عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-19, 10:19 PM   #541

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي


تحركت بخفة وحذر وهي تتكأ على العكازة تمشي ذهابًا وإيابًا في الشرفة الصغيرة... تنهت ببعض المشقة وجبينها يلمع بالعرق لكنها تزم شفتيها بإصرار على تحسين مشيتها وعدم الاعتماد على أحد ليسندها...
مر عليها أسبوع آخر هنا في هذه الشقة ولم يعودوا بعد إلى البيت... لا تعلم لماذا ولم تسأل... إنها فقط تشعر بأنها منفصلة عن الجميع.... مشاعرها بحالة من الحمود بينما عقلها لا يهدأ وما يهون عليها هو وجود معاوية بجانبها... معاوية الذي رغم الألم الرهيب الذي تراه على وجهه وبعينيه لم يبتعد عنها أبدًا.
منذ آخر مرة بالشرفة وما حصل بينهما من انفجار عاطفي حزين... كم كانت قبلته حزينة.. محتاجة... وكأنه يطلب منها أن تساعده وتدعمه... ومنذ هذا الوقت وهو يجلس معها كل يوم يتحدثان أو يصمتان.... يطمأن عليها ويتأكد من أنها تناولت طعامها وكأنها طفلة صغيرة ثم يغيب نصف النهار ويعود ليلًا لتراه عند باب غرفتها يلقي عليها نظرة سريعة ثم يغلق الباب ويذهب.... يظنها نائمة لكنه لا يعرف أن النوم أصبح كمالية لا تسعى إليها.

تنفست بألم وهي ترمي جسدها على المقعد تنظر بعينين باهتتين لجبيرة قدمها ويخيل لها أنها تشعر بنفس قوة الألم الذي شعرته آنذاك.... ارتجفت واغمضت عينيها تبعد الصور التي بدأت بتتابع أمامها كفيلم مخيف ثم تركت العكازة تقع منها على الأرض ورفعت كفيها تغطي بهما وجهها المتغضن.... متى ستنسى... متى ستتخطى كل ما حصل

" شمس حبيبتي..."

رفعت رأسها بسرعة على صوت سناء لتجدها واقفة عند باب الشرفة مبتسمة ابتسامة مرحة قائلة :
" الفطور جاهز... هيا لنأكل"

تلكأت لتنهض ثم أطرقت برأسها ترد بصوت خفيض :
" لا أشعر بالجوع الآن..."

تنهدت سناء بحزن على حالها وحال أخيها الذي لا يسر عدو ثم خطت لداخل الشرفة... جلست بجانبها وقالت بهدوء :
" حسنًا... ما بها جميلتنا"

سارعت تقول باعتراض :
" ليس بي شيئًا... أنا بخير "

ضحكت سناء وداعبتها بالقول :
" لن تضحكِ علي بهذا الكلام... ربما أخي يصدق منقادًا لحاجته بالاطمئنان عليكِ.... لكن أنا لا..."

ثم أطلقت من فمها صوت نافي مضحك.... لكنها لم تضحك.... لم تجد فيها ذرة واحدة تحثها على الابتسام لدعاباتها كما قبل بل قالت بنبرة تنضح بالبؤس :
" حتى معاوية لا يصدقني... يدعي الاطمئنان عليه لكنني أعرف أنه قلق... أعرف أنه يتوجع "

أشفقت سناء عليها وهي تراها تحمل نفسها ما لا طاقة لها به حاليًا ثم وضعت يدها على كتفها المنحني بهم وهمست برقة :
" إذًا أخي ما يجعلك مستاءة هكذا..."

رفعت شمس وجهها المتقلص لها وقالت بحنق وجهته لا لأحد إنما لنفسها... تبوح بما لم تبوح به لأحد
" أنا فقط أتوجع لوجعه... أموت حاجة لأن أخفف عنه... معاوية ليس خطيبي فقط بل رفيق طفولتي الذي وقف بجانبي ولم يفارقني... منحني مشاعره ووقته وكل شيء.... وأنا!... وأنا ماذا منحته؟....فقط الحزن والألم الذي أراه مخطوطًا بقسوة على وجهه..."

سألت دمعة على خدها مسحتها بعنف وهي تهتف بقلب مجروح :
" قولي لي كيف أستطيع إصلاح تأثير ما حصل... ليتني أستطيع... ليتني "
مسحت سناء على وجه شمس الباكية... تمسح دموعها الحارة... ثم مسدت على شعرها الناعم قائلة بقوة وعزم :
" بل تستطيعين... هل تظنين أخي الآن يأبه لغيرك... بل كل ما يوجعه هو رؤيتك منهارة لم تستعيدي قواكِ بعد... أنا أعرف ما يشعر به معاوية... إنه يشعر بالذنب وأنتِ لا تساعدينه بقصي نفسك عنه ومبتعدة بروحك لأبعد مكان تظنين أنه هكذا سينسى"

هزت رأسها مؤكدة لنظراتها المستنكرة وتابعت :
" معاوية وكما قلتِ... أهتم بكِ منذ الطفولة.... أحبك منذ الطفولة... ورؤيتك تبتعدين عنه سيزيده ذنب وحزن.... لا تهربي شمس... لا تهربي وكوني شجاعة ودعيه يعالجك ويعالج نفسه... صدقيني ما تفعلينه خطأ بحقكما... "
تركتها لوحدها ودخلت... تركتها تتخبط بما سمعته وبما تريد أن تفعله... لقد سأمت جلوسها هكذا تنتظر القدر أن يحن عليها... سأمت!
نهضت ببطء وبصمت التقطت عكازها ومشت للداخل ... صوت مفاتيح عند باب الشقة جعلها تقف تراقبه بعينين ثاقبتين.. مرتعبتين... لتطلق نفسها المحبوس عند رؤيتها قامة معاوية تطل من خلفه.. ثم تحول الرعب إلى دهشة وهي تسأل :
" معاوية... أحصل شيئًا... لمَ عدت"

ابتسم لها ابتسامة منهكة ثم اقترب وأمسك بذراعها قائلًا :
" لا أبدًا.. فقط انتهيت من انشغالي باكرًا وعدت إليكِ"

نبرته التي اختلط بها الانهاك بالشوق جعلتها تضطرب ليكمل عليها وهو يهمس :
" اشتقت إليكِ..."

عضت شفتها السفلى دون أن تجد ردًا فرأت ملامحه تشوبها مسحة إحباط لتسارع بالقول دون تفكير :
" وأنا أيضًا..."

رأت وجهه يشرق وهو يمد كفه يلامس خدها ويعود للهمس :
" أنتِ ماذا..."

اغمضت عينيها ولمسته تجعلها بطريقة ما تسترخي وهي تقول :
" اشتقت لك.. "
صمت لم تسمع به شيء فقط تشعر بأنفاسه تلامس وجهها بنعومة فاقت نعومة ملامسته لبشرة وجهها.. وبينما هي غارقة بالغوص بهذا الاسترخاء شعرت بجسدها يرتفع مرة واحدة... شهقت وفتحت عينيها لتجده يحملها بين ذراعيه بابتسامة عريضة... قالت بتوتر :
" ماذا تفعل... أستطيع السير لوحدي..."

تحرك باتجاه المطبخ قائلًا :
"أعلم ذلك..."

أجلسها على الكرسي أمام الطاولة لتطرق بنظراتها بخجل شديد وقهقهات سناء المرحة تصل لمسامعها.... جلس معاوية بجانبها يقول ببعض التوبيخ :
" لماذا لم تأكلي لحد الآن... هل يجب أن أطعمك بيدي "

نظرت لسناء بدهشة فرفعت لها حاجبيها تغيظها وملامحها تخبرها بوضوح بأنها وشت عنها لمعاوية.. همست :
" لم أكن أشعر بالـ...."

قطعت كلامها وهو يضع لقمة صغيرة عند حافة فمها فنظرت له بعجز ليبتسم ابتسامة أوسع وأوسع.. بدا سعيدًا بشكل غريب... فتحت فمها وتناولت اللقمة وأطراف أصابعه تلامس شفتيها عرضيًا فتجعلها تحمر خفرًا.... وسعادته تنتقل إليها... سعيدة لأنها رأت إحدى ابتساماته الصادقة اليوم.... وسعيدة أكثر لأنها كانت سببًا بها.


**************************

نزلت من سيارة الأجرة بعد أن أعطت الرجل أجرته المناسبة وفوقها مبلغ صغير إضافي كشكر لأنه أوصلها بصمت تام عكس جميع سيارات الأجرة التي ركبت بهم طوال حياتها... فهم ما أن يبدؤوا بالكلام حتى ينسون أنفسهم لتجدهم قد وصلوا بالحديث لجدهم التاسع!
نفضت بنطالها الأنيق ومسدت على شعرها وهي تسير الهوينة باتجاه المطعم... لقد دعاها عمها اليوم بشكل استثنائي لتناول الطعام بالخارج وما أدهشها إنه أراد أن يكونا لوحدهم دون عائلته الصغيرة اللطيفة.... دخلت المطعم الفاخر ثم جعلت النادل يدلها على مكان الطاولة... لقد أخبرها عمها قبل قليل بأنه سيأتي بعد عشر دقائق بسبب أزمة الطريق... يا ترى ماذا يريد أن يخبرها

جلست وهي تراقب فخامة المطعم بنظرات هادئة... إنها معتادة على هذه الفخامة.. كانت ترافقها طوال سنين حياتها لكنها لم تعرها ذاك الاهتمام... بل كل المجتمع المخملي والأشخاص ذوات النبرات الارستقراطية والوجوه البارد المستعلية كل هذا لم تعطه الاهتمام ولم تسعى لأن تندمج به.... كانت مطالبها بسيطة كبساطة شخصيتها...أن تحب وأن تُحب... أن تعيش بين عائلتها هادئة مطمئنة... حتى عندما لم تنجب والدتها بعدها عوضت ذلك بماريا... لتضيع أحلامها وسط كل ما حصل وتضيع بساطة شخصيتها وتتحول لتعقيد حتى هي لم تفهمه ولم تستطع فك طلاسيمه.
رفعت كأس الماء لتبل ريقها ثم لاحظت دخول عمها إلى المطعم... ابتسمت له لتتراخى ابتسامتها عند رؤية رجل غريب يصاحبه... وقفت تنتظر وصولهما... تلقت قبلة عمها على خدها وسلمت على الرجل الذي بدا بأواخر الثلاثينات...
جلسوا على الطاولة يشربون القهوة بعد أن أتى بها النادل وهي لحد الآن لم تفهم ماذا يحصل ومن هذا الرجل
" حبيبتي هذا السيد أحمد... شريكي بالتجارة منذ سنوات"

ابتسمت له بمجاملة وعينيها للحظات طرفتا لما خلفه لتتوسعان وهما تبصران هيئة تعرفها... تعرفها جدًا تدخل من باب المطعم... عامر!... رباه أي صدفة قادته إلى هنا!!!
اضطربت واحمر وجهها وهو ينتبه لها أخيرًا فاطرقت برأسها وصوت عمها يأتيه قلقًا :
" ماذا حصل لكِ أفنان..."

حاولت أن تسيطر على ردة فعلها وأجابت بما تملك من هدوء :
" اه.. لا شيء عمي... أنا بخير"

ثم نظرت له مدعية انتظارها لحديثه ليبتسم بطيبته المعهودة وقد صدقها بل فهم اضطرابها على نحو آخر ثم التفت للرجل يقول ببشاشة :
" هذه هي ابنة أخي... سريعة الخجل خصوصًا عندما تتعرف على ناس أغراب عليها..."

قال الرجل بنبرة رزينة :
" بإذن الله لن أكون غريبًا بعد اليوم... طبعًا إذا سمحت الآنسة"

طار كل شيء من رأسها - مؤقتًا - وهي تستشعر بشيء أخافها في نبرة الرجل لتقول بتعثر :
" عفوًا... ماذا.. ماذا تعني "

نظر السيد أحمد لعمها نظرة ذات معنى ليتكلم الأخير قائلًا بنبرة من يتوقع القبول... بل الترحيب :
" السيد أحمد يطلب يدك للزواج... "

شحب وجهها وبدلًا من أن تنظر لهم وجدت عينيها ترتفعان رويدًا ثم تحيطان على عامر الذي يجلس بعيدًا والذي سرعان ما أمسكها بنظرة حادة كالصقر أشعرتها وكأنه قد سمع هذا العرض معها أيضًا!.



انتهى الفصل


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس