عرض مشاركة واحدة
قديم 17-01-20, 05:11 PM   #42

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثامن
====================

وفي النادي كانت تتجمع الشلة كاملة وبصحبتهم شاب طويل يبدو عليه من سنه أنه قريب جداً من عمرهم فيه شبه إلى حد بعيد بهدى تخبر اقتراب ملامحهما أنه أخوها، وكان يجلس بجوار فتاه وكأنها تعمدت أن تضع الكثير من مساحيق التجميل لتغير من ملامحها فكانت تبدو وكأنها عروسة في يوم زفافها.
وكان يسود مجلسهم البهجة والهزار وكان صوت ضحكاتهم يملأ المكان حتى دخل آسر كافيتريا النادي وأخذ يبحث بناظريه في أرجاء المكان حتى وجدهم، فجلس على ترابيزة بالقرب منهم.
وهنا نظرت هدى لبسمة وهي تبتسم وكأنها تخبرها عن مدى نجاح خطتهما إلى هذا الحد، ثم نظرت إلى عماد وهذا كان اسم الشاب المصاحب لهم لتخبره بعينيها أن يبدأ فيما أتفقا عليه، فنظر تجاه آسر وهنا تغير وجه عماد وبدا عليه التجهم والجدية بعد أن كان يضحك ويميل قليلاً على الفتاه بجواره ويهمس لها بالنكات، ثم قال بصوت يكاد يصل إلى مسامع آسر:- 100 مرة أقولك خففي المكياج دا مش كل ما نروح حته ألاقي 100 واحد وواحد بيبص عليكي ويتفرج وكان يتصنع على ملامح وجهه الغضب ثم تعمد أن يرتفع صوته وهو يقول:- مش معقول كدا أبداً يا بوسي.
وهنا اخترق سمع آسر اسم بوسي، فأيقن أنه واخيراً توصل إلى محبوبته ولم يكن يرى ملامح عماد ولا تعبير وجهه فقد كان آسر يجلس خلف عماد، ثم وقف آسر وسارا باتجاه بسمة ومن كان بصحبتها.
وهنا أشارت هدى برأسها إلى عماد لتخبره أن آسر خلفه ليتم باقي ما أتفقوا عليه.
فوقف عماد غاضباً ثم قال وهو يوجه كلامه للفتاه بجواره:- أنا مبقدش قادر استحمل أكتر من كدا أنا ماشي ومش هاجى النادي دا تاني. ثم ازاح الكرسي الذي كان يجلس عليه وغادر.
ثم تبعته تلك الفتاه وهي تقول:- عماد استنى يا عماد أنا جيه آه، استنى. ثم غادرت وتبعتها باقي البنات.
وهنا أحس آسر بالصدمة مما رأى وكأن سكين يغرس في قلبه للمرة الثانية فقد اختفت من أمامه بوسي مره تلو الأخرى وانقطع إمكانية تواصلهم مرة أخرى وهنا ألتفتت بسمة للخلف لترى آسر ولكنها صدمت مما رأته فقد رأت وكأنما وجهه وعينيه أصبحا مرآة تعكس مدا الحزن الذى يملأ قلبه وارتقى ليملأ عينيه، وهنا استشعرت بسمة بالآسي على الحالة التي وصل لها آسر ومدا الحزن الذى وصل إليه وعندها أحست وكأن أحد يعتصر قلبها، ثم نظرت هدى لبسمة ورأت في عيني بسمة ما تشعر به فأمسكت ذراعها وجذبتها لها ليكملا طريقهما.
وفي غرفة بسمة كانت هدى سعيدة لنجاح خطتهما وهى تخبر بسمة قائلة:- أيه رأيك... كل حاجه مشيت زي ما خطتنلها، بس مكنتش أتوقع أن عماد يكون بيعرف يمثل كدا وأنه يكون بيشغل مخه كدا، شكلي لما كنت معه في بطن ماما نقلتله شوية من ذكائي، ولونه تعبني على ما اقنعته أنه يمثل دور خطيب بوسي ومرضيش غير لما عرف أن الاشكيف قد أيه غلس عليكي وكان قليل الزوق أوى معاكي وكمان قد أيه ازاكى.
وكانت بسمة إلى حد ما شارده لا تكاد تستمع لما تقوله هدى من كثرة تفكيرها وأنشغالها بما أحسته من ألم مما ألت إليه حال آسر وكانت نظرت الحزن التي ملئت عينيه لا تفارق عينها.
وهنا هزتها هدى وقالت:- هااااي يا بنتي روحتي فين؟!
فقالت بسمة:- مش عارفة تصدقي يا هدى آسر صعب عليا وكانت هذه أول مرة تنطق فيها بسمة أسم آسر دون أن تسبقه بالاشكيف.
فقالت هدى:- أيه يا بنتي، صعب عليكي وهتقوليله الحقيقة؟
فقالت بسمة:- مش عارفة والله يا هدى، سبيها لظروفها.
وفى المكتب كان آسر جالس على مكتبه شارد الذهن كان جسده هو فقط ما يجلس على المكتب ولكن كان عقله وروحة حبيسة ما حدث بالأمس.
وكانت بسمة كلما رأته على هذه الحالة شعرة بتأنيب ضمير لما فعلته به، وكانت تختلس النظر له من حين إلى آخر فتجده على نفس الحال.
وبعد قليل أتى عم أحمد عامل البوفيه ليخبر بسمة:- أستاذة بسمة، عاوزينك في شؤون العاملين.
فنظرت بسمة لنهال وكأنها تبحث عن من يطمئنها ثم عادت بنظرها إلى عم أحمد وأجابت:- حاضر يا عم أحمد، أنا رايحة أهو.
في مكتب شؤون العاملين طرقت بسمة الباب ثم دلفت إلى الداخل وتوجهت إلى مدير المكتب وقالت:- السلام عليكم، أستاذ مدحت حضرتك طلبتني، أنا بسمة مختار من قسم الحسابات.
فقال مدحت:- آه... اتفضلى عند أستاذة علا علشان تمضي ورق تعينك وتحضري نفسك أنك هتتثبتي هنا معانا.
وهنا شعرت بسمة بالفرحة ولكن كانت هذه الفرحة مشوبة بإحساس خفى، أحساس بأن هذه الفرحة ناقصة تنقصها شيء مهم وهو شعور آسر بالسعادة فقد كانت رؤيتها لآسر حزيناً تسلبها نشوة السعادة بما لم يصل له أحد قط من قبلها.
وعندما توجهت إلى مكتب أستاذة علا قالت لها علا:- شكلك متوصي عليكي جامد والتقرير المكتوب عنك في حاجه مميزة أوى علشان بدل ما يتعملك عقد سنوي يتعملك ورق التثبيت على طول، دا أنا من ساعة ما اشتغلت مشوفتيش حد حصل معه كدا ولا حتى سمعت بدا.
فلم تجبها بسمة إلا بابتسامه لم تفصح عن الكثير وأكتفت بهز رأسها بطريقة أقرب للعشوائية.
وكانت بسمة مصدومة مما سمعت وتساءلت بداخلها:- أيه علاقة تقريري باللي حصل.
وعادت بسمة إلى مكتبها وهي تقلب في رأسها الكلمات التي سمعتها وتحاول أن تجد رابط مشترك بين تعينها بهذه السرعة وبين التقرير.
وأثناء عودتها إلى المكتب وجدت نهال هي الأخرى خارجه من المكتب ومتجها إلى المكتب الاخر لتنهي بعض الاعمال فأسرعت لها بسمة وأوقفتها سائلة:- نهال أنتى أقرب واحدة هنا في المكتب لأستاذ آسر وبحس أنكم أصدقاء هو كان قالك حاجة عن التقرير اللي كتبه عني، يعنى أنتى تعرفي حاجه عن موضوع تعييني هنا وعن تقريري؟
فقالت نهال:- آه، هما كانوا عاوزينك علشان كدا.
فأجابت بسمة:- أيوه... أنتى تعرفي حاجه؟
فقالت نهال وهي تبتسم:- الأول ألف مبروك على التعيين، ثانياً انتى عاوزه تعرفي ليه اتعينتى بسرعة ولا عاوزة تعرفي التقرير اللي كتبه آسر؟
فأجابت بسمة مسرعة:- الاتنين... لو تعرفي أي حاجه قوليلى عليها.
فقالت نهال:- طيب يا ستي بالنسبة للتقرير آسر كتب اللي كان شيفة واللي يرضي ضميره زي ما بيقول أنك ملتزمة في شغلك وفي مواعيد الحضور والانصراف، مجتهدة بتقدرى تنجزي تحت الضغط، يعنى في المجمل تقريرك كان كويس بس مش متأكدة إذا كان آسر ادالك تقدير جيداً جداً ولا امتياز علشان أنت عارفة أن المفروض التقارير دي بتبقى سرية وكان المفروض هيتعملك عقد بعد ما أتقدم التقرير بس...
فقاطعتها بسمة بلهفة:- بس أيه؟
فقالت نهال:- فاكره موضوع المرتبات والبرنامج اللي دخلتيه في شغل المرتبات؟!
فأجابت بسمة:- ايوة، أكيد فاكره مالها؟
فأكملت نهال حديثها:- ساعتها آسر وصل الموضوع للمدير العام وصعد الموضوع وطالب لك بتحفيز وساعتها هو اللي شار على المدير أنه يعينك على طول من غير عقد علشان كدا يعتبر فترة اللي اخديها تحت الاختبار هنا 6 شهور مش 3 بس.
فتساءلت بسمة:- وانتى عرفتي منين؟!
فأجابت نهال:- من السكرتيرة بتاعة المدير العام هي تعتبر صاحبتي وكانت بتسألني عنك علشان الكل هناك أفتكر أنك قريبة آسر علشان اللي عمله وأنه كان مهتم ومتابع الموضوع بتاعك.
وهنا وقعت هذه الكلمات على مسامع بسمة كالصاعقة اهتزت لها جميع كيانها مما جعلها تفقد توازنها وتشعر بدوار.
فأسرعت نهال لكى تسند بسمة وهى تقول:- بسمة... مالك يا بسمة، أيه اللي حصلك؟
فلم تفقد بسمة وعيها بالكامل ولكن من هول ما شعرت به وعندما، تماسكت قليلاً لم تستطع أن تحبس دموعها فغافلتها احدى الدمعات وتقاطرت من عينها.
فقالت نهال:- في أيه يا بسمة طمنينى عليكي؟
فقالت بسمة وهى تطمئن نهال:- أنا كويسه متقلقيش يا نهال هكون كويسه أن شاء الله.
ثم تحاملت بسمة على نفسها حتى دخلت المكتب وجلست على مكتبها وكلما نظرت لآسر ازداد احتقارها لنفسها وهذا ما بدا جليا على وجهها مما جعل ملامحها تبدو وكأنها تخبر كل من يراها بمقدار تعبها وإرهاقها.
حتى لاحظت نهال حالة بسمة فقالت:- بسمة قومي روحي شكلك تعبانة أوى وحالتك عاملة بتسوء اكتر.
وهنا انتبها آسر لما يحدث حوله فقد كان قليلاً ما يفيق من شروده ويعود إلى واقعه وينتبه لما يدور من حوله ثم قال موجها كلامه لبسمة:- قومي يا استاذة بسمة، انتى فعلا شكلك باين عليه أنك تعبانة أوى، ومينفعش حد يشوفك كدا قومي ورحى وانا هظبطلك الدنيا هنا وهكمل باقي الشغل اللي فاضل.
وهنا انصاعت بسمة لكلام آسر وغادرة المكتب ولكن أيضا تركت حبها لنفسها، نعم فقد كانت تشعر بالاحتقار لذاتها والأن اصبحت تكره نفسها، تكره ما فعلته بآسر.
وبعد أن خرجت بسمة من الشركة حاولت أن تتماسك قدر الامكان ثم أتصلت على والدتها قائلة:- ايوة يا ماما، بعد أذنك أنا كنت هعدى على هدى اقعد معاها شويه.
فقالت الام:- مالك يا بسمة صوتك متغير، في حاجة؟
فقالت بسمة:- لا ابداً بس علشان في ناس حواليه.
فقالت الام:- خلاص ماشي، بس متتأخريش وابقي طمنيني عليكي.
فقالت بسمة:- حاضر يللا سلام. واغلقت الهاتف ثم اشارت إلى تاكسي وتوجهت إلى منزل هدى بعد أن كلمتها وتأكدت أنها في البيت.
وفي غرفة هدى لم تستطع بسمة حبس دموعها فانهمرت كالفيضان من عينيها.
وعندما رأتها هدى بهذه الحال فزعت قائلة:- مالك يا بسمة، أيه اللي حصل؟
فقالت بسمة ويكاد لا يفهم حديثها من كثرة البكاء:- آسر... آسر يا هدي.
فقالت هدى بتلهف:- ماله، هو عمل معاكي حاجه تاني؟
وكانت بسمة قد دخلت في بكاء هستيري فلم تستطع الرد.
ثم اعادت هدى كلامها في قلق قائله:- وأيه اللي ممكن يكون عمله يوصلك للحالة دي!
فقالت بسمة:- ياريته ما كان عمل حاجه، أو كان عمل حاجه وحشه كان احسن من اللي اتعمل، للآسف أنا اللي كنت حقوده وشريرة لأبعد الحدود.
فقالت هدى:- ليه دا كله فهميني بس.
فقالت بسمة وهى تمسح بيديها الشلالات المتدفقة من عينيها:- آسر برغم أنه كان مش طايق وجودي في الشركة إلا أنه محولش يأذيني في شغلي وأنا اللي كنت بلعب بيه وبمشاعره، وللآسف استهتاري دا كسره وكسر مشاعره، انتى متتخيليش هو شكله بقى عامل ازاي بعد ما كان مالي المكتب نشاط وحركه دلوقتى بقي زي الراجل العجوز اللي مش قادر يتحرك من كتر امراض الشيخوخة اللي عنده، بقى عامل زي ميكون جسم من غير روح.
فقالت هدى بتعجب:- ليه كل دا معقول دا؟!
فحكت بسمة كل ما حدث لهدى بالتفصيل.
فقالت هدى:- معقول هو في حد كدا!
فقالت بسمة:- شوفتي يعني هو كان بيتعامل معايا باللي يرضي ضميره وكان بيتقي الله في التعامل معايا لأبعد حد، وانا اللي كنت لأيمه معه وشريرة بكلم معني الكلمة.
فقالت هدى:- بس انتى مش كدا وعمرك ما كنتى شريرة أو لأيما مع حد، أيه اللي حصل، ممكن علشان هو بدأ التعامل معاكي بطريقة مش كويسة؟
فقالت بسمة:- أنا مش هكابر واضحك على نفسي هو فعلاً طرقته في الأول كانت جافه وحاده بس برغم كدا عمره ما أذاني بالعكس لما حصلت الغلطة بتاعة حسام هو اللي وقف جامبي وحل المشكلة وكمان عرف الكل أني مش أنا اللي غلط الغلطة دي، بس...
فقالت هدى وهى تمسح بيدها على ظهر بسمة تحاول تهدئتها:- بس أيه... أهدى شوية يا قلبي.
فقالت بسمه:- مش عارفه أنا عملت كدا أزاي أيه يعني لما يكون في حد مش حابب أني أشتغل معه طالما مش بيأذيني، ومش بيتجاوز حدوده معايا مش أخر الدنيا يعني كل واحد حر، بس ليه أنا عملت كدا.
ثم مسحت بسمة دموعها ونظرة لهدى وقالت:- انتى عارفه لو حد تانى اتعامل معايا كدا ممكن مكنتش اهتميت ولا اتأثرت كدا وخد الموضوع عادى، بس مش عارفه ليه كان في حاجه جوايه كانت رفضه دا وخصوصاً من آسر، مكنتش متقبله منه الطريقة الناشفة دي وخصوصاً أنها كانت ليه أنا وبس، مكنتش قدرة استحمل انه ينتقضنى أو يهمش وجودي، كان جوايه حاجه دايماً تقولي أنه مينفعش يتعامل معايا بالطريقة دي أيه هي الحاجه ودى وليه هو بالذات أنا مش عارفه ودا اللي محيرني ومخليني هتجنن... خلاص هتجنن يا هدى.
وهنا ضمتها هدى إلي حضنها في محاوله يائسة لتهدئتها وقد بدا التأثر الشديد على هدى ثم تساءلت:- هتعملى أيه دلوقتى، هتعرفي آسر الحقيقة؟
فقالت بسمة:- لاء... آسر لو عرف أني كنت بضحك عليه مش بعيد يسيب الشغل ويمشي وكدا اكون فعلاً نهيت عليه وعلى مستقبله.... وخصوصاً أن بوسي متستهلش أنه تكون تعرف واحد زي آسر وأنه يدخل حياتها.
فقالت هدى:- طيب هتعملي أيه ؟
فقالت بسمة:- لازم اخليه يقطع الأمل أنه يوصل لبوسي تانى.
فقالت هدي:- أزاي، وهتعملي أيه؟
فحكت بسمة لهدى ما يدور برأسها وما تنوى أن تفعله ثم امسكت بسمة بحقيبتها واخرجت موبايلها.
فقالت هدى:- بتعملى أيه... استني خليها بكره وابقى اعملي اللي انتى عاوزاه.
فقالت بسمة:- لاء مش هقدر أخلي آسر يعيش يوم تانى بالطريقة دي على الاقل لما يفقد الامل يومين ويرجع لحالته الطبيعية تانى.
ثم اخرجت شريحتها الثانية وشغلتها.
فقالت هدي:- طب استني أنا هلبس وهاجي معاكي.
فالت بسمة:- خليكي انتي.
فقالت هدى بحزم:- ودا أزاي بقي، انتى مش شايفه حالتك، أنا استحاله أسيبك تروحي لوحدك رجلي على رجلك.
وفى بيت كان آسر يجلس في البلكونة يفكر فيما حدث وإذ بصوت يأتي من موبايله معلناً عن ورود رساله على برنامج الواتس فأمسك آسر الموبايل في عدم اكتراث وما إن رأى الرسالة ومن الذى ارسلها حتى اعتدل في جلسته وتبدلت ملامح وجهه 180 درجه وارتسمت ابتسامه على وجهه وأخذ ينظر مره اخري لأسم الراسل ليتأكد أنها من بوسي، وكانت تنص علي طلبها لرؤيته في كافيتريا النادي وكان الميعاد بعد ساعة من الآن، فأسرع آسر إلي غرفته ليبدل ملابسه.
وفي الكافيتريا كان آسر يجلس في انتظار بوسي وعندما وصلت بسمة وهدى للكافيتريا ورأت آسر تعمدتا ان يكونا في مكان يمكنهم من رؤيته بوضوح وفي نفس الوقت لا يراهم، فطلبت بسمة من احد الكرسونات أن يوصل ورقه إلى الشخص الجالس هناك وكانت تشير إلى آسر.
وما أن رأى آسر هذه الكلمات التي خطت بالورق حتى تحول وجهه إلى الحزن الشديد وكأن العالم بأسره ضاق حتى أصبح لا يكفيه فقد كان موجود داخل الورقة الخنجر الاخير الذي قتله، وأحس وكان عمره الذى قضاه في حب معشوقته ووفاءه لها ضاع هباءً فللآسف لم تحفظ قطته الصغيرة على وعودهم وعهودهم فلم تنتظر القاء مرة اخرى وفضلت الارتباط بغيره، فقد كانت تحوي هذه الورق رساله مفادها " لو سمحت متحولش توصلي او تتصل بيا أو حتى يكون بيننا أي تواصل، كفاية المشاكل اللي حصلتلي من ساعة ما حاولت توصلي وكفاية أنك كنت هتكون السبب في زعل بيني وبين خطيبي وكنا هنسيب بعض بسببك وياريت متحولش توصلي تانى"
وهنا تمتم آسر بكلمات:- وأنا ميرضنيش أنك تخسري الإنسان اللي اختارتيه يكون شريك حياتك، ثم تنهد وقال ربنا يسعدك وتكوني احسنتي الاختيار.
وهنا هربت احدى الدموع من بين قطبان اجفانه نزلت على قلب بسمة كالجمرة تحرق كل ما يأتي في طريقها ولم تستطع بسمة تحمل الألم فتصاعدت تأوها من فم بسمة لما حل بقلبها، ووضعت يدها تحاول أن تمسك قلبها لتخفف من آلامه.


فأسرعت هدى وسندتها قائلة:- مالك يا بسمة فيكي أيه؟
فقالت بسمة:- خديني من هنا بسرعة مش قدرة استحمل اكتر من كدا وانهمرت دمعات من عيني بسمة.
أما عن هدى فقد كانت حزينة على آسر وعلى ما آلت له حالة صديقتها المقربة التي تعتبرها بمثابة اخت لها.
وفي اليوم التالي في المكتب كان يعم الصمت وكأن اكتئاب آسر بالأمس عدوة انتشرت بالمكان إلا مريم فقد كان لديها القليل من حيوية وانطلاق، وكان مكتب آسر الفارغ يزرع في قلب بسمة الخوف الاضطراب فكانت تتبادل هي ونهال اختلاس النظر لمكتب آسر وكانت عيني بسمة حائرة بين مكتب آسر والباب في انتظار دخوله في أي وقت، برغم ما يبدو على بسمة من أعياء شديد، وكانت عيناه مصبوغة باللون الأحمر وكأن أُفرغ فيها الدماء، حتى انقطع أي أمل بحضوره هذا اليوم.
فقال حسام:- غريبة، أول مره آسر ميجيش الشغل، دا عمره ما اتأخر، وأول ما يعملها يغيب كدا على طول.
فقالت نهال في قلق:- هي فعلاً غريبه، وخصوصاً أن بقاله كام يوم مش على طبيعته.
وهذا ما جعل بسمة تشعر بتأنيب الضمير وأنها هي السبب في غياب آسر هذا، ولكن كان هناك شعور غريب تشعر به، انقباضه غريبه تؤلمها من الأمس ولا تعرف سببها، وكانت تقنع نفسها أن سببها شعورها بتأنيب الضمير.
وقالت مريم:- أنا اللي هجيبلكم الخبر اليقين، أدوني أنتم بس دقيقتين وهيكون عندكم سبب غياب أستاذ آسر المريب.
وخرجت مريم مسرعة.
وبالفعل بعد فتره ليست بالكبيرة عادت مريم ولكنها كانت تحمل وجه غير الذي خرجت به.
فسأله نهال بتلهف:- أيه مالك، أول مرة يبان على وشك الزعل، شكل النهاردة اليوم العالمي للمرة الأولى!
فقال حسام:- شكلها كدا معرفتش توصل لحاجه علشان كدا زعلانه.
فقالت مريم:- أنتو عارفين أستاذ آسر غاب النهاردة ليه؟
فقالت نهال:- ليه يا شارلوك هولمز.
فقالت مريم:- عمل حادثه امبارح ودخل عمليات.
وهنا وقع الخبر على الجميع كالصاعقة فكانت بسمة واقفه فلم تتحمل رجالها ثقل الخبر فخرت جالسه على الكرسي خلفها.
وقالت نهال في لهفه:- أيه.... بتقولي أيه، أزاي دا حصل.
فقالت مريم:- وهو راجع من النادي عمل حادثه.
فأسرعت نهال تسأل:- وانتي عرفتي منين؟
فقالت مريم:- لسه سمعه الخبر دا عند سكرتيرة المدير العام لما أخت الأستاذ آسر كانت بتتصل وبتبلغهم أنه مش هيقدر يجي، وكانت بتعمله إجازة.
وهنا أيقنت بسمة أنها هي السبب في كل ما يحدث لآسر من مصائب، فلم تستطع أن تتمالك نفسها وسقطت مغشي عليها.
فأسرع كل من بالمكتب إلى بسمة ليسعفوها.
وعندما أفاقت بسمة طمأنتهم:- الحمد لله أنا كويسة.
فقالت مريم:- هو أيه الحكاية، أيه اللي حصل لمكتبنا هو التعب بقى عندنا بالجملة ولا أيه.
فسألت نهال:- انتي عامله أيه دلوقتي يا بسمة، حقتك مكنتيش جيتي النهارده، انتي من امبارح وانتي باين عليكي التعب.
فقالت بسمة:- متقلقيش أن شاء الله هكون كويسة.
فقال حسام:- طب أيه، مش من الواجب نروح نزور آسر ونطمن عليه.
فقالت نهال:- أكيد هنروح كلنا بعد الشغل.
وفي المشفى كان يتجمع زملاء آسر وكارما حوله وكانت بسمة مترددة قليلاً قبل أن تتدخل غرفة آسر مما تشعره به من تأنيب ضمير فكانت تفكر كيف لها أن تواجهه وتنظر له وكيف تقدر علي رؤيته هكذا وهي السبب فيما حدث له اينطبق عليها مقولة "تقتل القتيل وتمشي في جنازته" فكانت تفكر:- ازاي هستحمل اشوفه وهو كدا وبأي وش ازوره، يا ترا هيكون عندي الشجاعة أني أشوفه وميبنش عليا حاجه ولكن كل ذلك لم يثنيها عن الدخول ورؤية آسر والاطمئنان عليه وعندما دخلت بسمة غرفة آسر لم تستطع أن تنظر إلى آسر ورؤيته ممدد على السرير في هذه الحال على عكس ما أحست به عندما رأت كارما وللوهلة الأولى أحست بشعور غريب لم تعرف له تفسير كانت ملامحها مألوفة لدرجه كبيره وكأنها تعرف كارما من قبل وكأنما تعاملا معاً وبينهما عشره أو على الأقل تقابلا ولو لمرة واحده من قبل وكان هذا الشعور متبادل فكانت كارما هي الاخرى تشعر بنفس الشعور والانجذاب وألفة تجاه بسمة.
فقالت مريم:- ألف سلام عليك وتقوم بالسلام عن قريب.
فقال آسر:- تسلمي يا مريم.
فقالت نهال:- شد حيلك كدا يحسن المكتب مضلم وملوش طعم من غيرك.
فقال آسر:- شكراً يا نهال، المكتب منور بيكم دايماً وبعدين مش كفايه شد أنا خايف من كتر الشد يتقطع.
فضحك الجميع ثم اتبع آسر حديثه:- مكانلوش لزمه تعبكم دا وأنكم تيجوا لغاية هنا. وكان ينظر إلي بسمة.
وهنا استشعرت بسمة بالندم والخجل مما صنعته فأطرقة رأسها إلى الاسفل قليلاً.
فقالت نهال:- أزاي بقى متقولش كدا، أنت ناسي أننا كلنا أسره واحدة.
ثم قال حسام:- وأيه اللي حصل، وأمتى هترجع تنور مكتبك تانى؟
فقال آسر:- يعني تقريباً شهرين كدا، أهو تترحموا من زنى ودوشتي شهرين.
فقال حسام:- بس أنت لسه مقولتش أزاى دا حصل.
فقال آسر:- كان عندي مشوار في النادي وأنا راجع كنت مضايق شويه وشكلي سرحت حبتين ومحستش غير وقدامي واحد كان بيعدي الشارع فحاولت افاديه وشكلي مقدرتش التحكم في العربية والحمد لله حصل اللي حصل كسر في ضلعين وكتف مفكوك بس الحمد لله ربطوه كويس وعملوله فيونكه كمان.
ثم ضحك ولكن بدا عليه الألم فكان يتألم آسر وتتوجع له بسمة.
وهنا كانت بسمة تحدث نفسها:- أزاي أنا عملت فيه كدا، وأزاي أنا كنت مستغلساه، أكيد كان في فدماغي حاجه متركبة غلط.
فقال آسر:- أيه يا كوكي مش نوية تقدمي حاجه للجماعة ولا أيه ؟
فقالت كارما:- لاء أزاي ثواني أحنا نقدر نتأخر عن آسر وضيوفه. وبالفعل قامت كارما وقدمت لهم الضيافه.
ثم قالت كارما:- يللا يا أستاذ آسر علشان دا ميعاد الدوا بتاعك.
وتوجهت إلى كومودينو كان موجود بجوار سرير آسر وبين الكرسي الذي كانت تجلس عليه بسمة وكان موضوع عليه ادوية آسر وكان بجوار الادوية بوكس هداية وعندما أمسكت كارما بالأدوية خبطت عن غير عمد بوكس الهداية فسقطت واستقر بين قدمي بسمة وفتح وظهر ما به وكان يحوي دبدوب السعادة فانحنت بسمة انحناءه خفيفة والتقطت الدبدوب ونظرت له وكأنه نقلها إلي زمن أخر حاولت فيه أن تربط بعض الاحداث ببعض.
فتوجهت كارما لبسمة وقالت وهى تأخذ الدبدوب:- تعالى يا سبب كل اللي احنا فيه.
فقال آسر:- كارما...
فقالت كارما:- غلطت في حاجه ولا بتبلا عليه مثلاً، مش من ساعة ما ظهر تانى والمشاكل نزله ورا بعضها.
فقالت بسمة:- اشمعنا الدبدوب دا؟
فقالت كارما:- اصل هو اللي كان شاهد علي الحادثة وكان مع آسر في العربية، دا غير أن آسر له قصة قديمة مع واحد شبه بالظبط.
فقال آسر وقد ملأ صوته الجدية:- كارما من فضلك مش كفايه كدا، مش عاوز أسمع كلام من النوع دا تانى، وياريت تشليه لغايت لما ارجع البيت.
وهنا تأكدت كل ظنون وشكوك بسمة وأحست وكأن احد ضربها على رأسها افقدها ادراكها لما حولها وكانت تحاول استيعاب ما حدث فكانت شاردة الذهن ولمع في عينيها قطرات من الدمع، ولكنها استطاعت ان تحافظ عليهم في محبسهم بعينها.
وهنا قالت مريم:- أيه يا جماعه مش كفاية كدا ونسيب آسر علشان يرتاح شويه.
فأبدا الجميع الموافقة عندما وقفو ما عدا بسمة التي كان ذهنها في مكان أخر.
وعندما رأتها نهال على هذا الحال قالت:- أيه يا بسمة مش هتنزلي معانا ولا أيه.

**قراءة ممتعة**


سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس