عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-19, 09:49 PM   #514

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

" إلى أين سنذهب اليوم..."

همس فراس بصوته الخفيض وهو يمسك بيدها ويقفز بحماس... ابتسم وليد بحنان ونظر لماريا المبتسمة أيضًا.... ابتسامة واسعة بها رضا أراحه وجعل قلبه يرقص سعادة... فأن تشعر ماريا بالراحة معه سواء كان بسببه أو لا يعد خطوة جيدة جدًا للأمام... تفحص وجهها باهتمام ليعبس عند إدراكه بأنها لا ترتدي إلا ملابس قاتمة اللون... لكنه لم يرغب أن يعكرها بسؤاله عن هذه النقطة الآن وفضل أن يؤجل الموضوع...
تقدم منها وأمسك بكفها الآخر هامسًا عند إذنها :
" إلى أين تحبين أن نذهب..."

ردت بارتباك خجول وهي تستشعر ضغط كفه الدافئ على يدها :
" أينما تريد.."

" سنذهب لنأكل في مطعم... فأنا أتضور جوعًا... هيا بنا..."

اومأت برأسه وهموا أن يتحركوا باتجاه السيارة لكن صوت والدتها ظهر من خلفهم كغيمة سوداء وهي تقول بنبرتها الارستقراطية :
" وليد هنا!... لمَ لم تدخل..."

تنهد وليد وهو ينظر لوجه ماريا المتصلب ببعض الإحباط وقال ببرود :
" سنذهب للتو.. لن نتأخر... "

نظرت علياء لابنتها نظرة قاسية وهي تقول بنعومة :
" غريب... لم تخبرني ماريا بأنها خارجة..."

ابتسمت ماريا وقالت بنبرة متهكمة :
" ومتى كنت أخبرك!... هيا لنذهب..."

لم تدع لها فرصة للحديث واستدارت تمشي بعيدًا عنها يلحقها وليد بعد أن ألقى تحية سريعة... فهو أيضًا لم يكن يريد أن يتعكر مزاج ماريا أكثر بسبب هذه المرأة... أركب ابنه السيارة وتأكد من أمانه وهو يهديه قبلة صغيرة ثم ركب مكانه في الأمام وقبل أن يتحرك أمسك بيدها وقبلها قبلة صغيرة دون أي كلمة... لكنه لم يكن يلاحظ بسمتها الخفيفة...

في المطعم وبعد أن تناولوا طعامهم.. اقترح أن يجلسوا في الحديقة الملحقة للمطعم.... ترك ابنه يلعب مع الأطفال بالألعاب المتناثرة هنا وهناك... ثم جلس بجانب ماريا وسمعها تقول بهدوء :
" فراس لديه طاقات كبيرة ألا تظن ذلك..."

وافق على كلامها وهو ينظر لطفله قائلًا بنبرة ذنب :
" نعم...وللأسف أعرف أنه لا يجد من يفرغ هذه الطاقات... أنا دائمًا ما أكون مشغول وأحاول بكل طاقتي أن أفرغ له وقتًا يقضيه معي حتى لا يشعر بأي نقص..."

" أعلم ذلك..لكن هل هذا كافيًا .. "

أجفلته بكلامها فهمس بتردد :
" ماذا..."

رفعت رأسه تجاهه قائلة وكأنها تحدث شخصًا آخر غيره:
" الطفل بحاجة لأكثر من ساعة أو ساعتين تقضيهما بجانبه... هو بحاجة لأن يشعر بأنك تبديه على أي عمل دنيوي.. وبأنه رقم واحد في حياتك... وإلا سيبقى إهمالك ندبة في داخله طوال حياته..."

مجددًا تصدمه بهذه الاتهامات ليدافع عن نفسه بانفعال :
" أنا لا أهمله ماريا... بالعكس.. ربما.. ربما لن تصدقيني إن أخبرتك أن فراس كان هو الداعم لي منذ أن رأيته بالمهد... وهو من جعلني أقف على قدمي من جديد... مجرد وجوده كان محفز كبير لي... "

همست بحنان:
" أصدقك..."

أكمل بأسف :
" كان يجب علي أن استمر بالعمل.. مضت ليال وأيام صعبة علي لكن كل هذا بسبيل ألا أحتاج لأحد بحياتي... أعلم أن فراس لم يأخذ حقه كباقي الأطفال... لكن كنت مضطرًا.. كنت... "

قاطعته وهي تمسك كفه وتقول باستنكار :
" هل تظن بأنني ألومك... بالعكس... أنا أشكرك...."

تابعت بمرارة :
" أشكرك لأنك فعلت كل ما قلته قبل قليل... بأنك لم تنسى طفلك وسط انغماسك بالعمل... وبأنك بقيت كما أنت... أب "

فغر فمه بذهول قبل أن يحاوط كتفيها ويضمها لصدره هامسًا بحرقة :
" ماريا..."
ربتت على ظهره ثم قالت بضحكة خفيفة :
" هذه الأيام ينتابني شعور بأنك تشبه أبي...هذا غريب "

أبعدها قليلًا وقال بارتباك :
" كـ..كيف! "

رفعت كفها أمامها تقول بحيرة :
" لا أدري لكن.... بت أحلم كثيرًا بوجه أبي.. مع أنني نسيت تفاصيل وجهه مع مرور الوقت...وأشعر بإحساس قوي بأنه يشبهك.... حتى ولو لم أرك "

ضحكت مجددًا ضحكة خجولة فمسح على وجهها برقة وهمس :
" حدثيني عن والدك"

اختفت ضحكتها وشردت بحزن فظن أنها لن تجيب لكنها قالت بحنين :
" أبي.. ربما هو أرق مخلوق عرفته... طيب جدًا وقلبه أبيض... كان يتعامل معنا جميعًا بحنان... يضمنا عند عودته من العمل.. يصطحبنا بنفسه إلى الألعاب.... يلبي كل رغباتنا.... لكن.."

صمتت والغضب بان على وجهها لتتابع :
" لكن رغم كل هذا... كان بجانب أمي لا وجود له... ومع مرور الوقت أصبحت تتدخل حتى بتعامله معنا بحجة رغبتها بتربيتنا بطريقتها الخاصة بعيدًا عن الدلال .... وأصبحت اللحظات الحلوة التي أقضيها معه لا وجود لها... "

ضمها مجددًا دون أن يعلق قائلًا بوعد :
"لكن أنا هنا...بجانبك... "

وبين طيات قميصه وعلى صدره همست بهمسة مترجية لم يسمعها أحد إلاها :
" وليتك تبقى... "

*************************

اليوم ستخرج شمس من المستشفى... وسينتقلوا جميعًا ليقيموا في شقة مستأجرة بشكل مؤقت.. لم يكن يريد أن تخرج الآن بل رغب بمزيد من الاطمئنان.. لكن شمس أصرت بعناد فلم يشأ أن يضغط عليها وخصوصًا مع حالتها النفسية التي تزداد سوءًا.....
كانت تمشي بجانبه تستند على عكازتين رغم إنه عرض عليها مساعدته.... لكن وكحالها المعتاد ترفض أي مساعدة بحدة فاكتفى بأن مشى بجانبها خطواته توازي خطواتها مستعدًا أن يتلقفها ما أن تتعثر وسيبقى يفعل ذلك حتى نهاية حياته...
" هل تشعرين بالراحة..."

سألها بهمس وهو يربت على كفها عندما دخلت السيارة فأومأت بصمت... تعابير وجهها منغلقة وجامدة... ولم تنظر بوجه أي أحد حتى وجهه مما أوجع قلبه... لكنه تحامل على نفسه... لا بأس بهذا الألم ما دامت هي بخير...
في الطريق... تفاجئ بها تلتفت له وتقول بهدوء :
" أريد أن أجلس عند البحر قليلًا.... أرجوك..."

طلب من أباه بأن يوقف السيارة ثم نزل يرافقها رغم تساؤل والديه وسناء.... أجلسها عند رمال البحر وجلس بجانبها يقول بابتسامة مفتعلة :
" الجو جميل.. أليس كذلك..."

لم ترد فنظر لوجهها ووجده كما هو... متباعد بارد بشكل لم يعتاده على شمس قلبه..... همس بحزن :
" شمس..."

أمسك بذراعها يقول بتوسل :
" ألا يمكنك أن تنظري بوجهي.. ولو لثانية"

لم تأتي بأي حركة فمسح وجهه لا يريد أن يضعف... يجب أن يكون قوي من أجلها...
" معاوية.."

رفع رأسه فورًا ليجدها تنظر له... فور أن تلاقت أنظارهما.... أنفجرت باكية بانهيار.... ضمها لصدره بقوة هاتفًا :
" لا بأس يا عمري... لا بأس كل شيء سيكون بخير... "

تمدد على الرمل وهو يحتضنها بين حنايا صدره... يسمح دموعها.. ويستبدلها بدمعة تنزل على وجنته دون أن يشعر.... بينما صدى شهقاتها يضرب قلبه كالهرباء...
نظر للسماء المغيمة..... يطلب العون من الله....
" يا الله... ساعدني "


انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس