عرض مشاركة واحدة
قديم 30-10-19, 09:30 PM   #3

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

يوم ربيعي هادئ ممل يماثل كل أيامها, كانت تسير برفقة ابنة عمها وصديقتها داليا عائدتان من الجامعة, عبر الشارع الراقي الذي يتواجد به منازلهم متقابلة تحيطهم الأشجار العملاقة المتراصة على جانبي الطريق يفضلان دائمًا السير به, رافضتان أن تقلهما إحدى سيارتهما, إتفاق ضمني بينها أن يستمتعا في هذا الوقت من العام بالشكل المبهر الذي ترسمه الأشجار متعارفة الأفرع, تمتلئ بأوراق شجر ملونة مزيج عجيب بين ألوان الأخضر والوردي يخطف البصر, والعين..
كانت تتأمل أفرع الشجر القديمة بإهتمام, بينما تستمع لهدر داليا الذي لا يتوقف عن حب ابن عمها لها هي وإلحاحها في طلب وصالها,
تأفافت بضجر, وهى تلتفت تقف أمامها تقطع الحديث تخبرها:" داليا اسكتي قولت قبل كدا انا عمري ما هبادله اعجابه لا هو ولا غيره.."

بغيظ مترافق دائمًا لمن يحاول الحديث مع آلاء, ويستمع لأفكارها الجبارة, سألتها داليا:" ليه؟.. فهميني اديني سبب واحد مقنع لرفضك ليه.."
تحركت آلاء مرة أخرى ترفع رأسها بشموخ, وهى تشد من احتضان دفتر ملاحظتها, وبعض الأوراق الخاصة بجامعتها على صدرها,
قائلة بتعالي:" اعتقد يا داليا انى شرحت أسبابي كتير قبل كدا, سواء ليكي, او لكل أصحابنا.."
أردفت تتمادى في الشرح قائلة:" اللي هتجوزه لازم يكون مختلف, نكون على مستوى التحدي, واحد يعرف يقف قدامي صح, يثير فضولي اني اعرفه, مش يطيعني في كل حاجة, او يكون عقيم الفكر..
كمان لازم يكون جذاب شخصيته منفردة, حاجه تقدري تقولي
طفرة ومعنديش مشكلة انه يكون غامض ومغرور.."

شهقت داليا بإستنكار قائلة:" انتِ مجنونة, عاوزه مغرور, ممكن اتفهم جذاب و غامض؛ لكن مغرور؟!.."

هزت آلاء رأسها مؤكدة بالتضامن مع قولها:" ايوة بتمناه مغرور, تقدري تقولي انها معادلة يا داليا, جذاب مختلف متفرد الشخصية, لازم يكون مغرور؛ ولو لقيته فعلاً هقبل الصفقه كامله معنديش أي مانع في ده, انا فعلاً بجهز نفسي من زمان لشخصية ذي دي.."

أخبرتها داليا بهدوء تحاول أن تتماسك, ولا تنفجر بها:" ماشي يا حبييتي ربنا يحققلك كل اللي بتتمنيه.."
(ويطلع عينيكِ الاثنين ويخلص منكِ كل القديم والجديد..)

التفت لها آلاء تخبرها بفتور:" نفس الدعوة اللي بتكرروها بإستمرار, انتي وماما, ولحد دلوقتي ولا دعوة استجابة ليكم.."
أردفت بشقاوة, وعيناها تلمعان بتحدي لمجهول لم يحدث بعد:" هو يجي بس, وبعدها نشوف مين هيطلع عين مين؟.."

استمر جدالهما اليومي على نفس النقطة إلى أن وصلت آلاء أمام بوابة منزلها..
لتنهي آلاء الحوار, وهى تودعها على باب المنزل قائلة:" يله انا هدخل دلوقتي زمان ماما هتعملي محاضرة كل يوم عن مشينا في الشارع في الوقت دا, بقولك ما تيجي معايا نخد الكلمتين سوا؟!.."
أسرعت داليا في الخطى تبتعد, وهى تدعي الرعب:" لا يا ستي انا متنازلة عن العزومة دى, انا لسه بعقلي عوزاني اروح برجلية لطنط سوسن.."
هزت آلاء رأسها مدعية اليأس, تحاول أن تأخذ نفسًا طويلاً في استعداد لمواجهة حتمية مع والدتها, دلفت عبر بوابة المنزل
تقلب في محاضرتها بإهتمام بالغ, تتفحص بعض الأوراق غير منتبة للممر الطويل الذي يقطع حديقة المنزل..
لم تشعر بنفسها إلا ورأسها يصطدم في شيء ما بقوة, لتتبعثر جميع أوراقها علي الأرض من حولها..
تأوه خافت خرج منها وهى ترفع يدها تضعها على رأسها
رفعت وجهها بملامح يكسوها الغضب في استعداد واضح للفتك بالشخص الذي اصطدمت به,
هتفت بإنفعال:" ايه دا انت غبي, مش شايف قدامك ياااا!!......."
قطعت هاتفها الغاضب وسيل سبابها وهى تصدم بما ترى؛ كأنها فصلت عن الواقع عن غضبها, وعما حدث منذ دقائق فقط تتأمله..
شاب.. لا لم يكن شاب أكدت لنفسها وهى تتفحصه ببطء متمهل؛ بل رجل ثلاثيني آسر الملامح مفتول العضلات فارع الطول, رفعت عينيها قليلاً تتأمل وقفته الممشوقة بغرور, وكبرياء توقفت تمعن النظر في تفاصيل وجهه الأسمر الجذاب, لم تستطع أن تنظر لعينيه إذ كانت نظارته الشمسية تحتل منتصف وجهه..
إبتسامة بلهاء واسعة احتلت فمها الكبير, وهي تهنئ نفسها؛ لقد وجدت ضالتها..
(الحائط البشري كما تصفه الروايات بكل صفاته, مغرور, متعجرف, وسيم, وغامض..)

رغمًا عنها وكأن شيء يقيدها, سمعت صوتها يخرج خافت بحالمية, تسأله:" يا الله هو أنت حقيقي؟!.."

لم يكن قد استوعب اصطدامه بتلك الحمقاء بعد, وقد كان خارجًا من هذا المنزل في زيارة قصيرة لصحابه, ليسمع سيل سبابها وبعدها تتوقفت لتفحصه..
عقد حاجبيه من تحت نظارته التي تزيد علامات الإستفهام من حوله بعدم فهم حقيقي, بما تبديه وتقوله من أمامه..
أليس من المفترض أن تخجل، وتتعثر في الحديث، وتبدي إعتذار خجول، أو حتى تنتظر إعتذار منه على اصطدامه بها؟!.. وبعدها تفر هاربة!..

حاول الإعتذار منها وهو يحاول المرور من جانبها لينصرف..
سمعت صوت عميق خشن بنبرات متعجرفة باردة,
يخبرها:" انا اسف مخدتش بالي, وسعى شوية خليني أعدي.."

لم تعره إنتباهًا؛ وكإنها لم تسمعه وهي تتطلع بملامحه الشبيهة بفارس أحلامها؛ وكأن وسامته تجعلها فاقدة أدركها, أو حتى السيطرة على لسانها سمعت صوتها يخرج, وكأنها في عالم آخر تحدث نفسها:" اتجوزني ارجوك.."
أكملت تتمتم لنفسها معتقدة أنه لا يسمعها غارقة في أحلامها الخاصة:" لو اتجوزت واحد زيك, أطفالي هيكونوا غاية في الروعة.."

صدمة تمكنت منه تركته مبهوتًا بما يسمعه منها, لم يستطع أن ينطق إلا بإستفسار:" ايه اتجوزك؟.."
عبثت ملامحها عندما رأت وجهه المصدوم, واستفساره المختصر, يناظرها كأنها مختلة, أو غريبة الأطوار..
جحظت عيناها بصدمة مماثلة؛ عندما عندما سمعته يردد تساءلها له..

ارتفع حاجبيه وهو يأخذه فضوله لأول مرة, يتأمل من أمامه, يقيمها..
ملابسها المتناسقة, وتبدو منتقاه بإهتمام لا تدل على أنها مختلة,
ملابس محتشمة غير مبتذلة, وجه خالي من مساحيق التجميل تمامًا شعر أشعث مسرح بعناية, ومجمع في ربطة واحدة, عاده عن بعض الخصلات الشاردة التي تتجمع تحت نظارة طبية..
هل تضع الهبلاء نظارتها الطبية كطوق للشعر؟!..
عاد بعينيه يجول بنظراته حول وجهها الحانق؛ فيما يبدو لم يعجبها تفحصه لها..
وجه خمري اللون بعيون واسعة, تتواسطها حدقات عسلية, أنف كبير قليلاً, يعلو فم واسع مماثل لعينيها؛ إذًا الآن فقط علم سبب عدم سيطرتها على نفسها..
مال فمه بإبتسامة ساخرة, عندما ضربه الإدراك بهواية من أمامه, بالتأكيد هي من حدثوه عنها, الفتاة الحالمة!..

نطق ببرود وبطء مدروس, وفكرة تلتمع بعقله سوف يجاريها؛ إلى أن يكتشفها جيدًا, ولن يحكم عليها بما أخبروه به..
_مالك مضايقة ليه, حبيت ادرسك زي ما عملتي معايا..

أجابته بنارية:" مش من حقك.."
رفع حاجبيه, ليجاوبها ببرود:" مش من حقي؛ لكن من حقك أنتِ تطلبيني للجواز.."
جذت على أسنانها بغيظ تلعن اندفاعها, ما الذي جرى لها, لتفقد سيطرتها وتجعله يسمع أفكارها الخاصه؟!..
حاولت أن تتحلى بالقوة ولا تتراجع وهى تطالعه فارس أحلامها يخرج من إحدى الرويات, ويصبح ماثل أمامها..
إذًا الأمر يستحق لا ضير في مجاراته في الحديث؛ هي لم تخطئ أكدت لنفسها!..
ردت بلا مبالاة وهى تنحني تلملم أشيائها التي بُعثرت على الأرض:" دا على أساس ان انت كنت جنتل مان, ومهذب ورديت على طلبي.."
إضافة تزيد في إستفزازه:" كل اللي سمعته منك صدمتك, وكإنك بيبي خايف حد يخطفه.."
ارتد رأسه للوراء بتعجب, وهو يراقب ما تفعله:" أنتِ مجنونه صح!.."

أنهت لملمت أوراقها لتقفز تقف مره أخرى برشاقه متناقضه مع جسدها الممتلئ قليلاً لعينيه المراقبة؛
لتكمل بدون اهتمام وهي ترفع وجهها مرة أخرى قائلة:" أسفك غير مقبول يا حضرة, ويفترض انك كنت تعتذر بلهفه, وتلم ليا حاجتي وكمان تعزمني على لمون يهدي اعصابي من الخضه اللي اتسببت ليا فيها.."
عقد ذراعيه على صدره وهو مستمر في الإستماع إلى هذرها,
يجاريها لا مانع لديه من الحصول على بعض الجنون قليلاً:" اممم.. وان شاء الله هعزمك على لمون فين؟.."
مطت شفتيها بإمتعاض تخبره:" اممم.. لا دا انت شكلك مش على الخط خالص.. ازاي فين.. في كافتيريا الجامعة طبعاً.."
هاداها بإستمتاع لم يحصل عليه من وقت طويل:" فكرة كويسة.. بس هي فين الجامعة اللي فيها الكافتيريا.."
عقدت حاجبيا بعدم فهم؛ لتشهق بصدمة, وكأن سؤاله أعادها لواقع؛ أنها في منزلها..
_ايه دا صحيح دا بيتنا.. بس يفترض انك تتصدم بيا في الجامعة مش هنا.. تأففت بضيق قائلة:" كدا ضيعت الفرصه, وبوظة المشهد.."
_مشهد ايه؟..
سألها..
أخبرته بإبتسامة واسعة عادت لتحتل وجهها, تشرح بإستفاضة:" مش بقولك شكلك مش فاهم.. بص يا سيدي كل الروايات بتقول انك تتصدم بيا في الجامعة, وبعدين تطلع أستاذي أو دكتور جديد.. أيا كان يعني وبعدها نعاند بعض ومشاكسات تحصل بينا, وبعدين تطلع بتحبني ونتجوز.."
لم يستطع أن يسيطر على نفسه, وهو ينفجر بالضحك ليخبرها:" الله انتي منهم بئى.."
عبثت ملامحها من سخريته منها, قطع ضحكاته فجأة ليتحرك يتركها في منتصف الممر, قائلاً:" فوقي يا آنسة من أوهامك شوية, وأحب اقولك ان انا مبوظتش, المشهد بس لا وكل حلمك, لاني من المستحيل اطلع الأستاذ بتاعك.."
سمع هتافها يأتي حانق من خلفه متسائلة:" امال انت مين, وبتشتغل ايه يا سيادة الواثق؟.."
التفت إليها برأسه ينزل نظارته قليلاً بعيد عن عينيه, يغمز لها بمشاكسة قائلاً:" اكيد مش هقولك, ومهما حاول عقلك اللي باين اوي انه عبقري مستحيل يقدر يخمن.."
بإنبهار وهى تلمح لون عينيه تمتمت:" عيون صقرية بغابات زيتونية.."
تماثل بطلها المفضل أقسمت بأن لن تتركه مهما حدث؛ ولكن يجب أن تعلم أولاً من هو, وماذا كان يفعل في منزلها؟!..
*****************

يومان مرا على مقابلتها العجيبة ببطلها الغامض كما أطلقت عليه, حاولت أن تعلم من هو, ولم تحصل على إجابة فعند سؤالها لوالدتها عنه
كانت الإجابة سيل من الغضب, ودروس العتاب تخرج من والدتها لها..

أما والدها لم تستطع سؤاله؛ فآثرت الصمت.. تنهدت بضيق تلعن حظها
عندما تجد من كانت تبحث عنه فتى أحلامها؛ يضيع هكذا, أم أنه كان حلم يقظة من أحلامها, وكل ما جرى لم يحدث بالفعل..
_آلاء..
أغمضت عينيه بقوة, وصوت أمها الغاضب يخترق مسامعها
سؤال يحيرها بشدة, أمها التي تحاول أن تبدو أرستقراطية..
كيف تفعل كل هذه الغوغاء في التعامل معهم داخل المنزل!..
تتصرف بحرية تبدو كأي أم عربية أصيلة؛ لكن في خارج المنزل, وبين الناس سيدة مجتمع أولى, تشعر أحيانًا أن هناك ازدواج في الشخصية في تعامل عائلتها!!..
ربما هذا ساعد في تشكيل شخصيتها؛ لتكون جامحة غير مسيطرة على أفعالها لا تريد القيود, فقط تتصرف على سجيتها تحركها أفكارها الخاصة دون الإنقياد لأحد..

هبطت سريعًا تلتهم درجات السلم, لتقابلها والدتها تخبرها بهدوء غريب متناقض مع ندائها الصارخ السابق:" آلاء لو سمحتى خدي الطبق دا, وديه عند طنط أمل.."
التقطت الطبق الواسع المغلف جيدًا بالورق الحافظ للطعام, وهى ترفع حاجبيها بإستغراب لتسأل بتعجب:" والطبق دا فيه ايه؟.. ومن امتي بقيتو تتبادلو الاكل جديدة دي!.."

ضربتها أمها بخفة على جبهتها, وهى تقول:" من غير مناكفة فيا, اسمعي الكلام وروحي, هي كمان عاوزه تشوفك, بقالك فترة مش بتروحي عندها.."
هزت كتفيها بطواعية وهى تنصاع للأمر على الفور:" حاضر يا ماما زي ما تحبي, هروح حالاً هي كمان وحشاني.."
تأملت أمها هيئتها بغير رضى, وهى تتنهد بيأس:" آلاء أنت هتروحي كدا بمنظرك دا!.."
بنفس أسلوبها اللامبالي نظرت إلى ملابسها الرياضية البسيطة, وهى ترفع الطبق أمامها, لتسمح لنفسها بالرؤية لترد:" ماله منظري يا ماما, مهو فل اهو.."
أردفت وهى تهم بالمغادرة:" انت غريبة اوي يا ماما, ما من ساعة ما سكنا هنا, وانا بروح وباجي في الشارع كله بالشكل دا, سواء عند بيت عمتي, أو عند طنط امل.."
حاولت أمها إيقافها لتحسن من نفسها قليلاً قبل الذهاب؛ ولكن
اعترضت آلاء بتعنت وهى تخرج من المنزل بالفعل مهرولة بمرح..
راقبتها أمها وهى تهز رأسها بقنوط تدعو الله أن يخيب ظنها وأن ينجح مخططها مع أمل..
ولكنها تعرف ابنتها جيدًا سوف تفشل أي مخطط محتمل..
_أمل طنط, انتى فين!..
كانت تنادي آلاء بصوت مجلجل يلف أرجاء المنزل, ويثير الإزعاج لساكنيه, بعد أن فتحت لها الخادمة الباب لتدلف على الفور بضجة مرافقة دائماً لتواجدها..
تقدمت تضع ما بين يديها على طاولة بيضاوية الشكل برسومها العربية في منتصف بهو الإستقبال..
عندما همت بأن تنادي مرة أخرى, وتفتعل الصخب
أتاها نفس الصوت الرزين يحذرها بهدوء غريب بالصمت:"
أنتِ إية يا بنتي؟.. كارثة متحركة مابتعرفيش تسكتي.. الزمي الهدوء شوية.."
التفت إلى جانبها وهى تشهق بصدمة, تبحث عن مصدر الصوت؛ لتجده يقف يميل بجذعه يستند بكتفه على باب أحد الغرف, وهو عاقد لذراعيه على صدره..
رفع حاجبيه وكأنه يستمتع بعلامات وجهها المصدومة؛ لترفع يدها تشير له وكأنها لا تجد ما تخبره به تسأله بتقطع:" انت ان.. ت..."
صمتت لبرهة تستعيد أنفاسها وتجمع رباط جاشها؛ لتأخذ نفسًا عميقًا, وهو يراقبها بتلذذ غريب عليه,
ليسمعها تسأله بإعتراض:" انت بتعمل ايه هنا, وازاي دخلت, وفين طنط أمل؟.."
ببرود سألها, متجنب الإجابة عليها:" السؤال الصح يا انسة.. أنتِ ايه اللي جابك هنا, وبتعملي ايه في بيتي؟.."

بإحتجاج رافض ردت:" بيتك ازاي يعني!.. احنا ساكنين هنا من سبع سنين ودا بيت طنط أمل, أزاي بيتك انا عمرى ما شفتك.."
لم يتحرك من مكانه, ولم يهتز حتى, فقط يقف يراقب إهتياجها الواضح بوجه خالي من أي تعابير..
أخذت في الهدر تصرخ باسم امل, لتصمت فجأة تشير إليه بإتهام صادم:"
بس انا عرفت.. انت اكيد حرامي, وقتلت طنط امل وانا جيت في وقت غير مناسب؛ فقررت تخرج ليا وتمثل دور صاحب البيت صح!.."

لم يتحرك من موضعه وحتى ما تقوله يثير جنون وصدمة أي إنسان, اكتفى بهز كتفيه ببرود مغيظ, يخبرها ببطء:" لا اطمني انا مش حرامي, ولا قتلت امل.."
هتفت بإندفاع:" وايه اللي يخليني اصدقك, انا متاكدة انك حرامي, فين امل انطق.."
لا يعلم لِمَ يجاريها ويعجبه جنونها!.. ما الذي فيها يجذبه؟.. ربما لأنه منذ وقت طويل لم يقابل أحد بهذا الإندفاع يتحدث قبل أن يفكر
هز كتفيه ومازال لم يتحرك من وقفته؛ كأنه جمد في مكانه ليخرج كلامه بنفس نبراته:" الحل بسيط ياذكية هانم.. مفيش حرامى ولا قتال قتله هيروح يعمل جريمة بهدوم نومه.."
لم تكن انتبهت لملابسه جيدًا عقدت حاجبيها تتفحصه بإهتمام؛ لتقول بتعجب:" وهو اللي انت لبسه دا ملابس نوم.."
لم يرد وهو يعتدل من وقفته يتمتم لها:" مفيش فايدة فيكِ.. دا كل اللي لفت نظرك!.. على كل يا اسمك ايه.. امل هتلقيها فوق مفيش داعي تعمل الضجة دي كلها.. يا تطلعي ليها مباشرة يا تقولي للى فتحو الباب يندوها.."

_استنى..
أوقفته بتعجل وهى تراه يدلف إلى داخل الغرفة مره أخرى, توقف يعطيها ظهره؛ ليسمعها تسأله بدون تحفظ:" انت مين, وبتعمل ايه هنا؟.. انا من يوم ما شفتك حاولت اعرف عنك أي حاجه معرفتش, اه واهم حاجه اسمك ايه بئي يا مز؟.."
التفت اليها قائلاً بخشونة:" هو أنتِ معندكيش كنترول خالص, لولا مظهرك بيوضح انك هبلة كنت شكيت فيكي, مز ايه وهبل ايه؟.. سيطرى على نفسك شويه.."
لم تهتم وهى تقترب منه بعناد, تصر على سؤاله بنفس الطريقة:" برضو هتقول انت اسمك ايه, وبتشتغل ايه يا مز.."
ارتفع طارف فمه بإستنكار من اللقب, يردده بعدم رضى:" مز برضو!.."
بلا مبالاة واضحة, فسرت له:" لقب عادي يعني عديها, دا شيء يخصني انا قررت أسميك بيه.."

لم يرد.. طالعها بتكلف وعنجهية مغيظة لها, وهو يتركها ويتحرك إلى داخل الغرفة, صافقًا الباب بقوة؛ جعلتها تقفز خطوة للوراء..
شوحت بيديها وراءه علامة على غيظها منه؛ لتعقد عزمها على الصعود فورًا إلى غرفة أمل التي تعرفها جيدًا متجنبة إياه, بالتأكيد سوف تستطيع استجواب أمل وتعرف منها كل شيء عن بطلها الغامض..
وصلت إلى باب الغرفة تطرقه بتسرع, إن سمعت صوت أمل يسمح لها بالدخول,
فتحت الباب على الفور تدخل بصخبها المعتاد, ترحب بأمل بمرح وهى تقترب منها على الفور تحتضنها:" أموله الوحشه اليل بتشكينى للست سوسن وحشتينى .."
ضحكت أمل وهى تهز رأسها بيأس:" يا بنتي اعقلي.. انتي مفيش أي امل منك.."
هزت كتفيها وهى تحررها من أحضانها, تتحرك ناحية إحدى المقاعد تجلس, وتربع ساقيها تخبرها مازحة:" لا معتقدش ما انتي عارفه, وبعدين امل مني ازاي, ما انتى هنا منورة الدنيا.."
صمتت لبرهه تدعي التفكير لتخبرها تدعي الغرور:" وبعدين يا امولة ازاي عاوزه تلاقي امل زيي انا وحداه بس لا تكرر.."

لم تستطع أمل الرد وهي تناظرها مبتسمة, تحب عفويتها إنطلاقها هي من خففت عنها عذاب وحدتها في السبع أعوام الماضية, منذ أن انتقلت مع أسرتها في المنزل المجاور, وأصبحت علاقتهم جيدة, واكتسبت آلاء رغم فرق العمر الكبير بينهم صديقة لها..
قاطعت آلاء تفكيرها وهى تقفز من المقعد, تضيق عينيها وتعقد يديها وراء ظهرها؛ وكأنها تأخذ وضعيت محقق لجريمة ما..
_صحيح قوليلي يا امل هانم مين المز المغرور, اللي قابلته تحت عندك؟!.."
جاوبتها أمل مستعجبة:" مز ايه, ومغرور ايه؟.. مش فاهمه.."

توقفت آلاء تخبط على جبهتها تخبرها:" يووه نسيت انتِ من العصر الحجرى زي ماما.. اقصد الواد الحليوه اللي منفوخ, تحسّيه هيفرقع, قابلته عندك تحت؟!.."
انفجرت أمل ضاحكة بقوة تردد ما قالته آلاء:" واد ومز وحليوه!..
انا مش هقدر اتخيل لو سمع منك الكلام دا, ممكن يعمل فيكي إيه.."
مطت آلاء شفتيها بإمتعاض تخبرها:" ولا هيعمل حاجه يا أمل هيبص ليا من فوق لتحت ويسبني ويمشي بمنتهي البرود.."
إجابتها أمل تصدق على كلامها:" و فعلاً هيكون دا رد فعله.. انتي اتكلمتي معاه؟.."
ردت آلاء بإبتسامة سمجة تحتل وجهها:" اه اتكلمت معاه, وكمان قولت ليه رأي فيه.."
بتوجس وخوف مما تسمع, سألتها أمل وهى تتفحص مظهرها الغير مبهر إطلاقاً بشعرها الأشعث, وملابسها الرياضية..

_قولتِ ايه يا آلاء, وقابلتيه بشكل دا!..
جاوبتها آلاء بقنوط من تعليقهم المتكرر عن مظهرها:" وماله شكلي يا امل, ما انا بني آدمه اهو, ايه اللي فيا غلط؟.."
أغمضت أمل عينيها بقوة, تردد داخلها (مفيش فايدة..)
لتجاوبها باستسلام تعلم جيدًا كره الذي أمامها للتعليق عن مظهرها:" مفيش يا الاء, ولا أي حاجه غلط يا بنتي.. ربنا يهديكِ المهم قابليته وقولتي ليه ايه بالظبط اتحفيني.."
جاوبتها بدون اهتمام:" قولتله انه مز ودي مش اول مره أقابله, مهو دا اللي خبطني عندنا في البيت من يومين, وحكيتلك في الموبيل الي حصل.."
بإدراك سريع عادت لتستجوبها:" المهم انتي توهتيني, مين دا؟.. جاوبيني بسرعة قري واعترفي.."
برتابة خرج صوت أمل هادئ تتفحص أفعال من أمامها تلتزم بوعدها, ألا تبوح أكثر من ما هو مطلوب منها:" دا فارس ابني يا آلاء كنت حكيت ليكي عنه كتير ازاي معرفتهوش.."
بإدراك جاوبتها آلاء وفرحة تغمرها, لا تعرف سببها كررت اسمه بحالمية:" فارس ابنك, كمان اسمه فارس؟!.."
كانت أمل مستمرة في تفحص ردود أفعالها ببطء تحاول أن تسبر أغوارها لتكمل بهدوء:" اه ازاي معرفتيهوش, انا كنت وريتك صوره قبل كدا.."
توقفت أمل لحظة, تردف بإدراك:" صحيح اكيد زي عادتك مركزتيش وانتِ هيمانه في موصفات ابطال رواياتك.."
ابتسمت آلاء إبتسامة واسعة, وهى تقول بفرحة:" ابطال روايات ايه, دا شكله يتعداهم هو دا ابنك اللي كان مسافر من تمن سنين صح.."
بتنهيدة خرجت من قلبها أكملت:" أمل ارجوكِ لو احنا صحاب فعلاً جوزهولي.."


سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس