[آلاء منير]

المقدمه
..........



وحين تفقد الأمل في وصول قلبك للمرسى .. يشاء القدر التدخل وقتها .. ليرشدك !..

تجاهد لتبقى على قيد الحياه .. تتذكر كل ما تعلمته يوما لتظل فوق الماء متوازنه .. بينما تشعر بلمسات تلامس جسدها او تعضها فتتساءل .. هل هي اسماك !

ولسعات ايضا تحرقها فتعتقد أنها ربما قناديل البحر .. لا يهم ستتحمل اي شئ ..

فقط ستستلم قليلا بدون سباحه .. ستطفو على ظهرها ثم تستأنف سباحتها .. ولكن
الى متى او الى اين .. انها في منتصف البحر وحدها دون احد .. فقط بعض الاسماك اللي تؤنس وحدتها او ربما .. تزيد من رعبها !!
( حسنا حسنا استرخي لا داعي للرعب .. حتما سيتم انقاذك .. فقط ارجو من الله الا يظهر شئ مفترس .. كسمكة القرش مثلا )

تجاهد حقا لتبقى مستيقظه رغم انها تهلك .. الماء يدخل في فمها وانفها ويخنقها .. الا انها تحارب وتتحمل .. و الشمس في منتصف السماء تحرقها بينما الماء المالح يزيد من عطشها ..

همست بشفتين زرقاوتين متشققتين ودمعه يتيمه خرجت من عينيها التي تحترق ليبتلعها الماء المالح " يارب .. ان كنت سأموت لأموت الان غارقه .. لا اريد ان اموت من مهاجمه سمكة قرش جائعه .. يارب "

تفكر .. ماذا حدث لاختها يا ترى ؟ .. لقد تركتها منذ ساعات طويله تقريبا .. تتمنى ان تكون قد نجت .. لقد ضحت بنفسها لأجل ان تعيش هي .. على الاقل لتنجو احداهما ..
همست مجددا ببطئ ميت " يارب "

************

يسير بين العمال يتابع سير العمل على السفينه الضخمه التي تحمل بضائع تنقلها من افريقيا الى اوربا ثم تتجه بعد ذلك عن طريق المضيق الى المحيط .. قاصدة إحدى الدول المطله عليه ثم العوده مجددا لاوربا في رحله تستغرق وقتا طويلا كالعاده

لقد غادر افريقيا منذ عده ايام بعد ان قضى بعض الوقت في بلده الام .. على الرغم من انه يحمل جنسيه اوربيه الا انه يعتز بأصوله الغير اوربيه .. وها هي السفينه قد قاربت على الوصول الى اولى المرافئ ..

هو كقبطان عمله صعب جدا .. بل من أصعب الأعمال .. لكنه يحب عمله فيجد فيه متعته الوحيده .. على الاقل سابقا عندما اختار مجاله بإرادته ..

و على الرغم من غيابه الطويل في رحلاته البحريه وابتعاده عن عائلته واصدقائه .. الا انه لا يستطيع التوقف عن العمل كقبطان ابدا .. ببساطه اصبح لا يجد حياته الا على السفن .. متعته الوحيده تكون في اجتياز الصعوبات التي تقابله دائما في عرض المحيط بذكاء وشجاعه وسيطره ..
يقابل العواصف والمخاطر ولكنه مؤمن بقدره .. ومؤمن ان لكل عمل مخاطر في النهايه ..

يتذكر عندما انهى دراسته المدرسيه كان يتوقع جميع من يعرفونه انه سيدرس الهندسه ويصبح مهندسا كأبيه ويعمل في شركة العائله الكبيره ويدير الاعمال معهم .. لكنه فاجئهم برغبته بأن يصبح قبطانا .. !! اعترضوا في البدايه ولكنهم رضخوا في النهايه .. فهو اختياره وحياته ولم يكونوا سيقفوا في وجه احلام ابنهم الغالي حتى لو كرهوا تلك الاحلام !

القى بعض التعليمات للشخص المسئول عن القياده ومساعديه وبعض التعليمات للعمال المتخصصين بالاهتمام بالبضاعه ثم صعد على اعلى نقطه في السفينه كعادته التي يحبها لينظر لمنظر البحر الهادئ امامه ويغرق في افكاره الخاصه بالعمل ومعه بعض الخرائط التي يطلع عليها بوجه جامد عملي ..

رغم صغر سنه الذي لم يتجاوز الخمسه والثلاثين سنة .. الا انه يُشهد له ببراعته .. ايضا تعامله مع طاقم السفينه والعمال .. تعامل سلسل بسيط رغم عمليته .. قد اخبروه مرارا انهم يحبون العمل معه كثيرا فهو كقبطان مسيطر وحازم الا انه ايضا محبوب ويتعامل معهم كأصدقاء في رحله سياحية على الرغم من جموده !!

رفع نظراته ينظر للشمس التي قاربت على الغروب والتي اعطت لشعره البني المائل للاشقر لمعه ذهبيه واضفت لونا يماثل لون الغروب على عينيه العسليتين الممزوجه بخطوط خضراء تزينهما .. فأصبح غايه في الجاذبيه رغم عقدة حاجبيه الدائمه ..

الجو اليوم كان حارا جدا .. ظل ينظر للبحر بملامح مظلمة وهو يفكر أن رحلته قريبا ستكون في المحيط .. المكان الأسوأ له
اقترب من السور الحديدي القصير للسفينه يتحرك بنظراته في البحر الواسع الممتد أمامه يطالعه بهدوء حتى اصطدمت عيناه من بعيد ب .. سمكة قرش !!

إزدادت عقدة حاجبيه للحظه وسرعان ما لمعت الوحشية في عينيه .. وحشية بدائيه خفتت تدريجيا ليظهر شبح ابتسامه ساخره شارده على شفتيه القاسيتين دوما .. لا يراها الا من يعرفه جيدا !

عاد بعدها ليتحكم في كل خلية منه بحزم تدرب عليه لسنوات ليصبح وجهه جامدا وهو يتابع السمكه بهدوئه المعتاد منه

يظهر منها ذلك الشكل المثلثي المدبب وهي تدور حول شئ ما دائريا .. ترى حول ماذا تدور .. فريسة ؟
تحرك يجلب كاميرته الصغيره من خلفه وعاد ليلتقط بعض الصور بنفس الجمود !!

يفكر بأن أمه ما ان ترى هذه الصور حتى تفزع رعبا عليه ويحاول بعد ذلك اقناعها انه في سفينه ضخمه لحمل البضائع وليس في قارب صيد سمك ولن يجازف مقتربا من القرش في أي حال !!

بعد ان التقط عدة صور عاد مره اخرى لينزل للاسفل مع طاقمه وهو ينظر للصور ويكبرها ليدقق فيها بلا مبالاه الا انها لحظات قليله فقط .. وتسمر مكانه على السلم الخشبي وهو يزيد من عقدة حاجبيه مُقلبا في الصور مُكبرا إياها اكثر .. وسرعان ما ارتفع حاجباه فجأه في اللحظه التاليه وجحظت عيناه وهو يهمس بلغته الاجنبيه بصدمه شلت أطرافه للحظات " يا الهي .. حورية بحر " !!

موعدنا الأحد بإذن الله .. ومنتظرة دعمكم