عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-19, 08:38 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


فُتاتُ القمر..



تأخذ اشراقتها من ضياء القمر ويرتسم على محياها نور يسطع في ظلمات القلب،.. إنها الوحيدة المنفردة في غياهب الوداع، تقف على التلال تراقب أشرعة السعادة كيف تبحر بعيداً عنها، تلقي بصرها نحو السماء فتجد أسراباً من طيور الأمل قد غادرت نحو الصيف.
تبلغ تسعة عشر عاماً من العمر و عشرة أعوامٍ من الحزن والخيبة.. وطوال هذه السنوات تختبئ السعادة عنها في مكانٍ ما، فتهرول مسرعة بعيدة عن شعورها بالوحدة ولكنها لطالما اصطدمت بجدران الغياب في كل مرة..،..
ولا شيء يبدو في مساره كثيراً، تساقطت أوراقٌ من عمرها ولم تتبدل بل تكاثرت من حولها، تغلق عيناها فتستحضرها صورة الماضي بأبهى حلته ثم تفتحهما بقوة فتستقر أمامها صورتها بتجاويف عمرها الذابلة..

منفردة في حزنها وسعادتها.. في طقوس انكساراتها،.. استثنائية لا شيء يشبهها،..
إنها من أخذت من اسمها صفاته فكانت فعلاً كما القمر،..
ولكنه (القمر) الوحيد في السماء، الوحيد في الظلمة، الوحيد دائماً في هذه الحياة.
وإنه كما القلب في جسد انسان ان أعلن انشقاقه،..
يتحول كل شيء فيه إلى فُتات..

(1)

تنظر لما حولها بدهشة الغرابة، وبغصة قلب إلى ريم ابنة عمها محتضنةً شقيقها العائد من باريس بكل لهفة وشوق، فهربت غصة من أعماقها وخنقتها في آلامها من ما تشاهده بين العلاقة الحميمة بين الشقيقين والتي لم تشعر بها أبداً، ثم نظرت باستنكار مجدداً..
إنها هنا الآن بينهم جميعاً.. مضى عدة أيام على ذلك ولكنها تشعر أنها غريبة، ليست هذه المجرة التي تنتمي لها.. أو ربما...

"وهذه قمر...ابنة عمك ماجد"
وجهت نظرها اليه وقالت وهي تصافحه بكل هدوء"حمداً لله على سلامتك"

تنهدت بألم عندما رأت ترحيب الجميع به..
لكنها لم تحظى بمثل هذا الترحيب عندما حضرت الى هنا إلا من جدها وجدتها، تتذكر يومها جيداً عندما آل بها المطاف حتى تترك عملها في المنطقة الجنوبية من أجل الانتقال حيث عائلة والدها.. وتتذكر جيداً كيف استقبلها جدها وجدتها وكأنهما يعوضا ألم السنين حينها فرحبا بها بحرارة..

لمعت عيونها بحزن وهي تسمع ام مجد تقول له بلهفة
"لقد حضرت لك كل انواع الطعام التي تحبها"
تساقطت حجارتها الآن وما أبدته من قوة هدم حين لفظت زوجة عمها هذه الكلمات، راحت تسرح في خيالها..
لماذا لم تحظى بمثل هذا الحب،حب الأم لابنها...حب الأب لابنه..!!!
لماذا حرمتها الحياة من هذه العاطفة الصادقة؟
ولما حلت عليها لعنة الفراق؟
وأمام مشهد العائلة المثالي عادت بها ذاكرتها للوراء.. إلى اليوم الذي قلب موازين الفرح الى حزن عميق في قلبها وحياتها..كانت حينها لم تتجاوز التاسعة من عمرها عائدة الى المنزل وبيدها بعض الأزهار حتى تهديها لامها بمناسبة يوم الام... وكان الحماس في أشده على وجهها لردة الفعل التي ستبديها ...
دخلت منزلها وهي تقفز بمرح طفولي على عتبات السلم بكل فرح..ثم تتوجه بعدها الى غرفة والدتها و تفتح الباب... ولكن..!!
والدتها لم تكن موجودة...!!!

لم تدري ما حصل بعدها الا انها استيقظت على نفسها بعد اسابيع بوفاة والدتها...وزواج والدها!!!!
الصدمة التي دخلت بها قمر لم تكن فقط بوفاة امها بل وبزواج والدها من صديقة امها المقربة.

عادت الى وعيها عندما سمعت احدى الخادمات تقدم لها كوبا من الشاي،
ارتشفت منه رشفة صغيرة..ثم سمعت رامي ابن عمها يقول
"سأذهب الان..انت تعلم ان العمل في مأوى الايتام صعب هذه الايام...منذ مدة لم اذهب لاتفقدهم"

وهنا عادت قمر الى ذكرياتها الاليمة في مأوى الايتام حيث رأت به الحنان الذي لم يكن موجودة في والدها..ورأت فيه العطف الذي يقل عن عطف امها..رأت الامان وبعضا من السعادة..وجدت فيه العائلة والاصدقاء... وجدت ما حرمته الحياة منها فقد كان المأوى احن عليها من والدها الذي طردها من المنزل بسبب زوجته الجديدة والتي لم تقبل ان يكون هناك ذكرى في البيت بعد وفاة زوجته الاولى...فقد قرر والدها رميها بالشارع متناسيا انها ابنته من لحمه ودمه من زوجته التي حارب من اجلها الدنيا ليتزوجها وبعدما توفيت نسي حبها ...اخلاصها...حنانها...وحتى ابنتها!!!
تنهدت بالم وهي تخرج من الصالة متوجهة الى غرفتها التي تقبع في الطابق الاعلى تاركة عيون جديها الحزينة التي تلاحقها.. وعيون تشفق على حالها...وعيون متسائلة...!!



*********

وقفت بشعرها الاسود المجعد وبعيونٍ عسلية جميلة تتأمل غروب الشمس معلنة عن انتهاء اليوم وليحل محل نور شمسه ظلاماً اسوداً مخيف...وكانت الوانها تنعكس على بشرتها ناصعة البياض مشكلة نقيضاً جميلا مع شعرها الاسود الذي يصل الى نهاية ظهرها، وفستانها القرمزي الذي ينساب براحة حتى ركبتيها....
اغلقت عيناها وهي تشعر بنسمات الهواء الدافئة تداعب وجنتيها...وما لبثت أن رأت خيال امرأة غير واضح ، سرعان ما تتضح الصورة حتى تظهر امامها امرأة تخرج من بين مرج من الأزهار الحمراء مرتدية ثوبا ابيض...ورويداً
صورة المرأة تقترب اكثر وكأنها تتجه لتلك الفتاة...
"اوه أمي.."
قالتها وهي تشعر بقلبها ينقبض من شدة الألم وبدأت دموعها الثمينة تتجمع في عيونها...وصوت امها الحنون يأتي على مسامعها
"كوني قوية.."
وهي تضغط بأناملها على يدي ابنتها الوحيدة ثم...ومن دون سابق انذار تترك يديها وهي تكمل بغصة وابتسامة شاحبة
"من اجلي،، يا قمري"....
ولم تشعر الا بيد وضعت على كتفها انتشلتها من تلك الرؤيا الجميلة..وصوت صاحبها الهامس
"قمر..هيا لتناول الطعام.."
وما كان صاحب ذلك الصوت الا ريم تدعوها لتناول طعام العشاء.. وقبل ان تلتفت الى ريم ودعت منظر الغروب الجميل..لتنسحب بعدها بدقائق مع ريم متوجهة الى صالة الطعام غير مدركة بتلك العيون الرمادية التي تراقبها من بعيد..
**
ابتسم الجد وهو يرى حفيدته تنضم اليهم لتناول طعام العشاء...فرفع يديه ضاما اياها اليه وليقول مازحا
"واخيرا تنازلت اميرة قصرنا الجميلة بتناول طعام العشاء معنا"
ابتسمت قمر بخجل وهي تجلس بجانبه وتقول بضعف
"انت تعلم يا جدي اني كنت متعبة في الايام الماضية"
ثم اكملت بفرح وهي تتذكر كلام امها
"أوليس الاميرات يا جدي يأكلن في السرير عند المرض"
ابتسم الجد وهو يومئ برأسه ويربت على يديها بكل حنان...
"انظري يا جدتي،،جدي يغازل حفيدته وينسى من كان يسليه في الأيام الماضية"
قالتها ريم وهي تتصنع الحزن...
وقبل ان ينطق احد اي حرف..وضع رامي كوب العصير من يده وهو يشير بيده الثانية
"لحظة لحظة..اني اشم رائحة غيرة هنا"
ثم وهو ينظر الى ريم
"انتبهي ان تحترقي يا انسة ريم "
تطلعت اليه ريم بحنق
"اصمت.."
ثم قالت وهي تتطلع الى قمر
"ثم لماذا اغار من قمر وانا اعتبرها اختي التي....."

هنااا توقف الزمن بالنسبة لقمر وترددت كلمة(اختي)عدة مرات بل ملايين المرات وكأنها انتجت صدى في عقلها... فكلمة اختي اول مرة تسمعها قمر في حياتها من احد وتكون الكلمة موجهة لها...صحيح انها كانت تسمعها في المأوى ولكنها لم تكن موجهة لها..وبرغم ما قضته مع سارة رفيقتها بالغرفة الا انها لم تطلق عليها لقب الاخت واكتفت بصديقتي قمر...

( أختى ) وقعها غريبا على اذن قمر..ربما الكلمة ليست غريبة بل شعورها هو الغريب عند سماعها تلك الكلمة... فهي لم تحظى بأخ او اخت ابدا..كانت وحيدة والداها...وآه من والداها فأحدهما قد مات وفارق الحياة واما الاخر قد تركها تعاني مآسي الحياة....الى ان وجدت هنا الحياة.. بعدة أعوام كثيرة من الوحدة..
ومن الألم، فهنا قمر لم تكن الطفلة بل كانت أنثى بقلب طفلة..

فهل ستكون هنا حياتها افضل؟ام ان الآلام سترافقها حتى الى هنا؟وهل الدموع ستعتقها؟وهل الفرح سيزور قلبها وحياتها؟وهل..؟وهل..؟وهل..؟
تساؤلات كثيرة ومخاوف جمة تتردد في نفس قمر..الى ان اخذها النوم من شدة التفكير..وشيئا فشيئا ومع انقضاء بعض الوقت اطفأت انوار ذلك القصر ليغط الجميع في سبات عميق....
**
(ساد الصمت الا من اصوات عازف الكمان في ذلك الليل البارد والذي يتجمهر حوله العديد من الاشخاص معجبين بعزفه...وفي ظلام الليل الحالك تصل تلك الالحان الى مسامع الفتيات اللاتي تجلسن بالمطبخ...
"من المؤكد ان لولا الآن تجلس على النافذة وتسمع تلك الموسيقى الجميلة"
ضحكت الفتيات على تعليق اليسيا الساخر،، فاضافت ماري"بل وتحلم ايضا بفارسها ذو الحصان الابيض..."
"الذي سيخطفها الى ذلك القصر الجميل اعلى التلة.." قاطعتها جوليا وهي توصف المشهد بحالمية..بينما تساءلت انجلينا بسخرية"وهل لا يوجد من فتاة لا تحلم بفارسها المغوار؟!"
فتصرخ الفتيات معا"لا.."...ثم يعاودن الضحك من جديد..)

"ألن تملي من مشاهدة مثل هذه الاشياء"
التفتت ريم بوجهها الحانق الى مجد الذي امسك جهاز التحكم عن بعد مطفئا التلفاز وقالت بضيق: اولا انه مسلسلي المفضل..وثانياا..."
قاطعها مجد وهو يمسك صحيفة: "وثانيا صباح الخير.. "
ريم باستياء وهي تكتف يديها على صدرها: "صبااح الخير..."
ثم قالت في نفسها: "كم تغيرت كثيرا في هذه السنوات يا اخي..( التفتت اليه) واصبحت بارد المشاعر..يا ترى ما سبب ذلك الجمود الذي يكتسي ملامحك..."
"اذن ماذا ستفعل اليوم..؟!"ان هو لا يريد التحدث فهي ستحاول معه...
قال ببرود وما تزال عيناه تحدق بالجريدة"لا شيء"..ثم التفت اليها"وانتي ما سبب جلوسك في المنزل..لماذا لم تذهبي الى جامعتك.."
ارتبكت قليلا وحاولت اخفاء ارتباكها وهي تلتقط احدى المجلات وقالت بلا مبالاة"هكذا..اردت ان اخرج مع قمر الى مكان ما قبل ان اسجن في المنزل بسبب اختباراتي.."
علت وجهه ابتسامة ساخرة وقال في نفسه"هل للفرنسيات سحر خاص ام ماذا..؟!"..ثم تلاشث ابتسامته شيئا فشيئا وعاد الى بروده وقال"تتركين دروسك من اجل ابنة عمك...كم هذا جميل.."
تطلعت اليه ريم باستغراب"ماذا تقصد..؟!"
لم يجبها... فعاودت سؤالها وهي تمسكه من كتفه...ابعد يداها بغضب وقال"لا شيء"
تطلعت الى اخيها باستغراب ثم ما لبثت ان اعتلى وجهها البرود والغضب حين رؤية رامي يتقدم نحوهما...وما كان منها الى تنهض متجهة الى الخارج تحرك يدها بسرعة وهي خارجة نحوه تدفعه عنها"ابتعد عن طريقي..."
دار حول نفسه دورة واحدة وهو يقول موجها كلامه لمجد"ما بها اختك المجنونة؟"
وما كان من مجد البارد الا ان رفع نظره اليه وعاود النظر الى الصحيفة"هاا انت تقولها..مجنونة ثم ما الذي اتى بك في الصباح الباكر.."
تطلع رامي الى ساعته وقال وهو يمد يده نحو وجه المجد"انها العاشرة، انظر.." واردف بعدما ابعد مجد يده من امام وجهه"لقد جئت لاتحدث معك"
مجد وما تزل عيناه على الجريدة"ماذا؟!"
"ياا لبرودك.."
تطلع اليه مجد بنظر قاسية... ثم قال وهو يمد يداه المبسوطة"حسنا حسنا...ساتحدث.."
ثم اخذ يفرد اصبعا اصبعا وهو يقول"اولا اصبحت بارد كثيرا غير مبال بشيء..ثانيا علاقتك مع العائلة اصبحت رسمية جدا..ثالثا تختبئ في غرفتك وبين افكارك(قال هذه وهو يضرب بسبباته على جبين مجد)...واخرا وليس اخيرا اظن انه يجب عليك ان تعامل ابنة عمك كما كنت تقول عنها قبل قليل والتي لها اسم وهو قمر معاملة افضل.."
"هل كنت تستمع الينا..."
"وهل هذا الذي يهمك؟!"واردف عندما لم يأته اي رد من مجد"لقد تغيرت كثيرا بعد تلك الحادثة.. هل تظنني لم الاحظ ليلة امس نظراتك نحو قمر..ان كنت تظن ذلك تكون مخطأ..واجزم ان الجميع رأى نظراتك النارية نحوها... ليس ذنبها انها من رائحة باريس ..وليس ذنبها ان كانت..."
قاطعه مجد وهو يسند رأسه على الاريكة وقال باستياء"أنت لا تفهم..."
"ماذا..ما الذي لم اف..."

وهناا نظر الاثنان بغير تصديق الى ذلك الملاك الجميل الذي وقف على باب الصالة وبصوته الناعم وتلك الابتسامة التي تشق طريقها على الوجه الملائكي...
"صبااح الخير..."
**
قبل دقائق من الآن..وتحديدا في الطابق الاعلى في هذا القصر الجميل...ومع اشعاش الشمس الذهبي الذي دخل الى تلك الغرفة مفتوحة الستائر ذات اللون الابيض وجدرانها التي تحمل نفس اللون ولكنها ملطخة بلون وردي انثوي...والتي وصلت اشعاعاتها الذهبية الى تلك العيون النائمة بسلام على سرير ابيض كسرير الملوك.. وما لبثت ان وضعت يدها على عيونها صادة الاشعة التي اخترقت نومها الهانئ..وانتشلتها من ذلك الحلم الجميل التي كانت عيونها تغرق به...
نهضت من فراشها الذي بلون شفتاها التوتية بحيوية ونشاط لتتجه نحو دورة المياه وتخرج منها بعد دقائق وهي تتمتم بخفوت وتتجه نحو خزانتها الخشبية بلونها الابيض الناصع.."ماذا سأرتدي الان.."
واخذت تقلب ملابسها وهي تقول"هذا ليس مناسبا" وتمسك الاخر "وهذا ارتديته قبل اياام... و...."
واخيرا استقرت على فستان ضيق بلون سواد الليل وقد ابرز نحولة خصرها وجسمها الرشيق،، وارتدت حذاء احمر قاني اللون والذي يتماشى مع ذلك الحزام الاحمر اسفل صدرها..وفردت شعرها الاسود بحرية حتى يصل الى اخر ظهرها..... ابتسمت بهدوء وهي تطالع نفسها من المرآة وهي تقول بصوت هامس:من اجلك فقط يا امي...
وما ان انهت من كلماتها تلك حتى سمعت طرقا خفيفا على الباب ووجه ريم يطل منه"صبااح الخير.."
ثم توقفت لوهلة وهي ترى ابنة عمها بذلك الحسن والجمال"ما هذا الجمال..."
ابتسمت بخجل ثم تذكرت ذلك الحلم وقالت"فقط كل هذا من اجل امي..."
نظرت اليها ريم بحزن ثم قالت"جيد..فنحن سنخرج بعد قليل.."
"الى اين..؟!"
"لا اعلم..سنتناول الفطور في مكان ماا..." ثم التفت نحو الباب خارجة منه متجهة نحو غرفتها... تاركة قمر تبحث عن حقيبتها السوداء..لتجدها بعد قليل وتتوجه نحو الاسفل لكي تنتظر ريم...
ولكنها.......!!!

***
" جدتي...!!"
ابتسمت جدته في وجهه ولكن سرعان ما تلاشت ابتسامتها عندما رأت وجهه الحزين...فكانت عيونها البنية تطلع اليه بحيرة وهي تمسح على شعره ووجهه بحنان"ماذا بك يا بني..؟ منذ ان عدت من سفرك وانت على هذا الحال..لقد اصبحت حالتك سيئة اكثر من المرة الماضية.."....
صمت ولم يجب..وحاول ان يستجمع قواه ليرد عليها بجوابه المعتاد(لا شيء..)ولكنه عجز عن النطق.. ولم يستطع التفوه بحرف واحد..وهو يبعد نظره عن جدته يخفي دمعة انحدرت ولاول مرة امام احد.. ولكن جدته ليست باحد..لطالما سهرت الليالي بجانبه حين مرضه..ولطالما عاونت الخادمات بتربيته حين اهتمت والدته بجمالها وحسنها وتركته للخادمات يتدبرن امره.....
وبحكم خبرتها الكبيرة في الحياة ربتت على كتفه وقالت بهمس"الم الحب..أليس كذلك.؟!"
ثم تسائلت عندما رأته يعاود الالتفات"هل هجرتك ام انت الذي هجرتها؟"
تهرب من سؤالها بسؤال آخر"اين جدي..؟!"
ابتسمت الجدة"لقد ذهب باكرا الى العمل لانه سيسافر بعد الظهر مع والدك.."
"وأمي..؟!"وما ان نطقها حتى ظهرت امه تمشي بهرولة وتقول بسرعة وهي تنزل درجات السلم بعجلة"يا الهي...لقد تأخرت على مصففة الشعر.."
تنهد بتعب وهو يبتعد عن جدته مقبلا رأسها وهو يقول"سأرتاح قليلا..." ولكنه توقف ينظر الى الباب الرئيسي من جديد قبل ان يتوجه الى غرفته....

نهاية الفصل الأول...



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس