عرض مشاركة واحدة
قديم 17-10-19, 10:06 PM   #585

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي


الفصل الثاني وعشرون



"وأنا الطائرُ، قلبي ما صَبَا لِسِوَى غصنك والوكرِ القديمْ."

فتحت عينيها وهي ترمش ببطء ليقابلها السواد الذي رافقها دائمًا... عقلها فارغ ولم تتذكر أين هي الآن وماذا حدث... رائحة غير مألوفة داعبت أنفها.. رائحة كرائحة النظافة ممزوجة بآثار لعطر خفيف... بينما تشعر بشيء يحيط بصدرها وكتفها.... رفعت كفها لتصطدم بجلد لا يتنتمي إليها... ارتعشت وهي تمرر يديها عليه... ذراع قوية صلبة بشعيرات طويلة تحيطها بإحكام... انصتت بسمعها القوي لتلك الأنفاس الهادئة التي تلامس رقبتها ثم سمعت همسة ناعسة ارتجف لها قلبها :
" صباح الخير..."

جاهدت لأن تسيطر على ارتعاش شفتيها وردت بخجل :
" صباح... الورد..."

ابتسم وليد وهو يراقب احمرار وجنتيها الفاتن بينما شعرها المبعثر يحيط وجهها مما أعطاها منظر عابث يختلف عن هيئتها التي تبدو بها دائمًا.... إنها تبدو بدون حجاب جميلة أضعاف مما هي بالحجاب.... شعرها جننه أمس وهو يلامسه ويشمه ويقبله ويكاد يشعر بأنه سيقع من يده لنعومته.... هل كلها جننته وجعلته يفقد السيطرة على مشاعره التي أجاد تقييدها... جعلته يضمها لقلبه ... يمنحها نفسه دون اعتراض.... تآوه وهو يغمر وجهه برقبتها فنادته بتشنج :
" وليد..."

قال ببشاشة دون أن يغب عنه توترها :
" نعم حبيبتي..."

رفعت رأسها له وهي تسأل بارتباك أخذ قلبه :
" ماذا.. حصل أمس..."

رفع حاجبيه تعجبًا ثم ابتسم وبمشاكسة انحنى عليها يلامس أنفه أنفها هامسًا :
" ما حصل أنكِ أصبحتِ زوجتي... أمام الجميع..."
ضحكت بخفة وهي ترفع كفها على عينيها :
" أنا آسفة... أعني... أشعر بأنني أطفو على غيمة وعقلي فارغ تمامًا..."

كان رده بأن طبع قبلة خفيفة على شفتيها وظل يتأملها فابتسمت له وقالت بنبرة ترتعش تأثرًا... تحارب خجلها... تحارب قيودها التي تمنعها من قول ما ستقوله.....إنه يستحقه.... أكثر شخص يستحقه :
" ليلة أمس كانت أجمل شيء حصل بحياتي...بل... دخولك لحياتي... إضافة معنى جديد عليها... لون جديد.... حياة جديدة لم أكن أسمع عنها من قبل... كل هذا كان أجمل شيء قد مر علي في حياتي.... رغم اعتراضي ومقاومتي بالبداية... رغم أنني خفت وأنا أراك تتوغل بداخلي أكثر مما أستطيع تحمله... رغم كل الأفكار السوداء التي كانت تطرأ علي وأصدقها ببلاهة.... فقد أحببتك.... أنا... أنا أحبك وليد... "

صمتت تلهث لدرجة أن صدرها ارتفع وانخفض باضطراب وأصابعها تقلصت حول الغطاء... لكنها تشعر براحة عارمة بأن عبرت عن مشاعرها... بالنهاية لم يكن من الصحيح أن تظل تخفيهم بداخلها... هي ستبدأ حياة جديدة مع وليد... لذا يجب أن يكون كل شيء واضح وصريح
أغمضت عينيها تستشعر قبلتيه على جفنيها ثم قال بخفوت وبصوت مخنوق:
" اااه... ماريا..."

ضمته بذراعيها وما زالت على نفس الابتسامة التي خالطتها دموع رقيقة تشوبها السعادة...إنها تحبه وتكاد تموت فرحًا وشوقًا لعائلتها الصغيرة الجديدة....
تنهد وليد والتقط شفتيها يقبلهما بحرارة فتجاوبت بحرارة أشد ثم همست بأنفاسها اللاهثة :
" أين فراس... "

ضحك ضحكة مجلجلة ثم قال :
" هل تسألين هذا السؤال الآن!!.. أنتِ مجنونة... لا تقلقي إنه نائم الآن..."

ضحكت وهي تضربه على ظهره بغيظ ليعود ليعانقها ويسود الغرفة الصمت المشحون بالمشاعر...

********************

" كيف حالك حبيبتي... اشتقنا لكِ جدًا..."

ابتسمت أفنان لوالديها من خلال شاشة الحاسوب المحمول وهي تطالع ملامحهما بحب وشوق كبير... لقد غابت عنهما كثيرًا... مضى زمن طويل منذ أن غاصت بأحضان والدتها الدافئة وتمتعت بحماية صدر والدها...مجبرة تركتهما ومخيرة لأن تعود لهما... لكن كل شيء تغير.... إنها بين نارين الآن.. فما هي بفاعلة...
" كيف حالكما... مت شوقًا لكما والله..."

والدتها كانت دامعة العينين...تنظر لها بلهفة أوجعتها... ملامحها شبيهة بها جدًا... نفس رقتها وضعفها... نفس هشاشتها التي لا تقارن بقوة وصلابة شقيقتها...
" أفنان يا قلبي... متى ستعودين... ألا يكفي كل هذا الوقت والبعد... ألم تخبريننا بأن كل شيء قد بات أفضل... لمَ لا تعودين"
بهتت ابتسامتها ولم تجد إجابة فنظرت لوالدها الذي بادلها نظرة قلقة وسأل :
" هل هنالك ما حصل أفنان..."

هزت رأسها وطمئنتهما بهدوء :
" لا أبدًا... "

ثم تابعت بتردد :
" أنا فقط أتساءل... لمَ لا تعودان؟ "

شحبت والدتها وامتقع وجهها بينما على غير المتوقع ابتسم والدها ورد :
" إلى أين؟..."

قالت وهي تراقبهما بقلق :
" إلى هنا... حيث بلدكما... "

هنا وجدت والدتها تهتف بعصبية :
" تريديننا أن نعود لنستجدي مغفرتها... لنذل لها مرة أخرى... ألا يكفي بأنها نبذتنا دون وجه حق..."

صدمها أن والدتها تظن بها هذه الظنون... لن تكون أفنان إن جعلت والديها يتعرضان لما ذكرته... إنها فقط تريد عودتهما... لقد اكتفوا جميعًا من الهرب دون السبب... من النفي خارجًا لسنوات
همست بوجه حزين :
" لا يا أمي.. كيف تظنين بي ذلك!... لكن ألا تظنان أننا يجب أن نعود.. نعود لبلدنا هنا... ألم تشتاقا لها..."

لم ترد والدتها وهي تطرق برأسها ببؤس بينما قال والدها مبتسمًا :
" اشتقنا لها نعم... لكننا غبنا عنها سنوات كثيرة.... بنينا حياة جديدة... فهل تظنين بأننا سنكون قادرين على العودة.... لا ابنتي... هذا ليس ممكنًا... "

زفرت بيأس وتابع والدها بحنان :
" كيف هي علاقتك مع خالتك..."

انتفضت ورفعت رأسها لهما لتجدهما ينتظران الإجابة يترقب فقالت بحرج :
" لا بأس بها... رأيتها آخر مرة بالزفاف وقد عاملتني بهدوء... ربما لأنها لم تحب أن تفسد على ماريا زفافها.... لا أعلم... لكني متأكدة بأن الوقت كفيل لأن يغير النفوس "

" عشرة أعوام لم تغيرها وتزحزح من موقفها... فهل مزيد من الوقت سيغيرها برأيك..."

أصابها الإحباط من كلمات والدتها لكنها لم تظهره.... تعلم أن والدتها مجروحة من شقيقتها حتى وإن كابرت.... عضت على شفتيها وهمست :
" لا بأس يا أمي... أرى أن نتكلم بهذا الموضوع لاحقًا... "

ودعتهما وأغلقت الحاسوب بإحباط متزايد ليرن هاتفها الملقى على السرير فالتقطته وابتسمت بلا شعور لاسم عامر :
" مرحبًا.."

جائها صوته الدافئ.. صوته الذي يفيض حنانًا... صوته الذي افتقدته من بسبب الغضب الذي كان بشعره نحوها :
" مرحبا أفنان... "

تلاعبت أصابعها بقماش بجامتها وصمتت بخجل فسمعت قهقهته الخافتة وهمسته :
" أين أنتِ الآن..."

ردت وهي تتمدد على سريرها :
" في البيت..."

" ألا أستطيع أن أراكِ..."

نهضت متحفزة وسألت بنبرة مندفعة :
" لماذا..."

قهقه مرة أخرى وقال بمرح :
" ما بكِ ستهجمين علي... كل ما في الأمر أنني اشتقت إليكِ..."

ارتخت ملامحها وجلست على السرير قائلة بهدوء :
" تعلم بأنني لن أستطيع..."

قال بنبرة غريبة :
" لماذا أفنان... هل ستعودين للهرب..."

نفت باستنكار :
" قطعًا لا... ما بالكم كلكم اليوم تسيئون فهمي!.. "

ساد صمت للحظات ثم قال عامر بنفس النبرة :
" من تقصدين بـ" كلكم ".. ؟"

مسدت على جبينها بتعب دون أن تحس بنبرته التي شابها شيء من الغيرة :
" أمي وأبي... قبل قليل انتهيت من الحديث معهما "

تردد عامر قبل أن يسألها... لكنه بحاجة لأن يعرف عنها ولو القليل... تكتمها يغيظه ويشعره بعدم الأمان :
" أفنان... لماذا تعيشين أنتِ ووالديكِ خارجًا... ما الذي دفعكما للهجرة؟..."

سمع صوت تنفسها العالي ثم محاولتها للإجابة دون فائدة... تلكؤها جعله يخمن بأن هناك ما حدث وهي تخشى إخباره فأوشك أن يتراجع عن رغبته بمعرفة الإجابة إلا أنها قالت بارتعاش :
" هناك أمرًا حدث... يمكنك أن تقول إنه خلاف بين عائلتين ففضلنا أن ننسحب وهاجرنا... "

ابتسم وسأل برقة :
" هل تظنين أن قراركما كان صحيحًا..."

ردت باقتضاب :
" لا..."

ثم تابعت بحزن :
" احتجت كثيرًا من الوقت لأدرك أن الهرب مجرد مسكن... ما أن ينتهي مفعوله سيعود الألم أقوى وأشد... وها أنا أحاول مواجهته بكل ما أملك من شجاعة كانت هاربة مني "

رغم جهله بما حدث لكنه تعاطف معها... بل رق قلبه لحزنها الذي كان دائمًا يرتسم على وجهها ويزيده شجنًا... لم يشأ الضغط عليها بمزيد من الأسئلة التي ربما لا تريد أن تفصح عن أجوبتها فسكت ليسمعها تقول بضعف :
" يومًا ما سأخبرك بكل شيء... سأملك هذه الشجاعة وسأنظر لعينيك وأحكي لك.. ويومها لن أريد إلا أن تخبرني بأن كل شيء قد مر... وأصبح ذكرى بعيدة"

هتف بحرارة :
" ثقي بأنني سأفعل ذلك..."

همست بصدق :
" أنا أثق بك... أثق بك لدرجة لا تتخيلها..."

" وأنا أحبك..."

ضحكت ضحكة تختلط بين الذهول والتأثر ونزلت دموعها :
" وأنا آسفة... لقد أوجعتك وخيبت أملك... "

قال بعشق وهو يستمع لشهقاتها الناعمة :
" هذا لا شيء أمام الابتسامة التي أهديتني إياها ذلك المساء... بفستانك الوردي... ووجهك المشع... رددتِ لي الحياة... رباه أفنان لن تتخيلي ما فكرت به تلك الليلة وأنا أراقب ردة فعلك "

" بمَ فكرت.. ؟"

ضحك وهو يتذكر جنون أفكاره عندما وقف يتأملها تتلقى جملته اليتيمة :
" كنت أقول لنفسي إن هي عادت للهرب ونفتني بعيدًا فسأدخل وأعلن أمام الجميع خطبتنا... كنت يائسًا من بعد أرق ليالي أحاول فيها تقبل رفضك دون جدوى "

همست باعتذار حار :
" أنا آسفة حقًا... "

ليكرر همسته من جديد :
" وأنا أحبك..."

هنا هزت رأسها وقالت بحب وعينيها تلتمعان :
" وأنا أحبك... "


يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس