عرض مشاركة واحدة
قديم 14-10-19, 12:02 AM   #134

ياسمين أبو حسين

? العضوٌ??? » 450896
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » ياسمين أبو حسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الرابع عشر .. الجزء الأول :
************************************


الفطرة ....
خلقنا الله بفطرتنا النقية و الصافية و مع مرور الأيام تتلوث الفطرة و يدفعنا الشيطان لطريقه و يحول نفسنا إلى شخص آخر أو صديق سوء مسلط على آذيتنا و آذية من حولنا ...
أما عن ما يسمى تأنيب الضمير .. ففى ذلك الوقت نغلق عليه ألف باب و باب و نتغاضى عن صراخه بداخلنا باحثا عن منفس يخرج من خلاله ....

تابعت عملها بالمطبخ بسعادة و حماس و هى تطهو له بيدها كل ما يشتهيه و خصوصا بعد إطرائه على طعامها اللذيذ ....
تناست بيتها و زوجها و حياتها و ركضت وراء رغباتها و شيطانها و فكرة واحدة تسيطر على تفكيرها ... رامى لها و فقط ....
وقفت زينب ورائها و إستندت على إطار باب المطبخ تتابع عاليا بعينيها و قد بدأت الصورة فى الوضوح أمامها و فطنت لما يدور برأسها .. فسألتها بقلق :
_ جوزك زعلان يا بنتى مش ناوية ترجعيله الكام يوم دول .
أجابتها بقوة و هى تتابع عملها بجدية :
_ لأ مش رجعاله .
فضيقت زينب عيناها و قالت بضيق :
_ نعم يا أختى .
إلتفتت إليها عاليا و إبتسمت بهدوء و قالت بمكر :
_ قصدى مش هرجعله غير بعد الفرح .. بصراحة أنا متونسة بيكى .. زهقت من القاعدة هناك لوحدى .
رفعت زينب حاجبيها و هزت رأسها بتسليم و قالت بحنو :
_ يا بنتى إن ما شالتكيش الأرض ... أشيلك على راسى .
إقتربت منها عاليا و قبلتها بوجنتها و قالت بمداعبة :
_ حبيبة قلبى .. ربنا يخليكى ليا .

و عادت لعملها مجددا بسعادة و هى تنتظر تعليقه على طعامها و على مخططها أيضا ...

خرجت زينب و تركت لها المطبخ تتحرك به بحريتها و بحثت حولها عن مهاب فلم تجده ... فتوجهت لغرفته و فتحتها و دلفت فوجدته جالسا على مكتبه و قد ثنى ساقيه تحته لترفعه قليلا و كان منهمكا بتدوين واجباته ... إبتسمت شفتيها بحنو و هى تتذكر فارس فى تلك الجلسة أثناء تأديته لواجبه ...
فتنهدت مطولا و قالت بإيماءة خفيفة من رأسها :
_ على رأى المثل .. اللى خلف ما ماتش .
رفع مهاب رأسه نحوها و إبتسم بخفوت و قال :
_ محتاجة حاجة يا تيتة .
سارت نحوه حتى وقفت قبالته و قالت بتعجب من كومة الأوراق الملقاة على الأرض بجواره :
_ إيه الورق ده يا حبيبى .
إنزلق عن كرسيه و إنحنى قليلا و لملمهم قائلا بضيق :
_ آسف يا تيتة ... بس فى حاجة فى الهوم ورك مش عارفها .
و ألقاهم بسلة غرفته و توجه ناحية جدته و تعلق بعبائتها و قال برجاء :
_ ممكن أروح لغزل لما ترجع من شغلها تذاكرلى يا تيتة ... علشان خاطرى .
إنحنت قليلا و حملته بإبتسامة هادئة و أجلسته على سطح مكتبه و قالت بحنو :
_ طب ما تخلى عمتو تذاكرلك يا حبيبى .
زم شفتيه و قال بإمتعاض :
_ ما انا من الصبح و أنا بقولها بس هى تقولى شوية كده شوية كده ... و أنا عاوز أخلص علشان أبقى فاضى بالليل .
لم تقاوم جماله البرئ بزمة شفتيه و شعراته الناعمة المبعثرة على جبهته و إنحنت نحوه و قبلته قبلة طويلة و قالت بمداعبة :
_ إنت يا واد سكر كده لمين .... و عموما يا سيدى غزل بترجع من شغلها تعبانة و هتضايق لو إنت طلبت منها تذاكرلك .
إبتسم مهاب إبتسامة متسعة و أجابها بثقة :
_ غزل ... إنتى مش عارفة هى بتحبنى إزاى يا تيتة .. ده إحنا أصحاب قوى .
ضيقت زينب عينيها و سألته بمكر :
_ طب و لما بتعمل شقاوة بتزعلقك و كده .. ما أنا عارفاك .
هز ساقيه و قال بقوة :
_ طبعا مش بتزعقلى ... ده أنا اللى بزعقلها لما بتعمل شقاوة .. دى شقية جدا عنى على فكرة .
ضحكت زينب على تلقائيته و قالت بحنو :
_ خلاص لما ترجع كلمها و لو هى فاضية إبقى روح لها .
رفع ذراعيه إليها فحملته .. فقبل وجنتها قبلات متتابعة قائلا بسعادة :
_ ربنا يخليكى ليا يا تيتة يا حبيبتى .
تعالت ضحكاتها و هى تتعمق فكرتها نحو غزل و فارس أكثر ... فقد حان الوقت ليرتاح قلب صغيرها و صغيره أخيرا بمن أحباها .



قد يراه البعض متعجرفا .. مغرورا .. باردا ...

و لكنه لم و لن يكن بتلك المواصفات .. ففراقها حوله لذلك الجلمود الثلجى و صدمته فى انه لن يرها مجددا قد مزقت ذلك الطفل بداخله لإعتقاده الخاطئ أن والدها قد سافر بها لأنه لم يكن على قدر كافى من المسئولية و أنه لم يستطع حمايتها ...
مرت سنواته و هو يرسمها بداخله و يتخيل كيف أصبحت تلك الصغيرة الفاتنة ... و التى أصبحت اجمل من أن توصف و واقفة أمامه تتطلع إليه بضيق يناسبها تماما و يجعلها أجمل بمراحل ...
رفعت غزل حاجبها متعجبة .. و هى تنظر إليه بقوة .. غير مستوعبة ما تسمعه .. ثم سألته بهدوء غريب لم يتوقعه منها :
- إنت اللى شغلتنى هنا .
لم تفارقها عينيه و هو يتذكر حنينه إليها و رؤيته لها دائما حوله بكل مكان حتى بمرآته .. لم تتركه و لم تعطه الحرية فى الإختيار .. فلتتحمل ...
أومأ برأسه نافيا و قال موضحا مستندا بظهره على ظهر مقعده :
- لأ ... دكتور راغب هو اللى إختارك .. شافك كفء فعينك .. أنا مش بتدخل فى تعيين حد .
طالت بينهم النظرات و هى تتلاعب بهم كموج البحر يقربهما قليلا ثم يبعدهما من جديد .. و هو يخبرها بمرارة شوقه و حنينه إليها و أنه لم يكن يعلم قبلها سببا لحياته .. و الآن ...
قررت غزل إنهاء هذه الحالة حيث أومأت برأسها و قالت ببرود تعلمته منه و قررت ممارسته معه :
- كويس .. بعد إذنك ورايا شغل .. دكتور أحمد أكيد بيدور عليا دلوقتى .. أصله مش بيعمل حاجة من غيرى .. سلام .
وضعت يدها فى جيب معطفها الأبيض و هى تحدجه بتحدى ثم إستدارت و إنصرفت .. و هى تشتعل من غضبها و توعدها إليه يزداد و يزداد حتى أصبح كقبضة مؤلمة بصدرها ....
فى هذه اللحظة .. يريد و بقوة أن يقف و يجذبها إليه يضربها أولا على وقاحتها و ملابسها التى تشعله و تغضبه بشدة .. و بعد ذلك يمكنه ضمها لقلبه و حينها لن يتركها مجددا .. صك أسنانه بغضب و رفع سماعة هاتفه و قال بصرامة :
- إدى خبر لدكتور أحمد ده اللى فى الباطنة إنى عايزه حالا .
و وضع السماعة مسرعا دون إنتظار الرد .. خرجت من عنده و هى فى قمة غضبها من نفسها .. لأنها لم تكن ضعيفة أمام أحد من قبل .. ماذا يفعل بها ذلك الغازى لقلبها و عقلها يتلاعب بهما كيف شاء و الأغرب إستسلامها إليه ... فتوقفت قليلا و قررت أن تلعب معه بمرح .. فلينتظر و سيرى .

وقف أحمد قبالة فارس الذى كان يطالعه بقوة و هو يتأمل وسامته الزائدة عن الحد .. فهل تتعامل غزل مع ذلك المفرط الجمال .. يوميا ... قبض كف يده بقوة جمدت الدماء بعروقه .. بينما أحمد يطالعه بتعجب ...
قطع فارس حالة الصمت تلك و نظراتهم المتحدية و المتعجبة و قال بتحفز :
- الدكتورة غزل عاملة معاك إيه .
إبتسم أحمد بهدوء و قال مادحا بها :
- هى غير الدكاترة اللى هنا .. ضحكتها بتشفى المريض قبل العلاج .. و المرضى إرتبطوا بيها جدا .. رغم إنها بقالها هنا إسبوعين بس .. ده غير خبرتها و ثباتها فى العمليات .. فعلا .. هى طلعت كفء .
إبتلع فارس غضبه بداخله عوضا أن يخرج و يلتهم هذا الوسيم فورا .. زفر بضيق و تحكم فى إنفعالاته و قال ساخرا :
- واضح إنك معجب بيها جدا .
أجابه أحمد بمكر بعدما شعر بنبرة الغيرة فى كلماته :
- جدا .. معجب بيها جدا .. و كل اللى بيشتغلوا هنا بيحبوها و بيحترموها .. جدا .. و خصوصا .. أنا .
أشاح فارس بوجهه و هو يسبه بألفاظ نابية بصوت خفيض .. ثم عاد بعينيه نحوه و قال و هو عابس :
- تقدر ترجع لشغلك ... شكرا .
حدجه أحمد مطولا و قد تأكد حدسه فذلك الضخم يبدو أنه سينافسه على غزل .. إذا فهى الحرب .. و لننتظر الفائز ... إبتسم إبتسامته الساحرة و قال بخبث :
- العفو .. بعد إذن حضرتك .

و إلتف و غادر مكتبه بملامح متجهمة غاضبة ... و قد قرر ألا يفوت هذه الفرصة لإثبات أن غزل له أمام فارس حتى لا يفكر بها مرة أخرى .. أتته فكرة ماكرة و هو متأكد من نجاحها مائة بالمائة ....
إتجه لمكتب غزل و طرقه .. إستمع لصوت غزل و هى تقول :
- إتفضل .
فتح أحمد الباب و طل برأسه داخل الغرفة و قال بإبتسامته المحببة :
- غزل تعالى نشرب حاجة فى الكافيه .
ردت غزل عليه بتعب :
- معلش يا دكتور بس تعبانة شوية .
سبل عينيه و قال برجاء :
- علشان خاطرى يا غزل .. خمس دقايق بس .
ضحكت على طريقته الطفولية و قالت برقة :
- حاضر .. يالا بينا .
خرجت من غرفتها و سارت بجواره و هى شاردة بآسرها .. فجأة قبض أحمد على ذراعها و أدارها ناحيته و قال مباغتا :
- ممكن أسألك سؤال .
تعجبت من مسكته لذراعها .. ولكنها قالت مستسلمة :
- إتفضل .
قال و هو يتطلع داخل عيونها بهيام :
- هو إنتى مرتبطة بحد .. أو بتحبى حد .
زادت دهشتها و أجابته بضيق :
- مش فاهمة لازمة سؤالك ده إيه .. دى حاجة خاصة بيا .
إقترب منها أكثر و قال بهمس والِه :
- أصل أنا بصراحة معجب بيكى جدا .
قالها و هو ما زال يقلص المسافة بينهما أكثر .. فإتسعت عيناها .. و إبتلعت ريقها بصعوبة .. و صمتت لبرهة تفكر فيما قاله .. ثم تسائلت بتعجب :
- إنت قولت إيه ؟!
رد عليها أحمد بنبرة جادة و هو يرمقها بنظرات عاشقة :
- بحبك .

هنا يجب أن نصفق جميعا لأحمد تصفيقا حادا فقد نجحت خطته بنسبة مائة بالمائة ....

نعم .. إستطاع فارس أن يترجم شفتيه و هو يتابع حديثهم عن طريق كاميرا المراقبة بهذا الدور .. ضرب المكتب بيده بقوة .. و صك أسنانه بغضب .. و سيل من السباب النابى قد إنطلق من بين شفتيه بعجز ...

وقفت غزل أمامه متصنمة من صدمتها .. و لكنها تماسكت و قالت بحدة :
- دكتور أحمد إحنا هنا فى الشغل .. وأنا مش هسمح بأى تجاوز .. و حضرتك بالنسبة ليا مجرد زميل و بس .
أومأ أحمد برأسه و ترك ذراعها .. و قال بإبتسامة ماكرة :
- أنا آسف .. و هديكى فرصة تفكرى فى كلامى .. و أنا بتكلم جد جدا و عاوز نرتبط .. فا ياريت تدى نفسك فرصة .. و تعاملنا فى الشغل مالوش علاقة بالكلام ده .. done .
أومأت غزل برأسها و قالت براحة :
- done .. وأنا يشرفنى إننا نبقى friends .. بعد إذنك .
أجابها بنبرة متأثرة و محبطة من عدم موافقتها :
- إتفضلى .
عادت غزل لغرفتها .. بينما وقف أحمد يتخيل هيئة فارس و هو غاضب بعدما رآهم فى كاميرا المراقبة .. ثم إلتف بهدوء و عاد لمكتبه و يعلو ثغره إبتسامة نصر .

أخذ يتحرك بغرفته بغضب .. و هو يتذكر إعتراف ذلك الحقير لها بحبه .. كان الغضب يتدفق فى جسد فارس باحثا عن مخرج .. كبُركان سينفجر و يحرق كل شئ حوله فقال بوعيد :
- أنا هوريك يا دكتور البهايم إنت .. بخلقتك العكرة دى .
ثم زفر بغضب و هو يتمنى أن يذهب إليه و يلقنه درسا لن ينساه بحياته لتجرأه عليها .. و لكنه توقف للحظة و قطب حاجبيه و فكر قليلا قائلا فى نفسه :
- هو أنا بحبها و لا إيه .. طب لو مش بحبها إيه اللى مضايقنى كده .
هز رأسه نافيا بقوة قائلا بضيق :
_ ﻷ أنا قلبى ما يعرفش جو الحب و الكلام الفاضى ده .. هو أنا بتاع الكلام ده .. أنا مش ضعيف ... و لا هسمح لحاجة تضعفنى تانى .



خرجت غزل من المشفى هى و سالى بعدما إنتهوا من عملهم .. ودعتها سالى و إنطلقت فى طريقها .. سارت غزل و هى شاردة تفكر فيما حدث معها اليوم .. مرة فارس .. و مرة أخرى أحمد .. و لكن من يشغل مساحة أكبر من عقلها بالطبع فارس .. فهو دائما يفرض نفسه على عقلها ببروده ونظراته الدافئة .. متناقض .. و لا تعلم سببا لتناقضه ذلك .. و لكن .. و لما لا .. فرجل الحارة الأول .. صاحب مستشفى إستثمارى كبير .. ببساطة .. متناقض ...
فقالت فى نفسها و هى شاردة :
- متناقض .. هيجننى بس على مين .. يا أنا يا إنت .. trust me .. يا عوو .

لاحظ سيرها شاردة .. فإقترب منها بسيارته و دق بوقها بقلق .. إلتفتت غزل لجوارها .. فرأت فارس بسيارته .. أشار إليها بيده أن تستقل السيارة بجواره .. و لكنها تجاهلته و تابعت سيرها بخيلاء و ثقة ..
إبتسم ببرود و إنطلق بسيارته لشقته الخاصة لتبديل ملابسه بملابس الحارة .. شاردا بغزالته العنيدة و القوية ...
طال سيرها حتى تعبت قدميها فقررت أن تستقل سيارة أجرة تقلها لمنزل رأفة .


دلف رامى لشقته قائلا بمشاغبة و هو يقترب من زينب :
_ سا الخير على عيونك يا قمر .
إبتسمت زينب و هزت رأسها بيأس و قالت بحنو :
_ و الله هتوحشنى يا رامى .. البيت بيفضى عليا .
جلس بجوارها و قال غامزا :
_ ليه هو الحاج صبرى مش مالى عيونك يا قمر .
ضربته على ذراعه قائلة بحدة :
_ تصدق أنا غلطانة ... يالا يا واد إنت إتجوز من بكرة .
سبل عينيه و قال بتمنى :
_ يا ريت .
خرجت عاليا من المطبخ مسرعة و قالت بسعادة :
_ إنت جيت يا رامى .. ده أنا حضرتلك غدا يجنن .
إلتفت برأسه ناحيتها بإبتسامة هادئة .. لتتلاشى إبتسامته تلك و أشاح بوجهه قائلا بحدة :
_ عاليا .. إنتى من غير حجاب .. ما أخدتيش بالك ليه .
نثرت شعراتها و قالت بمزاح :
_ ما أنا طول عمرى بقعد قدامك بشعرى إيه اللى إتغير .
اجابها مسرعا :
_ ده كان قبل ما تتحجبى .. و لما هو عادى ليه بتلبسيه قدام عمى و العوو .
إبتلعت ريقها بإحراج و قالت بحزن :
_ أنا آسفة .
و دلفت لغرفتها و إرتدت حجابها و عيونها تشع شررا شيطانيا .. و خرجت تنتوى تفجير قنبلتها .. جلست بجوار زينب و إلتفتت بمكر ناحية رامى و قالت نبرة ساخرة :
_ إلا قولى يا رامى .. هى ليال كانت فين الصبح كده .
إلتفت برأسه ناحيتها و سألها بتوجس :
_ كانت فى البيت .... ليه ؟!
إبتسمت بسخرية و قالت بحدة :
_ بيت إيه .. ده إنت نايم فى العسل .. ده أنا شوفتها من شباك أوضتى كانت فى الشارع و واقفة تتكلم مع واحد غريب .
إتسعت عينى زينب و قالت بضيق :
_ إيه اللى بتقوليه يا عاليا .
هزت كتفيها و قالت بهدوء :
_ هو ده اللى شوفته .. فاقولته .
صك رامى أسنانه بغضب و وقف مسرعا و هو ينتوى سحق رأس ليال على جرأتها و تحطيمها لأوامره ... و ترك شقتهم مسرعا و هبط الدرج راكضا ...
إبتسمت شفتى عاليا بإنتصار .. بينما حدجتها زينب بغضب و قالت بهدوء :
_ للدرجة دى بتحبيه يا بنت بطنى .
إبتلعت عاليا ريقها بتوتر و أجابتها بتلعثم :
_ قصدك إيه .. يا ماما .
إبتسمت زينب بسخرية و قالت بحدة :
_ قصدى رامى .. كنت بكدب نفسى بس خلاص كل حاجة بانت .. إنتى متجوزة يا عاليا و لو أبوكى و لا العوو خدوا خبر .. رقبتك هتطير فيها .
إعتدلت عاليا فى جلستها و قالت بنفى :
_ مافيش حاجة من الكلام ده يا ماما .. حضرتك فاهمة غلط .
وقفت زينب ببطء و قالت بتحذير :
_ إدعى ربك يعدى النهاردة على خير .
و تركتها و سارت لغرفتها .. تطلعت عاليا أمامها بقلق و إبتلعت ريقها بصعوبة و هى تلوم نفسها على ما فعلته و كذبتها التى ستنكشف أمام الجميع ...


خرجت ليال من غرفتها و هى ترتدى حجابها مسرعة و الطرقات على باب شقتهم تتزايد بقوة .. فقالت مسرعة :
_ ثوانى يا اللى بتخبط .
و فتحت الباب للتقابل نظراتها بنظرات نارية غاضبة تكاد تحرقها حية .. فإبتبعت ريقها بخوف و قالت :
_ رامى .
دلف لداخل الشقة و قبض على ذراعها قائلا بشراسة :
_ نزلتى روحتى فين يا هانم .. و إزاى ما تقوليش .. و مين اللى كنتى واقفة معاه ده .
تألمت ليال من قبضته و تأوهت قائلة :
_ آآآآه .. سيب إيدى بتوجعنى ... حرام عليك .
زادت قبضته و قال بغضب :
_ ده أنا هكسرلك إيدك و رقبتك كمان لو ما قولتليش كنتى فين .
و فجأة قبضة قوية تمسكت بيده .. فإلتفت برأسه ناحية غزل التى قالت بغضب حاد :
_ ده أنا اللى هقطعلك إيدك قبل ما تتمد عليها يا همجى .
و نزعت يده عن ذراع ليال و جذبتها و أ وقفتها ورائها و أشارت بيدها ناحية باب الشقة و قالت بصوت قاتم :
_ إطلع بره .. فورا .
إحتدت نظراته نحوها و سألها بتعجب :
_ نعم !!
أجابته بإيجاز صارم :
_ بره .
أتاهم صوت وقوع شيئا ما بغرفة رأفة تلاه تأوهها .. فركضوا ثلاثتهم ناحية صراخها .. فرأوها ممددة على الأرضية و تحاول الوصول لعكازها .. فدفعهم رامى و إنطلق نحوها قائلا :
_ إيه اللى وقعك كده يا ستى .
مسدت ساقها بألم و قالت بوهن :
_ ساعدنى يا إبنى أرجع للسرير .
حملها مسرعا و مددها على فراشها و سحبت غزل و ليال عليها غطائها .. بينما سألتها غزل بقلق :
_ حاسة بحاجة يا حبيبتى .. أتصل بالإسعاف .
هزت رأفة رأسها و قالت مسرعة لتهدأتها :
_ لا يا حبيبتى أنا كويسة .. بس حاولت أجيب عكازى علشان أخرجلكم .. قمت وقعت .. هو فى إيه .. بتتخانقوا ليه .
تطلعت غزل ناحية رامى و قالت بصوت مكظوم :
_ اللى حصل حصل يا تيتة .. بس بعد اللى حصل ده أنا مش هآمن إن ليال تعيش مع الهمجى ده .
ضيق رامى عينيه و قال بجنون :
_ إنت مين إنتى علشان تحكمى و تتحكمى فينا .
إقتربت منه و حدجته بقوة و قالت بتحدى :
_ هتطلقها ... و مش هسمحلك تلمسها تانى .
إتسعت عينيه بقوة .. بينما شهقت ليال بذعر و وقفت قبالة غزل و قالت برجاء :
_ إهدى يا غزل علشان خاطرى ... هو فاهم الموضوع غلط و أنا هفهمه .
ثم إلتفتت لذلك الوحش و المتحفز للإنقضاض على غزل و إقتلاع رأسها و من قبلها سيقتلع لسانها و يلقى به لكلاب الطرقات بعد ما قالته بتبجح .. رفعت ليال رأسها و قالت بهدوء :
_ و الله العظيم ما خرجت من باب الشقة من آخر مرة كنا فى القصر سوا .
اجابها مسرعا بحدة :
_ كذابة .
تجمعت العبرات فى عينيها و قالت بنحيب :
_ أنا كذابة يا رامى .. أنا .
و بكت بصوت عالى من صدمتها و إلتفتت لغزل قائلة بإحباط :
_ أنا مش كذابة يا غزل .
و تطلعت بجدتها و قالت بهستيرية :
_ أنا مش كدابة يا تيتة .. إنتى .. إنتى عارفة إنى مش بكدب .. صح .
ثم تطلعت حولها بخواء و قالت بدموعها :
_ أنا مش كذابة ... أنا مش كذابة .
إبتلع رامى ريقه بقلق على حالة الإنهيار التى أصابتها .. و حاول التقدم نحوها لتهدئتها و لكن غزل كانت أسرع و قبضت على ذراعيها و هزتها بقوة لإفاقتها قائلة بألم :
_ هو ده الإنسان اللى هتكملى معاه حياتك يا ليال ... هو ده اللى ضحيتى بحياتك كلها و دفنتى نفسك فى البيت علشانه .. موافقة تبقى دى حياتك معاه .
تطلعت إليها ليال بحزن و صمت ... فهزتها غزل بقوة و قالت صارخة :
_ ده همجى و هيمد إيده عليكى ... و مش واثق فى كلامك .. مستعدة تتحملى شكه و إهانته يا ليال .
هزت ليال رأسها بقوة و قالت من بين دموعها :
_ لأ مش عايزة حياتى تبقى زى حياة أمى .. أنا كنت بسمعها بتصرخ من الألم لما كان بابا بيضربها ... و كانت تمثل علينا إنها كويسة .. مش عايزة أبقى زيها يا غزل مش عايزة .
كلمات ليال صبت الملح على جرح غزل المتقرح و الذى لم يلتأم و لم يهدأ ألمه رغم مرور السنين و رغم إنتقامها .. إلا أن وفاة والدتها ... و ما حدث معها لم و لن يتركها ...

ربما أبسط ما مرت به والدتها كان ضرب والدها و إهانته المستمرة إليها ... إذا فالرجال كلهم رجال سواء أحبوا أم لا ....
إشتعلت عينى غزل بلهيبها الفيروزى الحارق و إلتفتت لرامى المتجهم الملامح و يطالع ليال بشفقة و قالت بقوة :
_ طلقها يا رامى .. إنت ما تستحقهاش .. تعرف ... أوقات بسأل ربنا هما ليال و ميناس عملوا إيه غلط فى دنيتهم علشان تبقى إنت و حمزة عقابهم فيها .. لو إنت بنى آدم بجد طلقها .
إزداد نحيب ليال و دموعها المنهمرة .. فقالت رأفة بحزم :
_ خدى ليال يا غزل و إطلعى بره .
هزت غزل رأسها نافية و قالت بصلابة و عيناها لا تحيد عن مقلتى رامى بتحدى :
_ مش قبل ما أعرف مين اللى قال له إن ليال خرجت .
اجابها رامى بثقة و قوة :
_ عاوزة تعرفى ... عاليا اللى شافتها و قالتلى .
إرتسمت على شفتيها شبه إبتسامة ... و رفعت حاجبها بحدة ... و قالت بتهكم :
_ و صدقتها على طول يا سيد الرجالة .. عيب عليك و الله .
صرخت بها رأفة قائلة بوهن :
_ غزل ... خدى ليال و إطلعى بره .
زفرت غزل بضيق و جذبت ليال المنهارة بضعف و خرجت بها ... تطلع رامى برأفة التى أشارت إلى الكمود قائلة بهدوء :
_ هات المصحف ده يا رامى يا إبنى لو سمحت .
قطب حاجبيه بعدم فهم و حمله بإنصياع و ناولها إياه .. فحملته منه و أشارت له أن يجلس بجوارها .. فجلس .....
تطلعت إليه مطولا قبل أن تقول برزانة و قوة :
_ و إنت بتقول على ليال إنها كذابة .... ما فكرتش و لو ثانية إنها ممكن تكون مظلومة و صادقة يا رامى .
طأطأ رأسه متطلعا بالبساط و لم يجيبها .. رفعت رأفة المصحف أمام عينيها و قالت بثقة :
_ أقسم بالله العظيم ... إن ليال ما خرجت من باب الشقة من آخر يوم كانت معاك فى القصر .
رفع عينيه مسرعا ناحيتها و قد إرتفعا حاجبيه بدهشة من قسمها ... فقال مسرعا :
_ إنتى مش محتاجة تقسمى يا ستى .. قوليلى بس و أنا هصدقك فورا .
وضعت المصحف على ساقيها و قالت بهدوء :
_ يعنى مصدقنى يا إبنى .
بدون تردد أجابها مسرعا :
_ طبعا مصدقك .
تنفست براحة و قالت :
_ يبقى تطلقها يا رامى ... أنا من الأول مش موافقة على جوازكم و كنت بماطل لأنى عارفة إن إيدك دايما بتسبق عقلك .
تطلع نحوها بنظرات ضعيفة .. فأردفت قائلة :
_ يعنى إفرض فى يوم حد قالك مثلا إنه شافها طالعة لواحد شقته و كان قاصد يوقع بينكم .. تقتلها من غير ما تفكر .
هز رأسه مسرعا و أجابها بقوة :
_ أنا عارف ليال كويس يا ستى .. دى تربية إيدى و واثق فيها جدا ... و أوعدك إن اللى حصل مش هيتكرر تانى .. بس ما تبعديهاش عنى ده أنا أموت يا ستى .
ربتت على كفه وقالت بتأكيد :
_ هيتكرر يا رامى ... هيتكرر .. إنت كده و مش هتتغير .. و مع ذلك .. ليال بره لو هى عاوزاك .. أنا مش هقف فى طريقكم يا إبنى .
تمسك بكفها و قال بصدق :
_ مش هيتكرر يا ستى صدقينى .. و ليال أنا هعرف أصالحها .. بعد إذنك .
و تركها و خرج مسرعا .. لتصطدم نظراته بنظرات غزل المتحفزة ... فإقترب منها قائلا بخجل :
_ ستى عاوزاكى يا غزل .
وقفت قبالته و قالت بتحذير قوى :
_ دى آخر فرصة ليك يا رامى و بعدها .. و رحمة أمى لهحرمك منها و مش هخليك تشوفها تانى .. و زى ما قولتلك قبل كده إنت لسه ما تعرفنيش و لا تعرف أنا ممكن أعمل إيه .
و حدجته بقوة و تركتهما و دلفت لغرفتها مسرعة ... تنهد مطولا و جلس بجوار ليال المنهارة من البكاء ... تطلع ناحيتها بحزن و ضمها لصدره و أحكم قبضته حولها ... لتنخرط أكثر بالبكاء ... قبل مقدمة رأسها و قال بحنو :
_ خلاص بقا يا عسلية .. غصب عنى و الله .
لم يهدأ بكائها فإستدار ناحيتها و كفف لها دموعها و إحتضن وجهها بين راحتيه و إقترب منها و قال هامسا :
_ إنتى عارفة أنا بحبك إزاى .. و بغير عليكى إزاى .. يا ليال أنا بتجنن لو حد بص ناحيتك بس .. لأنك بتاعتى و بس .
إبتعدت بوجهها عنه و مسحت أنفها بكم منامتها .. فلامس ذقنها برقة و أدار وجهها نحوه و قال بتوجس :
_ عاوزة تسبينى يا ليال ... عاوزة تطلقى .
أجابته مسرعة :
_ لأ ... طلاق لأ .
إبتسم براحة و ملس على وجنتها بنعومة و قال بحنو :
_ أنا و إنتى لبعض و بس .. و عمرى ما هضايقك تانى .. خلاص .
أومأت ليال برأسها .. فضمها مجددا و قال بتأنى :
_ حبيبة قلبى .. عاوزك تنسى اللى حصل .. و تبدأى تستعدى لفرحنا .. و مش عاوز دموع تانى .
إبتعدت عنه قليلا و ذابت فى نظرته الحانية و كأن شيئا لم يكن .. أما هو فجذبته عيناه ناحية شفتيها و قربهم دفعه للإقتراب منها ببطء إنتبهت هى إليه فإبتعدت عنه مسرعة ....
تنفس بسرعة و وقف و قال بحزم :
_ أنا .. أنا همشى بقا و هكلمك بالليل .. سلام .
و إنصرف ... إبتسمت ليال براحة و هى تتذكر ضعفه أمامها و إقترابهما اللذيذ ... ثم نفضت رأسها و وقفت مسرعة و توجهت لغرفة غزل .. أدارت مقبض الباب فوجدته مغلقا من الداخل فطرقت الباب قائلة بقلق :
_ غزل .. إفتحى يا حبيبتى .
لم يأتيها ردا .. فطرقت على الباب بقوة و قالت :
_ غزل .. غزل ردى عليا .
وضعت كفيها على أذنيها و هى جالسة على الأرض ضامة ركبتيها بصدرها و تتأرجح للأمام و الخلف بهستيرية ... و صورة واحدة أمام عينيها .. صورة والدتها بثلاجة المشفى ....

و صراخها قبل الحادثة بيوم و شجارها مع والدها و الذى إنتهى بالضرب و الإهانة كالعادة ... فزاد تأرجحها و تشنجها و أطبقت عيناها بقوة و هى تضم ركبتيها أكثر و أكثر حتى فتحت عيناها بقوة على صراخ ليال .. فهدأت و أجابتها بحدة :
_ سبينى لوحدى يا ليال .. هشوفك الصبح .
طرقت ليال الباب مجددا و قالت بتوسل :
_ علشان خاطرى إفتحى .
صرخت بها غزل قائلة بصدمة :
_ قولت سبينى لوحدى ... إنتى غبية .. غبية و هتدفعى تمن غبائك غالى قوى ... مش عاوزة أسمع صوتك .
عادت دموع ليال للإنهمار مجددا بحُرقة .. و إلتفتت و سارت لغرفة جدتها بحزن ....

دلف رامى لشقته فهتف بعصبية :
_ عاليا ... يا عاليا .
خرجت عاليا من غرفتها و هى تجذب حقيبة ملابسها و وقفت أمامه و قالت بجمود :
_ نعم .
ٱقترب منها و ضيق عينيه و سألها بقوة :
_ شوفتى ليال فى الشارع النهاردة بجد .
زفرت بملل و أجابته قائلة ببرود :
_ أيوة .. و ممكن كمان ما تكونش هى و تكون واحدة تشبها .. عادى يعنى .
ضحك ضحكة عالية هستيرية و قال بحدة :
_ عادى ... يعنى أنا كنت هخسر ليال و ستى كانت مصرة إنى أطلقها و إنتى تقوليلى عادى .
صفعت زينب صدرها و قالت بذعر :
_ يااالهوى .. طلاق .. و عملت إيه يا إبنى .
إلتفت إليها و قال بحدة :
_ ليال ما وافقتش .. و الحمد لله سامحتنى بعد اللى عملته معاها .
زفرت عاليا بغضب و قالت بنبرة محتدة :
_ أنا مسافرة يا ماما ... و هبقى أجى على ... على الفرح .
و جذبت الحقيبة و إنصرفت بهدوء ... زم رامى شفتيه و دلف لغرفته بغضب .. بينما صفعت زينب كفيها بضيق و هى تتطلع لآثرهما .....

بقيت غزل بغرفتها لصباح اليوم التالى و خرجت من غرفتها مباشرة على باب الشقة و منه إلى عملها .... أمضت يومها فى صمت وسط تعجب أحمد و سالى .. و اللذان إحترما صمتها و تركاها على راحتها .....
أنهت عملها و عادت لمنزلها و هى متعبة .. طرقت الباب فتحت لها ليال بتحفظ .. دلفت غزل لشقة جدتها حتى وقفت مصدومة مما رأت ... ألا يكفيها ما هى فيه حتى تراهم مجددا ...
وقف عونى أمامها و قال بإبتسامة زائفة :
- إزيك يا غزل .. أخبارك إيه يا بنتى .
وضعت غزل حقيبتها على الطاولة بضيق و قالت ببرود :
- كويسة يا عمى .. بس إبنك ده بيعمل إيه هنا .
وقف إسلام أمامها و قال معتذرا و عيونه تلتهمها بشوق :
- آسف يا غزل .. سامحينى إنى ضايقتك .. و الله وحشتينى جدا .
زفرت غزل فاقدة صبرها و قالت بحدة :
- عاوزين إيه .. وليه جيتوا هنا .
هدأتها رأفة بنبرتها الحانية و قالت بهدوء :
- إهدى يا غزل ما يصحش .. دول ضيوفك برضه .
أومأت غزل برأسها و قالت بإحترام :
- حاضر يا تيتة .. إتفضلوا إقعدوا .
جلسوا سويا .. و دلفت ليال للمطبخ لإعداد شيئا للشرب .. هاتفها رامى فردت مسرعة :
- أيوة يا حبيبى .
رد رامى بتنهيدة حارة :
- حبيبة الحتة اللى فى الشمال .. وحشتينى موت .
إبتسمت بخجل و هى تستمتع بصوته الرجولى للغاية و الذى يبعث رجفة دافئة غريبة بداخلها .. عضت شفتها السفلى بشوق .. ثم تذكرت فقالت مسرعة :
- صحيح .. أنا رنيت عليك علشان أقولك إن عم غزل و إبنه عندنا .
رد مسرعا بغضب :
- إيه !!! و إزاى يدخلوا و مافيش معاكم راجل .. ده أنا ههد البيت على دماغكوا .
شهقت ليال برعب و قالت بتلعثم :
- تيتة رأفة هى ... هى اللى سمحت لهم يدخلوا .. وأنا كلمتك فورا .. بس إنت مارديتش عليا .
إكتسى وجهه بحمرة رجولية منفعلة و صاح بها بغضب :
- قسما بالله ما هتعدى على خير .. أنا هعرف شغلى معاكم .
و أغلق الخط بوجهها .. أغمضت عينيها بخوف و قد إرتعد جسدها .. فإستندت على رخامة المطبخ لكى تهدأ قليلا إستعدادا للقادم .
دلف فارس الوكالة على صياح رامى .. فسأله بفضول :
- مالك يا رامى مين اللى مكدرك كده .. صوتك جايب التايهين يا إبنى .
ضرب رامى مكتبه بغضب و قال و هو ينفث نار من أنفه :
- عم غزل و إبنه عند ستى رأفة و مافيش راجل معاهم .. مش هعديها بالساهل المرة دى .
صاح به فارس بحدة و قد فقد السيطرة على أعصابه :
- ليه هو إحنا كاويرتات .. راجل وإبنه داخلين عليهم عادى كده .. هى ستى جرالها إيه .. لو الواد الأقرع ده عمل حاجة و دينى ما هيخرج على رجليه .
و ترك رامى و توجه ناحية منزل رأفة بغضب .. تبعه رامى و حاله لا يقل عنه .. طرقوا الباب بقوة .. فوضعت ليال يدها على رأسها و قالت برعب :
- عدى اليوم ده على خير يا رب .
فتحت غزل الباب لتتفاجأ بفارس و رامى و ملامحهما متجهمة و غاضبة ... فتسائلت بهدوء :
- مالكم فى إيه ؟!
رد رامى مسرعا :
- إزاى عمك و إبنه دخلوا البيت و ما فيش معاكم راجل .
فقالت رأفة بصوت عالى :
- تعالوا إدخلوا يا ولاد .
دلف رامى و فارس الذى ما أن رآه إسلام وقف مصعوقا و قال بتعجب :
- إنت !!! إنت بتعمل إيه هنا .
و ضع فارس يديه بجيبى بنطاله و قال بصرامة :
- و إنت مالك .. إنتوا اللى بتعملوا إيه هنا .
وقف عونى و قال بإزدراء :
- مين البهوات .. و إزاى تدخلوا علينا كده .
إبتسم رامى بسخرية و قال بحدة :
- لا و الله .. أنا اللى من حقى أسألكم السؤال ده على فكرة .
إقتربت غزل من رامى و فارس و قالت لتدارك الموقف :
- لو سمحتم إهدوا شوية .. إنتم معاكم حق .. ممكن تقعدوا علشان نسمع كلنا عمى عاوز منى إيه .
تطلع إليها فارس بقوة .. فأردفت قائلة :
- هتصدقنى لو قولتلك إنى كنت لسه هتصل بيك علشان تبقى معايا .
شعر فارس براحة غريبة تملأ صدره .. و صدق عيونها هدأه قليلا فقال بهدوء :
- تمام هنقعد .. و قولى كل اللى عندك و ما تخافيش من حد و لا من حاجة تمام .
إبتسمت إليه إبتسامة شقية و قالت بدلال :
- done .

جلس فارس و رامى معهم بتحفز .. فوقفت غزل أمام عمها عاقدة ذراعيها أمام صدرها و قالت بضيق :
- هاه إتفضل إتكلم يا عمى .. محدش هنا غريب .. عاوز إيه .
أجابها عونى بقوة :
- عاوزك ترجعى معايا لبيتى و حالا .. ماينفعش تعيشى على كيفك بعيد عنى .
إستندت رأفة على عكازها و إعتدلت فى جلستها قائلة بغضب محتد :
- إيه على كيفها دى .. ما تقعد عوج و تتكلم عدل يا جدع إنت .
وقف فارس و قال بتشنج كبير :
- هو لسه هيتكلم .. ده أنا هقصله لسانه لو فكر يطوله عليها تانى .
هدأته غزل ثانية و قالت :
- معلش يا فارس إهدا .. وسيبه يخلص كلامه علشان نخلص .
حدجه عونى بضيق و تابع حديثه بصرامة :
- بصى يا غزل من الآخر كده إنتى هاتيجى معايا و هجوزك إسلام إبنى و إلا قسما عظما ما هسيبك فى حالك .
ضحكت غزل بسخرية و قالت بتحدى :
- طب مش هاجى معاك و لا هتجوز إبنك .. و ورينى بقا هتعملى إيه يا عمى .
رد عليها بإستخفاف :
- بتتحامى فى الإتنين دول .. فاكرة إنى هخاف منهم .
وقف رامى و رفع سبابته أمام وجهه و قال محذرا :
- لولا إنك راجل قد أبويا الله يرحمه .. كنت دفنتك مكانك بعد ما عملت معاك الغلط .
وقف إسلام و رد على رامى بنبرة تهديد :
- ماتحترم نفسك يا أستاذ إنت .. إيه مافيش حد مالى عينكم .
شعر رامى بالدماء تدفق فى عروقه بسخونه و ما أن هم أن يهجم عليه .. حتى أوقفه فارس بأن وضع ذراعه أمامه .. زفر رامى بعصبية و هتف قائلا بحدة :
- سبنى عليه العيل ده .
إبتسم فارس بهدوء و قال ببساطة :
- شايلينك للتقيله ياهندزة .. و باعدين الواد ده عُهدتى .. وأنا محبش حد يلعب فى اللى يخصنى .
إبتسم عونى بسخرية و قال بتهكم :
- ده على أساس إننا هنخاف من الفيلم الحمضان ده .
شعرت غزل بشرارات الإشتباك بينهم بعدما تجهم وجه فارس و رامى .. فقالت مسرعة :
- هات من الآخر يا عمى .
رد عليها عونى بحدة :
- هاتيجى معايا البيت .. و هتتجوزى إبن عمك و مش هسمحلك تسبينا تانى .. مش عونى السويفى اللى يرمى لحمه فى الشوارع .
زادت نوبة غضب فارس و رامى .. فقالت غزل مسرعة :
- طب look at meيا عمى .. أنا مش هاجى معاك و مش هتجوز إسلام .. و رينى بقا هتعمل إيه قولنا .
رد إسلام عليها بغضب :
- إتكلمى بأدب أحسنلك .
تحرك فارس قليلا و قال بعضب هادر :
- يا إبنى اللعب معانا خطر .. فلم لسانك أحسنلك إنت .
ضحك عونى بسخرية و قال بإستخفاف :
- بص يا شاطر البوقين دول ياكلوا مع أى حد تانى .. قسما بالله أقفلكوا الحارة دى بالبوليس يوم ما تفكروا تشوفوا نفسكم علينا .
إتسعت عينى غزل بخوف و قالت بتحذير :
- بلاش يا عمى و إهدا كده إنت مش قدهم .
رد عليها بضيق :
- هما مين دول اللى أنا مش قدهم .. تعرفيهم منين أصلا الأشكال دى .
فقالت مرة أخرى محذرة :
- يا عمى بلااااااش .. صدقنى مش هتلاقى فرصة للأسف .
رد عليها إسلام بإستهزاء :
- إنتى بتخوفينا بالإتنين الصِيع دول .
تعالت الشهقات من حولهم .. لطمت ليال على رأسها .. و مطت رأفة شفتيها و هزت رأسها بشفقة على إسلام و عونى .. بينما قالت غزل مسرعة :
- أنا بقول ناخد ساتر إحنا .. قومى معايا يا تيتة ندخل أوضتك .. ورايا يا ليال .

و بالفعل دلفا ثلاثتهم لغرفة رأفة ... بينما وقف فارس و رامى أمام عونى و إسلام و على وجهيهما إبتسامة مصطنعة تنذر بالأسوء ......


إنتظرونى فى الجزء الثانى .....


قراءة ممتعة .....


ياسمين أبو حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس