عرض مشاركة واحدة
قديم 18-08-19, 04:17 PM   #3

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

2 - قلبك أرحم


أستدارت سارة لتواجه نسخة متقدمة في السن لجارود كايل , بأستثناء الأختلاف في لون الشعر والتجاعيد في وجه الأب , أبتسم لها بحرارة وبدا مختلفا عن الأبن في سلوكه وعن الصورة التي رسمتها في ذهنها عنه.
" أنت , أنت السيد كايل؟ سيد كايل صديق جدي؟".
" صحيح".
ثم أستدار نحو رئيس الخدم :
" أغلق الباب يا موريس , وخذ معطف الآنسة روبنز , تعالي يا عزيزتي وتناولي الشاي معي في الصالة".
ثم نظر بأتجاه أبنه متسائلا :
" هل ترغب بتناول الشاي معنا يا جارود؟".
خلع جارود معطفه بحركات كسولة بطيئة فأحست سارة بأضطراب غريب يسري في جسدها , لم تفهم طبيعة ذلك لأنها لم تشعر به من قبل , ألا أنها أدركت أن الأحساس الغريب يتملكها في حضور جارود فقط , من الواضح أنها لم تلتق برجل مثله من قبل ألا أن الأمر يتعدى ذلك.
وأحست بالحاجة الى هز رأسها لأبعاد تلك الأفكار عنها.
هز رأسه نفيا جوابا على سؤال والده:
" كلا لا أعتقد أنني أريد ذلك".
" أتصلت لورين بك مساء وتريد منك الأتصال بها".
" صحيح , وماذا قلت لها؟".
" أخبرتها أنك مشغول حاليا".
وكانت لهجته ساخرة فأحست سارة بالتوتر الكامن بين الأثنين.
أستدار جارود وبدأ صعود السلم بدون الألتفات وراءه وأبتسم والده قبل أن يمسك ذراع سارة ليقودها الى الصالة.
أسترعى الديكور الرائع أهتمام سارة , السجادة , الكراسي ذات اللون الأسود والخشب المحيط بزوايا الصالة , وأنتبهت الى جهاز التلفزيون المزود بمسجل كبير , ثم هناك النقوش المزينة للسقف , وكأن المشهد كله مأخوذ من فيلم.
" هل تحبين المكان؟".
وبدا عليه السرور لأعجابها.
" أنه رائع , لم أكن أعلم بوجود مثل هذه الأماكن في يوركشاير ".
ضحك وقال:
" آه يا سارة , يا لها من ملاحظة شابة منتبهة , وعليك أن تدعيني جي كي لتفرقي على الأقل بيني وبين أبني".
لم تعرف سارة كيف تجيب لذلك أكتفت بالأأبتسام , وقرع جي كي الجرس طلبا للخادمة.
" أجلسي يا سارة , أريد أن أعرف كل شيء عنك وعن جدك".
جلست على الكنبة كما طلب منها , متحاشية دعك تنورتها المدرسية.
وتساءلت في داخلها عما سيقوله الخدم عنها , أذ أنها لا تشبه أيا من زوار مالثورب , كان المكان دافئا وفكرت بأنالمرء لا يحتاج أرتداء ملابس سميكة في هذا المكان.
جلبت الخادمة صينية الشاي ووضعتها على المنضدة المنخفضة قرب سارة وبعد أن ذهبت جلس جي كي مقابل سارة وقال:
" هل تستطيعين صب الشاي".
كانت أكواب الشاي صغيرة وجميلة ألا أن سارة أستطاعت أتمام مهمتها بنجاح بدون أن تسكب الشاي وأضافت الحليب على شايها والحليب والسكر على شاي جي كي , كانت هناك فطائر ساخنة مغطاة بالمربى والقشدة ألا أنها لم تأكل غير القليل أذ لم يفارقها الأحساس بالعصبية.
نظر جي كي الى علبة السكائر الذهبية وسألها:
" هل سمح لك جدك بالتدخين؟".
" كلا , كما أنني لا أحب التدخين".
" حسن جدا أنها عادة سيئة لدى المرأة , مع ذلك قد تمنح الأنسان شيئا يتسلى به أثناء المقابلات وغيرها , والآن أخبريني , عن نفسك , مدرستك , خططك زكيف كنت تقضين وقتك مع جفري؟".
كان من السهل والمريح التحدث اليه وكان أقل أثارة للخوف من أبنه , فتلاشى أحساسها العصبي لحرارة أهتمامه وأخبرته كل شيء حتى عائلة ماسون , واصفة تفاصيل حياتها بدقة أسترعت أهتمام جي كي , الى حد نسي مرور الوقت الى أن دخل موريس الصالة مقاطعا أياهما:
" هل ستبقى الآنسة للعشاء؟".
سأل موريس بأدب.
" بما أن الساعة الآن هي السابعة فأظن أن أقتراحك هو الأنسب , أليس كذلك؟".
وأومأ برأسه بأتجاه سارة.
" ولكنني لا أرتدي الملابس الملائمة للعشاء ".
دمدمت سارة وخشيت حضور جارود ونظراته المتفحصة لملابسها.
" ليس لذلك أهمية يا عزيزتي , لن اغير ملابسي أنا الآخر ولا أظن جارود سيبقى للعشاء معنا , أليس كذلك يا موريس؟".
" غادر السيد جارود المكان منذ نصف ساعة , وطلب مني أخبارك بأنه سيتأخر".
أبتسم جي كي بسخرية:
" صحيح؟ يا له من سلوك مؤدب ! حسنا يا موريس , العشاء لأثنين".
" نعم سيدي".
وأنسحب موريس بهدوء.
وأسترخت سارة في مكانها وأحست بالراحة لعدم حضور جارود العشاء معهما.
ثم قطبت جبينها فجأة , أذا كان جارود قد غادر المكان فكيف ستعود الى البيت.
" سيد....جي كي".
" نعم؟".
" أذا كان أبنك قد غادر المكان كيف أستطيع العودة الى البيت؟ أعني هل هناك باص أو محطة قطار قريبة؟".
هز جي كي رأسه وقال:
" سيأخذك بوتر الى البيت".
" بوتر؟".
" سائقي الخصوصي".
وسألت سارة نفسها عن جارود كايل , لا بد أنه ذهب لزيارة أحد أصدقائه , ثم تساءلت عما أذا كان متزوجا , ثم أين زوجة جي كي؟
" هل أن زوجتك.........؟
وتوقفت لأحساسها بأنها بدأت التدخل في شؤون لا تعنيها , فقال:
" أستمري , ما الذي أردت السؤال عنه؟ أذ سألتك الكثير حتى الآن , ويحق لك الآن طرح بعض الأسئلة , لا تقلقي".
" أردت سؤالك عن مكان زوجتك؟".
" تعيش زوجتي في جامايكا".
قال بهدوء.
" آه".
وبدت الدهشة واضحة على وجهها , فأبتسم قائلا:
" هل تظنين أن وضعنا غريب؟ عبري عن رأيك بصراحة".
" وهل تعيش أنت هنا؟".
" نعم , معظم الوقت".
" أذن نعم , أظن أن وضعكما غريب , هل أنتما مطلقان؟".
" كلا , منفصلان فقط , هيلين لا تشبهني أذ أنها تحب الحياة الأجتماعية , كما تحب المناخ الحار , أصيبت منذ فترة طويلة بأحتقان الرئتين , ونصحها الأطباء بعدم البقاء في أنكلترا أثناء الشتاء, لذلك أنتقلت للعيش في جامايكا".
" وتركتك لوحدك؟".
" حسنا , أكتشفنا وبعد قضاء سنوات طويلة معا بأننا مختلفان وحياتنا منفصلة لذلك كان من الطبيعي أن تفضل العيش بعيدا ولوحدها".
" يا له من أمر فظيع".
وتنهدت سارة مضيفة:
" أنا آسفة".
" لم تأسفين؟ أن هيلين سعيدة وأنا كذلك , لسنا أعداء وجاء أنفصالنا بناء على رضانا معا منذ كان جارود في الثامنة من عمره , هيلين تنتمي لعائلة غنية من يوركشاير وأعتقد بأنها أحبتني في البداية , رغم أنني لم أكن متأكدا من ذلك , في أي حال أبدت ما يكفي من الأهتمام للزواج مني وبهذه الطريقة زودتني بما يكفي من المال لتوسيع شركتي".
ودهشت سارة لحديثه مما دفعها للسؤال:
" أتعني , أتعني أنك تزوجتها من أجل ثروتها؟".
" أنك تجعلين المسألة تبدو وكأنها حسابية باردة ,أن الشباب وحدهم قادرون على كشف الحياة لضوء النهار البارد , أما ما أقوله أنا فهو أن زواجنا تم بناء على أتفاق متبادل , حيث دفعت لهيلين فيما بعد كل فلس أقترضته منها , لذلك لا أجدني أشمئز لتصرفي , هل تشعرين بذلك نحوي؟".
" أوه , حقا , لا علاقة لي بالأمر , أعني , أنني لا أعرف حقائق الكثير من الأشياء , كما أنني لست قاضية".
"كلا , ربما لست كذلك , ألا أنك تجعلينني أرى نفسي كما يراني الآخرون , لا بد أن جارود سيسر لسماعك وأنت تخبريني عن حقائق الحياة الأساسية , وأعتقد أن بأمكانه هو الآخر أن يكون قاسيا أحيانا".
وفكرت سارة متذكرة سخرية جارود منها وكلماته المبطنة , بأن ما قاله جي كي معقول جدا.
مرت الأمسية بسرعة الى حد أن سارة لم تصدق أذنيها حين أخبرها جي كي عن حلول وقت عودتها الى البيت , وأنتابها أحساس بالأسف لأنها ستغادر المكان.
ألا أن جي كي أثار أستغرابها حين قال:
" هل ستأتين مرة أخرى يوم الثلاثاء؟ لا أستطيع دعوتك غدا أذ أن جارود دعى بعض العاملين في الوزارة وستكون الأمسية مملة".
أرتدت سارة معطفها.
" نعم سآتي أذا ما أردت ذلك".
" جيد , جيد , رؤيتك أذا بعد غد , الى اللقاء".
" الى اللقاء جي كي".
أجابته وتبعت موريس الى سيارة الرولس رويس الموجودة عند أسفل السلم.
كانت السيدة ماسون متشوقة لسماع ما حدث عند عودة سارة الى البيت في شارع ميد.
" ما الذي سيحدث لك ؟ هل ستعيشين مع السيد كايل وزوجته؟".
وبحثت سارة عبثا عن كلمات تطفىء بها فضول السيدة ماسون خاصة وأنها تعلم بأن ما ستقوله للسيدة ماسون سيتردد بين سكان بريدجستر خلال أيام قليلة.
" لم يتقرر شيء يا سيدة ماسون , كل ما حدث هو أنني تعشيت مع السيد كايل الأب ,والذي كان يعرفه جدي , أما الرجل الذي جاء هنا فهو الأبن".
" هل أخبرته بأنك لا تستطيعين البقاء معنا فترة طويلة؟".
" لا أعتقد أننا تحدثنا عن ذلك أطلاقا يا سيدة ماسون".
" ما الذي تحدثتما به أذن؟".
" قضينا معظم الوقت متحدثين عن جدي".
وتمنت سارة أنتهاء فترة الأستجواب وفكرت بأنه كان عليها أعداد الأجوبة في طريق العودة الى هنا".
" هل تمانعين أذا ذهبت الى سريري الآن؟".
" لا مانع لدي , ومتى ستعرفين ما الذي سيحدث؟".
" سأتناول العشاء مع السيد كايل يوم الثلاثاء , وقد أستطيع تحديد ما الذي سيحدث حينئذ".
" ماذا تعنين بذلك؟".
نظرت سارة بيأس:
"بصراحة , لا أدري يا سيدة ماسون , أذ حدث كل شيء بسرعة ولا أجدني قادرة على التفكير بوضوح الآن ,قد أذهب لرؤية رئيسة الممرضات في المستشفى لسؤالها عما أذا كانت ستقبلني كمتدربة".
" أن أبنتي ليلي وأنا حاولنا ذلك قبل وفشلنا".
وأرادت سارة أن تقول بأن ليلي البالغة من العمر الثامنة عشرة لا تحب أي شيء له علاقة بالعمل فلا عجب في أنها فشلت في ذلك , ألا أنها كبحت رغبتها في الأفصاح عن ذلك وتوجهت الى الطابق الأول لتغتسل منهية بذلك الحديث.
وصل بوتر مساء الثلاثاء , في سيارة الرولز ليأخذها الى مالثورب , فقالت السيدة ماسون بعد محافظتها على الصمت طوال اليومين الأخيرين:
" أظن بأنك ستنظرين الى نفسك بأعتبارك أفضل منا , من الآن فصاعدا يا آنسة روبنز؟".
حدقت سارة في وجهها بدهشة:
"لم أفعل ذلك يا سيدة ماسون؟".
وبدا على السيدة ماسون الندم لفلتة لسانها:
" أوه لا شيء , لا شيء , أذهبي الآن ولا تتأخري في العودة".
أحست سارة بالضياع والوحدة في مقعد السيارة الخلفي , وحتى تلهفها لتناول العشاء في مالثورب لم يخلصها من أحساسها الحزين , ها هي الآن في منتصف الطريق بين الحياة السابقة والجديدة , تزعجها السيدة ماسون من ناحية بينما يشعر رجل عجوز عرف جدها ذات مرة بالأسف من أجلها.
كانت البوابة الخارجية مفتوحة لدى وصولهما ,لم ينطق بوتر بكلمة واحدة طوال الطريق وحرص على أغلاق الحاجز الزجاجي بينهما , ولم تلمه لذلك , ربما لم يكن مألوفا لديه الحديث مع من يقلهم بالسيارة.ألا أنها كانت سترحب بأي شيء يساعدها على تجاوز قنوطها.
صعدت السلم بعد أن فتح موريس الباب , سامحا للضوء الدافىء بالتسلل الى الخارج , دخلت البيت بسرعة فقال موريس:
" مساء الخير يا آنسة , هل الجو بارد في اخارج؟".
أسترخت سارة قليلا وخلعت معطفها:
" أنها باردة جدا , وأعتقد أنها ستثلج قريبا".
أبتسم موريس بطريقة ودية , ثم جاء جي كي من أحدى الغرف:
"آه سارة , ها أنت هنا , تعالي بسرعة , موريس أجلب لنا الشاي".
" نعم سيدي".
وأبتعد موريس بسرعة , بينما تبعت سارة جي كي الى غرفة مبطنة بالكتب , كان هناك رجل آخر يجلس قرب النار وتعرفت عليه بسرعة , أنه المحامي الذي بلّغها وصية جدها , السيد غرانت:
" أهلا سارة".
قال مبتسما:
" أنك تبدين بخير كيف حالك؟".
" بخير شكرا ".
وسألت جي كي:
" هل قاطعت شيئا".
أغلق جي كي الباب:
" كلا أطلاقا , أذ أن جو موجود هنا من أجلك , أذ كنا نناقش ظروفك الخاصة , سارة , أكتشفت أثناء تبادلنا الحديث في المرة السابقة , أن هناك الكثير مما يجمع بيننا , أو على الأقل أننا نملك أحساسا مماثلا بالدعابة ".
وأبتسم مضيفا:
" أنني أودك يا سارة وأحتجت بعض الوقت لأقرر ما سأفعله, حسنا , لقد أتخذت قرارا , وأذا وافقت , ليس هناك ما يحول دون تحقيقه".
أرتجفت سارة رغم حرارة الغرفة ثم جلست على كرسي منخفض:
" ما الذي تتحدث عنه يا جي كي؟".
" أنت ومستقبلك, هل قررت شيئا ما بصدده؟".
" أتصلت هاتفيا برئيسة الممرضات في المستشفى العام يوم أمس , وحددت لي موعدا لرؤيتها عند نهاية الأسبوع , وآمل أن توافق على تعييني كمتدربة".
" هل هذا ما تريدينه حقا؟".
" أبديت دائما بعض الأهتمام بالتمريض ".
وأحمر وجهها عند أجابتها السؤال.
" وأذا أفترضنا أن جدك ما زال على قيد الحياة , ما الذي كنت ستفعلينه حينئذ؟".
" كنت سأبقى في المدرسة عاما آخر ولقدمت الأمتحانات النهائية".
" والآن لنفترض أنك تملكين الخيار فما الذي كنت ستفعلينه بصراحة؟".
" آه ,العديد من الأشياء , أعني أنني أحب الأدب الأنكليزي والمطالعة , كما أحب الرسم , كنت سأسافر كثيرا وأرسم كثيرا".
ورفعت كتفيها دلالة اليأس وكررت :
" العديد من الأشياء".
بدا على وجه جي كي السرور ونظر الى غرانت:
" كما توقعت , أنك شابة عاقلة , حسنا يا سارة ,أذا ما وافقت فبأستطاعتك العيش معي في مالثورب مدة عام واحد , أقول عاما واحدا لأن شبان هذه الأيام يودون الأستقلال بحياتهم بأسرع وقت ممكن ولا أريد منك الأحساس بأنك مدينة لي بأي شيء , أنني أعرض عليك هذا لأنني أريده , بقدر ما هو من أجلك".
" آه لكن.......".
" بلا أعتراض , أصغي فقط , مهما كان مخططك للمستقبل , في أستطاعة ذلك الأنتظار فترة عام , خلال هذا في مستطاعك عمل أي شيء ترغبين فيه , وأن تتمتعي بحياتك , في أمكانك السفر , أذ أنني أذهب الى الولايات المتحدة بكثرة وقد تعلم جارود هناك الى حد أعتقد بأنه أميركي أكثر منه أنكليزيا , ثم أنني أسافر بأستمرار الى أوروبا , كما في أمكاني أخذك في رحلة فنية , لا بد أنك ستتمتعين بذلك".
" أستدارت نحو السيد غرانت وقالت:
" رجاء ,لا أستطيع قبول العرض , أعرف أن جدي أوصى بذلك لكن لا بد أنه كان مجنونا حينئذ , جي كي ليس مدير مجلس الأدارة الآن , بل أن أبنه هو المدير ولا بد أن هناك مخرجا ما من هذا المأزق".
" سأستشير جارود في هذه المسألة بالطبع".
قال جي كي متضايقا أذ أنه لم يحب معارضة أي شخص له.
" يا له من تقدير كبير".
أنبعث الصوت الساخر من ورائهم , وكان جارود قد دخل الغرفة بهدوء ووقف ليراقبهم ببرودته المعتادة , أستقام في وقفته واضعا يديه في جيبيه
" أنه لمن الرائع تقدير مشاعري الى هذا الحد يا جي كي , وهو أكثر مما توقعت منك , ما لم يفهمه أحد منكم بصدد الوصية هو أننا أذا قبلنا جزءا منها فعلينا في النهاية قبولها بأكملها , بمعنى آخر , أن الآنسة روبنز ستحصل على ما يدعمها ماليا طوال حياتها ولن يكون بمقدور أحد تغيير ذلك فيما بعد".
" ما تقوله فظيع".
صرخت سارة محدقة في وجهه.
أما جي كي فعلق قائلا:
" نعم فظيع , أن حديثك لا معنى له أذ أننا سنكون مسؤولين عن سارة حتى تبلغ الثامنة عشرة من عمرها فقط , أما بعد ذلك وحتى لو رغبت هي , الأمر الذي أشك في صحته , في المطالبة بأي شيء فلن يحق لها ذلك".
" صحيح؟ ".
وتنهد جارود بصوت مسموع :
" هل تعتقد فعلا أن في أمكانك التخلص من مسؤولية شخص قبلت بنفسك تحمل مسؤوليته لمدة عام؟ ما الذي جرى لك يا جي كي؟ ما الذي جرى لعقلك المادي الذي طالما تفاخرت فيه؟".
" من الواضح أنني وهبته أياك لتضيفه الى ما تملك , كيف تجرؤ على الوقوف هنا وأهانة ضيف في منزلك؟".
" أهانة؟ أنني لم أهن أحدا , كل ما فعلته هو ذكر الحقائق كما أراها , أذ أنني لا أعاني مثلك بأختلاط قراراتي بالعواطف".
وأخذت سارة بالأرتجاف بوضوح الآن , أنها لم تتعرض لمثل هذا الموقف في حياتها من قبل.
" رجاء , رجاء , لا تقل شيئا آخر , أذ لا أريد سماع أي كلمة , أنا آسفة , آسفة".
وخطت بسرعة مجتازة جارود , فتحت باب الغرفة وأندفعت الى الصالة غير شاعرة بما تفعله بأستثناء أحساس واحد ألح عليها وهو الرغبة في الفرار بسرعة , وأصطدم بها موريس حاملا صينية الشاي.
" ولكن الى أين ستذهبين يا آنسة روبنز ؟".
" أرجو أن تناولني معطفي أذ أريد الذهاب الى البيت".
" أترك ذلك لي يا موريس , سارة , سارة.... ما الذي أستطيع قوله؟ يجب ألا تدعي أبني يزعجك .... أنه رجل أعمال وهذه طريقته الوحيدة في التعامل , وهو يشبهني في رغبته بالحصول على ما يريده , يجب ألا تدعي خلافاتنا الصغيرة تزعجك".
" خلافات صغيرة! لا تستطيع تسمية ذلك الجدال خلافا صغيرا , أنه لا يريدني هنا , وصرح عن رأيه بوضوح كما أنه ولسبب ما لا يثق بي , لن أكون سعيدة هنا وتحت هذه الظروف".
" أوه سارة , أريد منك البقاء معي.... أليس هذا كافيا؟".
" لكنك لست الوصي بل هو الوصي".
" نعم ولذلك يجب أن يخجل لسلوكه ".
دمدم جي كي غاضبا .
هزت سارة رأسها.
" أريد الذهاب الى البيت , أعني العودة الى بيت عائلة ماسون".
"| ليس لديك بيت يا سارة , أعقلي , جارود لا يعيش هنا دائما بل يمضي معظم وقته في لندن أو خارج البلاد , وأؤكد لك أن الأمر لا يستحق القلق".
واصلت سارة هز رأسها:
" رجاء , دعني أرتدي معطفي أذ أريد ترك المكان".
ضغط جي كي على نفسه وأستدعى موريس.
" شكرا لكل شيء , هل هناك أحد سيأخذني الى البيت؟".
" موريس أخبر بوتر , أتمنى أن تغيري رأيك يا سارة".
نجحت سارة في رسم شبح أبتسامة على شفتيها ثم فتحت الباب ونزلت السلم ركضا , قبل أن تدخل السيارة نظرت وراءها فلمحت جي كي واقفا لوحده عند أعلى السلم فأحست بالدموع تنهمر على خديها , حينئذ أدركت بأنه هو الآخر يعاني من الوحدة مثلها , وفكرت بأن الوقت متأخر لتغيير رأيها.
في بداية الأسبوع التالي , قابلت سارة رئيسة الممرضات في المستشفى وأخبرتها بأنها ستبلغها نتيجة المقابلة خلال الأيام المقبلة , ولم يعد أمام سارة غير الأنتظار والقلق , وحاولت في وقت فراغها التفكير في العديد من المشاريع لتبعد عن ذهنها شبح جي كي ومالثورب وأكثر من أي شخص آخر شبح جارود كايل.
ذات صباح , عند نهاية ذلك الأسبوع , جاء مدير المدرسة لرؤيتها بينما كانت تقرأ في المكتبة , قال:
" ها أنت هنا يا سارة , في مكتبي زائر في أنتظارك".
" زائر؟ ولكن من هو؟".
" السيد كايل , كايل؟ أن الأسم مألوف بالطبع , منسوجات كايل , هل تعرفينه؟ هل هو قريب لأحد مالكي مصانع النسيج؟".
وشحبت سارة متسائلة:
" هل هو شاب أم عجوز؟".
" في أواسط الثلاثينات كما أتوقع".
" أنه أذن رئيس مجلس أدارة شركات النسيج , هل ذكر ما الذي يريده مني؟".
دهش مدير المدرسة:
" رئيس مجلس الأدارة؟ كلا , لم يقل شيئا , ألا أنه بدا نافذ الصبر لذلك عليك الأسراع لرؤيته , أنه موجود في مكتبي وسأذهب أنا الى غرفة المدرسين".
" شكرا جزيلا ".
وأبتسمت سارة ثم سارت مسرعة نحو مكتب مدير المدرسة , وسألت نفسها عن سبب زيارته , طرقت الباب ثم دخلت مترددة.
كان جارود جالسا على حافة مكتب المدير يدخن سيكارة وبدا وسيما وأنيقا كالعادة , أرتدى بدلة غامقة اللون , وتضارب لون بشرته مع لون شعره الأشقر , بدا عليه الغنى واضحا والسطوة كذلك , وأذ دخلت الغرفة نهض واقفا بينما بقيت هي مترددة عند الباب.
" أما أن تدخلي أو تخرجي".
قال بأختصار فدخلت وأغلقت الباب وراءها.
فحص ملامحها فلاحظ شحوب وجهها والظلال المرتسمة تحت عينيها:
" أنت لا تبدين بصحة جيدة".
أستقامت في وقفتها وقالت:
" أنني بخير يا سيد كايل".
أجابت بهدوء.
" حسنا سأحاول تصديق ما تقولينه , والآن أخبريني , هل عثرت على عمل؟".
" أنني في أنتظار نتيجة المقابلة مع رئيسة الممرضات , وآمل أن أحصل على نتيجة جيدة".
" أتصلت برئيسة الممرضات بنفسي هذا الصباح وقد أخبرتني عن موافقتها فأخبرتها بأنك لن تذهبي".
" فعلت ماذا؟ سأذهب طبعا , ويجب أن أتصل بها الآن لأخبرها........".
" كلا , لن تتصلي بها".
قاطعها بنعومة:
" لأنك لن تكوني بحاجة للعمل , بل ستأتين للعيش في مالثورب , على الأقل لمدة عام كما أقترح والدي".
رفعت سارة رأسها بكبرياء وقالت:
" كلا يا سيد كايل , لا رغبة لي في القدوم الى مالثورب لا الآن ولا في المستقبل".
" ولكنك ستأتين .... والآن لا تدعينا نضيع الوقت.... سأتحدث مع مدير المدرسة بنفسي بينما تقومين بجمع حقائبك أذ لن تعودي الى هذا المكان بعد الآن".
" لا تحاول أستخدام أساليب غرف الأجتماعات معي يا سيد كايل لأنها لن تنجح معي".
" أساليب غرف الأجتماعات؟".
قال مندهشا:
" أنك لا تعرفين معنى ما تقولينه حتى".
" حسنا قد تكون محقا , ألا أنك لن تستطيع أجباري على عمل أي شيء".
وضع يديه في جيبي معطغه.
" آه حسنا يا آنسة روبنز , أنت مخطئة أذ تتناسين أنني وصيك وأمتلك سلطة مطلقة عليك , ألا أذا حاولت أخذي الى المحكمة لأثبات عكس ذلك , وهذا أمر أشك في نجاحه أذ أن محاميّ أفضل بكثير من أي محامي آخر ستوكلينه".
لم تصدق سارة ما سمعته :
" ولكن لماذا؟ لماذا؟ منذ أسبوع فقط أقترحت بأنني.... لا داعي لتكراره أذ تعرف أنت ما قلته".
" أذكر جيدا ولم أغير رأيي كثيرا , رغم ذلك , يريد والدي منك الذهاب للعيش معه ,وفي أمكانه أن يكون مقنعا جدا".
وبان في عيني سارة عدم أقتناعها:
" لا أستطيع التصديق بأن جارود كايل القوي , مالك شركات كايل وسيد العالم يقتنع بما يقوله والده".
ورأت في عينيه أعجابا ألتمع في الزرقة الغريبة.
ثم قال بهدوء:
" يعاني والدي من مرض القلب لذلك تقاعد عن العمل في وقت مبكر وعانى يوم الجمعة الماضية من نوبة ثانية , ولست مستعدا للمخاطرة بحياته أو صحته أرضاء لرغباتي , وأذا ما رغب بك الى جانبه بهذه القوة فسيحظى بما يريد".
حزنت سارة لما أصاب جي كي وتساءلت:
" وماذا أذا رفضت؟".
" أنني متأكد أن قلبك أرحم من قلبي".
" أنه كان محقا في رأيه ".


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس