عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-19, 05:30 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//




(2)



تقدمت بخطواتها الرشيقة حينما سمعت أصواتا منبعثة من الصالة.. ثم توقفت قليلاً عند بابها فكما يبدو لها أن ولدي عمها يتجادلان حول أمر ما.
راودتها الحيرة في أن تدخل، وعزمت أن تعود بأدرجاها وتنتظر ريم في الحديقة، ولكنها توقفت لوهلة عندما تعلقت عيناها بتلك العيون الرمادية الذي لمع فيها بريق اعجاب سرعان ما تحول إلى عيون رمادية خالية من أي مشاعر...
همست بخفوت " صباح الخير "
ثم سمعت صفيراً منطلقاً من رامي وهو يتقدم نحوها: "ما هذا الجمال...هل تصدقين انك أجمل فتاة رأتها عينااي.."
"لا تصدقيه..انه يقول نفس هذا الكلام لكل فتاة تمر في حياته.."،، تحدثت ريم وهي تدخل الصالة وتخرج لسانها كالأطفال نحو رامي.
قال وهو يبعد ريم عن طريقه: "ما شأنك،، انا أتكلم مع قمر"
واردف وهو يمسك يدها ليجعلها تدور حول نفسها: "انت فقط اخرجي ..واجمعي المعجبين حولك، ستكونين فتاة الموسم.."
ضحكت قمر وقالت: "ليس الى هذا الحد.."
"انظر حتى هي لا تصدقك.."ريم بسخرية
ثم وجهت كلامها الى قمر حيث كانت تقف محدقة بعيونه من جديد، غير آبه بما يحصل من حوله.
"هياا يا قمر.."..
"حسناا سأوصلكما حيث تشائان.."
تطلعت اليه ريم لبرهة ثم قالت وهي ترفع احدى حاجبيها: "لا اعهدك شهما لهذه الدرجة.."
"اظن انكِ اخطأتِ بيني وبين شقيقك..لانه لو كانت هناك فتاة على سفح جبل عال لتركها هناك لتقع وتتألم...اما انا طبعا ساساعدها اسألوني لماذا؟!"
وما ان انتهى من كلامه حتى اتته ضربة على دماغه وصوت يقول"لانك زير نساء طبعا.."
"لماذا لم تخبرانني؟!"رامي وهو يدلك بيده رأسه
ضحكت الفتيات على تصرف مجد وردة فعل رامي حين اتته الضربة... عندها فقط انتقلت عيناه فجأة الى صاحبة العيون العسلية وهو يسمع ضحكتها الرنانة و سرعان ما انتشل نفسه من تلك المشاعر التي حاصرته عندما التقت عيناه الباردة مع عيونها الناعسة والقى عليها نظرة باردة قبل ان يقول لرامي وهو يشير بسبابته: "اذا كنت ستوصلهما تصرف معهما بلطف..واترك تلك التصرفات الصبيانية.."..
"امرك سيدي"

اما بالنسبة لقمر فمنذ ان جائت عيونها بعيونه سيطر عليها شعور غريب لم تشعر به ابدا...وهي تفكر بمدى اختلاف نظراته في كل مرة..فاحيانا تكون نارية غاضبة تتطلع اليها بكل حقد او غضب..واحيانا يكسوها الالم والعجز...ومن المؤكد نظراته الباردة لن تناسها..برغم كل ذلك عيونه فيها جاذبية خاصة..!...
انسحبت مع ريم ورامي وهي تلقي نظراتها الجانبية عليه وفي خاطرها تدور اسئلة كثيرة حول غرابة تصرفاته معها وتجاهله التام لها...
اما هو وقف للحظة وهو يراها تخرج من الباب الرئيسي وعيونها الناعسة التي بقيت تحملق به قبل خروجها الى ان أُغلق الباب...

اسند رأسه على الحائط وأخذ نفساً عميقاً، وابت ذاكرته الا ان تعود الى ذلك اليوم والذي كان سببا في ان يجعل مجد يحمل صفة البرود واللامبالاة..
كان يوما ربيعيا مشمسا تتألق فيه الزهور الحمراء والتي بدأت باظهار لونها وعبيرها الرائع في تلك الشقة السكنية الصغيرة وخيوط الشمس الذهبية اعلنت عن يوم جديد جميل....و صوته الذي يحمل فيه كل الشوق والحنين وهو يقول لصديقه ومساعده بالعمل"ستعود اليوم..سأذهب لاستقبالها في المطار.."
كان متحمسا جدا فاليوم هو اليوم الموعود..اليوم المترقب بعد كل سنين الحب التي مضت بحلوها ومرها..نعم حبيبته جيني اليوم ستعود وهو سيتقدم لها رسميا بعد سنين الحب التي قضياها في ايام الجامعة..لقد جهز لكل شيء.. فقد اتفق مع احد معارفه والذي يعمل عملا ليلا في احدى المطاعم ان يجهز المطعم بكل شيء بشموع حمراء.. وورد احمر متناثر على الارضية.. واصناف طعام شهية كانت ومازلت في حينها تعشقها.. لقد رتب لكل شيء..ولم يتبقى الا موافقتها... ارتدى قميصا ابيض وبنطالا اسود ومسك باقة الورد وطبعا لن يتخلى عن عطره المفضل...أليست حبيبته قادمة؟!
وكل ذلك من اجلها...من اجل حبه الذي قضى اعواماً كثيرة يحلم بها في هذه اللحظة...
قال في نفسه"ستكون مفاجئة رائعة لها.."ولكنه لم يكن يدري حينها انها جهزت له مفاجئة كبيرة جدا...

وقف وهو ينظر الى قائمة الطائرات التي حطت عجلاتها ارض المطار...اتسعت ابتسامته عندما رأى طائرة سان فرانسيسكو قد هبطت قبل دقائق..وتوجه مسرعا نحو البوابة التي ستخرج منها غير مكترث بكل اولئك الناس الذين اصطدم بهم... ولكنه توقف فجأة عندما رآها تخرج برفقة احدهم والبسمة على وجهها.. ولم يكن يظن ان حبيبته قد خانته او تركته يعيش الماً كبيرا بعدها..
ألا أقول ان الحب أعمى!!
نعم اعمى لانه ظن ان يكون هذا الشخص احد اقاربها... ولا اخفيكم كم شعر بالالم عندما علم الحقيقة..


عاود النظر الى الباب من جديد..وهو يتذكر عيونها العسلية التي ظلت تحملق به..كما كانت تحملق به جيني في اول ايامه بالجامعة...لكم هناك من اوجه شبه بينهما...حتى المشاعر التي شعر بها عندما اتت عيونه بعيونها كانت نفسها التي شعر بهاا عندما يرى نظرات جيني له...
نفض رأسه من تلك الافكار التي حاصرته بسرعة..وشعر باحدهم يقف خلفه فالتفت ليرى جدته باسمة الوجه..

♥♥♥♥♥♥♥


تلومني الدنيا إذا أحببته
كأني أنا خلقت الحب واخترعته
كأنني على خدود الورد قد رسمته
.. كأنني أنا التي
للطير في السماء قد علمته
وفي حقول القمح قد زرعته
.. وفي مياه البحر قد ذوبته
.. كأنني أنا التي
كالقمر الجميل في السماء قد علقته
.............
......

كانت تستمع الى حروف نزار قباني في ذلك المقهى الكبير وهي تراه ينتقل من مكان لاخر يأخذ طلبات الزبائن بقميص عمله الابيض و بنطاله الاسود وشعره البني الذي يتناثر فوق جبينه باهمال.. وعيونه السوداء الواسعة..كانت تتأمل كل شبر فيه حتى تشبع نفسها و قلبها الذي ينبض بعنف... وعقلها الذي لم يسوعب جمال هذا الكائن.. (رائد) ومن دون ادراك منها خرج اسمه من بين شفتيها على مسامع قمر...
"من يكون؟!" تساءلت قمر بعدما وجهت نظرها ناحيته وهي ترى عيون ريم المتجهة له
ريم بارتباك بعدما رشفت رشفة صغيرة من كوب القهوة"زميل دراسة.."
شعرت قمر بارتباكها وادركت انه اكثر من ذلك ولكنها تجاهلت ارتباكها فتسائلت.."ولماذا يعمل هنا؟!"
ناظرته ريم بنظرات حزن ثم اعادت نظرها الى قمر"حالتهم المادية سيئة..لذلك هو محتاج الى المال ليكمل دراسته"
ثم اردفت وهي تبتسم"ولكن الشيء الجميل فيه انه لا يشتكي من فقره... حتى منزلهم البسيط لو تريه برغم بساطته ولكنه جميل.." تلاشت ابتسامتها لتقول"لو تري العائلة يا قمر، عائلة بسيطة جدا بكل شيء ولكن حظ الحياة مقفل في وجههم.."
قالت قمر بحنان وهي تمسك يدي ريم"الفقر ليس عيبا..العيب هو ان نمد يدينا للناس.." ثم اردفت بمكر وهي تغمز لها"كل هذا وهو زميل دراسة..كيف لو اصبح حبيب القلب و زوج المستقبل.."
ابتسمت ريم بمرارة"لا اظن..فوالدي حتى لو قبل من بعد اصراري عليه..سترفض امي بكل تأكيد انتي تعلمين كيف تفكر..الاهم عندها هو المال.."
"وما ادراكِ..انظري لي اناا لقد عايشت البؤس والحرمان من العائلة والاصدقاء لسنين طوال...حرمت من والدتي وانا بعمر الزهور.. وتركني والدي في احد الملاجئ لمدة عشر سنين الى ان وجدني جدي.. ولكن برغم كل هذا كان الامل مزروعا في داخلي برغم انه كنت على يقين أني سأبقى حبيسة بذلك المأوى ارعى من هم في مثل حالتي..ولكن حمدا لله ان جدي وجدني..."
"هل تصدقين شيئا..عندما اخبرنا جدي عنك ظننت انك طفلة ولم اكن ادرك انك في التاسعة عشر حتى أننا لا نعلم بوجود عم آخر لنا يقطن في فرنسا.."
ابتسمت قمر ابتسامة باهتة... فما كان من ريم الا ان ربتت على يدها بحنان اخوي جميل حرمت منه قمر لسنين طوال..

ثم تبسمت ريم عندما تذكرت شيئا ما و قالت"وما بك اليوم.. تبدين مختلفة..وجميلة ايضا..."
اتسعت ابتسامة قمر اكثر وهي تتذكر ذلك الحلم وبدأت بسرده الى ريم حين رأت ذلك الاهتام جليا على وجهها....
*********

الرابعة عصرا...
الجدة تجلس وحدها بالحديقة تسقي ازهار النرجس التي زرعتها منذ زمن طويل...
"ااه جدتي الجميلة تسقي نرجسنا..."
ابتسمت الجدة عندما رأت رامي يقبل ناحيتها وخلفه كان ماجد وهدى...
"ألن تكف عن هذه المغازلات.." ضربته الجدة على كتفه... ثم وجهت حديثها الى ماجد"حمدا على سلامتك يا بني..ما اخبارك؟!"
"بخير يا جدتي..لطالما احبائي بخير.."قالها وهو ينظر الى هدى والتي اطرقت رأسها خجلا... ابتسمت الجدة وقالت"كيف احوالكم..هل تسير اموركم بخير.."
اومأ ماجد رأسه ثم قال"بخير يا جدتي..وقد احضرنا الدعوات الى ريم وقمر حتى تدعو كل واحدة منهن من تشاء (قالها وهو يضع عددا من الدعوات على منضدة خشبية)
وأكمل بعد ذلك متسائلاً: " أين مجد..؟"
أجابته بهدوء "في غرفته."
ثم وجهت وجهها نحو رامي وقالت له بهمس"اريدك بأمر ما..؟!"
قال بصوت هامس مقلدا جدته"وماذا تريدين..؟!"
ضربته جدته قبل ان تنهص وقالت له بصوت غاضب"اتبعني.."وما كان منه الا ان تبعها داخل ذلك القصر تاركين عصفوري الحب يعيشان حبهما الطاهر الذي سيتوج بالزواااج.....
وتحديدا كانت خطواتهم متجهة نحو مكتب الجد، وما ان دخلا حتى جلسا الاثنان على اريكة بنية قاتمة اللون...
وقالت الجدة بلهجة حازمة"أريدك ان تخبرني بكل شيء عنه!"
*****
طرقاتٌ خفيفة جعلتها تترك ما بيدها من ملفات وتقول بصوتها الأنثوي "تفضل "
"مرحبا،، يا آنسة "
قالت بابتسامتها المعهودة "اهلاً تفضل بالجلوس .. ماذا تشرب ؟!"
أجابها باقتضاب "لا شكراً،، فأنا على عجلة من أمري "
قالت وهي تمسك احدى الملفات "اذا لا أجعلك تنتظر أكثر من ذلك "
ثم اردفت وهي تعطيه الملف " سيد مجد هذا الملف الخاص بها كما طلبت.. يشير هذا الملف انه تم نقلها بعد شهر من مكوثها"
"هذا يعني ان احدهم طلب ببعثها خارج البلاد"
اومأت برأسها "أجل.."
"وكيف سنعلم من يكون؟!"
اجابت بكل هدوء "من سياسة العمل ان المسئول عنها من يطلب ذلك، ولكن يستحيل أحد آخر "
اومأ مجد رأسه، وأكملت حديثها " أنا صديقة للعائلة منذ سنين طويلة، ومنذ أن بدأت العمل هنا قرابة ثلاثة سنوات، لاحظت تشابه الاسماء.. وكما أخبرت رامي وجدك من قبل تواجد قمر هنا لم يكن صدفة، "
قاطعها " تقصدين نقلها من باريس إلى هنا.."
هزت رأسها مؤيدة
ثم قال وهو يشد على اسنانه بغضب "حسنا..شكرا لكِ"

خرج جالساً على كرسي خشبي، يتفقد الملف مرة أخرى ويسترجع الحديث الذي دار مع مديرة المأوى، وجود قمر هنا بعد كل شيءٍ ليس مصادفة أبداً.. بل كانت خطة مدروسة بعناية!
أخذ نفساً عميقاً وطرد وسواسه من رأسه توجه إلى سيارته والتقط هاتفه ثم لما جاوبه الشخص على الطرف الاخر صرخ وهو يصر على اسنانه
" لقد طلب أحدهم نقلها إلى هنا،.....!!"
هدأ قليلاً وبصوتٍ مهزوم قال " طوال العشر سنوات تبعد عنا كيلومترات ليست بالكثيرة.. "
تنهد بحيرة " ولكن لماذا تم ايجادها الآن، وليس قبل ذلك؟!"


*****
كانت عيناها تلتفت يمينا وشمالا في ارجاء الكافيتريا بحثا عن ذلك الشاب الذي سرق قلبها وعقلها..واضعة كتبها على صدرها وهي تمشي بجانب صديقة عمرها امل...انها لا تراه اليوم..هل يعقل انه لم يأتي الى الجامعة...لا مستحيل فهو مثابر من غير الممكن ان يضيع محاضرة واحدة بسبب اي امر كان... توجهت نحو طاولة ما في ركن الكافيتريا بعدما توجهت صديقتها لاحضار شئ ما للاكل....انزلت رأسها على الطاولة بملل وضجر من كل محاولات البحث والتفكير به..فهل يفكر بها مثلما تفكر به..هل تتسع ابتسامته عندما يراها... وهل...
"ريم هل انتي بخير.."
وها هي الان تتخيل صوته..مؤكد انه من شدة التفكير به...ولكن صوته عاد من جديد فرفعت رأسها اليه..وهي تراه واقفا بجاذبيته ينظر اليها بقلق
"هل انتِ بخير..."
اومأت رأسها بالايجاب..ولكنه قال وهو يجلس على الكرسي المقابل لها"لكن تبدين متعبة.."
ابتسمت وهي تقول"ربما من ملل المحاضرات.."
وبحنان همس لها " لم تأتِ البارحة أقصد بعد أن رأيتك بالمقهى، ألم يكن هنالك محاضرات يتوجب عليك دخولها"
" بلى ولكنني كنت مع قمر، لم استطع تركها باقي اليوم.."
أومأ رأسه تفهماً، ثم اردفت وهي تتوجه نحو حقيبتها الحمراء وتجلب شيئا منها"لقد تذكرت..(ثم وضعت احدى البطاقات على الطاولة)هذه بطاقة دعوة لحفل زفاف ابن عمي..اتمنى ان تأتي.."
تطلع الى البطاقة ثم اليها"ولكن انتي تعل..."
قاطعته برجاء"ارجوك.."
ابتسم وهو ينهض"سأحاول..من اجلك..."

(من اجلك)... كلمتنان جعلت قلب ريم يقفز فرحا.. وينبض نبضات متتالية..يجعلها تذهب الى عالم اخر..عالم حب يجمعها مع رائد.. حبيب قلبها .و بجلعها تذهب بعيونها اليه وهو يتوجه خارج الكافيتريا..والحمدلله انه لم يسرق عقلها منها ايضا فها هي تتذكر اول يوم رأته فيه... كان يتقدم ببطء نحو قسم التسجيل بالجامعة ممسكاً باحدى يديه اوراقا خاصة..وبيده الاخرى هاتفه المحمول يتحدث الى امه"حسنا..حسنا سأحضر الكوسا.." وبنفاذ صبر"و سأجلب الدواء أيضا.."..."هل هناك شيئ....." ولكنه لم يمكل كلامه اذ اصطدم باحدى الفتيات التي تخرج على عجل غاضبة وهي تتحدث بهاتفها ايضا وتصرخ على سائقها على ما يبدو...
"هذا ما كان ينقصني ايضا.." قال هذا وهو ينظر على اوراقه التي تبعثرت على الارض.. وانحنى نحو الارض ليعاود جمعها واذ بها هي الاخرى تنزل وتجمع الاوراق معه
"اسفة..انا حقا متأسفة.." وهي تعطيه الاوراق التي جمعتها
اخذها منها ببرود "لا بأس..لا يوجد مشكلة.." ثم عاد ليتوجه الى منطقة التسجيل ولكن صوتها اوقفه "لا تتعب نفسك عبثا..هناك طابور كبير وقد تحتاج الى زمن طويل ثم ايضا(وهنا نظرت الى ساعتها الفضية التي على معصمها)لم يتبقى على اغلاقه سوى خمس دقائق.."
تأفف بضجر ولم يرى الا يدها التي تمتد لمصافحته وهي مبتسمة"اناا ريم.."
اقشعر جسدها حينها عندما تذكرت تلك اللمسة البريئة وابتسامة الخجل على وجنتيها...
"ماذا كان يريد منك؟!" وهنا ظهرت صديقتها امل بوجه عابس..
هزت رأسها نفيا بلا شيء فهي تعلم ان امل لا تشعر بالراحة من تقربها لرائد..
"فقط اعطيته بطاقة دعوة لحفل زفاف ماجد.." أجابت ريم باختصار شديد
اومأت امل رأسها بضيق"لا اشعر بالراحة من ناحيته عندما رأيته يقف بجانب تلك الفتاة والذي منذ ان ابتعدتُ عنكِ اتى اليكِ"
ريم باستغراب - لانها تعلم ان رائد لا يقف مع اي فتاة فهو ليس اجتماعي إلى حد ما -
نظرت ناحية المكان الذي اشارت اليه أمل بيدها ولكنها..لم ترى أحداً..!!!

****
صباح يوم جديد..يحمل في طياته املا وحبا جديدا... اشرقت شمسه معلنة بدءِ مسيرة النهار انسجاماً مع زقزقة العصافير...
لامست الرياح الخفيفة بشرة بيضاء ناعمة وهي تغط في نوم عميق..
واصوات آتية من خلف باب غرفتها وطرقات متتالية...
"هيااا ياا قمر..."
فتحت عيونها الحمراء الناعسة..والتي لم تأخذ قسطا كافيا من النوم بسبب حفلة وداع الامس والتي استمرت الى ما بعد منتصف الليل...توجهت نحو الباب الذي كاد ان يتكسر من شدة الطرقات التي وجهت اليه.."ماذا تريدين ايتها المزعجة..؟"
اشاارت الى نفسها باستنكار"انااا مزعجة؟!.."
فأكملت وهي تدفع قمر الى داخل الغرفة عندما رأتها بملابس النوم"ثم لماذا ما زلتي نائمة الى اﻵن..هياا هناك الكثير لنفعله اليوم."..
بعيداً عنهم، تحديداً في احدى الأحياء البعيدة..

"ماذا..؟!تريد ان اذهب معك!!.."
"ارجوكِ ياا جيداء..."
"ولكن يوجد اختبار بعد غد يا رائد..لا استطيع.."
قال برجاء اكثر"كل ما هو عليكِ اختبار جبر بسيط..لن تعطلكِ ساعة في المساء.."
تسائلت جيداء"لماذا لا تذهب وحدك..اريد ان افهم.."
"انا لست معتادا على هذه الاماكن..ثم و بوجود احد اقاربي اكون بخير.."
فكرت قليلا"حسنا..سأذهب وارى ما اخر طلباتك تلك التي لا تنتهي.."
اتسعت ابتسامته وهو يغلق سماعة الهاتف واستدار نحو امه المريضة النائمة على فراشها المهترئ وانحنى ليقبل وجنتيها قبل ان يخرج موجها كلامه لأخته الصغيرة"اعتني بها جيدا.... سأذهب لأتجهز"
~~~~~~~~~~~
انقضى النهار و قد حان الوقت المنتظر وها هو قرص شمسنا الذهبي يكمل دورته في المغيب ويستقر في الطرف الأخر من الكرة الارضية
وفي احد الفنادق الفخمة بدأ المدعوون بالوفود اليه متجهين نحو الحديقة الخلفية للفندق والتي تتناثر على ارضيتها العشبية الخضراء ازهارا حمراء صغيرة في الممر الذي ستزف فيه العروس وعلى جانبيه وضع حاجزاين خشبين زينا باغصان الاشجار والأزهار المختلفة وبعض اللؤلؤ والكريستالات الصغيرة اللامعة
اما نهايته فقد كان يتربع جسر خشبي قبل الوصول الى ارضية خشبية ..
ومقعد العروسين عبارة عن ارجوحة ثابتة مثبتة بين غصنين من الشجر.. تتدلى عليها فراشات ملونة وازهار الكرز التي اعطتها رونقا خاصا بها.. وبجانبي المقعد اربع كراسٍ صغيرة بيضاء زينت ببعض من الاقمشة و الزهور ،، وقد رتبت كراسي المدعوين حول طاولات دائرية مزينة بغطاء من الستان الأبيض وشريطة حمراء..
اما بالنسبة لصديقات العروس فقد قررن ان يرتدين زيا موحدا وهو عبارة عن فستان ضيق بلون التوت يصل الى عند الركبة..وعلى صدره احجار ملونة اضفت عليه نعومة خاصة.. واكتفين بفرد شعرهن الأملس والقليل من مساحيق التجميل من دون تكلف.. باستثناء قمر والتي ارتدت فستانا خاصا بها....
"ياا فتياات.. لقد وصلت العروس.."
التفتت جميع الفتياات الى رهف(احدى صديقات هدى) التي كانت تركض ناحيتهم بكعبها العالي عندما رأت العروسين يدخلن غرفة التصوير... وقد اعتلت وجوههم الابتسامة والحماس لرؤيتها..
"اتمنى انها لم تنسى ان تكتب اسماءنا اسفل كندرتها.."تسائلت احدى الفتيات..
فأجابت ريم مؤكدة"لا..فقد كتبتهم البارحة بعد ان انتهت الحفلة.."
تنهدت الفتيات براحة ثم همست ريم في اذن قمر بسخرية"ومن سينظر الى وجوه هؤلاء الفتيات.." اكتفت قمر بالابتسام وهي تضع عقدا فضيا ناعما...
ثم جائهم صوت من احدى موظفات الفندق تخبرهم بالاستعداد ليتوجهن بعدها بدقائق نحو الحديقة....


كان يجوب عينيه بضيق وهو يلتفت يمينا ويسارا بحثا عنها من جديد...في تلك الحديقة الكبيرة وبين هذا الحشد الكبير.آملا ان يلمحها لو من بعيد ولكن بحثه باء بالفشل مرة اخرى...
"لن تراها هنا الا بعد قليل..لا تتعب عيناك.."
انتبه للهجة السخرية في نبرة رامي واكتفى بأن القى عليه نظرة جانبية غاضبة...
"انظر الى كل هؤلاء الحسناوات.."قالها رامي وهو يطلق صفيرا ينم عن مدى اعجابه بالجنس اللطيف..ثم أكمل بضيق وهو يشير الى احدى الفتيات التي تتقدم بغرور وتجلس بكل كبرياء.."لاا اقصد تلك.."
ويبدو ان مجد لم يكن يسمعه او مكترث لما يقوله فآثر الصمت وهو ينظر الى ماجد الذي وقف على تلك الارضية الخشبية لانتظار عروسه.. مرتديا بدلته الرسمية (عبارة عن بنطال اسود و سترة بيضاء مع قميص ابيض ولن يتخلى عن ربطة العنق السوداء.. ) رافعا شعره البني عن جبينه الابيض العريض و عيونه البنية الواسعة التي تنتظر قدوم عروسته فانه لا يكاد ان ينزل بصره واذ به يرفعه بعد لحظات نحو بداية الممر....


عقد مجد حاجبيه استغرابا عندما انتبه على خفوت الانارة بعض الشيء فقد حانت زفة العروس ولكنه لا يستطيع ان يراها....وقال في نفسه"اين هي..؟!".. ما باله يفكر بها بكثرة.. فمنذ ان رآها امس بالحفلة لم تغب عن تفكيره للحظة واحدة حتى انه لم يستطع النوم وهو يفكر ببرائتها وجمالها الطفولي.. عفويتها وحركاتها الرشيقة وابتسامتها التي تذيب جبالا من الهموم المتراكة... و مشاعره المتأججة التي لن ينكرها ابدا فعند رؤيتها ترتجف كل خلية في جسمه حتى تلك العضلة التي تقبع في يسار صدره .. وما لا ينساه بالحفلة عندما انتبه على يد جدته التي امسكت بمرفقه وقالت بصوت حنون"أماا آن لقلبك ان يلين.."
واكتفى بالتحديق في جدته غير مدرك كيف علمت بامره... ثم وجه انظاره نحو رامي بحدة فهو الوحيد الذي يعلم بسره... لكنها قالت"ليس ذنبه..فأنا اجبرته..عندما رأيتك على هذا الحال.." ثم اردفت عندما لم تجد منه ردا.."كفى تعذيبا لقلبك يا بني..وافتح قلبك لاحداهن ستجد قلبك بدأ ينبض بحب جديد اقوى واعنف من الحب السابق.."..ثم توقفت عندما رأت نظراته الحادة نحو قمر وقال بصوت فيه غصة"لكنها تشبهها.."
"هي لا تشبهها..انت من جعلت جميع الاناث تشبهها.. فعندما تنظر لاحادهن ترى وجه جيني امامك..وتتذكر خيانتها لك..لذلك نرى نظراتك الحادة نحو قمر.."..واكملت وهي تشير الى قلبه"صدقني ان قلبك قد نسيها وسيجد طريق جديد له ولكن(وهناا اشارت نحو رأسه)ولكن عقلك لم ينسى خيانتها.."

*****
وعلى اصوات خرير الماء وزقزقة العصافير تتقدم اربعة فتيات صغار بزي الفراشات يمسكن بعصي على شكل قلوب حمراء..فأشكالهم البريئة كأشكال الجنيات في حكايات الأطفال والاساطير..الى ان يجلسن على الكراسي التي على جانبي مقعد العروسين.... وتبدأ بعدها موسيقى هادئة مع اصوات ضيوفنا الذين يرحبن بعروسنا الجميلة باعجاب وفرح..كانت تقف ممسكة بباقة من الزهور الوردية بفستانها الأبيض الضيق من عند الصدر والواسع من الاسفل.. ذو الاكمام الطويلة من قماش الدانتيل الناعم.. وتناثر على اطرافه ازهاراً وردية صغيرة.. واحتفظت بتسريحة شعرها الأشقر المموج مع اضافة اكسسوار من الزهور الملونة مما اضفى عليها الحيوية والجمال..واكتفت بكحل يزين عيناها الزرقاء واحمر شفاه ،،فاضفى عليها نعومة خاصة ،وكانت متشبثة بباقة الازهار الوردية والتي يتخلل زهورها ريشاً من نفس اللون وهي تتقدم ناحية ماجد لعلها تبعث فيها الطمأنينة والسكينة وتخفف من ارتباكها وقلقها..ومن خلفها صديقات عمرها واللواتي يمسكن بسلات من الورود الحمراء وينثرنها على الارضية لتصل بعدها الى حيثما تقف عائلتها لتسلمها الى زوجها الذي قبل جبينها بارتباك...
وفي هذه الاثناء انشدت حواسه نحو تلك الفتاة التي بدأت بالتقدم في ذلك الممر بخطواتها الرزينة بهدوء..نعم لقد كانت تلك الفتاة قمر ممسكة بصندوق على هيئة الفراش..بفستانها الابيض النافخ من دون اكمام.. وعلى ظهرها جناح فراش ابيض اللون..و ذلك القناع الكريستالي الذي يغطي عينيها.. زينت شعرها المجعد بطوق من الازهار..
كانت تتقدم بهدوء امام انبهار الجميع ونظرات الاعجاب من حولها...ثم توقفت للحظة على ذلك الجسر الخشبي عندما اصطدمت عيونها الساحرة بعيونه الحادة التي تربكها كلما نظرت ،، وهو ألن يكف عن هذه النظرات التي يوجهها لها؟ ولكن لماذا عليه ان يكون وسيما لهذه الدرجة؟؟ خاصا بقميصه الأزررق الفاتح الذي ابرز عضلات صدره وجاكيته الرسمي بني اللون..وبنطاله الجينز وشعره الاسود القصير..
ثم اكملت طريقها نحو العروسين وهي مستنكرة نظارت الاعجاب التي وجهتها اليه..
وتم فتح الصندوق الذي يحتوي على خواتم العروسين..وهنا تبدأ الفراشات الصغيرة بالدوران حول العروسين قبل التوجه خلف قمر عابرين الممر ثم يختفون عن الانظار...

***
وقفت السيارة السوداء قديمة الطراز امام منزل تظهر عليه علامات القدم والفقر.. فبابه الخشبي الذي تآكل مع الزمن وبهت لونه.. وجدرانه الخارجية التي تبدو من قدامتها انها ستهدم على من يآوي داخلها.. حجرتين صغيرتين ،،واحدة تضم مطبخا في زاويتها وزاوية اخرى تضم دورة ميااه ونافذة صغيرتين و جدرانٌ تأكل لونها مع الزمن..كنبة باهتة مهترئة بجانبها دولاب صغير يحوي ملابس قليلة.... واما الحُجرة الاخرى التي تضم كنبه مهترئة تستلقي عليها امرأة كبيرة في السن قليلا يبدو عليها التعب والمرض وتلك الفتاة الصغيرة ذو الضفيرتين القصيرتين تجلس بجانبها تحاول ان تخفض درجات الحارة العالية بكمادات ماء باردة... والكنبة الاخرى ينتشر عليها كتبا ودفاتر وبجانبها خزانة ملابس قديمة قد عفى عليها الزمن...
"رانيا اهتمي بوالدتي وان حصل اي شيء لا تتردي ان تتصلي.."
اومأت تلك الفتاة الصغيرة المدعوة رانيا رأسها وهي تبدل الكمادات.. ثم انحنى ليقبل والدته قبل ان يخرج من منزله القديم متوجها لتلك السيارة لتستقبله ابنة عمه جيداء بشعرها القصير الأحمر وتنورتها السوداء الرسمية وقميص ابيض...
نظرت الى قميصه الاسود الذي بدأ القدم بالظهور عليه و الى بنطاله الأسود برضى...
تأفف بضجر"لماذا تأخرتي..لقد بدأ الحفل.."
"حسنا لا تبدأ..ثم تأخر قليلا لن تهرب ريم بكل تأكيد......"
تسائل بخوف وهو يشير الى ما يرتديه"هل هذا جيد؟؟.."
جيداء وعيونها على الطريق الوعر المليء بالاحجار الصغيرة"جيد جيد..ومن الجيد ايضا ان نتعدى هذا الطريق الوعر....."
اشاحح ببصره ليفكر بمدى فخامة وبذاخة الحفل الذي سيذهب اليه..ومؤكد انه بملابسه ومظهره طفرة مختلفة عن ذلك العالم الكبير الواسع الذي يضم رجال الاعمال والذين يجدون المال باسهل الطرق..اما هو دخله محدود يصرف على بيته وعلاج امه..اما تعليمه فقد قدم لمنحة طلابية تتكفل بتلك المصاريف..... ولم ينتبه الى اين وصل تفكيره عندما وصلا الى الفندق كبير.
ركنا السيارة في الموقف المخصص قبل ان يترجلا منها متوجهين الى ذلك العالم الذي يراه رائد مختلفا..


"سررت بالتعرف اليكم..مبارك مرة اخرى.."...
قالها رائد قبل ان يتوجه مع ريم الى الرقص برغم اعتراضه المستمر ولكنها سحبته بالقوة معها ..
لوت ام مجد فمها بضيق وهي تنظر الى ذلك الذي من دون المستوى المطلوب ليرافق ابنتها بالرقص قبل ان تنطق الجدة وهي تلتفت اليها
"شااب جيد..أليس كذلك؟"
قالت ام مجد بغرور ووعلامات الاشمئزاز تظهر في عيونها قبل ان تنتقل بين الحضور لتصافح المعارف والاصدقاء"وما الجيد به..و هو فقير الحظ والمال ..لا اعلم ماذا حل بعقل ابنتي لتصادق شاب مثله.."
هزت الجدة رأسها بقلة حيلة فكل ما يهم هذه المرأة هو المال والجمال..

"ماذا بك يا قمر؟!"تسائلت الجدة عندما رأت قمر قد عادت و يبدو عليها الالم..
"لا شيء فقد كسر كعب حذائي وبدلته...اناا بخير لا تقلقي"قمر بابتسامة وهي تطمأن جدتها التي يبدو على ملامحها الخوف والقلق..
"هياا انتما الاثنان انضماا معهم للرقص.."
تفاجئت قمر من طلب جدتها وادارت وجهها نحو مجد لترى ردة فعله ولكن كان وجهه حادا باردا بشكل لا يطاق كيف يمكنه ان يبقي وجهه مشدودا هكذا بدون اي ابتسامة ولا اي كلمة.. فقط انها ترى ان الوسيلة الوحيدة ليتواصل معها هو قذف نظراته الباردة تلك..حسناا هي تعلم انه لا يحبها من نظراته لكن لماذا سحبها من يدها ووافق على طلب جدته؟!ويرقص معها الان..؟!
جاءتها الاجابة منه جافة كعادته معها وكأنه قرأ افكارها.."ارقص معك من اجل جدتي فقط.."
وهي اصلا لم تتوقع منه ان يرقص معها لاجلها..يمكنه الرفض او التهرب عندما طلبت منه الجدة ولكنه وافق فقط من اجل جدته..
قال بسخرية وهو ينظر اليها من اعلى الى الاسفل"تبدين جميلة بهذه الملابس.."
رفعت رأسها مندهشة مما يقول هل حقا تبدو جميلة بنظره ام انه... لكن ما هذه النظرات الغريبة...
ثم احتنق وجهها غضبا عندما اكمل"لا اظن انكي كنتِ ترتدين مثل هذه الملابس وانتِ في المأوى.. من الجيد ان جدي قد وجدك.."
ماذا يقصد بكلامه انه من الجيد ان جدها قد وجدها؟!هل هذه الشفقة؟!هل يشفق على حالها؟!هل لانها يتيمة؟!ماذا يقصد..؟!ثم لماذا يذكرها بالمأوى..؟!
بلعت غصتها وهي تشيح وجهها لتلتقي نظراتها على ريم وهي تضحك بمرح مع رائد والذي يحاول قدر ما يستطيع ان ينسجم في هذا الجو الجديد....
"إلى متى..؟!"
نظرت اليه باستغراب"ماذ؟!"
اقترب منها اكثر وهمس"الى متى ستبقين تحت رداء البراءة هذا؟!.. في اي وقت سيظهر وجهك الحقيقي.."
ابتعدت عنه غير مصدقة ما يتفوه..فإن كان قد توقف عن النظرات الحادة والنارية فها قد بدأ يشن حربه بسلاح شديد سيدمرها بكل تأكيد ان لم تبتعد عنه. وبسرعة قبل ان ينتبه احد طوقت يداه خصرها النحيل من جديد وقال بصوت امر"لا تجعلي جدتي تغضب علي.. من اجلك..".. وبدآ يتمايلان على هذه الالحان الهادئة ببروده المعتاد و عيونها الحزينة

"خطة ذكية منكِ يا جدتي.."
التفتت الجدة الى رامي وقالت وهي تعاود الالتفات الى ما يقصد"لا تنظر الى مجد بقلبه القاسي الذي يظهره....وانا متأكدة انه بدأ باغلاق الماضي منذ ان رآها..وانه يضع وجه الشبه حجة حتى لا يخوض حباً جديداً"
ربما..ولكن هل يستطيع؟!

"جدتي!!..هل ارقص مع هذه او تلك..صدقيني احترت فكلهم جميلات.."
ضحكت الجدة"ارقص مع من تشاء سأذهب لأرى جدك.."
وابتسم بخبث و هو يفكر في شيء ما... ولفت انتباهه تلك الفتاة ذات الشعر الاحمر الناري وابتسم بسخرية"لا بأس بهذه اايضا.." وتقدم نحوها ليطلب منها الرقص الى ان مدت يدها له موافقة....

امااا عند الثنائي الجميل ريم ورائد..كانت ريم تحاول ان تسيطر على ارتباكها الذي يزيد مع كل حركة يتحركانها وهي تشعر بنظرات رائد الذي منذ ان بدآ الرقص موجهة نحوها..
قالت ريم بضجر"ألن تكف عن التحديق بي بهذا الشكل.."
"لا ذنب لي..فأنتِ جميلة..".. اثرت الصمت واكتفت بان اطرقت رأسها خجلا..... وعندما طال صمتها اردف وهو يقترب منها اكثر وبصوته الهامس"ان ازعجك ذلك فلن انظر... ولكن في المرة القادمة انظري الى المرآة لتتأكدي من كلامي......"
وساد الصمت لعدة لحظاات وفي هذا الجو الشاعري نادى عليها بصوته الرقيق"ريم.."
رفعت رأسها متسائلة.. ولكن ظهر على وجهه الارتباك وهو يتحدث مع نفسه"لا ايها الغبي..ثم انها عرفتك لعائلتها كصديقها..مستحيل ان تكون اي شي اخر بالنسبة لها.."..
ثم ابتسم وهو يقول"هذا يكفي لقد تعبت.."
ريم بخيبة امل وهي تبتعد معه عن ساحة الرقص"حسنا.."
ولم يكونا الوحيدين اللذان تخليا عن هذه الرقصة..
فها نحن نرى الثنائي مشحون المشاعر قد انسحبا ايضا.





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس