عرض مشاركة واحدة
قديم 13-10-19, 06:28 PM   #5

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Nor BLack مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم

شظايا القلوب
المقدمة


تُعد ذاكرة الإنسان من أعقد الألغاز,ورغم هذا تعتبر شيئاً ثابتاً غير قابل للتعديل,خاصةً عندما تُشكل هويتنا ماضينا وحاضرنا,ولكن يبقى السؤال هل نستطيع بسهولة العودة لتذكر ذلك المرار المؤلم بما يحمله من كل كسر ونزيف...أم أن تلك الذاكرة الخرافية تبني حائطاً سداً لتحول بيننا وبين ماضينا المروع...جاعلة إيانا عالقين في عالم مظلم ليس منه فرار,فتجبرنا على الخوف من انقشاع ذلك المانع الرقيق,ربما نجد خلفه أسوأ كوابيسنا...فنظل صامتين خائفين متناسين أن في بعض الأحيان يكون لصمتنا إحساسه الصادق,فيكشف ذلك الضياع الخفي,مُظهراً أمام أعيننا مستقبل أكثر ارتياعاً وضياعاً!
............................
حمامة بيضاء صغيرة بريش أخضر تمسك بفمها غصن زيتون تفرد جناحيها الصغيرين محاولة تعلم الطيران تتبعها حمامتان صغيرتان بديعتا الجمال يقودهم جميعا صقر رغم صغر سنه وشراسة وصفه إلا إنه يبقى حارسهم الهمام...يتجلى ذلك المشهد لتلك الحدقتين القاتمتين وكأنه عرض تلفزيوني مبهر تراقبه مشدوها من خلف ستار أسود شفاف...لا تعلم من أين جاءت تلك الجماعة الصغيرة ولا إلى أين ستذهب...تعود العينان القاتمتان لتبتسما بحنين لذلك الصخب والإحتفال بذلك العالم مبهرج الألوان لتلك الضحكات الدافئة تحت الحماية والإنتماء لمكان مشمس وبديع يدعى أرض ووطن!!
تغلق جفنيها في حركة خاطفة لتفتحها على مشهد مروع أتى بتسارع ...صراخ يصم الأذان ...ورائحة دماء تزكم الأنفاس وأشلاء متناثرة في كل مكان فتزلزل الأبدان"أين أولاد الجيران؟!"
غبار وحطام وخراب أقاموه شرذمة من الأندال فهتكوا العِرض وقتلوا الولد وأضاعوا الوطن ...صرخات تحطم الأفئدة ورجل مسكين يُجَر لسجون عالم الجبابرة وأم تقيد بالسلاسل حافية وعارية...تمشي في صحراء طويلة وقاحلة علهم يجدوا النجدة ولكن هيهات!!
الموت يحلق فوقهم مكشراً عن أنيابه وملوحاً بصلفٍ بمخططاته...رباااه رحماك!
العينان القاتمتان تحولتا لبركة من الدموع العاتية تلهث بتسارع علّ النجدة تأتي عبر هزة من العالم الواقعي فتخرجها من تلك الدوامات المريرة...تفتح عينيها مجبرة ومقيدة...فتبتهل بالحمد عندما انتقل المشهد إلى نجدة متمثلة في طائر حديدي كبير سيأخد بقايا الإنسانية لسماء ما تُدعى الحرية والعدالة والمساوة"لا.لا تذهبوا أرجوكم إبقوا هنا...واجهوا الموت سوياً سيبقى أفضل حالاً من ذلك الفخ من تلك النيران التي ستسلخكم أحياءاً!!"
ولكن لا فائدة تتعالى شهقاتها وفي صورة خاطفة تنتقل الشاشة لتعرض لقطات كبيرة تالية إلى أن توقفت هناك على نسر عربي وقع في شباك حديدية لغربان سود! ولكن مهلاً أليست تلك هي نفس الحمامات ذات الريش الأخضر يناضلن للوصول لذلك النسر فتنكسر أجنحتهن حديثة التحليق لينزفن دماءاً حية تحت مخالب الغربان السود التي كبلتهن دون رحمه زاعمين بأنهم ملائكة الرحمة!!ثم انطفئ كل شيء عبر صمم أذنيها بالعويل والصراخ وطلب النجدة دون أمل في العودة!!
شهقت بعنف من وسط دوامتها تشعر بنفسها مكبلة مقيدة بسلاسل من نار خفية..."افيقى أرجوكِ افيقى"
ولكن كابوسها أبى أن يتركها الأن فترى نفسها تجسدت في غابة مظلمة واسعة تملأها الأشجار الكثيفة لتمنحها منظراً مرعباً أكثر مما هي عليه بالفعل... رفعت عينيها لتنظر بذعر لتلك الكلاب السوداء الشرسة التي كشرت عن أنيابها الدموية ناوية النيل منها فتراجعت رعباً وهي ترفع فستانها الأبيض الحريري الطويل لتفر راكضة لا تعرف أين وجهتها وتجهل أين نجدتها؟ فقدميها الحافيتين اصبحتا داميتين تئن وجعاً وتكسر هامتها فتكاد تستسلم لتلك الكلاب التي وصلت اليها وبدأت في نهش ما تطوله منها...تحاول الصراخ فلا تجد لها صوتاً يعينها على التعبير عن ألمها...لا تعلم ما الذي جرى معها لقد أيقنت بالهلاك أخيراً ولكنها ما كادت تطرف بعينيها حتى فتحتهما على مخالب دب ضخم أكثر شراسة من مطارديها يزأر فيهم حتى أرسل في قلوبهم الرعب...فإبتعدوا هاربين بينما كانت هي تأن بلوعة...ثم شعرت بعدها بذلك الدب يضمها إليه برقة وأخذ عناقه يشتد أكثر وأكثر وكأنه يحتمي فيها لا كما فهمت أنه يحميها...لقد كانت ملامحه تتألم مما جعلها تحاول استكشافه لتقع عينيها على جروح جسده الدامية الغائرة...وما كادت أن تلمسها علها تمنحه السكينة وتطببها كما منحها هو وجدت نفسها تطير بعيداً... نفضها بدون إنذارمسبق وبملامح شرسة كان يدهسها واضعاً خط النهاية!!
شهقت بصوتٍ عالي كمن كانت تمتنع عن التنفس طويلا وإنتفض جسدها بعيداً عن فراشها...كما تعرق جبينها وكأنها كانت تُطَارد بالفعل من مصير أسوأ من الموت...تعالت شهقات بكائها المكتومة مما جعل والدها يستشعر الخطر وهو يندفع نحو غرفتها دون استئذان ليفتح الأنوار وسريعا كان يأخذها بين ذراعيه مطلقاً ترنيمات مهدئة وطالباً العون من يسوع ليمنحها السكينة!!
دقائق و بدأ جسدها في الهدوء التدريجي فأبعدها والدها عن ذراعيه ليسألها بهدوء:"نفس الكابوس؟"
هزت رأسها إيجاباً بصمت
فعاد يقول بوجوم:"لا حل أخر يجب أن تذهبي لطبيب نفسي ليساعدنا لنعرف لماذا يتكرر معك"
مسحت دموعها بيد مرتجفة ثم قالت بصوت خرج متعثراً متحشرجاً:
"ألا تريد أن تفهم بابا...هذا لم يكن كابوس بل حلم...حلم يأتي من بين طيات النسيان...صوت يذكرني بالماضي الأليم,كأنه يهمس بي ألا أستسلم,يجب أن أجد تلك الحمامات بابا!
**************
مشهد يخطف الأنفاس ويجعلنا على الحافة لمعرفة المزيد والمزيد
سلمت أناملكِ



اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس