عرض مشاركة واحدة
قديم 30-10-19, 09:40 PM   #8

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

استيقظت صباحاً تفرك عينيها بقوة, ويدها تبحث عنه؛ لقد اعتادت في الثلاث أسابيع الماضية أن تستيقظ دائماً وهو بجانبها, تمطت في الفراش بكسل لتعتدل تبحث عنه بعينين ناعستين, لتلفت أنظارها الخزانة المفتوحة الخاصة بملابسه..
بقلب وجل متسارع الضربات, قفزت من فراشها تلتقط روبها الملقى على أرض الغرفة بإهمال ترتديه, تتوجه للخزانة تتفحصها,
لتجد أن معظم ملابسه الرسمية غير متواجدة, توجهت تتفحص جميع أشيائه الشخصية؛ فلم تجد أدواته التي لا يستغني عنها..
هبطت على اقًرب مقعد غير مستوعبة, كذبت شعور يتسلل إليها بقوة وصوته يطرق في رأسها..
(عاوز واحده تتحمل ظروفي يا آلاء.. لو صحيت في يوم ملقتنيش جنبها, لاني مش هيبقي عندي الوقت اللي اقولها فيه انا مسافر)
وقفت فقط تأمل ربما هو يفعل, خرجت تبحث عنه في أرجاء جناحهما الخاص..

لم تكن تعلم أنها كانت ترتجف بقوة, وصوتها يخرج متحشرج بغصة بكاء مؤلمة, وهي تردد اسمه تناديه, وتناجيه:" فارس انت فين!.."
غلالة دموع تحجب الرؤية عن عينيها؛ لتسارع للهبوط فتلحقها غلالة أخرى, ثم أخرى بوجع تردد اسمه بيأس فلم يجيب..
بعد وقت عندما تأكدت أنه غير متواجد, جلست ترتعش على إحدى المقاعد تبكي بنحيب, ولا تعرف السبب..
ألم يستطع حتى ترك رسالة يخبرها بها, كانت بين ذراعيه طوال الليل ألم يجد دقيقة واحدة وسط مشاعره الجائعة الصاخبة يخبرها بها..
أنه مغادر وسوف يهجرها..
_تلت أسابيع يا فارس دا اللى استحقيته منك!.. تمشي وتسبني كدا معرفش حتى انتَ رايح فين.. معقول انا مليش اي أهمية للدرجادي؟..
لم يحبها لقد أثبت الآن أنها زوجة أمه التي إختارتها؛ أراح والدته وتزوج وهرب عائدًا لحلمه وطموحه, وعمله, ولن تهم هي المناسبة, سوف تنتظره ضحكة حزينة ارتسمت على شفتيها..
تهمس بمرارة:" انت عندك حق يا فارس.. عالم الأحلام مش موجود انتَ راجل واقعي.. مفيش حاجه اسمها حب وحرص على شريكة حياتك ومشاعرها.."
*************
كم مر الآن على غيابه!.. شهران كاملان منذ آخر مره رأت وجهه, ونعمت بدافئه وسمعت صوته؟!..
لقد حاول التواصل معها فرفضت, فإمتنع ببساطة يكتفي أن يتصل بأمل وهي تطمأنه عليها, أو تطمئنها عليه؛ رغم أنها لم تسأل عنه في بعض الأحيان تصلها رسائل منه على هاتفها؛ ولكنها لم تفتحها قط!..
لا تريد أن تسمع ولا تفهم كما تحاول أن تقنعها أمل, وتصلح بينهما
لم تبكي منذ جففت دموعها بعد استيقاظها, ولم تجده جانبها
أغمضت عينيها بوجع, تتذكر صبر أمل على ثورتها؛ بعد أن علمت أنه ذهب ليودع أمل, ولم يودعها هي!..
أمل مازالت الصديقة الحنون, والأم المتفهمة تحاول أن ترفع من روحها المعنوية, وإقنعها أن ما حدث رغماً عنه, وأنه سوف يعود إليها
لم تعلم أمل أنها لم تعد تهتم لا بعودته, ولا حتى بغيابه..
حركه غريبة وأصوات ترحيب تعلو أيقظتها من أفكارها وشرودها..
تتبعت صوت أمل المهلل الفرِح؛ لتخرج من جناحها ملاذها الخاص الذي شهد على اعترافها الأحمق بحبه, وتسليمها له كل صكوك امتلاكها..

خفق قلبها بعنف في دقاته, وتاهت عيناها في بحور أشواقها رغماً عنها؛ وهي تلمح الهيئة الرجولية الجذابة التي تحتضن أمل بقوة, وتسترق النظرات لأعلى السلم نحو مكانهما الخاص؛ كأنه يبحث عن شيء مفقود..
بنفاذ صبر تراجعت على الفور, وهي تضع يدها على وجيب قلبها العالي, تحاول تهدأته..
لقد عاد لم يعطها الفرصة؛ حتى لترتب ما تنوي عليه, لقد أخبرتها أمل أنه ربما يستغرق عمله هذه المره ستة أشهر, وربما أكثر, إذًا لِمَ عاد؟!..
بدون تردد, قوة هائلة وحقد قلبها, ووجع روحها يغذيه رغبة في أن تذيقه ما فعله بها, نفس الكأس يجب أن يشرب منه؛ يظن أنها مجرد تمثال متحجر اشتراه, يتركه بإهمال وقتما يريد, ويعود عندما يريد!..
أبداً لن تحقق له هذا..
استغلت تعلق أمل بِه رغم أنها تلمح نفاذ صبره الذي يكتمه, ويقاومه بألا يترك صخب أمل, ولا يصعد إليها.
ببطء وحرص فتحت باب الطوارئ فى أعلى السلم؛ لتستخدم سلم الحريق الخلفي بحرص شديد, وتهبط منه إلى الحديقة الخلفية للمنزل, ومباشرة تذهب إلى بيت أبيها..
طرقت الباب بعنف؛ لتفتح لها أمها..
_أهلاً يا آلاء مالك يا حبييتي, انتِ بتعيطي ليه؟..
لم ترد عليها مدركة جيداً أنها قد تثور عليها؛ إن أخبرتها شيء..
على الفور دخلت المنزل؛ لتتوجه إلى السلم تلتهم الخطوات إلى غرفتها, حصنها, ومملكتها التي استغنت عنها من أجله هو..
تنفست الصعداء وهي تدخل غرفتها, وتغلق بابها جيداً, وهي تقول بغضب:" مش وحدك اللي بتعرف تهجر يا فارس الفرسان.."
دموع طرفت عينيها مرغمة لترتمي على فراشها الذي احتضن أحلامها الوردية في صباها, وتنفجر في بكاء حاد رغم أنها أقسمت أنها لن تبكيه مره أخرى مهما حدث..

طرق حاد على غرفتها جعلها تستيقظ من نومها تفتح عينيها بصعوبة؛ تشعر بثقل رأسها أثر الصداع..
للحظات لم تستوعب أين هي!.. لتستعيد ببطء الأحداث, وكيف أتت إلى هنا..
بنظرة سريعة للظلام الذي يملئ غرفتها؛ علمت أنها استغرقت الكثير من النوم..
لم تمهلها الطرقات التي زادت بهمجية على باب الغرفة التفكير,
روحها النارية عادت للتحفز بقوة عندما سمعت الصوت الغاضب, بإنفعال يأمرها بفتح الباب في الحال..
قفزت من الفراش تقترب من الباب وهي تزمجر آمرة رافضة:" لأ مفيش باب هيتفتح, وانتَ هتطلع بره البيت, وبره حياتي كلها.."
أتاها صوته خافت آمر بحزم:" افتحي الباب يا آلاء, وخلّينا نتكلم, إلا والله لهكسره.."
صرخت بقوة:" لأ مش هيتفتح, وانت ملكش كلام معايا.."
لم يرد وهي ترى إهتزاز باب غرفتها بقوة في محاولة كما يبدو لكسره؛
لتأخذ خطوة منتقمة سريعة بدون تفكير؛ لتفتح الباب بمفاجأة؛ جعلت جسد الآخر المندفع يختل توازنه على الفور مصطدم بخزانة الملابس بعنف؛ لتنتهي بِه واقع على الأرض رأساً على عقب..
لم تضحك.. ولم يبدو على وجهها أي ردة فعل, وهي تعقد ذراعيها على صدرها, وتنظر له بملامح مغلقة..
استطاع بصعوبه الإعتدال من وضعه المنقلب, يمسد على ذراعه وجسده من أثر الوقوع..
سيطر على نفسه وهو يقف يوازي وقوفها على بعد سنتيمترات قليلة..
للحظات ظل كل منهما يطالع الآخر, ويتأمله..
لم تضعف هي, ولم تبدي أي تاثر به..
بينما هو ينظر لها بغموض, ولم يستطع أن يسيطر علي صدره الذي يهدر بإنفعال غاضب كملامح وجه, وجسده المتحفز..

كانت بدء الحديث من نصيبها هي:" عاوز ايه ,وجيت هنا ليه؟.. أو السؤال الأصح رجعت ليه يا فارس؟.."
إجابته خرجت مقتضبة مختصرة, وغاضبة:" عاوزك.."
فمها التوى بسخرية, لتطلق للسانها العنان تنطق بتشدق:" عاوزني!.. ياراجل ودا بأمارة ايه إن شاء الله!.. امم بأمارة ماسبتني كإني مليش اي قيمة, أو معنى في حياتك ومشيت.."
لم يتزحزح عن غضبه, ولم يدافع عن نفسه ليخبرها بجفاء:" اعتقد اول أسبابي جوازى منك انا وضحته.. امشي واجي وقت ما احب.. شغلي قبل كل حاجه طموحي ومستقبلي.."
لم تستطع أن تسيطر على نفسها, وهي تقترب منه, تصرخ في وجهه:" انا موفقتش على حاجه قراراتك بتاخذها مع نفسك, ومع بابا
خدتني في صحرا.. فاكر نفسك ادهم صبري في زمانه, تضرب رصاص وتحط شروطك.."
ازداد صراخها بعنفوان:" انا موفقتش يا فارس, وعمري ما هكون تابعه ليك, أو لغيرك إنت فاهم!.."
جليد تام أحاطه عندما راى إهتياجها الواضح؛ ليخبرها بدون إكتراث بما تقوله:" انا مش فايق للي بتعمليه دا, بدون حرف زياده هتطلعي أدامي, ونبقي نتحاسب فى بيتنا.."
نظرت له بذهول من بروده, وجليده ألا يشعر الحقير؟.. ألا يمتلك أي مشاعر بشرية؟.. ألا تستحق منه أن يبدي اهتمام بما تقوله..
_اطلع بره يا فارس..
اقترب منها يمسك بيدها التي تشير ناحية الباب:" اعقلي يا آلاء.. وبلاش جنان, وخلّينا نتكلم.."
نفضت يده بعنف مقصود, تبعده عنها؛ ليتشبث بيدها بتملك
حانق..
كانت نارية بإهتياج:" أنهي كلام دا اللي بينا!.. انتَ حتى بعد ما رجعت مصمم انك مغلطتش.."
كز على أسنانه بقوة وهو يقول:" انهي غلط دا؟.. أنا كنت في شغلي معطلنيش حاجه عنه من سبع سنين, ومش هيعطلني دلوقتي.. افهمي بئى.."
هزت رأسها تخبره:" مش عاوزه افهم يا فارس.. انتَ بتقول اني انا هعطلك, اصحى من نومي ادور على جوزي جنبي, ملاقيهوش, وانتَ تقولي اعطلك!.. تحسسني اني مليش قيمة.. كم مهمل وانتَ ترجع بعدها تقول اني كنت هعطلك.."
توتر للحظات وهو يشيح بوجه بعيدًا عنها, يخفي عنها إحساس الذنب الذي شعره فور أن غادرها؛ ولكنه لم يستطع فقط أن....
حجب تفكير وهو يعود إليها يقول بمحاولة واهية لإدعاء الهدوء:" مكنش عندى وقت يا آلاء.. ولو كنتي صحيتي كنت هتعطليني.. انا جهزت شنطتي في اقل من خمس دقايق, واتحركت.."
_عاوز تقول انك مكنتش تعرف, وإتفاجئت!..
اهتزاز يده الممسكة بها أعطاها الإجابة, التي زادت جرحها واضحة..
ليجيب هو بمحاولة واهيه لإقناعها:" انا حاولت اتصل بيكِ كتير, وانتِ رفضتي, وبعتلك رساله فعلاً.. اول ما وصلت كندا.. وانتِ مردتيش.."
_دا على اساس انك حاولت, وصممت تكلمني, ولا زي ما يكون خلصت من حمل وطنشت..


زفر بضيق واضح وهو يعود لمحاولة فرض قوته عليها, يعيد سِيطرته على ما يحدث.. يكون له السيادة والسلطة الذكورية في إنهاء الأمر..
_اللي حصل حصل يا آلاء.. وانا محبتش اضغط علّيكي, مش عاوزه تردي دا شيء يخصك كل واحد يتحمل نتيجة اختياره.. ودلوقتي اطلعي قدامي حالاً انا مسمحتش لكِ بالخروج من البيت..
استنكار تام اعتلى ملامح وجهها:" انتَ مصدق نفسك!.. سامع اللي بتقوله.. اختيار, وانت راجل متفهم اوي, وسبتني براحتي!.. لا كتر خيرك.."
أخذت نفسًا عميقًا وهي تغمض عينيها تحاول أن تداري ألمها منه, لن تظهر له ضعفها به, لا يستحق منها أن يشعر بمقدار جرحها من فعلته..

بهدوء تحلت به أخبرته:" انا مش هخرج من هنا, ولا هاجي معاك.. اما حق في السماح ليا من عدمه؛ انتَ خسرته وخسرت اي حقوق معها يا فارس.."
ببرود سألها:" يعني ايه يا هانم خسرته.. دا على اساس ان ليكِ خيار فى قبول أومراي.."
استمدت منه جليده, وبروده وهي تجاوبه:" ايوه يا فارس ليا.. ومش هتنازل عن حقي دا.. ومش هسامحك على تهميشي مش هسامحك على وجعك ليا, وعلى عملتك.. حجتك اني هعطلك كمان مش هسامحك عليها طلما كنت عاوز شغلك, ومستقبلك, مكنتش اتجوزت مكنتش كسرت أحلامي بأنانية عشان خاطر شفت اني المناسبة.."
زفر بضيق وهو يفرك وجهه بتعب؛ ليخبرها بمحاولة لمهادنة:" طيب يا آلاء خلينا نروح, وفي البيت اعملي اللي عاوزه, انا من ساعة ما جيت بدور عليكِ.. اتصدمت لما ملقتكيش فى البيت, ومحدش شافك وانتي خارجه.. وخدت وقت عشان استوعب انك ممكن تكوني هنا.."
بسخرية قالت:" ليه قلقت علّيا!.."
_اكيد يا آلاء قلقت..
أكملت في سخريتها بتفكه:" لا اصيل يا ابو رحاب.."
عبث بعدم فهم وهو يضيق من بين حاجبيه, يبدو أنه لم يفهم جملتها الساخرة؛ لتتوسع عيناه؛
ليكون رده الذاهل الذي جعلها تجن:" ابو رحاب.. انتي حامل يا آلاء!.."
ورد فعلها كان الصراخ وهي تأمره بجنون منفلت:" اطلع بره يا فارس مش عاوزاك.. طلقني يا فارس.. طلقني دلوقتي.. جوازي منك كان غلط.."
لم يستوعب للحظات ما تقوله, وما تفعله ولم يفهم ما الذي قاله؛ لتجن بتلك الطريقة..
قبض على:" يديها بعنف يهزها بقوة يهدر بغضب احترمي نفسك, واعقلي بدل ما فعلاً اديكي طلقه باديه تكسر بوقك اللي اتجرأ, وبيطلب الطلاق.. انتي اتجننتي!.."
ردود أفعالها كانت متناقضة تماماً؛ عندما انفجرت في بكاء حاد بدون تحفظ, تخبره بصوت متقطع:" انت سبتني يا فارس.. اتسحبت من جنبي وكإن مهمكش.. لا انا فعلاً مهمكش يا فارس.. وجاي دلوقتي تقولي انتي حامل.. ايه كنت عاوزنى كمان ابقى حامل!.. طيب مفكرتش اني ممكن اكون كدا, وانت بتهجرني.."
احتله الذنب ولكنه مازال على تجبره, لم يحاول حتى أن يعطيها ما تحتاجه,
وهو يقول:" طيب متزعليش.. الموضوع ميستحقش دا كله, انا رجعت وممكن نتكلم بهدوء.."
رفعت له عينين حمراوين تسأله:" رجعت ليه يا فارس؟.."
توتر واهتزاز احتل حدقتاه وهو يشيح وجهه عنها,
يخبرها:" نسيت حاجه مهمه.."
ليصمت لبرهة, ثم يردف بنبرة غريبة:" كان لازم تكون معايا.. لاني مقدرتش اركز في شغلي من غيرها.."
أغمضت عينيها بيأس منه, مما يفعل, وهي تبتعد عنه, تقول:" شغلك!.. اطلع بره حالاً؛ لاني بجد رد فعلي مش هيعجبك, وأعتقد اني صورتك اللي بتخاف عليها هتبقى سيئة ادام اهلي.."
بتحذيرغاضب رد:" اعقلي يا آلاء.. لان النتيجه مش هتكون كويسه.."

_اطلع بررررره..
صرختها مهتاجة..
كز على أسنانه بغيظ, وهو يتركها على الفور يخرج من الغرفة صافقًا الباب من خلفه بقوة..
توجهت لفراشها تجلس عليه, وهي تحدق أمامها فى الفراغ..
ندم يعتصرها, وصفعة إفاقة تعلمتها واستوعبتها.. والواقع يفرضه عليها بكل جبروته..
ما حدث تالياً كان جنون مثير لضحك من يتابعون ما يحدث مرأى فارس, وهو يكاد يجن ويتصرف بعشوائية؛ كان شيء من المستحيل توقعه..
همست سوسن بإمتعاض لصديقتها التي تجاورها على مقعد غرفة المعيشة تتناول قهوتها بكل هدوء؛ وكأن من يكاد يجن وتعذبه ابنتها ليس بابن لها..

_انتي هتجننيني يا أمل!.. بقولك سبيني اطلع للبنت دي اكسر دماغها, واخليها ترجع لجوزها..
بهدوء ردت أمل وعيناها تناظران ابنها بشماتة, وهو يخرج ويدخل البيت عدة مرات متتالية, يصعد السلم متوجه لغرفة زوجته ليسمعوا صراخ
آلاء آمرة إياه بالمغادرة..
ليزأر هو الآخر بها, ويتركها ويغادر ثم يعود بعد عدة دقائق قليلة..

_هي حكتلك حاجة.. أو سبب زعلهم؟..
نفت أمل سريعاً:" لا دي بت غبيه, كل ما أسألها زعلانه ليه؟.. متردش علّيا.."
جاوبتها أمل وهى تكتم ضحكتها من خروج فارس وهو يشتم ويسب, يلعن الزواج ويوم تفكيره به؛
لتقول أمل:" يبقى خلاص ملناش دعوه.. لما يطلبوا تدخلنا نبقى ساعتها نعمل اللي عاوزينه.."
لوت سوسن فمها الممتعض تحرك شفتيها ساخرة, تخبرها:" يا خبتك يا فارس يا ابن أمل.. وانا اللي فاكراك هتعقلها, وتربيها تقوم هي اللي تجننك وتخليك ماشي تكلم نفسك!.."
علقت أمل بإبتسامة واسعة ملء شدقتيها:" ياااااه نفسي حالاً اروح أبوس بنتك, وأشكرها؛ احسن يستاهل أخيراً حد خد حقي منه, ونشف ريقه زي ما كان بيعمل معايا, وانا بجري وراه من بلد للتانيه؛ عشان اشوفه يومين على بعض.."
استنكرت سوسن من أمل:" يا وليه انتي شمتانه في ابنك!.."
_عادي يا سوسن ما انتى عاوزه بنتك تتنازل ليه, وكمان بتشجعيه عليها امهات اخر زمن..
لم تعد تعي عدد المرات التى أتى بها, وذهب خلال الساعتين الماضيين..
لقد توقفت عن العد منذ الساعة الأولى.. هل وصل لرقم ٣٠ بعد جفاف المشاعر, لقد لمحت في عينيه التوسل لتسامحه, لتسمع منه, لتفهمه؛ ولكن لسانه البارد ومشاعره المتحجرة ترفض بإصرار أن يخبرها بشيء يساعدها ويساعده..
حسناً يا فارس.. وأنا أيضاً لن أتنازل هذه المرة, وهو تراه يدخل الغرفة بعنف, ويغلق الباب بالمفتاح علمت أنها مختلفه عن سابقاتها..
اقترب منها بتمهل خطر يشدها من أمام نافذة الغرفة, التي كانت تقف أمامها تراقبه, وهو يخرج من البيت يدور حول نفسه, ويشتم ويسب لم تسمع بالطبع؛ ولكنها خمنت ثم يعود للدخول.
ويأتي إليها رفعت إليه عينيها الشرستين, تنفخ في وجهه تخبره:" مهما عملت لا هخاف منك, ولا هتنازل.."
صرخ بقوة جعلتها تشعر بالإنتصار, وهي تحطم حصونه, وتخترق جداره البارد لتشعله..
_انا مش عاوزك تتنازلي, ولا تخافي مني..
_امال؟..
نطقتها ممطوطة مغيظة له..
صرخ عالياً مره أخرى, وهو يقول بهدير مجنون؛ وكأنه مجبر ويقاوم, يحاول ألا يرضخ, ويخبرها بسره المخيف له, والذي هرب حقاً منه,
_نسيت أكمل كلامي, واقولك اني نسيت قلبي هنا معاكي.. رجعت لقلبي انا بحبك للاسف بحبك يا ابتلاء.. ودا مكنتش عامل حسابه..
صدمة تمكنت منها, وهي تطالعه بفم مفغور..
لتعقد حاجبيها بغرابة:" بتحبنى انت مجنون يا فارس صح؟.."
ليعلو صراخها مثله, وهي تكمل:" بتحبني يا ابن المجنونه.. وزعلان انك بتقولها!.. هو حد ضرب على ايدك عشان تقولي!.."
ارتفعت يداها وهي تتوجه لصدره, أدرك سريعاً ما تريد فعله؛ ليمسك يديها جيدًا, يخبرها بتحذير شرس:" جربي تعمليها, وإيدك تتمد علّيا.. والله يا آبتلاء اكسرها بدون ذرة تردد, او ندم.."
صرخت في وجهه بعنف, وغيظ:" ااااه انت هتجنني, عاوز ايه مني يا بارد يا جلف ياااا......"
لم تكمل حديثها وهو ينقض على شفتيها يضمها, ويعتصرها بجنون منفلت قاومته بعنفوان شرس مماثل له؛ ليزيد من تكبليها, ويلف ذراعه على جسدها, ويده الأخرى ترتفع تثبت رأسها من الوراء؛ حتى لا تهرب منه.. تعمق وفقد كل سيطرة في قبلته المجنونة, وهي لم تتنازل أو حتى, تجاريه حاول.. وحاول بتخبط أن يدمجها معه كما كان يحدث في الثلاث أسابيع السعيدة اللاتي قضها معها؛ عندما كانت تبادله مبادراته معها بترحاب, وذوبان فيه..
كان يشعر بالعجز الحقيقي منها من مقاومتها, نادم على تركه لها؛ بل يشعر بقهر مماثل لقهرها..
ابتعد مستسلم عنها, ولكن لم يفلتها يتمتم لها:" انا اسف يارتني ما سبتك.."
بخضوع غريب متنازل عن كل ما يؤمن به, يشكل شخصيته؛
أردف معترف"": انا خفت, هربت لاني خفت.. مكنتش مرتب اني هتعلق بيكِ يوم ما سبتك وسافرت, كنت متاكد لو فتحتي عينك وقولتي متمشيش؛ مكنتش هسيبك.. كنت بنازع ما بين حلمي اللي حققته, طموحي اللي تعبت ووصلت ليه.. شغلي اللي كان اهم عندي من اي انسان..
وبينك انتِ مكنتش عامل حساب اني هحبك, ازاي حبيتك, وأمتى في الفترة الصغيره دي؟..
كنت عاوز اثبت لنفسي انك المناسبة, وتعلقي بيكي عشان سحر اللحظات اللي جمعتنا.."
صمت يقترب منها عندما استشعر عينيها اللتين هدأتا, وجسدها الذي سكن بين يديه, لم تعد تقاومه..
دفن وجهه في نحرها يهمس لها بصدق:" انا هربت.. كنت عاوز اثبت لنفسي اني بمجرد ما هبعد هنسي, وهندمج في شغلي كنت بقاوم ضحكتك اللى بتتردد في وداني.."
بإصرار همس إليها:" بحبك عينيكي الشقية, وهبلك اللي سحرني.. للاسف انا حبيت هبله يا ابتلاء.. انا بحبك.."
همسات متكررة.. ورقة متناهية كان ما يصدر عنه كان يستخدم كل جاذبيته معها, سحره يكبلها, إعترافه المتكرر معها, إعتذار يلحقه إعتذار, وكلمات حب متتالية يحكي عن عذابه في فراقها,
ندمه فى تركها لم تعرف ما يجري معها بكاء ونشيج عالي يصدر منها..
لا تعلم متى ارتفعت يدها, وطوقته تتشبث به, وتضم نفسها إليه..
أبعد رأسه عنها يرفع وجهها الباكي يحدثها,
ويخبرها مستسلم وإبتسامة هادئة تعلو فمه:" انا بحبك بكل حاجه فيكِ.. ومش عاوزك تتغيري, عاوزك سند وشريكة لحياتي برضاكي..
عاوز همس في كل لحظه بحبك ليا .."
اقتربت منه تهد اللحظة الرومانسية التي حصلت عليها, وبمنتهى الطفولية التي لم تعرف كيف تملكتها تمسح أنفها السائل مع دموع عينيها في قميصه, وعلى صدره..
ضحك بقوة يخبرها:" مفيش فايدة فيكي.."
أخبرته بنارية:" يعني اعمل ايه!.. انت اقًرب حاجه امسح فيها.."
ابتعد عنها خطوة وهو يفك أزرار قميصه, وإبتسامة متلاعبة ارتسمت على وجهه, وإثارة احتلت عيناه, يقول بدعاء ممازحًا:" متفهمنيش صح.. انا بس بقرف, ومش هقدر اخلي القميص على جسمي دقيقه واحده بعد اللي عملتيه.."
ردت ضاحكة ودموعها مازالت تجري علي خديها, تبتعد عنه لأقصى الغرفة, ترفع إصبعها بتحذير:" لأ ازاي.. دا انا فاهماك صح جداً.. انسى يا فارس.. انتَ مش هتضحك علّيا بالكلمتين دول.."
تخلص من القميص ليقترب منها سريعاً يقبض عليها, ويكبلها:" انسى ايه دا انا قتيلك.. ولا ثانية واحده صبر عليكِ, مهو انا مش هسيب شغلي وارفع كل راياتي ليكِ.. وانتِ تقولي كلام تاني.."
بحنق ردت:" ابعد يا فارس.. شغل قال!.. بعد شهرين جاي تقولي شغل برضو.."
كان رده أن قبل خديها:" انا آسف.."
ثم ينتقل لجبهتها يكمل:" كنت عاوز ارجع من اول ساعة سبتك فيها.."
استمرت قبلته بخفة نزولاً إلى شفتيها, ليكمل:" حاولت يا آلاء آجي من اول ماسفرت معرفتش.. ومع اول فرصه لتفهمهم اني سايب مراتي, وهي عروسة رجعت.. عمري ما تحججت؛ حتى عشان أمل رغم حبي ليها؛ لكن عندك مقدرتش, ودراستك وتجنبك ليا مدتنيش الجرأة اني أجبرك تجيلي انتي.."
أمال رأسه يقترب منها يقبلها بنعومة متناهية, وبين قبلة واُخرى يخبرها:" أنا بحبك.. واكتشفت اني حبيتك من أول جنون منك.. بحبك وكنتِ الاختيار الصح لقلبي, مش لموصفاتي.."
طوفان لفها يرفعها لأعلى معه فوق سحاب طلما قرأت عنه, وسمعت به, مشاعره الصاخبة هذه المرة كانت كاملة..
كان معها قلبًا وقالبًا, مشاعره كلها كانت بين يديها, لم تعلم متى تحرك بها يمددها برفق على فراش طفولتها, مراهقتها, وأحلامها التي تجسدت به, ليشاركها فيه, ويثبت أنها كانت أحلام حقيقية؛ ولكنها كانت مختلطة بواقعه الخاص..
تمتمت له تحاول دفعه من صدره تتمسك هي بذرة عقل واحدة بينهما:" فارس ابعد كدا غلط.. احنا في بيت بابا شكلنا وحش لو حد عرف اللي بيحصل.."
نظر لها من علو يخبرها وهو مضطرب الأنفاس؛ ولكنه لم يتخلى عن سخريته:" غلط!.. انتِ مراتي يا هبله, وبعدين اطمنك الكل اكيد عرف من وقت ما صوتنا سكت, وبطلنا نصرخ, وبعدين يعني هيعترضو دلوقتي امال ليلة الفرح كانو فكرين اني اتجوزتك عشان احفظك الجدول الدوري مثلاً!.."
شهقت بخجل تحاول التملص منه:" يا قليل الادب.. طيب هتبعد يعني هتبعد وهتخرج.. وانتَ لابس القميص اللي قرفان منه.."
ضمها إليه أكثر يجتاح أرضها بعنف, ويسحبها معه, ضحكاته تعلو بأنفاس لاهثة ما قولنا قبل كدا.. انا معدوم الادب تماماً يا ابتلاء.. معاكي
همست بدلال فارس انا بحبك,

وانا مشتااااق يا آلائي.."
همس بعاطفة جانب أذنها يخبرها, وهو يجرها لدوماته:" انا عاوز طفل منك دلوقتي عاوزه يا آلائي.."
************


سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس