عرض مشاركة واحدة
قديم 24-10-19, 09:52 PM   #611

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي



الفصل الثالث وعشرون والأخير




" نحنُ ندين بالحبّ للذين لم يغادروا أكتافنا حين خلعتها الرّياح "


أطلقت الأنفاس التي كادت أن تختنق بها فور أن اخبرتها الخادمة بوصول وليد للمنزل.... لقد انتظرته طويلًا بينما فراس كان يتلوى من الحمى بين يديها دون أن تستطيع فعل شيئًا له غير وضع الكمادات الباردة على جبينه والتي لم تفلح معه ابدًا....
سمعت صوته يهتف بقلق فور دخوله الغرفة :
" ماريا.. ما به فراس..."

نزلت دمعاتها تلقائيًا مع سماع صوته بينما هو اقترب منها حتى جلس بجانبها وضمها ضمة سريعة مطمئنة :
" لا بأس... لا تخافي حبيبتي.. سيكون بخير..."

حمل ابنه بين ذراعيه المرتجفتين خوفًا وخرج من الغرفة تلحقه ماريا بما استطاعته من سرعة حتى استقرا بالسيارة متوجهان للمشفى....
لا تدري ما حدث فجأة إذ أنها لعبت هي وفارس بالمسبح بطلبٍ ملح منه.. فلم تشأ أن تحزنه ووافقت تحاول التماشي مع لعبه الطفولي والحذر من أن تغرق... أو يغرق هو.....
لعبا وغيرت له ملابسه لينام فورًا ويستيقظ محمومًا بشكل ارجف قلبها...
فخافت ولجأت لوليد فورًا دون تفكير....
إنها لم تعتاد بعد على أخذ راحتها مع الطفل والخروج به دون وجود وليد...
تخشى أن يحصل له مكروه بسببها.....
وقتها لن تسامح نفسها أبدًا...

جلست المقعد الموجود بإحدى ممرات المستشفى أمام الغرفة التي يتم فيها فحص فراس من قبل الدكتور... لقد أخبرهما أنه أصيب بنزلة برد خفيفة وتسببت لجسده الصغير بالحمى...
إذًا بالنهاية هي السبب... لقد اطاعت الطفل بغباء وهي تعلم أن الجو ليس دافئًا كفاية بالخارج.... ماذا ستقول لوليد... بالتأكيد سيغضب منها...

" ماريا..."

انتفضت واقفة بسماع صوته وتمتمت وهي تطرق برأسها :
" كيف أصبح... هل هو بخير.."

نظر لابنه المستقر بين أحضانه و لمس كفها قائلًا بحنان :
" بخير...هوني عليكِ حبيبتي..."

قطب لرؤية الحزن يرتسم بوضوح على ملامحها مهما حاولت مداراته وهي تهمس بغصة بكاء :
" انا آسفة..."

وضع يده على ذقنها ورفع رأسها باتجاهه ليجد وجهها متغضن والدموع تملئ وجنتيها فقال ممازحًا :
" لقد اصبحتِ سريعة البكاء... ما هذا لا أصدق... "

ضحكت بخفة فقبل جبينها وأردف بمرح :
" لقد أخبرتك أن فراس بخير وهو بالمناسبة بين ذراعاي فالطبيب قال أن لا حاجة لمكوثه هنا حتى.... صحيح فراس... ماريا تبالغ كالعادة ..."

همس فراس بطفولية وهو يسند رأسه بدلال على كتف والده :
" انا بخير... وبابا سيشتري لي الشوكولاتة "

ضحكت سعيدة بسماع صوته ومشت مع وليد للخارج.... قلبها انشرح وقد زال القلق نوعًا ما منه... إنها لم تدرك تعلقها به إلا الآن... ليحفظه الله... لها ولوليد...
...........

في المساء كان قد نام فراس ورفضت أن ينقله وليد لغرفته فجعلته ينام على سريرها وتمددت بجانبه محتضنة إياه بقوة ليتنهد وليد باستسلام ويستلقي في الجهة الأخرى فأصبح ما يفصلهما هو فراس النائم براحة بال...
همس وليد وهو يتفحص وجهها المرتخي :
" هل ستنامين..."

همهمت بنعم فابتسم بحب ووضع ذراعه فوق ذراعها حتى أصبح يضمهما الاثنان... وهنا اغمض عينيه ونام ... ما دام أقرب شخصين لقلبه بخير.. هو الآن مطمئن جدًا...

كان يحلم.... حلم حقيقي قد حصل بالفعل.... حلم بزوجته السابقة المتوفية.... كان يحاول أن يوقظها من النوم... لكنها لم ترد على اسمها المنطلق من بين شفتيه دون كلل... ولم يهتز رمش بها... بل بقيت مغمضة عينيها... ومستكينة بجسدها..... ولم تستيقظ للأبد...

هب جالسًا ببعض الفزع لاهث الأنفاس وجبهته متعرقة.... لا يعلم لمَ حلم بهذا الحلم الآن... ربما من ارهاقه وخصوصًا أنه يضغط نفسه بالعمل...
مسح على جبينه والتفت جانبًا... كان صغيره ما زال نائمًا وماريا كذلك... لكنها معطية ظهرها له .....
حمل صغيره برفق بين ذراعيه واقترب من ماريا حتى أصبح خلفها تمامًا ثم وضع فراس مكانه...
شعر بحاجة ماسة لرؤية عينيها... لأن تستيقظ الآن...
فهزها من كتفها برفق وهمس :
" ماريا.. ماريا..."

لم تستجب... ابتلع ريقه ثم عاود مناداتها :
" ماريا... استيقظي..."

لم تتحرك أبدًا... تمامًا كما في الحلم.... تلاحقت أنفاسه ودفعها من كتفها لتستلقي على ظهرها وهذه المرة تخلى عن همسه :
" ماريا...ماريا... ما..."

تحركها المنزعج جعله يبتلع باقي نداءاته وراقبها تفتح عينيها ببطء تتآوه.... فتحركت عضلة فكه بارتجاف وضمها لصدره بقوة قائلًا بتوبيخ غاضب :
" لقد ناديتك طويلًا... لمَ لم تسمعينني..."

تمتمت بين غياهب النوم دون أن تدرك ما حولها :
" وليد.. تعال ... فراس مريض"

زاد من ضمها له مقبلًا كتفها مستنشقًا منه عبير الاطمئنان.... ماريا هنا... معه
وإن تركته يومًا سيفقد ما بقي من روحه.... للأبد

************************

تكتم ابتسامتها وهي تنظر لجانب وجهه المتصلب ثم تنزلق نظراتها لحيث قبضته المتصلبة كذلك... رغم ما بها من توتر شديد لكن منظره أضحكها وزاد حبها له أضعافًا... كيف يمكن أن يكون هكذًا شفافًا لعينيها... يطوف حبه من نظراته ويغرقها بحنانه الزائد... شفافًا جدًا وكل ردة فعل منه تقتلها حبًا... كل ابتسامة منه تبتهج لها روحها من شدة صدقها...
هذه المرة كانت ابتسامتها حنونة وهي تتدقق بملامحه بتركيز ليجفلها صوت والدها يقول بجدية :
" أفنان ابنتي..."

حولت نظراتها لوالدها كمن تم ضبطه متلبسًا وقالت بخجل :
" نعم أبي..."

وجه والدها الحنون لم يتغير رغم النظرة الجادة بعينيه بينما يقول بلطف :
" حبيبتي... هل أنتِ معنا"

هزت رأسها وحرجها يتزايد :
" بالطبع..."
ثم نظرت لعامر فوجدته يبادلها النظر بشبه ابتسامة والتوتر يشمله من رأسه لأخمص قدميه... لم تعرف ماذا يمكنها أن تفعل لتطمئنه فاكتفت بهزة من رأسها وعينيها تبتسمان له بينما تابع والدها موجهًا حديثه لعامر :
" تعلم يا ولدي بأن طلبك صعبة الإجابة عليه فورًا... "

تنحنح عامر وتمتم :
" عمي أنا..."

رفع كفه وقاطعه قائلًا بدفء :
" دعني أكمل بني... أنت تعلم بأننا نعيش هنا منذ سنوات وقد تكيفنا مع المكان مع مرور الزمن مطمئنين أن ابنتنا الوحيدة بأحضاننا وحولنا.... صعب جدًا أن نتقبل ابتعادها عنا فجأة... "

أطرق عامر دون أن يجد ردًا بينما نظرت أفنان لوالدها بحزن... قلبها يتمزق بينهم.... ورغم أنها تعرف ما تريد لكنها لا تستطيع البوح به.. لا تستطيع ببساطة أن تجرح والديها... هما من وقفا بجانبها... من نفيا نفسهما خارج بلدهما من أجلها...ما الحل!

سمعت عامر يقول بنبرة مصرة :
" عمي أنا أحب أفنان ومتمسك بها وما سافرت كل هذه المسافة إلا لأخبركم بذلك لأنني لست من يتخفى ويتلاعب.... أريد الزواج بها اليوم قبل غدًا لكنني بالطبع سأنتظر رأيكم... والآن"

ثم نهض أمام عينيها الذاهلتين وتابع بهدوءه المعتاد :
" أعذروني... مضطر لأن أغادر..."

رافقه والدها للباب فتبعتهما ووقفت تنظر له من خلف كتف والدها بنظرات دامعة ليبتسم لها إحدى ابتساماته الصادقة ثم يذهب....
استندت بكفها على الحائط وسمعت والدها يهمس بشيء لوالدتها ثم يقترب منها ليحاوط كتفها بحنان :
" تعالي معي... "

جلست بجانبه على الأريكة سامحة لرأسها أن يستند على كتفه بضعف ثم وجدت نفسها تهمس ببؤس :
" لا أعلم ماذا علي أن أفعل يا أبي..."
لطالما كان والدها يلعب دورين في حياتها... الأب والصديق... تفضي له بكل ما يؤرقها دون أن تتردد عكس ما يحصل ما والدتها... فالأخيرة عاطفية رقيقة وتخاف عليها فدومًا كان حذرة معها حتى لا تحزنها بينما والدها أقوى وأصلب ويحثها على التكلم بكل شيء ولا شيء... رفع ذقنها له برقة وقال :
" هل تحبينه..."

تلونت وجنتاها بالأحمر لكنها رغم ذلك أجابت بصدق :
" نعم... أنا أفعل... قاومت بالبداية لكنني لم أستطع..."

قبل جبينها وهمس :
" لماذا قاومتِ...."

ردت بنبرة مرتجفة :
" خفت... من نفسي... ومن هذه اللحظة..."

تفاجأت بوالدها يضحك بخفة ثم يقول بمرح :
" أنتِ لا تعلمين كيف تبدين شفافة لي....أنا أعلم بكل ما تفكرين به... أعلم بقرارك... أعلم بتخبطك وترددك لأن تقولينه.."

توسعت حدقتيها دهشة وتمتمت :
" أبي... لكن...."

لامس وجهها بكفه الدافئ وقال :
" حبيبتي لا تضيعي فرصة السعادة من بين يديكِ.... من نظرة واحدة استطعت أن أدرك إلى أي حد يحبك هذا الرجل... فلا تجعليه يذهب... حتى من أجلنا... "

اعتدلت بجلستها وهزت رأسها ببطء قائلة برفض :
" أبي أنت لا تفهم علي.... كيف تريديني أن أترككم... الأمر ليس شهر أو سنة بل دائم... لن أستطيع.... "

مسح دمعتها التي نزلت بلطف ثم قال يقنعها بأسلوبه المنطقي :
" ابنتي... أنتِ لا تحبين هذا المكان.. ولا هذا البلد.... لم تستطيعين الاعتياد عليه كما فعلنا... كنت دائمًا أرى النظرة المشتاقة بعينيكِ.... النظرة التي تخبرني دون قصد برغبتك للعودة.... كنت أشعر بتعاستك دون أن أملك محوها.... فهل ستمنعيني الآن بعد أن أتتني الفرصة؟.. "

قاومت لذة القبول وهي تعرض مخاوفها :
" لكن... أمي لن تقبل... ستحزن جدًا... "

" أعلم.. ولهذا السبب لم أوافق اليوم فورًا لأنني أريد إقناعها.... بالنهاية هي سترجح سعادتك بكل تأكيد.... وافقي حبيبتي واغتنمي هذه السعادة... تشبثي بها بيديكِ وأسنانك.... وإلا سأموت من غيظي بسببك..."

ضحكت وهي تسمح وجهها بطفولية ثم دفعت ذراعيها حول عنقه تعانقه بحب كهمستها :
" أبي... أحبك جدًا.... "


مساءً
كانت تضع هاتفها على أذنها تستمع للرنات الرتيبة وتهز قدمها بقلق قبل أن تطلق نفس عميق وصوته القاتم يجيبها :
" مرحبا أفنان... "

تكلمت بلهفة :
" اتصلت بكِ مرتين ولم ترد... هل حصل شي... قلقت عليك..."

رده كان مقتضبًا وكأنه لا يرغب بمحادثتها :
" لا... لم يحصل شيء..."

عضت على شفتها السفلى وهي تصغي لذبذبات أنفاسه :
" عامر... ما بك…"

من جهته كان يقف في شرفة الغرفة الذي حجزها في الفندق... يستنشق عبير الهواء البارد ويفكر كيف يمكنه أن يحل المعضلة الجديدة.... وكأن حبه لها يصر على ألا يكتمل... يصر على ألا يكتب النهاية السعيدة.... إنه خائف... يعترف... خائف وبشدة... خائف بأن تتخلى عنه أفنان وتعود متقهقرة للخلف... ولذلك عندما سمع صوتها لم يملك أن يخفي عنها هذا الشعور ولا يدري إن شعرت به أم لا

" عامر... أنا آسفة..."

هبط قلبه أسفل قدميه واشتدت قبضته على الهاتف وقبل أن يقول شيئًا تابعت :
" آسفة لأنك تظنني الآن سأهرب وأتركك... لكنني لن أفعل"

همس ببهوت :
" أفنان..."

قالت بقوة ونبرة صوتها ترتفع وكأنها تريد أن توصل له كلماتها وشعورها كله... تريده أن يثق بها :
" أقسم أنني لن أفعل... لن أتخلى عنك... بل سأعود معك... وسأبقى معك"

ضحك بصوت متحشرج وهو يعاود همس اسمها فتبادله نفس الضحكة السعيدة ثم يذوب قلبها حبًا وهي تسمعه يقول بحماس ولهفة :
" سأتصل بوالديّ لإخبارهما... سيفرحان جدًا..."

جلست على السرير وهمست وعينيها تنحنيان برقة :
" نعم... "

يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس