عرض مشاركة واحدة
قديم 18-08-19, 04:26 PM   #6

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5 - كان فظيعا

كان الجو ينذر بحلول عاصفة ثلجية , وحين أستقرا في السيارة سألت سارة بحذر:
" هل المكان بعيد؟".
ضغط جارود على شفته السفلى للحظة ثم أجاب مترقبا:
" عدة أميال, هل غيّرت رأيك ثانية؟".
" كلا , أردت معرفة المكان فقط لا غير".
هز جارود كتفيه ثم بدأ قيادة السيارة بمهارة ونعومة , كان سائقا سريعا ألا أنه كان خبيرا في الوقت نفسه فأستطاعت الأسترخاء معه أكثر مما تفعل مع بوتر , حين أقتربا من الطريق العام قال بعد أن قلل من سرعته:
" الأرض مغطاة بالجليد ".
تساءلت سارة في نفسها عما سيفعلانه أذا ما أثلجت وأنسدت الطريق , كانت ترتدي جزمتها الجلدية وبأستثناء معطفها ما كانت ملابسها صالحة للبس في جو عاصف.
كان منزل لوسون خارج قرية أخرى , قرية ملستون , ولاحظا أصطفاف العديد من السيارات خارج المنزل ,ولاحظ جارود أصطفاف العديد من السيارات خارج المنزل , ولاحظ جارود عصبيتها مرتسمة بوضوح على وجهها فقال:
" لا تقلقي يا عزيزتي , أنك جميلة الى حد سيصطف الشباب بأنتظار أبتسامة منك".
ورحب الجميع بجارود بحرارة كما لو كان أبن عم مفقودا بينما أقتادت جينا لوسون سارة الى غرفة االسيدات , كانت جينا قصيرة وشقراء وأكبر من سارة بعام واحد.
قالت جينا بلهجة ودية:
" لقد أحسنت بأختيار جارود كوصي , آه كم أتمنى لو كان وصيا عليّ".
أبتسمت سارة ثم تبعت جينا الى القاعة من جديد , قدمت سارة الى السيد والسيدة لوسون , أبنهما المراهق هال , وبالطبع هوارد ,ثم تعرفت بعدد كبير من الناس نسيت أسماء معظمهم لقصر الفترة الزمنية , وبدا وكأن حضورها مع جارود له فعل التعويذة السحرية , وبدا الجميع مسرورين لرؤيتها , أو على الأقل هذا ما تظاهروا به , وتجاهلت نظرات بعض الفتيات الغيورات أذ كان جو الحفلة وديا بشكل عام.
كان العشاء مكونا من اللحوم الباردة وأنواع السلطة وأخليت الصالة بعد العشاء للرقص.
بعد أن تناولت سارة كأسي عصير مع السيد والسيدة لوسون نظرت حولها باحثة عن جارود فلم تجده , وأذ بدأ الرقص في تلك اللحظة , أقتادت جينا سارة قائلة:
" تعالي , لنذهب هناك , يبدو أن جارود أختفى".
كان بعض الشباب يرقصون على موسيقى مسجل موضوع في الزاوية , ألا أنها لم تر جارود فقالت جينا مبتسمة:
" أنه يعتبر نفسه أكبر سنا من أن يشارك في هذه الأجواء لذلك دعونا لورين لتهتم به".
" لورين ماكسويل؟".
وصدمت سارة للخبر.
" نعم هل ألتقيت بها من قبل؟".
" نعم .... ولكن.........".
وتقدم في تلك اللحظة منهما هوارد لوسون طالبا الرقص معها , فأومأت سارة برأسها موافقة , وبعد ذلك , ولدهشتها الشديدة بدا وكأن الأمسية أنقضت بسرعة عجيبة , كان لهوارد العديد من الأصدقاء أرادوا كلهم محادثتها والرقص معها محاولين ربطها بمواعيد لرؤيتها في الأيام المقبلة , ألا أنها رفضت عروضهم كلها.
كان هارولد أكثرهم ألحاحا فقضت معظم وقتها راقصة معه .
وظهر جارود عند منتصف الليل بصحبة لورين ماكسويل , وبدت لورين متألقة بجمالها الأخاذ وأناقتها التي أبرزت مفاتنها .
" أهلا".
قالت لمجموعة من الشباب متفحصة سارة بأعجاب:
" هل قضيت وقتا ممتعا؟".
نظرت سارة الى جارود وقالت:
" ظننت أنك عدت الى البيت , أذ لم أرك منذ فترة طويلة".
تعجبت لورين لجملة سارة وعلقت:
" هل عينته حارسا رسميا لك؟".
لم يتغير تعبير جارود المتحفظ بل أكتفى بالقول:
"كلا , يا لورين كلا , ما أرادت سارة قوله أنها لاحظت غيابي".
وضع جارود ذراعه حول سارة كأنه يحميها:
" أهتمتت بسارة طوال الوقت وأظن أنها تمتعت بالحفلة معنا".
ضحكت لورين وقالت:
" هذا حسن جدا أذن , أنها تثلج بكثافة في الخارج , وأعتقد أنكم ستجدون القيادة خطرة في هذا الجو , ألست محظوظة لأنني سأقضي الليلة هنا؟".
وأسرع بعضهم الى النافذة لألقاء نظرة على المشهد الأبيض في الخارج وقال جارود:
" أظن من الأفضل لو بدأنا رحلة العودة من الآن يا سارة".
أمسك هواد بيد سارة وقال:
" سآخذها الى البيت بنفسي".
" لا تكن غبيا , أنها ليلة مزعجة , كما ذكرت لورين منذ قليل , جئت مع سارة وسأعيدها الى البيت بنفسي".
فقال هوارد معاندا:
" دع سارة تختار".
بدأت سارة بالأحتجاج حين أمسك جارود بمعصمها:
" أجلبي معطفك ".
قال ببرودة متحديا أياها أن تعصي أمره".
خلصت سارة معصمها من قبضته ثم أعتذرت من هوارد وذهبت لجلب معطفها.
ودّعا المضيف والمضيفة ثم سارا نحو سيارة الفيراري الواقفة عند المنعطف , وبدون أن تنتظر مساعدته فتحت سارة باب السيارة وجلست في المقعد الأمامي , مسح جارود الواجهة الأمامية من الثلج وتأكد من عمل فرشتي المسح قبل أن يدخل السيارة , لم يقل شيئا بينما لوحت هي لهوارد الواقف عند باب المنزل ملوحا لها, كان الجو عاصفا والثلج يغطي كل شيء".
تنهدت سارة مفكرة بسوء الجو والمسافة الفاصلة بين ملستون ومالثورب , فسألها جارود:
" ما الذي عنيته بسؤالك عن مكاني؟".
أستدارت سارة مواجهة أياه لترى وجهه في أنعكاس الضوء الخارجي.
" ألا يحق لي ذلك؟ أظن بأنك أصطحبتني الى الحفلة.... لا بد أنك تمتعت بحفلتك!".
" أحذرك يا سارة بأنني........".
ودمدم لاعنا السيارة حين أحس بأنزلاقها:
" يا لها من ليلة مزعجة".
"لا بد أنك أدركت سوء الجو قبل مغادرتنا , لورين لاحظت ذلك أيضا ,أين كنتما؟ في غرفتها لأنها قررت قضاء الليلة هناك؟".
أوقف جارود السيارة فجأة وبدا الغضب مرتسما بوضوح على على وجهه , فأنكمشت سارة في زاويتها مذعورة.
" أن جي كي أجاد تدريبك".
فدمدمت بصوت خائف:
" ما الذي تعنيه؟".
" أنك تعرفين ما الذي أعنيه , ولزيادة معلوماتك أقترحت لورين الذهاب الى مقهى قريب هادىء فصاحبتها الى القرية لأن المكان كان مكتظا بالصبيان".
" لست بحاجة لتوضيح تصرفاتك لي".
" كلا , لست بحاجة لذلك , ألا أنني لا أريد لذهن مشوش مثل ذهنك أن يتخيل أشياء لا وجود لها , أذ أن لي كبريائي أنا الآخر ".
" آه دعنا نذهب الى البيت".
فعاد جارود الى القيادة.
لسوء الحظ , لم تتحرك السيارة من مكانها , بل بقيت ثابتة في مكانها رغم محاولاته اليائسة لتشغيلها , وأزداد غضبه أشتعالا مما دفع سارة الى الأبتسام بدون تعمد , وحين نظر اليها أخف أبتسامتها براحة يدها , ألا أنه أكتفى بهز رأسه:
" لا بد أننا مجنونان أذ نناقش في وسط عاصفة ثلجية , بعيدين جدا عن أي مكان مأهول , علي أن أبدأ بدفع السيارة بينما تقودينها أنت..... هل تستطيعين قيادتها؟".
ترددت سارة مجيبة:
" لست متأكدة تماما.......".
" سأوضح لك ما يجب أن تفعليه ".
خرج من السيارة فزحفت الى مكانه خلف المقود:
" لا تحاولي بدء المحرك فجأة وألا لتزحلقت خلف السيارة , أتفهمين؟".
أجابته سارة بخبث:
" سأحاول جهدي".
ثم سار بأتجاه مؤخرة السيارة , الا أن جهده كان عبثا , ولم تستطع سارة تشغيل السيارة بالطريقة الصحيحة , ما دفعه الى القول:
" هل تستطيعين دفع السيارة؟ أعرف أن الفكرة مزعجة ولكن كل ما في الأمر أن السيارة بحاجة الى القيادة الصحيحة".
ضحكت سارة بصوت عال:
" بصراحة , أن لك أفكارا رائعة..... ولكن حسنا دعني أخرج".
وتبدلا مكانيهما وبدأت سارة الدفع بكل قوتها فبدأ التشغيل وفجأة أندفعت السيارة الى الأمام بينما وقعت سارة في بركة الماء وغطاها الثلج.
ساعدها جارود على الوقوف ألا أنها كانت مبتلة تماما وبدأت ترتجف وسألته:
" هل فعلت ذلك عن عمد؟".
حاول جارود أن يضحك مجيبا أياها:
" آسف جدا , كلا بالطبع لم أفعل ذلك متعمدا , تعالي لنركض الى السيارة".
" ولكنني لا أستطيع العودة الى البيت هكذا أني غارقة بالوحل والماء".
" ستذهبين هكذا لأنني لا أحمل معي ملابس أحتياطية ولكنني سأعطيك معطفي".
وساعدها على خلع معطفها المبتل بسرعة وأرتداء معطفها.
" والآن هل تشعرين بالتحسن؟".
" نعم".
وبدون أن يطلب موافقتها حملها وركض الى السيارة , فجلست مرتجفة بلا توقف , وقاد جارود السيارة بأقصى سرعة بدون أن يحاول حتى رؤية الطريق أمامه , لأستحالة ذلك , وأخيرا وصلا الى مالثورب ووجدا جي كي جالسا في أنتظارهما , فحدق بسارة مرعوبا أذ كانت ترتعش من قمة رأسها حتى قدميها , ملتفة بمعطف جارود .
وقف جارود خلفها ثم خطا نحو جي كي قائلا:
" قبل أن تبدأ طرح الأسئلة , سارة بحاجة الى حمام دافىء والذهاب الى الفراش فورا بعد ذلك , ثم من الأفضل أستدعاء الطبيب لاندري في حال حدوث شيء ما".
"لست بحاجة لحضور الطبيب, أنني بخير".
ومنعها أصطكاك أسنانها من الأعتراض أكثر.
" هل سمعت ما قالته يا جي كي؟".
وحملها جارود بين ذراعيه الى غرفتها , ثم تم أستدعاء الخادمة ماري لتساعدها على خلع ملابسها وأعداد الحمام لها , وتركها جارود هناك ولم تره مرة أخرى طوال الليل , رغم أنها رأت جي كي والطبيب لاندري.
كان الصباح التالي رماديا باردا وأحست بحالتها تسوء ,وحين جلبت لها ماري أفطارها في الساعة الثامنة والنصف وجدنها تتنفس بصعوبة وتسعل بلا أنقطاع , وأذ جاء جي كي بعد أن أستدعته ماري أتصل بالطبيب لاندري طالبا منه الحضور فورا.
عانت سارة من الأصابة بالبرد الشديد وأرتفعت حرارتها ولم تخفف أكياس الماء الحارة الموضوعة على جانبيها من تقليل أحساسها بالبرودة , كانت تعطس وتسعل في الوقت نفسه متناولة أنواع الأدوية بلا فائدة متمنية أن تنام وتنهض بعد ذلك بصحة أفضل.
لاحظت ذات مرة وجود جارود الى جانبها ألا أنه لم يتحدث اليها , ثم وصل بعد ذلك رجل آخر فحصها بدقة كبيرة قبل أن يضعها تحت أشراف ممرضة , ولم تعلم سارة بأنها كانت على وشك الأصابة بألتهاب الرئتين , أذ بقيت تنام وتستيقظ بلا أنقطاع , ولم ينقذها من المضاعفات الخطيرة غير العناية الفائقة بها , لم تتكلم ولم تأكل شيئا , رغم أن هستر واصلت جلب الطعام آملة أن تتوصل الممرضة الى أقناعها.
وأخيرا أنخفضت درجة حرارتها وتخلصت من الحمى , ثم بدأت تستعيد وعيها بما يدور حولها ,وفي صبيحة اليوم الرابع أحست بالتحسن المطرد وأشعرتها الشمس المشرقة بالسعادة لأنها لا تزال حية .
وأبتسمت الممرضة ماكدونالد بمرح حين قدمت لرؤية مريضتها:
" أنك تشعرين بالتحسن يا آنسة روبنز , أليس كذلك؟ يجب أن أعلم السيد كايل بذلك , أذ أنه قلق جدا بصددك".
أستطاعت سارة الأبتسام:
" أي سيد كايل تعنين؟".
" الأكبر سنا بالطبع , أنه وصيك أليس كذلك؟".
كانت سارة على وشك الأحتجاج ألا أنها قررت عدم أهمية ما تفكر به الممرضة كما لم تجد القوة اللازمة لأجابتها حتى.
أكلت سارة البيضة ثم غسلت الممرضة وجهها ومشطت شعرها , ليظهر بعد ذلك الطبيب لاندري بصحبة جي كي , جلس جي كي على حافة السرير وأمسك بيدها.
" آه سارة ,كم من الرائع رؤيتك في حالة طبيعية , تقول الممرضة أنك نمت جيدا وتخلصت من الحمى , هل تعلمين أنك كنت على حافة الأصابة بالألتهاب الرئوي طوال الأربعة أيام السابقة؟".
" هل بقيت في هذا الشكل أربعة أيام؟ لا أستطيع تذكر الكثير , كل ما أعرفه هو أحساسي بالحرارة والأنزعاج وصعوبة التنفس ".
ثم قطبت جبينها متسائلة:
" أين.... أين جارود؟".
" عاد الى لندن الليلة الماضية , كان عليه الذهاب لحضور أجتماع هيئة أدارة طارىء".
" آه , لا أتذكر أنني رأيته مؤخرا".
" لعل ذلك أحسن , ذلك الأبله ,كان على وشك قتلك".
" قتلي؟ أوه , كلا , لم يكن ما حدث خطأه , كنت في الحقيقة جالسة على مؤخرة السيارة حين تحركت ووقعت في البركة وتبللت , ذلك كل ما حدث".
" يا لها من سخافة , وليس ذلك توضيحا لسبب وقوفه بالدرجة الأولى , ليدفعك للوقوع في بركة مثلجة".
أعترض الطبيب على أثارة أعصاب مريضته ألا أن سارة قالت:
" أنني على ما يرام يا دكتور , وأستطيع توضيح الأمر لجي كي".
" ما الذي تريدين توضيحه؟ لا بد أن أبني الأحمق كان على وشك التلاعب كعادته".
" التلاعب بي؟".
" لو صح الأمر لقتلته ".
قال جي كي مهددا بقبضته.
" لا تكن سخيفا أذ أنه لم يلمسني أطلاقا , كل ما في الأمر أنه توقف ليقول لي شيئا ما , بل أتذكر أننا كنا نتجادل كالعادة ".
قطب جي كي جبينه :
" هل هذه هي الحقيقة؟".
" بالطبع ألم يخبرك جارود؟".
" نعم أخبرني غير أنني لم أصدقه, كما بقي هنا طوال الوقت ليطمئن على صحتك ألا أنني منعته من الأقتراب منك".
" جي كي أرجو أن تصغي الي , أن جارود لا يراني كما تتوهم وأود لو تتوقف عن توهم أشياء لا وجود لها".
بدا عل جي كي الخجل لسوء النية مما دفع الطبيب الى القول:
" عليك الذهاب للأتصال به , وأخبره أن سارة أفضل الآن وأعتذر منه لسلوكك وشكوكك".
نهض جي كي وربت على يد سارة:
" هل تعتقدين أن هذا ما يجب أن أفعله؟".
" نعم , أذ غالبا ما تسيء الظن".
" أعرف , ولكنني أفعل ذلك لأسباب صحيحة أحيانا , فيليب سأتركك مع المريضة".
بعد أن ذهب نظر الطبيب الى سارة مبتسما:
" يا له من مسكين , أنهما متشابهان الى حد لا يستطيع فيه تحمل أحدهما الآخر , وجي كي يبني آراءه بناء على ما كان سيفعله لو كان في مكان جارود , وسنه".
جس الطبيب نبضها ثم قالت:
" لا أعتقد أن ملاحظتك صحيحة تماما".
ضحك الدكتور لاندري قائلا:
" هل تعلمين ؟ كان جارود هو من أستدعى الأخصائي من لندن رغم عدم موافقة والده , أذ ظن جي كي أن حالتك لا تستدعي ذلك , ألا أن جارود كان محقا , لأنني لست أكثر من طبيب عام..... ولولا حضور الأخصائي ووصفه الأدوية الملائمة لما تشافيت بهذه السرعة".
فكرت سارة بما قاله الطبيب رغم أنها لم تستعد لونها الطبيعي .
وبقي الجو باردا ورطبا وفي حالة توقف سقوط الثلج غطى الضباب المنطقة كلها , وكان جي كي قلقا بصددها خاصة وأنها لم تستعد حيويتها المعتادة بل بقيت تدور في المنزل , تقرأ أحيانا وتقضي معظم وقتها تستتمع الى الموسيقى , ألا أنها لم تظهر أستعدادها السابق للتجول والأستكشاف.
لم يأت جارود الى مالثورب وأكتفى بالأتصال هاتفيا بجي كي مستفسرا عن صحة سارة دائما , ألا أنه لم يحاول التحدث اليها بنفسه.
أتصل بسارة العديد من الشبان الذين ألتقت بهم في حفلة هوارد , محاولين الخروج معها ألا أنها رفضتهم جميعا , كان هوارد أكثرهم أصرارا وجاء ذات مرة زيارتها فوجد أمامه أنعكاسا شاحبا للفتاة الجميلة التي تمتع بالرقص معها , بدا على سارة عدم الأهتمام بكل شيء , كما رفضت دعوته لأخذها الى المسرح في ليدز , فترك المكان منزعجا ولم تبد سارة أي رد فعل لذلك مما أثار أستغراب جي كي , أذ كان يود هوارد وتمنى لو أن سارة أصبحت صديقة له.
بعد مضي شهر على ليلة الحادث , قرر جي كي شيئا حاسما , فقد أخبر سارة حين كانا يتناولان العشاء سوية:
"ما رأيك بقضاء أسبوعين في جزر الهند الغربية؟".
دهشت سارا لأقتراحه وحدقت في وجهه:
" هل تريد الذهاب الى هناك؟ فكرت دائما بأنك تفضل قضاء وقتك في أوروبا".
" ماذا؟ مع الفيضانات في فرنسا وأيطاليا والبرودة اللامعقولة؟ كلا , لن تكون أوروبا ملائمة ".
ثم صمت متأملا حساءه قبل أن يضيف:
" ثم أنني لم أفكر بأخذك هناك بنفسي , خاصة وأن فيليب رفض السماح لي بالسفر قائلا بأن وضعي الصحي لا يسمح بذلك".
" كيف أذن؟ ..... جي كي , لن أحب الذهاب لوحدي".
تنهد جي كي مرة أخرى:
" أعطني الفرصة لأوضح لك , ما عنيته هو ألا تسافري لوحدك ثم لو كنت ستسافرين لوحدك بأمكانك البقاء فترة أطول , لكن فترة أسبوعين هما كل ما يستطيع جارود عرضه الآن".
" جارود!".
وفتحت سارة عينيها على سعتهما:
" جارود؟ وما علاقة جارود بالمسألة؟".
" كل شيء , كانت الفكرة فكرتي ألا أنه سيتحمل مسؤولية السفر".
" كلا , كلا , لا أريد الذهاب مع جارود الى أي مكان , ثم أنني لا أعتقد أنه سيكون متحمسا للفكرة".
" لا علاقة لحماسة جارود بالموضوع بما سيفعله تكفيرا عن غلطته بصددك".
" وهل تحدثت مع جارود بصدد ذلك؟".
" بالطبع".
هزت سارة كتفيها يأسا:
"ولم فعلت ذلك بدون أن تخبرني؟".
" حسنا , لأنك تثرين قلقي , أذ تقضين معظم وقتك في المنزل وتوقفت عن أخذ دروس قيادة اسيارة , ورفضت الذهاب الى المسرح مع هوارد وتبدين في حالة مؤسفة, أعتقد أنه أضافة الى مرضك فأنك بدأت تفتقدين جدك أكثر من أي وقت مضى , لذلك سيفيدك تغيير الجو".
هزت سارة رأسها أذ قدمت لها هستر السمك المدخن:
" كل ما حدث كان نتيجة لمرضي الأخير , وأنا الآن بخير".
" قد يكون ما تقولينه صحيحا, ألا أنني أعرف بأن الجو مزعج والعيش مع رجل عجوز مثلي ليس أمرا مثيرا , كلا أنك بحاجة الى تغيير الجو , وجامايكا بلد جميل".
" جامايكا؟".
" بالطبع , وستبقين مع والدة جارود , أذ ستستاء هيلين أذا علمت بذهاب جارود الى هناك وبقائه في مكان آخر , ثم أن في بيتها حمام سباحة خاصا والجو رائع في هذا الوقت من العام".
أحست سارة بتزايد أهتمامها رغما عنها , وفكرت بأن قضاء أسبوعين مع جارود فكرة جميلة ومثيرة للأضطراب في آن واحد , أذ أن بقاءها لوحدها معه ولفترة طويلة قد يثير من جديد , في داخلها مشاعر تحاول قمعها , لم تعرف لم أحسن بذلك , رغم أن جارود لم يبد بها أي أهتمام مطلقا أذا لم يكن العكس هو الصحيح حيث جعلها تحس بأنها عبء ثقيل عليه.
ألا أن البقاء مع أمه أمر مختلف وأرادت أن تلتقي بالمرأة التي كانت زوجة جي كي.
" حسنا , ما رأيك الآن؟".
" لا أدري".
" هل تريدين الذهاب؟".
تحركت سارة في مكانها:
" هل يريد جارود الذهاب؟ لعل هذا هو السؤال الأهم ".
"أي أعتراض يبديه جارود هو أعتراض أناني ولا تقلقي بصدده , والآن حاولي أنهاء عشاءك".
بعد العشاء وصل الدكتور لاندري ليلعب الشطرنج مع جي كي وبعد أن قضت سارة معهما فترة قصيرة تركتهما لوحدهما وتوجهت الى غرفة المكتبة حيث حاولت التركيز على كتابها بدون جدوى.
كان ذهنها منشغلا بمشكلة السفر الموعودة الى جامايكا , وكان من حقها ذلك أذ أن فكرة الأبتعاد عن الرطوبة والبرد وقضاء أسبوعين تحت أشعة الشمس قادر على أثارة أي أنسان , ألا أنها تمنت لو أن جي كي سألها قبل سؤال جارود , وتمنت لو كانت موجودة معهما لرؤية رد فعله الحقيقي , لكن من الظاهر أن كل شيء تم تلفونيا , أذ لم يزرهما جارود منذ عدة أسابيع.
دخلت غرفة المكتبة وأغلقت الباب خلفها , كانت النار متوقدة والغرفة دافئة , وأذ نظرت الى التلفون الموضوع على الطاولة الصغيرة خطرت لها فكرة الأتصال بجارود والتحدث اليه شخصيا وسؤاله عن رأيه بالرحلة لتكتشف بنفسها ما يفكر به فعلا.
نظريا , كانت الفكرة بسيطة ومعقولة , عمليا , أرتعش صوتها وهي تطلب الرقم وأهتزت يداها عند أصغائها لرنين جرس التلفون.
وأنقضى زمن طويل قبل أن يرفع السماعة أحد وبدأت تشعر بالأرتياح أذ لا بد أنه غير موجود في الشقة , ثم رفعت السماعة وأجابها صوت أمرأة , ظنت سارة أولا بأن الرقم خطأ , ألا أنها أدركت من الضجة وصوت الموسيقى أن المكان يعج بالمدعوين ولا بد أن تكون المرأة أحدى السكرتيرات ألا أنها سمعتها تخاطب شخصا آخر قائلة:
" لا أدري يا عزيزي أذ لم أتحدث الى أحد بعد.... ربما كانوا يتصلون من أحد التلفونات العمومية ولم يجدوا النقد الملائم".
أبتعلعت سارة ريقها وأرتعشت أكثر حين سمعت صوت جارود متسائلا:
"من هذا؟".
" سارة.........".
" من؟ سارة؟ هل حدث شيء؟ ماذا جرى هل والدي مريض؟".
" كلا يا سيد كايل , أن جي كي بخير".
وتلعثمت سارة وأحست بموقفها الصبياني , ثم تساءلت في قرارة نفسها عما أذا كانت المرأة الأخرى تنصت الى حديثهما.
" ماذا تريدين أذن يا سارة؟".
" أردت أن أتحدث اليك, ولكن على أنفراد".
" سارة , لدي حفلة الآن , ولا أستطيع أطلاقا الحديث اليك لفترة طويلة".
وكان صوته يدل بوضوح على تبرمه , وبدا وكأن كلماته أثارت البرود في سارة والرغبة في الدفاع عن نفسها:
" حسنا يا سيد كايل , آسفة لأزعاجك , تصبح على خير".
ثم أعادت سماعة الهاتف الى مكانها.
أحست بعد ذلك بالأسف , أذ كان جارود يهتم بضيوفه ولم يكن من المعقول أن يترك ضيوفه ليتحدث اليها , ألا أنها تذكرت بروده ونفاذ صبره فهزت كتفيها بلا مبالاة وتقدمت لتجلس قرب النار , مقررة أن عليها الأنتظار الى أن يقرر زيارتهما في مالثورب.
ذعرت حين رن جرس الهاتف , نهضت فورا للأجابة ألا أنهاترددت , قد يكون جارود , وأذا كان هو فأنها لم ترغب بالحديث اليه ولم تجد القوة اللازمة للدخول في جدال طويل معه.
توقف الرنين فأدركت أن موريس أو أحد الخدم رفع السماعة , أسترخت في مقعدها مفكرة بأن عليها الأحساس بالسعادة والقناعة لأنها تعيش في مكان كهذا بدون هم , ألا أنها لم تستطع التخلص من أنزعاجها لفكرة السفر مع رجل يعتبرها عبئا عليه.
فتح موريس باب الغرفة ووقف عند الباب قائلا:
" أعذريني يا آنسة لكن السيد جارود يريد محادثتك تلفونيا.... هل تريدين الرد عليه هنا؟".
" حسنا يا موريس , هل ذكر سبب أتصاله؟ هل أنت متأكد بأنه يريد التحدث الي وليس مع جي كي؟".
" أنه يريدك أنت يا آنسة".
" حسنا , حسنا , شكرا جزيلا".
ورفعت سارة سماعة الهاتف بعد أن أنسحب موريس:
" هالو , سارة روبنز تتحدث ".
" سارة لا تقطعي امحادثة التلفونية مرة أخرى معي".
أرتجفت سارة رغم دفء الغرفة وقالت معترضة:
" لكنني لم أفعل ذلك , كان من الواضح أنشغالك بالضيوف فلم أرغب بأزعاجك أكثر".
" هراء , في أي حال أنا الآن لوحدي , فأخبريني ماذا تريدين؟".
تنفست سارة بصمت قبل أن تجيب:
" لا أريد شيئا أطلاقا, أردت سؤالك عن شيء ما ألا أنني أدركت غبائي , فلم يكن الوقت ملائما , ليس الأمر مهما".
وبدا أن جارود يبذل جهدا كبيرا ليسيطر على غضبه:
" سارة , لن أسألك مرة أخرى: أريد أن أعرف سبب أتصالك بي الآن؟".
" حسنا , أنه بصدد السفر الى جامايكا".
" ماذا عنها؟".
" أنك لا تريد مصاحبتي الى هناك".
" هل قال جي كي ذلك؟".
" كلا , بل أخمنه أنا".
" هل خطر ببالك ذات مرة أن محاولاتك الغبية لتخمين رأيي قد تكون خاطئة؟".
" ما كان على جي كي بحث المسألة معك بدون أخذ رأيي أذ لدي الأحساس بأنني مدينة لك بشيء".
ضحك جارود وقال بخشونة:
" ألست مدينة لي الآن؟ ألا تجعلك خزانة ملابسك , سيارتك , ووضعك الحالي ,تشعرين بأنك مدينة لي؟".
أحست سارة بغصة في بلعومها وتمتمت:
" يا له من أتهام فظيع : كيف تقول هذا؟ كيف؟ وبأصابع مرتجفة وضعت سماعة الهاتف في مكانها , وجلست محدقة في الهاتف , أنها لم تشعر من قبل بهذا الأزدراء موجها اليها ,وبالعزلة , حتى خلال الأيام الأولى التي تلت وفاة جدها , كانت تعلم بأن جارود قاس وساخر ألا أنه لم يتصرف معها بمثل هذه القسوة من قبل.
ورن جرس الهاتف مرة أخرى وعاد موريس ليخبرها أن جارود يريد محادثتها , هزت رأسها رافضة , كلا لن تتحدث اليه مرة أخرى.
غادر موريس المكان بعد لحظات ثم عاد ثانية وبدا عليه القلق:
" ألن تتحدثي الى السيد جارود رجاء؟ أنه يصر في طلبه".
" كلا , كلا , أخبره أنني ذهبت الى النوم".
تنهد موريس وأغلق الباب خلفه , ولكن بعد وقت قصير أنفتح الباب مرة أخرى وكان القادم هذه المرة جي كي , كان مقطب الجبين وتنهدت سارة بعمق.
" كنت تتحدثين مع جارود , أفترض أنك تعرف كل شيء الآن..... كلا أنا أتصلت به أولا".
" لماذا؟".
" أردت سؤاله عن الرحلة الى جامايكا , أذ عرفت بأنه لم يرغب في مصاحبتي , أنه مشغول بحياته الى حد لا يستطيع معه مرافقة مراهقة حمقاء الى جزر الهند الغربية , ثم أتصلت به وكان مشغولا بحفلة خاصة في شقته ولم يرغب الحديث الي, فشكرته وأعدت السماعة الى مكانها فجن ..... هذا كل ما حدث".
" هذا كل ما حدث ؟ أليس هذا كافيا؟ يا لهي..... وماذا جرى لعقلك لتحاولي الأتصال به الليلة ؟ كنت أظن أنك تعرفين طبيعته وتقدرين بأنه ليس أنسانا يتقن فن المجاملة".
" مجاملا؟ كان فظيعا , فظيعا جدا".
وغطت وجهها بيديها وبدأت البكاء بعصبية , وتساقطت دموعها بغزارة.
" آه يا عزيزتي , لا تبكي رجاء , مهما كان ما قاله , أعلمي بأنه لم يعن ذلك".
" أظن أنني أكرهه".
" لا تكوني حمقاء , ما الذي قاله في أي حال؟".
" قلت بأنني لا أريد أن أكون ممتنة له لأخذي الى جامايكا وقالبأنني .... بأنني يجب أن أكون ممتنة له بكل شيء".
أبدى جي كي أنزعاجه ثم قال:
"سارة , أظن أن ما قاله صحيح الى حد ما , ولكن هل قال بأنه يريد التخلص من مسؤوليته؟".
أجابت سارة ببطء:
" كلا".
" حسنا , أذن هذا هو المهم".
" كلا ليست المسألة بهذه البساطة".
وسحبت منديلها من جيبها لتجفف دموعها .
" أنه ليس بحاجة للنطق بذلك أذ أنني أعرفه..........".
فأجابها جي كي بصراحة:
" أعتقد أنك متوهمة تماما , تعالي معي الآن وراقبي الدكتور لاندري محاصرا , أذ أنني على وشك الفوز عليه".
وأبتسم جي كي مشجعا أياها فتبعته الى الغرفة الثانية , ألا أنها كانت لا تزال مضطربة في أعماقها.


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس