عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-19, 08:17 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//

" القمر والحب: عندما لا يتزايدان يتناقصان. "


(3)





يمشي بهدوئه المعتاد متوجهاً إلى كافيتريا الجامعة حتى يشرب كوباً من النسكافيه لعل وعسى أن يخف صداع رأسه من تلك المحاضرة المملة..
بعد حين، لاحظ ريم تجلس في أحد أركان هذه الكافيتريا ساندة رأسها على يديها المفرودتين، متكأه بكل تعبها على الطاولة،
مضى سريعاً يلاحق خطاه ثم مد يده بتردد ملحوظ على كتفها وقال بنبرة خوف: "ريم.. ريم..!!"
اهتز كيانها فوقفت مفزوعة.. وخصلات شعرها تناثرت بشكل عشوائي على وجهها مما جعلها تبدو بريئة المظهر في نظره.
قالت بصوت ناعس مليء بالغضب: "هذا أنت يا رائد.."
ثم اعتدلت في جلستها وعاودت ترتيب خصلات شعرها و استندت على يدها بتعب بعد أن فركت عيونها من شدة النعاس..
تحدث رائد بخوف بعد أن شاهد شحوب وجهها: "ما بالك تنامين هنا،، ولم وجهك شاحب هكذا "
تثاءبت ثم قالت: "كنت بجانب قمر طيلة الليل.."
أكملت وهي تأخذ كوباً من أحد الأكواب الكثيرة التي انتشرت على هذه الطاولة: "لقد كانت متعبة طيلة المساء.. لا أدري ما بها.. لها اسبوع على هذا الحال"
"هذا يعني منذ حفل الزفاف.."
اومأت ريم رأسها بحزن: "نعم.. كل ليلة تتصبب عرقا.. وتبدأ تهلوس بأشياء كثيرة من بينها تذكر اسم والدتها و امرأة أخرى.. ثم تستيقظ وهي تصرخ.."
وبحركة عفوية من رائد أخذ يربت على يديها وهو يقول بصوت حنون: "لا تقلقي سوف تتحسن.."

فقالت بسرعة وأبعدت يدها جراء لمسته: "آمل ذلك.."
أخذت تشرب القهوة من جديد مبعدة أنظارها عن هذا الكائن الذي يجعل الارتباك واضحاً على مظهرها.. و في هذه الأثناء انتبه رائد الى كمية أكواب القهوة الموجودة أمامه
فقال بصوت حاد: "ياا مجنونة.. هل شربتِ كل هذه الكمية من القهوة؟"
ريم بصوت متعب: "أجل.. وماذا أفعل أتت تعلم الامتحانات بعد أسبوع وهذا الأسبوع مهم.. ثم انني لا أستطيع ترك قمر.."
قال بلهجة ساخرة مازحة: "يا لطبيتك أيتها المجنونة.."
ابتسمت ريم بالرغم عنها "لوحدك مجنون..."
ثم اكملت بغرور: " ثم انني مشهورة بطيبتي اسأل اي احد هنا وسيقولون هذه الطيبة الحنونة ريم.."
"و مغرورة ايضا.. "
قالت بمرح: "هذه شهادة اعتز بها.."
وتبدلت كل ملامح السعادة إلى ضيق كبير بعد أن فجر رائد في وجهها سؤالاً شعرت تلك النبرة التي خرجت منه نبرة خائفة متلهفة لسماع اخبار من يسأل عنه: "ثم أين صديقتك امل..هل هي بخير؟!"
رفعت حاجبهاً بضيق، فلماذا يسأل عن صديقتها؟!هل يهتم لها؟! ولماذا يقلق اذا كانت بخير ام لا؟
اخذت اسئلة كثيرة تنهش عقلها وقلبها!!ولم تدرك ان رائد ينتظر اجابتها..
اجابته بعد ذاك بكل برود: "أجل بخير.."
وخرج منه سؤالا عفويا اخر "اذن لماذا لا تجلس معك..؟!"
قالت بنبرة حادة قليلاً: "هذه ارادتها،،ثم لماذا تسأل عنها كثيرا.."
نظر لها بغرابة عندما رأى تلك الحدة في صوتها: "لا شيء فقط لأنك متعبة جداً "
ثم نظر إلى ساعته وقال على مضض "سأذهب الى محاضرتي الان.. أراكِ لاحقاً "
نهض من مكانه اخذا دفاتره مبتعداً عنها وكادت ان ترفع صوتها لمناداته ولكنه للأسف ابتعد عنها ليسير خارج الكافيتريا متوجهة حيث محاضرته ولكن استوقفه صوت فتاة من خلفه...

***

أخذت تمسح على وجهها وشعرها الأسود المجعد وقلبها الذي انفطر على حال حفيدتها التي تستيقظ كل ليلة بعد رؤيتها ذلك الكابوس اللعين..
اخترقت ذاكرتها حديث الطبيبة النفسية التي أشرفت على حالة قمر منذ صغرها، فهي كانت تتعرض للكوابيس والأحلام المزعجة بين فترة وأخرى اعتماداً على حالتها النفسية في تلك الفترة،، وما زالت كذلك كلما تعرضت لحدثٍ يخدش راحتها النفسية..
بعد دقائق مسحت دمعة حارقة سالت على وجهها الذي كثرت تجعيداته و بدأت بصوتها الحنون تردد اسم قمر عدة مرات الى أن استيقظت بعد فترة لم تتجاوز الخمس دقائق.
ابتسمت بشحوب وهي ترى جدتها تغدق عليها الحنان وتلازمها مع ريم خلال هذا الأسبوع،.. يبدو أنها أثقلت عليهم الأمر وبدأت الكوابيس والأحلام المزعجة تطاردها من جديد.. لا شيء ينتهي معها، لا الأحلام ولا الواقع..
قالت بصوت واهن وهي تجلس: "صباح الخير.."
اشرقت شمس السعادة في وجه الجدة وهي ترى حفيدتها بحال افضل وان كان لا يسر خاطرها كثيراً ولكنها استجابت لها..فهي منذ اسبوع لا تتكلم مع احد
"هيا يا ابنتي.. لقد مللت لوحدي.."
تساءلت بغرابة فهي تعلم ان الجميع يذهب لأشغاله باستثناء مجد فهو ملازم غرفته او يجلس بالحديقة يقرأ الصحيفة اليومية ونادراً جدا ما يخرج،: "اين الجميع؟!"
اجابتها الجدة وهي تذهب نحو خزانتها وتخرج منها بعضاً من الثياب: "ريم الى الجامعة.. أما البقية الى الشركة.."
اومأت رأسها بهدوء ونهضت من فراشها متجهة نحو دورة المياه حتى تغسل وجهها ففتحت صنبور المياه ولكن و قبل ان تمد يدها حتى تغسل وجهها نظرت من خلال المرآة الى وجهها الشاحب وعلامات التعب والارهاق بادية عليه، عيونها العسلية مالت بلونها الى الاحمرار من شدة البكاء طوال الليل، اغلقت غيونها وتنهدت بتعب، ومع انثناءه جفنيها إلى الاعلى فتحت عيونها وتمثلت امامها بالمرآة صورة امرأة تلبس ثوبا اخضر..
فأخذت تفتح وتغلق عيناها بسرعة لمرات عدة لعل تلك الصورة تختفي...ولكن للأسف مازالت تلك الصورة متمثلة امامها.. وصوت اخذ صداه يتردد على مسامعها: "ماذا بك ياا عزيزتي.. ألم نتفق على ان تكوني قوية؟.."
اومأت برأسها والدموع بدأت تتجمع في عيونها.." هيا امسحي دموعك.. وانظري إن الجميع قد تعبوا وهم يهتمون بكِ في كل ليلة..." وابتسمت تلك الصورة الخيالية وكأنها حقا تراها وهي تمسح دموعها
"الجميع يحبك.. وإلا لما كانوا يهتمون بك هكذا.. أليس كذلك؟"
هزت رأسها بلا.. فكانت علامات التساؤل على وجه الصورة التي تراءت لقمر...فأكملت قمر بحزن "ليس الجميع.. فمجد يكرهني.."
وأتى صوتها الحنون قبل ان تختفي وكأن صوتها يخف تدريجياً كلما تلاشت صورتها شيئا فشيئا "لا ياا عزيزتي... انه ذو قلب طيب.. اعذريه فقلبه مكسور.. حاولي ان تصادقيه ستجديه طيب القلب... و اجعلي الابتسامة تملأ وجهك.."
تلاشت صورتها بعد ان قالت تلك الكلمات ،وكانت قمر تسيل دموعها بشدة كشلال يصب من بحيرة او كقطرات المطر الغزيرة في اشد الفصول برودة ..مع طرقات التي دوت في عقلها فأخذت اقدامها تسير بتثاقل غير آبهة بصنبور المياه الذي ما زالت مفتوحا الى الان.. ورمت بنفسها في حضن جدتها التي اخذتها بخوف الى صدرها وهي تهوي عليه بدموعها الحارقة وجعلت قلب جدتها ينتفض من الخوف على حفيدتها وشهقاتها المريعة اخذت تدوي كقنابل القت على مسامعها..
ومن بين دموعها وشهقاتها خرجت كلماتها التي تحمل سيوفاً من الحزن وجبالاً من الهم والمآسي.. وسنين من الشوق والعذاب "اريد ان تعود امي.. اشتقت اليها"

****

" لا شيء،.. " أجاب باقتضاب شديد
ثم اعاد سؤاله إلى مجد " لم تجبني، لماذا تسأل؟"
زفر مجد بحيرة ثم تحدث ممسكاً هاتفه بقوة " لا أدري،.. هناك شيء غريب "
عم الصمت من كلا الطرفين، ثم قال مجد " ابحث جيداً وان كان المأوى في باريس قد هدم منذ زمن، "
قاطعه صديقه " صدقني سوف أحاول، سأجد أي شيء يتعلق بها او بأحد كان يعمل هناك.."
التفت مجد الى رامي الذي دخل المكتب بدون اذن ورفع حاجبه ثم تحدث " أي شيء يا رافي يشير كيف تم الأمر، أي شيء.."
ثم اغلق هاتفه ووضعه جانباً، ونظر الى رامي مستفسراً.. فتحدث الاخير
" لا داعي لرافي، يمكنك سؤالي.. "
" عن ماذا؟ "
نظر اليه رامي نظرة ذات مغزى ثم وجه حديثه " كلنا نريد أن نعلم كيف وصلت الى هنا، او ربما جدك وجدتك يعلمان ولا يخبراننا.."
ابعد مجد وجهه عنه وانشغل بإحدى الملفات الموجودة على المكتب، واكمل رامي وهو يعلم انه ينثل عليه التجاهل " اياً كانت الطريقة التي وصلت بها الى هنا، فلا يهم حقاً.. فالاهم هو.."
وقف مجد وقال بجفاء " ولا يهم الحديث عنها او اي شيء يخصها.."
وتوجه حيث الباب، وصوت رامي من خلفه هامساً " لماذا تنكر.. وانت تسعى للوصول اليها ولكن بطريقة بشعة ؟ "
شد مجد على قبضته وهو يركب سيارته ثم اغلقها بقوة، قام بتعديل اتجاه مرآة السيارة واطلق زفيراً عميقاً،..
نظر الى صورته المنعكسة لبرهة، تأملها ملياً ورأى في نفسه تقلباته المستمرة، واستدرك احداث الايام الماضية ولا يعي أي شيء مما حصل وكيف حصل،.. كيف لا يضبط اعصابه. ولا يتحكم بها تتشابك الحقائق داخله وما يكون نقياً يراه ملوثاً، تنعطف اتجاهاته إليها ولا يدري كيف يكبح هذا الشعور داخله فيخرجه غاضباً، وكل ما يريده حتى انه لا يعلم ما يريد... وكأنه في متاهة الأفكار،.. يضيع المخرج دائما عنه ويسلك طريقاً آخر،..
نفث دخان صدره بعد ان اشعل سيجارته، ثم امسك هاتفه المحمول وكاد أن يرسل رسالة إلى رافي - الذي تحدث اليه منذ قليل- ، ولكنه تدارك نفسه ثم ألقاه جانباً،
واعاد زفيراً اقوى مما سبقه وسأل نفسه " لماذا حقاً تهتم بها،..؟ "

***

خرج من المحاضرة بعدما طرده الأستاذ من الدرس لكثرة انشغال فكره وشرود ذهنه بعد ان نبهه اكثر من مرة.. وما كان الذي يفكر به الا كلمات تلك الفتاة التي اوقفته على باب القاعة.. فالتفت ليرى امل صديقة ريم فاجابها ببرود: "اهلا امل ماذا تريدين؟!"
اجابت بثقة: "لا شيء.. كنت فقط أتساءل عن احوالك؟!"
"بخير.." اجابها بلا مبالاة وكان سيدخل الى القاعة الى ان اوقفته يداها التي امتدت لتمسك ذراعه فنزع ذراعه بحدة...
"اناا حقا اسفة.. لم اقصد لكن كنت سأخبرك بشيء"
رائد بجمود: "اجل تفضلي ولكن اسرعي ليس معي وقت كافي"
بدأت علامات المكر ترتسم على وجهها ولكن تصنعت الحزن: "تشاجرت مع ريم.." ثم توقفت عن الكلام وهي تنزل رأسها وتمسح دمعة كاذبة عن وجهها..
فقال في نفسه: "من اجل هكذا كانت منزعجة "..ثم وجه حديثه لها: "اجل.. ولماذا تخبرينني.."
"اريدك في خدمة صغيرة (ثم اكملت عندما رأت الحيرة على وجهه)..اريدك ان تتوسط لي لعلها تسامحني ثم وانها لن ترفض لك مطلبك ولن تظهر شخصيتها الحقيقية امامك....."
نظر اليها بعدم فهم...فتساءل بصوت خافت "ماذا تقصدين بشخصيتها الحقيقية؟!"
واخذت كلماتها التي اخرجتها من دون شفقة تفتح جرحاً حاداً و عميقاً في قلب رائد البسيط رقيق المشاعر الذي تؤذيه كلمة بسيطة تشير الى فقره وحياته البسيطة "نعم ألست فقير.. لأجل ذلك !!هي صادقتك ظنا منها انك غني فشاب بسماتك لا تستطيع افلاته من يدها.. ثم انها عندما علمت انك فقير بدأت تشفق على حالك.. وهي لن تستطيع ان ترد اي طلب من طلباتك..." وشهقت بقوة وكأنها اخبرته بما لا يجب.. ثم بدأت تعتذر منه "لا انا.. اسفة.. حقا..." ولم تكمل كلامها اذ انها سمعت رده الذي فاجئها "هل تظنيني احمقا حتى أصدق مثل هذه التفاهات.. ثم وان كانت مثلما تقولين لتركتني منذ ان تعارفنا.. "ثم اقتربت منه لتهمس في اذنه ولكنه ابعدها عنه كشيء قذر علق بملابسه " ولست بما يجب لتكوني صديقة حقيقية.. " و دخل الى القاعة بعد تلك الكلمات التي سمعها والتي طعنت قلبه بسكين حاد الاطراف وجعلته ينزف بصمت...

اما هي فقد أخرجت هاتفها وبدأت تعبث به ترسل لاحدهم رسالة محتواها "لقد فشلت معه.. وسأحاول من جديد .."
ورسمت ابتسامة على وجهها وهي تمضي في طريقها..


كانت تسير بتثاقل الى ناحية قاعته تريد الاعتذار منه بسبب حدتها بالرغم انها رأته يتحدث الى أمل قبل ان يدخل الى القاعة.. ولكنها تقر وتعترف في نفسها انه طيب القلب وبسبب طيبة قلبه سأل عنها ليس إلا؟!.. وتدرك أخلاقه النبيلة ثم انها عايشته منذ عدة شهور ولم ترى منه اي تصرف غير لائق.. أمالت رأسها بتعب وهي تحاول ان تسيطر على تعبها كي لا تقع مغشية عليها بسبب الارهاق الذي حل بها...وعاودت المسير بخطى بطيئة ولكن عيناها أبت ان لا تلتقط صورة محبوبها والذي كان يقف سانداً رأسه على الحائط مغلقا عينيه بتعب.. فاقتربت منه بأطراف متوترة وهي تستغرب حاله هكذا ربما حصل لوالدته مكروها ما.. فتمنت من قلبها ان لا يكون الذي فكرت به صحيحا..
"رائد..هل هناك شيء؟!"
فتح عينيه بضيق وهو يرى صورتها امامه وقال "لا شيء.. فقد لازمني الصداع لدقائق.."
تنهدت براحة.. ولكن يبدو عليه الضيق والحزن؟!
"ماذا تفعلين هنا.. لماذا لم تذهبي الى المنزل؟!"
اجابته باحراج: "اردت ان اعتذر منك قبل ان اغادر.. بسبب ،، عندما صرخت في وجهك.."
خرج صوته باردا بغير المعتاد "لا بأس"
نظرت اليه بحيرة ما باله.. يبدو انه ما زال منزعجا ، هل لأني تكلمت معه بحدة!! ولكن ما ذنبي فان كان يظهر خوفه على امل.. ألا يجب ان اغار..؟! انه حبيبي؟!
وتوردت وجنتاها بحمرة خفيفة وهي تردد في عقلها كلمة حبيبي..؟!..نعم حبيبي الذي قلبي ينبض باسمه ملايين المرات.. وعيناي تموت شوقا لرؤية طيفه.. وابتسامتي التي تشق طريقها عند رؤيته.. وضربات قلبي التي...
ابتسامتها البلهاء جعلته يبتسم أيضا فقال مازحاً وهو يهم بالمغادرة: "حسنا ان كنتِ ستقفين هنا مدة طويلة تنظرين الى الحائط فسأذهب انا؟!"
رفعت حاجبيها وامسكت مرفقه حتى تمنعه من الذهاب، ثم سارا سوياً رائد مقطب الجبين تجتاحه علامات الحيرة والتردد وريم الصامتة ظناً منها أنه ما زال منزعجاً..
بددت الصمت الذي بينهما و قالت بهدوء: "ما رأيك ان اوصلك بطريقي؟!"
حك جبينه وقال بهدوء وبشكل أقرب للتعامل الرسمي " لا شكرا.."
نظرت إليه بتقوس فم ثم أردف معقباً: "انت تعلمين طريق منزلي الوعر.. فستحتاجين شهرا كاملا لإصلاح سيارتك... كما أن جيداء تشتكي من الطريق و"
همهمت بانزعاج " ولكن أنا ريم ولست جيداء "
نظر اليها بقلة حيلة ثم رفع خصلة من شعرها وقال " أنتِ الريم، ولكن حقاً لا داعي لذلك.. كما أن هنالك من ينتظرني "
اوأمت بابتسامة مصطنعة " حسنا كما تريد.."

ابتسم لها ثم لوح بيده مغادراً، وحالما ابتعد شقت طريقها الى موقف السيارات حيث ركنت سيارتها الحمراء هناك صباحا... فتستقلها ثم تبدأ رحلة عودتها الى المنزل والتي لم تستغرق وقتاً طويلاً فسرعان ما وصلت...
وترجلت من سيارتها متوجهة الى الطابق الاعلى حيث تقبع غرفتها غير مكترثة بنداءات والدتها والتي تبدو على عجلة من امرها .... مما جعل الاخيرة تهز كتفيها بلا مبالاة ثم تأخذ حقيبتها البيضاء وتتوجه نحو مركز التجميل امام نظرات الجدة المستنكرة وعيون قمر الحزينة المتسائلة....

عاودت قمر بنظراتها الى جدتها وهي تغزل تلك القطعة الصوفية لجدها ذات اللون البني الجميل...الذي يميل الى لون القهوة اللذيذة...فابتسمت ابتسامة كانت نابعة من قلبها وهي ترى تلك العجوز تهتم بزوجها والتي افنت حياتها معه بحلوها ومرها الى ان وصلت الى هذا العمر ويبدو من ملامحها تعب السنين التي تلونت على وجهها المجعد ،، واخذت تتخيل لو ان والدتها لم تفارق الحياة ،، ستكون هي ايضاً مثل جدتها تغزل ملابس صوفية لها ولوالدها،، يعيشون في بيت واحد مليء بالمحبة والاشياء الجميلة .. ولتبديد الحزن الذي في داخلها خطرت على بالها فكرة فابتسمت بهدوء ثم قالت: "جدتي اريد ان اطلب منكِ طلباً صغيراً.." واخذت تشير بإصبعيها السبابة والابهام وتقربهما من بعضهما اشارة لطلبها الصغير..
ابتسمت الجدة وهي تركز بنظرها على قطعتها الصوفية "اطلبي ما تشائين.. فان طلبتي عيوني سأهبها لك"
قمر باحراج: "انت قد رأيتِ رسوماتي الصغيرة في احد الدروج.. أليس كذلك؟!"
اومأت الجدة رأسها... فأكملت قمر: "ولكن تلك الرسومات بقلم الرصاص لا يوجد لها معنى للحياة اذ هي باهتة.. اريد ان اشتري لوازم رسم حتى تكون الرسومات تعبر عن شيء معين... ان لم يزعجك ذلك؟!"
ابتسمت الجدة "حسنا.. ولكن اولا اريد منكِ ان تذهبي الى ريم فهي لا تبدو على ما يرام"
اجابت بحماس وهي تقفز من مكانها متجهة الى غرفة ريم "حسنا..".. وفي اثناء سيرها وبسبب حماسها و سعادتها لم تنتبه الى ذلك الجسد الضخم الذي يعتلي البرود وجهه و الذي اصطدمت به من دون وعي وادراك منها.. وبسبب قوته الكبيرة وجسدها النحيل الضعيف ترنحت الى الوراء قليلا وكادت ان تسقط ولكنها استجمعت نفسها في اللحظة الاخيرة لتقف وهي تشعر ببعض الدوار ،، و حاولت جاهداً ان لا تظهر ذلك امامه وان كانت لا تستطيع ان ترى تعابير وجهه وهي مطأطأة رأسها وتمتمت بعبارات الاسف بخفوت وولت مدبرة حيث ريم...
فقال بغضب موجهاً حديثه الى جدته "اخبري حفيدتك تلك ان تنتبه على خطاها. "
نظرت اليه الجدة نظرة لوم وعتاب ثم قالت بعد ان وضعت مشغولتها الصوفية جانباً " و انت انتبه على ملافظك ايضاً.. "
شعر بالذنب وهو يلاحظ نبرة اللوم من لسان جدته فتقدم نحوها وقبل جبينها " اعذريني ،، لم أقصد أن أرفع صوتي.. "
نظرت اليه نظرة ذات مغزى فهو المسئول الوحيد عما حصل مع قمر ..
"لماذا تنظرين لي هكذا ؟!" تساءل مجد..
قالت ببرود لم يعتده " لا لشيء محدد ،،فقط يجب عليك ان تتنبه انت لألفاظك.. فليس كل ما يقال للانثى هين.. وان كانت قمر بالذات.."
"ماذا تقصدين ؟!"
عاودت امساك مشغولتها الصوفية " كل ما اطلبه منك.. هو ان تتجاهل وجودها على الاقل .. و كفاك النظر اليها على انها محبوبتك القديمة.. "
" ليس كما تظنين يا جدتي.." تحدث من أعماقه..
" أنظر يا مجد، قمر ليست كباقي الفتيات، ليست قوية بما يكفي حتى تتحمل كل شيء.. حتى وان كانت تعدت التاسعة من عمرها ولكن قلبها ما زال هناك مجروحاً حزيناً.."
رفع مجد حاجبه بضيق " أنتِ تعلمين كل شيء وكيف أنها وصلت للمأوى؟"
تجاهلت سؤاله ثم قالت: " تجهز لأنك ستوصل قمر الى أحد متاجر.. "
قاطعها " ولكن يا جدتي.."
*****

طرقت على باب غرفتها عدة مرات الى ان سمعت صوت ريم يأذن لها بالدخول...كانت تجلس على سريرها وهي ممسكة بهاتفها المحمول بعد ان انتهت لتوها محادثتها مع أمل والتي غرست فيها بعضاً من العبارات الغير الراضية عن رائد ..
رسمت على وجهها الابتسامة عند دخول قمر اليها.
"ماا بها اميرة جدي العظيمة.. تتواضع وتأتي الى غرفتي؟!.."
ضحكت قمر على تعليق ريم المازح فبادرتها ريم بابتسامة شاحبة...
"ريم ماذا بكِ ؟!" تساءلت قمر..
تنهدت ريم واسندت رأسها على وسادتها متمدةً على سريرها البني.. واجابت بهدوء "لا شيء"
"ممم..اذن لماذا يبدو عليك التعب والارهاق..؟!"
وضعت ريم يدها على رأسها واجابت "من محاضرات الجامعة..كم هي متعبة!!"
هزت قمر رأسها وقالت " كل شيء سوف يتحسن.."
ابتسمت ريم " أحتاج القليل من الراحة ثم بعدها أسبب صداعاً لرأسك على ما حل بي.. أنت فقط لا تحزني بسببي.."

اومأت قمر رأسها بتفهم " لا عليكِ، ان كنتِ تريدين اي شيء فانا بالأسفل خذي قسطاً كافيا من الراحة"
وبعد خروج قمر من غرفتها مسحت ريم دموعا جرت مجراها على وجنتيها وأخذت تنظر الى سقف غرفتها بحزن
***

اطرقت رأسها بضيق وهي تخرج متجهمة الوجه تسير بجانبه مكرهة كانت قد وعدت نفسها ان لا تحتك به...ولكن لانها طلبت من جدتها الذهاب لشراء المعدات وبسبب عدم وجود السائق اضطرت للذهاب معه في هذه الرحلة الطويلة.. هي ليست برحلة لانها ستذهب لشراء المعدات من احدى المتاجر ولكن اسمتها رحلة طويلة شاقة لانها ستكون بجواره خاصة انه امرها بالجلوس بالمقعد الذي بجوار السائق.. حيث قال لها بتهكم "اناا لست بسائقك.. اجلسي بالمقعد الامامي.."
اذعنت لأمره مجبرة فهي لا تريد ان تتجادل معه الان يكفيها ما حل لها بسببه ليلة الزفاف...تنهدت بألم وهي تغلق باب السيارة واسندت جسدها على الكرسي الجلدي الاسود وهي تفكر بحالها وماذا ستحمل لها السنين من مفاجئات في هذه المدينة ....وهل سيعود الفرح يفتح لها بابه الذي اغلقه منذ سنين؟!،،ام سيبقى موصدا ابوابه بقوة ليجعلها حبيسة بين جدران الالم والحزن؟!...اما هو فاكتفى بان يلقي عليها نظرات جانبية بين الحين والاخر وملامح الضيق بادية على وجهه خاصة، وسؤال وحيد يتبادر إلى ذهنه كيف وصلت من باريس إلى هنا؟... ثم بعد ذاك لمح دمعة يتيمة تمسحها من على وجنتيها الناعمتين..
فخرج من فمه سؤال ويا ليته لم يسألها اي شيء واكتفى بالصمت "قمر.. هل انتِ بخير؟!"
هذه اول مرة ينطق اسمها.. ويسأل عن حالها؟!ماذا يريد الان؟!انا لا اريد شفقته تلك..لا اريدها... فهزت رأسها نفيا واكتفت بان اشاحت وجهها وأخذت تجول بذاكرتها تلك الكلمات
" (تحاول جاهدا توثيق العلاقة بينكما.."
"لما رقصت مع ذات الشعر المجعد.."
"أتشفق عليها ؟!" )
لتخرج شهقة عالية من بعد هذا السؤال الخبيث وأخذ صدى صوت شهقتها يرن في ذهنها الى ان قالت بصوت خافت ادراكاً منها انه لم يسمعها ولكن سمعها تقول تلك الكلمات التي جعلت وجهه يكتسي البرود والجمود "لا اريد شفقته.." ولكن اجابها وعينيه على الطريق ويداه التي امسكتا المقود بقوة "انا لا اشفق على حالك، أنا فقط.." كظم غيظه وازدادت قبضته على المقود..
وبرغم الالم الذي كان يعتصر كل كلمة قالتها كان الالم قد غزا جسده من تلك الكلمات التي تلتها بعدما عاودت والتفتت ناحيته "اجل تشفق علي.. هل الذي تفعله ليس بشفقة؟!"
آثر الصمت وهو يتذكر تلك الليلة وتلك الكلمات التي تشبهها والتي خرجت من فم رامي.. ولكن فاجئته بقولها "الصمت دليل الموافقة.. فقد آثرت الصمت المرة الاولى وهذه المرة ايضا.. وهذه حقيقة لا يمكن تغييرها.."
واعادت بصرها بقهر حيث النافذة فاغلقت عينيها الحزينتين وهي تشعر بنسمات الهواء الباردة تلفح وجنتيها وهي تمنع تلك الدموع التي بدأت بالتجمع .. ولحسن الحظ تغلبت عليها فهي لا تريد ان تبكي ليس فقط من اجل امها التي تظهر لهاا كل حين تشد من ازرها وتحاول بحنانها الذي فقدته قمر ان توسع صدرها وتعاهدها بعدم البكاء وان كانت تنقض بعهدها...فهي لا تريد ان تبكي امام هذا الشخص الذي يتمثل بالبرود كالجسد الصلب.. كتمثال يقف شامخا قويا لا يهزه شيء في احد اركان المنزل .. ولا تدري كم من الوقت قد مر عليها عندما وقفت سيارته السوداء معلنه عن الوصول الى المكان المقصود ... ترجلت من السيارة وهي تمسك بحقيبتها مبتعدة عن ذو العيون الرمادية الذي كان ينظر اليها بحيرة.. وقال في نفسه ولكن بصوت مسموع "هل يمكن ان تكون قد سمعتنا تلك الليلة..؟!"..ثم اسند رأسه بتعب وقهر على مقود السيارة وهو يتذكر ليلة الحفل عندما خرج من تلك الحديقة التي اقيم بها الحفل الزفاف.. وتبعده قدماه الى حديقة اخرى يعمها الهدوء والسكينة والانوار البيضاء الخافتة ثم اخرج علبة من السجائر وأخذ واحدة وبدأ بنفث دخانها مرة تلو الاخرة ناظراً الى الفراغ.. لا يريد ان يفكر بشيء.. يريد ان يخرج كل تلك الافكار و المشاعر التي اخذت طريقها الى قلبه الاسود الذي انغلق بسلاسل سوداء تسجنه وتبعده عن الجميع.... ولم ينتبه على ذلك الذي اقترب من المكان الا عندما جلس بجانبه وآثر الصمت لأنه لا يريد ان يعيره اي اهتمام فقد فضح سره...
زفر بحرارة وهو يرمي تلك السيجارة التي انتهت من يده قبل ان يتساءل رامي الذي بجواره
"ماذا تفعل هنا لوحدك؟!"
لم يجبه وفتح علبة السجائر من جديد ليخرج منها سيجارة اخرى وقبل ان يبدأ باستخدامها خطفته منها تلك اليد الغليظة..
"ماذا تفعل بنفسك يااا احمق.. سوف تدمر صحتك بسبب هذا الهراء..؟!"
تساءل مجد ببروده المعتاد "أتهمك صحتي..؟!"
اجابه "ومن لي غيرك، أخ وصديق ؟"
ابتسم ابتسامة ساخرة ثم قال بتهكم "صديق وأخ؟!"
اومأ رأسه فاكمل مجد وهو يقف في مكانه وقال بحدة " الصديق أو الأخ كما تقول الذي اخبره بأهم اسراري.. واعتمد عليه و أثق به.. واذ ارى ان تلك الاسرار قد خرجت من ذلك البئر.."
صمت ولم يجب.. وما كان من مجد الا ان صرخ بصوت أعلى من ذي قبل "هااا.. اخبرني هيااا؟!ام ان القط قد أكل لسانك؟!"
اجابه وكأنه مغلوب على امره "ليس ذنبي ..فقد اجبرتني جدتي على ان افسر لها تبدل حالك، أنت لا ترى نفسك.. .."
لوى فمه بسخرية وهو يحاول ان يقتنع بكلامه وبدأ يأخذ نفسا ويخرجه مرات متعددة ثم قال بعد صمت طال لمدة عشر دقائق "حقاا؟!." ثم صرخ بأعلى صوته وهو يسحبه من ياقته "كان عليك ان تبرر ذلك التغير بأي شيء ..الملل، الضجر..او اي شيء...(وابعد يده وهو يدفعه)ام ان الخياانة من دمك..؟!"
اجابه رامي بقهر "ألست معتادا على ان تتعرض للخيانة" وكأنه يلمح على الفتاة الفرنسية التي تدعى جيني والتي تزوجت شخصا اخر وتركته بقلب مكسور،،من ومتى سيجبره الزمان؟؟ فهو لا يعلم.....
ما كان من مجد الا ان اشتاظ غضبااا وزفر بحرارة وهو يدور حول رامي الذي لمعت عيونه وهو ينظر نحو شيء ما ثم اكمل وهو يبتسم بمكر "ثم لماذا رقصت مع قمر..؟!"
نظر اليه مجد بحيرة فماا شأن قمر بهذه المسألة "وما شأنك.. ثم نحن لا نتحدث عن الرقصة!!"
"اعلم..الا ترى ان جدتي تحااول جاهدا توثيق العلاقة بينكما..؟"
ازاح مجد وجهه نحو تلك البركة التي انعكست على مياهها صورة القمر المضيء ..ولا يدري لماذا دارت في ذاكرته تلك الصورة البريئة لها ...ثم اعاد نظراته المندهشة عندمااا اخرج رامي تلك الكلمات الخبيثة من فمه "لولا جدتي..لماا رقصت معها،... ذات الشعر المجعد..". ثم تساءل عندما شعر انه ادخل هدفه في شباك المرمى "أتشفق عليها ؟!"
صمت مجد من القهر والضيق...فكيف يكون هذا رامي الذي تواعدا فيما بينهما من الصغر على الصداقة والوفاء وان يكونا سنداً لبعضهما في هذه الحياة القاسية،،كيف تبدل حاله هذا بمجرد مرور سنين على علاقتهما الاخوية فكان الجميع يضرب الأمثال لتلك العلاقة التي بينهما..فإن كان يذكر اسم احدهمااا يقرن اسمه بالآخر ولا يتواجدا إلا معا حيث كانا بنظر الآخرين اخوة من دم واحد وليسا مجرد ابناء عم......وتوقفت ذاكرته هنااا عندماا سمع باب السيارة الخلفي يفتح ثم يغلق... زفر بحرارة وقد اعتلاه الضيق وهو يفكر بانهاا قد جلست في المقاعد الخلفية فرفع رأسه بحدة ولكن....
***


كانت تسير بكل راحة وسعادة، تختار ما يلزمها من الالوان والاقلام ومعدات الرسم الاخرى الموضوعة على رفوف خشبية تتوسط ذلك المحل الذي زينت جدرانه بألوان مختلفة أعطته طابعاً بسيطاً يدل على الذوق الرفيع.. و بكل ركن من أركان المحل يوجد معدات مختلفة مرتبه في مجموعات متماثلة...كانت تختار الأدوات بعناية شديدة كماا تعلمت من صديقتها في مأوى الايتاام ...لقد مر الوقت بسرعة لم تلحظها ابدا..فعندماا رأت راحتها بهذا المكان الجميل لم تعر الوقت انتبااها.. اخذت احتياجاتها وهي تدفع الى البائع ثمن تلك المعدات .. وشهقت بقوة وهي تنظر الى ساعتها وبدى لها انها تأخرت كثيراً .. مؤكد انه ذهب ولم يعرها اي اهتماام..ولكن كيف يذهب ويتركها هنا وهي لا تعلم طريق العودة الى المنزل..تملكها الخوف للحظة وهي تسير مسرعة تحمل عدداً من الاكياس التي تبدو ثقيلة بعض الشيء... ومن خلفها البائع الذي كان يحمل شيئا كبيراً بكلتا يديه
تنهدت براحة وهي ترى سيارته ما زالت مركونة فاصبحت تمشي بهدوء باتجاه السيارة لتفتح بابها الخلفي وتضع الاكياس ثم ساعدت البائع في ان يدخل ما كان يحمله، شكرته باقتضاب و اتجهت بعدها الى حيث الباب الامامي لتجلس عليه.. وقبل ان تمسك يداها الباب لتغلقه رفع رأسه بحدة وعلى وجهه علامات الغضب مما جعلها تغلق الباب بسرعة واعتذرت منه..
ابتسم بهدوء وهو يراها على هذا الحال، كيف عتذر كطفلة صغيرة اقترفت ذنباً ما وبدى عليه الوجه مألوفا بعض الشيء وهم بقول شيء ماا ولكن اتضح له فيما بعد ان ذلك الوجه المألوف لم يكن وجه معذبته جيني بل كان وجه قمر البريء التي كانت تنظر الى بحر عيونه الحزينة الضائعة بارتباك وحيرة.. ولكن لماذا تتمثل صورة معذبته في وجهها الملائكي؟!
أعاد تشغيل سيارته وهو ينظر الى الطريق امامه وقبل ان ينطلقا في رحلة العودة نطقت كلماتها بهدوء فصورة امها الخيالية قد قالت لهاا ان تصادقه فستجد قلبه طيبا.. وحتى وان كانت صورة والدتها من محض الخيال لتستمتع بها وبحنانها الذي افتقدته ولتنفذ اوامرها فلا مانع لديها ان فتحت صفحة جديدة معه بعيدا عن حرب العيون تلك..
"لا بأس ان شاركنا احداا همومنا واخرجنا ما بداخلنا."
ظلت عيونها محدقة به لعلها تجد رداً منه غير تلك العيون الحادة التي يوجهها لها ولكن لم يكن هناك أي جواب منه أو حتى تلك النظرات الحارقة...اماا هو فاكتفى بأن انطلق بسيارته برغم اندهاشه منها ومن الكلمات التي اخرجتهاا والقى نظرة جانبية عليها ولكن وجهها كان عادياً لا ملامح ضيق او حزن ،، هذا يعني انها احتفظت بتعابير وجهها ثم ازدردت لعابها بخيبة أمل والتفتت حيث النافذة لتتأمل طبيعة هذه المدينة...
وبرغم قلة معرفتها بطرق وشوارع المدينة إلا انها تعلم ان هذا الطريق ليس بطريق العودة ولكن لم تعر الامر اهتماماً كثيراً فمن الممكن ان يكون هذا الطريق الذي سلكه مجد طريقا اخر...فكل الطرق تؤدي الى قصرناا...
هكذا قالت في عقلها وهي تطرق رأسها وتعبث بخصلات شعرها بشرود..




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس