل قلت بأنه غير جذاب؟".
أثناء ذلك عومل جارود كايل معاملة شخصية مهمة من قبل رجال الجمارك , فأجتاز قاعة الأستقبال حاملا حقيبته بيده واضعا معطفه على كتفه , حيث وجد جون ماتيوز , مساعده الخاص , في أنتظاره.
" أهلا ماتيوز".
" أهلا , هل تمتعت بأجازتك؟".
" جدا.... كان الصيد رائعا وبطريقتي المفضلة".
" هل حصلت على أي شيء؟".
" يعتمد جوابي على معنى سؤالك , كيف صحة الرجل العجوز؟".
" جي كي؟ بخير , هل ستذهب لرؤيته الليلة؟".
نظر جارود الى ساعته قبل أن يجيب:
" أعتقد ذلك , أنها الخامسة والنصف الآن , لنذهب لتناول بعض القهوة وأخبرني خلال ذلك بما جرى في غيابي".
نظر مات الى جارود مفكرا ثم قال موافقا على أقتراحه:
" أنها فكرة حسنة".
ودخلا الى مقهى قريب.
قال مات بعد جلوسهما بلحظات:
" هناك مفاجأة غير متوقعة لك , هل تريد معرفة ما هي؟".
أشعل جارود سيكارة :
" بالتأكيد , أرجو ألا يكون أندماج برادفورد مرة أخرى؟".
" كلا , حيث أنتهينا من تلك الصفقة , جي كي أتمها بنفسه, أظن بأنه فكر بأهمية أستلامه المسؤولية في غيابك , لا أعتقد بأنه سيتقاعد تماما في يوم من الأيام , ما رأيك؟".
أمسك جارود سيكارة بيده وتمعن في النهاية المتوقدة :
" ثم ماذا؟ ما هي المفاجأة ؟ لا تحاول أثارة شكوكي يا ماث".
وأرتشف مات بعض القهوة قبل أن يجيب:
" قد تجد الموضوع مسليا , أذ يبدو وكأنك حصلت على مكافأة , ما لم ينجح محاموك في تخليصك منها وهذا أمر في مستطاعهم أداءه".
حدق جارود في وجهه بفضول:
" مكافأة؟ ما الذي تتحدث عنه؟ أي مكافأة؟ ماذا؟".
" حصلت على وصاية طفلة".
" هل تعني بأنني عينت وصيا على طفلة ما؟".
وبدا جارود منذهلا.
"شيء من هذا القبيل".
أرتشف جارود قهوته مرة واحدة وخاطب ماث بتجهم :
" لا أعرف ما الذي تتحدث عنه يا ماث! أخبرني التفاصيل من البداية".
" أن الحكاية بسيطة جدا , أختارك أحد العجائز أن تكون وصيا على حفيدته حتى تبلغ سن الحادية والعشرين أو الثمانية عشر , لست متأكدا من السن المطلوبة تماما".
" أي عجوز؟".
" رجل يدعى جفري روبنز , توفي منذ أسبوعين".
"جفري روبنز ؟ وهل أعرفه أو ربما الأصح القول هل عرفته من قبل؟".
" كلا , كان رئيسا للعمال في مستودع بريدجستر مدة أربعين عاما".
وبدا الغضب واضحا على وجه جارود:
" ماث أنني أحذرك........".
فضحك مات مستطردا:
" تمالك نفسك ولا تلمني , فالحكاية صحيحة ووالدك يعرف تفاصيل الموضوع , ويبدو أنه كان على معرفة بجفري".
" وأخيرا ! ها أنا أنجح في أستخلاص بعض المعلومات , وكبف تعرّف عليه والدي؟".
" أعتقد أنهما باشرا العمل سوية في تجارة الأنسجة , ألا أن صلتهما أنقطعت حين غادر جي كي المكان ليؤسس شركته الخاصة , ثم ألتقيا ثانية أثناء الحرب الى أن نقل والدك مكتبه الرئيسي في أوائل الخمسينات الى لندن وأنقطعت علاقته بجفري حينئذ".
" ما لا أستطيع فهمه , هو أنه أذا كانت علاقته بوالدي وثيقة فلم لم يجعله وصيا على حفيدته؟".
"ما حدث هو أن روبنز جعل من رئيس مجلس أدارة أنسجة كايل وصيا على حفيدته ولم يعلم بأن والدك متقاعد ومنحك المسؤولية وهو لا يزال في سن الثامنة والخمسين".
أطفأ جارود سيكارته بغضب وقال:
" يا ألهي , لكن هذا حدث منذ عدة سنوات!".
" نعم ,لكن روبنز لم يعلم بذلك , كما لا أعتقد بأنه توقع وفاته بهذه السرعة حيث كان لا يزال في الثامنة والستين من عمره".
" حسنا , يا له من مأزق حرج! وماذا عن والدي الطفلة؟ أين هما؟".
" توفيت والدتها أثناء الوضع وكان والدها ضحية هزة أرضية في جنوب أميركا حيث كان يعمل كمندوب لأحدى مؤسسات التأمين".
" آه , حسنا لنبدأ رحلتنا الآن وفي مستطاعك أخباري المزيد في طريقنا الى المدينة".
خرج أبنية المطار المدفأة , زاد ضباب شهر كانون الثاني من برودة الأمسية , رفع جارود ياقة معطفه وخاطب ماث بمرح قائلا:
" كان علي البقاء في جامايكا فترة أطول , من يرغب في العودة الى لندن في مثل هذا الوقت من السنة؟".
وسمح ماث لجارود قيادة سيارة المرسيدس الفخمة.
" تعلم جيدا بأنك لا تستطيع الأبتعاد فترة طويلة عن لندن , أنها تجري في عروقك حيث الصفقات المالية , المؤسسات التجارية وأجتماعات الرؤساء والمنافسات الدائمة".
هز جارود كتفيه بلا مبالاة وبدأ قيادة السيارة بمهارة:
" أنك تجعلني أبدو بمظهر الآلة".
كشر مات وحدّق في المصابيح المتألقة خارج المطار:
" أنك أبعد ما تكون عن الآلة , بل أن هذا يغضب والدك أحيانا".
أطلق جارود ضحكة قصيرة:
" أنها الغيرة , لا شيء غير ذلك يا ماث, أذ ليس بمقدور العجوز قبول فكرة العيش بهدوء , وأعلم بأنه يتمنى لو ولد بعد ثلاثين عاما من تاريخ ميلاده".
ضحك مات بدوره:
" أه نعم , في عصر السيارات السريعة , الفتيات الجميلات والمتع الأخرى".
" شيء من هذا القبيل , والآن أخبرني عن الطفلة كيف تبدو؟".
هز ماث رأسه :
" لا أدري , لم أرها بعد ,كل ما أعرفه أنها ما تزال في المدرسة".
" وما هو رأي والدي؟".
" أظن أنه بأنتظار عودتك الى البيت لمناقشة الموضوع , أراد أن يرسل في طلب عودتك ألا أنني أقنعته بمدى حاجتك للأجازة".
" شكرا , ذلك ما أثار أستغرابي , أذ ليس من عادة جي كي أتخاذ قرار بدوني".
" أظن بأنك ستسمع كافة التفاصيل قريبا , أذ يتوقع منك الذهاب الى مالثورب هذه الليلة".
" ماذا؟ حسنا , لعله من الأفضل له تناسي الموضوع".
" هل تعتقد أن ما تقوم به صحيح ؟ خاصة وأنك تعرف طبيعته وأرتفاع ضغط دمه.........".
" حسنا ,حسنا ".
دمدم جاروج بنفاذ صبر.
" حسنا , ماث , سنذهب الى الشقة أولآ لأترك أمتعتي هناك , يا لها من حياة! ستة أسابيع في جامايكا , وخلال ساعة واحدة من وصولي لندن أشعر وكأنني لم أغادرها أبدا".
وصل جارود وماث ضواحي مالثورب في مساء اليوم ذاته .
فضل جي كي , دائما الحياة في الريف وحافظ على بيت العائلة هناك , رغم وفاة غالبية أعضائها.
وبيت العائلة مبني حسب الطراز الجيورجي , وأجريت عليه تحسينات كثيرة بمرور الوقت , مما حوله في النهاية الى خليط معماري لا ينتمي لعصر معين.
أما في الداخل فقد بذل والد جارود جهده لأقتناء كل ما هو ثمين وفاخر فأثار بذلك أعجاب وحسد الجيران والأصدقاء , وأحاط البيت بسياج عال يمنع عن سكان البيت عيون المتطفلين , وتوقف جارود بسيارته أمام البوابة ليتيح للحارس هدلي فرصة رؤيته , قبل أجتيازها.
" ها نحن هنا أخيرا , هل لاحظت أزدياد الحراسة مؤخرا؟".
" يخشى والدك سرقة مقتنياته الثمينة".
قال ماث بينما أوقف جارود السيارة أمام باب المنزل .
" وكل قطعة جديدة يشتريها تضاف الى المجموعة".
" وتزيد من خوفه , آه , أن الجو بارد فعلا , هل سقط الثلج بعد أم لا؟".
" كلا , ولا أظن أن الجو بارد الى هذا الحد , أنها لم تصل درجة التجمد بعد وألا لما تمكنت من القيادة بسرعتك تلك".
" أتراهنني؟".
تساءل جارود مداعبا.
أنحنى كبير الخدم أمامهما بأدب وقال ردا على تحية جارود له:
" مساء الخير يا سيد جارود أرجو أن تكون قد تمتعت بأجازة جيدة".
" رائعة , وكيف صحة والدي ؟".
ثم سار نحو مؤخرة السيارة وسحب حقيبته بسهولة.
تقدم موريس مسرعا وتناول الحقائب:
" أن والدك بخير يا سيد جارود , وهو في أنتظارك في مكتبه , هل تتناول العشاء؟".
" كلا , ليس اليلة , سأراك فيما بعد يا ماث".
أومأ ماث برأسه وتبع موريس الى الطابق الأول , بينما سار جارود عبر الصالة ليدخل غرفة واقعة في النهاية البعيدة .
كانت الصالة مضاءة بشكل جميل , وفرشت الأرضية بسجادة ذات لونين أزرق وذهبي , أما غرفة المكتب فأرضيتها مفروشة بسجادة ذات لون أخضر وجدرانها مبطنة بأكملها تقريبا , بالكتب المجلدة الفاخرة , كتب يعلم جارود أن والده لم يقرأ أيا منها , أذ لم يكن والده محبا للقراءة بل كان رجلا عمليا فضل دائما أنجاز أعماله بيديه , الى أن أصيب فجأة بنوبته القلبية الأولى منذ عدة سنوات وأقتنع حينئذ أن مواصلته العمل بطريقته المتعبة سيقوده الى الموت خلال أقل من عام , لذلك سلم رئاسة مجلس أدارة شركات كايل الى أبنه جارود مع محافظته على دور المشرف الفعال في كافة النشاطات , ألا أنه نسي خلال أتخاذه لقراره ذلك أن لجارود مخططاته الخاصة وأنه حالما أستلم المسؤولية رغب بأن يكون المدير الفعلي بدون اللجوء الى أستشارة والده ألا نادرا , رغم ذلك أحس جي كي بالأعجاب لتصميم أبنه وفكر بأنه كان سيفعل الشيء ذاته لو كان في مكانه.
كان جي كي جالسا على كرسيه المفضل قرب النار , ورغم أن المنزل كله مزود بالتدفئة المركزية , ألا أنه أحتفظ بالموقد القديم في تلك الغرفة.
أبتسم بحرارة عند دخول جارود الغرفة وقال:
" أهلا , أجلس هناك.... هل الجو بارد في الخارج؟".
" ليس تبعا لما قاله ماث , ولكنني أقول بأنه بارد جدا".
ضحك جي كي وقال:
" أن جو البحر الكاريبي أفسدك , لا أعرف كيف تستطيع تحمل الحرارة , أما بالنسبة لي فأعطني ليلة خريفية وموقدا حقيقيا وسأكون ممتنا جدا".
" أنك متقدم في السن يا جي كي".
وضحك جارود أذ رأى أنكماش والده نتيجة الملاحظة , فتابع بسرعة:
" لنحاول ألا نضيّع الوقت في مسائل سخيفة , ما فحوى ما سمعته عن أختياري كوصي على طفلة ما؟".
" نعم , سارة روبنز , حفيدة جفري".
" لكنها مسألة لا تصدق! ولم أختارك وصيا على حفيدته".
" لم يخترني أنا بل أختارك أنت: جارود كايل مدير شركات كايل".
" أنه أدعاء رسمي فقط , فأنت تعلم جيدا أن الوصي المختار هو أنت ولا علاقة لي بالموضوع , على كل أنت لم توضح الأمر بعد".
هز جي كي كتفيه العريضتين أستهانة ,كان هناك شبه كبير بين الوالد وأبنه, الشعر الكث رغم أن تقدم جي كي في العمر أحال لون شعره الى الرمادي مما زاد في عمق ملامحه.
" حين كنت شابا , كنت وجفري أصدقاء مقربين , وحين توفيت أبنته وزوجها بعد ذلك , أحس بالأضطراب والقلق لمصير الطفلة وخاصة بعد وفاة زوجته خلال فترة الحرب , مما دفعه الى التفكير بمصير الطفلة , أذا ما أصابه مكروه".
" ولكن لم أختارك بالذات ؟ ألأنك غني؟".
" لو كنت تعرف جيفري روبنز , لما قلت هذا , كان رجلا شريفا وذا كبرياء ولو أراد المال لأستطاع الحصول عليه بسهولة , أذ أتيح له العديد من الفرص للأغتناء لكنه رفض ذلك , كلا , أظن أن أختياره جاء نتيجة ليأسه , لا أعتقد بأنه كان يعرف حالة قلبه , أو على الأقل لم يبلّغ أحدا بالأمر , وأظن أنه أمل بالعيش لحين بلوغ سارة سنا معينة تؤهلها للزواج والأستقرار, ألا أن ذلك لم يحدث".
وتنهد جي كي بعد لفظه الجملة الأخيرة.
" وماذا عن الطفلة ؟ هل ألتقيت بها بعد وفاة جدها؟".
" لم أرها أبدا".
وأسترخى في كرسيه في وضع مريح :
" أردت الذهاب الى بريدجستر في الأسبوع الماضي , ألا أنني قررت الأنتظار و...........".
" وتترك لي آداء المهمة.... يا لك من ماهر!".
كشر والده وقال:
" حسنا جارود , أصررت دائما على القيام بكافة واجباتي , لذلك لم أرغب هذه المرة بالتدخل في شؤونك الخاصة".
" حسنا , حسنا... ما الذي ستفعله الآن ؟ بشكل جدي رجاء؟".
قطب والده جبينه :
" حسنا , أعتقد أنه من السهل الطعن بالوصية , وليس من الصعب أثبات أن المعني بالأمر هو أنا وليس أنت ثم أنهاء مسؤوليتي قانونيا لأنني متقاعد , ثم أن الأختيار تم بدون الحصول على موافقة الوصي المقترح وهذه نقطة مهمة".
" يا له من مأزق! وما الذي سيحدث للطفلة أذا ما تخلينا عنها؟".
" أظن أنها ستوضع في ميتم أو شيء من هذا القبيل , ما لم نقم بتزويدها بالمال الكافي لأنهاء دراستها".
" أين هي الآن؟".
" مع أحدى الجارات , ولكن بما أن للجارة سبعة أطفال فقد أخبرت المحامي بأنها لا تستطيع أبقاءها معها فترة طويلة".
" يا لها من طفلة مسكينة , أظن أنك تتوقع مني زيارتها؟".
" على أحدنا الذهاب لرؤيتها على الأقل".
" ثم ماذا بعد ذلك ؟".
وفك جارود قميصه العلوي وتنهد بأرتياح مضيفا:
" أن الحل الأفضل هو التكفل بنفقاتها , أليس كذلك؟".
" أرغب برؤية حفيدة جفري يا جارود وأرجو أن تجلبها معك لزيارتي".
رفع جارود حاجبيه أستغرابا :
" هل أنت جاد؟".
" لم لا؟".
" أعني أن تجلب الطفلة الى هذا المكان ثم تعيدها ثانية الى مكانها! ألا تعتقد بأن هذا سيدفعها الى تجاوز قناعتها؟".
" كلا لا أظن حفيدة جفري ستفعل ذلك , أذ لا بد أنه رباها بطريقة تجعلها واثقة من نفسها".
" كم هو عمرها الآن؟".
" لا أدري بالضبط , ربما في الخامسة عشر".
" الخامسة عشر؟ ألا تعلم بأن فتاة بهذه السن هي شخص بالغ؟".
" كيف تعرف ذلك يا جارود؟ أو ربما تغير ذوقك النسائي مؤخرا؟".
رمى جارود بقية سيكارته في النار ثم قال بغضب:
" لو أن شخصا آخر تلفظ ما قلته الآن.......".
" أعرف أعرف".
ونهض والده واقفا:
" ربما كنت محقا , ربما لم تعد طفلة , أذا كان الأمر كذلك فستكون مهمتنا أسهل.... جارود أردت دائما أن تكون لي أبنة , آه أعرف بأنني أردت أبنا في البداية , ولكن بعد ذلك.....".
ثم تنهد.
سار جارود متوجها نحو الباب وعلّق بسخرية:
" أيها الأخ , أنني متعب وسأذهب للنوم , فكر بالأمر وأخبرني بقرارك في الصباح".
عض والده شفته وبدا عليه الأرتياح.
" حسنا , جارود , لقد وضحت رأيك , يا لك من قاس".
نظر جارود الى والده وأسف لما قاله ألا أنه لم يستطع ألا أن يقول :
" أنني حصيلة ما صنعته يداك , صورة لك".
عادت سارة روبنز من المدرسة مع بريان ماسون , أكبر أبنلء السيدة ماسون , جارة جدها منذ أكثر من خمسة عشر عاما , وبقيت سارة معهم منذ وفاة جدها , ورغم أن الفترة لم تتجاوز الأسبوعين ,ألا أنها أحست وكأن سنوات طويلة مرت بأنتظار تقرير مصيرها.
صدمت سارة حين علمت بوصية جدها وقراره بأختيار غريب وصيا عليها , لو أنها علمت من قبل , بسوء صحة جدها لفكرت بترك المدرسة والبحث عن عمل ملائم لها , ألا أنه كان بصحة جيدة وقويا ولم يشك في شيء , ولم تعلم سارة عن مرضه ألا بعد وفاته.
كانت السيدة ماسون وزوجها الضئيل خاصة أذا ما قورن بضخامة زوجته , عطوفين عليها , ألا أن سارة لم ترغب بالبقاء معهما الى الأبد.
أذ كان المكان صغيرا , وكان سرير سارة في غرفة الجلوس , وعرض بيع بيت جدها , ألا أنه من المستبعد الحصول على سعر مقبول عند بيعه ,وتم وضع الأثاث الصالح للبيع في غرفة واحدة ,بينما فرغت بقية الغرف من محتوياتها.
كانت هناك سيارة مرسيدس ضخمة أمام بيت عائلة ماسون ,ذلك المساء وقال برايان:
" آه , أنها مرسيدس! لا بد أنها تعود الى أحد رجال السيد كايا , جاء بحثا عنك!".
هزت سارة رأسها وأحست بجفاف حلقها , أذ أنها حاولت ومنذ أن أخبرها المحامي بالوصية , نسيان قصة الوصي عليها , والآن وقد رأت السيارة الفاخرة أمام البيت أنتابها الرعب من جديد.
نظر اليها برايان بغرابة:
" ماذا حدث؟ أنك شاحبة تماما! ليس هناك ما يستدعي الخوف يا سارة, أتمنى لو كنت في مكانك ليرعاني رجل بمثل هذا الغنى....".
نظرت اليه سارة بأحتقار وقالت:
" المال؟ هل هذا هو كل ما تفكر به؟ أحس الآن بأنني بضاعة معروضة للبيع......!".
ضحك برايان وعلق:
" حسنا , لا يبدو عليك ذلك , من الأفضل ألا تفكري بشيء قبل لقائه , أذ قد يصبح متيما بك!".
" هل تعني بأنه عجوز؟".
" وهل هو عجوز؟".
" نعم , لا بد أن يكون عجوزا , أذ أنه كان صديقا لجدك".
" نعم , حسنا .... لندخل الآن ولنلتق به".
دخلا الممر الضيق لبيت ماسون وسمعا أصواتا مختلطة تنبعث من غرفة الجلوس , فنظرت سارة الى برايان بترقب.
بادلها برايان النظرات ثم فتحت السيدة ماسون باب غرفة الجلوس ثم أغلقته بهدوء.
" جاء السيد كايل لرؤيتك , أو هذا ما يقوله على الأقل , أذ أنه أصغر سنا مما توقعت ولم أرغب , بالطبع , في طرح الأسئلة عليه".
أحتفظت سارة برأيها لنفسها , كانت السيدة ماسون أمرأة تحب طرح الأسئلة وكان لتعليقها معنى واحد , وهو أن السيد كايل رفض الأجابة على أسئلتها , وأضافت السيدة ماسون:
" أنه في أنتظار رؤيتك ...".
وأذ لم تعلق سارة بشيء واصلت السيدة ماسون :
" سأصحبك أذا ما رغبت بذلك....".
" كلا , شكرا".
أجابت سارة بأستياء.
تصلبت السيدة ماسون وطوت ذراعيها على صدرها:
" آه , نعم , بالطبع..... أذا كان هذا ما تريدين يا سارة".
" من الأفضل أن أدخل لوحدي يا سيدة ماسون".
" حسنا جدا , تعال معي يا برايان".
وتوجها الى المطبخ , بينما تنهدت سارة وحاولت أستجماع شجاعتها ثم فتحت باب غرفة الجلوس ودخلت.
لدى دخولها , نهض الرجل واقفا , كان طويل القامة ونحيفا ولون شعره أشقر كما بدت على وجهه السمرة أوحت لها بأنه قضى عطلته في مكان مشمس , وكانت لعينيه زرقة لم تر مثلها من قبل , لم يكن وسيما , فكرت سارة بعصبية , ألا أنه لم يكن أيضا في عمر جدها.
وأذ دهشت لمرآه ,كانت دهشة الرجل أكبر لمظهرها:
" هل أنت سارة روبنز؟.
سأل متعجبا.
" نعم يا سيد كايل , أنا سارة روبنز ".
" كم تبلغين من العمر؟".
" سبعة عشر عاما".
" سبعة عشر؟".
وسحب علبة سكائره ثم طلب منها السماح بالتدخين فأومأت برأسها موافقة:
"ظن والدي أنك في الخامسة عشر , ولكن ها أنت....".
وتوقف للحظة ثم واصل:
" هل تنوين ترك المدرسة قريبا؟".
" أستطيع ترك المدرسة في أي وقت أشاء".
أجابت سارة بحذر متأملة أظافرها لتتحاشى النظر اليه :
" حين كان جدي حيا.... أردت أن أواصل دراستي الثانوية ولكنني الآن.........".
" حسنا سارة روبنز , هل لديك أسئلة ترغبين بسؤالي أياها؟".
" أنك أصغر مما توقعت".
" ربما , أذ أرتكب جدك خطأ صغيرا في وصيته , أذ وضع مستقبلك بين يدي رئيس أدارة شركات كايل متوقعا بقاء والدي في منصبه".
" والدك؟ هل تعني بأن والدك كان على معرفة بجدي؟".
" صحيح , لسوء الحظ , تقاعد والدي منذ عدة سنوات بسبب سوء صحته , وأنا الآن مدير مجلس أدارة الشركات وأحمل الأسم ذاته , جارود كايل".
" ذلك يوضح الأمر كله".
وبدا على سارة الأرتياح.
" نعم بالنسبة اليك على الأقل ".
وتأملها مفكرا , وبطريقة دفعت سارة للأحساس بالحرج , أنه موقف لم يتوقعه جدها أطلاقا , حين أضاف ذلك المقطع الأخير الى الوصية.
" أخبريني.... هل لديك أقارب؟".
" كلا ".
وأحتقن وجهها أحمرارا وشغلت نفسها بدفع خصلات شعرها الأحمر الطويل عن وجهها.
" وماذا كنت ستفعلين لو أن جدك لم يضف ذلك المقطع االأخير من وصيته؟".
وأزداد أحساسها بالحرج , وأدراكها لسخريته المرة رغم عدم تغير ملامح وجهه.
" كنت سأترك المدرسة فورا وأبدأ البحث عن عمل ما".
" مثل ماذا؟".
" لا أدري- في مكتب ما أو ربما سأدرس التمريض أذا شعرت بالرغبة في دراسة التمريض".
وبدا عليه الضجر بعد نفاد أسئلته.
أستدار جانبا وتمشى ثم وقف قرب النافذة.
" ألا أن المقطع أضيف, أرتد معطفك ولنغادر المكان".
" نغادر؟ ".
وأتسعت عينا سارة الخضراوان دهشة.
" مؤقتا فقط , أذ يرغب والدي برؤيتك , أما بعد ذلك فسنبحث الموضوع فيما بعد".
أرادت سارة أن تجادله , أرادت القول أنها لا تعرف شيئا عنه وأنها لا تريد مغادرة المكان المألوف لديها الى مصير مجهول , ألا أنها لم تكن في مركز كايل , كان بنظرها رجلا أكبر منها سنا بكثير , لذلك تخلت عن رغباتها وأومأت موافقة وتوجهت الى المطبخ لتوضح للسيدة ماسون ما حدث.
كانت سيارة المرسيدس البيضاء مريحة جدا حتى بعد أن غادر جارود بريدجستر وبدأ القيادة بسرعة أكبر , وأنتابها طوال الوقت أحساس المستغأيقنت أن ملابسه الفاخرة ثمينة جدا ,وبدا معطفها الأزرق رخيصا جدا وخاليا من الذوق في حضوره , وتصورت بأكتئاب ما سيحدث عند ألتقائها بوالده , كان الأبن ممثلا لسلطة الأثنين وبدا عليه الأمتعاض لسبب ما , وخمنت بأن يكون وجودها سبب ذلك.
تنهدت ونظرت الى الجهة الأخرى.
" أخبريني , هل قضيت بعض الوقت خارج بريدجستر؟".
قطبت سارة جبينها وفكرت قبل أن تجيب:
" أثناء العطل فقط زرت بلاكبول مرتين ولندن ثم هاستينغ".
" ألم تسافري خارج بريطانيا؟".
" كلا , أظن أنك سافرت كثيرا , أليس كذلك؟".
" نعم....".
أجاب ببرود دفع سارة للأحساس بغباء سؤالها.
" ما هي أهتماماتك أذن؟ ما الذي تفعلينه في وقت فراغك؟".
" أحب القراءة وسماع الموسيقى , وأعتدت الذهاب مع جدي , الى المسرح في ليدز أو لمشاهدة فيلم في السينما".
" ما هي مادتك المفضلة في المدرسة؟".
" هل تعني مادتي المفضلة أو التي أجيدها؟".
وبدا عليه الأستمتاع:
" هل هناك فرق؟".
" نعم , أن مادتي المفضلة هو الأدب الأنكليزي لكنني أحبذ الرسم".
" الرسم؟".
سأل جارود متعجبا:
" أتحبين الفن؟".
" نعم وأجتزت الأمتحان بتفوق لكن مدرسة الفن , الأنسة فتش , مثيرة للضجر , أعني أنها..........".
وبدا عليها التردد لأختيار الكلمة الملائمة :
" في أي حال , لا أحد يحبها لذلك لا أجدني أهتم كثيرا بالفن".
أستدار جارود بالسيارة الى شارع جانبي يؤدي الى مالثروب , وأنتبهت سارة الى جمال أصابعه المم*** بمقود السيارة بمرونة , أصابع طويلة وقاسية , ويدان قويتان.
كان الوقت مساء حين وصلا الى البوابة الخارجية ووجدا هدلي في مكانه المعتاد , نظرت اليه سارة وأرتجفت لمرآه.
قال جارود أذ أحس بعصبيتها:
" لا داعي للخوف , أنها عملية روتينية أذ أن لوالدي مجموع من المقتنيات الثمينة ويرغب بحمايتها".
عضت سارة شفتيها وأنتبهت لفخامة المكان غير المألوفة بالنسبة اليها رغم أنشغالها بالتفكير في لقائها المقبل مع الأب.
وعند أقتراب السارة من باب المنزل , فتح موريس الباب بسرعة.
" أنه رئيس الخدم , أنا مقتنع بأنه وضع ردارا في المطبخ يستطيع بواسطته معرفة أقتراب السيارة من الباب".
لم تستطع سارة مقاومة رغبتها بالضحك , ورغم أن جارود لم يقل شيئا يساعدها على تخفيف أرتباكها ألا أن سلوكه بدا أفضل , ربما لأنه كان على وشك التخلص من مسؤوليتها , وأذ غادر جارود السيارة , غادرتها سارة أيضا بدون أنتظار مساعدة أحد ,ووقفت محدقة في مظهر موريس الواقف عند الباب.
" مساء الخير سيد جارود , أن والدك في أنتظارك في صالة الأستقبال".
" شكرا موريس".
وصعد جارود الدرجات بسرعة ثم ألتفت فرأى سارة ما تزال واقفة في مكانها:
" تحركي يا سارة روبنز , أنا متأكد بأنك لست خائفة".
تصلبت سارة وتسلقت الدرجات أيضا.
" كلا يا سيد كايل , لست خائفة".
فأبتسم جارود بسخرية:
" ألست خائفة؟ لا بد أنك فريدة أذن , أذ ظننت أن ظروفا كهذه تمثل عبئا ثقيلا على طفلة مثلك".
تبعت سارة جارود الى الصالة الفخمة ونظرت حولها بأعجاب ثم ركزت أهتمامها على جارود الذي وقف ليراقبها بسخرية واضحة:
" أعتاد جدي القول أن الأحمق يخاف , أذ يتساوى الشجاع والجبان عند الموت".
أحنى جارود رأسه تحية لتعليقاتها:
" أعتقد أن لجدك سلوك الحكيم , أليس أختياره أغنى رجلا موجودا كوصي على حفيدته أفضل دليل على ذلك؟".
نظرت اليه سارة بدهشة:
" ما الذي تعنيه يا سيد كايل؟".
" أن أبني شخص متهكم".
قال صوت من ورائها:
" سمعت بوصولك يا عزيزتي , مرحبا بك في مالثروب".


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس