عرض مشاركة واحدة
قديم 18-08-19, 04:39 PM   #10

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9 - ساحرة القمر

رغم سوء ظن سارة المسبق بتحركات جارود, فأنها أكتشفت في الأيام التالية , أن في أمكانه أن يكون صديقا رائعا تمتعت بصحبته , رغم أعتراض والدته بوجوب بقائه معها فترة أطول , ثم زيارة عائلة ماكي الى ملعب الغولف , ألا أنه أصر على أخذ سارة معه أينما ذهب , رافقهم ماث أحيانا ألا أن جارود أشغله معظم الوقت بمهمات مختلفة, فأنتهز الفرصة لقضاء معظم وقته مع سارة لوحدهما.
ومر الوقت سريعا , علّمها جارود بمساعدة أرستوتل كيف تغوص تحت الماء , ورغم عدم غوصها في مناطق عميقة ألا أنها أستطاعت مساهدة القليل من عجائب البحر , رأت صخورا غريبة الأشكال وتعثرت بالسمك النجمي ثم لمست بيدها نعومة المرجان , لم يفارقها أرستوتل متصرفا كحارس شخصي لها , ثم أستقلوا في يوم آخر القارب الى خليج عميق ليعلمها التزحلق على الماء , وأكتشفت سارة أن التزحلق على الماء أصعب بكثير من الغوص والسباحة تحته , وسقطت عدة مرات الى أن تخلت عن الفكرة عندما آلمتها ساقها .
طوال الوقت كانت سارة واعية لحضور جارود الى جانبها,حضوره بجسده القوي وجاذبيته التي غلفتها , وكانت واعية لنظراته المتفحصة عندما كان يشرح لها تفاصيل شيء ما , ولاحظت في نظراته بريقا غريبا يشبه الكراهية , ولم تعرف سبب ذلك , لعله أحتقر سلوكها السابق معه , وأذا صح ذلك لماذا يكلف نفسه مشقة تعليمها مسليا أياها , مانعا أياها من التورط مع ماث أو مع أي شخص آخر , أكتفت سارة بالتمتع بحاضرها وتناست أسئلتها المتلاحقة.
رغم كل التناقض , مربعض الوقت حين بدا لها أنه نسي من هو وجعلها تضحك بمرح وداعبها ثم أستلقى الى جانبها على الرمل , متكلما عن بلدان زارها وأشياء تمتع بها , تمتعت سارة بتلك الأوقات وحفظتها في داخلها لتستعيدها في الأيام المقبلة , ورضخت أخيرا لمشاعرها نحوه ولم تعد تنكر حبها له وتعلقها به.
أخذها ذات مساء اى سطح يخته( ساحرة البحر) مع أرستوتل , كان البحر مضطربا فتعلقت سارة بالحاجز محاولة منع نفسها من التقيؤ , ألا أنها تعودت ذلك بعد فترة قصيرة وأذ أسترخت أعصابها تخلصت في الوقت نفسه من رغبتها في التقيؤ , بدا على جارود السرور وتنبأ لها بأنها ستكون بحارة ممتازة.
أما في الأمسيات , فكانت هيلين على أستعداد دائم لمصاحبة جارود الى مكان ما أو دعوة عائلة ماكي الى العشاء , رفض جاود أحيانا الذهاب معها ورقي لقضاء أمسيته مع ماث وسارة.
تمتع ماث بمراقبة جارود وأنزعاجه لبقائه أحيانا مع سارة لوحدهما.
" يبدو أن وصيك مهتم جدا بواجباته هذه الأيام , ألا تعتقدين ذلك؟".
" لا أدري لم تقول هذا".
دمدمت سارة شاعرة بالأحمرار يغطي وجهها.
" أنك تعرفين جيدا ما أعنيه يا سارة , أذ لم يتركك جارود لوحدك منذ اليوم الأول , وقضى معظم وقته معك صباحا ومساء , ل هذا أعتيادي؟".
" أوه لا أدري , هل يجب علينا مناقشة ذلك؟".
" نعم أظن ذلك , كنت أظن أنني أعرف جارود جيدا أما الآن فأدركت بأنني لا أعرفه أطلاقا".
" لماذا؟".
" لا تقولي بأنك لم تلحظي تغيّره , حتى أنه أهمل أغنياء المنطقة والصفقات التجارية التي يتصيدها عادة ليهتم بك ,أما هيلين فأنها على وشك قضم أصابعها بعد أن أنهت قضم أظافرها غضبا!".
لم تستطع سارة منع نفسها من الضحك:
" أنك تبالغ".
" ربما , ألا أن هذا لا يحجب حقيقة تمتعك بصحبته كاملة".
" ما الذي تعنيه؟".
" أنس الموضوع الآن........".
هزت رأسها .
" كلا , أنت بدأت الحديث وعليك أن توضح ما تعنيه".
" حسنا , أظن أن جارود مغرم بك".
وضعت سارة يديها على ركبتيها لمنع أرتجافهما:
" ماث , لا تنطق بالسخافات".
" تنهد ماث قائلا:
" أعرف , أعرف , قد أكون سخيفا......... ألا أن هذا ما تدل عليه المظاهر".
نهضت سارة عن كرسيها.
" أنت مخطىء تماما".
" لماذا, أخبريني لماذا!".
" أولا لأن جارود لا ينظر اليّ كأمرأة بل كطفلة أو صبية أو بأعتباري أزعاجا دائما له".
" هل أنت متأكدة؟".
عضت سارة شفتيها ودمدمت بمرارة:
" آه , نعم أنا متأكدة".
هز ماث رأسه :
" آه , حسنا , ولكن أحذري جارود يا سارة , أذ أنني أعرف جارود منذ وقت طويل".
جلست سارة محاولة أستعادة توازنها وطلبت من ماث أنهاء الموضوع, فنظر اليها ماث قلقا وأومأ موافقا.
كان نهار عيد ميلاد سارة ومشرقا , وأعتادت سارة الصباحات الرائعة.
حيث الهواء النقي والروائح الطيبة , كانت الساعة الثامنة والربع وأدركت بأنها متأخرة في النهوض , كان منهجها اليوم الذهاب للسباحة مع جارود وأرستوتل ثم درس آخر في الغوص , لم يكن أحد يعرف بأنه كان عيد ميلادها ما عدا ماث وألحت عليه ألا يخبر أحدا, لذلك بقيت خطة اليوم كأي يوم آخر.
دخلت صوفي الغرفة بينما كانت سارة ترتدي بنطالها الأبيض وبلوزتها الصيفية الزرقاء , حملت صوفي صينية فيها القهوة وقدحا من عصير الفواكه , أضافة الى الخبز الحار والزبدة وكومة صغيرة من الرسائل.
دهشت سارة أذ قالت صوفي:
" عيد ميلاد سعيد يا آنسة سارة".
" شكرا , هل السيد جارود وأرستوتل في أنتظاري؟".
" كلا , يا آنسة لا يزال السيد جارود في فراشه , أما أرستوتل فبعثته السيدة كايل للتسوق في كنغستون , أن السيد جارود مريض".
" مريض؟ ما الذي أصابه؟".
" لا أدري ربما مجرد صداع".
أومأت سارة وشكرتها , ثم ألقت نظرة على المظاريف , كان أحدها بطاقة تهنئة بعيد ميلادها من جي كي , فأستعادت كل شوقها اليه ولبريطانيا وتذكرت بأنها لم تتصل به تلفونيا وقررت محاولة ذلك اليوم.
أما بقية البطاقات فكانت من السيدة كايل , ماث , عائلة ماكي وجارود.
كانت بطاقة جارود بسيطة وكتب عليها بأختصار( مع أطيب التمنيات , جارود).
تنهدت سارة ورتبتها كلها على طاولة الزينة ووقفت متأملة أياها بفرح.
تناولت أفطارها ثم حملت الصينية الى الطابق الأرضي , كانت صوفي في الصالة , فناولتها الصينية , ثم دخلت الغرفة الصباحية حيث كان ماك يتناول أفطاره في الشرفة كالعادة.
" عيد ميلاد سعيد , أنك رائعة هذا الصباح".
" شكرا وشكرا لبطاقة التهنئة , ألا أنني طلبت منك عدم أخبار أحد".
" أنا؟ أنني لم أخبر أحدا , أظن أن وصيك قام بذلك".
" آه , ماذا حدث لجارود على أي حال؟".
" ربما يعاني من الصداع لبقائه متأخرا في الليلة الماضية والآن لأقل الحقيقة أصيب جارود بالبرد والسعال ,ألا أنه في حالة سيئة حين رأيته منذ ساعة".
أسترخت سارة ثم مضت لتلقي نظرة على المشهد الرائع.
" أنه يوم جميل".
" أنه لمن المؤسف قضاؤك يوم ميلادك في المنزل , ما رأيك بمصاحبتي الى كنغستون وتناول الغداء هناك؟ ثم نعود الى الساحل لقضاء ساعة تحت الشمس".
" أليس لديك عمل تود أنجازه اليوم؟".
" بما أن سيدي مريض ولم يوجه اليّ أوامره حتى الآن , لذلك تجديني حرا كالهواء , ثم أنك أصبحت أمرأة اليوم ومن المؤسف تضييع فرصة الأحتفال بذلك".
دخلت هيلين كايل الغرفة بعد أنتهاء ماث من تناول أفطاره:
" صباح الخير يا سارة وكل عام وأنت بخير".
" شكرا جزيلا".
" أفترض أنك تعلمين أن جارود مريض؟".
نظرت سارة الى ماث ثم قالت:
" نعم , نعرف ذلك .... أنه مصاب بالبرد أليس كذلك؟".
" برد حاد , أظن أنه أبتل حين قاد ( ساحرة البحر) وهو يتجاهل دائما نصائحي بصدد المحافظة على صحته".
" ليس جارود أنسانا يقلق لأصابته بالبرد , ولأنه يقضي وقته في قاعات الأجتماعات الخانقة فأنه يحاول , بقدر الأمكان , تعويض ذلك في أجازاته بقضاء معظم وقته في الهواء الطلق ,أنك لا تستطيعين لومه على ذلك , أليس كذلك؟".
هزت هيلين كتفيها ببرود:
" حسنا , في أي حال لا أظن أنه سيكون قادرا على مصاحبتك اليوم يا سارة , رغم أنه يوم عيد ميلادك , يا له من أمر مؤسف".
ونظرت الى ماث قائلة:
" ما رأيك بمصاحبة سارة يا ماث؟".
" أقترحت ذلك لتوي وسنذهب الى كنغستون أذا لم لديك مانع".
بدا على هيلين الفرح:
" كلا, لا مانع لدي أطلاقا , ويسرني أن سارة لن تجبر على قضاء يومها في المنزل لوحدها".
لم تنطق سارة بحرف بل أكتفت بمراقبة الحديث مدركة تماما غرض هيلين ورغبتها في أبعادهما عن المنزل لقضاء الوقت مع أبنها العزيز.
" حسنا , تعالي يا سارة أجلبي ما تحتاجين , سنراك فيما بعد يا هيلين".
غير أن سارة لم تتمتع بيومها , ربما لأنها تعودت صحبة جارود وتدليله لها فوجدت صحبة ماث مملة وغير مثيرة للأهتمام .
توجها عصرا الى عدة أماكن في المدينة ثم الى مكان هادىء قرب البحر .
فأستلقت على ظهرها مغمضة عينيها بينما جلس ماث الى جانبها مراقبا أياها.
" ما الذي ستفعلينه في المستقبل؟".
فتحت سارة عينيها , وأضطربت لأقترابه منها:
" لا أدري , لماذا؟".
" لم تتح لي الفرصة أبدا لأريك لوحاتي , أذ شغل جارود وقتك كله".
" بأستثناء اليوم وها أنا أتمتع بوقتي تماما.........".
تدحرجت سارة بعيدا عنه ونظرت الى البحر.
" سارة لا تبتعدي , أريد التحدث اليك".
أعتدلت سارة في مكانها وقالت متعجبة:
" ماذا تقول؟".
" ما الخطأ في ذلك؟ أنه عيد ميلادك أليس كذلك؟ وأريد أن أجعل له نكهة خاصة".
" كيف بتقبيلك أياي؟ كيف تسمح لنفسك بأقتراح ذلك؟".
" بحق السماء , توقفي يا سارة عن التكبر , ظننت بأننا أصدقاء".
" طبعا نحن أصدقاء , ألا أننا لسنا بحاجة للقبل ".
ثم نظرت الى ساعتها.
" أنها الرابعة والنصف الآن , لنبدأ رحلة العودة".
مدّ ماث يده وناولها علبة صغيرة:
" هذه هدية لك".
تنهدت سارة:
" أوه ماث ما كان عليك شراء ذلك".
فتحت سارة العلبة الصغيرة لتجد فيها زوج أقراط ثمينة , تعجبت سارة لجمالها:
" آه , ماث!".
" هل تحبينها؟".
" بالطبع , لكنني أتمنى لو أنك لم تبذر نقودك بهذه الطريقة".
بدا فلامنكو لودج مهجورا حين عادا , أوقف ماث السيارة قائلا:
" لا وجود لهيئة ترحيب بنا, هذا رائع".
أظن أن السيدة كايل في الداخل ولا بد أن جارود لا يزال مريضا في غرفته".
" أمر غير محتمل ,خاصة أذا ما أكتشف بأننا خرجنا سوية".
" أنه عيد ميلادي وسأحاول الأتصال هاتفيا بجي كي لأشكره على بطاقته ولأطمئن على صحته ".
صعدت الدرجات ثم توقفت:
" شكرا لمصاحبتك لي يا ماث".
صعد ماث السلم ووقف الى جانبها ثم لمس خدها بحب:
" أنا الذي يجب أن يشكرك على هذا اليوم الرائع".
أبتسمت من تخوفها ومن تماديه في قول شيء آخر , حين فتحت باب المنزل وقف جارود هناك منحنيا على السياج:
" يا له من مشهد مؤثر".
" والآن جارود".
أعترض ماث ألا أن جارود تجاهله.
" أين كنتما؟ أظن أنني أعطيتك حساب لايتمر يوم أمس , فهل أنهيت العمل؟".
" جارود , هل يجب أن نمر بهذا التحقيق كلما خرجنا سوية؟ اليوم هو عيد ميلاد سارة , هل توقعت منها قضاء عيدها لوحدها؟".
" أعرف أنه عيد ميلادها".
ثم أستدار ليجد هيلين واقفة خلفه.
" آه , لقد عدتما , هل قضيتما وقتا ممتعا؟".
أجابها ماث بسخرية:
" عظيم , وكيف كان يومك؟".
قطبت هيلين جبينها:
" حسنا , كنت مشغولة كالعادة , خاصة وأنني دعيت بعض الأصدقاء للعشاء أحتفالا بعيد ميلاد سارة".
سألها جارود بحدة:
" أنس الفكرة , أذ لدي مخطط فيما يتعلق بهذا المساء".
" ماذا تعني يا جارود؟ أي خطط؟
وضع جارود يده في جيبه:
" سآخذ سارة لتناول العشاء في الخارج , حاولت جهدك ومنذ مجيئنا أشغالي كل مساء بدعواتك .... ألا أنني قررت , وبما أنه عيد ميلاد سارة , الأبتعاد عن البيت".
وبدا على هيلين الغضب الشديد:
" لست في حالة تسمح لك بالخروج, أذ أن حرارتك مرتفعة والمفروض أن تكون في فراشك الآن".
هز جارود كتفيه غضبا وقال:
" عزيزتي هيلين , لا أسمح لأحد مهما كانت أهميته بتوجيهي , لست صغيرا وكل ما في الأمر أنني أصبت بالبرد , لو كنت في أنكلترا لما كنت لاحظت ذلك حتى , وكوني موجودا هنا لا يعني خضوعي لأوامرك , ويجب أن تدركي أن هذا النوع من المعاملة لا يعجبني".
" وماذا عن سارة؟ هل فكرت بمشاعرها؟ ربما لا ترغب بمصاحبتك خاصة وأنني دعوت العديد من الشبان للعشاء".
نظر جارود الى سارة متسائلا:
" ما هو قرارك؟ هل تريدين المجيء معي , أو البقاء لحضور الحفلة؟".
تدخل ماث الآن وقال:
" ليس من الصحيح سؤالها بهذه الطريقة يا جارود؟ وبما أن والدتك قضت وقتا طويلا.....".
" أصمت يا ماث".
كانت لهجة جارود باردة فهز ماث كتفيه ودخل المنزل.
ووقع عبء الأختيار وحسم الجدال عليها , أرادت سارة رفض دعوته والبقا لحضور الحفلة ألا أنها لم تستطع غير الخضوع لأغراء قضاء الأمسية معه لوحدهما.
" أريد الذهاب معك يا جارود".
بدت على وجه جارود هيئة المنتصر , بينما نظرت اليها هيلين بأحتقار , وخاطبت جارود:
" حسنا , ولكن لا تلمني أذا أصبت بألتهاب الرئتين".
ثم أستدارت داخلة المنزل , تجاهلها جارود ونظر الى ساعته:
" أنها السادسة الآن , أدخلي وأستعدي أذ سنغادر خلال نصف ساعة ".
لم تجب سارة بل أكتفت بأطاعته , فدخلت المنزل متوجهة الى غرفتها ,ولم تستطع أنكار تلهفها للخروج معه رغم أحساسها بأنها لم تفعل شيئا غير الخضوع لرغباته مرة أخرى , أختارت فستانا من الشيفون الأزرق بلا أكمام , ووضعت على كتفيها شالا حريريا.
حين وصلت الصالة وجد جارود واقفا في أنتظارها , مرتديا بدلة سهرة غامقة اللون , كان يدخن سيكارة وتفحصها أثناء نزولها السلم , وظهرت هيلين من ناحية المطبخ مرتدية معطفها المنزلي فخاطبت أبنها:
" ستذهب أذن".
" لا أقول عادة شيئا لا أعنيه , وأنت تعرفينني جيدا , تعالي يا سارة..... سنراك فيما بعد يا هيلين".
سارت سارة أمامه بينما أحست بعيني هيلين تكادان تخرقان جسدها غضبا.
ساعدها على دخول سيارة السباق الخضراء المكشوفة ثم عاد الى مكانه خلف المقود , بعثرت الريح شعرهما ألا أن سارة لم تهتم أذ أحست بالسعادة تطغى عليها وكانت مصممة على أقناع نفسها بأي طريقة ممكنة.
لم يقل جارود الكثير طوال الطريق وأكتفى بسؤالها عما أذا كانت بحاجة الى وشاح لشعرها , سلك أولا الطريق المؤدي الى كنغستون ألا أنه أنحرف بالسيارة في طريق جانبي أشجار الحور , وتساءلت سارة عن المكان الذي يتوجهان اليه , أذ أنها لم تر هذه الطرق من قبل.
ثم أنعطف مرة أخرى حتى وصلا بناية منخفضة تحيط بها الأضواء المشعة , وتدعى( بيدرو مارين) , كان هناك العديد من السيارات المصطفة في الخارج وساعدها جارود على النزول ثم قادها الى داخل البناية مزدا بمدخل مزين بلزهور , في الداخل , كانت هناك فرقة موسيقية تعزف الموسيقى المحلية , ووضعت المناضد حول بركة عميقة تعج بأنوا أسماك البحر ومخلوقاته المختلفة , وأنحنت سارة مذهولة لتنظر الى ألوان الأسماك الغريبة.
ناولها جارود قدح عصير فواكه مثلجة فأبتسمت له ووقفا يتفرجان سوية.
" والآن ماذا تختارين من طعام؟".
" ما الذي تعنيه؟".
" أعني أي نوع من السمك ترغبين في تناوله؟".
" لا أدري ما الذي تقترحه؟".
" ما رأيك بهذا النوع من السمك ؟".
وأشار بيده اليه.
" حسنا".
" أظن بأنك ستحبين هذا مع الأأرز".
" هل توصي بتناوله؟".
" أنني أوصي بكل شيء يعده بيدرو".
وتقدم منهما رجل بدين قصير القامة :
" أهلا بيدرو , كيف حالك؟".
" أهلا سينيور كايل , أنني سعيد برؤيتك مرة أخرى , لم أعلم بعودتك بمثل هذه السرعة ".
ثم نظر الى سارة فقال جارود معرفا أياهما ببعض:
" سارة أقدم لك بيدرو أرميندز مالك هذا المكان , بيدرو هذه سارة الموضوعة تحت وصايتي".
أنحنى بيدرو ولم تبد عليه دهشة لتصريح جارود , ثم قادهما الى طاولتهما , ولاحظت سارة وجود بعض الراقصين قريبا من الفرقة الموسيقية.
كانت وجبة الطعام لذيذة ومكونة من حساء خاص أوصاهما به بيدرو بنفسه ثم شريحة سمك مع الأرز وأخيرا حلوى التفاح , ثم شربا القهوة بعد ذلك , وتمتعت سارة بكل لحظة متناسية هيلين وا سينتج عن رفضها لأقتراحها بالبقاء معها.
حدثها جارود عن زلزال حديث في مدينة أسبانيا والأضرار الناتجة عنه.
" كان الأسم الأصلي لجامايكا ريماكا".
" لم أعرف من قبل , وما معناه؟".
" المعنى الهندي هو أرض الخشب والماء وأعتقد أنه الأسم الأفضل للمكان".
" أوافقك الرأي , أذ أنني لم أشهد مكانا مكتظ بالأشجار ومتميزا بوفرة المياه كهذا , حتى البحر أكثر زرقة والأشجار أكثر خضرة".
" أقترح عليك العمل في مكتب العلاقات العامة التابع لمكتبنا , أذ لو أستطعت وصف أنسجتنا بمثل هذه الحماسة لتمنّا من بيع أي شيء نرغب فيه".
" أنني مسرورة لأنك طلبت مني مصاحبتك؟".
" لماذا؟".
" لا داعي لحذرك معي , أذ أعدك بأنني لن أتصرف بغباء.........كل ما أردت قوله هو أنني متمتعة تماما بصحبتك".
" حسنا".
ثم وقع قائمة الحساب وقال:
" لنذهب الآن".
" أليس الوقت مبكرا؟".
" أعرف لنذهب".
أحست سارة بخيبة الأمل وتمنت لو أنها لم تنطق بشيء , أذ ربما دفعته كلماتها للأسراع الى فلامنكو لودج.
تبعته الى السيارة بلا حماس وجلست بدون أن تنظر اليه , لم الأصرار على العودة؟ أنه يبدو بصحة جيدة ولم يزعجه السعال فما الداعي للعودة مبكرين؟
وأذ بدأ قيادة السيارة بهدوء وسار بها مسافة قبل أن تلاحظ سارة أخيرا بأنهما لم يسلكا طريق العودة الى البيت , بل توجها الى مكان في مستوى سطح البحر ثم أوقف السيارة في مكان جميل ينيره ضوء القمر.
ورأت سارة في الخليج يختا ثم علمت بأنه كان ساحرة البحر .
" لا تخافي ليس في نيتي أخذك للأبحار , لنتمشى على الرمل , أذ الليلة رائعة , وسنتحدث قليلا".
" نتحدث عن ماذا؟".
تجاهلها جارود ونزل من السيارة فتبعته , خلعت حذاءها ومشت على الرمل الناعم ,كان لأوراق النخيل حفيفها المسموع وصم صوت البحر أذنيها , كانت ليلة نموذجية وفكرت سارة بأنه أجمل عيد ميلاد تمر به.
ركضت لتلمس الأمواج وتبعها جارود واضعا يديه في حيبيه:
" والآن , لنتحدث".
" عن ماذا, هل يجب أن نخوض نقاشا جديا الآن؟".
" أظن أن الوقت الملائم للتفكير بمستقبلك جديا , منذ ثلاثة أشهر ونصف جئت للعيش مع جي كي ورغم علمي بأنه لا يرغب بفقدانك ألا أنك يجب أن تفكري بمستقبلك".
" بأي طريقة تعني؟".
" يجب أن تدركي أنك بحاجة للعمل , جي كي لا يفهم لم تحتاج فتيات هذه الأيام للعمل , لكنني أعلم بأنك تفهمين ما أعنيه , لذلك أرغب بمناقشة الموضوع معك وليس معه".
ولم تقل سارة شيئا فواصل حديثه:
" لا بد أنك تعلمت الكثير في رحلتك هذه , رأيت أولا جزءا من العالم طالما حلمت به , ولا بد أنه أثار فيك مشاعر مختلفة , وتعلمت ثانيا أن للحياة وجوها مختلفة".
أومأت سارة موافقة:
" صحيح ما تقوله أذ أن السفر يعلم الأنسان الكثير".
" أخبرني ماث بأنك تحبين الرسم وأنك تودين العمل في ذلك المجال".
" هذا ما أفكر فيه أحيانا".
" أستطيع منحك فرصة العمل في أحدى مؤسسات النسيج".
" لكنها ليست مؤسستك أليست كذلك؟".
" كلا , ليست مؤسستي".
تنهدت سارة مرة أخرى أذ كلما ظنت أنها قريبة منه تلفظ بشيء يفصل بينهما.
" حسنا , لا أريد مناقشة الموضوع الآن , كان علي حدس ذلك أذ ليس في ذهنك شيء غير العمل دائما".
قسا وجه جارود:
" ما الذي تعنيه؟ ألم أقضي معك هذه الأمسية؟".
" نعم , لكنني أدرك الآن هدفك الحقيقي , كان جي كي محقا , أذ كل ما تفكر به هو العمل , أنني أشفق على المرأة التي ستتزوجك أذ لا بد أنها ستقع في حب آلة".
أمسك جارود برسغها بعنف:
" حذرتك يا سارة , لا تحاولي قول أشياء لا تعرفين معناها".
حاولت سارة تحرير نفسها:
" أنك تواصل قول هذا دائما , لكنني أفهم جيدا , أعرف أن لورين ماكسويل , تريسي ميرك وفرجينيا ماكي غير مهمات بالنسبة اليك, أذ تحتاج المرأة من وقت لآخر فقط لأرضاء رغباتك وليس لمشاركتك حياتك وحبك , وها أنا أدرك كم كان والدك محقا في رأيه بأستثناء شيء واحد: ظن بأنني سأتمتع بهذه الرحلة لكنني , أكرهها".
تركته منذهلا وركضت , ركضت لتخفي دموعها حتى وصلت منطقة مشجرة وتعثرت بغصن مكسور فسقطت على الأرض وتمزق جزء من فستانها , سمعته يركض وراءها ثم يقف الى جانبها , حدق في وجهها للحظات ثم أنطرح الى جانبها غير مبال بالرطوبة والرمل وحاولت سارة الأبتعاد عنه ألا أنه أحكم ضمها اليه , ولم تحس سارة بشيء غير الرمل والبحر وجارود , غير أنه أبتعد عنها فجأة , فنهض واقفا مشمئزا من سلوكه وأندفاعه , أغلقت سارة عينيها لتتجنب رؤية العالم الخارجي ثم نهضت واقفة بدورها .
" لنعد الى البيت قبل أن أفقد وعيي تماما".
تعثرت وأرادت التحدث اليه:
" جارود.......".
" لا تتحدثي معي , آسف لم حدث , أعرف أن أعتذاري لا يكفي لكنني لا أعرف طريقة أخرى للأعتذار وأبداء أسفي".
تبعته ببطء , ثم أندست في مقعد السيارة وقاد جارود السيارة متوجها الى فلامنغو لودج.
جلست سارة في زاويتها غير قادرة على أستجماع أفكارها المشتتة .
" أسف جدا , أذ قمت بذلك بدون تفكير".
" كان الخطأ , خطأي وأنت تعلم ذلك".
" رغم ذلك كان علي التحكم بمشاعري أذ أنني أكبر منك سنا وخاصة بعد تحقيقي مع ماث".
" أي تحقيق؟".
" قبل مغادرتنا المنزل الليلة , أذ أنني لم أثق به".
وضحك مواصلا:
" أخبرني بأنك لم تشجعيه على مغازلتك , تمنيت لو أنك أوقفتني عند حدي أنا الآخر".
" لكنك لم تحاول مغازلتي.......".
" كلا , أنك محقة.... كان شيئا مختلفا تماما".
"جارود , رجاء.... رجاء".
ووضعت يديها على أذنيها لئلا تسمع شيئا حتى وصلا المنزل.
كانت هيلين في أنتظارهما في الشرفة , كان وجهها شاحبا وأسرعت للقائهما فأنكمشت سارة قلقا.
" جارود مكالمة هاتفية من لندن..... عانى جي كي من نوبة قلبية أخرى".
لم يقل جارود شيئا للحظة ثم سأل:
" ماذا قالوا, هل ما زال حيا؟".
وبدا شاحبا.
تنهدت هيلين :
" أعتقد هذا , أو كان حيا عند أجراء الأتصال ... أوه, جارود , هل تعتقد بأنه سيجتاز الأزمة؟".
هز جارود رأسه:
" لا تسأليني أسئلة لا أعرف أجوبتها ,هل أتصلت بالمطار؟".
" بالطبع , هناك طائرة تغادر مونتيغور عند منتصف الليل , وحجزت لأربعة أشخاص".
" أربعة؟ هل ستأتين معنا؟".
" بالطبع يجب أن أراه".
نظر جارود الى سارة المستندة الى السيارة بضعف والمرعوبة لما سمعت.
" هل سمعت؟".
" نعم.........".
" أذهبي أذن وأعدي ما تحتاجينه بسرعة أذ سنغادر خلال ربع ساعة".
أومأت برأسها مرة أخرى وأسرعت الى غرفتها , وتذكرت كيف فكرت بجي كي طوال اليوم , أولا حين أستلمت بطاقته وثانيا حين أرادت الأتصال هاتفيا به .


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس