عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-19, 11:59 PM   #5

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي المقدمة

.....مقدمة.....
على خُطى القدر نسير...في دروب الحياة الواسعة نلتقي... فتكون صدفة اللقاء متعة...و بعدها نفترق لنحترق بشوق مضني و مميت...و بين لقاء و فراق حياة تُولد و حياة تنتهي...

............................

قاعة الاجتماعات الفارغة تمامًا إلا منه...يصدح بها صوت التلفاز الكبير...صوت مقدمة برنامج أسواق البورصة يجلجل في أرجاءه فيعود صداه يوجع عقله...جالسًا فوق كرسيه بحلته الرسمية الأنيقة...عيناه البنية تقتنص التلفاز و كأنه يتبارى معه في حرب أعين لا تنتهي...صوته يزيد فيجعل دمائه تغلي بأنين...لا يصدق ما حدث و يبدو أن الصدمة ستجعله لن يصدق لفترة ما قادمة!...
(خبر هام و عاجل و غير متوقع لشركة كبيرة كشركة "النجار" للإسكان والتعمير... انهيار أكثر من نصف أسهمها في البورصة على حين غرة لهو أمر محير و مربك...فالشركة تُعد من أولى الشركات المساهمة في الدخل القومي للوطن رغم كونها قطاع خاص...سينضم إلينا في الأستوديو المحلل الاقتصادي "عبدالله نبيل" لنفهم منه الوضع بصورة أوضح...)
ارتعشت يده حينما امتدت لتصل إلى جهاز التحكم عن بُعد ليغلق التلفاز...اختناق رهيب يهدد تنفسه ليقلص مساحة رئتيه بقوة...حرك رابطة عنقه بعنف يمينًا و يسارًا طلبًا لمزيد من الهواء...علّه يبرد نيران جسده المحترق...وقف من فوق كرسيه بحدة يتحرك في كل مكان بلا هدف...لا يصدق أن تنهار شركته بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية...لقد سطر على جدرانها أحرف المجد اللامعة منذ أن تولى قيادة الشركة...زفر بحدة ينزع عنه سترته بتعب بادي على وجهه...نظر إلى كراسي المسئولين الذين تركوه منذ ما يقارب النصف ساعة...الجميع متفاجئ من هول ما حدث وهو...هو لا يقوى على التصديق من الأساس!... شعر بإعياء وهمي يسيطر عليه ففزع قلبه من المكان و همَّ بالرحيل إلى أي مكان غير هنا...
.........................
فُتح باب قاعة الاجتماعات و خرج منه بسرعة الريح...لا يطيق أن يقابل أحد من الموظفين أو المسئولين...لا يقدر على النظر في أعين الناس و عينيه تسعى لإيجاد الخلاص... هبت واقفة من فوق كرسيها الذي احتلته بعدما خرجوا جميعًا من الاجتماع...خائفة عليه بعد معرفة ما حصل...تحركت في تنورتها القصيرة الضيقة المتطابقة لسترتها العملية حيث هو...شعرها الأشقر بفعل الصبغة يتطاير حول وجهها الأبيض الطويل بسبب سرعة سيرها...عيناها السوداء تلحق به قبل أن يفلت منها...منذ معرفة الخبر المفجع لما حدث لشركته وهي تخشى سقوطه بفعل الحزن الطاغي عليه...نادت عليه بصوتها الرفيع و الحاد قليلاً:
("أحمد" انتظر رجاءً...لحظة أريد الحديث معك)
يقطع الممر قطعًا يكاد يفتت الأرض أسفله...دون أن ينظر لها خرج صوته المنفعل بغضب و هم يقول بينما يستمر في سيره السريع:
(ليس الآن "سارة"... الغي كل مواعيدي لليوم أريد البقاء وحدي)
كادت تصل له ولكن سرعته الفائقة لم تمكنها حتى من رؤية وجهه جيدًا...هتفت بحنق كبير بينما تضع يدها فوق خصرها:
(فقط أريد الاطمئنان عليك...)
صدح صوت شاب من خلفها جعلها تجفل ثوانٍ فقط و بعدها جمعت شتات نفسها و التفتت إليه... تطالع نسخة مصغرة من "أحمد" نفس لون العين و نفس قوة الشخصية رغم ميله للمرح كثيرًا وهذه نقطة الاختلاف الكبرى بينه وبين أخيه الأكبر..
(اتركيه و شأنه الآن يا "سارة"... فأخي يعاني بطريقة أكبر مما نفكر به نحن)
تنهدت بضجر ترمقه بنظرة غاضبة تقول:
(لا تبرر له يا "مصطفى"...علينا التكاتف معًا لحل هذه المصيبة و ليس الهرب كما يفعل "أحمد")
احتدت نبرة "مصطفى" و وقف بكل كينونته يدافع عن أخيه:
(أخي لا يهرب يا "سارة"... و أظن أنتِ أدرى الناس بهذا)
التمعت عيناها بفخر كبير...حقًا من غيرها يعرف ما يشعر به "أحمد" أو ما يريده "أحمد" سواها...لكن صوت "مصطفى" جاء كبارود يثقب روحها قبل جسدها حينما قال بجمود:
(هيا "سارة" إلى عملكِ...هذه الوقفة و هذا الانتظار لن يجدي بشيء)
تركها دون أن يضيف المزيد... بينما هي رمقته بنظرة حارقة بسبب تذكيره لها الدائم أنها مجرد سكرتيرة و لا يربطها بأخيه أي رابط حقيقي...غمغمت ببعض الكلمات الطامعة في المستقبل:
(ستلتزم الأدب معي حينما أصبح زوجة أخيك الأكبر يا باشمهندس)
.........................
مضى أربعة ساعات و هو يدور في الشوارع بلا هدف...كأنه يهرب من كارثة سقوط شركته بالمشي!... كأنه يبحث عن عالم آخر يحتمي به من مصيبة كهذه...لم يعد يشعر بالألم القاتل في قدمه و لا يتذكر أين ترك سيارته... لم يبالِ بسقوط رابطة عنقه التي حلَّ وثاقها في مكتبه...فقط يسير بلا هدى على أمل أن يصحو من حلم بشع...رنين هاتفه المستمر أزعج وحدته التي يناشد بها بعض السلام...سلام زائف لكنه يحتاجه بشدة...يحتاج أن يعيد ترتيب أوراقه فحتمًا سيصل لحل...رفع هاتفه أمام وجهه بعدما فقد عدد المرات التي صدح بها...اسم «أمي» الذي أضاء شاشته جعله يغمض عينيه بتعب مقيت... ببساطة ماذا يقول لها؟!... انهيت شركتي بيدي أمي!... أدخل هاتفه في جيب سرواله بلا روح...فأي روح هذه التي تحيي جسد منهك و مثخن بجروح أغلبها ينهش في العمق الأسود منها ليزيده سواد؟!!... مشى و مشى شوارع يقطعها بلا اهتمام بأسمائها...أناس كثر يتماوجون في وجهه كموج بحر عتي يقسم أن يغرقه في ظلماته...شركة والده و جده اللذان ذاقا الويل من أجلها قد اضاعها بعد مجهود خرافي شهد له الكبير و الصغير حينما أصبح مسئول عنها... وقف بعد رحلة استغرقت منه طويلاً...ينظم أنفاسه الهادرة بغضب ممتزج بإرهاق كبير...سمع رنين هاتفه يعاود من جديد و لكن هذه المرة كان رقمًا غريبًا!.....
...........................
في مكتب فخم يجلس فوق كرسيه بكل راحة...يتابع أهم حدث في هذا اليوم...انهيار شركة "النجار" الغير متوقع و احتمالية فضها...ليسقط أكبر رأس مساهم في سوق التعمير والاسكان و منافس له...لا ينكر أنها نجحت من قبل بقوة رئيسها الجديد لكن من في هذه الدنيا يبقى على حاله؟!... بسمة صغيرة زينت فمه المحاط بخطوط متعرجة دليل على سنه الكبير...وجهه القمحي ينم عن ذكاء و فطنة...ربت بأصابعه فوق المكتب للحظات ثم بعدها أمسك هاتفه الأرضي يتحدث مع السكرتير الخاص به:
(أريد رقم "أحمد النجار" في أقرب وقت...)
وضع سماعة الهاتف و البسمة تزداد على ملامحه كلما تعمق أكثر في تفكيره المربح دائمًا...نظر حيث نافذة مكتبه دون أن يتحرك من كرسيه و كأنه يقلّب الأفكار الداخلية في عقله بتأني...و بعد مدة طويلة ضرب سطح المكتب بحماس لا يناسب سنه الذي عبر الخمسين...قال بصوت سعيد بما رست به سفنه في بحر عقله:
(هذا أفضل شيء وصلت له يومًا يا "هاشم"... ستكون ضربة موفقة و ستصطاد بها عصفورين بدلاً من واحدٍ)
عاد بجسده الرياضي رغم عمره للخلف يستند على كرسيه براحة لم تمر عليه من فترة طويلة...
"هاشم الحسيني" هذا الرجل العصامي الذي كون نفسه من الصفر... و ربما لو هناك ما هو أقل من الصفر سنكون منصفين في وصف حالته...شاب فقير ذو طموح جامح و كبير...طموح دفعه بكل قوة ليسابق الريح و ينقش اسمه في عالم البناء و الأراضي بسرعة خاطفة للأنفاس...دراسته للهندسة مكنته من الوصول دون عواقب...و بعد رحلة طويلة شاقة ومتعبة جدًا حان الوقت ليخلع عنه عباءة الفقر و يلبس عباءة الثراء...ثراء حققه بشرف و ضمير و كد سنوات طوال...سنوات جعلته يتأخر في الزواج و الانجاب حتى منتصف الثلاثين...و هذه في وقت شبابه كانت كارثة أن يصل شاب لهذا العمر دون زواج!!...و أصبح حريصًا كل الحرص للحفاظ على ما وصل إليه... يتحين الفرص ليقتنص المزيد و المزيد لكن بشرف و ذكاء...و لم يكن ابن "الحسيني" إذا ضاعت منه فرصة ذهبية كالتي لمعت في عقله قبل قليل....
بعد ساعتين ....
وصله رقم "أحمد النجار" في نفس اليوم...كم يحب أن يوظف من يساعده ويفهمه و سكرتيره يطابق المواصفات بشدة....سجل الرقم فوق شاشة هاتفه ثم ضغط اتصال دون تردد...صوت الرنين يخبره أنه لن يجيب عليه و لكن عقله المنير يخبره سيفعل...و ككل مرة يفوز بها عقله فقد فتح الخط!.... قال بصوت واثق و شديد العميلة :
(مساء الخير "أحمد"...)
وصله صوت شاب بعيد للغاية...و رغم ضعف الصوت و برودته إلا أن فطنة "هاشم" التقطت مدى قوته و رجاحته...و قد جرب هو طريقة عمله و سيطرته الماضية على السوق...
(من معي؟!...)
عاد "هاشم" بجسده للخلف يقول بتأني مدروس:
(معك "هاشم الحسيني" صاحب شركات "الحسيني" للإسكان والتعمير)
صمت دام طويلاً بينهما جعل "هاشم" يظن أن هذا الشاب سقط مغشيًا عليه...لأنه لا يحب ترجيح أنه أغلق الهاتف في وجهه!... جاء اخيرًا صوت "أحمد" المتعب من بعيد:
(أهلاً سيد "هاشم"...من لا يعرف اسمًا لامعًا مثل شركتك...لكن عفوًا ما سبب الاتصال؟!)
سحب "هاشم" نفسًا منتشي حينما اجابه بهدوء:
(لقد عرفت كما عرف كل سوق المقاولات عما حدث لشركتك...و أنا لدي الحل)
رغم تمييزه أن هناك رجفة سيطرت على صوت "أحمد" إلا أنه كبح سعادته كما يفعل كل مرة...فالسعادة تُقاس في قاموسه بتحقيق ما يريد أمام عينه...هدأ و أخمد طموحه بقوة و سيطرة اكتسبها عبر الزمن...سمع صوته يأتي خاويًا و ربما متعجبًا:
(كيف لديك الحل سيد "هاشم"؟!)
كل الثقة التي عرفها يومًا تجمعت في صوته حينما اجابه بنفس الهدوء:
(حديث هام كهذا لا يصلح على الهاتف....سأنتظرك في مكتبي بعد ساعة)
.......................
بعد ساعة...
لا يعرف كيف جاء هنا و هو بمثل هذه الحالة المزرية... متى أصبح يقابل وجه هذا الرجل الحاذق...أين عقله من كل ما يحدث له اليوم؟!... انتبه على صوت "هاشم" فعقد حاجبيه ليلتقط كلماته بتيه واضح عليه:
(هل أنت بخير "أحمد"؟!... تبدو مرهقًا)
دلك جبينه بتعب مختلط بالمرار...في الواقع هو لا يشعر حتى بأنفاسه...هناك فقط شيء ثقيل جدًا يجثو على قلبه يقتله ببطء...مرارة حلقه و جفافه يذكره دومًا بأي مصيبة هو ساقط...قال بإنهاك:
(بعد كل ما حدث اليوم فقليل من الإرهاق يحق ليّ...)
نبرة اليأس و الاستسلام التي يتحدث بها اسعدت الطموح في نفس "هاشم"... هكذا يريده يائسًا لا يجد مفر سوى ما سيعرضه عليه الآن...قال بصوته الواثق:
(ما رأيك بحل يبدل الإرهاق القائم على وجهك هذا...و ينقذ شركتك)
من وسط كل الظلام و اليأس لمعت عيناه بقوة...هل سيكون الحل موجودًا بكل هذه السرعة حتى في نفس اليوم؟!... أسرع بأنفاس لاهثة متعبة و مختنقة بطعم الخسارة يقول:
(ما هو الحل...هل هناك من طريقة لتنجو شركتي من هذا الوضع؟!)
ابتسم "هاشم" بسعادة حقيقة...فقط جملة واحدة تفصله عن طموحه الكبير فقال:
(نعم...نتشارك أنا و أنت و تنضم شركتك لمجموعة شركات "United Arab Groups" )
عقد "أحمد" حاجبيه بتعجب من هذا العرض الذي يعتقد أنه سخي في مثل حالته هذه...قال بترقب:
(و هل ستوافق هذه الشركات لإضافة شركتي بعد ما حصل و انهيارها الوشيك؟!!...)
أجابه "هاشم" بثقة معهودة منه حينما يقترب النصر:
(هذه النقطة اتركها ليّ...أنا كفيل بها)
بسمة صغيرة جدًا شقت وجه "أحمد" المرهق فقال بأمل:
(حقًا لا أعرف ماذا أقول؟... لكن ما هو المقابل؟)
ضحك "هاشم" بخفوت يقول بنبرة ذات معنى:
(أنت ذكي كما عهدناك في إدارة شركة كبيرة كشركتك...لذا سأجيب دون مماطلة)
تقدم بجزعه للأمام يستند على مكتبه...نظراته ثاقبة تخترق روح "أحمد" لتكشف عن مكنون صدره بسهولة...قرار اعترف به "أحمد" لنفسه من هذه المقابلة و هو أن هذا الرجل ليس سهلاً مطلقًا...تحفزت ملامحه وهو يسمعه يقول بقوة:
(كي أقف جوار شركتك يجب أن تربطنا صلة قوية متينة لا تهتز...بها ستتعمق علاقتنا و ستقوى شركتك دون خوف )
ابتلع ريقه بترقب و عقله في إجازة ولا يسعفه التفكير...قال بهدوء عكس ما يجيش بصدره الهائج بخوف من تفسير كلام هذا الرجل بطريقة غير صحيحة...
(ماذا تعني؟!)
لم تكن جملة توضيح أكثر من كونها أمر أو إقرار بشيء يجب أن يحدث...و ما ظن "أحمد" أنه سيفسره خطأ قد فسره عقله الناضج بطريقة صحيحة...طريقة جعلته ينتفض من حديث "هاشم"... اتسعت عيناه بقوة ثم وقف يقول بدهشة:
(ماذا؟!!!!)
رفع "هاشم" نظره إليه يقول ببساطة عجيبة:
(عليك أن تتزوج ابنتي لتقوى علاقتنا في السوق...و صدقني لن أدع شركتك تسقط مادام بيّ نفس)
سقط فوق كرسيه بصدمة من طلب كهذا...نظر لهذا الرجل الذي عرض ابنته للتو كسلعة في سوق مستعمل...رخصها بطريقة مفجعة و السبب هو حبه في السيطرة على السوق!!... أي بئر عميق سقطت به يا ابن "النجار"؟!... و أي قرار سترسو عليه؟!... ضياع الشركة أم ضياع روحك مع إنسانة لا تعرفها؟!!!!....


انتظروا الفصل الأول الخميس القادم الساعة ١١ مساء بتوقيت القاهرة


AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس