عرض مشاركة واحدة
قديم 23-10-19, 02:31 PM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم

و في نشوة العِشق صرنا رماداً ، طِيفْ!

الجزء 3


" الخصر وهمٌ تكاد العين تخطئه
وجوده باب شكٍ بعد ما حُسما .
و الشَعر أطول من ليلي إذا هجرت
و الوجه أجمل من حظي إذا ابتسما .
"
-تميم البرغوثي



***

لم تتوقع أنها سترى فهداً يعيش في بيت كذلك ، كان بسيطاً مثلنا ، أحلامه متواضعة ، و خيالاته محدودة بسقف بيتهم المتهالك ، كبرت الآن يا فهد ، كبرت و تغيرت ، ولا أعلم إن كنت قد أخذتني معك في حياتك الجديدة ، أم تركتني هناك ، لأذكرك و أبكيك ..
تقدمت تلك الفتاة العربية التي فتحت الباب لشهد ، لم تستوعب بعد تواجد فتاة كتلك في منزل فهد لخدمة والدته في غيابه ، قدّمت لها القهوة ، بصوت خافت قالت شهد : يسلمو ..
تقول أم فهد بانكسار : من يوم ما مات أبوه و هو إنسان ثاني ، كل عمره يخاف علي و ما يتركني ، اليوم يتركني و أنا في عز حاجتي له ..
ابتسمت شهد بألم و هي تضغط بيدها فوق يد أم فهد : خالتي ، ما تعرفي وش ظروفه ، اللي مر عليه ما هو سهل ، و الحمدلله أنا شايفة حياتكم بدأت تتحسن ..
ابتسمت أم فهد بسخرية : تتحسن ؟ هذا اللي مخوفني ، حياتنا بين يوم و ليلة انقلبت ، بعلمي كنّا في بيت صغير غرفتين و حمام و شبه مطبخ ، بعلمي صرنا في بيت كبير يبيله خدم و حشم ، و أثاث جديد ، كنت أحلم يكون عندي بيت بهالمواصفات من أول ما تزوجت بو فهد الله يرحمه ، بس اكتشفت إن الأحلام حلوة لأنها أحلام ، و لما تتحول لحقيقة و واقع ، تفقد حلاوتها بالتدريج ، الأحلام أريح ، لأنها بعيدة يا شهد ..
ضاعت الكلمات من شهد ، و لم تعرف ماذا ترد ، فهي تعرف تماماً كيف كانوا يعيشون ، و لكنها لم تعرف بعد إن كان عليها التوقف عن تمني حياة أفضل ! التفتت إلى الفتاة الجالسة إلى جانبها : إنتِ وش اسمك ؟
أجابت : ياسمين ..
شهد : اها ، ممم بصراحة أنا مستغربة لأنه عادة الشغالات اللي في المكاتب عندنا مو عربيات ..
ابتسمت ياسمين ابتسامة جانبية ، قالت و هي تتكتف : أنا مو شغالة ! أنا شغلتي هنا مرافقة مسن ، يعني أهتم بأم فهد و أشوف طلباتها ..
وضعت شهد فنجان القهوة جانباً ، يبدو عليها أنها لم تعجب بكلام ياسمين ، نهضت عن الكرسي و قالت : طيب يمه ، أخوي قاعد ينتظرني مابي أتأخر عليه أكثر ..
أم فهد : لسا ما شفناكِ كويس اقعدي ..
ابتسمت فهد و اقتربت لتقبل جبينها ، قالت بحب : إن شاء الله مرة ثانية، بلحق أروح أسوي شي للغدا قبل لا ترجع عبير من المدرسة ..
أم فهد بنبرة فيها من الرجاء ما أبكى قلب شهد : لا تقطعوني من زياراتكم ..
ابتسمت شهد ، أدارت ظهرها لتصل إلى باب الغرفة ، ثم التفتت و قالت : فهد ، متى بيرجع ؟
أم فهد : قال آخر الأسبوع بيكون هنا ..
شهد : على خير ، السلام عليكم ..

بخطوات أقرب للسرعة ، توجهت نحو الباب ، و قبل أن تخرج ألقت أمراً إلى ياسمين : انتبهي عليها ..
ياسمين التي لم تعجبها صيغة الأمر : إن شاء الله ..

خرجت من الباب إلى الحديقة ، تأملتها لثوان و هي تقول ياه ، يا مغير الأحوال ، أيعقل أن فهد يسكن هنا ؟ اقتربت من أخيها الذي جلس على حافة الرضيف ينتظرها ، نهض من مكانه و قال : تأخرتِ !!
شهد : قعدت مع خالتي جواهر ، المسكينة مشتاقة تقعد و تكلم أحد ..
طارق : شلون صحتها ؟
شهد و هي تمشي : على حالها ، عندها بنية اسمها ياسمين ، قال هذي عشان تخدمها في غياب فهد ..
زم طارق شفتيه و رفع حاجبيه متعجباً : كل هالشي ؟! هذا طالع له كنز أو ملاقي مصباح علاء الدين ! شوفي شلون انقلبت أحواله !
وقفت مقابله ، راسمة ابتسامة ساخرة على وجهها ، ضربته على كتفه بخفة و قالت : عقبالك ، يلا مشينا ..

,

في روما ، نافورة تريفي تحديداً

وقف يتأمل جمال النافورة ، دون أن تظهر على وجهه ملامح الإعجاب أو الدهشة ، مما أثار استفزاز حَسْنا ، التي قالت : محسسني إنك مولود هنا ..
نظر إليها نظرة خاطفة ، ثم أعاد توجيه أنظاره إلى النافورة ، و ابتسامة خفيفة على شفتيه : ليش ؟
أجابت : يعني كل اللي يجون هنا لأول مرة ، يندهشوا بجمال النافورة ، عالأقل حسسني إني سويت لك شي يبسطك ..
بلا مبالاة رفع نظاراته الشمسية عن عينيه ، وضعها فوق شعره البني الداكن ، و قال : صعب إني أنبسط ، اللي تعود عالهموم ما يقدر ينبسط .. حتى هالكلمة صارت غريبة علي ..
عقدت حاجبيها : مرررة دراما! وش فيك ترى مو كل يوم يصحلك تتفسح مع وحدة مثلي !
تنهّد و كأن كلامها لا يعجبه ، قالت : وقف باخذلك صورة ، بكرا تندم لو ما خذيت صورة لهالرحلة ..
التقط من جيبه قطعة نقدية ، ضحك في نفسه على سخافة ما سيفعل ، لا بأس من فعل شيء سخيف في حياتنا ، التي ازدحمت بها الهموم و الجدية ، أريد بعض السطحية في حياتي ، أريد أن أطفو قليلاً ، علي أن أتنفس ، كدت أغرق ! ضغط بقوة أصابعه على تلك القطعة ، أطبق عينيه و هو يضمر في داخله أمنية من بين الكثير من الأماني المؤجلة ، الملقاة على رف قلبه ، رفع يده و ألقى القطعة في النافورة و راح يراقب تناثر الماء من حولها ، أما حسناء ، فلم تفوّت فرصة التقاط تلك الصورة المميزة له .. التفت إليها و قال بملل : نفذتِ أوامر الوالد ؟
حسنا : راح تدعيلي على الصور ..
بدأوا في المشي إلى جانب بعضهما البعض ، قال فهد : تدري وش يخطر في بالي الحين ؟
حسنا بحماس : قول ؟
فهد و هو يضع يديه في جيوبه : لو آجي هنا بوقت ما يكون فيه أحد ، و آخذ شبكة صيد و ألم كل الفلوس اللي في هالنافورة ، بصير مليونير ..
قالت حسنا و بشيء من الخيبة في صوتها : سخيف ! فكرت بتقول شي جدي ..
ضحك بخفة : ههههه منو قال إني أمزح ؟!
تجاهلت سؤاله و هي تتأفف في داخلها من تلك المهمة الصعبة التي ألزمها بها والدها ، قالت بعد عدة ثوانٍ من الصمت : تاكل آيس كريم ؟
هز رأسه بالنفي : لا ، ما أحبها ..
حسناء : مثل ما تبي ، خليك هنا بشتري لي واحد و باجي ..
وقفت حسناء أمام محل الآيس كريم ، و هي تنتظر دورها ، جاءها اتصال والدها : آلو ..
عمر : شلونك حبيبتي ؟
حسناء : الحمدلله بخير و انت ؟
عمر : الحمدلله ، وينكم فيه ؟ كل الأمور تمام ؟
حسناء و هي تتناول الآيس كريم من الرجل ، التفتت إلى فهد و لزمت مكانها تكلم والدها : في نافورة تريفي ، و كل شي تمام ..
عمر : فهد جنبك ؟
حسناء : لا واقف بعيد عني شوي ..
عمر بهمس : سويتِ مثل ما قلت لك ؟
تأففت حسناء : سوييت ..
عمر : وش قدرتي تعرفي عنه معلومات ؟!
حسناء و هي تنظر إلى الآيس كريم في يدها ، بعفوية قالت : ما يحب الآيس كريم .
فتح عينيه و قال بتعجب : نعم ؟!
حسناء : أنا استغربت إنه ما يحبه بس عادي كل واحد و ذوقه !
عمر : يبه قاعدة تستهبلين ؟ أبغى معلومات تفيدني وش يهمني إذا يحب الآيس كريم ولا ما يحبها ..
حسناء بتسليك تغير الموضوع و هي ترى فهد يقترب منها : ايه بابا كل شي تمام ، يلا سلام .. سلام ..
بنظرة ريبة نظر إليها فهد و تساءل : ليش كنتِ تتكلمي بهمس ؟
رفعت حاجبيها : و إنت وش علاقتك ؟!!
فهد : ممم ، طيب .. عفواً ..
رفع جواله من جيبه ، ضغط على رقم طارق و اتصل .. انتظر طويلاً حتى أتاه الرد ، من شهد التي تتأكد أن أخاها قد دخل للتو ليستحم ، ولا أحد ينظر إلى الهاتف غيرها ، و بلوعة المشتاق ردت لتسمع صوته الذي اشتاقته ، يقول بنبرة رجولية : طارق ، آلوو ؟!
صمتت لوهلة ، ابتلعت ريقها بحرج و قلبها ينتفض ، جاءه صوتها الناعم الذي عرفه مباشرة رغم أنه لم يحدثها عبر الهاتف يوماً : هلا فهد ..
عقد حاجبيه و ابتسامة جديدة بانت على شفتيه ، ابتسامة تحكي شوقاً ، الابتسامة الأولى الصادقة التي رأتها حسناء على وجهه اليوم : شهد ؟
هزت رأسها بارتجاف ، وبخت نفسها في داخلها " على أساس إنه شايفني قاعدة أهز براسي مثل الماعز " ، تنحنحت و قالت : ايه ، اليوم زرت خالتي جواهر و اهية بخير الحمدلله ، و مشتاقة لك ..
ابتسم و هو يستشعر نبرة الخجل في صوتها تساءل : إنتِ زرتيها ؟
مجدداً كررت فعلتها الحمقاء و هي تهز رأسها : لا تقول لطارق إني رديت عليك ..
تنهد بعمق ، و شوق ، تساءل : شلونك ؟
ارتبكت و هي تسمع خطوات طارق قادماً ، أغلقت الخط دون أن تجيب ، لتحذف الرقم من السجلات و تضع الهاتف جانباً ، و في الجهة الأخرى ، يبعد فهد السماعة عن أذنه ، ينظر باستغراب تخالطه ابتسامة أخرى ، يضع الجوال في جيبه و يشرد في عالمه ، و ابتسامته لا تغيب عن وجهه ، تساءلت حسناء بفضول : منو هذي ؟
رفع حاجبيه : و إنتِ وش علاقتك ؟
حسناء : يعني وحدة بوحدة ؟ طيب ..
مشت أمامه و هي تتمتم : الله يسامحك يا بابا على هالورطة !!


,

في مصنعه الضخم ، العمال يعملون و يجلس هو في مكتب الإدارة ، يتحدث على الجوال : هذا شي طبيعي ، بس أنا محضر كل شي لهالموضوع ..
سلطان : شلون يعني محضر كل شي ؟؟ إذا حققوا مع فهد يمكن يودينا في داهية .. شوف يا عمر كل شي عندي يهون المهم ما تخترب صورتي قدام ولدي ..
تأفف عمر و قال بسخرية : إنت ما لاقيت لولدك غير شغلة التحقيق !
سُلطان : هالحين هذا اللي طلع معاك ! أبغى صورتي تظل مثل ما هي عند ولدي ، هذا أهم شي عندي ، و تراني قلت له إن علاقتي فيك مالها علاقة بالشغل و إني أعرفك كصديق و بس ..
عمر بلامبالاة : و لو قلت له يعني ؟ إنت محامي و طبيعي رجل أعمال مثلي يكون عندم محامي !
سلطان : خليني محاميك في السر ، هذا كان اتفاقنا من البداية !
عمر : ما عليك ، فهد صار منا ، و اليوم بكلمه و بفهمه كل شي .. المهم ، موضوع الكمبيالات ضروري يكون منتهي قبل لا يوصل فهد السعودية ..
سلطان : ولا يهمك ، هذا الموضوع منتهي من قبل حتى ما يسافر .. و العملية الجاية وش بتكون ؟
عمر بتفكير : هالفترة ما في تهريب أموال ، أنا بنزل السعودية بشهر 11 ، عندي شغل ..
سلطان : وش هالشغل ؟
عمر : في مناقصة ، و شركتي مشاركة فيها ، و لازم هالمناقصة تكون لي ، لازمني سيولة ضروري ..
سلطان و هو يشعل سيجارته : و فهد ايش دوره من هالعملية ؟
عمر بتفكير : جاسوس ..

,

تناثرت النجوم في السماء ، يتوسطها بدر منير يسر نوره كل من نظر إليه ، قد حل الظلام ولا زالت الخيوط متشابكة ، ولا زال أكثرهم فضولاً يفتش في أدق التفاصيل ، يحيى جالس خلف مكتبه ، مسترخٍ على كرسيه الدوار ، أمامه حاسوبه المحمول ، يضغط بسبابته اليمنى على أسهم لوحة المفاتيح ، و يده اليمنى تركز ذقنه ، الحيرة واضحة على وجهه ، يتقدم إبراهيم منه ، و يقول بإنهاك : ما مليت و إنت قاعد قدام هالجهاز ؟ خلاص يلا قُم نمشي بيوتنا !
زفر يحيى بحيرة من أمره ، ضغط للمرة الأخيرة على السهم العلوي ، ثم رفع يده عن لوحة المفاتيح و قال : فهد مسوي حساب جديد على تويتر .. شُف " لف إليه شاشة الحاسوب " ، الفجر كان منزل تغريدات ، و الصبح إنه في مطعم ، يعني حاطط تفاصيل رحلته هنا ..
ببرود اختطف إبراهيم نظرة سريعة للصفحة ، ثم قال : ايه ، وش معنى هالكلام ؟
بيأس هز رأسه ، و قال : شف ، كاتب وداعاً .. أول شي منزله هالكلمة ، وش يقصد ؟
أمال إبراهيم رأسه ، و مد شفته معبراً عن جهله بمقصد فهد : مادري ، بس ماني شايف شي يثير الشكوك ! شخص و سوى صفحة بتويتر ، شرآيك نروح نحاسبه ؟
بنرفزة قال يحيى : يعني أكيد ما قلت لك روح حاسبه ! بس أنا ماني فاهم ليش مو مهتمين بهالقضية ! و مو حاطين أمل بحلها أبداً !
انتصبت قامة إبراهيم مستعداً للذهاب : عملنا كل شي مطلوب منا ، و ما توصلنا لشي ، لو المدير عارف إننا مقصرين كان سلم القضية لشخص ثاني ، ما طلب منا نقفلها ضد مجهول ! هالحين ما تبي تطلع ؟
أعاد يحيى نظراته لشاشة الحاسوب : لا ، أنا بعدين أروح ، ما وراي شي ..
إبراهيم : تصبح على خير ..
راقبه حتى خرج ، التقط فنجان القهوة و ارتشف منه القليل ، انكمش وجهه تعبيراً عن عدم استحسانه لمذاق القهوة البارد ، نادى بصوت جهوري : عزيز .. عزيز ..
جاء الشاب عزيز ، و قال : أيوه ؟
تنهّد يحيى : أيوه ؟ كم مرة قلت لك تقول نعم ، نعم يا ابني نعم ..
عزيز : نعم يا ابني ..
بحقد نظر إليه : تخفف دم ؟ ترا مو وقتك ، تعال بدل فنجان هالقهوة مرة بارد ..
اقترب ليحمل فنجان القهوة : والله يا سيد يحيى ، قدامك خيارين ، تشربه بارد ، أو ما تشرب أبداً ، لأن العم بو أيمن راح ، و قفل البوفيه ..
يشبك يحيى أصابعه فوق الطاولة و يرتكز عليها بكوعيه ، و يقول بابتسامة : لا في بعد خيار ثالث ..
عزيز : وش هو ؟
يحيى : إنك بتروح بتشوف أي مقهى أي كشك أي شي تجيبلي قهوة منه ..
عزيز بجدية : سيد يحيى أنا ماني موجود هنا لخدمتك ، و تلبية طلباتك الشخصية ، يا ليت تشوف أحد غيري ..
رفع حاجبيه : تراك وقح !
حاول عزيز أن يتمالك أعصابه ، ابتسم رغماً عنه ابتسامة مزيفة ، و قال بهدوء لا يعكس ما بداخله : عن إذنك ..
التفت عزيز خارجاً من المكتب ، تبعته نظرات يحيى الذي همس بينه و بين نفسه : وش هالأشكال المدلعة هذي !
أعاد نظراته إلى الحاسوب المحمول ، ضغط على زر التحديث ، ليجد تغريدة جديدة قام بنشرها فهد قبل دقيقتين " يَ صوتك ، اللي لا سمعته تعافيت "
تمتم بصوت هامس : يا سلام ، غراميّات بعد ..
تنقل بإصبعه فوق ماوس الحاسوب ، سجل خروجه من حسابه الخاص ، و ضغط على خيار " تسجيل حساب جديد "


**
**

روما ، في قاعة العرض السينمائية
يجلسان متجاوران في المكان ، شاشة ضخمة يعرض عليها أحد الأفلام الأجنبية التي لم يستطع فهد أن يعرف قصتها ، أفكاره المشوشة تطغى على عقله في كل ثانية ، رفع جواله بهدوء لينظر إلى الساعة ، قد مرّت ساعة ، و تبقى لنهاية الفيلم أربعون دقيقة على أقل تقدير .. بدأ ينظر حوله باستغراب حين ضجت القاعة بضحكات الحضور ، نظرت إليه حسناء ضاحكة ، بينما غابت ملامح وجه فهد ، فهمت أنه لم يدرك الطرفة في المشهد الأخير ، و لم تفهم أنه لم يدرك شيئاً من الفيلم كله ، بعد دقائق ، حسناء تنظر إلى صحن البوشار الممتلئ في يد فهد ، و الذي لم يتناول منه الكثير ، اقتربت و همست : ممكن تعطيني البوشار ؟
رفع حاجبيه متعجباً ، بعد أقل من ثانية مد الصحن لها : أكيد ، تفضلي ..
أخذته ، تناولت حبة و وضعتها في فمها ، همست مجدداً : يستحسن تركز في الفيلم لأنه مطول ، و تقدر تشاركني بالبوشار ترى !
ضحكة خفيفة أطلقها ، و قال : مشكورة والله ، ما قصرتِ ..
حسناء مثبتة عينيها في شاشة العرض ، قالت : لا ترمي تذاكر الفيلم ، بنصورهم ..
فهد باستغراب : ليش ؟
أحد الحضور من المقعد الخلفي ، ينقر بيده على كتف فهد ، و يشير له بالصمت ، تبتسم حسناء كاعتذار ، تلفت و تنظر إلى فهد بطرف عينها ، واضعة سبابتها على فمها و تقول بهمس بالكاد يُسمع : خلاص هس ..

**
**

مرت الساعة الأخيرة من ذلك اليوم الذي كان طويلاً جداً على من خرج سائحاً رغماً عنه ، و الذي فهم سبب إصرار عمر حرب على خروجه للسياحة ، خرجوا من قاعة العرض ، ينظر فهد إلى ساعته مجدداً بينما تلتقط حسناء صورة لتذاكر الفيلم ، ثم تقول : يلا بنتعشى و بوديك الاوتيل بعدها ..
ضحك فهد : ههههه انتِ على طول تاكلين ؟ ريحي فكك شوي حرام !
حسناء بسخرية : تدري أصلاً ماني جوعانة بس قلت الضيف يمكن جوعان و خجل يقول الشرهة علي بسوي نفسي كريمة مثل العرب .. لازم أسوي مثل الغرب كل واحد عليه من نفسه ..
فهد و هو يفتح باب السيارة : كذا أحسن ..
تأففت متجهة إلى باب السيارة من جهة القائد و تمتمت : يالله متى بيخلص هاليوم !
ركبت في مكانها ، نظرت إليه بحدة : تدري ، هذي أسوأ رحلة سويتها بحياتي ، ياخي طفشتني !
فهد ببرود : أنا ؟ ليش وش سويت ؟
بدأت في القيادة بهدوء : ما سويت شي ، المشكلة إنك ما سويت شي ..
فهد : بروح بيتكم ، لازم أشوف عمي عمر ..
لاحظ أنها لوت شفتيها ، تمتمت بصوت غير مسموع : لاحقني عالبيت بعد !
نظر إليها : قلتِ شي ؟
ارتسمت ابتسامة مزيفة يعرفها فهد تماماً ، و قالت : لا أبداً .. ما في شي ..


**

في الحارة الفقيرة ذاتها ، في البيت القابع في الزاوية ، جلست شهد تشرح لعبير بعض مسائل الرياضيات ، و لم يخفى عن عبير تغير حال أختها اليوم ، التي لم تكن قادرة على التركيز أبداً أثناء شرح الدرس ، ألقت القلم من يدها : افففف ..
عبير : وش فيكِ اليوم مو على بعضك ؟
شهد : ما في شي ، اليوم زرت خالتي جواهر ..
عبير : صدق ؟
تنهدت شهد : حالتها تبكي ، مادري شلون طاوعه قلبه فهد يتركها و يسافر !
عبير : و شلون أبوي سمحلك تروحي تزوريها ؟
شهد : مو بالساهل ، الله المستعان .. مين من صديقاتك تبي مساعدة ؟
عبير : في ثلاثة ، هبة و عنود و جيهان .. بس أول سألوني عن المبلغ اللي بتاخذيه على كل درس ..
رفعت شهد شعرها عن وجهها ، و قالت : كم يقدروا يدفعوا ؟
عبير : ما سألتهم ، بس اهمة حالهم ما هو أفضل من حالنا هالكثر يعني ..
شهد : بسيطة ، ما نختلف انشالله ، خليهم يجون بكرا . أنا قايمة أحضر عشاء ..
نهضت عن الأرض متجهة إلى باب الغرفة ، استوقفها صوت عبير : اشتقتيله ؟
التفتت إليها ، و هي تقعد حاجبيها : مين ؟
نهضت عبير و وقفت خلفها ، بابتسامة قالت هامسة : فهد ..
ابتسمت عبير بسخرية : فهد ما هو فهد اللي نعرفه .. صار واحد ثاني ..
عم الصمت لثوان ، قبل أن تردف عبير بجدية مصطنعة : بعدين يا بنت وش هالكلام الماصخ هذا لسا ما صرتِ 18 سنة من وين جايبة هالكلام ..
عبير : من نظراتكم لبعض ، ما نسيت يوم جاء بيترك الحارة شلون كنتوا تناظرون بعض .. شايفتني عميا
بخفة ضربتها على كتفها و قالت : طيب بس بس ، روحي كملي دراستك أو تعالي حضري معاي عشاء
عادت عبير مسرعة إلى مكانها : لا خلااص بدرس !!


*
,

وقف عند شرفة النافذة ، ينظر إليها واقفة تحدّث أبيها بانسجام ، و كأنها تخبره عن تفاصيل هذا اليوم ، و كأنما يحاول أن يطمئن عليها منه ، و ما إذا كان قد حاول أن يؤذيها ، و لا زال يتساءل ، إن كان لا يأتمنني ، فلم أجبرني على الخروج معها ؟
في الأسفل ، تقف حسناء مع والدها ، تقول بملل : طفشني مرة ! مو طبيعي !
عمر متكتفاً : يعني ما قدرتِ تعرفي عنه أي معلومة ؟
حسناء : أقول لك غاامض ما يتكلم ، حسيته طفشان من البلد و اللي فيها تقول زارها 10 مرات قبل هالمرة !
تنهد عمر بحيرة ، حتى قالت حسناء : اتصل اليوم بشخص اسمه طارق ..
عمر : ايه ؟
حسناء : بس ردّت عليه وحدة اسمها شهد ، و ما فهمت شي من الاتصال ، بس كان مبسوط لما سمع صوتها ..
عمر : قلتيلي اسمها شهد ؟
تثاءبت حسناء : ايه شهد ، خلاص والله تعبت بناام ..
عمر يربت على كتفها : طيب حبيبتي ، حطيتي الكاميرا في مكتبي ؟
حسناء : ايه على الطاولة ..
عمر : طيب بابا روحي الحين نامي و ارتاحي ، و جهزي نفسك لمشاوير بكرا ..
فتحت عينيها بصدمة : بكراا ؟؟! لا لا و اللي يخليك والله مالي خلق اليوم بالموت سلّكته !
عمر : وش أسوي ، ما استفدنا من مشوار اليوم .. يلا حبيبي يلا من غير نقاش ، مثل ما فهمتك ..
سارت أمامه و هي تتأفف و تعبر عن انزعاجها بتمتمات غير مفهومة ، في ذلك الوقت ، صعد عمر إلى الغرفة التي انتظره فيها فهد ، فتح الباب و قال مرحباً : يا هلا بفهد ، شلون كان مشواركم اليوم ؟
فهد : كويس ..
عمر و هو يجلس خلف مكتبه : بكرا بتاخذك لأماكن أحلى ...
فهد معترضاً : لا لا عمي ، ماله داعي خلاص .. أنا تعبان و بكرا مالي خلق أروح مكان ..
عمر : بس ما يصير كذا ، اليوم الأحد و باقي 4 أيام على سفرك ، وش بتساوي في هالفترة ؟ لازم كل يوم تطلع مكان و تغير جو ..
بابتسامة ذات مغزى : لا تخاف ، راح أعرف وش لازم أقول لهم لا سألوني وش سويت في روما ..
رفع عمر نظراته إلى فهد متعجباً ، تساءل : وش عرفك ؟
أمال رأسه : عارف ليش قلت لبنتك تصورني .. بس ما أتوقع الأمن الجنائي راح يطلبوا مني صور تأكد وش سويت بروما ، أساساً لا تعتبر دليل ..
رفع عمر حاجبيه : ما شاء الله ! و انت منو قالك إن الأمن ممكن يحققوا معاك ؟
فهد : خمّنت ..
تنهّد عمر ، ثم قال : ما في شي يخوف ، اهمة بس مستغربين شلون تبدلت أحوالك بهالسرعة و صار معاك فلوس ..
فهد " بلا مبالاة " : هذي فلوس أبوي اللي رديتوها لي بعد وفاته ..و هم وش علاقتهم ؟ أبوي انقتل و قاعدين يفتشون وراي أنا
ابتسم عمر ابتسامة جانبية تنم عن خبث و دهاء : برافو عليك ، حفظت الدرس بسرعة .. المهم أبيك تجهز نفسك للمهمة الثانية ..
فهد نهض من مكانه : ما في مهمات ثانية ، قبل لا أتأكد إني انتهيت من أول كمبيالة ..
عمر : بس لازم أفهمك طبيعة الشغل قبل لا تسافر ..
فهد : سلطان ما يعرف ؟
عمر : إلا ..
فهد متجهاً نحو الباب : خلاص ، لا كنت عند سلطان و حرق الكمبيالة قدامي ، ذيك الساعة نتفق على الشغل .. تصبح على خير ..
خرج فهد من الغرفة ، بينما تجاهل عمر الرد عليه ، ليقول في سره بغيظ : والله منت هيّن ! ابن ×××


,


تدق الساعة الثانية بعد منتصف الليل ، سكون تام يغلف المنزل ، الأنوار جميعها مطفأة ، تجلس تلك الأم كعادتها كلما تأخر ابنها عن المنزل ، مرتدية ملابس الصلاة ، و تجلس متجهة نحو القبلة ، تدعو بقلب باكٍ أن يحفظ الله ابنها من كل مكروه ، كأنه يذهب إلى الحرب كل يوم و تنتظر عودته ، يدخل يحيى بحركات بطيئة ليتجنب إيقاظ والديه ، رغم أنه قد اعتاد على أن يرى والدته مستيقظة تنتظره ، مر بجانب الصالة ليسمعها داعية باكية ، ابتسم في ذاته حباً ، طرق الباب لئلا يفزعها ، دخل و قال بصوت منخفض : يمه ..
نهضت من مكانها بلهفة ، اقتربت منه بلهفة التي لم ترَ ولدها منذ سنوات : هلا يمه هلا حبيبي وينك يمه ليش تأخرت ؟
تنهّد يحيى و قال بعتب : يمه ليش ما نمتِ للحين ؟
أم يحيى : و شلون بنام قبل لا ترد البيت و أتطمن عليك ؟
انحنى ليقبل يدها ، رفع رأسه و قال : يمه أنا ماني طفل ، خلاص لا تخافي علي ، و بعدين الأحوال صارلها فترة هادية ماله داعي تخافي ..
أم يحيى : والله يا ولدي الموضوع ما هو بإرادتي ، ماني قادرة أنسى يوم اتصلوا فينا من المستشفى و قالولنا إنك انصبت بعملية مداهمة ، الله لا يعيده من يوم ..
ابتسم : آمين .. يمه وكلي أمرك لربنا ، هو خير الحافظين ، و المكتوب ما منه هروب ، علشان كذا فوتي يمه نامي و ارتاحي ..
أم يحيى : ما تبغى تتعشى ؟
يحيى : لا أكلت في المركز ، خلاص يمه ما عليكِ مني روحي نامي ..
طبطبت على كتفه بحب ، خرجت و هي تقول : تصبح على خير ..
يحيى : و إنتِ من أهله يالغالية ..




استلقى في سريره بعد يوم متعب ، رغم أنه يعرف أن تلك الأيام يجب أن تكون بمثابة نقاهة لنفسيته التي تعبت طيلة 26 عاماً من حياته ، إلا أنها أشبه بحصار يخنقه ، أطبق عينيه و تنهّد بألم ، و هو يقول في داخله : الله يسامحك يبه ، الله يسامحك و يرحمك ، ما خلفت لي إلا الهموم و الديون ..
فتح عينيه مع صوت رسالة وصلته ، تناول الجوال ، فتح الرسالة : " شلونك فهد ، اليوم زرنا الوالدة و اتطمنا على أحوالها ، سامحني ما أقدر اتصل إنت عارف الحال .. "
ضرب جبينه بخفة ، و اتصل مسرعاً بطارق ، خلال ثوانٍ جاءه الرد : توقعت تتصل فيني بس شفتك تأخرت ، عشان كذا أرسلت لك ..
فهد : لا لا عادي ، نسيت أتصل .. رحت بروحك ؟
طارق مستغرباً : نسيت ؟!
مرت ثانية صمت لم يعرف بها فهد ماذا سيرد ، أردف طارق بعدها : رحت أنا و أختي ، و اهية دخلت عندها و قالتلي إنها بخير ، بس مشتاقة تشوفك ..
زفر فهد بألم ، التزم الصمت ، فأكمل طارق : فهد إنت مرة متغير ! وش قاعد يصير معاك ! كل اللي في الحارة قاعدين يقولوا ....
صمت و لم يكمل جملته ، تساءل فهد : وش يقولوا ؟!
طارق : ما في شي ، انسى ، أنا بس أبى أشوفك و أفهم منك ، ما تعودت تخبي عني شي !
أخذ نفساً عميقاً ، فهد : إن شاء الله لا رديت الرياض أشوفك و نتكلم .. ما أقدر أتكلم عالجوال ، بس الله يخليك وصيتك الوالدة لا تتركها ..
طارق : ولا يهمك ، أمك مثل أمي ، إن شاءالله ما بتحتاج شي .. بس إنت متى بترجع ؟
فهد : الخميس إن شاء الله ، الخميس بالليل أكون في الرياض ..
طارق : بالسلامة ، طيب ، أشوفك على خير .. سلامات ..
فهد : مع السلامة ..


,



أركنت السيارة إلى جانب الطريق ، ظهر من خلال المرآة رجلين يقتربان من السيارة ، التفتت إليه و قالت : قلت لك ملاحقيننا ..
فكّ حزام الأمان : خليكِ هنا ، أنا نازل أشوف السالفة ..
حسناء : بنزل معاك ..
فهد بصرامة : قلت لك خليكِ هناا !!
ترجل من السيارة ، ولا أخفيكم أنه شعر ببعض الرهبة ، فهو وحيد و هما رجلين ، اقترب منهما و اتضح له أنهما عرب ، تساءل : خير يا شباب وش السالفة ؟
أحدهم يقول بسخرية : حضرتك الحب الجديد للآنسة ؟
في تلك الأثناء ، تتابع حسناء ما يجري من خلال المرآة ، يضرب فهد كتف الرجل بخفة و يقول بجدية : أقول اختصر و يلا من هنا إنت و هو ..
باغته أولهم بلكمة على أنفه أسالت منه الدم و أعادته بضع خطوات إلى الخلف ، لينهض فهد مسرعاً و يبادله بلكمة أخرى على وجهه ، اقترب الرجل الآخر و أمسك بذراعي فهد ليثبته ، يقترب الأول و يضحك ساخراً و هو يضرب على كتف فهد : ما شاء الله ، كابتين أميركا !
تنزل حسناء من السيارة ، يقول فهد بلهجة آمرة : قلت لك خليكِ في السيارة !
تقترب متجاهلة كلامه ، و ابتسامة لم يفهم معناها على وجهها



انتهى (())

البارت أخذ معاي تقريباً 22 صفحة في الوورد ، إذا تبون بارتين في الأسبوع بيكونوا بهذا الطول ، و إذا تبون بارت واحد طويل بيكون مرة واحدة في الأسبوع بيكون حوالي 40-45 صفحة في الوورد ..
قلت آخذ رأيكم و أشوف وش حابين ؟ و أي الأيام في الأسبوع أفضل .. بالنسبة لي أرشّح يوم الجمعة لو بارت واحد ، و لو بارتين ممكن الجمعة و الثلاثاء ..
أعطوني آراءكم في المواعيد ، و في البارت أيضاً لااا تنسوا ..


دمتم بود *))



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس