عرض مشاركة واحدة
قديم 17-01-20, 11:08 PM   #1

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي البدايات الجديدة (1) .. سلسلة البدايات *مميزة ومكتمله *






البدايات الجديدة
رواية بقلم : ممدوح السـيد
أهـــداء
الى أمينة حياتى .. وسلمى وسلام قلبى.. ورفيقة دربى وذكرياتى .. وصاحبة الفضل الأكبر على في هذه الحياة .. الى حبيبتى وزوجتى .. التي أرجو الله تعالى أن تكون لى رفيقا في فردوسه كما كانت لى في الدنيا .....



المقدمة

عندما تضيق بك نفسك .. وتغلق في وجهك أبواب السعادة .. فلا تظل تبحث عن السعادة خارج نطاق نفسك.. السعادة في داخلك .. تنبعث منك وليس ممن حولك .. و مهما كانت ظروفك .. بادر بالبحث عنها داخلك لتحثها على أن تصحو من غفلتها كى تلتقى بها... فلا تجعل شجرة واحدة تحجب عنك بقية الغابة .. فتحرم من جمال الغابة ... ولا تظل أسيرا لهوى نفسك فتهلك .. واذا ضاقت بك السبل فتوجه دائما الى البدايات الجديدة... ولكن احذر .. فليست كل البدايات جيدة وليست كلها سيئة ... وكما أن هناك بدايات تفرضها علينا الظروف .. هناك بدايات نفرضها على أنفسنا بسبب الظروف ..
--------------------------------------------------








الفصل الأول
الإسكندرية .. شقة بأحدى عمائر الكورنيش بمنطقة الأزاريطة ...
**************
سألته أمينة ببساطة .. وكعادتها .. على استحياء .. هل يمكنها ان تجلس الى جواره ..
كان جالسا على احدى مقاعد السفرة ينظر من خلال نافذة منزله الى البحر الساكن كسكون مشاعره نحوها .. لم يجيبها قولا .. ولا أي من جوارحه قد فعلت .. ولكنه اكتفى بان يلقى برأسه وهو جالس على صدرها .. لتضمه بذراعيها أكثر .. وبحنان معتاد على هذا الصدر الحنون .. تعلم جيدا انه حينما يفعل ذلك فهو اما في حالة تعب او شجن وكلا الحالتين تجعلها تذوب شوقا وحنينا اليه حتى وهو في هذا الحضن الطيب الدافئ .. وحتى بعد هذا العمر الطويل بينهما ......
هي تبلغ الآن الثانية الخمسون من عمرها ... اليوم يتذكر مرور ثلاثون عاما على لقائهما الأول ..
اليوم يتذكر خالد تفاصيل أول يوم وقعت عيناه على سلمى، لتسطع عليه بوجه كالشمس حين تظهر من خلف السحب في صباح يوم شتاء ملبد بالغيوم الممطرة ، فيتوقف المطر وتتلاشى الغيوم وكأنها لم تكن منذ لحظات تحيط المكان بكآبة الشتاء وبرودته .. وكيف شرد خالد للحظات في هذا الوجه الضاحك بطبيعته والذى ملأه دفئا وألم لذيذ كوخزة سريعة شعر بها في قلبه للمرة الأولى في حياته .. ولكنه تمنى أن لا يزول ابدا .. هو لا يتذكر في هذه اللحظة سوى أن تمنى سلمى زوجة له .....
لم ينتبه وقتها الا وزميله مصطفى .. الذي كان يجلس في مواجهته أمام سلمى يردد عليه السؤال للمرة الثالثة : خير يا باشمهندس خالد على الصبح، فيه مشكلة جديدة من العمال.
رد خالد بارتباك وتوتر ظهر على شفاهه وقسمات وجهه .. ومازال ينظر الى وجه سلمى التي حاولت التخفيف من ضحكة وجهها والذى يسبب لها مشاكل عديده وسوء فهم ممن تلتقى بهم وخاصة الرجال : لا ابدا يا باشمهندس مصطفى حاجة بسيطة نتكلم بعدين، اسيبك مع ضيوفك، واستدار خالد ليترك المكان وهو مازال في حالة التوتر المفاجئ التي قلما تظهر عليه .. ولكن اوقفه صوت مصطفى هاتفا ببعض السخرية : ضيوف مين يا عم .. تعالى أعرفك بزميلتنا الجديدة في الموقع .. المهندسة سلمى جاية تتدرب معانا الصيف ده.. هي صحيح لسه حتدخل تانية مدنى العام المقبل بس بيقولو عليها شاطرة ..
ابتسمت سلمى وردت بكسوف أظهر خجلها وغمازتيها الخفيفتين اللتين قد أوضحتا جمالها أكثر وأكثر : لأ مش اوى كده يا باشمهندس مصطفى، حضرتك انا لسه بقول بسم الله الرحمن الرحيم..
إلتفت خالد والتقط جزء من ابتسامتها وقد سرى بداخله سرور لا يعرف له سببا .. ولكنه في هذه المرة حاول جاهدا ان لا ينظر اليها مطولا كالنظرة السابقة حتى لا يتوتر للمرة الثانية فينكشف أمره الذى لا يدرك ماهيته بعد لها أو لمصطفى.. تردد خالد في أن يقول شيئا فأوجز بتلعثم قائلا.. وقد شعر في هذه اللحظة بغيرة لا يعرف لها سببا اهلا يا باشمهندسة .. فخرجت منه وهو يدير ظهره لهما ثانية على وشك ان يترك لهما المكان وكأنه لا يرحب بها أو يرغب في وجودها.
لاحظ مصطفى الرد الموجز الثقيل الذى تلفظ به خالد وكأنه يبعث لسلمى برسالة انها غير مرحب بها في هذا المكان فأراد أن يلطف الجو الذى تلبد بغيوم زميله فقال وهو يبتسم ابتسامة نصف صفراء وهو يدير نظره بين سلمى وخالد بطرف عينيه : ايه يا أبو الخلد هو الصداع اللى بتشتكى منه جالك تانى ولا ايه..
أدرك خالد تصرفه الغير لائق والغير مبرر واستدار لهما بثبات محاولا اظهار بعض الود للوافدة الجديدة لعله يلطف ما فعله للتو قائلا : لا أبدا بس الظاهر انى مجهد شوية من قلة النوم، انت عارف يا باشمهندس مصطفى ان مناقشة الرسالة قربت وتقريبا بنام ساعتين أو ثلاثة بالكثير في اليوم..
رد مصطفى بفتور : ربنا يقويك، وتفاجأ خالد بسلمى توجه له كلمات بسيطة وعلى وجهها ابتسامة زادتها اشراقا : بالتوفيق ان شاء الله يا باشمهندس خالد.. ولا نقول يا دكتور خالد..
يتذكر خالد أنه لم يعقب على ردها بأكثر من ايماءة ونصف ابتسامة علت شفتيه ولكنه آن ذاك شعر بسعادة غمرته وهو يسمع اسمه مرتين يتردد من هذا الفم الباسم والوجه الضحوك بطبيعته .. ليفيق من شروده على صوت أمينة التي كانت ممسكة بوجهه بعد ان ازاحته قليلا عن صدرها برقة لتسأله وهى على يقين من الاجابة التي تسمعها كل مرة.. خالد حبيبي رحت فين يا عمرى؟
اجابها خالد وهو يحاول جاهدا أن يبعث فيها بعض السرور .. ولكن بوجه يخلو من أي مشاعر للحب وكأنه يجيب على والدته .. ونصف الابتسامة المعتادة على شفتيه : ابدا يا أمينة حكون رحت فين .. أنا معاكي طبعا يا ست الكل.. وتوجه بعينيه الى البحر مرة ثانية ليردد : البحر جميل جدا النهارده..
لم تسمع امينة تعليقه الأخير عن حالة البحر .. وتمنت لو انها لم تسمع منه أيضا عبارة ست الكل .. فهذه العبارة هي اكثر ما يشعرها بانها والدته وليست زوجته أو حبيبته .. فيعود الألم ليلتهمها من جديد لشعورها انه لا يبادلها نفس القدر من الحب الكبير الذى تكنه له منذ ان وقعت عينيها عليه للمرة الأولى .. منذ ما يقرب الثلاثون عاما حين كانت تقف في شرفة منزلها .. وكان هو ينزل من سيارة نقل تحمل اثاث السكان الجدد بالبناية الجديدة التي تواجه منزلها مباشرة ويفصلها عن منزلها فقط عدة امتار قليلة و التي تم الانتهاء من تشطيبها منذ شهور قليلة .. وبدأ السكان يتوافدون عليها الواحد تلو الآخر.
تتذكر جيدا ذلك اليوم وهى تراقبه وقد لفت نظرها عندما وقف بجوار السيارة ينظر للشارع والى البنايات في الصباح الباكر .. كأنه يتعرف عليها باهتمام شديد كل على حده .. حتى تلاقت عينيها بعينيه حين رفع راسه ينظر على بنايتها.. لم يطيل النظر اليها ولكنه لاحظ وجودها فقط .. أما هي فقد أصاب صدرها هذا الوجع الجميل ولأول مرة في حياتها الصغيرة .. فانتفضت بداخلها مشاعر غريبة كأمواج بحر عاتية تتلاعب بها ولا تقوى على مقاومتها .. بل لا ترغب في مقاومتها ولا تريد لها ان تنتهي...
أمينة ... فتاة والديها المدللة ذات الخامسة عشر والسبع شهور من عمرها .. نشأت في أسرة متوسطة الحال كمعظم الأسر في البلد.. والدها يعمل مديرا بمدرستها الإعدادية التي قاربت على ان تتركها لمدرسة أخرى بالمرحلة الثانوية.. تربيتها الحسنة من قبل والديها لم تترك لها فرصة عبث الفتيات المعتاد في هذه المرحلة .. فوالديها ليس مجرد والدين ولكن كلاهما أقرب الى ان يكونا صديقين لها.. هكذا اتفق الأستاذ ياسين والدها والسيدة نجلاء والدتها ربة البيت الطيبة والتي كانت تعمل مدرسة بنفس المدرسة مع الأستاذ ياسين والذى يكبرها بثمانية أعوام .. وقد أعجب بها وبأخلاقها فتقدم لخطبتها من أسرتها بعد عام من تعيينه بالمدرسة كمدرس أول منتدب من مدرسة أخرى ..
تزوجت نجلاء من ياسين بعد عامين وعدة شهور من تعيينها كمدرسة حديثة التخرج ولم تكن تبلغ من العمر سوى اثنين وعشرون عاما وانجبا أمينة بعد ثلاثة أعوام من زواجهما .. ولكن لم يكتب الله لهما أن ينجبا سواها .. فقد كان لابد من إزالة نجلاء للرحم أثناء ولادتها لأمينة .. ولذا كانت أمينة هي كل حياة والديها فاتفقا على أن تترك نجلاء مجال عملها وتتفرغ لتربية أمينة والعناية بها على أكمل وجه كي تكون لهما سعادة في الدنيا وذرية صالحة تدعو لهما من بعد رحيلهما...
تنهدت أمينة بيأس فليس هناك جدوى من أن تحاول أن تتيقن من درجة حبه لها.. نعم هي تعلم أنه يحبها ولكن ربما حب التعود و العشرة والألفة والذى دائما ما يولد بعد الزواج من حسن المعاشرة .. لكنه ليس الحب الذى تتمناه والذى تكنه له هي.. صحيح انه زوج مثالي .. لم يبخسها حقها يوما ولم يهينها مطلقا .. وقام ويقوم بكل واجباته الزوجية في مودة وحب وحسن المعاشرة .. وهو رائع أيضا مع أبنائه .. ولكنها تشعر دائما أن هناك شيء ينقصها في هذه العلاقة .. هي تشعر دائما انه قد تزوجها بعقله وأن قلبه في مكان آخر مع أمرأة أخرى سواها وكم كان هذا يقتلها يوميا ليس مرة واحدة .. بل مئات المرات......
سألته أمينة بإحباط وشرود وهى تتطلع الى عينيه تتمنى ان تسمع إجابة غير التي اعتادتها طوال سنوات زواجهما : برضه حتسافر للقاهرة النهارده علشان تزور مصطفى ؟ يعني مكنش ممكن أنه ييجى هو ولو مرة واحدة .. على الأقل يغير جو من اللى هو فيه .. الله يكون في عونه ويصبره على ما ابتلاه.. طيب ده الولاد نفسهم انه يزورهم زى زمان .. ده أكتر واحد من صحابك اتعلق بيه أشرف وأمير .. وغاده على الخصوص .. ياه يا خالد السنين مرت بسرعة.... جوزنا أشرف الحمد لله .. وأمير باذن الله يخلص فترة جيشه على خير .. وان شاء الله يلاقى بنت الحلال اللى تسعده.. واردفت وهى تتنهد .. وعقبالك يا غادة ربنا يوفقك في دراستك ويرزقك بابن الحلال اللى يصونك ويسعدك..
رد خالد وما زال ينظر الى البحر بشرود ولا مبالاة واضحة على ملامحه.. انتى عارفة ظروف مصطفى .. وكل مرة أكون مسافر له تقولي لي الكلمتين دول..
علقت امينة بيأس وهى تستدير لتدخل الى المطبخ : مفهوم .. مفهوم.. اروح اجهز الفطار على السفرة لان أشرف ومراته على وشك انهم يقوموا من النوم.. وبعدين اجهز لك الشنطة..
رد عليها خالد : مفيش داعى للشنطة المرة دى .. أنا مش ناوى أبات و حرجع بالليل ان شاء الله..
أخذتها أمينة فرصة لتسافر معه لعلها تستطيع أن تصل الى حقيقة هذا الغموض الذى يحيط بحبيبها فربما كانت امرأة هي من يسافر لها كل مرة وليس مصطفى كما يدعى .. فقالت وهى تحاول ان تكون جريئة وواثقة من طلبها : طيب ايه رأيك طالما مش ناوى تبات المرة دى آجى معاك أزور عمتى وأصحابى في الحى بتاعنا .. وتابعت بضحكة بسيطة.. أقصد اللى لسة عايش منهم .. ونرجع مع بعض بعد ما تزور مصطفى.. على الأقل أبقى مطمئنة عليك...
نظر خالد في عينيها وقلما ينظر فيها .. بالرغم من أن جميع عمرها قضته وهى تنظر الى عينيه.. حتى في احلامها أثناء النوم .. بل واحلام يقظتها هي تنظر اليه .. فخالد بالنسبة لها هو شجرة قد حجبت عنها بقية الغابة منذ اللحظة التي رأته فيها أول مرة .. رد خالد متحججا بوجود أشرف أبنهما الكبير وزوجته في البيت وربما يشعران بالخجل أو الغضب ان تركاهما في البيت بمفردهما .. وأضاف بعد لحظات صمت قليلة .. وكمان احنا مسافرين بعربية أمجد ومعانا توفيق .. يعنى مش حتكونى مستريحة في العربية معانا ..
أدركت أمينة انه لا سبيل للذهاب معه أو نجاح خطتها .. فتوجهت الى المطبخ في صمت متسلحة بالصبر الذى لا تملك سواه..
وحين كانت تضع آخر طبق على السفرة .. سمعت صوت أنين وبكاء يأتي من غرفة أشرف.. أنتبهت أمينة الى الصوت وهى في حالة قلق شديد .. ولكنها لا تجرأ على أن تستشف الأمر .. الى أن بدأ الصوت يعلو شيئا فشيئا..
-----------------------------------------------------------------------
القاهرة .. شقة بأحدى العمارات العريقة بالمهندسين ...
**********************
استيقظ مصطفى كعادته هذا الصباح بعد آذان الظهر بقليل.. وظل في سريره مستلقيا على ظهره في انتظار وصول الممرضة اجلال التي ترعاه بعد أن أصيب بشلل في نصفه الأسفل اثر الحادث الأليم الذى وقع له منذ سبع سنوات اثناء قيادته للسيارة بسرعة جنونية في احدى الطرق السريعة بالسعودية..
وكعادته اليومية منذ رجوعه لمصر .. مارس مصطفى هوايته الوحيدة .. والتى أصبح مجبرا عليها منذ أقعده هذا الحادث الأليم .. وهى التعايش مع ذكريات الماضى التي مر بها .. والكثير من الاحداث التي مرت بحياته منذ صغره ومنذ التحاقه بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وحتى اليوم الذى يعيشه قابعا في حجرته أو بلكونة منزله في انتظار عودة زوجته من عملها .. أو زيارة قصيرة غير متوقعة من ابنه جمال وزوجته أو ابنته علا وزوجها .. ومعهم أي من الأحفاد الصغار الذين يحبهم كثيرا .. ولكنه لا يقوى على تحمل وجودهم سوى القليل من الوقت ..
شرد مصطفى في الحى الذى كان يقطن به عندما اتى من بلدته كفر الشيخ الى الإسكندرية للالتحاق بالجامعة .. وتذكر الشقة الصغيرة التي استأجرها هو وزميليه أمجد و توفيق وهما من نفس محافظته .. وكما كان كل منهم من مدينة أو قرية مختلفة بكفر الشيخ .. كانت أفكارهم وطباعهم وسلوكياتهم وطموحاتهم أيضا مختلفة ..
فمصطفى كان شخصية مرحة وطموحة نسبيا يتمتع بأخلاق الريف المصري .. تربى في منزل والده والذى كان يمتلك ثلاثة أفدنة وعشرون قيراط .. أمنت له ولأختيه اللتين تكبرانه بعدة أعوام حياة مستقرة مستورة .. فمن رزق زراعة ورعاية هذه الأرض استطاع والده أن يزوج كلا اختيه بعد أن حصلت كل منهما على شهادة التعليم المتوسط وان يصرف على تعليم مصطفى حتى تخرج من الهندسة المدنية..
ماتت أمه بعد معاناتها مع سرطان الثدى لثلاثة أعوام .. وقد أهملت علاجها كثيرا حرصا منها على أن توفر مصاريف العلاج لتعليم مصطفى .. ففارقتهم و هو في الثانية الابتدائي من تعليمه لتتركه لرعاية أبوه وأخته الكبرى هند والصغرى مريم والتي أخذ منها الكثير من الرعاية .. حيث تزوجت هند وتركت منزل والدها بعد ثلاثة أعوام من وفاة أمها.. وتزوجت مريم بعدها بست سنوات..
تربى مصطفى في كنف أبيه وكان يحبه حبا شديدا .. وذلك لشدة عطف ابيه عليه ونصحه له ومصاحبته في كل أموره . . فكان مصطفى لا يفارق اباه سوى عند ذهابه للمدرسة أو النوم.. وكان يحرص على ان يرافقه في الغيط كلما سنحت له الفرصة لذلك .. وكذلك مصاحبته الى الصلاة بمسجد القرية خاصة في صلاة العشاء والصبح...
يتذكر مصطفى كيف كان يختلط بأصحاب والده .. أكثر ممن هم بعمره .. حيث كان يجلس معهم في حضن ابيه يستمع الى حكاياتهم ومشاكلهم وأيضا التطلعات البسيطة كل منهم .. ولا ينكر أن هذه الصحبة قد شكلت الكثير من شخصيته وسلوكه..
لم يقطع تفكيره بعد دقائق قليلة من الشرود سوى صوت الباب يفتح من قبل اجلال التي اعتادت ان تأتي له يوميا في هذا الميعاد لتقوم برعايته حتى عودة زوجته ..
مرت ساعة على وصول اجلال التي قامت باعطائه الأدوية اليومية .. لتفاجأ بجرس الباب يرن .. فقامت بالتوجه الى الباب وفتحته بهدوء متوقعة زيارة من البواب لتلقى طلبات البيت .. ولكنها فوجئت بزوجها يقف على باب الشقة والشرر يتطاير من عينيه ....
بعد وصول زوج اجلال بدقائق كان عم خميس صاعدا الى شقته على السلم .. فسمع شجارا صادرا من شقة المهندس مصطفى المفتوح بابها على مصراعيه .. إقترب خميس من باب الشقة بدافع الفضول ليرى عاطف زوج اجلال يطالبها بترك المهندس مصطفى في الحال والعودة معه للبيت لرعاية أمه واخته المطلقة وأولادها .. تدخل خميس ليخلص اجلال من يد زوجها .. وفهم من الحوار الدائر بينهما أنه مصر على ان تترك مصطفى وتذهب معه .. فطلب من هذا الزوج أن يهدأ ويصبر على زوجته حتى يصل أي أحد من أسرة مصطفى .. الا أن زوجها هذا كان فظا غليظا وأصر على أن تصاحبه في الحال والا سوف يقوم بتطليقها قبل أن يغادر الى بيته.. بل وحلف عليها وهو يكيل لها سيل من الشتائم القذرة أنها سوف تكون طالق لو لم تغادر معه فورا..
علم عم خميس من حديثها مع زوجها أنه يريدها أن تكتفى بعملها بالمشفى وأن خدمة أمه واخته المطلقة وأولاد أخته أولى من خدمة هذا القعيد.. علاوة على ذلك .. علم أنهم في حاجة الى ما تتقضاه اجلال من رعايتها لمصطفى والذى قد يفوق دخلها من عملها بالمشفى فالعبأ ثقيل خصوصا بعد طلاق أخته وعودتها لتقيم ببيت أمها والذى هو أيضا بيت زوجها .. وعلم أيضا أن الله لم يرزقهم بأولاد بعد عدة سنوات من الزواج .. فقد كان زوجها يعايرها بذلك وهو يكيل لها الشتائم ..
اضطرت اجلال للذهاب مع زوجها وهى تبكى وتتوسل لعم خميس أن يظل مع المهندس مصطفى حتى عودة زوجته ..
خميس هو أحد جيران مصطفى .. خرج على المعاش منذ عامين .. يسكن بحجرتين فوق السطوح .. يعيش هو وزوجته حسنة و التي تصغره بخمسة أعوام وابنتهم بسمة التي رزقهم الله بها بعد عشر سنوات من الزواج .. و قد التحقت مؤخرا بكلية الطب منذ أربع سنوات .. وبالرغم من انه كان غير ميسور الحال وفى حاجة الى دخل إضافي فوق المعاش الذى كان يتقاضاه لرعاية اسرته واتمام تعليم ابنته .. الا انه كان خدوما .. وفى نفس الوقت عفيف النفس لدرجة كبيرة ..
نظر عم خميس الى مصطفى الذى ظل قابعا مكانه لا يتحدث ولا يفعل شيئا سوى انه كان جالسا على كرسيه ذو العجلات ورأسه مطرقة لأسفل بين كفيه ويستند بكوعيه على فخذيه المغطى ببطانية اعتاد على وجودها طالما كان جالسا... فاراد أن يهون عليه الموقف فتحدث الى مصطفى بابتسامة بسيطة مترددة وهو لا يدرى كيف سيكون رد فعله : راجل فظ وظالم.. الراجل عايز مراته تسيب شغلها علشان تخدم أهله .. بل وأخته المطلقة وأولادها بالرغم من
أنها عبئ عليهم ومبتشتغلش علشان تصرف على ولادها ..
وجد عم خميس نفسه يثرثر دون تعقيب أو حتى نظرة من مصطفى فآثر الصمت لعل مصطفى يبدأ في تغيير وضعه أو يطلب منه شيئا..
مرت اللحظات واستمر الحال على ما هو عليه .. فتكلم عم خميس مرة أخرى : باشمهندس مصطفى مش محتاج اعمل لك أي حاجة.. أطلب ومتتكسفش أنا تحت أمرك.. لم يرد مصطفى وظل على حاله ولكنه أومأ اليه برأسه التي مازالت بين كفيه بانه لا يحتاج شيئ..
سكت عم خميس مرة ثانية ..وتوجه الى مقعد أمام مصطفى وجلس عليه ساكنا..
مرت الدقائق بطيئة .. وأخيرا غير مصطفى من وضعه ورفع راسه من بين يديه لينظر الى عم خميس .. وبعد لحظات من الصمت قال له بصوت كسير : شكرا لك يا عم خميس.. لو تحب تستأذن مفيش مشكلة أنا ممكن ابقى لوحدى .. اكيد وراك حاجات مستنياك ..
رد عم خميس بحماس : يا خبر يا باشمهندس .. اسيبك وامشى .. أبدا مش ممكن ده يحصل .. وبعدين أطمن يا سيدى أنا مفيش ورايا حاجة خالص ..أنا واحد على المعاش حيكون ورايا ايه يعنى .. دى حتى فرصة أنى أتعرف على حضرتك .. انتم من الناس الأكابر المحترمين في العمارة وعمرنا ما سمعنا لكم صوت وبنسمع عنكم
كل خير..
نظر له مصطفى بنظرة يشوبها الدهشة ولكن بحذر .. فهو لا يحب الفضوليين أو الثرثارين من البشر والذين يهوون التدخل في شئون الآخرين..
مر الوقت بتوتر خلال اللقاء ألأول بين مصطفى وعم خميس .. وبدأ مصطفى في التململ وعدم الشعور بالراحة .. ولكنه كان في شدة الخجل من أن يطلب من عم خميس المساعدة في أمور حاجته الشخصية.. فظل محاولا تحمل ما هو فيه مع علمه بأن عودة زوجته من عملها مازال بعيدا..
أدرك عم خميس أن مصطفى بحاجة لدخول الحمام أو شيئ من هذا القبيل .. فسأله بلطف : باشمهندس مش محتاج تدخل الحمام..
رد عليه مصطفى وما زال الخجل يسيطر على ملامحه : ياريت ياعم خميس تساعدنى اروح الحمام لأنى بصراحة محتاج اوى ....... ثم صمت .. فأدرك عم خميس حاجته..
انتهى عم خميس من مساعدة مصطفى في قضاء حاجته منتظرا إياه خارج الحمام حتى دعاه مصطفى مرة أخرى كى يقوم بتوصيله الى الفراش.. وحين قام بوضعه على فراشه.. قال له مصطفى : شكرا يا عم خميس .. ممكن حضرتك تشوف اللى وراك .. انا حنام شوية لغاية ما المدام توصل.. معلهش تعبتك معايا..
رد عم خميس بلطف : ابدا يا باشمهندس أنا قلت مش ممكن أسيبك الا لما أطمن ان حد معاك..
إزداد توتر مصطفى وضيقه من الموقف المؤسف الذى جمعه مع احد جيرانه والذى لم يمر بمثله منذ أن أصبح قعيدا.. فهو بطبعه شديد الخجل من أي غريب .. ولذلك رد بعصبية محاولا انهاء الموقف : قلت لك أنى حنام ومفيش داعى تعطل نفسك أكتر من كده .. ثم صمت للحظة ادرك فيها أنه قد أحرج الرجل الذى يحاول مساعدته بهذا الرد العنيف.. فتلطف في نبرة الصوت وأكمل : وكتر خيرك .. أنا تعبتك ومش حنسى لك الجميل ده..
أبتسم عم خميس وقد اصابته كلمات مصطفى ببعض الضيق : متقولش كده يا باشمهندس الجيران لبعضيها والنبى وصى عل سابع جار .. فما بالك وأنت أول جار.. ثم قهقه للحظة بصوت منخفض ودود..
فى هذه اللحظة سمعا طرقا على الباب .. فنظر مصطفى تجاه الباب بدهشة ونظر عم خميس اليه وهو لا يزال مبتسما قائلا : شوفت يا سيدى أهو حد جه وحتخلص من رزالتى.. ثم اتجه الى الباب ليفتحه .. ولكنه بمجر أن فتح الباب .. تسمر مكانه .. ينظر الى غرفة مصطفى ثم الى من بالباب .. ثم يعاود النظر الى الغرفة من جديد ..
-------------------------------------------------------------------------------------------------








تصاميم هديه من um soso
















روابط الفصول

الفصل الأول .... اعلاه
الفصل الثاني والثالث .... بالأسفل

الفصل الرابع والخامس والسادس نفس الصفحة
الفصل السابع

الفصول من 8 الى 14

الفصول من 15 الى 21
الفصل 22، 23 نفس الصفحة
الفصل 24، 25 نفس الصفحة
الفصل 26، 27 نفس الصفحة
الفصول 28 ، 29 ، 30، 31، 32، 33 نفس الصفحة
الفصل 34، 35، 36، 37، 38، 39 نفس الصفحة
الفصل 40، 41، نفس الصفحة
الفصل الثاني والأربعون

الفصل الثالث والاربعون والاخير من الجزء الاول للروايه




رابط تحميل الروايه
https://www.mediafire.com/file/msv5y...%25AF.pdf/file
















التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 13-10-23 الساعة 12:06 AM
Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس